باسم الشعب
محكمة النقض
دائرة طعون رجال القضاء
برئاسة السيد القاضي/ عزت عبد الجواد عمران نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ أحمد الحسيني ، موسى مرجان ، محمد بدر عزت و طارق عبد العظيم نواب
رئيس المحكمة
بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ ...........
والسيد أمين السر/ ............
--------------
- 1 دستور "أثر زوال الحالة
الثورية على إصدار الإعلانات الدستورية".
إذ تم انتخاب رئيس الجمهورية الطاعن الأول بصفته وتولى سُدة حكم
البلاد بتاريخ 30 من يونيو 2012 على سند من نصوص الإعلان الدستوري (الصادر في
30/3/2011) والذي حدد اختصاصاته على النحو المنصوص عليه في المادة 56 منه والتي
ليس من بينها سلطة إصدار الإعلانات الدستورية، فإن الإعلانين الدستوريين الصادرين
من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 سند القرار
الجمهوري موضوع التداعي يكونان صادرين ممن لا يملك ولاية إصدارهما بعد أن زالت
الحالة الثورية وأصبح رئيس الجمهورية يباشر سلطة شرعية بحكم انتخابه رئيساً للبلاد
بصلاحيات محددة لا تمكنه من إصدار تلك الإعلانات. فالسلطة التي تتكون وفقاً للشرعية
الدستورية لا يجوز لها أن تعمل خلافاً لذلك حتى لا تتنكر لأساس وجودها، ذلك أن
العودة للشرعية الثورية بعد إتباع الشرعية الدستورية يهدر أية خطوة جرت في سبيل
بلوغ هدف الثورة الجوهري المتعلق بفرض سيادة القانون، مع ما يتصل بذلك من إطالة
الفترة الانتقالية باضطراباتها وقلاقلها على كافة الأصعدة. ومن ثم، ولما تقدم،
فإنه ينتفي عن القرارين الصادرين من رئيس الجمهورية الطاعن الأول بتاريخي 21 من
نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 صفة الإعلانات الدستورية مما ينزلها من مصاف الأعمال
السياسية التي تتأبى على الرقابة القضائية إلى درك القرارات الإدارية الخاضعة
للرقابة القضائية على أعمال الإدارة التي تقوم على سند من سيادة القانون وخضوع
الدولة لأحكامه إعلاءً لراية الشرعية.
- 2 دستور "شروط نفاذ ما ترتب
على الإعلانات الدستورية من آثار وفقاً للمادة 236 من دستور 2012.
مفاد النص في المادة 236 من الدستور الحالي الصادر في ديسمبر 2012
والمعمول به منذ 25 من ديسمبر 2012 أن استمرار نفاذ ما ترتب على الإعلانات
الدستورية الصادرة في الفترة (من 11/2/2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور في
25/12/2012) من آثار إنما ينصرف إلى الإعلانات الدستورية الصحيحة الصادرة ممن يملك
إصدارها، أما غيرها من قرارات إدارية وإن وصفت بأنها إعلانات دستورية فلا عاصم لها
من البطلان متى كانت فاقدة لمقوماتها من الصحة، إذ ليس من شأن مادة الدستور
المذكورة أن ترد قراراً معدوماً إلى الحياة، ولا أن تسبغ الصحة على قرار ولد
باطلاً، ولا أن تغير من طبيعته فتلحقه بأعمال السيادة.
- 3 قانون "تعديل قانون
السلطة القضائية غير جائز إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية".
إذ كانت المحكمة قد انتهت إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول
بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 ينتفي عنهما وصف "الإعلان الدستوري"
لصدورهما ممن لا ولاية له في إصدارهما وأنهما مجرد قرارين إداريين يخضعان للرقابة
القضائية، وكان ما تضمنه القرار الأول في مادته الثالثة من تعديل لقانون السلطة
القضائية يتعلق بتوقيت مدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات بعد أن كانت
مطلقة، وبسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري، وكان هذا القرار فوق أنه
مجرد من قوة القانون فإنه يمس حقوق منصب النائب العام وضماناته مما يتصل باستقلال
القضاء وهو ما لا يجوز تنظيمه إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية.
- 4 قانون "عزل القضاة وأعضاء
النيابة العامة لا ينظم بأداة تشريعية أدنى من القانون".
النص في المادتين 46، 47 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس
2011، المعمول به في تاريخ صدور القرار رقم 386 لسنة 2012 موضوع التداعي يدل –
وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – على أن عزل القضاة وأعضاء النيابة العامة من
وظائفهم هو من الأمور التي لا يجوز تنظيمها بأداة تشريعية أدنى مرتبة من القانون،
فإن القرار الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 فيما تضمنه من تحديد
لمدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات وبسريان هذا النص على من يشغل المنصب
بأثر فوري يكون غير قائم على أساس من الشرعية، ومشوباً بعيب جسيم يجعله عديم
الأثر، ولا وجه للتحدي في هذا الصدد بأن الاختصاص في هذا الشأن ينعقد للمحكمة
الدستورية العليا، ذلك أنه علاوة على عيب عدم المشروعية الذي شاب القرار سالف
الذكر فإن مخالفته لأحكام الإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس 2011 إنما هي على
سبيل التأكيد لا التأسيس، فمن ثم ووفقاً لنص المادة 83 من قانون السلطة القضائية
المعدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 تختص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة
دون غيرها بالفصل في طلب إلغاء القرارات الجمهورية متى كان مبنى الطلب مخالفة القوانين.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن القرار الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 21 من
نوفمبر 2012 مفتقر لسنده الدستوري أو القانوني في تعديل أحكام قانون السلطة
القضائية ورتب على ذلك أنه لا يصلح أساساً لصدور القرار الجمهوري رقم 386 لسنة
2012 فيما تضمنه من عزل المطعون ضده من منصب النائب العام وتعيين آخر بدلاً منه،
فإنه يكون قد التزم صحيح حكم القانون مبرءاً من قالة الخطأ في تطبيقه.
- 5 قرار إداري "تعييب القرار
الإداري بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها".
إذا تبين للمحكمة أن القرار الإداري معيب بعيب إساءة استعمال السلطة
أو الانحراف بها، وهو من العيوب القصدية في السلوك الإداري التي قوامها أن يكون
لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها بأن يشوب الغاية من إصدار
القرار الإداري عيب بأن تنكبت الإدارة وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها
القرار، أو أن تكون قد أصدرته بباعث لا يمت لتلك المصلحة، أي أن لدى جهة الإدارة
قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهو عيب متصل بالهدف من إصدار القرار
الذي يرمي إليه المشرع ومن أجله منح الإدارة سلطة إصداره، وهذا العيب يشوب القرار
حتى لو كان يرمي إلى تحقيق صالح معين ولكنه يختلف عن الصالح العام المقصود أصلاً.
وقد يكون الدافع إلى الانحراف تحقيق مصلحة شخصية أو تحقيق دافع سياسي وهو تدخل ذوي
النفوذ من رجال حزب الأغلبية وهو المتولي زمام الحكم في البلاد في إصداره.
- 6 قرار إداري "أثر مخالفة
القرار الإداري وجه المصلحة العامة".
إذ كان القراران الصادران من رئيس الجمهورية بتاريخي 21 من نوفمبر و8
من ديسمبر 2012 قد جاءا معيبين بعيب إساءة استعمال السلطة عن قصد، إذ تنكب مصدرها
وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار الإداري وهو عيب يتصل بالهدف من
إصدارها تحت مسمى صالح معين يغاير الصالح العام، بل بدافع من تدخل ذوي النفوذ من
رجال حزب الأكثرية الحاكم، فضلاً عن أنه وإعمالاً لحكم المادة 60 من الإعلان
الدستوري الصادر بتاريخ 30 من مارس 2011 فقد تكونت بتاريخ 12 من يونيو 2012 الجمعية
التأسيسية والتي اضطلعت بدورها في إعداد مشروع الدستور الجديد للبلاد خلال ستة
أشهر يطرح بعدها للاستفتاء الشعبي، ولما كانت السلطة التأسيسية التي تختص بوضع
الوثيقة الدستورية تعلو على جميع سلطات الدولة، إذ هي نتاج عملها، باعتبار أنها
السلطة المنشئة لغيرها من السلطات، فما كان للطاعن الأول بوصفه رئيس السلطة
التنفيذية أن يتجرأ على سلطة تلك الجمعية التأسيسية في 21 من نوفمبر 2012 ويصدر ما
أطلق عليه "إعلاناً دستورياً"، وما كان له أن يفعل وقد كانت تلك الجمعية
قد شارفت على الانتهاء من إعداد مشروع الدستور، وبالفعل تقدمت به بعد أيامٍ
معدودات بتاريخ الأول من ديسمبر 2012 إلى الطاعن الأول الذي أصدر القرار رقم 297
لسنة 2012 بدعوة الناخبين للاستفتاء عليه يوم 15 من ديسمبر 2012، وإذ انتهى الحكم
المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول دفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى وبجواز نظرها
فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة ولا يعيبه من بعد خطأه في بعض تقريراته
القانونية أو قصوره فيها، إذ لمحكمة النقض أن تصحح تلك التقريرات وتستكملها دون أن
تنقضه.
- 7 قرار إداري "شروط انتهاء
الخصومة في دعوى إلغاء القرار الإداري".
إذ كانت المحكمة قد انتهت إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول
بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 ينتفي عنهما صفة الإعلان الدستوري
لصدورهما ممن لا ولاية له في إصدارهما، فلا ينصرف إليهما نص المادة 236 من الدستور
من حيث نفاذ آثارهما وإن وُصفا بأنهما من الإعلانات الدستورية، ومن ثم تبقى مصلحة
المطعون ضده قائمة في الدعوى، لما هو مقرر من أن إلغاء الجهة الإدارية لقرار مطعون
فيه أمام قاضي المشروعية لا يترتب عليه انتهاء الخصومة إلا إذا كان ما قامت به
الجهة الإدارية من إلغاء للقرار هو في حقيقة تكييفه القانوني مجيباً لكامل طلب رافع
دعوى الإلغاء، أي أن يكون الإلغاء في حقيقته القانونية سحباً للقرار، متى كان ذلك
جائزاً قانوناً، بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه، فبذلك وحده
يتحقق كامل طلب رافع دعوى الإلغاء، إذ إن طلب الإلغاء إنما يستهدف إعدام القرار
غير المشروع من تاريخ صدوره مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإذ التزم الحكم المطعون
فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا الشق يضحى على غير أساس.
- 8 قرار إداري "المصلحة في
دعوى إلغاء القرار الإداري".
إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الدفع بانتفاء
مصلحة المطعون ضده لاستنفاد مدة ولايته بمقتضى نفاذ أحكام الدستور الجديد، على أن
الدعوى المطروحة تتعلق بقرار صدر بتعيين آخر في منصب النائب العام بتاريخ 22 من
نوفمبر 2012 قبل صدور الدستور الجديد وإبان فترة سريان القرار الصادر من الطاعن
الأول بصفته بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 المسمى "إعلاناً دستورياً
"مستنداً إلى ما تضمنته المادة الثالثة منه بشأن طريقة تعيين النائب العام
وشروط شغل المنصب ومدة ولايته، ولم يصدر القرار المطعون فيه في ظل سريان الدستور
الجديد أو نفاذاً لأحكامه، ومن ثم فقد توافرت للمطعون ضده المصلحة في طلباته محل
الدعوى باعتباره شاغلاً لمنصب النائب العام ومتمتعاً بحصانته وقت صدور القرار
الأول سند القرار محل المنازعة، مما ترتب عليه عزله من منصبه وتعيين آخر بدلاً منه
بموجب القرار الأخير، فإن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول الدفع
بانتفاء مصلحة المطعون ضده في الدعوى يكون في محله.
- 9 دستور "الإعلانات
الدستورية إصدارها وسماتها".
المقرر قانوناً أنه في ظروف الثورات تصدر حكومة الثورة إعلاناً
دستورياً أو أكثر لتنظيم أمور البلاد ريثما يوضع دستور ينظم كافة سلطات الدولة
والحقوق والحريات للمواطنين، ويتميز الإعلان الدستوري عن الدستور الدائم بأنه يصدر
عن السلطة الحاكمة ولا يلزم الاستفتاء عليه من جانب الشعب ويتضمن مواد محددة تشمل
المسائل الدستورية اللازمة لإدارة شئون البلاد دون التفصيلات التي تترك عادة
للدساتير.
- 10 دستور "إصدار الإعلان
الدستوري من السلطة الواقعية بالفعل الثوري".
إذ كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة البلاد خلال
الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 قد أصدر إعلاناً
دستورياً في 13 من فبراير 2011 نص فيه على تعطيل دستور 1971 وحل مجلسي الشعب
والشورى وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، وبذلك فقد انعدمت
المؤسسات السياسية التي كانت تدير الدولة وحل محلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة
بالفعل الثوري وبقوة الأمر الواقع السياسي للبلاد في حالة الضرورة، حتى يتم إنشاء
المؤسسات الجديدة للدولة، وقد أُجرى استفتاء للشعب يوم 19 من مارس 2011 على أسلوب
تكوين هذه المؤسسات التي تبنى عليها هيئات الدولة الديمقراطية الجديدة بدءاً
بمجلسي الشعب والشورى ثم رئاسة الجمهورية ووضع الدستور الجديد من خلال تعديل لبعض
مواد دستور 1971 وفي ضوء ما أسفرت عنه نتيجة الاستفتاء من الموافقة على التعديلات
الدستورية المطروحة فقد قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيانه الصادر بتاريخ
23 من مارس 2011 إصدار إعلان دستوري لتنظيم السلطات في المرحلة الانتقالية يتضمن
أحكام المواد التي وافق عليها الشعب للعمل بمقتضاها ولحين الانتهاء من انتخاب
السلطة التشريعية وانتخاب رئيس الجمهورية، فصدر الإعلان الدستوري في 30 من مارس
2011 ملتزماً بالأحكام المستفتي عليها وبالنظام المؤقت لإدارة الدولة حتى يبدأ
تشكيل مؤسساتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق