الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 11 أبريل 2017

القواعد الخاصة لدعوى المضرور قبل المسئول عن الحقوق المدنية، ودعواه قبل المؤمن لديه

الطعن  35 لسنة 23 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 4 / 2 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 6 مكرر ب في 15 / 2 / 2017 ص 62
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من فبراير سنة 2017م, الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمي وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 35 لسنة 23 قضائية "دستورية".

-----------
الوقائع
بتاريخ العاشر من مارس سنة 2001، أقام مورثا المدعين هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلباً للحكم بعدم دستورية نصي المادتين (172، 752) من القانون المدني، والمادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
كما قدمت الشركة المدعى عليها السادسة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث مثل وكيل مورثي المدعين بجلسة الثالث من ديسمبر سنة 2016 وقرر بوفاتهما، وقدم المستند الدال على ذلك، وطلب في مواجهة الحاضر عن المدعى عليهم تصحيح شكل الدعوى. وبجلسة الرابع عشر من يناير سنة 2017 مثل وكيل عن ورثتهما وقدم مذكرة صمم فيها على الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى. وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن مورثا المدعين كانا قد أقاما الدعوى رقم 7087 لسنة 1998 مدني كلي جنوب القاهرة ضد المدعى عليهما الخامس والسادس، بطلب الحكم بإلزامهما على وجه التضامن والتضامم بدفع مبلغ خمسمائة ألف جنيه، على سند من أن المدعى عليه الخامس تسبب في وفاة مورثهما وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه أثناء قيادته للسيارة رقم ..... جمرك السويس والمؤمن إجبارياً عليها لدى الشركة المدعى عليها السادسة، وقدم للمحاكمة الجنائية بالجنحة رقم 1298 لسنة 1993 جنح النزهة، فقضى بإدانته وأصبح الحكم باتاً، كانت وفاة نجلهما قد ألحقت بهما أضراراً مادية وأدبية وموروثة، فقد أقاما الدعوى ابتغاء القضاء لهما بالتعويض، فحكمت المحكمة بسقوط حق المدعيين في إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثي. وإذ لم يرتضيا هذا الحكم، طعنا عليه بالاستئناف رقم 16013 لسنة 116 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، ودفعاً بعدم دستورية نصي المادتين (172، 752) من القانون المدني، والمادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت لهما بإقامة الدعوى الدستورية، أقاما الدعوى المعروضة
وحيث إن المادة (172) من القانون المدني تنص على أن "1- تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه. وتسقط هذه الدعاوى، في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع
2- ........................". 
وتنص المادة (752) من القانون ذاته على أن "1- تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى
2- ....................". 
وتنص المادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة إذا وقعت في جمهورية مصر العربية وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة (6) من القانون رقم 449 لسنة 1955، ويكون التزام المؤمن بقيمة ما يحكم به قضائياً من تعويض مهما بلغت قيمته، ويؤدي المؤمن مبلغ التعويض إلى صاحب الحق فيه
وتخضع دعوى المضرور قبل المؤمن للتقادم المنصوص عليه في المادة (752) من القانون المدني". 
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه: أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيها، وعلى ذلك لا تقبل الدعوى الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم، أو كان قد وقع فعلاً، ويتعين دوماً أن يكون الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائداً في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها
وحيث إن المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة، أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في حماة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعها
وحيث إن المستفاد من نص المادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات، والمادتين (172 و752) من القانون المدني، والمادتين (251 و258) من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع تيسيراً على المضرور من حوادث السيارات في الحصول على حقه قد استثناه من القواعد العامة المتصلة باختصاص المحاكم المدنية، وأجاز له الادعاء بحقوقه المدنية أمام المحكمة الجنائية قبل المسئول عن الحقوق المدنية، أو المؤمن لديه، ووحد في إجراءات نظر الدعويين أمام المحكمة الجنائية، كما وحد في مدة سقوط كل منهما. وإمعاناً من المشرع في بسط حمايته على حق المضرور ألزم المؤمن لديه بأداء ما يحكم به له قبل المسئول من تعويض نهائي مهما بلغت قيمته، حتى لو لم يكن ممثلاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم. وإلزام المؤمن لديه على هذا النحو جاء استثناء من القواعد العامة في الإثبات والتي تقصر حجية الأحكام على الخصوم أطرافها. وبذلك يكون القانون قد فرض رباطاً وثيقاً بين دعوى المضرور قبل المسئول عن الحق المدني، ودعوى المضرور قبل المؤمن لديه، حماية لحق المضرور
وحيث كان ذلك، وكان الحق الذي يحميه القانون غير منفك عن وسيلة حمايته، بولوج سبيل الدعوى لطرح المطالبة بالحق على القضاء. وكان من المقرر أن الحكم بالتعويض المؤقت عن العمل غير المشروع – سواء كان صادراً من محكمة جنائية أو محكمة مدنية – إنما يحيط بالمسئولية التقصيرية في مختلف عناصرها، ويحدد مبدأ التعويض في أصله ومبناه. ومتى صار هذا الحكم حائزاً لقوة الأمر المقضي، فلا يسقط حق المضرور في إقامة دعوى المطالبة بالتعويض النهائي الجابر للأضرار التي لحقت به إلا بمضي خمس عشرة سنة، وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة (385) من القانون المدني، ويبدأ سريان مدة التقادم من تاريخ صيرورة حكم المحكمة الجنائية باتاً، أو من تاريخ صيرورة حكم المحكمة المدنية نهائياً. وقد بات ذلك متفقاً وما تغياه المشرع من توفير الحماية لحق المضرور، ونزولاً على الارتباط الوثيق بين دعواه قبل المسؤول عن الحقوق المدنية، ودعواه قبل المؤمن لديه عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات. ولا يسوغ في هذا المقام قالة سقوط دعوى المضرور بطلب التعويض النهائي، بانقضاء ثلاث سنوات، التي رصدها المشرع في المادتين (172 و752) من القانون المدني، لمواجهة تقاعسه عن المطالبة ابتداء بحثه، سواء كانت دعواه مقامة قبل المسؤول عن الحقوق المدنية، وفقاً للنص الأول، أو كانت مقامة قبل المؤمن لديه، وفقاً للنص الثاني – المحال إلى حكمه بموجب نص الفقرة الأخيرة من المادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 المشار إليه – ذلك أن مجال إعمال مدة ذلك التقادم قاصر على حالة المطالبة بالحق لأول مرة، ولا شأن له البتة، ولا يستطيل حكمه لحالة إذا ما كان مبدأ الحق في التعويض قد تقرر بموجب حكم حاز قوة الأمر المقضي. وبهذا المفهوم تتوافر الحماية لحق المضرور، التي سعى القانون لتحقيقها
ولا يغير من ذلك القول بأن المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط هي المطالبة الصريحة أمام القضاء بالحق الذي يراد اقتضاؤه، وأن صحيفة الدعوى المرفوعة للمطالبة بحق ما لا تقطع التقادم إلا في خصوص هذا الحق، وما التحق به من توابعه، مما يجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه، أو أنه متى تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فإن رفع الدعوى بطلب أحدهما لا يترتب عليه انقطاع مدة التقادم بالنسبة للحق الآخر باعتبار أن الحق في التعويض يقبل التجزئة، لأن ذلك النظر ينصرف إلى إعمال القواعد العامة في الدعاوى الأخرى، دون دعوى المضرور قبل المسئول عن الحقوق المدنية، ودعواه قبل المؤمن لديه، إذ خصهما المشرع بأحكام خالف فيها قواعد الاختصاص النوعي لنظر المحاكم المدنية للدعاوى المدنية - كما خالف فيها حجية الأحكام ونسبيتها في ألا تتعدى أطرافها – وجعل بينهما رباطاً غير مجذوذ
وحيث إن إلزام الشركة المؤمن لديها بأداء مبلغ التعويض المحكوم به للمضرور يتحقق بذات ما تحققت به مسئولية المؤمن له أو المتسبب في أدائه – وهو الحكم البات بالتعويض المؤقت الصادر من المحكمة الجنائية أو الحكم النهائي الصادر من المحكمة المدنية – ولو لم تختصم فيه الشركة المؤمن لديها، فإن لازم ذلك أنه إذا صدر الحكم بالتعويض المؤقت وأصبح حائزاً قوة الأمر المقضي فإنه لا يسقط الحق في المطالبة بالتعويض النهائي بالبناء عليه، وإعمالاً لحكم المادة (385/ 2) من القانون المدني، إلا بمدة سقوط الحق، وهي خمس عشرة سنة، سواء قبل المسئول عن الحق المدني أو المؤمن لديه؛ إذ لا وجه لاختلاف الحكم بين المسئولين عن الوفاء بالحق المحكوم به للدائن (المضرور) ترتيباً على الارتباط ووحدة الإجراءات ومدة السقوط في كل من الدعويين قبل المسئول عن الحقوق المدنية، والمؤمن لديه
وحيث كان ذلك، وكان مورثاً المدعين يهدفان بدعواهما الموضوعية القضاء لهما بالتعويض الجابر للأضرار التي أصابتهما جراء فقد مورثهما، فإن التطبيق الصحيح للنصوص المطعون فيها يكون محققاً لهما – ومن بعدهما لورثتهم - مبتغاهما من الدعوى الموضوعية، ولا يكون ثمة مصلحة في الطعن على النصوص المشار إليها بحسبان الضرر المدعى به ليس مرده إلى تلك النصوص، وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ لها والتطبيق غير الصحيح لأحكامها، الأمر الذي تنتفي معه المصلحة في الدعوى المعروضة ويتعين من ثم القضاء بعدم قبولها
وحيث إن قضاء هذه المحكمة على النحو السالف بيانه يحوز الحجية المطلقة ويلزم كل سلطة في الدولة – بما فيها الجهات القضائية – باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على وجهه الصحيح امتثالاً للمادة (195) من الدستور والفقرة الأولى من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق