لقد كان - ولازال - من أهداف المستعمر الغربي هدم الإسلام من الداخل ، تطبيقا للمبدأ المشهور فرق تسد ، فعمل على إيجاد مذاهب جديدة في الجماعة الإسلامية تحمل طابعاً إسلامياً ، ويقوم بالدعوة إليها علماء ينتسبون لجماعة المسلمين ، وتبشر بمبادئ جديدة يرضي عنها المستعمر أو يحميها كذلك ، لأنها تمكن له من استعمار واستغلال قوى الشرق الإسلامي لفترات طويلة .
وقد ارتبطت حرية الشعائر الدينية بعدة فرق ومذاهب منها : القاديانية واللاهورية والبَهائيَّة ، وقد أثار احد الأحكام الصادرة أخيرا من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بإلغاء قرار وزير الداخلية السلبي بالامتناع عن قيد البهائية كديانة في بطاقة تحقيق الشخصية في الخانة المخصصة لذلك ، والتي نحاول التعرض للبهائية فيما يلي :
البهائية دين ، هدفه أن يوحد بين المسلمين والنصارى واليهود ، على نواميس موسى عليه السلام ، باعتبار أنهم يؤمنون به جميعا ، هاجمته كل الجهات المعنية في الدول العربية منذ فترة طويلة ، ففي مصر أصدر الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر في 20/12/1910 فتوى بكفر ميرزا عباس زعيم البهائيين . وأفتت لجنة الفتوى بالأزهر في 23/9/1947 بردة معتنق البهائية . وصدرت فتاوى من دار الإفتاء المصرية في 11/3/1939 ، 25/3/1968 ، 13/4/1950 بأن البهائيين مرتدون ، وصدرت فتوى في 8/12/1981 ببطلان عقد الزواج بين مسلمة وبهائي .
وقد تعرض لها مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابعبجدة في المملكة العربية السعودية في الفترة من 18 - 23 جمادى الآخر 1408هـ الموافق 6 - 11 شباط ( فبراير ) 1988م ، في القرار رقم : 34 ( 9/4) منشور فيمجلة المجمع ( ع 4 ، ج 3 ص 2189) . وقرار مؤتمر القمة الإسلامي الخامس المنعقد بدولة الكويت من 26-29 جمادى الأولى 1407هـ الموافق 26- 29 كانون الثاني (يناير)1987م .
وقد صدر قرار رئيس الجمهورية المصري الأسبق جمال عبد الناصر بحل المحافل البهائية - بالقانون رقم 263 لسنة 1960 ، والذي نشر في الجريدة الرسمية في العدد 161 في 19/7/1960 - ووقف نشاطها ، وذلك لأسباب سياسية وقضائية تتعلق بالتعاون مع اليهود في فلسطين ، مما يندرج تحت مواد قانون العقوبات الخاصة بمنع التجسس والعقاب عليه . ( راجع مقال فضيلة المفتي ، د/ علي جمعة ، جاءت لجنة الحريات وذهبت ، في جريدة الأهرام ، بتاريخ 31/7/2004 ، ص 12) .
وقد جاء في حكم هام للمحكمة العليا –المحكمة الدستورية العليا الآن - : أن البهائية - على ما أجمع عليه أئمة المسلمين - ليست من الأديان المعترف بها – ومن يدين بها اعتبر مرتدا – ، ويبين من استقصاء تاريخ هذه العقيدة ، أنها بدأت في عام 1844 ، حين دعى إليها مؤسسها ميرازا محمد على الملقب بالباب في إيران ، عام 1844 معلنا أنه يستهدف بدعوته إصلاح ما فسد ، وتقويم ما اعوج من أمور الإسلام والمسلمين ، وقد اختلف الناس في أمر هذه الدعوى وعلى الخصوص في موقفها من الشريعة الإسلامية .
وحسما لهذا الخلاف دعى مؤسسها إلى مؤتمر عقد في بادية بدشت بإيران في عام 1848 ، حيث أفصح عن مكنون هذه العقيدة ، وأعلن خروجها ، وانفصالها التام عن الإسلام وشريعته ، كما حفلت كتبهم المقدسة وأهمها كتاب البيان ، الذي وضعه مؤسس الدعوة ، ثم الكتاب الأقدس الذي وضعه خليفته ميرازا حسن على ، الملقب بالبهاء أو بهاء الله ، وقد صيغ على نسق القرآن الكريم ، بما يؤيد هذا الإعلان لمبادئ وأصول تناقض مبادئ الدين الإسلام وأصوله ، كما تناقض سائر الأديان السماوية ، وشرعوا لأنفسهم شريعة خاصة ، على مقتضى عقيدتهم ، تهدر أحكام الإسلام في الصوم ونظام الأسرة ، وتبتدع أحكاما تنقضها من أساسها .
ولم يقف مؤسسو هذه العقيدة عند حد ادعاء النبوة والرسالة ، معلنين إنهم رسل يوحى إليهم من العلي القدير ، منكرين بذلك أن محمد e خاتم الأنبياء والمرسلين ، كما جاء في القرآن الكريم ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ ، بل جاوزوا ذلك فادعوا الألوهية – ثم خرجوا من مجال العقيدة الدينية إلى مجال السياسة المعادية للأمة العربية والإسلام ، فبشروا في كتبهم إلى الدعوى الصهيونية ، معلنين أن بني إسرائيل سيجتمعون في الأرض المقدسة .
وأن الحماية التي يكفلها الدستور لحرية إقامة الشعائر الدينية مقصورة على الأديان السماوية الثلاث المعترف بها ، كما تفصح عن ذلك الأعمال التحضيرية للمادتين 12 ، 13 من دستور 1923 ، والأصل التشريعي الذي ترجع إليه النصوص الخاصة بحرية العقيدة ، وحرية إقامة الشعائر ، في الدساتير المصرية التي تلت هذا الدستور . ولما كانت العقيدة البهائية ليست دينا سماويا معترف به ، فإن الدستور لا يكفل حرية إقامة شعائرها . (راجع حكم المحكمة العليا الصادر بجلسة 1/3/1975 ، في الدعوى رقم 7 لسنة 2 قضائية عليا ( دستورية ) ، والمنشور في مجموعة أحكام وقرارات المحكمة العليا ص 288) .
واعتباراً لما تشكله البهائية من أخطار على الساحة الإسلامية ، وما تتلقاه من دعم من قبل الجهات المعادية للإسلام ، حيث ثبت أن البهاء مؤسس هذه الفرقة يدّعي الرسالة ، ويزعم أن مؤلفاته وحي منزل ، ويدعو الناس أجمعين إلى الإيمان برسالته ، وينكر أن رسول الله هو خاتم المرسلين ، ويقول إن الكتب المنزلة عليه ناسخة للقرآن الكريم ، كما يقول بتناسخ الأرواح ، وعمد في كثير من فروع الفقه إلى التغيير والإسقاط ، ومن ذلك تغييره لعدد الصلوات المكتوبة وأوقاتها ، إذ جعلها تسعاً تؤدى على ثلاث كرات ، في البكورة مرة ، وفي الآصال مرة ، وفي الزوال مرة ، وغيرّ التيمم ، فجعله يتمثل في أن يقول البهائي : (بسم الله الأطهر الأطهر) ، وجعل الصيام تسعة عشر يوما ً ، تنتهي في عيد النيروز ، في الواحد والعشرين من آذار (مارس) في كل عام ، وحوّل القبلة إلى بيت البهاء في عكا بفلسطين المحتلة ، وحرم الجهاد وأسقط الحدود ، وسوى بين الرجل والمرأة في الميراث ، وأحل الربا ، وهو إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة ، ومنكر ذلك تنطبق عليه أحكام الكفار بالإجماع . ويجب على الهيئات الإسلامية التصدي لها ، في كافة أنحاء العالم ، بما لديها من إمكانات ، ولمخاطر هذه النزعة الملحدة التي تستهدف النيل من الإسلام .
وقد حكمت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ( في القضية رقم 195 لسنة 4 ق بتاريخ 11/6/1952) بأن البهائيين مرتدون . وأن البهائي لا يصلح لتولي وظيفة التدريس (طعن رقم 1109 لسنة 25 ق مج س 28 ص 460 ) . وكذلك حكمت المحكمة العليا في عام 1975 أن من يدين بها يعتبر مرتدا . ( أحكام المحكمة العليا ص 228 مج س 1970 – 1975) .
كما صدر حكم قضائي في 30/6/1946 من محكمة المحلة الكبرى الشرعية بطلاق امرأة من زوجها البهائي لأنه مرتد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق