الطعن 82 لسنة 31 ق " دستورية
" المحكمة الدستورية العليا جلسة 4 / 2 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 6 مكرر ب في 15 / 2 / 2017 ص 85
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من فبراير سنة 2017م،
الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1438هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه
النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد
العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 82 لسنة 31
قضائية "دستورية".
----------------
الوقائع
بتاريخ الخامس عشر من إبريل سنة 2009، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع
صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً الحكم بعدم دستورية نصي
الفقرتين (2) و(4) من المادة الأولى من قرار رئيس مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر رقم
275 لسنة 1995.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. كما قدم
المدعى عليه الأخير مذكرة طلب فيها أصلياً: الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً
بنظر الدعوى، واحتياطياً: بعدم قبولها بالنسبة للشركة القابضة لكهرباء مصر، ومن
باب الاحتياط الكلي برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعي، وآخرين، كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 7555 لسنة 2008، أمام محكمة
شمال القاهرة الابتدائية (الدائرة 59 عمال)، ضد المدعى عليه الأخير، ورئيس مجلس
إدارة صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بالشركة القابضة لكهرباء مصر، بطلب
إلزامهما أن يؤديا لهم قيمة الحافز المقرر بموجب قرار رئيس مجلس إدارة هيئة كهرباء
مصر رقم 275 لسنة 1995 بالكامل طبقاً لمدة خدمة كل منهم الفعلية دون حد أقصى، مع
رد ما سبق خصمه منهم دون وجه حق بنسبة 8% لحساب صندوق الرعاية الاجتماعية. وأبدى
المدعي أن مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر، المنشأة بموجب القانون رقم 12 لسنة 1976،
والتي تحولت فيما بعد إلى شركة مساهمة مصرية باسم الشركة القابضة لكهرباء مصر
بالقانون رقم 164 لسنة 2000، سبق أن أصدر القرار رقم 375 لسنة 1993 بتقرير حافز
تقديري لكل عامل بمناسبة بلوغه السن القانونية، أو الإحالة إلى المعاش المبكر، متى
أمضى مدة لا تقل عن عشرين سنة في خدمة قطاع الكهرباء والطاقة، أو في الشركة
القابضة للإنشاءات وتوزيع الكهرباء، وشركاتها التابعة، أو أي من الشركات التي
يساهم فيها هذا القطاع، على أن تكون السنتان الأخيرتان قد قضيتا بخدمة الهيئة أو
ديوان عام الوزارة؛ ثم صدر قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 275 لسنة 1995 بتعديل
القرار السابق، ليكون الحد الأقصى لهذا الحافز أربعين شهراً، ويتم حسابه بواقع
شهرين عن كل سنة خدمة فعلية، وعلى أساس المرتب الأساسي للعامل، مضافاً إليه متوسط
الحوافز بكافة أنواعها، المستحقة خلال السنتين الأخيرتين، وبحد أقصى ألف وخمسمائة
جنيه شهرياً. وقد رأى المدعي أن وضع حد أقصى للحافز من شأنه الإضرار بأصحاب مدد
الخدمة الأطول، وإهدار مدد خدمتهم على نحو يعكس تسوية غير مبررة مع أصحاب مدد الخدمة
الأقل المختلفة مراكزهم القانونية عنهم. كما أن ربط الحافز بحد سنوي أقصى، يحسب
على أساسه متوسط الحافز عن آخر عامين، هو أمر لم يراع فيه اختلاف مرتبات العاملين
حسب مستوى كفاءتهم وخبراتهم، وهو ما يشكل اعتداء على حقوق مالية للمدعي، وإضراراً
بشرط الوفاء بالأجر العادل، بما يشكل مخالفة لأحكام المواد (13 و26 و34 و40) من
دستور سنة 1971. وبجلسة 22/11/2008، دفع المدعي بعدم دستورية الفقرتين (2) و(4) من
المادة الأولى من القرار رقم 275 لسنة 1995 المشار إليه. وإذ قدرت محكمة الموضوع
بجلسة 28/2/2009 جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى
المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الدستور الحاليٍ قد عهد -
بنص المادة (192) منه، المقابلة لنص المادة (175) من دستور سنة 1971 – إلى المحكمة
الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على
الوجه المبين في القانون؛ وأن المشرع أصدر قانون هذه المحكمة بالقانون رقم 48 لسنة
1979 مبيناً اختصاصاتها؛ محدداً ما يدخل في ولايتها حصراً، مستبعداً من مهامها ما
لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصاً منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح،
مانعاً أي جهة من مزاحمتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضماناً
منه لمركزية الرقابة على المشروعية الدستورية، وتأميناً لاتساق ضوابطها وتناغم
معاييرها، وصولاً من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل
تكاملها وتجانسها، وهو ما نحاه قانون المحكمة الدستورية العليا، مؤكداً أن اختصاص
هذه المحكمة – في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية - ينحصر في النصوص
التشريعية أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها، فلا
تنبسط ولايتها في شأن الرقابة القضائية على الدستورية، إلا على القانون بمعناه
الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة
مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم
تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي
ناطها الدستور بها؛ وأن تنقبض عما سواها.
وحيث إنه من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن كل لائحة يتحدد
تكييفها القانوني بمجال سريانها، فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بنطاق
القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التي أصدرتها شخصاً من
أشخاص القانون العام، فلا تعتبر بالتالي تشريعاً بالمعنى الموضوعي مما تمتد إليه
الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت قواعد منح الحوافز المنازع بشأنها
وإن كانت قد صدرت بداية عن هيئة كهرباء مصر بقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 375 لسنة
1993 المعدل بالقرار رقم 275 لسنة 1995، إلا أنه بصدور القانون رقم 164 لسنة 2000
بتحويل هيئة كهرباء مصر إلى شركة مساهمة مصرية باسم الشركة القابضة لكهرباء مصر,
فقد فارقت هذه القواعد صفتها اللائحية العامة، بعد أن تحولت الهيئة إلى شركة
مساهمة مصرية خاضعة لأحكام القانون الخاص، وصدر قرار وزير الكهرباء والطاقة رقم
138 لسنة 2001 بتاريخ 19/3/2001، بالموافقة على إصدار النظام الأساسي للشركة
القابضة لكهرباء مصر, كما صدر قرار وزير الكهرباء والطاقة رقم 546 لسنة 2001
بتاريخ 21/11/2001 باعتماد لائحة نظام العاملين بالشركة، الذي نص في المادة (47)
منه على أن "يستمر العمل بنظام حافز التقدير المقرر للعاملين عند انتهاء
خدمتهم والمعمول به وقت صدور هذه اللائحة"، وقد عدل من ضوابط منح هذا الحافز
قرار رئيس مجلس إدارة الشركة الجديدة رقم 166 لسنة 2010 بتاريخ 20/7/2010، والذي
اعتمده وزير الكهرباء والطاقة؛ بما لازمه اندماج القواعد الحاكمة لهذا الحافز في
أحكام لائحة نظام العاملين بالشركة، وصيرورتها جزءاً لا يتجزأ منها، وبالتالي فقد
أصبحت هذه القواعد متعلقة بدائرة القانون الخاص التي تباشر الشركة مهامها من
خلالها، وبوسائلها وأساليبها، وتجاه العاملين بها والغير؛ وإزاء ذلك، فقد خرجت عن
دائرة التشريع الموضوعي الذي تختص المحكمة الدستورية العليا بالرقابة الدستورية
عليه، وهو ما يلزم معه القضاء بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات
ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق