الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 أبريل 2024

القضية 48 لسنة 18 ق جلسة 15 / 9 / 1997 دستورية عليا مكتب فني 8 ج 1 دستورية ق 57 ص 854

جلسة 15 سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولي الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامي فرج يوسف، 

وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين، 

وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

------------------

قاعدة رقم (57)
القضية رقم 48 لسنة 18 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها".
مناط هذه المصلحة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - أن تتوافر ثمة علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي - ذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها.
2 - عقود "مسئولية عقدية" - مسئولية جنائية.
قيام المسئولية العقدية باعتبارها جزاء إخفاق المدين في تنفيذ عقد نشأ صحيحاً ملزماً - تحقق هذه المسئولية بتوافر أركانها - جواز اجتماعها مع المسئولية الجنائية - من الجائز تدخل المشرع لتجريم واقعة النكول عن تنفيذ التزام عقدي.
3 - حرية شخصية "تنظيمها".
من الجائز كبح الحرية الشخصية بقيود تقتضيها أسس تنظيمها.
4 - تنظيم الحقوق "سلطة تقديرية": قيود".
الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط تحد منها.
5 - دستور "تضامن اجتماعي".
ما نص عليه الدستور من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي يعني وحدة الجماعة في بنيانها واتصال أفرادها وترابطهم لا تناحرهم.
6 - جزاء جنائي "ضرورة اجتماعية".
الجزاء الجنائي لا يكون مبرراً إلا إذا كان مفيداً من وجهة اجتماعية - تجاوزه الحدود التي يكون معها ضرورياً يجعله مخالفاً للدستور.
7 - تشريع "نص الفقرة الثانية من المادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 81: تجريم".
تدخل المشرع بالجزاء الجنائي لحمل البائعين على تسليم الوحدات السكنية لأصحابها في الموعد المحدد - التجريم مرده في هذه الحالة إلى الضرورة الاجتماعية - لا تجهيل بمادية الأفعال التي أثمها المشرع - لا غلو في الجزاء المقرر بمقتضى هذه الفقرة - عدم مناقضتها لافتراض البراءة - لا مخالفة في النص المشار إليه من ثم للدستور.

------------------
1 - المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن تتوافر ثمة علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، وكان النزاع الموضوعي يتعلق بوحدة سكنية تخلف المدعي - وبصفته مالكاً - عن تسليمها إلى من ابتاعها منه، فإن مصلحته - وعلى ضوء الدعوى الجنائية التي أتهم فيها - تنحصر في الفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه - وذلك في مجال تطبيقها بالنسبة إلى من يبيعون وحدة سكنية، ويخلون - دون مقتض - بالتزامهم بتسليمها لأصحابها في الموعد المحدد.
2، 3 - الأصل في العقود - وباعتبارها شريعة المتعاقدين تقوم نصوصها مقام القانون في الدائرة التي يجيزها - هو ضرورة تنفيذها في كل ما تشمل عليه، فلا يجوز نقصها أو تعديلها إلا باتفاق الطرفين أو وفقاً للقانون. وكلما نشأ العقد صحيحاً ملزماً، كان تنفيذه واجباً، فقد التزم المدين بالعقد، فإذا لم يقم بتنفيذه، كان ذلك خطأ عقدياً سواء نشأ هذا الخطأ عن عمد أو إهمال أو عن مجرد فعل لا يقترن بأيهما.
ومن ثم تظهر المسئولية العقدية باعتبارها جزاء إخفاق المدين في تنفيذ عقد نشأ صحيحاً ملزماً، وهي تتحقق بتوافر أركانها؛ وليس ثمة ما يحول بين المشرع وبين أن يقيم مسئولية جنائية إلى جانبها، فلا يكون اجتماعهما أمراً عصياً أو مستبعداً، بل متصوراً في إطار دائرة بذاتها، هي تلك التي يكون الإخلال بالالتزام العقدي فيها قد أضر بمصلحة اجتماعية لها وزنها. وهو ما يعني أن الدستور لا يتضمن قاعدة كلية أو فرعية يمكن ردها إلى النصوص التي انتظمها أو ربطها بها، تحول دون تدخل المشرع لتأثيم واقعة النكول عن تنفيذ التزام لم ينشأ مباشرة عن نص القانون، وإنما كان العقد مصدره المباشر، وبشرط أن يكون هذا التأثيم محدداً بصورة واضحة لعناصر الجريمة التي أحدثها المشرع.
وهذه القاعدة ذاتها هي التي صاغها المجلس الدستوري الفرنسي وذلك على النحو التالي:
Aucun principe ou régle de valeur constitutionnelle n’interdit au lègislateur d’èriger en infraction le manquement à des obligations qui ne résultent pas directement de la loi elle-même. la méconnaissance par une personne d’obligations contractuelles ayant force obligatoire à son égard peut donc faire l’objet d’une répression pénale des lors que le législateur définit de facon précise et compléte les éléments constitutifs des infractions pu’il vise.
(82 - 145 DC, 10 november 1982, Rec. p. 64)
يؤيد ما تقدم، أن الحرية الشخصية التي يكلفها الدستور، لا تخول أي فرد حقاً مطلقاً في أن يتحرر نهائياً في كل وقت، وتحت كل الظروف، من القيود عليها، بل يجوز كبحها بقيود تتعدد جوانبها تقتضيها أوضاع الجماعة وضرورة صون مصالحها، وتتطلبها كذلك أسس تنظيمها، دون إخلال بأمن أعضائها.
،،The liberty secured to every person does not import an absolute right in each person to be, at all times and in all circumstances, wholly free from restraint. There are manifold restraints which every person is necessarily subject for the common good. On any other basis organized society could not exist with safety to its members ،،Jacobson V. Massachusetts, 197 U. S. 11, 26 (1905).
4 - الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط ترسم تخومها وتحد منها، فلا يكون الإخلال بها إلا عدواناً على هذه الحقوق سواء عن طريق تهميشها أو بإهدار مجالاتها الحيوية التي لا تتنفس إلا من خلالها.
5 - ما نص عليه الدستور من المادة 7 من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي، يعني وحدة الجماعة في بنيانها، وتدخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال أفرادها وترابطهم ليكون بعضهم لبعض ظهيراً، فلا يتفوقون بدداً أو يتناحرون طمعاً، أو يتنابذون بغياً، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهم قبلها، لا يملكون التنصل منها أو التخلي عنها، وليس لفريق منهم بالتالي أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال من الحقوق قدراً منها يكون به - عدواناً - أكثر علواً. بل يتعين أن تتضافر جهودهم لتكون لهم الفرص ذاتها، التي تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق، وتتهيأ معها تلك الحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار.
6 - القانون الجنائي وإن اتفق مع غيره من القوانين في سعيها لتنظيم علاقة الأفراد سواء فيها بينهم، أو من خلال روابطهم مع مجتمعهم، إلا أن القانون الجنائي يفارقها في اتخاذه العقوبة أداة لتقويم ما يصدر عنهم من أفعال نهاهم عن إتيانها، وهو بذلك يتغيا أن يحدد - ومن منظور اجتماعي - ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، وأن يسيطر عليها بوسائل يكون قبولها اجتماعياً ممكناً، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مبرراً إلا إذا كان مفيداً من وجهة اجتماعية، فإن كان مجاوزاً تلك الحدود التي لا يكون معها ضرورياً، غدا مخالفاً للدستور.
7 - التجريم المقرر بالفقرة المطعون عليها مرده إلى الضرورة الاجتماعية التي يمثلها أن صور التعامل في تلك الأعيان من خلال بيعها، ينبغي أن يحيطها ما يكون كافلاً لصدقها ويبعد بها عن الالتواء، فلا يكون هذا التعامل زيفاً أو تربحاً غير مشروع بل حقاً وإنصافاً، لتعايش البيوع الأغراض التي يرتجيها المتبايعون منها، فلا يتوهمها أطرافها على غير حقيقتها.
غموض النصوص العقابية يعني انفلاتها من ضوابطها وتعدد تأويلاتها، فلا تكون الأفعال التي منعها المشرع أو طلبها محددة بصورة يقينية، بل شباكاً أو شراكاً يلقيها المشرع متصيداً باتساعها أو خفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها. ولا كذلك الفقرة المطعون عليها التي صاغها المشرع مؤثماً بحكمها من يبيعون أو يؤجرون أعياناً، ولا يقومون اختياراً - في الموعد المحدد - بتسليمها لمشتريها أو مستأجريها.
كذلك فإن الفقرة المطعون عليها تتعلق - في بعض جوانبها - بمن يعرضون على الغير وحدة سكنية لتمليكها أو تأجيرها، ولا يخل الجزاء المقرر بها بوجود عقد بيعها أو إجارتها، ولا ينال كذلك من الآثار التي يرتبها.
كما أن قضاء هذه المحكمة وإن جرى على أن الشخص لا يزر غير سوء عمله، وأن شخصية العقوبة وتناسبها مع الجريمة محلها يقتضي أن تتوازن خصائصها مع وطأة عقوبتها؛ وكان ذلك مؤداه أن يفرد المشرع لكل جريمة العقوبة التي تناسبها، إلا أن ما يكون من الجزاء ملائماً لجريمة بذاتها، ينبغي أن يتحدد على ضوء درجة خطورتها ونوع المصالح التي ترتبط بها، وبمراعاة أن الجزاء الجنائي لا يكون مخالفاً للدستور إلا إذا اختل التعادل بصورة ظاهرة La disproportion manifeste بين مداه وطبيعة الجريمة التي تعلق بها. ودون ذلك يعني إحلال هذه المحكمة لإرادتها محل تقدير متوازن من السلطة التشريعية للعقوبة التي فرضتها.
الضرورة الاجتماعية التي تقرر الجزاء المنصوص عليه بالفقرة المطعون عليها لصونها، تبلور تلك الضوابط التي لا يتصور أن يتم التعامل في الأعيان بعيداً عنها، وإلا كان هذا التعامل انتهازاً وضرباً من التحايل، فلا يطمئن من كان طرفاً فيه للحقوق التي تتولد عنه إذا صار أمرها نهباً وكان لازماً بالتالي أن يقرن المشرع العقوبة التي فرضتها الفقرة المطعون عليها في شأن الجريمة التي حددتها، بجزاء مالي يردع من يرتكبونها عن العودة إليها، وينذر غيرهم بأثقالها، فلا يقدمون عليها.
الجزاء المالي المقرر بالفقرة المطعون عليها، وإن تمثل في التزام بائع الوحدة السكنية بأن يؤدي لمن ابتاعها مثلى مقدار المقدم المدفوع، إلا أن جزاء على هذا النحو ليس أمراً فجاً، ولا يتمحض كذلك غلواً، بل إن لهذا الجزاء نظائره كلما كان لازماً لردع من ينكثون بعهودهم مثلما فعل المشرع بنص المادة 103 من القانون المدني التي أوردها في شأن العربون.
كذلك فإن القول بأن عبارة "دون مقتض" التي تضمنها النص المطعون فيه لا تقل في غموضها عن عبارة "التخلف عن تسليم الواحدة السكنية" مردود بأن هاتين العبارتين متكاملتان في تحديدهما لعناصر الجريمة التي حددتها الفقرة المطعون عليها، ذلك أنهما تواجهان امتناع بائع العين عن تسليمها أو تراخيه في ذلك عن الموعد المحدد، وتقرران أن لذلك جزاء جنائياً مشروطاً بألا يكون الإخلال بهذا الالتزام ناشئاً عن سبب أجنبي، بما لا مخالفة فيه الدستور.
وبذلك تفارق هذه المسئولية، تلك التي تنشأ وفقاً لأحكام القانون المدني عن الإخلال بالالتزام بالتسليم، باعتباره متفرعاً عن الالتزام بنقل ملكية شيء ومنصرفاً كذلك إلى تحقيق غاية، لا إلى مجرد بذل عناية. فإذا لم يتم التسليم كاملاً - ولو بسبب أجنبي كقوة قاهرة هلك بها المبيع أو تلف قبل تسليمه - ظل البائع مسئولاً. وما ذلك إلا لأن المشرع تغيا بالمسئولية الجنائية التي قررتها الفقرة المطعون عليها، أن يرد عن التعامل المشروع في الأعيان التي عناها، أبواباً ينفذ التحايل منها، فإذا انقطع دابره، لعذر قام ببائعها وحال دون تسليمه العين لمشتريها، فإن اعتباره مسئولاً جنائياً عن عدم تسليمها، يكون أمراً منهياً عنه دستورياً، على تقدير أن وقوع جريمة ما يفترض إرادة ارتكابها.
فضلاً عن أن الجريمة التي أحدثتها الفقرة المطعون عليها قوامها أن شخصاً باع وحدة سكنية يملكها، ولم يقم مختاراً بتسليمها في الموعد المحدد، وهي جريمة لا يتم إثباتها بعيداً عن تدخل سلطة الاتهام للتدليل على توافر أركانها هذه بأوصافها التي حددها المشرع. وإثباتها لها مؤداه نقضها لبراءة ذمة متهمها مما يثقلها، حال أن هذه البراءة هي الأصل في الحقوق الشخصية جميعها. وبنفيها لهذا الأصل، يكون للمتهم بالجريمة محل النزاع الموضوعي - وفي إطار وسائل الدفاع التي يملكها أن يقيم الدليل على توافر مقتض حال دون تسليمه الوحدة التي باعها في موعدها. ولا مخالفة في ذلك للقواعد التي يقوم عليها النظام الاختصامي للعدالة الجنائية. ولا لافتراض البراءة المقرر بنص المادة 67 من الدستور.


الإجراءات

بتاريخ 26 مايو 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 23 من القانون رقم 136 سنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن. وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعي للمحاكمة الجنائية في القضية رقم 1 لسنة 1992 جنح أمن دولة الدخيلة، متهمة إياه بأنه في غضون شهر يونيه 1989 بدائرة قسم الدخيلة قد تخلف - بصفته مالكاً - ودون مقتض عن تسليم الوحدة السكنية التي ابتاعها منه السيد/ محمد العريف إبراهيم، مخالفاً بذلك أحكام المواد 1 و13/ 5 و71 و8/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وكذلك الفقرة الثانية من المادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فضلاً عن المادة 336 من قانون العقوبات. وإذ قضي غيابياً بحبس المتهم ستة أشهر، فقد عارض في هذا الحكم، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً، مما دعاه إلى الطعن استئنافياً في الحكم الصادر فيها، فقضي غيابياً في استئنافه بقبوله كذلك شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. وإذ عارض في هذا الحكم ودفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 23 من القانون 139 لسنة 1981 المشار إليه؛ وكانت محكمة الموضوع قد قدرت جدية هذا الدفع، وصرحت برفع الدعوى الدستورية، فقد أقامها.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تقضي بأن "يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في قانون العقوبات، المالك الذي يتقاضى بأية صورة من الصور. بذاته أو بالوساطة أكثر من مقدم عن ذات الوحدة أو يؤجرها لأكثر من مستأجر، أو يبيعها لغير من تعاقد معه على شرائها. ويبطل كل تصرف بالبيع لاحق لهذا التاريخ ولو كان مسجلاً".
وتنص فقرتها الثانية على أن "ويعاقب بذات العقوبة المالك الذي يتخلف دون مقتض عن تسليم الوحدة في الموعد المحدد فضلاً عن إلزامه بأن يؤدي إلى الطرف الآخر مثلي مقدار المقدم، وذلك دون إخلال بالتعاقد وبحق المستأجر في استكمال الأعمال الناقصة وفقاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 13 من القانون رقم 49 لسنة 1977".
وتقضي فقرتها الثالثة بأن "ويكون ممثل الشخص الاعتباري مسئولاً عما يقع من مخالفات لأحكام هذه المادة".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن تتوافر ثمة علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، وكان النزاع الموضوعي يتعلق بوحدة سكنية تخلف المدعي - وبصفته مالكاً - عن تسليمها إلى من ابتاعها منه، فإن مصلحته - وعلى ضوء الدعوى الجنائية التي أتهم فيها - تنحصر في الفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، وذلك في مجال تطبيقها بالنسبة إلى من يبيعون وحدة سكنية، ويخلون - دون مقتض - بالتزامهم بتسليمها لأصحابها في الموعد المحدد.
وحيث إن المدعي ينعي على النص المطعون فيه - محدداً نطاقاً على النحو المتقدم - مخالفته لنص المادة 66 من الدستور، وذلك تأسيساً على عدة وجوه:
أولها: أن المشرع وإن جاز أن يحدد بالنصوص القانونية ماهية الأفعال التي يعبر إتيانها أو تركها جريمة معاقباً عليها قانوناً؛ إلا أن ذلك لا يعني إطلاق يده بعيداً عن إطار الشرعية الدستورية، ذلك أن ما يعتبر جريمة أسبق تاريخاً من كل الدساتير الوضعية، هذا فضلاً عن أن الجريمة في الشريعة الإسلامية تمثلها لتك الأفعال التي زجر الله تعالى عنها بحد أو تعزير، وهي كذلك أفعال لا ينهى المشرع عنها، إلا على ضوء تقديره لإضرارها بمصالح الجماعة سواء في عقائدها أو حياة أفرادها أو أموالهم أو أعراضهم، ويتعين بالتالي أن يكون تجريم إتيان الأفعال أو الامتناع عنها، مرتبطاً بعلة تأثيمها، وهو ما يعني انتفاء الجريمة التي لا تبررها علة شرعية.
ثانيها: أن الأصل في النصوص العقابية - وعلى ما جرى به قضاء الدستورية العليا - أن تصاغ في حدود ضيقة تعريفاً بالأفعال التي جرمها المشرع وتحديداً لمضمونها، فلا يكون التجهيل بها موطئاً للإخلال بحقوق كفلها الدستور لكل مواطن.
والنص المطعون فيه لا يجرم سلوكاً محدداً أتاه المدعي عن عمد وإرادة واعية، وإنما أثم واقعة مادية هي تخلفه عن تسليم وحدة سكنية باعها إلى آخر أياً كان سبب ذلك، بل ولو كان عدم تسليمها ليس مترتباً على نتيجة قصد إليها. ولا يزيل هذا العوار، أن يكون النص المطعون فيه قد شرط لقيام الجريمة التي حددها، أن يكون تخلفه عن تسليم تلك الوحدة "دون مقتض"، ذلك أن هذه العبارة أكثر غموضاً من تعبير "التخلف عن التسليم".
ثالثها: أن النص المطعون فيه ينقض افتراض البراءة، إذ يُحَمِّل المتهم عبء إثبات توافر المقتضى المسوغ للتخلف عن التسليم، وإلا حقت عليه العقوبة المقررة قانوناً.
رابعها: أن النص المطعون فيه استعمل تعبير المالك ليدل به على كل من المؤجر والبائع، وهو ما يعني أن يؤخذ النص مطلقاً ليشمل التجريم كليهما. كذلك فإن عبارة "مثلي المقدم" يمكن حملها على عقدي البيع والإجارة، مما يؤكد غموض النص العقابي.
خامسها: أن النص المطعون فيه اصطنع التجريم في مسألة تحكمها قواعد المسئولية المدنية. بل إن العقوبة التي فرضها لهذه الجريمة، تزيد عما يعتبر معقولاً لتناسبها مع الأفعال التي أثمها، ومن ثم يكون توقيعها إيلاماً غير مبرر وقسوة لا ضرورة لها، خاصة وأن هذه العقوبة هي ذاتها التي فرضها قانون العقوبات لجريمة النصب التي تمس مرتكبها في شرفه واعتباره.
وحيث إن الأصل في العقود - وباعتبارها شريعة المتعاقدين تقوم نصوصها مقام القانون في الدائرة التي يجيزها - هو ضرورة تنفيذها في كل ما تشمل عليه، فلا يجوز نقضها أو تعديلها إلا باتفاق الطرفين أو وفقاً للقانون. وكلما نشأ العقد صحيحاً ملزماً، كان تنفيذه واجباً، فقد التزم المدين بالعقد، فإذا لم يقم بتنفيذه، كان ذلك خطأ عقدياً سواء نشأ هذا الخطأ عن عمد أو إهمال أو عن مجرد فعل لا يقترن بأيهما.
ومن ثم تظهر المسئولية العقدية باعتبارها جزاء إخفاق المدين في تنفيذ عقد نشأ صحيحاً ملزماً، وهي تتحقق بتوافر أركانها؛ وليس ثمة ما يحول بين المشرع وبين أن يقيم مسئولية جنائية إلى جانبها، فلا يكون اجتماعهما أمراً عصياً أو مستبعداً، بل متصوراً في إطار دائرة بذاتها، هي تلك التي يكون الإخلال بالالتزام العقدي فيها قد أضر بمصلحة اجتماعية لها وزنها. وهو ما يعني أن الدستور لا يتضمن قاعدة كلية أو فرعية يمكن ردها إلى النصوص التي انتظمها أو ربطها بها، تحول دون تدخل المشرع لتأثيم واقعة النكول عن تنفيذ التزام لم ينشأ مباشرة عن نص القانون، وإنما كان العقد مصدره المباشر، وبشرط أن يكون التأثيم مُحدِّداً بصورة واضحة لعناصر الجريمة التي أحدثها المشرع.
وهذه القاعدة ذاتها هي التي صاغها المجلس الدستوري الفرنسي وذلك على النحو الآتي:
Aucun principe ou régle de valeur constitutionnelle n’interdit au législateur d’èriger en infraction le manquement à des obligations qui ne résultent pas directement de la loi elle-même. la méconnaissance par une personne d’obligations contractuelles ayant force obligatoire à son égard peut donc faire l’objet d’une répression pénale des lors que le législateur définit de facon précise et compléte les éléments constitutifs des infractions pu’il vise.
(82 - 145 DC, 10 november 1982, Rec. p. 64)
يؤيد ما تقدم، أن الحرية الشخصية التي يكلفها الدستور، لا تخول أي فرد حقاً مطلقاً في أن يتحرر نهائياً في كل وقت، وتحت كل الظروف، من القيود عليها، بل يجوز كبحها بقيود تتعدد جوانبها تقتضيها أوضاع الجماعة وضرورة صون مصالحها، وتتطلبها كذلك أسس تنظيمها، دون إخلال بأمن أعضائها.
،،The liberty secured to every person does not import an absolute right in each person to be, at all times and in all circumstances, wholly free from restraint. There are manifold restraints which every person is necessarily subject for the common good. On any other basis organized society could not exist with safety to its members ،،Jacobson V. Massachusetts, 197 U. S. 11, 26 (1905).
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط ترسم تخومها وتحد منها، فلا يكون الإخلال بها إلا عدواناً على هذه الحقوق سواء عن طريق تهميشها أو بإهدار مجالاتها الحيوية التي لا تتنفس إلا من خلالها.
وحيث إن ما نص عليه الدستور من المادة 7 من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي، يعني وحده الجماعة في بنيانها، وتدخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال أفرادها وترابطهم ليكون بعضهم لبعض ظهيراً، فلا يتفوقون بدداً أو يتناحرون طمعاً، أو يتنابذون بغياً، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهم قبلها، لا يملكون التنصل منها أو التخلي عنها، وليس لفريق منهم بالتالي أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال من الحقوق قدراً منها يكون به - عدواناً - أكثر علواً. بل يتعين أن تتضافر جهودهم لتكون لهم الفرص ذاتها، التي تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق، وتتهيأ معها تلك الحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار.
وحيث إن القانون الجنائي وإن اتفق مع غيره من القوانين في سعيها لتنظيم علائق الأفراد سواء فيها بينهم، أو من خلال روابطهم مع مجتمعهم، إلا أن القانون الجنائي يفارقها في اتخاذه العقوبة أداة لتقويم ما يصدر عنهم من أفعال نهاهم عن إتيانها، وهو بذلك يتغيا أن يحدد - ومن منظور اجتماعي - ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، وأن يسيطر عليها بوسائل يكون قبولها اجتماعياً ممكناً، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مبرراً إلا إذا كان مفيداً من وجهة اجتماعية، فإن كان مجاوزاً تلك الحدود التي لا يكون معها ضرورياً، غدا مخالفاً للدستور.
وحيث إن الفصل في دستورية الفقرة المطعون عليها، يتحدد على ضوء اتصال عقوبتها بالأغراض التي يتوخاها الجزاء الجنائي باعتباره عقاباً واقعاً بالضرورة في إطار اجتماعي، منطوياً غالباً من خلال قوة الردع على تقييد للحرية الشخصية، ومستنداً إلى قيم ومصالح اجتماعية تبرره، كتلك التي تتعلق بضمان جريان التعامل في الأموال بما يرد عنها أشكالاً من التحايل تقوض الحماية المقرة لها.
وحيث إن من المقرر قانوناً - وعلى ما تقضي به المادة 206 من القانون المدني - أن الالتزام بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم؛ وكان ذلك مؤداه أن التزامين يتفرعان عن الالتزام الأصلي بنقل الملكية، أولهما: محافظة بائع العين عليها إلى حين تسليمها، وثانيهما: تسليمها فعلاً إلى من ابتاعها، وإن كان أولهما لا يعدو أن يكون التزاماً ببذل عناية، وثانيهما بتحقيق غاية بذاتها، فلا يعتبر تسليمها قد تم صحيحاً إلا إذا تمكن مشتريها من حيازتها والانتفاع بها دون عائق، ولو لم يستول عليها استيلاء مادياً.
وحيث إن المشرع قدر بالفقرة المطعون عليها أن بعض من يبيعون وحدات سكنية لا يسلمونها لأصحابها في الموعد المحدد، مما يخل بالحقوق الناشئة عن ملكيتهم لها، ويهدر كذلك الثقة المشروعة التي ينبغي أن تسود تعاملهم فيها، فلا يكون امتناعهم دون مقتض عن تسليهما إلا صورة من صور التدليس في الأعم من الأحوال يقارنها انتفاعهم بالأعيان التي باعوها واحتفاظهم بثمنها دون مقابل يعود على أصحابها منها، وإعادة بيعها أحياناً سعياً لنقض ما تم من جهتهم عدواناً، فلا يكون التزامهم بالتسليم ناجزاً محققاً، بل معلقاً متراخياً. ومن ثم تدخل المشرع بالجزاء الجنائي لحمل البائعين على إيفاء تعهداتهم ما استطاعوا، فلا ينغلق الطريق إلى إنفاذها، ولا ينال الجمود مسراها، وعلى الأخص كلما كان شراء العين بقصد استغلالها أو استعمالها في أغراض الإسكان.
وحيث إن ما تقدم مؤداه، أن التجريم المقرر بالفقرة المطعون عليها مرده إلى الضرورة الاجتماعية التي يمثلها أن صور التعامل في تلك الأعيان من خلال بيعها، ينبغي أن يحيطها ما يكون كافلاً لصدقها ويبعد بها عن الالتواء، فلا يكون هذا التعامل زيفاً أو تربحاً غير مشروع بل حقاً وإنصافاً، لتعايش البيوع الأغراض التي يرتجيها المتبايعون منها، فلا يتوهمها أطرافها على غير حقيقتها.
وحيث إن ما ينعاه المدعي من أن الفقرة المطعون عليها لا تتضمن تعريفاً واضحاً بماهية الأفعال التي جرمتها، مردود أولاً: بأن الجزاء الجنائي المقرر بها يفترض أن مالكاً قد اختار ألا يقوم بتسليم الوحدة التي باعها في الموعد المحدد. وليس التسليم بواقعة مجردة من ملامحها، بل يتم أصلاً - وما لم يتفق المتبايعان على غير ذلك - على ضوء الحالة التي كان عليها المبيع عند التعاقد، وبافتراض أن الشيء المبيع كان معيناً وقت العقد تعييناً كافياً، وبمراعاة أن تسليمه يمتد إلى ملحقاته وإلى كل ما أعد بصفة دائمة لاستعماله، وبما يتفق وطبيعة المبيع، ولا تجهيل في ذلك كله بمادية الأفعال التي أثمها المشرع.
ومردود ثانياً: بأن الفقرة المطعون عليها لا تؤثم واقعة التخلف عن التسليم في ذاتها، بل سلوكاً اتصل بها، وكان مؤدياً إليها.
ومردود ثالثاً: بأن الفقرة المطعون عليها تفترض اتجاه إرادة الجاني إلى الأفعال التي أثمتها مع قصده إلى تحقيق نتيجتها بعد العلم بدلالتها الإجرامية، وهو ما دلت عليه بنصها على انتفاء التجريم كلما وجد المقتضى المانع من التسليم. ومردود رابعاً: بأن الجريمة التي عينتها الفقرة المطعون عليها وقد توافر ركناها - ما كان منهما مادياً أو معنوياً - فإن القول بالتباسها بغيرها، أو إن خفاء قد غشيها وجهل بمضمونها، يكون لغواً.
وحيث إن ما ينعاه المدعي على الفقرة المطعون عليها من اتساعها لكل من يؤجر وحدة سكنية أو يملكها للغير، ولا يقوم - في الموعد المحدد - بتسليمها بعد تأجيرها أو بيعها، مما يجهل بدائرة المخاطبين بحكمها، مردود أولاً: بأن الفقرة المشار إليها تضمنها قانون ينظم مسائل متعددة، من بينها تلك الأحكام التي تتعلق بمن يعرضون وحدة سكنية على الغير لتملكيها أو استئجارها، وكان منطقياً بالتالي أن يكون تسليمها بعد بيعها أو إجارتها لازماً، وأن يمتد التنظيم التشريعي للفقرة المطعون عليها إلى هاتين الصورتين معاً.
ومردود ثانياً: بأن غموض النصوص العقابية يعني انفلاتها من ضوابطها وتعدد تأويلاتها، فلا تكون الأفعال التي منعها المشرع أو طلبها محددة بصورة يقينية، بل شباكاً أو شراكاً يلقيها المشرع متصيداً باتساعها أو خفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها. ولا كذلك الفقرة المطعون عليها التي صاغها المشرع مؤثماً بحكمها من يبيعون أو يؤجرون أعياناً، ولا يقومون اختياراً - في المواعد المحدد - بتسليمها لمشتريها أو مستأجريها.
ومردود ثالثاً: بأن الفقرة المطعون عليها تتعلق - في بعض جوانبها - بمن يعرضون على الغير وحدة سكنية لتمليكها أو تأجيرها، ولا يخل الجزاء المقرر بها بوجود عقد بيعها أو إجارتها، ولا ينال كذلك من الآثار التي يرتبها.
وحيث إن ما ينعاه المدعي على الفقرة المطعون عليها من فرضها لعقوبة لا تتسم بمعقوليتها، فلا يكون توقيعها إلا تعبيراً عن قسوتها في غير ضرورة، ومنافاتها بالتالي للحدود المنطقية التي ينبغي أن تكون إطاراً لها، مردود أولاً: بأن قضاء هذه المحكمة وإن جرى على أن الشخص لا يزر غير سوء عمله، وأن شخصية العقوبة وتناسبها مع الجريمة محلها يقتضي أن تتوازن خصائصها مع وطأة عقوبتها؛ وكان ذلك مؤداه أن يفرد المشرع لكل جريمة العقوبة التي تناسبها، إلا أن ما يكون من الجزاء ملائماً لجريمة بذاتها، ينبغي أن يتحدد على ضوء درجة خطورتها ونوع المصالح التي ترتبط بها، وبمراعاة أن الجزاء الجنائي لا يكون مخالفاً للدستور إلا إذا اختل التعادل بصورة ظاهرة La disproportion manifeste بين مداه وطبيعة الجريمة التي تعلق بها. ودون ذلك يعني إحلال هذه المحكمة لإرادتها محل تقدير متوازن من السلطة التشريعية للعقوبة التي فرضتها.
ومردود ثانياً: بأن الضرورة الاجتماعية التي تقرر الجزاء المنصوص عليه بالفقرة المطعون عليها لصونها، تبلور تلك الضوابط التي لا يتصور أن يتم التعامل في الأعيان بعيداً عنها، وإلا كان هذا التعامل انتهازاً وضرباً من التحايل، فلا يطمئن من كان طرفاً فيه للحقوق التي تتولد عنه إذا صار أمرها نهباً، وكان لازماً بالتالي أن يقرن المشرع العقوبة التي فرضتها الفقرة المطعون عليها في شأن الجريمة التي حددتها، بجزاء مالي يردع من يرتكبونها عن العودة إليها، وينذر غيرهم بأثقالها، فلا يقدمون عليها.
ومردود ثالثاً: بأن الجزاء المالي المقرر بالفقرة المطعون عليها، وإن تمثل في التزام بائع الوحدة السكنية بأن يؤدي لمن ابتاعها مثلي مقدار المقدم المدفوع، إلا أن جزاء على هذا النحو ليس أمراً فجاً، ولا يتمحض كذلك غلواً، بل إن لهذا الجزاء نظائره كلما كان لازماً لردع من ينكثون بعهودهم، مثلما فعل المشرع بنص المادة 103 من القانون المدني التي أوردها في شأن العربون.
ومردود رابعاً: بأن المشرع ما كان ليخول المستأجر بالفقرة المطعون عليها استكمال الأعمال الناقصة في العين المؤجرة، إلا لضمان صلاحيتها للاستعمال، والانتفاع بها بالتالي في الأغراض التي عقدت الإجارة من أجلها، ذلك أن أجرة العين تقابل منفعتها، وينبغي من ثم استيفاؤها بتمامها.
وحيث إن ما ينعاه المدعي من أن عبارة "دون مقتض" التي تضمنها النص المطعون فيه لا تقل في غموضها عن عبارة "التخلف عن تسليم الواحدة السكنية"، مردود بأن هاتين العبارتين متكاملتان في تحديدهما لعناصر الجريمة التي حددتها الفقرة المطعون عليها، ذلك أنهما تواجهان امتناع بائع العين عن تسليمها أو تراخيه في ذلك عن الموعد المحدد، وتقرران أن لذلك جزاء جنائياً مشروطاً بألا يكون الإخلال بهذا الالتزام ناشئاً عن سبب أجنبي، بما لا مخالفة فيه الدستور.
وبذلك تفارق هذه المسئولية، تلك التي تنشأ وفقاً لأحكام القانون المدني عن الإخلال بالالتزام بالتسليم، باعتباره متفرعاً عن الالتزام بنقل ملكية شيء، ومنصرفاً كذلك إلى تحقيق غاية، لا إلى مجرد بذل عناية. فإذا لم يتم التسليم كاملاً - ولو بسبب أجنبي كقوة قاهرة هلك بها المبيع أو تلف قبل تسليمه - ظل البائع مسئولاً. وما ذلك إلا لأن المشرع تغيا بالمسئولية الجنائية التي قررتها الفقرة المطعون عليها، أن يرد عن التعامل المشروع في الأعيان التي عناها، أبواباً ينفذ التحايل منها، فإذا انقطع دابره، لعذر قام ببائعها وحال دون تسليمه العين لمشتريها، فإن اعتباره مسئولاً جنائياً عن عدم تسليمها، يكون أمراً منهياً عنه دستورياً، على تقدير أن وقوع جريمة ما يفترض إرادة ارتكابها.
وحيث إن المدعي ينعي على الفقرة المطعون عليها إلقاؤها على المتهم عبء التدليل على توافر المقتضى سبيلاً وحيداً للتخلص من مسئوليته الجنائية، مما يناقض افتراض البراءة المقرر بنص المادة 67 من الدستور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الجريمة التي أحدثتها الفقرة المطعون عليها قوامها أن شخصاً باع وحدة سكنية يملكها، ولم يقم مختاراً بتسليمها في الموعد المحدد، وهي جريمة لا يتم إثباتها بعيداً عن تدخل سلطة الاتهام للتدليل على توافر أركانها هذه بأوصافها التي حددها المشرع. وإثباتها لها مؤداه نقضها لبراءة ذمة متهمها مما يثقلها، حال أن هذه البراءة هي الأصل في الحقوق الشخصية جميعها. وبنفيها لهذا الأصل، يكون للمتهم بالجريمة محل النزاع الموضوعي - وفي إطار وسائل الدفاع التي يملكها - أن يقيم الدليل على توافر مقتض حال دون تسليمه الوحدة التي باعها في موعدها. ولا مخالفة في ذلك للقواعد التي يقوم عليها النظام الاختصامي للعدالة الجنائية. ولا لافتراض البراءة المقرر بنص المادة 67 من الدستور.
وحيث إن الفقرة المطعون عليها - في مجال تطبيقها بالنسبة إلى الاتهام الجنائي المنسوب إلى المدعي - لا تناقض حكماً آخر ورد في الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الجمعة، 26 أبريل 2024

الطعن 182 لسنة 22 ق جلسة 12 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 7 ص 65

جلسة 12 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، واحمد قوشه المستشارين.

---------------

(7)
القضية رقم 182 سنة 22 القضائية

تزوير. دفاع. إثبات. حكم. تسبيبه. 

تمسك المدعى بالتزوير بإجراء مضاهاة إلى جانب طلب التحقيق. تقدير المحكمة أن أقوال التحقيق لم تقطع فيما جرى التحقيق بشأنه. عدم إجابة طلب المضاهاة أو الرد عليه. إغفال لعنصر هام من عناصر دفاع جوهري. قصور.

---------------
متى كان المدعى عليه بالتزوير قد طلب إلى محكمة الموضوع إجراء مضاهاة بين خط الورقة المطعون فيها بالتزوير وبين خط خصم آخر في إيصالات قدمها وذلك إلى جانب طلبه التحقيق لإثبات تسلمه الورقة المذكورة بحالتها من هذا الخصم باعتبار أنه وكيل دائرة الطاعن بالتزوير، وكانت المحكمة إذ قدرت أن أقوال الشهود لم تقطع فيما أجرى التحقيق بشأنه، لم تستجب إلى طلب المضاهاة ولم ترد عليه في حكمها، فان الحكم يكون قد أغفل عنصرا هاما من عناصر دفاع جوهري مما يكون من شأنه فيما لو ثبت أن الورقة محررة بخط ذلك الخصم أن يتغير وجه الرأي في الدعوى ويكون الحكم قد شابه قصور يبطله ويستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
... حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول رفع ضد الطاعن الدعوى رقم 436 سنة 1947 مدنى عابدين طالبا إلزامه بأن يدفع له مبلغ 118 ج و500 م ثم قصر طلبه على مبلغ 50 ج وقدم الطاعن ورقة محاسبة مؤرخة 8/ 10/ 1946 موقعا عليها بإمضاء منسوبة للمطعون عليه الأول فطعن عليها بالتزوير وأدخل الطاعن المطعون عليه الثاني ضامنا له في الدعوى وقال أنه باشكاتب زراعة المطعون عليه الأول وأنه سلمه هذه الورقة بحالتها - وبتاريخ 11/ 6/ 1947 قضت محكمة أول درجة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة الإمضاء المطعون فيها على إمضاءات المطعون عليه الأول في أوراق رسمية وأخرى عرفية معترف بها وقدم الخبير المنتدب تقريرا انتهى فيه إلى أن الإمضاء مزورة. وبتاريخ 4/ 4/ 948 قضت محكمة الدرجة الأولى. أولا - برد وبطلان ورقة المحاسبة المؤرخة 8/ 10/ 946 ثانيا - برفض دعوى الضمان. واستأنف الطاعن هذا الحكم بالقضية رقم 1314 سنة 1948 س لدى محكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية التي قضت في 22/ 3/ 949 بقبول الاستئناف شكلا وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن بكافة الطرق بما فيها البينة أن ورقة المحاسبة قد سلمت إليه بحالتها من المطعون عليه الثاني ولينفي المطعون عليهما ذلك بنفس الطرق - وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة الاستئنافية بتاريخ 5/ 2/ 1952 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالقصور ذلك بأن الطاعن تمسك بأن الورقة المطعون فيها بالتزوير سلمت إليه من المطعون عليه الثاني وطلب إلى محكمة الاستئنافية إجراء المضاهاة بين خط هذه الورقة وبين خط المطعون عليه المذكور في الإيصالات المقدمة لما يترتب على ثبوت تحرير الورقة بخطه من التزام المطعون عليه الأول بما تضمنه باعتبار أن المطعون عليه الثاني وكيله أو على الأقل متبوع له ومسئول عن الضرر الناشئ من تصرفاته الخاطئة إلا أن الحكم لم يستجب لهذا الدفاع الجوهري أو يرد عليه.
وحيث إنه بالاطلاع على الصورة الرسمية لمحضر جلسة 22/ 3/ 1949 بالمحكمة الاستئنافية المقدمة بحافظة الطاعن يبين أن هذا الأخير قال بلسان محاميه "إن وكيل الدائرة محمد عبد الله هو الذى أحضر لنا الورقة ونطلب المضاهاة على إيصالات السداد والإحالة إلى التحقيق... وأن محمد عبد الله له توقيعات على إيصالات تحصل إيجارات دير الرهبان" ثم ثبت في موضع آخر من هذا المحضر أن الطاعن "طلب المضاهاة على الإيصالات المقدمة منه" ثم قال وكيله "... ونطلب الإثبات بالتحقيق". وقد انتهت المحكمة الاستئنافية إثر هذا الذى سمعته من دفاع الطاعن إلى قضائها بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى واقعة تسليم الورقة بحالتها من المطعون عليه الثاني إلى الطاعن.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن خلص إلى أن أقوال شاهدي الطاعن عن الواقعة موضوع التحقيق لا يفيد أكثر من أن المطعون عليه الثاني سلم إليه ورقة وأن هذه الأقوال لا تقطع بأن الورقة المسلمة هي ذات الورقة المطعون فيها بالتزوير انتهى إلى رفض استئناف الطاعن دون أن يرد على طلب إجراء المضاهاة بين خط هذه الورقة وخط المطعون عليه الثاني ولما كان طلب المضاهاة الذى أصر عليه الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية إلى جانب طلب التحقيق يتضمن دفاعا جوهريا لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى ذلك بأن المحكمة عندما قدرت أن أقوال الشهود لم تقطع بأن الورقة التي شهدوا بتسليمها للطاعن هي ذات الورقة المطعون فيها بالتزوير أغفلت عنصرا هاما هو إجراء المضاهاة بين خط هذه الورقة وخط المطعون عليه الثاني مما يكون من شأنه فيما لو ثبت أن الورقة محررة بخط المطعون عليه الثاني أن يتغير وجه الرأي في دعوى الضمان الموجهة إليه لم يؤثر في الدعوى الأصلية ذاتها. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستجب لما طلبه الطاعن من إجراء هذه المضاهاة ولم يرد على هذا الطلب يكون قد شابه قصور يبطله ويستوجب نقضه بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 173 لسنة 22 ق جلسة 12 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 6 ص 59

جلسة 12 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

--------------

(6)
القضية رقم 173 سنة 22 القضائية

(أ) جنسية. إثباتها. 

إثبات الجنسية بالشهادات الرسمية الصادرة من السلطة المحلية أو السلطات الأجنبية المختصة. المقصود بالمادة 22 من قانون الجنسية.
(ب) نقض. طعن. سبب جديد. 

خلو تقرير الطعن من نعى وارد بمذكرة الطاعن. عدم جواز التمسك بهذا النعي. المادة 429 مرافعات.

-----------------
1- تثبيت الجنسية بالشهادات الرسمية التي تصدر من السلطة المحلية أو السلطات الأجنبية المختصة. ويعتبر ذلك دليلا أوليا لإثبات الجنسية ما لم يظهر ما يناقضها إذ أنها تصدر من واقع سجلات ولا تعطى إلا بعد أن تكون السلطة التي أعطتها قد قامت بعمل التحريات اللازمة للتأكد من صحة ما جاء بها ولا يتعارض هذا مع نص المادة 22 من قانون الجنسية ذلك أن المقصود بهذه المادة هو وضع قرينة تخفف على وزير الداخلية وبالتالي على القضاء مهمة الفصل في مسائل الجنسية ولكنها قرينة تقوم على الافتراض وتسقط متى ثبتت الجنسية على وجه قانوني ظاهر. وإذن فمتى كان الحكم قد استند في إثبات جنسية أحد الرعايا اليونانيين قبل وفاته إلى شهادة صادرة من القنصلية اليونانية وإلى موافقة الحكومة المصرية على ما ورد فيها فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون ما دام لم يقدم ما ينقض الدليل المستمد من تلك الشهادات ولم يثبت أن هذا الشخص تخلى عن جنسيته اليونانية قبل وفاته.
2- متى كان تقرير الطعن خاليا مما ورد بمذكرة الطاعن بشأن النعي على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بوقف الدعوى بأنه إجراء باطل يترتب عليه بطلان الحكم المطعون فيه فإن ذلك النعي يعتبر سببا جديدا لا يجوز التمسك به عملا بالمادة 429 مرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث الطاعنين ونيس كاسيماتيس رفع الدعوى 1919 سنة 72 ق أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة وقال بصحيفتها إن المرحوم انجلو كاسيماتس توفى في 2 من مايو سنة 1948 بمدينة الإسكندرية بلا جنسية معينة ولذلك تخضع تركته لحكم الشريعة الإسلامية التي تقضي بأن ترث ابنتاه الثلثين وأخواه مورث الطاعنين والمطعون عليه الأخير الثلث باعتبارهما ولدى جراسيمو كاسيماتيس أخي المتوفى. وفى أثناء نظر الدعوى توفى المدعى مورث الطاعنين فتدخل الورثة في الدعوى وطلبوا الحكم ببطلان إجراء نقل أموال المرحوم انجلو كاسيماتيس من حسابه الخاص إلى حساب إبنتيه قبل وفاته ببضعة أيام وهو في مرض الموت في وقت لم يكن فيه مالكا تماما لقواه العقلية، كما طلبوا الحكم بتثبيت ملكيتهم للسدس شيوعا في تركته المبينة في العريضة وبتاريخ 18 من يونيه سنة 1949 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة برفض الدعوى. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 775 سنة 5 ق. وفى 3 من ابريل سنة 1951 قضت محكمة الاستئناف بوقف الدعوى لمدة ثلاثة شهور ولحين الفصل فى مسألة عرضية "رد الوزارة بشأن جنسية المورث" ثم عجل الطاعنون الدعوى. وفي 18/ 12/ 1951 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن السبب الأول من أسباب الطعن والوجه الأول من السبب الثاني يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى باعتبار المورث يوناني الجنسية على أساس أنه لم يثبت أنه تخلى عن رعويته اليونانية - مع أنه كان قد طلب سنة 1932 التجنس بالجنسية الإيطالية ومع أن قيده بالقنصلية اليونانية لم يتم وفقا لما يقضى به القانون اليوناني إذ لم يحصل على شهادة الديمونيكون، قضى الحكم بذلك أخذا بظاهر الأوراق ودون تحقيق - مخالفا لنص المادة 22 من القانون رقم 19 لسنة 1929 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 92 لسنة 1931 الخاص بالجنسية: وهو يقضى بأن كل شخص يسكن الأراضي المصرية يعتبر مصريا ويعامل بهذه الصفة إلى أن يثبت جنسيته على الوجه الصحيح.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن ذكر وقائع الدعوى تفصيلا وأورد دفاع الطرفين تناول بالبحث الأدلة التى يستند إليها كل من الطرفين ثم تحدث عن جنسية المورث فقال "ومن حيث عن القول بأن المرحوم انجلو أنكر رعويته اليونانية وألغى قيد اسمه بسجلات القنصلية اليونانية بتقديم طلب إلى القنصلية الإيطالية للحصول على الجنسية الإيطالية فهو زعم مردود لأن القنصلية الإيطالية رفضت منحه هذه الجنسية لأنه لم يثبت لها أنه أصلا من تريستا ولم يثبت بعد ذلك أنه تخلى عن رعويته اليونانية الممنوحة له بموجب الشهادة الصادرة من القنصلية اليونانية بل يستفاد من خطاب هذه القنصلية المؤرخ فى 5 من ديسمبر سنة 1950 ردا على كتاب حضرة المحامي العام أن المرحوم انجلو كان أثناء حياته من رعايا اليونانيين منذ 23 من مارس سنة 1928 تاريخ تسجيله بسجلات القنصلية وأنه من هذا التاريخ وهو يقوم بانتظام بدفع رسوم القيد المفروضة على مثله من رعاياها لخزانة القنصلية، وأنه فضلا عما تقدم فقد ثبت أن وزارة الداخلية أجابت بكتابها المؤرخ في 2/ 1/ 1951 ردا على كتاب المحامي العام بأن رعوية المرحوم انجلو لا تزال قيد البحث بمعرفة إدارة الرأي بمجلس الدولة، ثم أجابت بكتابها المؤرخ في 2 من مايو سنة 1951، بأن إدارة الرأي أفتت فى 16/ 4/ 1951 باعتبار انجلو كاسيماتيس يوناني الجنسية" ثم خلص من ذلك إلى القول بأن المرحوم انجلو كاسيماتيس كان حال حياته رعوية يونانية ويبين من هذا الذى قرره الحكم أنه استند فى إثبات جنسية المورث إلى الشهادة الصادرة من القنصلية اليونانية وإلى موافقة الحكومة المصرية على ما ورد فيها، وليس ذلك مخالفة للقانون ذلك بأن الجنسية تثبت بالشهادات الرسمية التى تصدر من السلطة المحلية أو السلطات الأجنبية المختصة ويعتبر ذلك دليلا أوليا لإثبات الجنسية ما لم يظهر ما يناقضها إذ أنها تصدر من واقع سجلات رسمية ولا تعطى إلا بعد أن تكون السلطة التي أعطتها قد قامت بعمل التحريات اللازمة للتأكد من صحة ما جاء بها، وقد أثبت الحكم أن ذلك اقترن فى الدعوى الحالية بموافقة الحكومة المصرية على ما جاء بالشهادة من أن المورث يوناني الجنسية. وهو ما يقدم مقام التصديق على شهادة الجنسية ويدل على عدم مطالبة الحكومة المصرية بتبعية المورث لها، كما أثبت الحكم أن الطاعنين لم ينقضوا الدليل المستمد من شهادة القنصلية اليونانية وأنه لم يثبت أن المتوفى تخلى عن جنسيته اليونانية بل الثابت من كتاب القنصلية الإيطالية العامة المؤرخ 16 من يوليه سنة 1948 أن المتوفى لم يكن له حق فى الجنسية الإيطالية حسب ما جاء في إخطار بلدية تريستا. وليس فى هذا الذى أخذت به المحكمة ما يتعارض مع نص المادة 22 من قانون الجنسية ذلك بأن المقصود بتلك المادة هو وضع قرينة تخفف على وزير الداخلية وبالتالي على القضاء مهمة الفصل في مسائل الجنسية ولكنها قرينة تقوم على الافتراض وتسقط متى ثبتت الجنسية الأجنبية على وجه قانوني ظاهر، كما هو الحال في هذه الدعوى، ومن ثم يكون هذا السبب على غير أساس ويتعين رفضه - ويتحصل الوجه الثاني من السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد إذ استند إلى كتاب وزارة الداخلية في إثبات الجنسية اليونانية للمتوفى مع أن هذا الكتاب قد صدر بناء على فتوى من مجلس الدولة وهى على فرض أنها خاصة بهذا النزاع غير ملزمة للمحكمة ولم تكن تحت نظرها، على أن الواقع هو أن الفتوى التي استندت إليها المحكمة خاصة بالسيدة البنييكى كاسيماتيس المطعون ضدها الثانية وليست خاصة بالمورث.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن فتوى مجلس الدولة في خصوص جنسية المتوفى أعدت إجابة على استيضاح وجه من الجهة الإدارية وقد اعتمدت وزارة الداخلية الفتوى لأسباب ترجع إلى تقديرها وأبلغت النيابة العامة باعترافها بجنسية المتوفى، وقد عرضت النيابة هذا الرأي على المحكمة التي كان لها مطلق الحرية في تقدير قيمته، إذ أن ذلك مما يدخل في حدود سلطتها الموضوعية، وقد أخذت المحكمة بذلك ورأته مؤيدا لما في الدعوى من أدلة فأسست قضاءها على شهادة الجنسية الصادرة من القنصلية اليونانية المؤيدة باعتراف وزارة الداخلية أما القول بأن هذه الفتوى لا تخص المتوفى فهو قول عار عن الدليل ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قال "إنه في جميع الأحوال إذا فرض أن المرحوم انجلو كاسيمانيس كان رعية يونانية أو إيطالية أو نمساوية فلا يجوز للمدعين الادعاء بأي حق وراثي إذ أن ابنتي المتوفى تحجبانهم عملا بقوانين التشريعات سالفة الذكر" وما قاله الحكم يخالف نص المادة 25 من القانون المدني الجديد من أنه في حالة عدم تعرف الجنسية أو تعددها يعين القاضي القانون الواجب التطبيق.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه قطع بأن المتوفى يوناني الجنسية ولم يكن الفرض الذى افترضه إلا تزيدا منه يستقيم الحكم بدونه.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم شابه قصور في التسبب إذ لم يبين الأسباب التي دعت إلى الأخذ بشهادة القنصلية اليونانية رغم الطعون الموجهة إليها، كما لم يبين الأسباب التي استندت إليها فتوى قسم الرأي بمجلس الدولة ما دامت المحكمة قد أسست قضاءها عليها كما لم تجب طلب الطاعنين ضم ملف المورث بوزارتي الداخلية والخارجية.
وحيث إن هذا السبب مردود أولا بأن الأخذ بشهادة القنصلية اليونانية أمر متعلق بتقدير الدليل فى الدعوى وقد أخذت المحكمة بها مؤيدة باعتراف الحكومة المصرية بجنسية المتوفى وهو تقدير سائغ - ومردود ثانيا بأن المحكمة لم تكن بحاجة إلى التحدث عن الأسباب التي استندت إليها فتوى قسم الرأي بمجلس الدولة إذ لم تكن هذه الفتوى موجهة إليها بل إلى وزارة الداخلية التي أخذت بها لأسباب قدرتها هي ورأت معها الإقرار بالجنسية اليونانية للمتوفى. ومردود ثالثا بأن الطاعنين لم يقدموا ما يدل على طلبهم ضم ملف المورث بوزارتي الداخلية والخارجية بل اقتصر طلبهم في المذكرة المقدمة صورتها على أن تستفسر المحكمة من وزارة الداخلية عما إذا كان قيد المورث بالقنصلية اليونانية كافيا للاعتراف بجنسيته اليونانية وهذا الطلب غير مجد بعد أن أبدت وزارة الداخلية رأيها وهو الإقرار بالجنسية اليونانية للمتوفى.
وحيث إن ما ورد بمذكرة الطاعنين بالنعي على الحكم الصادر في 3 من أبريل سنة 1951 بوقف الدعوى بأنه إجراء باطل مما يترتب عليه بطلان الحكم المطعون فيه ما هو إلا سبب جديد لم يرد بتقرير الطعن فلا يجوز التمسك به عملا بنص المادة 429 مرافعات.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 205 لسنة 22 ق جلسة 12 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 8 ص 68

جلسة 12 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان وكيل المحكمة ومحمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف المستشارين.

--------------

(8)
القضية رقم 205 سنة 22 القضائية

(أ) استئناف. حكم تمهيدي. تعويض. إيجار. 

حكم قضى بندب خبير في دعوى تعويض عن زيادة الاستهلاك في عين مؤجرة. تعليقه القضاء بمسئولية المستأجر عن التعويض المطلوب على نتيجة تقرير الخبير. هذا الحكم يعتبر غير منه للخصومة. عدم جواز استئنافه استقلالا. المادة 378 مرافعات.
(ب) قوة الأمر المقضي. مسئولية. حكم تمهيدي. استئناف. أثره. 

حكم غير منه للخصومة قضى بندب خبير في دعوى تعويض عن استهلاك عين مؤجرة. صدور حكم في الموضوع برفض الدعوى. استئناف المؤجر لهذا الحكم. حق المستأجر في الدفع بعدم مسئوليته عن التعويض. القضاء بأن الحكم القاضي بندب الخبير حاز قوة الأمر المقضي. خطأ. المادة 404 مرافعات.

----------------
1 - متى صدر حكم في دعوى تعويض عن زيادة الاستهلاك فى عين مؤجرة بندب خبير لتحقيق هذا الاستهلاك وكان هذا الحكم قد علق قضاءه بمساءلة المستأجر عن هذا التعويض على مدى الاستهلاك الذى يثبته الخبير فإنه لا يعتبر منهيا للخصومة في خصوص هذه المساءلة ومن ثم لا يجوز استئنافه على حدة طبقا للمادة 378 مرافعات.
2 - إذا صدر حكم بندب خبير في دعوى تعويض عن زيادة الاستهلاك في عين مؤجرة ثم حكم في الموضوع برفض الدعوى فاستأنف المؤجر هذا الحكم فإنه بذلك يغنى المستأجر عن استئنافه ويبقى حقه في الدفع بعدم مسئوليته عن التعويض قائما طبقا للمادة 404 مرافعات ويكون الحكم المطعون فيه غير صحيح في القانون إذ قرر أن الحكم القاضي بندب الخبير حاز قوة الأمر المقضي من حيث المسئولية تأسيسا على أن المستأجر لم يرفع عنه استئنافا وذلك متى كان هذا الحكم غير منه للخصومة في خصوص المسئولية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا فى 9/ 6/ 1946 الدعوى رقم 496 لسنة 1947 مدنى كلى القاهرة وكان من بين ما تضمنته طلباتهم إلزام الطاعنة بأن تدفع إليهم مبلغ 14 جنيها شهريا قيمة أجرة المنزل رقم 10 بشارع ماهر باشا الآيل لهم بالميراث عن والدتهم السيدة آمنة عبد النبي وذلك عن المدة ابتداء من 1/ 10/ 1945 وما يستجد لحين الإخلاء، وأسسوا هذا الشق من الطلبات على أن وزارة المعارف "الطاعنة" استأجرت من المطعون عليه الأول بصفته وكيلا عن والدته المنزل موضوع الدعوى بموجب العقد المؤرخ 30/ 3/ 1939 ليكون مدرسة أولية لتعليم البنين وقت الصباح إلا أن الطاعنة أعارته لوزارة الشئون الاجتماعية لمكافحة الأمية ونشر الثقافة بين رجال البوليس والعمال واستعملت المنزل مساء في غير الغرض المعد له استعمالا مضاعفا فوق استعماله الأصلي مما ترتب عليه زيادة الاستهلاك وأن ذلك يبيح زيادة الإيجار بأجرة إضافية مقدارها مبلغ 14 جنيها شهريا كتعويض مستحق لهم، وأنكرت الطاعنة أن المنزل استعمل لمكافحة الأمية. وفى 4/ 12/ 1948 قضت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى ما يدعيه الطرفان. وبعد صدور هذا الحكم دفعت الطاعنة بأن استعمال المنزل لمكافحة الأمية لا يتنافى مع عقد الإيجار وطبيعة المكان المؤجر للتعليم ولا يستوجب زيادة الأجرة. وفى 8/ 1/ 1949 قضت المحكمة حضوريا أولا بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعين مبلغ 15 جنيها و378 مليما المعترف به والباقي من الأجرة. ثانيا - وفيما يختص بالشق الثاني من الطلبات بندب الخبير المهندس المعماري لتحقيق ما إذا كان المنزل قد استعمل كمدرسة أولية فقط أم أنه مستعمل أيضا لمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية وفى تلك الحالة على الخبير أن يحقق متى بدأت وزارة الشئون الاجتماعية في استعماله وعليه أن يحقق أيضا عدد المترددين على الدراسة وأوقات ترددهم ومقدار استهلاكهم لمعرفة إن كانت قيمة هذا الاستهلاك تساوى مبلغ الـ 14 جنيها المطالب به شهريا كتعويض إضافي أم تساوى أقل أو أكثر وذلك مع التصريح بسماع الشهود بلا يمين. وقدم الخبير تقريرا انتهى فيه إلى أن المنزل فوق استعماله مدرسة أولية للبنين بدأ استعماله أيضا لمكافحة الأمية لرجال البوليس في 29/ 10/ 1945 واستعمل لنشر الثقافة الشعبية ابتداء من 5/ 11/ 1945 وأن المنزل يقدر استهلاكه بمبلغ 6 جنيهات و376 مليما شهريا - وذلك عن زيادة الانتفاع فيه لمكافحة الأمية ونشر الثقافة فوق استعماله لتعليم البنين. وفى 20/ 6/ 1950 قضت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعين بمصروفاتها وقالت فيما يختص بالشق الخاص بطلب مقابل زيادة الاستهلاك إنه لا يبين من تقرير الخبير ما يدل على حصول تلف أو استهلاك ناشئ عن سوء الاستعمال وليس في الأوراق ما يدل على أن وزارة المعارف قد استعملت العين المؤجرة في غير الغرض الذى استؤجر المنزل من أجله وأن نص عقد الإيجار يبين منه أن الغرض من الاستئجار هو استعماله في التعليم دون أن يحدد نوعه وساعاته ومواعيده وأن للوزارة استعمال المنزل في أي وقت شاءت وفى أى نوعه من أنواع التعليم وليس في تخصيص الوزارة المنزل بعد العقد لنوع معين للتعليم ما يمنعها من استعماله في أنواع أخرى. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 212 لسنة 68 ق محكمة استئناف القاهرة التي قضت في 20/ 4/ 1952 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى من رفض طلب التعويض وإلزام المستأنف عليها "الطاعنة" بأن تدفع للمستأنفين "المطعون عليهم" مبلغ 407 جنيهات و2 مليم قيمة التعويض عن المدة من 5/ 11/ 1945 لغاية 9/ 3/ 1951 وما يستجد شهريا بواقع 6 جنيهات و376 مليما حتى 20/ 4/ 1952.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في القانون وشابه الفساد فى الاستدلال إذ اعتبر الحكم التمهيدي الصادر فى 8 من يناير سنة 1949 حكما منهيا للخصومة فى خصوص مسئولية الطاعنة عن الضرر الذى لحق بالمطعون عليهم من جراء زيادة استهلاك العين المؤجرة باستعمالها في غير الغرض الذى أجرت من أجله مع أن الحكم المذكور لم يقطع في هذه المسئولية. أما وجه الفساد في الاستدلال فهو أن الحكم اعتبر الخطابات الصادرة من إدارة المباني سنة 941 وما بعدها دالة على أن العين أجرت لاستعمالها مدرسة أولية للبنين في حين أن عبارات الخطابات المذكورة لا تؤدى إلى هذا المعنى.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بالتعويض على ما جاء به من "أنه جاء بأسباب حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 8 من يناير سنة 1949 وحيث إنه بالنسبة للشق الثاني من الدعوى فإن المسلم به أن العين المؤجرة يجب أن تستعمل فيما أعدت له وأنه ليس للمستأجر أن يخرج عن طبيعة الانتفاع فيما أعدت له وأنه ليس للمستأجر أن يخرج عن طبيعة الانتفاع التي كانت ملحوظة وقت التعاقد فإن خرج عن ذلك فللمؤجر طبقا للقواعد العامة أن يطالب المستأجر بتنفيذ التزامه عينا أو فسخ العقد أو المطالبة بالتعويضات عن الضرر الذى لحقه من جراء عدم التنفيذ. وحيث إنه وإن كان عقد الإيجار لم ينص فيه على طريقة الانتفاع بالعين المؤجرة إلا أن الملحوظ وقت التأجير أن الوزارة استأجرت هذا المنزل ليكون مقرا لمدرسة العباسية الأولية للبنين ولم تلحظ فوق استعماله لهذا الغرض أن يستعمل أيضا معهدا لمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية وذلك لأن القوانين والنظم الخاصة بمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية لم تكن قد أصدرت وقت تحرير عقد الإيجار وإذا كانت مورثة المدعين قد قبلت أن تؤجر هذا المنزل بمبلغ 14 ج شهريا فذلك ليكون مدرسة أولية للبنين وهم أطفال وعددهم محدود ووقت استعمالهم محدود أيضا وسيؤدى استعمالهم لهذا المنزل طول هذا الوقت إلى استهلاكه بدرجة محدودة أيضا ولا شك أنه لو كان ملحوظا وقت التعاقد أنه سيستعمل كمدرسة أولية في الصباح ثم ولمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية من بعد الظهر إلى المساء لما قبلت أن تؤجره بهذه القيمة لأن استعماله على هذا النحو ألأخير سيؤدى بطبيعة الحال إلى زيادة استهلاكه. وأن ما قاله الحكم في هذا الصدد ولم ترفع عنه وزارة المعارف استئنافا حاز قوة الأمر المقضي، وأن محكمة أول درجة إذ فصلت في النقطة التي بنت عليها حكمها التمهيدي قررت صراحة بعد استعراض دفاع الطرفين مساءلة وزارة المعارف عن الضرر الذى لحق المستأنفين من جراء زيادة استهلاك العين وندبت خبيرا لتحقيق قيمة الضرر كان حكمها في ذلك حائزا لقوة الشيء المحكوم فيه من حيث المسئولية ما دام قد قطع بتوافرها وتكون مهمة محكمة أول درجة بعد ذلك قاصرة على تقدير التعويض ... وأنه فوق ذلك فإنه وان كان عقد الإيجار المؤرخ في 30 من مارس سنة 1939... لم ينص فيه على طريقة الانتفاع بالعين المؤجرة إلا أنه يبين من خطابات إدارة المباني بهذه الوزارة المقدمة من المستأنفين أن الملحوظ وقت التأجير أن الوزارة استأجرت هذا المبنى ليكون مقرا لمدرسة العباسية الأولية للبنين وقدرت أجرته على أساس هذا الاستعمال فإعارة وزارة المعارف هذا المبنى لوزارة الشئون الاجتماعية لاستعماله فى مكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية يعتبر في ذلك خروجا عما اتفق عليه فى عقد الإيجار سواء في ذلك أقامت وزارة الشئون يدفع مقابل هذا الانتفاع إلى وزارة المعارف أم لم تدفع، وبذا يكون الحكم المستأنف قد أخطأ في عدم مساءلة وزارة المعارف عن التعويض".
وحيث إن المادة 378 من قانون المرافعات تنص على أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء أكانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات. وتنص المادة 404 على أن استئناف الحكم الصادر فى موضوع الدعوى يستتبع حتما استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها فى القضية ما لم تكن قبلت صراحة. ويبين من الحكم الصادر فى 8 من يناير سنة 1949 أنه بعد أن ذكر في أسبابه ما سبقت الإشارة إليه قضى تمهيديا وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم وهى "تحقيق ما إذا كان هذا المنزل مستعملا كمدرسة أولية فقط أم أنه مستعمل أيضا لمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية وفى الحالة الأخيرة على حضرته أن يحقق متى بدأت وزارة الشئون الاجتماعية استعماله لهذا الغرض وأن يحقق عدد المترددين عليه سواء في قسم مكافحة الأمية أو نشر الثقافة الشعبية وأوقات ترددهم ومقدار استهلاكهم للمنزل لمعرفة إن كانت قيمة هذا الاستهلاك تساوى 14 ج أم تساوي أقل أو أكثر من هذا المبلغ" ومؤدى ما تقدم أن الحكم علق قضاءه بمساءلة الوزارة عن التعويض على مدى الاستهلاك الذى يثبته الخبير فهو بذلك لا يعتبر منهيا للخصومة في خصوص هذه المساءلة ومن ثم لا يجوز استئنافه على حدة وقد صدر الحكم في الموضوع من محكمة الدرجة الأولى قاضيا برفض الدعوى فاستأنفه المطعون عليهم وبذلك أغنوا الطاعنة عن استئنافها وبقى حقها في الدفع بعدم مسئوليتها عن التعويض قائما، ومن ثم يكون ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الحكم الصادر فى 8 من يناير سنة 1949 حاز قوة الأمر المقضي من حيث المسئولية غير صحيح في القانون.
وحيث إنه يبين من الخطابات التي أشار إليها الحكم المطعون فيه أنها تتحدث عن الإصلاحات اللازمة "لمكان مدرسة العباسية الإلزامية" وهذه العبارة إن دلت على أن الوزارة استعملت المبنى المؤجر مكانا لمدرسة العباسية الإلزامية فإنها لا تدل على أن العين إنما أجرت لتستعمل لمدرسة العباسية الإلزامية فحسب ولا يخل بحق الوزارة في الانتفاع بالمبنى لشئون التعليم على الوجه الذى يخوله لها القانون ويكون الحكم إذ اعتبر هذه الخطابات دالة على أن المقصود وقت التعاقد إنما كان استعمال المبنى كمدرسة إلزامية للبنين فقط قد استند إلى ما لا يؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الدعامتين اللتين أقام عليهما الحكم قضاءه لا تصلحان سببا لإقامته ومن ثم يتعين نقضه.

الطعن 254 لسنة 22 ق جلسة 5 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 5 ص 56

جلسة 5 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على، وأحمد قوشة المستشارين.

----------------

(5)
القضية رقم 254 سنة 22 القضائية

(أ) نقض. طعن. إعلان. 

إعلان تقرير الطعن. خلو صورة إعلان تقرير الطعن المقدمة من المطعون عليه من البيانات الواردة بالمادة 10 مرافعات. بطلان الإعلان. المواد 10، 24، 431 مرافعات.
(ب) نقض. طعن. إعلان. 

بطلان تقرير الطعن. حضور المطعون عليه وتقديم مذكرة بدفاعه. لا يصحح الإعلان.

--------------
1 - متى تبين من مراجعة صورة إعلان تقرير الطعن المقدمة من المطعون عليه أنها خالية من أي بيان مما ورد ذكره بالمادة العاشرة من قانون المرافعات وأنها مجرد مشروع إعلان لم يتم، وتبين من مقارنتها بأصل إعلان التقرير المقدم بملف الطعن وجود تماثل بين الأصل والصورة من حيث صياغتهما وكتابتهما على الآلة الكاتبة والخط المحرر باليد في كل منهما - وهو ما سلمت به الطاعنة وبصدور هذه الصورة عنها، فان الطاعنة تكون محاجة بهذه الصورة الخالية ويكون الإعلان باطلاً وفقا للمواد 10 و24 و431 مرافعات.
2 - بطلان إعلان تقرير الطعن لا يصححه حضور المطعون عليه وتقديم مذكرة بدفاعه كما تشير إليه المادة 140 مرافعات لأن ذلك مقصور على أوراق التكليف بالحضور وتقرير الطعن بالنقض ليس منها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن واقعة الدعوى، حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 2916 سنة 71 ق أمام محكمة القاهرة الابتدائية المختلطة ضد الشركة الطاعنة وذكر في صحيفتها المعلنة بتاريخ 25 يونيو سنة 1946 أنه كان يعمل مهندسا لدى الشركة المذكورة ثم تدرج في عمله بها حتى رقى لوظيفة كبير مهندسيها وفي 8 من مارس سنة 1945 فاجأته الشركة بعزله من خدمتها دون سبق إنذار ولا مبرر ودون أن تدفع إليه راتبه عن شهر مارس سنة 1945 وقدره 103 جنيهات و637 مليما ولا مبلغ التعويض المستحق له قانونا وقدره 621 جنيها و822 مليما كما لم ترد إليه ما أودعه صندوق الادخار بها وقدره 89 جنيها و882 مليما ثم طلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 815 جنيها و341 مليما وفوائده بواقع 6% سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الوفاء مع المصاريف والأتعاب والنفاذ، وبتاريخ 26 من مايو سنة 1949 قضت المحكمة المذكورة بطلباته مع تعديل سعر الفائدة إلى 5% ودون شمول الحكم بالنفاذ، فاستأنفت الشركة (الطاعنة) هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها بجدولها برقم 1389 سنة 66 ق طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى إلا أن محكمة الاستئناف قضت بتاريخ 6 من مارس سنة 1952 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام الشركة المستأنفة بالمصاريف والأتعاب مستندة في ذلك إلى أن دفع الشركة المستأنفة بأن المستأنف عليه قد ساهم في إنشاء شركة "جركو" المنافسة للشركة الطاعنة وطلبها إثبات ذلك بالبينة مردود بأنه اتضح من مراجعة عقد تأسيس شركة "جركو" أن نشاطها الأساسي هو إنشاء غرف تبريد واستغلالها بطريقة مباشرة أو بتأجيرها للغير وهو يختلف اختلافا جوهريا عن نشاط الشركة "الطاعنة" التي تقوم بالأعمال الفنية والتركيبات الخاصة بالتبريد ومن ثم فلا محل لإجابة طلب التحقيق. فطعنت الشركة في هذا الحكم والحكم الابتدائى بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليه دفع ببطلان إعلان تقرير الطعن استنادا إلى أن صورة التقرير التي وصلت إليه وقدمها بأوراق الطعن قد أغفل فيها إثبات البيانات التي نصت عليها المادة العاشرة فى فقراتها الأولى والثالثة والخامسة والسادسة من قانون المرافعات وهي بيانات جوهرية يترتب على إغفالها البطلان وفقا لنص المادة 24 مرافعات وأن المشرع أكد سريان إجراءات الإعلان العادية على إعلان تقرير الطعن بالنقض فنص في المادة 431 مرافعات على أن إعلان الطعن يكون بورقة من أوراق المحضرين وبالأوضاع العادية وأنه لا يجدى الطاعنة تعللها بالاحتمالات كقولها إن الأصل حرر ومعه صورتان أثبت المحضر البيانات الواجبة في إحداها وترك سهوا الأخرى خالية إذ لا دليل على ما تدعيه وهى محاجة بالصورة المقدمة.
ومن حيث إن هذا الدفع في محله ذلك بأن المشرع أوجب في المادة العاشرة من قانون المرافعات اشتمال الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها - ومنها تقرير الطعن بالنقض وفقا لنص المادة 431 مرافعات - على اسم الطالب والمطلوب إعلانه - وتاريخ الشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان لما يترتب على تحديد وقت الإعلان من آثار قانونية هامة وكذا اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها واسم من سلمت إليه الورقة وإثبات توقيعه على الأصل وإثبات امتناعه عن الاستلام وسببه ثم توقيع المحضر على كل من الأصل والصورة كشرط لازم لصحة الورقة باعتبارها محررا رسميا وهذه البيانات كما هو ظاهر حتمية وجوهرية يترتب على عدم مراعاتها البطلان كجزاء حتمي وفقا لنص المادة 24 مرافعات - ولما كان يبين من مراجعة صورة إعلان تقرير الطعن المقدمة من المطعون عليه أنها خالية من أي بيان مما ورد ذكره بالمادة العاشرة المشار إليها وأنها مجرد مشروع إعلان لم يتم - وكان يبين من مقارنتها بأصل إعلان التقرير المقدم بملف الطعن وجود تماثل بين الأصل والصورة من حيث صياغتها وكتابتهما على الآلة الكاتبة والخط المحرر باليد في كل منهما وهو ما سلمت به الطاعنة وبصدور هذه الصورة عنها وإن تعللت باحتمال تحرير صورتين لأصل واحد أثبت المحضر البيانات في إحداهما وترك الأولى سهوا منه بغير بيان فأخفيت الصورة الحقيقية وأبرزت الصورة البيضاء الخالية من البيانات وهو تعليل غير مجد في معارضة الواقع الظاهر وتكون الطاعنة محاجة بهذه الصورة الخالية ما دام لم يقم الدليل على خلافها - لما كان ذلك فان هذا الإعلان يكون باطلا ولا يصححه القول بحضور المطعون عليه وتقديمه مذكرة بدفاعه كما تشير إليه المادة 140 مرافعات لأن ذلك قاصر على أوراق التكليف بالحضور وتقرير الطعن بالنقض ليس منها ومن ثم يتعين قبول الدفع.

الطعن 232 لسنة 22 ق جلسة 5 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 4 ص 52

جلسة 5 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد المستشارين.

---------------

(4)
القضية رقم 232 سنة 22 القضائية

(أ) سمسرة. حكم. تسبيبه. 

اعتماد الحكم في الأخذ بالدليل المستمد من دفاتر السمسار إلى وقائع من استجواب الخصوم تخالف الثابت بالأوراق. وإغفال التحدث عن القرائن التي اعتمد عليها الحكم الابتدائي في اطراح الدفاتر المذكورة. نقض الحكم.
(ب) سمسرة. إثبات. حكم. تسبيبه. 

نفي الثابت بدفاتر السمسار لمصلحة المتمسك بها بكافة طرق الإثبات. جوازه.

---------------
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد ألغى الحكم الابتدائي وأخذ بالدليل المستمد من دفاتر السمسار اعتمادا على ما خلص إليه من استجواب الخصوم من أن العميل لم يطالب السمسار في صدد عملية بيع الأسهم موضوع النزاع إلا بالإمهال مع أن وقائع الاستجواب لا تؤدى إلى ذلك. وفي الوقت ذاته أغفل التحدث عن باقي القرائن التي اتخذ منها الحكم الابتدائي دعامة لقضائه باطراح الدفاتر المذكورة وعدم الأخذ بما تدون بها وهي أن السمسار لم يضمن كشوف الحساب التي أرسلها للعميل بيانا عن عملية بيع الأسهم ولم يبادر بإخطار العميل بها حين طالبه ببيع أسهم شركة أخرى مودعة لديه، فانه يتعين نقض الحكم.
2 - يجوز نفي ما يثبت بالدفاتر التجارية لمصلحة المتمسك بها ضد خصمه بكافة طرق الإثبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن يوسف رزق أقام الدعوى رقم 1143 سنة 1950 تجارى كلى مصر وقال في صحيفتها إنه اعتاد أن يكلف المطعون عليه الأول يوسف صفديه "السمسار بالبورصة" بشراء أو بيع أوراق مالية لحسابه ولحساب زوجته السيدة إيفون بشاي وفي فبراير سنة 1950 بعث إليه المطعون عليه بيانا بحسابه فإذا به مدين بمبلغ 220 جنيها و810 مليمات مقابل 175 سهما من أسهم شركة الفنادق يملكها الطاعن فحرر إليه يطالبه بإيداع الأسهم ببنك مصر مقابل قبض المبلغ المستحق له فلم يتلق منه ردا فعزز طلبه بكتاب من محاميه في 21/ 3/ 1950 فتلقى ردا في 22/ 3/ 1950 يطلب فيه منه تسليم 200 سهم من أسهم البنك التجاري سبق أن طلب بيعها لحساب زوجته المطعون عليها الثانية فأنكر الطاعن عليه هذا الطلب ورفع هذه الدعوى يطالب المطعون عليه الأول بأن يسلمه 175 سهما من أسهم شركة الفنادق والكوبونات الخاصة بها على أن يستلم المبلغ المستحق له وقدره 222 جنيها - وبإعلان تاريخه 8/ 8/ 1950 أدخل المطعون عليه الأول - المطعون عليها الثانية ضامنة فى الدعوى وحدد طلباته في المذكرة المقدمة منه لجلسة 17/ 12/ 1950 - وطلب أصليا رفض الدعوى أو يسلم الطاعن 175 سهما من أسهم شركة الفنادق في مقابل أن يستلم منه مبلغ 420 جنيها و910 مليمات والفوائد بواقع 6% من 14 من مارس سنة 1950 - وفى دعوى الضمان بإلزام المطعون عليها الثانية السيدة إيفون بشاي بدفع مبلغ 198 جنيها و910 مليمات والفوائد 5% لحين السداد واستند فى طلباته إلى أن أخاه تلقى في 14 من ديسمبر سنة 1949 أمرا تليفونيا من الطاعن ببيع 200 سهم من أسهم البنك التجاري باسم زوجته وأنه نفذ الأمر ولكن لم يسلمه الطاعن الأسهم المبيعة رغم مطالبته بها فاضطر لشراء أسهم بدلها وبتصفية العملية أنتجت خسارة قدرها مبلغ 198 جنيها و810 مليمات وهو موضوع دعوى الضمان - وفى 22 من فبراير سنة 1951 قضت محكمة القاهرة الابتدائية الوطنية بإلزام المطعون عليه الأول بأن يسلم الطاعن 175 سهما من أسهم شركة الفنادق مقابل استلام المطعون عليه الأول مبلغ 222 جنيها وإلزامه كذلك بأن يسلمه الكوبونات الملحقة بتلك الأسهم عن أرباح سنة 1949 أو قيمتها بواقع 229 مليما عن كل سهم منها ورفض دعوى الضمان - فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 236 سنة 68 ق وفى 9 من أبريل سنة 1952 قضت محكمة استئناف القاهرة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المطعون عليه الأول بأن يسلم الطاعن 175 سهما من أسهم شركة الفنادق مقابل سداده له مبلغ 420 جنيها و110 مليمات والفوائد بواقع 6% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 17 من ديسمبر سنة 1950 - وألفي قرش مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالقصور والخطأ في الإسناد، ذلك بأنه وقد ألغى الحكم الابتدائي وأخذ بما أثبته المطعون عليه الأول في دفاتره لمصلحته لم يعن بالرد على دفاع الطاعن الذى أخذت به محكمة الدرجة الأولى واطرحت الدفاتر تأسيسا عليه وهو أن المطعون عليه لم يضمن كشوف الحساب التي أرسلها للطاعن عملية بيع أسهم البنك التجاري موضوع النزاع ولم يرد على كتابه المؤرخ 15/ 3/ 1950 والذى يطالبه فيه بأسهم شركة الفنادق المودعة لديه حتى عززه بالكتاب المؤرخ 21/ 3/ 1950 - أما وجه الخطأ في الإسناد فهو أن الحكم قرر أن الطاعن طلب من المطعون عليه الأول إمهاله في تسليم أسهم البنك التجاري مع أن ذلك لا يتفق مع ما هو ثابت بمحضر الجلسة.
وحيث إنه يبين من الحكم الإبتدائي أنه لم يعتد بدفاتر المطعون عليه الأول ولم يأخذ بما تدون بها من أن الطاعن قد طلب بيع أسهم البنك التجاري موضوع النزاع مستندا في ذلك إلى أن المطعون عليه لم يضمن كشوف الحساب التي أرسلها للطاعن في ديسمبر سنة 1949 ويناير وفبراير سنة 1950 بيانا عن تلك العملية كما أنه لم يبادر بإخطار الطاعن بها حين طالبه بأسهم شركة الفنادق المودعة لديه بكتابه المؤرخ 15/ 3/ 1950 حتى عزز طلبه بالكتاب المؤرخ 21/ 3/ 1950 - ويبين من محضر الجلسة الثابت به استجواب الخصوم أن الطاعن أنكر إجراء الصفقة وقرر المطعون عليه الأول أنه اتصل بالطاعن في محل عمله وطالبه بالأسهم فأنكر إجراء العملية ثم عقب على ذلك بأنه سبق أن طلب منه الانتظار ولما لم يعترف أنذر زوجته للتغطية - ويبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه على الأخذ بدفاتر المطعون عليه الأول مؤيدة بقرائن منها ما استخلصته المحكمة من الاستجواب وقد قالت في شأنه "تكشف الأمر في المناقشة أن المستأنف ضده (الطاعن) لم يطالب إلا بالإمهال وكل هذه المهاترات لا تخفى وجه الحق في النزاع فهو يريد أن يفيد من مصابرة المستأنف له إمهاله إياه مدة من الزمن حتى يستطيع تصفية العملية فيزعم اصطناعها" لما كان ذلك وكان ما يثبت بالدفاتر التجارية لمصلحة المتمسك بها ضد خصمه ما هو إلا دليل يجوز نفيه بكافة طرق الإثبات أي بالشهود والقرائن وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل التحدث عن القرائن السابق الإشارة إليها مع أنه ألغى الحكم الابتدائي الذي اتخذ منها دعامة لقضائه باطراح الدفاتر وعدم الأخذ بما تدون بها وكان قول الحكم إنه تكشف الأمر في المناقشة عن أن الطاعن لم يطالب إلا بالإمهال يخالف ما هو ثابت بالأوراق ولا تؤدى إليه الوقائع الواردة في الاستجواب - لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد برر أخذه بالدليل المستمد من دفاتر المطعون عليه الأول بما خلص إليه من أن الطاعن لم يطلب إلا الإمهال مع أن وقائع الاستجواب لا تؤدي إلى ذلك وفى الوقت ذاته أغفل التحدث عن باقي القرائن التي أهدرت من أجلها محكمة الدرجة الأولى الدليل المستمد من الدفاتر المذكورة وكان لا يعلم ماذا يكون قضاؤه لو أنه تنبه إلى حقيقة الأمر في الاستجواب وهل كان في هذه الحالة يأخذ بالدليل المستمد من دفاتر المطعون عليه الأول أو لا يأخذ به مع وجود قرائن أخرى في الدعوى تعارضه لم يقل كلمة فيها.
وحيث إنه مما تقدم جميعه يتعين نقض الحكم دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.

الطعن 204 لسنة 22 ق جلسة 5 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 3 ص 47

جلسة 5 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، وأحمد قوشه المستشارين.

----------------

(3)
القضية رقم 204 سنة 22 القضائية

(أ) إنكار بصمة الختم. إثبات. شهادة. سلطة محكمة الموضوع. 

حق محكمة الموضوع في استخلاص صحة توقيع مورث على عقد طعن عليه بالتجهيل لأسباب سائغة من الوقائع وأقوال الشهود. النعي بإغفال المحكمة سؤال الشهود عن الختم وأنه هو الذى وقع به المورث. جدل موضوعي حول مسائل واقعة.
(ب) تزوير. 

عقد طعن عليه بالتجهيل. عجز الطاعن عن إثبات طعنه واقتناع المحكمة بصحة العقد. لا يتصور أن تقضي المحكمة بعد ذلك برد وبطلان العقد لتزويره.

--------------
1- متى كانت محكمة الموضوع قد استخلصت لأسباب سائغة من وقائع الدعوى ومن أقوال الشهود أن المورث وقع بختمه أمام الشهود على عقد مقاولة طعن عليه الورثة بالتجهيل وأنهم كانوا حاضرين التحقيق الذى أباح لهم نفي ما يثبته خصمهم بكافة طرق الثبوت - فإن النعي بأن محكمة الموضوع أغفلت سؤال الشهود عن الختم الموقع به على العقد المذكور أو أنه هو الذي وقع به المورث، هذا النعي يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض.
2- لا يتصور أن تقضي المحكمة من تلقاء نفسها - إعمالا لنص المادة 290 مرافعات - برد وبطلان عقد لتزويره بعد أن ثبت لها عجز من طعن عليه بالتجهيل عن إثبات طعنه وبعد أن اقتنعت المحكمة بصحة ذلك العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية فيتعين قبوله شكلا.
ومن حيث إن وقائع هذه الدعوى - حسبما يبين من الحكم فيه ومن سائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه بصفته حارسا قضائيا على تركة المرحوم عبد العزيز العلاف أقام الدعوى 146 لسنة 1950 مدنى الجمالية على الطاعنين طالبا الحكم بإلزامهم من تركة مورثهم المرحوم حافظ محمد يوسف بمبلغ 150 جنيها مع المصروفات والأتعاب بحكم مشمول بالنفاذ على أساس أن المبلغ المطالب به عبارة عن قيمة الباقي من عقد مقاولة بناء مدفن لمورث الطاعنين قدرت تكاليفه في العقد بمبلغ 250 جنيها دفع منه المورث مائة جنيه ولم يدفع هو ولا ورثته ما بقى منه واستند إلى عقد المقاولة الموقع عليه ببصمة ختم ذلك المورث وبجلسة 15/ 5/ 1950 قضت المحكمة للمدعى بطلباته. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة القاهرة الابتدائية وقيد الاستئناف برقم 146 لسنة 1950 مدنى مستأنف وطلبوا الحكم بقبول الاستئناف شكلا وبوقف تنفيذ الحكم المستأنف وفى الموضوع بإلغائه وبرفض دعوى المستأنف عليه مع المصروفات والأتعاب عن الدرجتين. وبجلسة 12/ 2/ 1951 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وبإلغاء وصف النفاذ وبإعادة القضية للمرافعة في باقي الطلبات ولإنكار الطاعنين بصمة ختم مورثهم الموقع به على عقد المقاولة قضت المحكمة بجلسة 27/ 11/ 1951 بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المستأنف عليه بصفته أن مورث المستأنفين وقع بختمه على العقد بالختم المنسوب إليه (والذى يحمل تاريخا لسنة 1363 هـ ولينفي المستأنفون ذلك، ثم استمع القاضي المنتدب للتحقيق أقوال شهود الطرفين فقرر شاهدا الإثبات انهما شاهدا مورث الطاعنين يوقع بختمه على عقد المقاولة ثم قال ثانيهما (على على محمد) إنه قامت بين مورث الطاعنين والمرحوم عبد العزيز العلاف الموضوعة تركته تحت حراسة المطعون عليه معاملات مالية، الأولى وكانت خاصة بإقامة المدفن وتحرر بخصوصها العقد موضوع الدعوى الحالية، والثانية كانت خاصة بمبلغ 130 جنيها افترضه مورث الطاعنين ليفتتح به مقهى لحسابه وتحرر بمبلغ القرض ثلاثة عشر سندا كل منها بمبلغ عشرة جنيهات وهى موضوع دعوى أخرى أقيمت أمام محكمة الجمالية برقم 145 لسنة 1950 وحكم فيها ابتدائيا واستأنف الطاعنون حكمها ولم يفصل بعد في هذا الاستئناف أما شاهدا النفي فقد أجمعا على أنهما لا يعلمان شيئا عن العقد المطعون فيه بالإنكار وأن كل ما يعرفانه عن النزاع هو انهما كانا حاضرين دفن مورث الطاعنين في المدفن موضوع عقد المقاولة - وكان المرحوم عبد العزيز العلاف حاضرا معهم فسأله الطاعن الأول عما اذا كان باقيا له شيء من مقاولة المدفن فأجاب بالسلب وبجلسة 30/ 4/ 1952 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف مع المصروفات والأتعاب ثم الغرامة القانونية للخزانة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب حاصل أولها إن الطاعنين بنوا طعنهم في عقد المقاولة بجهلهم توقيع مورثهم عليه بالختم المؤرخ في سنة 1363 هـ على أن كل العقود المعاصرة للعقد المطعون فيه تحمل ختما لمورثهم مؤرخا في سنة 1365 هـ - وأن الختم الذى جبر عقب وفاة المورث كان يحمل التاريخ الأخير (1365 هـ) ومع ذلك فان المحكمة لم تسأل أحدا من الشهود عن ختم سنة 1363 هـ في حين إن ذلك وحده كان موضوع التحقيق الذى امرت به المحكمة في حكمها التمهيدي فلم تستكمل المحكمة تنفيذ ذلك الحكم ولم يستوفوا هم بدورهم حقهم في دفاعهم في الدعوى.
ويتحصل السبب الثاني في إن المحكمة خالفت المادة 274 مرافعات التي تقضى بعدم سماع الشهود إلا فيما يتعلق بأثبات حصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع على الورقة المقتضى تحقيقها ممن نسبت إليه، ووجه المخالفة هو أن المحكمة اقتصرت على سماع أقوال شهود الإثبات بأن المورث وقع بختمه على عقد المقاولة في حضورهم - ولم تحقق واقعة الختم المؤرخ في سنة 1363 هـ وأنه هو الذى وقع به مورثهم وبذلك لم تنفذ الحكم التمهيدي مما يعيب الحكم.
أما السبب الثالث فيتحصل في أن المحكمة لم تستعمل حقها في القضاء بالرد أو البطلان إعمالا لنص المادة 290 مرافعات التي تجيز للمحكمة ولو لم يدع أمامها بالتزوير أن تحكم برد وبطلان أية ورقة اذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة مع أن الظروف التي ظهرت بجلاء أمام المحكمة فيها ما يبرر استعمال هذا الحق ويؤدي الى عكس ما قضت به في حكمها المطعون فيه - وهذه الظروف هي: -
(أ) أن عقد المقاولة يحمل ختما تاريخه سنة 1363 هـ في حين أن السندات موضوع الدعوى 145 لسنة 1946 مدنى الجمالية تحمل ختما تاريخه سنة 1366 هـ وهذا تناقض يظهر التزوير بجلاء.
(ب) وأن المبلغ الباقي من عقد المقاولة 150 جنيها حرر به كمبيالات على ما قال به الحكم المطعون فيه وقد طلب الطاعنون في دفاعهم أمام المحكمة الاستئنافية تقديم هذه الكمبيالات على اعتبار أنها مكملة لعقد المقاولة ولكنها لم تقدم وكان واجبا على المحكمة أن تستكمل هذا النقض لأن سند الدعوى غير بات فى المديونية.
(ج) إن الطعن بالجهالة إنما قصد به إلى استكمال ما نقص في الدعوى من مستندات ولكن هذا النقص لم يستكمل لا من المحكمة ولا من المطعون عليه.
ومن حيث إن هذه الأسباب كلها مردودة - أولا: بأنها عارية عن الدليل فلم يقدم الطاعنون صورة من محضر التحقيق الذى أجرته المحكمة تنفيذا للحكم التمهيدي ليعلم ما دار فيه من مناقشات بين قاضى التحقيق وطرفي الخصومة من ناحية والشهود من الناحية الثانية - كما لم يقدموا ما يفيد أن لمورثهم أكثر من ختم ولا ما يقطع في أنه لم يكن له إلا ختم واحد يحمل تاريخا واحدا كذلك وقد قطع الحكم المطعون فيه في أن سند الدعوى إنما هو عقد المقاولة وحده ولم يشر من قريب ولا من بعيد إلى الكمبيالات التي يزعم الطاعنون أن الحكم أشار إليهما أو أنهم طالبوا بتقديمها في دفاعهم ولم تجبهم المحكمة إلى طلبهم هذا - وأخيرا فانهم لم يقدموا ما يفيد أن السندات موضوع الدعوى 145 لسنة 1946 مدنى الجمالية تحمل ختما يختلف في تاريخه عن تاريخ الختم الموقع به على عقد المقاولة - ومردود ثانيا بأن الحكم المطعون فيه بعد أن لخص وقائع الدعوى والحكم التمهيدي أخذ يناقش أقوال شهود الإثبات والنفي ثم خلص من ذلك إلى القول "إنه ظاهر من شهادة شاهدي المستأنف عليه (المطعون عليه) أنهما شهدا بصدور العقد من المرحوم حافظ محمد يوسف وتوقيعه بختمه عليه، وأنه عن شهادة شاهدي المستأنفين فإنهما فضلا عن أنها لم تنصب على ما طلب إثباته إلا أنها تفيد في الدلالة على حصول التعاقد بين المرحومين حافظ محمد يوسف وعبد العزيز العلاف وذلك بسؤال ابن المتوفى عما إذا كانت هناك ديون باقية أم لا. فشهادتهما عن التخالص الذى لم تحل المحكمة الدعوى على التحقيق لإثباته بل أحالتها لإثبات صدور العقد من حافظ محمد يوسف - وأنه يخلص من كل هذا أن المستأنف عليه قد أثبت صدور العقد أساس الدعوى من المورث وتوقيعه بختمه عليه ولم ينف المستأنفون هذا، وبذلك يكونون قد فشلوا في طعنهم مما يتعين معه رفض الاستئناف الخ" - ومفاد هذا القول أن محكمة الموضوع قد استخلصت من الوقائع ومن أقوال الشهود في منطق سليم أن المورث وقع بختمه أمام الشهود على العقد المطعون عليه بالتجهيل، وأن الطاعنين كانوا حاضرين التحقيق الذى أباح لهم نفى ما يثبته خصمهم بكافة طرق الثبوت. فلا يكون لجدلهم الحالي من غرض إلا أن يكون جدلا موضوعيا حول مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض، متى كان ذلك مبنيا على أسباب سائغة كما هو الحال في الدعوى ولا يتصور أن تقضى المحكمة من تلقاء نفسها برد وبطلان العقد لتزويره بعد أن ثبت لها عجز الطاعنين عن إثبات طعنهم وبعد أن اقتنعت بصحة العقد المطعون فيه.
ومن حيث إنه لذلك كله يتعين رفض الطعن.

الطعن 174 لسنة 22 ق جلسة 5 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 2 ص 43

جلسة 5 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: اسحق عبد السيد، عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على، واحمد قوشه المستشارين.

-------------

(2)
القضية رقم 174 سنة 22 القضائية

(أ) بيع. هبة. 

ذكر الثمن في عقد البيع بصفة صورية. اعتبار العقد صحيحا بوصفه هبة مستترة في صورة عقد بيع. اتفاق الطرفين على عدم نقل تكليف العين المبيعة وبقائها تحت يد البائع للانتفاع بها طول حياته. لا يمنع من انتقال ملكية الرقبة فورا.
(ب) بيع. محكمة الموضوع. 

تحصيل الحكم لأسباب سائغة من نصوص عقد البيع وملابساته أنه عقد تمليك قطعي منجز وانتقال الملكية به فورا إلى المشترى. تقدير موضوعي.
(جـ) حكم استئنافي. تسبيبه. بيع. وصية. 

استطراد الحكم في ملاحظة عابرة بشأن قضاء محكمة الدرجة الأولى وعدم تأثير ذلك على سلامة قضائه. لا عيب.

----------------
1- استقر قضاء محكمة النقض في ظل القانون المدني القديم على أنه إذا كان الثمن لم يذكر في عقد البيع إلا بصفة صورية فإن العقد يصح بوصفه هبة مستترة في صورة عقد بيع وأنه إذا استخلصت محكمة الموضوع من نصوص هذا العقد وملابساته أنه عقد تمليك قطعي منجز فإن اتفاق الطرفين فيه على عدم نقل تكليف العين المبيعة إلى المشترى وعلى بقائها تحت يد البائع للانتفاع بها طول حياته ليس بمانع من انتقال ملكية الرقبة فورا.
2- متى كان ما حصله الحكم من نصوص عقد البيع ومن ملابساته أنه عقد تمليك قطعي منجز وأن الملكية قد انتقلت فورا إلى المشترى فإن ذلك مما يدخل في سلطة قاضى الموضوع التقديرية بلا رقابة عليه من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغا.
3- لا يعيب الحكم ما استطرد إليه في ملاحظة عابرة بشأن قضاء محكمة الدرجة الأولى الذي اعتبر التصرف وصية متى كان ذلك لا يؤثر على سلامة قضائه الذي ألغى الحكم الابتدائي واعتبر التصرف بيعا صحيحا منجزا وليس تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنين رفعا الدعوى رقم 2234 سنة 1949 مدنى أبو تيج على المطعون عليه طلبا فيها الحكم ببطلان عقد البيع الصادر إليه من المورثة المرحومة كترينه مرجان ابراهيم بتاريخ أول سبتمبر سنة 1941 والمسجل فى 6/ 10/ 1941 المتضمن بيعها إليه 1 فدانا و6 قراريط المبينة بالعريضة نظير مبلغ 90 جنيها وقالا بأن هذا العقد صدر من البائعة وهى ناقصة الأهلية لكونها خرساء وصماء وأنه قصد به الوصية لأنه لم يذكر به أنها قبضت الثمن كما أنها اشترطت لنفسها الاحتفاظ بحق الانتفاع - وبتاريخ 5/ 4/ 1950 قضت محكمة الدرجة الأولى ببطلان العقد المذكور بالنسبة لـ 20 قيراطا شيوعا فى الـ 1 فدان و6 قراريط المبينة بالعريضة ورفض ما خالف ذلك من الطلبات واستندت إلى أن العقد وصية لوارث وتنفذ بالنسبة للثلث - واستأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة أسيوط الابتدائية بهيئة استئنافية بالقضية رقم 181 سنة 1950 س - وبتاريخ 19/ 2/ 1952 قضى فى هذا الاستئناف بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين وإلزامهما بالمصروفات عن الدرجتين و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة، فقررا بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث إن الطعن بنى على سببين: يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ لم يعتبر التصرف الصادر للمطعون عليه وصية مع أن العقد المؤرخ أول سبتمبر سنة 1941 وإن ذكر فيه الثمن إلا أنه خلا من النص على قبضه واشترط في العقد عدم نقل التكليف واحتفاظ البائعة بالانتفاع بالعين المبيعة طول مدة حياتها مما مؤداه أن التصرف كان تبرعا مضافا إلى ما بعد الموت.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر في ظل القانون المدني القديم، الذى صدر العقد المطلوب إبطاله إبان سريانه، على أنه إذا كان الثمن لم يذكر في عقد البيع إلا بصفة صورية فإن العقد يصح بوصفه هبة مستترة في صورة عقد بيع وأنه إذا استخلصت محكمة الموضوع من نصوص هذا العقد وملابساته أنه عقد تمليك قطعي منجز فإن اتفاق الطرفين فيه على عدم نقل تكليف العين المبيعة إلى المشترى وعلى بقائها تحت يد البائع للانتفاع بها طول حياته ليس بمانع من انتقال ملكية الرقبة فورا، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ما قرره من أنه "قد ظهر من نصوص عقد البيع المسجل تسجيلا تاما آنف الذكر ومن ملابساته أنه عقد تمليك قطعي منجز وأن الملكية قد انتقلت بموجبه فورا إلى المشتري" وكان ما حصله من ذلك مما يدخل في سلطة قاضى الموضوع التقديرية بلا رقابة عليه من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغا ولم يدع الطاعنان أن فيما خلص إليه الحكم قصورا أو فسادا فى الاستدلال فإن النعي بالسبب الأول يكون في غير محله.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مسخ وقائع الدعوى وأخطأ في تصويرها ذلك بأنه نسب للحكم المستأنف أنه لم يبحث أصل التركة حتى يقضى بإجازة الوصية بالنسبة للثلث منها كلها لا من القدر موضوع العقد وحده في حين أن المورثة لم تترك سوى القدر المبيع ولم يدع المطعون عليه أنها تركت شيئا آخر.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه غير منتج ذلك بأن ما ذكره الحكم مما يعيبه الطاعن إنما جاء في ملاحظة عابرة بشأن قضاء محكمة الدرجة الأولى الذى اعتبر التصرف وصية، وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا يؤثر على سلامة قضائه الذي ألغى به الحكم الابتدائي واعتبر التصرف بيعا صحيحا منجزا وليس تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.

الطعن 17 لسنة 22 ق جلسة 5 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 1 ص 41

جلسة 5 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة محمد فؤاد جابر واسحق عبد السيد ومحمد عبد الرحمن يوسف واحمد قوشه المستشارين.

--------------

(1)
القضية رقم 17 سنة 22 القضائية

نقض. طعن. 

موضوع النزاع يتعلق بأموال لأسرة محمد على. عدم جواز سماع الطعن. القانون رقم 598 سنة 1953.

--------------
متى كان يبين من وقائع الدعوى أن النزاع يتعلق بأموال لأسرة محمد على التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في 8 من نوفمبر سنة 1953 بمصادرتها وكان القانون رقم 598 سنة 1953 قد منع المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها من سماع الدعاوى المتعلقة بهذه الأموال بما في ذلك الدعاوى المنظورة وقت العمل بهذا القانون ولو لم يكن الأشخاص المصادرة أموالهم خصوما فيها فانه يتعين الحكم بعدم جواز سماع الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن النيابة العامة طلبت الحكم بعدم جواز سماع الدعوى استنادا إلى أن الطعن رفع على المطعون عليهما وهما من أسرة محمد على.
ومن حيث إن هذا الطلب في محله ذلك بأنه يبين من الأوراق أن الدعوى رفعت بإخلاء السوقين المؤجرتين من المطعون عليها الأولى وأن ملكيتها لهما آلت لها عن طريق الميراث عن (الأميرة) نعمت الله إسماعيل وكلتاهما من أسرة محمد على، فالنزاع يتعلق بأموال لأسرة محمد على، ولما كان قد صدر في 8 من نوفمبر سنة 1953 قرار من مجلس قيادة الثورة بمصادرة أموال وممتلكات أسرة محمد على وكان القانون رقم 598 سنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على قد نص في المادة 14 منه على أنه استثناء من حكم المادة 12 من قانون نظام القضاء والمادتين 3 و10 من قانون مجلس الدولة، لا يجوز للمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها سماع الدعاوى المتعلقة بالأموال التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في 8 من نوفمبر سنة 1953 بمصادرتها ويسري ذلك على الدعاوى المنظورة أمام المحاكم وقت العمل بهذا القانون ولو لم يكن الأشخاص المصادرة أموالهم خصوما فيها، لما كان ذلك فإنه يتعين عدم جواز سماع الدعوى.

الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تعليم - المدارس والمراكز والمعاهد الأجنبية




مدير المدرسة الخاصة وناظرها. اختصاصهما بالاختصاصات المقررة لمدير ونظار المدارس الرسمية المناظرة. م 26 من قرار وزير التعليم 306 لسنة 1993. الشئون الفنية والإدارية والمالية والمخزنية مسئولياتهما واختصاصاتهما. م 1، 3، 4 من قرار وزير التعليم 120 لسنة 1989.الحكم كاملاً




العلاقة التي تربط صاحب المدرسة بالعاملين فيها. علاقة تعاقدية. خضوعها لأحكام قوانين التعليم والعمل والتأمينات فيما لم يرد به نص في قانون التعليم وللقواعد التي ترد في شأنها بقرار وزير التعليم ولائحة المدرسة.الحكم كاملاً





الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تعليم - مدارس خاصة / تنظيمها




التزام المدارس الخاصة باتباع القرارات والتعليمات والمنشورات التي تصدرها وزارة التربية والتعليم. القانون 160 لسنة 1958.الحكم كاملاً




وجوب إعداد المدارس الحرة لائحة داخلية تنظم شئون العمل بها وتحدد حقوق العاملين فيها بحيث تكون أجورهم مماثلة لماهيات نظرائهم في المدارس الحكومية على الأقل. التزام المدارس الحرة بتلك الأحكام.الحكم كاملاً





الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تعليم - مدارس خاصة




علاقة التبعية. مناطها. أن يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه ومحاسبته.الحكم كاملاً





الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تعليم - تعليم حر




خضوع المدارس الحرة لرقابة وزارة التربية والتعليم وتفتيشها في الحدود الواردة بالقانون 582 لسنة 1955.الحكم كاملاً




ثبوت صدور قرارات إدارية بغلق المدرسة الحرة مؤقتاً.الحكم كاملاً




العلاقة بين وزارة التربية والتعليم وبين المدارس الحرة في خصوص الإعانة علاقة تنظيمية عامة مصدرها القوانين والقرارات الصادرة في شأنها. وجوب الرجوع إلى هذه القوانين واللوائح في الأنزعة التي تثور بين الوزارة وبين أصحاب تلك المدارس.الحكم كاملاً




عدم اكتساب مدرسى وموظفى التعليم الحر صفة الموظفين العموميين بمقتضى هذا القانون.الحكم كاملاً





(الْمَادَّةُ 145) الْمِثْلِيُّ مَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي السُّوقِ



(الْمَادَّةُ 145) الْمِثْلِيُّ: مَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي السُّوقِ بِدُونِ تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ كَالْكَيْلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ مِثْلِ الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1119) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ تَفَاوُتٌ فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْبَيْضِ وَالْجَوْزِ وَآحَادِهِمَا فَذَلِكَ التَّفَاوُتُ لَا يُوجِبُ اخْتِلَافًا فِي الثَّمَنِ وَيُبَاعُ الْكَبِيرُ مِنْهُمَا بِمِثْلِ مَا يُبَاعُ بِهِ الصَّغِيرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
هَذَا وَلْيَكُنْ مَعْلُومًا بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَكِيلٍ وَلَا كُلُّ مَوْزُونٍ بِمِثْلِيٍّ فَالْقَمْحُ الْمَخْلُوطُ بِشَعِيرٍ وَالْكَأْسُ الْمَصْنُوعُ مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ لَيْسَا بِمِثْلِيَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَكِيلًا وَالثَّانِي مَوْزُونًا.

(الْمَادَّةُ 144) حَقُّ الْمَسِيلِ حَقُّ جَرَيَانِ الْمَاءِ




(الْمَادَّةُ 144) حَقُّ الْمَسِيلِ حَقُّ جَرَيَانِ الْمَاءِ وَالسَّيْلُ والتوكاف مِنْ دَارٍ إلَى الْخَارِجِ.
أَيْ أَنْ يَكُونَ الْمَحِلُّ الَّذِي يَسِيلُ إلَيْهِ الْمَاءُ مِلْكًا لِغَيْرِ صَاحِبِ الدَّارِ وَلِصَاحِبِ الدَّارِ حَقُّ الْإِسَالَةِ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ فَقَطْ وَحَقُّ الْمَسِيلِ هَذَا كَحَقِّ الْمُرُورِ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي تَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا وَالْمَسِيلُ هُنَا مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يَسِيلُ الْمَاءُ مِنْهُ. وَحَقُّ الْمَسِيلِ بِمَعْنَى حَقِّ التَّسْيِيلِ أَوْ حَقِّ الْإِسَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(الْمَادَّةُ 143) حَقُّ الشُّرْبِ هُوَ نَصِيبٌ مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ مِنْ النَّهْرِ




(الْمَادَّةُ 143) حَقُّ الشُّرْبِ: هُوَ نَصِيبٌ مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ مِنْ النَّهْرِ وَيَكُونُ عَامًّا أَوْ خَاصًّا بِمَزْرَعَةٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ حَدِيقَةٍ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1262) 
وَيُعَيَّنُ مِقْدَارُ هَذَا الْحَقِّ بِالزَّمَنِ تَارَةً وَأُخْرَى بِأَنَابِيبَ أَوْ فَجَوَاتٍ ذَاتِ اتِّسَاعٍ مُعَيَّنٍ.

(الْمَادَّةُ 142) حَقُّ الْمُرُورِ هُوَ حَقُّ الْمَشْيِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ




(الْمَادَّةُ 142) حَقُّ الْمُرُورِ هُوَ حَقُّ الْمَشْيِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ رَقَبَةُ الطَّرِيقِ مَمْلُوكَةً لِشَخْصٍ وَلِآخَرَ الْحَقُّ بِأَنْ يَمُرَّ مِنْهَا فَقَطْ. 
وَهَذَا الْحَقُّ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (1227) .