الطعن 67 لسنة 36 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا
جلسة 4 / 2 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 6 مكرر ب في 15 / 2 / 2017 ص 54
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من فبراير سنة 2017م،
الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1438هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو
ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمي وحاتم حمد بجاتو
نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 67 لسنة 36
قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة الإسماعيلية الابتدائية بحكمها
الصادر بجلسة 27/2/2014 ملف الدعوى رقم 42 لسنة 2011 مدني كلي حكومة.
------------
الوقائع
بتاريخ الثالث من مايو سنة 2014، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية
العليا ملف الدعوى رقم 42 لسنة 2011 مدني كلي حكومة، من محكمة الإسماعيلية
الابتدائية تنفيذاً لحكمها الصادر بجلسة 27/2/2014 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى
المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (26) من
القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر، والمستبدلة بالقانون رقم 6
لسنة 1991، فيما تضمنه من عقد اختصاص نظر التظلم من أمر تقدير رسوم الشهر العقاري
والتوثيق للمحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذي أصدر الأمر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق -
في أن المدعيين كانا قد أقاما الدعوى رقم 42 لسنة 2011 مدني كلي حكومة، أمام محكمة
الإسماعيلية الابتدائية، طلباً للحكم بإلغاء أمر التقدير رقم 6 لسنة 2010/ 2011
شهر عقاري الإسماعيلية، واعتباره كأن لم يكن وإلغاء كافة آثاره، وذلك على سند من
القول بقيام المدعى عليهم بمطالبتهما برسوم تكميلية مقدارها (11045.30) جنيهاً عن
العقد المشهر برقم 1448 لسنة 2006 شهر عقاري الإسماعيلية بتاريخ 3/10/2006، على
الرغم من قيامهما بسداد الرسوم المستحقة حال تسجيل ذلك العقد. وإذ تراءى لتلك
المحكمة عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (26) من القانون رقم 70 لسنة
1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، فيما تضمنه
من عقد اختصاص نظر التظلم من أمر تقدير رسوم الشهر العقاري والتوثيق للمحكمة
الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذي أصدر الأمر، لمخالفته أحكام المواد (94,
97, 184, 190) من الدستور، فقد حكمت بجلسة 27/2/2014 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها
إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية ذلك النص.
وحيث إن المادة (25) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق
والشهر بعد استبدالها بالقانون رقم 6 لسنة 1991 تنص على أن "يكون للدولة –
ضماناً لسداد ما لم يؤد من رسوم نتيجة الخطأ المادي أو الغش – حق امتياز على
الأموال محل التصرف وتكون هذه الأموال ضامنة لسداد تلك الرسوم في أي يد تكون".
وتنص المادة (26) منه بعد استبدالها بالقانون رقم 6 لسنة 1991 على أن
"يصدر بتقدير الرسوم التي لم يتم أداؤها والمشار إليها في المادة السابقة أمر
تقدير من أمين المكتب المختص، ويعلن هذا الأمر بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول
أو على يد محضر للملزم بأداء الرسم أو لطالب الإجراء حسب الأحوال.
ويجوز لذوي الشأن التظلم من أمر التقدير خلال ثلاثين يوماً من تاريخ
الإعلان، وإلا أصبح نهائياً ويكون للمصلحة تنفيذه بطريق الحجز الإداري، كما يجوز
لها تنفيذه بالطريق القضائي بعد وضع الصيغة التنفيذية على صورة أمر التقدير من
المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها المكتب الصادر منه ذلك الأمر، ويحصل التظلم أمام
المحضر عند إعلان أمر التقدير أو بتقرير في قلم الكتاب، ويرفع التظلم إلى المحكمة
الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذي أصدر الأمر".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهي شرط
لقبولها، مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها
وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة
الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوي في شأن
توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق
الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في
الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع
إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون
الحكم في المطاعن الدستورية لازماً للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع،
فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى
محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي ينصب على طلب المدعيين في الدعوى الموضوعية
إلغاء أمر تقدير الرسوم التكميلية المقدرة على المحرر رقم 1448 لسنة 2006 شهر
عقاري الإسماعيلية، وكان النص المحال يحدد المحكمة المختصة بنظر ذلك النزاع، فإن
المصلحة الشخصية والمباشرة في الدعوى المعروضة تكون متحققة، ويتحدد نطاقها بعجز
الفقرة الثانية من المادة (26) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق
والشهر والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، فيما تضمنه من عقد الاختصاص بنظر
التظلم من أمر تقدير الرسوم التكميلية للمحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب
الذي أصدر هذا الأمر.
وحيث إن مفاد نصي المادتين (25، 26) من القانون رقم 70 لسنة 1964
المتقدم ذكرهما هو فرض رسوم تكميلية بعد توثيق المحررات وشهرها، عوضاً عما كان يجب
أداؤه منها مقدماً، وذلك في حالتي الخطأ المادي، والغش، مع استئدائها بطريق الحجز
الإداري، أو بالطريق القضائي، وتخويل الملتزم بالرسوم التكميلية الحق في التظلم من
تقدير هذه الرسوم في أساس المطالبة بها أو مقدارها، أمام المحكمة الابتدائية
الكائن بدائرتها المكتب الذي أصدر أمر تقدير الرسوم التكميلية.
وحيث إن المنازعات المتعلقة بتحديد الرسوم الأصلية لتوثيق المحررات
وشهرها وعناصرها ومقوماتها والمحررات الخاضعة لها والملتزمين بسدادها، والقرارات
الصادرة بتحديدها إنما تدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة، بحسبان المشرع – على ما
جرى به قضاء هذه المحكمة – قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية
الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، بدءاً بالقانون رقم 165
لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، الذي أسند بنص البند سابعاً من المادة (8)
منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات، وأوضحت
المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة
باعتبار أنه ذو طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55
لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على هذا النهج فنص في البند سابعاً من المادة (8)
منه على الحكم ذاته، وأكد هذا الاختصاص نص المادة (10) من قانون مجلس الدولة
الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، الذي عقد في البند (6) منه الاختصاص لمحاكم
مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات
الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه
المنازعات أمام محاكم مجلس الدولة، صاحبة الاختصاص الولائي بنظر المنازعات
المتعلقة بالضرائب والرسوم باعتبارها القاضي الطبيعي لنظر تلك المنازعات.
وحيث إنه ولئن كانت رسوم توثيق المحررات وشهرها التي تحصل مقدماً
تلتقي مع الرسوم التكميلية لما تم توثيقه وشهره من محررات في مصدر الالتزام بها،
كونه نصوص القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر، إلا أن الرسوم
التكميلية تنطوي كذلك على مصدر مستقل للالتزام بها هو استيداء ما أثرى به طالب
الخدمة، بعد اكتمال أداءها، دون وفاء كامل الرسوم المقررة عنها، إعمالاً لحكم
المادة (179) من القانون المدني، والتي جرى نصها على أن: "كل شخص، ولو غير
مميز، يثرى دون سبب مشروع على حساب شخص آخر، يلتزم في حدود ما أثرى به بتعويض
الشخص عما لحقه من خسارة، ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال الإثراء فيما
بعد"؛ إذ المقرر أن الرسوم التكميلية لا تستحق إلا في حالتي الخطأ المادي،
والغش، وكلتاها تؤديان إلى نقصان مقدار الرسوم المحصلة عن تلك المقررة، سواء كان
ذلك عن عدم تبصر القائم على تحديد مقدار تلك الرسوم، وغير ذلك من ضروب الخطأ
المادي، وإما لتسلب طالب الخدمة من أداء مقدارها كاملاً بتصرف ينضوي تحت مفهوم
الغش قانوناً، وفي مقابل هذا النقصان يتحقق إثراء سلبي للمدين بتلك الرسوم يوجب
رده للدائن بها، ومن ثم يتأدى إقرار الرسوم التكميلية، ومنازعة ذوي الشأن فيها،
بالتظلم منها، إلى وجوب تكييف الحقوق العينية العقارية التي تم شهرها، بياناً
لتحقق شروط صلاحيتها للتوثيق والشهر بين أطرافها، وفي مواجهة الغير، وتحديد فئة
الرسوم المقررة على شهر تلك المحررات، تأصيلاً للمنازعة، وردها إلى جذورها التي
أنبتتها، وما يلي ذلك من تقديم الوثائق الرسمية والعرفية المثبتة للحقوق التي
أشهرت، تقصياً لوجه الخطأ المادي فيها، أو الغش المدعى إقدام طالب الخدمة عليه،
وتحقيق سبب ومقدار الرسوم التي لم تؤد، بياناً للمسئولية المدنية الناشئة عن ذلك،
وتحديد الملتزم بردها، سواء كان المدين بها، أو خلفه العام، أو خلفه الخاص الذي
انتقل إليه الحق العيني العقاري محملاً برسوم تكميلية، على نحو دعا المشرع إلى
تقرير حق امتياز على الأموال محل التصرف ضماناً لهذه الرسوم التكميلية في أي يد
تكون. ويضاف إلى ما تقدم أن الرسوم التكميلية تتمايز عن الرسوم الأصلية المنصوص
عليها في المادة (24) من القانون الآنف الذكر، في توقيت ووسائل اقتضائها، فالرسوم
الأصلية تؤدى مقدماً متى اتجهت إرادة المدين بالرسوم إلى طلب الخدمة، بينما خير
المشرع في الرسوم التكميلية جهة الإدارة، عند اقتضائها جبراً، بين ولوج طريق الحجز
الإداري، أو اللجوء إلى وسائل القانون الخاص، وذلك بوضع الصيغة التنفيذية على صورة
أمر التقدير من المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها المكتب الصادر منه ذلك الأمر –
بعد إعلانه قانوناً للملتزم بهذا السند التنفيذي – مع جواز التظلم أمام المحضر عند
إعلان أمر التقدير أو بتقرير في قلم كتاب المحكمة الابتدائية الواقع بدائرتها
المكتب الذي أصدر الأمر.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الفصل في التظلم المقدم بشأن الرسوم
التكميلية لا يقف عند حدود المنازعة في مقدار هذه الرسوم، إنما يمتد بالضرورة إلى
أساس الاستحقاق، ودليله، والمسئول مدنياً عنه، وهي على ما سبق بيانه أمور تتصل
اتصالاً لا ينفك عن الحقوق العينية العقارية التي تم شهرها، تكييفاً وإثباتاً،
وإسناداً, وكلهما من مسائل القانون الخاص التي وسد الدستور في المادة (188) منه
لمحاكم جهة القضاء العادي الفصل فيها، وإذ اعتد النص المطعون فيه – محدداً نطاقاً
فيما سبق بيانه – بهذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف أحكام المواد (94، 97، 184،
190) من الدستور، كما لا يخالف أي أحكام أخرى، ويغدو من ثم الحكم برفض الدعوى
متعيناً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق