الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 2 أبريل 2017

اثر عدم تحديد المحكمة الدستورية تاريخاً لنفاذ حكمها

الطعن 15 لسنة 38 ق " منازعة تنفيذ " المحكمة الدستورية العليا جلسة 4 / 2 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 6 مكرر ب في 15 / 2 / 2017 ص 94
باسم الشعب 

المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من فبراير سنة 2017م، الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيسي المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الأتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 15 لسنة 38 قضائية "منازعة تنفيذ".

---------------
الوقائع
بتاريخ الرابع والعشرين من مارس سنة 2016، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً في ختامها الحكم؛ أولاً: وبصفة مستعجلة؛ بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 5283 السنة 79 قضائية بجلسة 9/3/2015، ثانياً: وفي الموضوع؛ بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/4/2013 في الدعوى رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية" وفقاً للأثر الفوري، وبعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن المشار إليه

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة

حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد أقام ضد المدعى عليهم الدعوى رقم 6512 لسنة 2004 مدني كلي، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، وطلب في ختامها الحكم بكف يد مصلحة الضرائب على المبيعات عن مطالبتها له بسداد ضريبة إضافية على السلع التي استوردها من الخارج وقام ببيعها بحالتها بالسوق المحلية، واعتبار أن ما قام بسداده عنها عند الإفراج الجمركي مبرئاً لذمته المالية لدى المصلحة، استناداً على أنه قام بتسويق هذه السلع المستوردة وبيعها بالسوق المحلية دون إدخال أي تعديلات أو تغييرات على حالتها وقت استيرادها، وبجلسة 27/3/2008 قضت المحكمة برفض الدعوى، فطعن المدعي على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 17984 لسنة 125 قضائية، حيث قضت بجلسة 27/1/2009 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم استحقاق ضرائب مبيعات مرة أخرى على المدعي عن السلع المستوردة محل التداعي وخلال الفترة المتداعي عنها، وذلك تأسيساً على نص الفقرة الأولى من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، باعتبار أن المدعي سبق أن سدد ضريبة المبيعات عن السلع المستوردة عند الإفراج الجمركي عنها، ولم يقم بعد ذلك بإحداث أي تغييرات أو تعديلات على حالتها عند بيعها محلياً، فطعن المدعى عليه الأول على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 5283 لسنة 79 قضائية؛ حيث قضت بجلسة 9/3/2015 بنقض الحكم المطعون فيه، وحكمت في موضوع الاستئناف المشار إليه بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري لنظرها، وشيدت محكمة النقض حكمها على ما قضت به المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/4/2013 في القضية الدستورية رقم 162 لسنة 31 قضائية، بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005. وإذ ارتأى المدعي أن حكم محكمة النقض السالف الذكر يعوق تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، من حيث نطاقه الزمني، وتبعاً لذلك؛ يعد عقبة أمام تنفيذه، فقد أقام الدعوى المعروضة
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفيذ التي تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقاً لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تعترض تنفيذ حكمها عوائق تحول قانوناً - بمضمونها – دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته، بما يعرقل جريان أثاره كاملة أو يحد منها، ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وتتدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة هذه العوائق التي يفترض أن تكون قد حالت فعلاً، أو من شأنها أن تحول، دون تنفيذ أحكامها تنفيذاً صحيحاً مكتملاً، وسبيلها في ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذي عطل مجراها
وحيث إن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/4/2013 في القضية رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية"، والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 15 مكرر (ب) بتاريخ 17/4/2013, قضى بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005، وكان النص الأول يجرى على أن:........ وللمسجل الطعن في تقدير المصلحة أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صيرورته نهائياً"، كما كان النص الأخر يجرى على أنه "........... وفي جميع الأحوال يحق لصاحب الشأن الطعن على القرار الصادر من لجنة التظلمات أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار". وأسست المحكمة الدستورية العليا حكمها المشار إليه على أنه لما كان المرجع في تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها وأحكامها المختلفة إلى قانون هذه الضريبة وإلى القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة تنفيذاً لأحكامه؛ فإن المنازعة في هذا القرار تعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها، تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقاً لنص المادة (174) من دستور سنة 2012 - ويقابله نص المادة (190) من الدستور المعدل الحالي الصادر سنة 2014 - وإذ أسند النصان المطعون فيهما الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات إلى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادي، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادما لأحكام الدستور الذي أضحى بمقتضاه مجلس الدولة، دون غيره من جهات القضاء، هو صاحب الولاية العامة في الفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، والتي تدخل ضمنها الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم طبقاً لنص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 السنة 1972
وحيث إن مفاد نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، معدلاً بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - وفقاً لما جرى عليه قضاؤها – أنه ما لم تحدد هذه المحكمة تاريخاً لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائي - عدا النصوص الضريبية – يكون له أثر رجعي ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التي يتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان سابقاً على نشره بالجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناءً على حكم قضائي بات صدر قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في حكمها المار ذكره؛ بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009، وهذان النصان – وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – ولئن وردا ضمن أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، إلا أنهما ينصبان على حكم تشريعي بتحديد المحكمة المختصة ولائياً بنظر بعض منازعات الضريبة العامة على المبيعات، فصار الاختصاص بنظر هذه المنازعات، نفاذاً لحكم المحكمة الدستورية العليا، معقوداً للقاضي الإداري وحده دون غيره، بعد أن كان معقوداً للقاضي العادي، وإذ لم تحدد المحكمة الدستورية العليا تاريخاً أخر لنفاذ حكمها الصادر في القضية رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية" المشار إليه، فإن هذا الحكم بشأن النصين المذكورين يكون قد جاء كاشفاً عن عدم دستوريتهما؛ مستصحباً الأثر الرجعي لهذا الحكم، مستوجباً ارتداد أثره إلى تاريخ صدور النص التشريعي المقرر لهذا الاختصاص، شريطة ألا تكون الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بذلك قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي بات أو بانقضاء مدة التقادم وصدور حكم بات بذلك
وحيث إن محكمة النقض قضت بجلسة 9/3/2015 في الطعن رقم 5283 لسنة 79 قضائية؛ بنقض الحكم المطعون فيه، وحكمت في موضوع الاستئناف المشار إليه بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري لنظرها
وحيث إن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يعد – وفقاً لما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا – من الشروط الجوهرية التي لا تقبل الدعاوى التي تقام أمام هذه المحكمة في غيبتها، وهو يعد شرطاً تقرر بقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 بما نص عليه في مادته الثامنة والعشرين من أنه "فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل، تسري على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها". 
متى كان ذلك، وكان مؤدى نص المادة الثالثة من قانون المرافعات المدنية والتجارية؛ ألا تقبل أية دعوى لا يكون لرافعها، فيها، مصلحة يقرها القانون أو مصلحة محتملة بالشروط التي بينها. كما أطرد قضاء هذه المحكمة على أنه 
لا يكفي توافر المصلحة عند رفع الدعوى، وإنما يتعين أن تظل قائمة حتى الفصل فيها، فإذا ما زالت المصلحة بعد رفعها وقبل الحكم فيها؛ فلا سبيل إلى التطرق لموضوعها
وحيث إن مؤدى ما تقدم أن الدعوى المعروضة قد غدت – بنقض الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 27/1/2009 في الاستئناف رقم 17984 لسنة 125 قضائية – مفتقدة لشرط المصلحة الشخصية المباشرة، حيث بات الاختصاص بنظر الدعوى الموضوعية المشار إليها، التزاماً بحكم الإحالة الصادر من محكمة النقض السالف البيان، منعقداً لجهة القضاء الإداري، ومن ثم فقد زالت العقبة المدعاة في سبيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى
وحيث إن طلب المدعي وقف تنفيذ حكم محكمة النقض المشار إليه يعد فرعاً من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ قضت هذه المحكمة في موضوع النزاع بعدم قبوله على النحو المتقدم؛ فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف تنفيذ ذلك الحكم قد بات غير ذي موضوع
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق