جلسة 28 من مايو سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه، محمد فؤاد بدر، فهمي الخياط.
----------------
(277)
الطعن رقم 340 لسنة 49 القضائية
(1، 2) أوراق "أوراق رسمية". إثبات. تزوير. موظف عام. محكمة الموضوع سلطتها في تقدير الدليل".
(1) الأوراق الرسمية. حجيتها. قاصرة على البيانات التي تتعلق بما قام به الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره. مجال إنكارها الطعن بالتزوير. البيانات الأخرى التي يدونها تحت مسئولية ذوي الشأن. المرجع في إثبات حقيقتها إلى القواعد العامة في الإثبات.
(2) ثبوت أن البيان الخاص بمحل إقامة المطعون ضدها قد تم بناء على ما أدلى به مقدمها تحت مسئوليته. خضوعه لسلطة قاض الموضوع في تقدير الدليل.
(3) حكم "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إقامة الحكم قضاءه بأسباب سائغة تكفي لحمله على ما استخلصه من أقوال - الشهود وقرائن الدعوى من إقامة المطعون ضدها بصفة مستمرة بشقة النزاع منذ أكثر من عشر سنوات سابقة على وفاة المستأجرة الأصلية. النعي في ذلك جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5030 سنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدها الأولى طالباً الحكم بإخلائها من الشقة المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى، وقال بياناً لها إنه بعقد مؤرخ 1/ 8/ 1961 استأجرت السيدة/.... تلك الشقة من المالكة السابقة السيدة/......، وقد حولت الأخيرة له عقد الإيجار لشرائه العقار، وإذ توفيت المستأجرة الأصلية إلى رحمة الله بتاريخ 28/ 2/ 1976 ولم يكن يقيم معها أحد سوى المطعون ضدها الأولى اعتباراً من شهر أكتوبر سنة 1975 ومن ثم فلا ينطبق عليها شروط المادة 21 من القانون رقم 52 سنة 1969 ويعتبر عقد الإيجار منتهياً، ذلك فقد أقام دعواه بطلباته، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوق حكمها، وبعد تنفيذ الحكم بسماع أقوال شهود الطرفين أدخل الطاعن المطعون ضدها الثانية خصماً في الدعوى نظراً لادعائها أنها كانت تقيم بذات عين النزاع طالباً الحكم بإخلائها منها، وبتاريخ 26/ 2/ 1978 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2055 لسنة 95 ق القاهرة بغية إلغائه والحكم بإخلاء المطعون ضدهما من عين النزاع، وبتاريخ 23/ 12/ 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثلاثة الأولى للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه قدم لمحكمة الموضوع مستندات رسمية عبارة عن شهادتي ميلاد ابنتي المطعون ضدها الأولى وشهادة من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بوزارة الداخلية عن الطلب المقدم لها من المطعون ضدها المذكور للحصول على جواز سفر وخطاب من مصلحة الأحوال المدنية عن بيانات البطاقة الشخصية الخاصة بها، وقد تضمنت تلك الأوراق بياناً خاصاً بعنوان المطعون ضدها الأولى ومحل إقامتها وهو غير عين النزاع، ولا سبيل إلى إهدار حجية هذا البيان - الذي يعد إقراراً صحيحاً من المطعون ضدها - إلا بالطعن عليه بالتزوير وإذ أهدر الحكم المطعون حجية هذه الأوراق الرسمية بمقولة إنها لم تعد لإثبات محل الإقامة واستند في قضائه إلى أقوال شهود جاءت معلوماتهم مخالفة للثابت بها فإنه يكون قد خالف نص المادة 391 من القانون المدني والمادتين 11، 14 من قانون الإثبات، كما خلت أحكام القانون رقم 260 سنة 1960 بشأن الأحوال المدنية من أن بيان محل الإقامة بالبطاقة الشخصية يعتبر من البيانات الجوهرية التي أعدت البطاقة لإثباتها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 11 من قانون الإثبات رقم 52 سنة 1968 المقابلة للمادة 391 من القانون المدني على أن "المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما يدون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره، ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن حجية الورقة الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وهي البيانات التي لا يجوز إنكارها إلا عن طريق الطعن بالتزوير، أما البيانات الأخرى التي يدلي بها ذوو الشأن إلى الموظف فيقوم بتدوينها تحت مسئوليتهم فيرجع في أمر صحتها أو عدم صحتها إلى القواعد العامة في الإثبات، لما كان ذلك وكان البيان الخاص بمحل إقامة المطعون ضدها الأولى الثابت بالمستندات المقدمة من الطاعن أمام محكمة الموضوع يندرج ضمن الإقرارات التي يدلي بها ذوي الشأن تحت مسئوليتهم، وليس نتيجة قيام محرريها بتحري صحة هذا البيان ومن ثم لا تلحقها الحجية، وتخضع لما لقاضي الموضوع من سلطة في تقدير الدليل فلا على الحكم المطعون فيه إذا لم يعتد بالقرينة المستفادة من تلك المستندات بشأن المطعون ضدها الأولى - التي اطمأن إليها - وخلص إلى أن المطعون ضدهما كانتا تقيمان بصفة مستمرة في شقة النزاع منذ أكثر من عشر سنوات سابقة على وفاة المستأجرة الأصلية بما يكون معه النعي جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل الذي أخذت به محكمة الموضوع بغية الوصول إلى نتيجة مخالفة لما انتهت إليه مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن شهوده قرروا أن المطعون ضدها الثانية تقيم بالمنزل رقم 7 شارع أبو الهول بمصر الجديدة، وقرر شهود المطعون ضدها الأولى أن المذكورة كانت تتردد على شقة النزاع كما أنها أعلنت بصحيفة إدخالها في الدعوى بتاريخ 19/ 10/ 1977 على غير عين النزاع مع شخصها، وقد أهدر الحكم المطعون فيه ذلك استناداً إلى أقوال مرسلة في دفاع أثارته المطعون ضدها الثانية من أنها كانت في زيارة لمطلقها رغم أن هذا الدفاع لم يدعمه أي دليل في الأوراق، فيكون الحكم قد أقام قضاءه على احتمال قد يصدق أو لا يصدق بما يشوبه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه استناداً إلى ما استخلصه من أقوال الشهود التي اطمأن إليها وقرائن الدعوى من إقامة المطعون ضدهما بصفة مستمرة في شقة النزاع منذ أكثر من عشر سنوات سابقة على وفاة المستأجرة الأصلية وأن إعلان المطعون ضدها الثانية بصحيفة الإدخال في شقة مطلقها كان أثناء تواجدها بها لزيارة أولادها ويؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق