جلسة 16 من نوفمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل وحسن عميرة ومحمد زايد نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.
--------------
(160)
الطعن رقم 4399 لسنة 59 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. الأمر فيه إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض.
(2) مأمورو الضبط القضائي. اختصاص "اختصاص مكاني". مواد مخدرة.
ضباط إدارة مكافحة المخدرات ومعاونيهم من الكونستبلات والمساعدين الأول والثانيين. انبساط اختصاصهم المكاني على جميع أنحاء الجمهورية. المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960. مفاد ذلك؟
(3) تفتيش "إذن التفتيش". "إصداره" "تسبيبه". استدلالات. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
تسبيب إذن تفتيش المسكن. ليس له شكل خاص.
صدور الإذن بعد الاطلاع على محضر التحريات المتضمن أسباب طلبه. اعتبار هذه الأسباب أسباباً للإذن ولو لم يفصح مصدره عن ذلك.
مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان التفتيش لعدم تسبيب الإذن.
(4) تفتيش "إذن التفتيش" "إصداره" "تنفيذه". مواد مخدرة.
وجود ورقة الإذن بيد مأمور الضبط القضائي المنتدب لتنفيذه. غير لازم. أساس ذلك؟
اشتراط أن يكون التبليغ بفحوى الإذن. أصل ثابت بالكتابة في الأوراق.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(6) نقض "أسباب الطعن. تحديدها" "ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وجه الطعن وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقوانين أرقام 40 لسنة 1966، 16 لسنة 1973، 61 لسنة 1977 و45 لسنة 1984 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون عليه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ولصدوره لغير مختص ولعدم تسبيبه كما أن هذا الإذن لم يحمله من قام بالتفتيش وهو غير من صدر له الإذن بل ظهر فجأة إلا أن الحكم رد على هذه الدفوع رداً قاصراً، فضلاً عن أن الطاعن دفع بشيوع التهمة لإقامته مع أولاده في مسكن واحد غير أن الحكم ذهب إلى عدم مساكنة أولاده بحجرته بما يخالف الثابت بالأوراق، فضلاً عن إضافته لوقائع غير موجودة واستبعاده لوقائع موجودة وقصوره في بيان رواية الشهود بإحالته في سردها إلى أقوال شاهد معين.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة مخدر الحشيش بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المقدم...... والرائدين..... و...... والعقيد..... ومن تقرير المعمل الكيماوي ومعاينة مسكن الطاعن من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعن من بطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وعدم تسبيبه ولصدوره لغير مختص ورد عليه بقوله (وحيث إن هذا الدفع مردود بأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش أمر موكول تقديره لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ولما كان الثابت من محضر التحريات أنها أجريت بمعرفة العقيد.... رئيس منطقة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالغربية والمقدم...... والرائد..... العاملين بذات المنطقة والرائد.... وكيل قسم مكافحة المخدرات بكفر الشيخ وأن الأول أشرف على المأمورية التي ضبط فيها المتهم وأن الثلاثة الآخرين قام أولهم بالضبط بعد انتدابه في حضور الآخرين وقد شهدوا بذلك وأنهم قاموا بأنفسهم بإجراء التحريات فإنه والحال هذه لا تثريب على سلطة التحقيق وقد أذنت بتفتيش المتهم ومسكنه ومحل بقالته اطمئناناً منها إلى ما قام به الشهود من تحريات الأمر الذي تصادقها عليه المحكمة أما الدفع بأن إذن التفتيش غير مسبب فأمر غير صحيح إذ الثابت من مطالعة إذن التفتيش أن مصدره صدره بالعبارات التالية "بعد الاطلاع على محضر التحريات بعاليه والمحرر بمعرفة السيد العقيد... والثابت به أن تحرياته السرية أسفرت عن أن.... من أهالي قرية...... مركز الحامول يتجر في المواد المخدرة وطلب إذناً لضبطه وتفتيشه وكذا مسكنه ومحل بقالته لضبط ما يحوزه أو يحرزه من مواد مخدرة، وحيث إن هذه التحريات جدية ونحن نطمئن إليها وترشح لصدور إذن منا". وهذه العبارات التي سلفت هي أسباب كافية تماماً لحمل الإذن وتسبيبه، وأما الدفع بأن الإذن صدر لغير مختص بالتفتيش فهو قول يجافي الحقيقة إذ أن المأذون بالتفتيش أو من يندبه وهو العقيد... هو رئيس منطقة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالغربية وبصفته هذه له اختصاص عام بالمنطقة والتي فيها محافظة كفر الشيخ وكذلك الأمر لمن يندبه العقيد للتفتيش ومن ثم يكون الدفع برمته على غير أساس متعين الرفض). لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الإذن فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، وكانت المادة 49 من القانون رقم 182 سنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جعلت لمديري إدارة مكافحة المخدرات.... وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأمور الضبطية في جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ومن ثم فإن من صدر إليه أمر التفتيش وهو رئيس منطقة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالغربية والضابط الذي ندبه للتفتيش والذي يعمل بنفس المنطقة يكونان مختصين بإجراء التفتيش الذي تم بمنطقة كفر الشيخ بموجب ما لهما من اختصاص عام، لما كان ذلك وكان من المقرر أن المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 سنة 1972 فيما استحدثت من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم ترسم شكلاً خاصاً للتسبيب كما أن من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت هذه السلطة قد أصدرت أمرها بالتفتيش من بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من طالب الأمر بالتفتيش فإن الاستجابة لهذا الطلب تفيد أن تلك السلطة لم تصدر أمرها إلا بناء على اقتناعها بجدية وكفاية الأسباب التي أفصح عنها طالب الأمر في محضره وعلى اتخاذها بداهة هذه الأسباب أسباباً لأمرها هي دون حاجة إلى تصريح بذلك لما بين المقدمات والنتيجة من لزوم، وإذ كان الحال في الدعوى الماثلة على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة حين أصدرت أمرها بالتفتيش مثار الطعن إنما أصدرته من بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من رئيس منطقة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالغربية طالب الأمر وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغاً لإصداره فإن بحسب أمرها ذلك كي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءاً منه وبغير حاجة إلى إيراد تلك الأسباب في الأمر نفسه، لما كان ذلك وكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش للأسباب التي أثارها الطاعن بما يتفق مع ما تقدم جميعه فإن النعي عليه في هذا الشق يكون غير سديد، لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يشترط وجود ورقة الإذن بيد مأمور الضبط القضائي المنتدب لأن من شأن ذلك عرقلة إجراءات التحقيق وهي بطبيعتها تقتضي السرعة، وإنما الذي يشترط أن يكون لهذا التبليغ بفحوى الإذن أصل ثابت بالكتابة في الأوراق وهو ما لا يجحده الطاعن وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من اللازم لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً بأن يفصح الطاعن عن أوجه الوقائع التي ذهب إلى أن الحكم أغفل إيرادها، وعن الوقائع غير الموجودة التي قال بأن الحكم أضافها وذلك حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى، وهو ما تقاعس عنه الطاعن، لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن من شيوع التهمة بينه وبين أولاده وأطرحه بقوله "إن الثابت من أقوال الشهود أن المتهم كان يقيم بمفرده بالحجرة وأن أولاده في مسكن آخر مجاور ولم يتواجد أحد منهم حال الضبط مع المتهم ومن ثم فإن ما ساقه من دفاع ما قصد منه إلا الإفلات من الاتهام إزاء أقوال الشهود التي اطمأنت لها المحكمة وعولت عليها" وكان ما أورده الحكم فيما تقدم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن الموضوعي بشيوع التهمة ما دام أن الطاعن لا يمارى في سلامة ما أورده الحكم استناداً إلى أقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها من أنه يقيم بمفرده بالحجرة التي تم ضبط المخدر بها وأن أحداً من أولاده لم يتواجد معه بهذه الحجرة وقت الضبط ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.