جلسة 6 من ديسمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي د/ سري صيام نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي، حسين الصعيدي وعزمي الشافعي نواب رئيس
المحكمة.
------------
(70)
الطعن 37727 لسنة 72 ق
(1) مأمورو
الضبط القضائي "اختصاصاتهم". تلبس. تفتيش "التفتيش بقصد
التوقي" "التفتيش بغير إذن".
عدم جواز القبض على المتهم الحاضر إلا في أحوال التلبس بالجنايات أو
الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر. متى وجدت دلائل كافية على
ارتكابه الجريمة. أساس ذلك؟
جواز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض
عليه قانونا. المادة 46 إجراءات.
إباحة التفتيش الوقائي لأي فرد من أفراد السلطة
المنفذة لأمر القبض. علة ذلك؟
مثال.
(2) قانون "تفسيره".
بطلان. تلبس. قبض. تفتيش "بطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب".
وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية وعدم تحميل عباراتها فوق ما
تحتمل.
وضوح عبارة القانون. لا يجوز الانحراف عنها. علة ذلك؟
قيام المتهم بإلقاء
منديل على رصيف محطة مترو الأنفاق. مخالفة. غير مؤثمة بمقتضى القوانين التي تساندت
إليها النيابة العامة بوجه الطعن. لا تتوافر معها حالة التلبس التي تبيح القبض
والتفتيش. أساس وأثر ذلك؟
مثال.
---------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده: "وحيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهم ..... بأنه ..... بدائرة قسم ..... أحرز بقصد التعاطي نباتا ممنوعا زراعته (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وقد شهد المقدم/ ..... بتحقيقات النيابة بأنه أثناء مروره بمحطة ..... لمترو الأنفاق لتفقد حالة الأمن شاهد المتهم يلقي منديلا على أرضية المحطة، فألقى القبض عليه واصطحبه إلى مكتبه وأجرى تفتيشه وقائيا، حيث ضبط بجيب بنطلونه لفافة ورقية بداخلها نبات عشبي يشبه نبات الحشيش، وقد أقر له المتهم بإحرازه بقصد التعاطي. وقد تضمن تقرير المعمل الكيماوي بشأن فحص المادة المضبوطة أنها أجزاء نباتية خضراء جافة تزن باللفافة 3 جم وقد ثبت أنها لنبات الحشيش". وأشار الحكم إلى إنكار المطعون ضده الاتهام ودفاعه، ثم أسس من بعد قضاءه بالبراءة بقوله: "لما كان من المقرر في ضوء المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، وكان ما ارتكبه المتهم ليس من بين هذه الجرائم، فإن القبض عليه وما تلاه من تفتيش وضبط مخدر يكون قد وقع باطلا. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تطمئن إلى أن المتهم قد أقر لشاهد الواقعة بحيازة المادة المخدرة إذ أنكر ذلك بتحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة فإن الأوراق تكون قد جاءت خلوا من أي دليل يصح قبل المتهم، مما يتعين معه القضاء ببراءته مما أسند إليه عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية، وبمصادرة المادة المضبوطة عملاً بالمادة 30 من قانون العقوبات". لما كان ذلك، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 المتعلق بضمانات الحريات لا تجيز لمأموري الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الحاضر إلا في أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه، وقد خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجيز فيها القبض عليه قانونا أيا كان سبب القبض أو الغرض منه، وكان سند إباحة التفتيش الوقائي هو أنه إجراء تحفظي يسوغ لأي فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر القبض القيام به درء لما قد يحتمل من أمر يلحق المتهم أذى بشخصه من شيء يكون معه أو يلحق مثل هذا الأذى بغيره ممن يباشر القبض عليه، فإنه بغير قيام مسوغ القبض القانوني لا يجوز لمأمور الضبط القضائي القيام بالتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق.
2 - لما كان القانون رقم 277 لسنة 1959 في شأن نظام السفر بالسكك الحديدية المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1999 - الذي تساندت إليه النيابة العامة بوجه الطعن - والقانون رقم 4 لسنة 1990 في شأن الأحكام الخاصة بمترو الأنفاق، والقانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن البيئة المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 قد خلت مواد كل منها من وصف فعل المطعون ضده - وهو إلقاء منديل على أرضية محطة المترو - والعقاب عليه لا بالحبس ولا بالغرامة، ومن ثم يضحى الفعل ذاك غير مؤثم بأي من هذه القوانين، لما هو مقرر أن الأصل هو وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل وأن القياس محظور في مجال التأثيم وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. ومن ناحية أخرى، فإن هذه المحكمة تشير في هذا الخصوص إلى أن المادة الأولى من القانون رقم 38 لسنة 1967 في شأن النظافة العامة وتعديلاته وآخرها القانون رقم 10 لسنة 2005، قد نصت على أنه يحظر وضع القمامة أو القاذورات أو المتخلفات أو المياه القذرة في غير الأماكن التي يحددها المجلس المحلي، وأن المادة التاسعة من ذات القانون تعاقب كل مخالف لذلك بعقوبة المخالفة وهي الغرامة التي لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز خمسين جنيهاً، ومن ثم فإن الواقعة على هذا النحو لا توفر في حق الطاعن حالة التلبس المنصوص عليها في المادتين 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية، ولا تبيح بالتالي لمأمور الضبط القضائي حق القبض وإجراء التفتيش ولو كان وقائياً، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الضابط قام بتفتيش المطعون ضده لما ألقى بمنديل على أرضية محطة مترو الأنفاق وانتهى إلى أن تلك الجريمة ليست من الجنايات أو الجنح التي تبرر القبض والتفتيش، فإنه يكون قد اقترن بالصواب فيما قضى به من براءة المطعون ضده استناداً إلى بطلان القبض والتفتيش وبطلان الدليل المستمد منهما، ويضحى ما تثيره النيابة العامة في هذا الصدد غير سديد.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أحرز بقصد التعاطي نباتا
ممنوعا زراعته "نبات الحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وأحالته
إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة
المذكورة قضت حضوريا ببراءته مما أسند إليه، وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ.
-------------
المحكمة
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة
المطعون ضده من تهمة إحراز نبات الحشيش المخدر بقصد التعاطي قد أخطأ في تطبيق
القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه بالبراءة على بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة
التلبس رغم توافرها لأن الفعل الذي ارتكبه المطعون ضده وهو إلقاء قاذورات بمحطة
مترو الأنفاق يشكل جنحة معاقبا عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر وفقا لأحكام
القانون رقم 277 لسنة 1959 في شأن نظام السفر بالسكك الحديدية بما يبيح لمأمور
الضبط القضائي القبض عليه وتفتيشه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده: "وحيث إن
النيابة العامة أسندت إلى المتهم ..... بأنه أحرز بقصد التعاطي نباتا ممنوعا
زراعته (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وقد شهد المقدم/ .....
بتحقيقات النيابة بأنه أثناء مروره بمحطة ..... لمترو الأنفاق لتفقد حالة الأمن
شاهد المتهم يلقي منديلا على أرضية المحطة، فألقى القبض عليه واصطحبه إلى مكتبه
وأجرى تفتيشه وقائيا حيث ضبط بجيب بنطاله لفافة ورقية بداخلها نبات عشبي يشبه نبات
الحشيش، وقد أقر له المتهم بإحرازه بقصد التعاطي، وقد تضمن تقرير المعمل الكيماوي
بشأن فحص المادة المضبوطة أنها أجزاء نباتية خضراء جافة تزن باللفافة 3 جم، وقد
ثبت أنها لنبات الحشيش، وأشار الحكم إلى إنكار المطعون ضده الاتهام ودفاعه، ثم أسس
- من بعد - قضاءه بالبراءة بقوله: "لما كان من المقرر في ضوء المادة 34 من
قانون الإجراءات الجنائية أنه لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو
الجنح التي يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم
الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، وكان ما ارتكبه المتهم ليس من بين هذه
الجرائم، فإن القبض عليه وما تلاه من تفتيش وضبط مخدر يكون قد وقع باطلا".
لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تطمئن إلى أن المتهم قد أقر لشاهد الواقعة بحيازة
المادة المخدرة إذ أنكر ذلك بتحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة، فإن الأوراق تكون
قد جاءت خلواً من أي دليل يصح قبل المتهم، مما يتعين معه القضاء ببراءته مما أسند
إليه عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية، وبمصادرة المادة المضبوطة
عملا بالمادة 30 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المادتان 34، 35 من قانون
الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 المتعلق بضمانات الحريات
لا تجيز لمأموري الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الحاضر إلا في أحوال التلبس
بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا وجدت دلائل
كافية على اتهامه، وقد خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات
التي يجيز فيها القبض عليه قانوناً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه، وكان سند
إباحة التفتيش الوقائي هو أنه إجراء تحفظي يسوغ لأي فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر
القبض القيام به درء لما قد يحتمل من أمر يلحق المتهم أذى بشخصه من شيء يكون معه
أو يلحق مثل هذا الأذى بغيره ممن يباشر القبض عليه، فإنه بغير قيام مسوغ القبض
القانوني لا يجوز لمأمور الضبط القضائي القيام بالتفتيش كإجراء من إجراءات
التحقيق. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 277 لسنة 1959 في شأن نظام السفر بالسكك
الحديدية المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1999 - الذي تساندت إليه النيابة العامة
بوجه الطعن - والقانون رقم 4 لسنة 1990 في شأن الأحكام الخاصة بمترو الأنفاق،
والقانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن البيئة المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 قد خلت
مواد كل منها من وصف فعل المطعون ضده - وهو إلقاء منديل على أرضية محطة المترو -
والعقاب عليه لا بالحبس ولا بالغرامة، ومن ثم يضحى الفعل ذاك غير مؤثم بأي من هذه
القوانين، لما هو مقرر أن الأصل هو وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام
جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأن القياس محظور في مجال
التأثيم، وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ومن ناحية أخرى فإن هذه المحكمة تشير
في هذا الخصوص إلى أن المادة الأولى من القانون رقم 38 لسنة 1967 في شأن النظافة
العامة وتعديلاته وآخرها القانون رقم 10 لسنة 2005، قد نصت على أنه يحظر وضع
القمامة أو القاذورات أو المتخلفات أو المياه القذرة في غير الأماكن التي يحددها
المجلس المحلي، وأن المادة التاسعة من ذات القانون تعاقب كل مخالف لذلك بعقوبة
المخالفة وهي الغرامة التي لا تقل عن عشرين جنيها، ولا تجاوز خمسين جنيها، ومن ثم
فإن الواقعة على هذا النحو لا توفر في حق الطاعن حالة التلبس المنصوص عليها في
المادتين 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية، ولا تبيح بالتالي لمأمور الضبط
القضائي حق القبض وإجراء التفتيش ولو كان وقائيا، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت
أن الضابط قام بتفتيش المطعون ضده لما ألقى بمنديل على أرضية محطة مترو الأنفاق،
وانتهى إلى أن تلك الجريمة ليست من الجنايات أو الجنح التي تبرر القبض والتفتيش،
فإنه يكون قد اقترن بالصواب فيما قضى به من براءة المطعون ضده استنادا إلى بطلان
القبض والتفتيش، وبطلان الدليل المستمد منهما، ويضحى ما تثيره النيابة العامة في
هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا
رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق