الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 أبريل 2024

الطعن 4399 لسنة 59 ق جلسة 16 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 160 ص 988

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل وحسن عميرة ومحمد زايد نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.

--------------

(160)
الطعن رقم 4399 لسنة 59 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. الأمر فيه إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض.
(2) مأمورو الضبط القضائي. اختصاص "اختصاص مكاني". مواد مخدرة.
ضباط إدارة مكافحة المخدرات ومعاونيهم من الكونستبلات والمساعدين الأول والثانيين. انبساط اختصاصهم المكاني على جميع أنحاء الجمهورية. المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960. مفاد ذلك؟
(3) تفتيش "إذن التفتيش". "إصداره" "تسبيبه". استدلالات. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
تسبيب إذن تفتيش المسكن. ليس له شكل خاص.
صدور الإذن بعد الاطلاع على محضر التحريات المتضمن أسباب طلبه. اعتبار هذه الأسباب أسباباً للإذن ولو لم يفصح مصدره عن ذلك.
مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان التفتيش لعدم تسبيب الإذن.
(4) تفتيش "إذن التفتيش" "إصداره" "تنفيذه". مواد مخدرة.
وجود ورقة الإذن بيد مأمور الضبط القضائي المنتدب لتنفيذه. غير لازم. أساس ذلك؟
اشتراط أن يكون التبليغ بفحوى الإذن. أصل ثابت بالكتابة في الأوراق.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(6) نقض "أسباب الطعن. تحديدها" "ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وجه الطعن وجوب أن يكون واضحاً محدداً.

----------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الإذن فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
2 - لما كانت المادة 49 من القانون رقم 182 سنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جعلت لمديري إدارة مكافحة المخدرات.... وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضابط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأمور الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ومن ثم فإن من صدر إليه أمر التفتيش وهو رئيس منطقة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالغربية والضابط الذي ندبه للتفتيش والذي يعمل بنفس المنطقة يكونان مختصين بإجراء التفتيش الذي تم بمنطقة كفر الشيخ بموجب ما لهما من اختصاص عام.
3 - من المقرر أن المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 سنة 1972 فيما استحدثت من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم ترسم شكلاً خاصاً للتسبيب كما أن من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت هذه السلطة قد أصدرت أمرها بالتفتيش من بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من طالب الأمر بالتفتيش فإن الاستجابة لهذا الطلب تفيد أن تلك السلطة لم تصدر أمرها إلا بناء على اقتناعها بجدية وكفاية الأسباب التي أفصح عنها طالب الأمر في محضره وعلى اتخاذها بداهة هذه الأسباب أسباباً لأمرها هي دون حاجة إلى تصريح بذلك لما بين المقدمات والنتيجة من لزوم، وإذ كان الحال في الدعوى الماثلة على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة حين أصدرت أمرها بالتفتيش مثار الطعن إنما أصدرته من بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من رئيس منطقة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالغربية طالب الأمر وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغاً لإصداره فإن بحسب أمرها ذلك كي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءاً منه وبغير حاجة إلى إيراد تلك الأسباب في الأمر نفسه، لما كان ذلك وكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش للأسباب التي أثارها الطاعن بما يتفق مع ما تقدم جميعه فإن النعي عليه في هذا الشق يكون غير سديد.
4 - من المقرر أنه لا يشترط وجود ورقة الإذن بيد مأمور الضبط القضائي المنتدب لأن من شأن ذلك عرقلة إجراءات التحقيق وهي بطبيعتها تقتضى السرعة، وإنما الذي يشترط أن يكون لهذا التبليغ بفحوى الإذن أصل ثابت بالكتابة في الأوراق.
5 - لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
6 - من اللازم لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً بأن يفصح الطاعن عن أوجه الوقائع التي ذهب إلى أن الحكم أغفل إيرادها، وعن الوقائع غير الموجودة التي قال بأن الحكم أضافها وذلك حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقوانين أرقام 40 لسنة 1966، 16 لسنة 1973، 61 لسنة 1977 و45 لسنة 1984 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون عليه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ولصدوره لغير مختص ولعدم تسبيبه كما أن هذا الإذن لم يحمله من قام بالتفتيش وهو غير من صدر له الإذن بل ظهر فجأة إلا أن الحكم رد على هذه الدفوع رداً قاصراً، فضلاً عن أن الطاعن دفع بشيوع التهمة لإقامته مع أولاده في مسكن واحد غير أن الحكم ذهب إلى عدم مساكنة أولاده بحجرته بما يخالف الثابت بالأوراق، فضلاً عن إضافته لوقائع غير موجودة واستبعاده لوقائع موجودة وقصوره في بيان رواية الشهود بإحالته في سردها إلى أقوال شاهد معين.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة مخدر الحشيش بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المقدم...... والرائدين..... و...... والعقيد..... ومن تقرير المعمل الكيماوي ومعاينة مسكن الطاعن من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعن من بطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وعدم تسبيبه ولصدوره لغير مختص ورد عليه بقوله (وحيث إن هذا الدفع مردود بأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش أمر موكول تقديره لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ولما كان الثابت من محضر التحريات أنها أجريت بمعرفة العقيد.... رئيس منطقة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالغربية والمقدم...... والرائد..... العاملين بذات المنطقة والرائد.... وكيل قسم مكافحة المخدرات بكفر الشيخ وأن الأول أشرف على المأمورية التي ضبط فيها المتهم وأن الثلاثة الآخرين قام أولهم بالضبط بعد انتدابه في حضور الآخرين وقد شهدوا بذلك وأنهم قاموا بأنفسهم بإجراء التحريات فإنه والحال هذه لا تثريب على سلطة التحقيق وقد أذنت بتفتيش المتهم ومسكنه ومحل بقالته اطمئناناً منها إلى ما قام به الشهود من تحريات الأمر الذي تصادقها عليه المحكمة أما الدفع بأن إذن التفتيش غير مسبب فأمر غير صحيح إذ الثابت من مطالعة إذن التفتيش أن مصدره صدره بالعبارات التالية "بعد الاطلاع على محضر التحريات بعاليه والمحرر بمعرفة السيد العقيد... والثابت به أن تحرياته السرية أسفرت عن أن.... من أهالي قرية...... مركز الحامول يتجر في المواد المخدرة وطلب إذناً لضبطه وتفتيشه وكذا مسكنه ومحل بقالته لضبط ما يحوزه أو يحرزه من مواد مخدرة، وحيث إن هذه التحريات جدية ونحن نطمئن إليها وترشح لصدور إذن منا". وهذه العبارات التي سلفت هي أسباب كافية تماماً لحمل الإذن وتسبيبه، وأما الدفع بأن الإذن صدر لغير مختص بالتفتيش فهو قول يجافي الحقيقة إذ أن المأذون بالتفتيش أو من يندبه وهو العقيد... هو رئيس منطقة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالغربية وبصفته هذه له اختصاص عام بالمنطقة والتي فيها محافظة كفر الشيخ وكذلك الأمر لمن يندبه العقيد للتفتيش ومن ثم يكون الدفع برمته على غير أساس متعين الرفض). لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الإذن فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، وكانت المادة 49 من القانون رقم 182 سنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جعلت لمديري إدارة مكافحة المخدرات.... وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأمور الضبطية في جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ومن ثم فإن من صدر إليه أمر التفتيش وهو رئيس منطقة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالغربية والضابط الذي ندبه للتفتيش والذي يعمل بنفس المنطقة يكونان مختصين بإجراء التفتيش الذي تم بمنطقة كفر الشيخ بموجب ما لهما من اختصاص عام، لما كان ذلك وكان من المقرر أن المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 سنة 1972 فيما استحدثت من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم ترسم شكلاً خاصاً للتسبيب كما أن من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت هذه السلطة قد أصدرت أمرها بالتفتيش من بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من طالب الأمر بالتفتيش فإن الاستجابة لهذا الطلب تفيد أن تلك السلطة لم تصدر أمرها إلا بناء على اقتناعها بجدية وكفاية الأسباب التي أفصح عنها طالب الأمر في محضره وعلى اتخاذها بداهة هذه الأسباب أسباباً لأمرها هي دون حاجة إلى تصريح بذلك لما بين المقدمات والنتيجة من لزوم، وإذ كان الحال في الدعوى الماثلة على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة حين أصدرت أمرها بالتفتيش مثار الطعن إنما أصدرته من بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من رئيس منطقة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالغربية طالب الأمر وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغاً لإصداره فإن بحسب أمرها ذلك كي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءاً منه وبغير حاجة إلى إيراد تلك الأسباب في الأمر نفسه، لما كان ذلك وكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش للأسباب التي أثارها الطاعن بما يتفق مع ما تقدم جميعه فإن النعي عليه في هذا الشق يكون غير سديد، لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يشترط وجود ورقة الإذن بيد مأمور الضبط القضائي المنتدب لأن من شأن ذلك عرقلة إجراءات التحقيق وهي بطبيعتها تقتضي السرعة، وإنما الذي يشترط أن يكون لهذا التبليغ بفحوى الإذن أصل ثابت بالكتابة في الأوراق وهو ما لا يجحده الطاعن وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من اللازم لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً بأن يفصح الطاعن عن أوجه الوقائع التي ذهب إلى أن الحكم أغفل إيرادها، وعن الوقائع غير الموجودة التي قال بأن الحكم أضافها وذلك حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى، وهو ما تقاعس عنه الطاعن، لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن من شيوع التهمة بينه وبين أولاده وأطرحه بقوله "إن الثابت من أقوال الشهود أن المتهم كان يقيم بمفرده بالحجرة وأن أولاده في مسكن آخر مجاور ولم يتواجد أحد منهم حال الضبط مع المتهم ومن ثم فإن ما ساقه من دفاع ما قصد منه إلا الإفلات من الاتهام إزاء أقوال الشهود التي اطمأنت لها المحكمة وعولت عليها" وكان ما أورده الحكم فيما تقدم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن الموضوعي بشيوع التهمة ما دام أن الطاعن لا يمارى في سلامة ما أورده الحكم استناداً إلى أقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها من أنه يقيم بمفرده بالحجرة التي تم ضبط المخدر بها وأن أحداً من أولاده لم يتواجد معه بهذه الحجرة وقت الضبط ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 357 لسنة 59 ق جلسة 16 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 159 ص 983

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميرة وصلاح البرجى نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد الرحمن وفريد عوض.

---------------

(159)
الطعن رقم 357 لسنة 59 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". محكمة أمن الدولة "اختصاصها". إيجار أماكن. خلو الرجل.
اختصاص محكمة أمن الدولة الجزئية المنشأة بالقانون رقم 105 لسنة 1980 دون غيرها بنظر الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977. أساس ذلك؟
(2) اختصاص. نظام عام.
القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية من النظام العام. مؤدى ذلك؟
(3) اختصاص "الاختصاص الولائي". محكمة أمن الدولة "اختصاصها". محكمة عادية. محكمة ثاني درجة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". إيجار أماكن.
لا ولاية لمحكمة الجنح العادية في نظر جريمة خلو الرجل في ظل القانون رقم 105 لسنة 1980. قضاء محكمة ثاني درجة بتعديل الحكم المستأنف رغم ذلك. خطأ في القانون.
(4) محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "سلطة محكمة النقض".
لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين أن المحكمة التي أصدرته لا ولاية لها في الفصل في الدعوى. المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959.

--------------
1 - لما كان القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نص في الفقرة الثالثة من المادة الثالثة منه على "وتختص محكمة أمن الدولة الجزئية دون غيرها بنظر الجرائم... كما تختص دون غيرها بنظر الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 49 سنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن والعلاقة بين المؤجر والمستأجر..." فقد دل بذلك صراحة على أن الاختصاص بنظر الجرائم التي تقع بالمخالفة للقانون رقم 49 سنة 1977 ينعقد لمحكمة أمن الدولة الجزئية وحدها دون غيرها ولا يشاركها فيه أي محكمة أخرى.
2 - من المقرر أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة.
3 - لما كان البين من ديباجة الحكم الابتدائي الذي عدله الحكم المطعون فيه، وأخذ بأسبابه، ومن محضر جلسة المحاكمة الابتدائية أن حكم محكمة أول درجة صدر من محكمة شبرا الخيمة الجزئية في ظل القانون رقم 105 لسنة 1980 الذي سبق صدور واقعة الدعوى وانطبقت عليها أحكامه، ولم تقدمها النيابة العامة لمحكمة أمن الدولة الجزئية المختصة وحدها دون غيرها بل قدمتها إلى محكمة الجنح العادية - محكمة شبرا الخيمة الجزئية - دون أن تكون لها ولاية الفصل فيها، فإن محكمة ثاني درجة إذ قضت بتعديل الحكم المستأنف تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ كان يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى.
4 - لما كانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أن المحكمة التي أصدرته لا ولاية لها بالفصل في الدعوى، وكان الثابت من ديباجة الحكم الابتدائي ومحضر الجلسة أنه صدر من محكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والحكم بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته مؤجراً تقاضى مبلغ 5000 جنيه خارج نطاق عقد الإيجار على النحو المبين بالأوراق، وطلبت عقابه بالمواد 1، 25، 26/ 2، 76/ 8، 77/ 1 من القانون رقم 49 سنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981. ومحكمة جنح شبرا الخيمة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 50 جنيهاً لوقف التنفيذ وتغريمه مبلغ 10000 جنيه وإلزامه برد مبلغ 5000 جنيه للمجني عليه وأداء مبلغ 10000 جنيه لصندوق الإسكان بمحافظة القليوبية. استأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ...... المحامي عن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه بتاريخ 13/ 1/ 1984 - تقاضى، باعتباره مالكاً، مبلغ خارج نطاق عقد الإيجار. ومحكمة شبرا الخيمة الجزئية قضت بجلسة 17/ 2/ 1986 بحبس المتهم - الطاعن - ستة أشهر مع الشغل..... وبتغريمه عشرة آلاف جنيه وبإلزامه برد مبلغ خمسة آلاف جنيه للمجني عليه وبأداء عشرة آلاف جنيه لصندوق الإسكان بالمحافظة، فاستأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بجلسة 27/ 4/ 1986 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نص في الفقرة الثالثة من المادة الثالثة منه على...... "وتختص محكمة أمن الدولة الجزئية دون غيرها بنظر الجرائم..... كما تختص دون غيرها بنظر الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 49 سنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن والعلاقة بين المؤجر والمستأجر..." فقد دل بذلك صراحة على أن الاختصاص بنظر الجرائم التي تقع بالمخالفة للقانون رقم 49 سنة 1977 ينعقد لمحكمة أمن الدولة الجزئية وحدها دون غيرها ولا يشاركها فيه أي محكمة أخرى. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة. لما كان ذلك، وكان البين من ديباجة الحكم الابتدائي الذي عدله الحكم المطعون فيه، وأخذ بأسبابه، ومن محضر جلسة المحاكمة الابتدائية أن حكم محكمة أول درجة صدر من محكمة شبرا الخيمة الجزئية في ظل القانون رقم 105 لسنة 1980 الذي سبق صدور واقعة الدعوى وانطبقت عليها أحكامه، ولم تقدمها النيابة العامة لمحكمة أمن الدولة الجزئية - المختصة وحدها دون غيرها - بل قدمتها إلى محكمة الجنح العادية - محكمة شبرا الخيمة الجزئية - دون أن تكون لها ولاية الفصل فيها، فإن محكمة ثاني درجة إذ قضت بتعديل الحكم المستأنف تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ كان يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أن المحكمة التي أصدرته لا ولاية لها بالفصل في الدعوى، وكان الثابت من ديباجة الحكم الابتدائي ومحضر الجلسة أنه صدر من محكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والحكم بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 3787 لسنة 59 ق جلسة 22 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 167 ص 1035

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان وأحمد عبد الباري.

--------------

(167)
الطعن رقم 3787 لسنة 59 القضائية

نقض "الصفة في الطعن". محاماة.
عدم إفصاح محامي الحكومة عن شخص من ينوب عنه في التقرير بالطعن بالنقض. اعتبار الطعن مقرراً به من غير ذي صفة. أساس ذلك؟

--------------
من حيث إن الأستاذ...... محامي الحكومة قد قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم المطعون فيه بصفته مدعياً بالحقوق المدنية وهو ليس بذي صفة - بشخصه - في الدعوى المدنية - موضوع الطعن الراهن -، ولم يفصح في التقرير بالطعن - بصفته محامياً للحكومة - عن شخص من ينوب عنه في الطعن في الحكم المطعون فيه، فإن الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة، ولا يغير من ذلك أن تكون أسباب الطعن قد تضمنت ما يفيد أنها مقدمة من وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك، ما دام أنه لم يثبت صراحة في تقرير الطعن - أن من قرر به كان نائباً عنه، لما هو مقرر من أن تقرير الطعن هو ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر عنه على الوجه المعتبر قانوناً، وأنه لا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بدليل خارج عنه غير مستمد منه، ومن ثم يتعين التقرير بعدم قبول الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: حاز بضائع أجنبية مهربة بقصد الاتجار - وجدت في حيازته - ولم يقدم المستندات الدالة على سداد الرسوم الجمركية. وطلبت عقابه بالمواد 121، 121 مكرراً، 122، 124 مكرراً من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980. ومحكمة جنح جرجا قضت حضورياً عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم. استأنفت إدارة قضايا الحكومة ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن محام بإدارة قضايا الحكومة بصفته مدعياً بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الأستاذ...... محامي الحكومة قد قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم المطعون فيه بصفته مدعياً بالحقوق المدنية وهو ليس بذي صفة - بشخصه - في الدعوى المدنية - موضوع الطعن الراهن -، ولم يفصح في التقرير بالطعن - بصفته محامياً للحكومة - عن شخص من ينوب عنه في الطعن في الحكم المطعون فيه، فإن الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة، ولا يغير من ذلك أن تكون أسباب الطعن قد تضمنت ما يفيد أنها مقدمة من وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك، ما دام أنه لم يثبت صراحة في تقرير الطعن أن من قرر به كان نائباً عنه، لما هو مقرر من أن تقرير الطعن هو ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر عنه على الوجه المعتبر قانوناً، وأنه لا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بدليل خارج عنه غير مستمد منه، ومن ثم يتعين التقرير بعدم قبول الطعن.

الطعن 2805 لسنة 59 ق جلسة 23 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 168 ص 1038

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور علي فاضل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وصلاح البرجي نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني وأحمد عبد الرحمن.

-----------------

(168)
الطعن رقم 2805 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟
(3) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اعتراف. إكراه.
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك. متى اطمأنت إلى صحته.
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من انتزاع الاعتراف منه بالإكراه. موضوعي.
(4) قتل عمد "بالسم". قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ظروف مشددة.
قصد القتل. أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل بالسم.
(5) عقوبة. إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد "بالسم".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

---------------
1 - إن المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنيهما فيكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة - عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما تضمنه من إعدام المحكوم عليها الأولى...... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم عليهما في قوله: - "وحيث إن نية القتل ثابتة في حق المتهمين من اعترافهما الذي تضمن أنه عقب عودة المجني عليه من الخارج وخشيت زوجته المتهمة الأولى افتضاح أمر حملها سفاحاً من عشيقها المتهم الثاني كما تضايق هذا الأخير من وجود المجني عليه مما يحول دون تردده على عشيقته فقد وجد أنه لا بديل عن التخلص من المجني عليه واشترت المتهمة الأولى مركباً ساماً اعترض عليه عشيقها المتهم الثاني فاستبدلاه بسم آخر أكثر فاعلية وقدمته المتهمة الأولى لزوجها المجني عليه في شراب الليمون تحت رقابة وتشجيع المتهم الثاني قاصدين من ذلك قتل المجني عليه الذي تناول السم وتوفي بعد ذلك". وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكل إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان فيما أورده الحكم - على نحو ما سلف - ما يكفي لاستظهار توافر نية القتل لدى المحكوم عليهما وفي التدليل على استعمالهما السم في قتل المجني عليه مما يتحقق به الظرف المشدد لجريمة القتل حسبما عرفته المادة 233 من قانون العقوبات.
5 - لما كان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد بطريق السم التي دين بها المحكوم عليهما وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وخلا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها الأولى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: - قتلا عمداً....... بجوهر يتسبب عنه الموت عاجلاً أو آجلاً وذلك بأن وضعا له مادة التميك في مشروب الليمون وقدمته له المتهمة الأولى قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الأعراض والإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الثاني فقط: أخفى جثة القتيل سالف الذكر بدون إخبار جهة الاقتضاء على النحو المبين بالأوراق. وإحالتهما إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت في..... بإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية بالنسبة للمتهمة الأولى....... إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء رأيه فيها وحددت جلسة..... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً عملاً بالمادتين 233، 239 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات والمادة 17 من القانون ذاته بالنسبة للمتهم الثاني فقط أولاً: - بإجماع الآراء بمعاقبة المتهمة الأولى بالإعدام شنقاً. ثانياً: - بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ كما عرضت النيابة العامة القضية على المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباًً لطعنيهما فيكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شروط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة - عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما تضمنه من إعدام المحكوم عليها الأولى....... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الحكم حصل واقعة الدعوى في قوله: "إن علاقة آثمة نشأت بين.... و..... أثناء غياب...... زوج الأولى وابن عم الثاني في الجمهورية العراقية كان من نتيجتها أن حملت الزوجة سفاحاً في غيبة زوجها وإذ حضر الزوج من الجمهورية العراقية في أوائل شهر مايو سنة 1987 خشيت الزوجة.... أن يكتشف زوجها..... هذه العلاقة الآثمة وما أسفرت عنه من حمل ففكرت هي وعشيقها... في التخلص منه واستقر تفكيرهما على قتله بالسم وتنفيذاً لما استقر عليه تفكيرهما فقد اشترت..... من محل...... مبيداً حشرياً ساماً إلا أن عشيقها...... اعترض على ذلك المبيد لأن له رائحة مميزة. فقاما بعد ذلك باستبدال ذلك المبيد السائل بمبيد آخر مسحوق قامت...... بإذابته في شراب الليمون وقدمته لزوجها.... الذي شربه ثم اعتراه الألم وأخذ يشكو ثقلاً في قلبه فترة وجيزة من الوقت ثم فارق الحياة وفي هذه الأثناء كان...... يشرف على تنفيذ ما اتفقا عليه من سطح المنزل ويشجع عشيقته على تقديم الشراب السام لزوجها وبعد أن تجرع هذا الأخير السم نزل...... من السطح وجلس مع عشيقته....... بجوار جثة المجني عليه يأكلان ثمار البرتقال وعندما اقترب وقت السحور انتهز...... خلو الطريق من المارة وحمل جثة المجني عليه وسار بها تحت جنح الظلام إلى حيث ألقاها في مياه الترعة ولقد ثبت من تحليل أحشاء المجني عليه أنها تحوي مادة التمك وهي من المبيدات الحشرية ولقد انتهى تقرير التشريح إلى أن الوفاة نشأت من وجود هذه المادة بأحشاء المجني عليه" وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها مستقاة من تحريات مباحث ومن اعتراف المحكوم عليهما بتحقيق النيابة وجلسات المعارضة في حبسهما احتياطياً ومما جاء بتقرير المعامل الكيماوية بالطب الشرعي وبتقرير الصفة التشريحية وبمعاينة النيابة العامة ومما شهد به الطبيب الشرعي ونائبه كبير الأطباء الشرعيين تتفق وأصلها الثابت بالأوراق، ثم عرض الحكم للدفع ببطلان الاعتراف الصادر من المحكوم عليهما بقوله "فإن هذه المحكمة تطمئن اطمئناناً كاملاً إلى صحة اعتراف المتهمين ولا تأخذ بما قرراه أثناء المحاكمة من أنه وليد إكراه ذلك لأن هذا الاعتراف تم في حماية النيابة العامة وأصر عليه المتهمان بجلسة المعارضة بتاريخ...... كما أصرت عليه المتهمة الأولى بجلستي المعارضة في...... و....... بل إن هذه المتهمة قررت بجلسات المحاكمة في..... و..... أنها لم ترتكب الحادث إلا أن المتهم الثاني هو الذي أمرها بإعداد كوب الليمون الذي شربه المجني عليه وكان المتهم الثاني يجلس فوق السطح وهو أمر ينفي ما قرره المتهمان وتمسك به الدفاع من أن هذا الاعتراف وليد إكراه واعتداء من رجال الشرطة لم تحدث عنه إصابات لأنه كان بالجريد الأخضر ذلك لأن الواضح أنه لا يوجد ثمة دليل على وجود ذلك الإكراه بل إن إصرار المتهمين خاصة المتهمة الأولى على ترديد مضمون ذلك الاعتراف في جلسات المعارضة والمحاكمة على النحو سالف البيان يؤكد صحته كما يؤكد صحة ذلك الاعتراف ما لاحظته المحكمة بجلسة...... من أن المتهمة الأولى تحمل طفلة قررت المتهمة الأولى بالجلسة أنها ولدتها بعد حبسها بثلاثة أشهر مما يؤكد صحة اعترافها من أنها حملت بها سفاحاً أثناء غياب زوجها خارج جمهوري مصر العربية ويجعل هذه المحكمة تطمئن إليه وتأخذ بما جاء فيه". لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها، وكان الحكم المطروح - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليهما لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت مما حصله من تقرير المعامل الكيماوية ومما شهدت به نائبة كبير الأطباء الشرعيين ومما نقله عن تقرير الصفة التشريحية وشهادة الطبيب الشرعي أن وفاة المجني عليه تسمميه ناتجة عن وجود مادة التمك وهي من المبيدات الحشرية - بأحشائه، ثم استظهر نية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم عليهما في قوله: - "وحيث إن نية القتل ثابتة في حق المتهمين من اعترافهما الذي تضمن أنه عقب عودة المجني عليه من الخارج وخشيت زوجته المتهمة الأولى افتضاح أمر حملها سفاحاً من عشيقها المتهم الثاني كما تضايق هذا الأخير من وجود المجني عليه مما يحول دون تردده على عشيقته فقد وجد أنه لا بديل عن التخلص من المجني عليه واشترت المتهمة الأولى مركباً ساماً اعترض عليه عشيقها المتهم الثاني فاستبدلاه بسم آخر أكثر فاعلية وقدمته المتهمة الأولى لزوجها المجني عليه في شراب الليمون تحت رقابة وتشجيع المتهم الثاني قاصدين من ذلك قتل المجني عليه الذي تناول السم وتوفي بعد ذلك". وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان فيما أورده الحكم - على نحو ما سلف - ما يكفي لاستظهار توافر نية القتل لدى المحكوم عليهما وفي التدليل على استعمالهما السم في قتل المجني عليه مما يتحقق به الظرف المشدد لجريمة القتل حسبما عرفته المادة 233 من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن كلاً من المتهمين لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام فندبت المحكمة لكل منهما محام ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها بعد الاطلاع على أوراقها فإن المحكمة تكون قد وفرت لهما حقهما في الدفاع وكان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد بطريق السم التي دين بها المحكوم عليهما وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وخلا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها الأولى.

الطعن 4147 لسنة 59 ق جلسة 23 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 169 ص 1048

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل ومحمد حسين مصطفى.

---------------

(169)
الطعن رقم 4147 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. صحيحه. حد ذلك: أن تنصب هذه الشهادة على واقعة واحدة ولا يوجد خلاف فيها.
(2) إثبات "شهادة". قانون "تفسيره".
الشهادة. تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه بحاسة من حواسه.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عقيدة المحكمة. قيامها على المقاصد والمعاني ولا على الألفاظ والمباني.
(4) إثبات "شهادة". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في تحري حقيقة معنى اللفظ في اللغة هي بالسياق الذي ورد فيه.
لفظة المشاهدة. دلالتها على ما يدركه الشاهد بسائر حواسه. مثال.
(5) جريمة "أركانها". باعث. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" 

سبب الجريمة. ليس من أركانها. الخطأ فيه بفرض حصوله لا يؤثر في سلامة الحكم. متى لم تجعل له المحكمة اعتباراً في إدانة المتهم.
(6) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر الخارجية التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر نية القتل.
(7) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم قصوره في استظهار نية القتل. متى كانت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
سلطة محكمة الموضوع في الالتفات عما تضمنه محضر الصلح بعدول المجني عليه من اتهام المتهم دون بيان العلة. أخذها بأدلة الثبوت يؤدي دلالة إلى إطراحه.
(9) إثبات "خبرة" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
مثال لتسبيب سائغ لدحض قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني.
(10) قتل عمد. إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جواز حدوث إصابة المجني عليه بالظهر والضارب له أمامه أو خلفه. تقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة. علة ذلك؟
(11) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". 

عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي حاجة لاتخاذ هذا الإجراء.

--------------
1 - من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفادياً من التكرار الذي لا موجب له.
2 - الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحاسة من حواسه.
3 - من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني.
4 - إن العبرة في تحري حقيقة معنى اللفظ في اللغة هي بسياقه الذي ورد فيه، فقد تدل لفظة المشاهدة على ما يدركه الشاهد بحاسة البصر أو ما يدركه بحاسة السمع، أو ما يدركه بسائر حواسه، وذلك بحسب وضع الكلمة في مساق العبارة التي تكون موضع التأويل، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل شهادة شاهد الإثبات الرابع بما مؤداه أن المتهم الأول حمل سلاحه وأعده للإطلاق بينما حمل المتهم الثاني عصا حديدية ودلفا إلى مسكن المجني عليهما، بينما اقتصر دور المتهم الثالث على الوقوف أمام الباب الخارجي لمسكن المجني عليهما لمنع دخول من قد يسعى لإنقاذ المجني عليهما، ثم شاهد إطلاق الأعيرة النارية، وأنه عقب مغادرة المتهمين للمسكن تبين له إصابة المجني عليه الأول بأعيرة نارية. لما كان ذلك، وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه لرواية ذلك الشاهد، أنه إنما أراد بكلمة شاهد - على السياق المتقدم - التي نسبها إليه، الإدراك والمعاينة بحاسة السمع - لا الإدراك والمعاينة بحاسة البصر - وهو معنى يدخل في معاني الكلمة تلك مدلولاً وتأويلاً، يؤكد ذلك ما نقله الحكم عن الشاهد من أن المتهم الثالث وقف على الباب الخارجي للمسكن لمنعه والآخرين من الدخول إلى المنزل محل الحادث، لإنقاذ المجني عليهما. ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقترن بالصواب.
5 - إن سبب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصر من عناصرها والخطأ فيه بفرض حصوله لا يؤثر في سلامة الحكم ما دامت المحكمة لم تجعل لهذه الواقعة اعتباراً من إدانة المتهمين.
6 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية، موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على السياق بادي الذكر - قد دلل على هذه النية تدليلاً سائغاً، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضى بها عليهم - وهي الحبس مع الشغل لمدة سنتين لكل - مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
8 - لما كان الصلح المبرم عقب الواقعة بين الطاعنين والمجني عليهما لا يعدو أن يكون تحولاً جديداً من المجني عليهما يتضمن عدولهما عن اتهامهما، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى إطراح الصلح المذكور.
9 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
10 - إن جسم الإنسان - في الأصل - متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء - ما لم يقم دليل على تقييد حركته أياً كان سبب هذا التقييد - مما يجوز معه حدوث الإصابة بمدخل يسار الظهر، والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذي يكون عليه الجسم وقت الاعتداء، وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة.
11 - لا جناح على المحكمة إن هي لم تجب طلب الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها - على ما أفصحت عنه في حكمها - ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين 1 - شرعوا في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً (مسدس) مع الأول وأداة صلبة راضة (قطعة حديد) مع الثاني واقتحموا عليه المسكن وما أن ظفروا به حتى ضربه الثاني بقطعة الحديد على جسمه وأطلق عليه الأول أعيرة نارية بينما وقف المتهم الثالث على باب المنزل لمنع دخول أحد لإسعافه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج - 2 - شرعوا في قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً (مسدس) مع المتهم الأول وأداة صلبة راضة "قطعة حديد" مع الثاني واقتحموا عليه المسكن وما أن ظفروا به حتى ضربه الثاني بقطعة الحديد وأطلق عليه الأول أعيرة نارية بينما كان الثالث يقف بباب المنزل لمنع دخول أحد لإسعافه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو هرب المجني عليه ومداركته بالعلاج. وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار عملاً بالمواد 45، 46، 234/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من القانون ذاته بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني والأستاذ...... المحامي عن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثالث في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة الشروع في القتل العمد قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أحال في بيان شهادة شاهدي الإثبات الثاني والثالثة إلى ما شهد به الشاهد الأول دون أن يورد مضمون شهادتيهما، كما أحال في بيان شهادة الشاهدين الخامس والسادس إلى ما شهد به شاهد الإثبات الرابع..... وحصل شهادة الأخير بأنه شاهد واقعة إطلاق الأعيرة النارية على المجني عليهما في حين أن مؤدى شهادته هو والآخرين أنهم لم يشاهدوا تلك الواقعة، كما نقل الحكم عن الشاهد الرابع أن المتهم الثالث طلب منه الشهادة على الخلاف القائم بينه وبين المجني عليهما حال أن أقواله بالتحقيقات قد تضمنت أن الخلاف قام بين ذاك المتهم والمجني عليه الأول وحده، ولم يدلل الحكم على توافر نية القتل في حقهم تدليلاً كافياً، كما جمع الحكم بين النقيضين فيما نقله عن التقرير الطبي من مسار العيار الناري الذي أصاب المجني عليه الأول بيسار الظهر - من أعلا إلى أسفل ثم عودته إلى القول بأنه لا يمكن الجزم بأن إصابة المجني كانت من أعلا إلى أسفل - رغم أن المجني عليه قرر بأن إطلاق النار كان في مواجهته، وقد طلب الدفاع عنهم استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته واستجلاء واقعة الدعوى غير أن المحكمة أطرحت طلبهم بما لا يصلح رداً. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة والتقرير الطبي الشرعي ومعاينة النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفادياً من التكرار الذي لا موجب له. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحاسة من حواسه، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، كما أن العبرة في تحري حقيقة معنى اللفظ في اللغة هي بسياقه الذي ورد فيه، فقد تدل لفظة المشاهدة على ما يدركه الشاهد بحاسة البصر أو ما يدركه بحاسة السمع، أو ما يدركه بسائر حواسه، وذلك بحسب وضع الكلمة في مساق العبارة التي تكون موضع التأويل، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل شهادة شاهد الإثبات الرابع بما مؤداه أن المتهم الأول حمل سلاحه وأعده للإطلاق بينما حمل المتهم الثاني عصا حديدية ودلفا إلى مسكن المجني عليهما، بينما اقتصر دور المتهم الثالث على الوقوف أمام الباب الخارجي لمسكن المجني عليهما لمنع دخول من قد يسعى لإنقاذ المجني عليهما، ثم شاهد إطلاق الأعيرة النارية، وأنه عقب مغادرة المتهمين للمسكن تبين له إصابة المجني عليه الأول بأعيرة نارية. لما كان ذلك، وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه لرواية ذلك الشاهد، أنه إنما أراد بكلمة شاهد - على السياق المتقدم - التي نسبها إليه، الإدراك والمعاينة بحاسة السمع - لا الإدراك والمعاينة بحاسة البصر - وهو معنى يدخل في معاني الكلمة تلك مدلولاً وتأويلاً، يؤكد ذلك ما نقله الحكم عن الشاهد من أن المتهم الثالث وقف على الباب الخارجي للمسكن لمنعه والآخرين من الدخول إلى المنزل محل الحادث لإنقاذ المجني عليهما. ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقترن بالصواب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص الباعث على الجريمة من أن الطاعنين استأجروا محلاً تجارياً من المجني عليهما وقد نشب خلاف بين الطرفين بصدد تلك العلاقة كان من نتيجته اعتداء المجني عليه الأول بالضرب على المتهم الثاني الأمر الذي أثار حفيظة الطاعنين فانتوا الاعتداء على المجني عليهما، وكان ما استخلصه الحكم له صداه من أقوال شهود الواقعة ومن بينهم الشاهد الرابع فمن ثم يكون منعى الطاعنين من أن الشاهد الأخير قد قرر بالتحقيقات أن الخلاف قام بين المتهم الثاني والمجني عليه الأول وحده غير سديد، هذا إلى أن سبب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصر من عناصرها والخطأ فيه بفرض حصوله لا يؤثر في سلامة الحكم ما دامت المحكمة لم تجعل لهذه الواقعة اعتباراً في إدانة المتهمين - كما هو الحال في الدعوى المطروحة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد القتل وتوافره في حق الطاعنين بقوله "إنه عن قصد القتل فهو قائم في حق المتهمين من ظروف الدعوى وملابساتها فلقد ثبت من التحقيقات أن هناك نزاع قام بين المجني عليهما والمتهمين بصدد استئجار الآخرين لمحل تجاري بمسكن المجني عليهما اللذين أرادا إخلاء هذا المحل الأمر الذي رفضه المتهمين وفي يوم الحادث توجه المجني عليه..... إلى المحل المذكور وحاول الاعتداء على المتهم الثالث....... إلا أن المتهم الثاني...... منعه من ذلك الاعتداء فاعتدى عليه المجني عليه..... وأحدث إصابته الموصوفة بالتحقيقات وهي عبارة عن إصابة بشفته العليا كما جاء بوصف النيابة لها في التحقيقات الأمر الذي آثار حفيظة المتهمين وحرك عوامل الغضب في نفوسهم فاستل كل من المتهمين الأول والثاني لقطعة من الحديد واتجهوا وجهة واحدة قاصدين كل منهم قصد الآخر في إزهاق روح المجني عليهما حيث أطلق المتهم الأول....... أعيرة نارية أصابت المجني عليه...... بينما اعتدى عليه المتهم الثاني بقطعة من الحديد وبالإضافة إلى أن الآلتين المستخدمتين في الاعتداء على المجني عليه سالف الذكر من شأنهما إحداث القتل فإن إصابة المذكور بالصدر والبطن كانت في مقتل وخطيرة وجسيمة لنفاذها للصدر والتجويف البطني وما أحدثته من تمزقات بالرئة والحجاب الحاجز والكبد ويتوافر القصد بالنسبة للمتهمين في واقعة الشروع في قتل..... لذات الأسباب والظروف التي شرحتها المحكمة في أسباب هذا الحكم والمتحصلة في تحرك عوامل الغضب لدى المتهمين واتجاههم وجهة واحدة إلى مسكن المجني عليهما قاصدين القتل عندما أطلق المتهم الأول أعيرة نارية على المجني عليه..... بينما اعتدى عليه المتهم الثاني بقطعة من الحديد بالإضافة إلى الآلة القاتلة وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج كما خاب أثر الجريمة بالنسبة للمجني عليه الثاني..... وهروبه من مسرح الجريمة". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية، موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على السياق بادي الذكر - قد دلل على هذه النية تدليلاً سائغاً، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضى بها عليهم - وهي الحبس مع الشغل لمدة سنتين لكل - مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد. لما كان ذلك، وكان الصلح المبرم عقب الواقعة بين الطاعنين والمجني عليهما لا يعدو أن يكون تحولاً جديداً من المجني عليهما يتضمن عدولهما عن اتهامهما، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى إطراح الصلح المذكور. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب استدعاء الطبيب الشرعي وأطرحه بقوله "إنه عن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لاستجلاء واقعة إصابة المجني عليه.... وبيان كيفية حدوثها بيسار ظهره ويمين بطنه فمن المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة ولم تر من جانبها إجراء أي تحقيق فيها وأصبح الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فإنها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي ذلك لأن الثابت من التقرير الطبي الشرعي أن إصابة المجني عليه...... النارية بمدخل يسار ظهره ومخرج يمين بطنه وإن كانت في مستوى من أعلا إلى أسفل إلا أن أساس ذلك يكون في الوضع القائم المعتدل للجسم من الخلف إلى الأمام ومن اليسار إلى اليمين، ولما كان أحد لم ير واقعة إصابة المجني عليه سالف الذكر حتى يمكن الاستدلال من أقواله على وضع المجني عليه أثناء إطلاق النار عليه. ومن ثم فلا يمكن القول بجزم بأن الإصابة كانت من أعلا إلى أسفل لأن أساس ذلك أن يكون المجني عليه في الوضع القائم المعتدل للجسم وهو ما لا يبين من الأوراق في خصوص اتجاهه العيار الناري بالإضافة إلى أن الثابت من المعاينة أن إطلاق النار على المجني عليه كان على بسطة السلم بالدور الأرضي أمام الشقتين الكائنتين بدلالة الآثار المشاهدة أثناء المعاينة، ومن المقرر أن للمحكمة أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب متى كانت واقعة الدعوى قد أيدت ذلك عندها باعتبارها الخبير الأعلى". لما كان ذلك، وكان ما أوره الحكم المطعون فيه رداً على طلب استدعاء الطبيب الشرعي - على النحو آنف الذكر - ينهض كافياً لدحض قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ولما هو مقرر من أن جسم الإنسان - في الأصل - متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء - ما لم يقم دليل على تقييد حركته أياً كان سبب هذا التقييد - مما يجوز معه حدوث الإصابة بمدخل يسار الظهر، والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذي يكون عليه الجسم وقت الاعتداء، وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة، إذا كان ذلك، وكان الطاعنون لا يذهبون في منعاهم إلى أن جسم المجني عليه المعني بوجه الطعن كان مقيداً أو مغلولاً عن الحركة، فإنه لا يكون هناك من تناقض بين ما قرره المجني عليه الأول من أن الضارب له كان يقف أمامه - بفرض صحة ذلك - وبين ما أورده تقرير الطبيب الشرعي من أن إصابته بمدخل يسار الظهر، كما وأنه لا جناح على المحكمة إن هي لم تجب طلب الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها - على ما أفصحت عنه في حكمها - ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 3540 لسنة 59 ق جلسة 15 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 157 ص 973

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري.

-----------------

(157)
الطعن رقم 3540 لسنة 59 القضائية

بناء. قانون "تفسيره".
القانونان رقما 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 صدر لمد المهلة المقررة لوقف الإجراءات والتصالح المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وذلك تقديراً لظروف الملاك وأصحاب النوايا الحسنة الذين تخلفوا عن تقديم طلباتهم في الموعد المحدد إلى الجهة الإدارية المختصة. أثر ذلك: عدم سريان أحكام تلك القوانين إلا على المباني التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل العمل بأحكام القانون 30 لسنة 1983.

-----------------
لما كان القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء قد نص في مادته الثالثة على أنه يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 ولائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده. وتضمن النص أن العقوبة هي الغرامة بنسب معينة من قيمة الأعمال المخالفة، ثم صدر القانون رقم 54 لسنة 1984 ونص في مادته الأولى على أن يستبدل بنص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 آنفة الذكر النص الآتي "يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 8 يونيه سنة 1985 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده" وأبقت عقوبة الغرامة محددة بذات النسب المشار إليها في المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وإن أعفت من الغرامة جميع الأعمال التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه. ثم صدر من بعد القانون رقم 99 لسنة 1986 ليستبدل بنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون 54 لسنة 1984 المادة الأولى من القانون 99 لسنة 1986 ويجيز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده ومد مهلة تقديم الطلب بأن جعلها تنتهي في 7 يونيه سنة 1987. لما كان ذلك، وكان القانونان رقما 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 المشار إليهما، على ما يبين من تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الحكم المحلي والتنظيمات الشعبية من مضبطة الجلسة السابعة والستين يوم 17 من يونيو سنة 1986 قد صدرا لمد المهلة المقررة لوقف الإجراءات والتصالح والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وذلك تقديراً لظروف الملاك وأصحاب النوايا الحسنة الذين تخلفوا عن تقديم طلباتهم في الموعد المقرر إلى الجهة الإدارية المختصة لعدم معرفتهم أصلاً بالمهلة إما لقصور الإعلام أو لوجودهم أثنائها خارج البلاد أو عجز معظمهم عن تدبير قيمة الغرامة المقررة عن المخالفات التي ارتكبوها مما يفصح عن عدم سريان أحكام القوانين المشار إليها إلا على المباني التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل العمل بأحكام القانون رقم 30 لسنة 1983.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أقام بناء بدون ترخيص من الجهة المختصة، وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 106 لسنة 1976. ومحكمة جنح السنطة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بتغريمه مائة جنيه والإزالة. استأنف كل من المحكوم عليه والنيابة العامة ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة البناء بدون ترخيص بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 وقضى بتغريمه مائة جنيه والإزالة، قد شابه الخطأ في القانون، ذلك بأن المحكمة لم توقف نظر الدعوى بعد أن قدم المطعون ضده للوحدة المحلية طلباً بوقف الإجراءات ضده عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 54 لسنة 1984 المعدل بالقانون رقم 99 لسنة 1986، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء قد نص في مادته الثالثة على أنه يجوز لكل من ارتكب مخالفة أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده. وتضمن النص أن العقوبة هي الغرامة بنسب معينة من قيمة الأعمال المخالفة، ثم صدر القانون رقم 54 لسنة 1984 ونص في مادته الأولى على أن يستبدل بنص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 آنفة الذكر النص الآتي "يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 8 يونيه سنة 1985 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده" وأبقت عقوبة الغرامة محددة بذات النسب المشار إليها في المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وأن أعفت من الغرامة جميع الأعمال التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه. ثم صدر من بعد القانون رقم 99 لسنة 1986 ليستبدل بنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون 54 لسنة 1984 المادة الأولى من القانون 99 لسنة 1986 ويجيز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده ومد مهلة تقديم الطلب بأن جعلها تنتهي في 7 يونيو سنة 1987. لما كان ذلك وكان القانونان رقما 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 المشار إليهما، على ما يبين من تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الحكم المحلي والتنظيمات الشعبية من مضبطة الجلسة السابعة والستين يوم 17 من يونيو سنة 1986 قد صدرا لمد المهلة المقررة لوقف الإجراءات والتصالح والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وذلك تقديراً لظروف الملاك وأصحاب النوايا الحسنة الذين تخلفوا عن تقديم طلباتهم في الموعد المقرر إلى الجهة الإدارية المختصة لعدم معرفتهم أصلاً بالمهلة إما لقصور الإعلام أو لوجودهم أثنائها خارج البلاد أو عجز معظمهم عن تدبير قيمة الغرامة المقررة عن المخالفات التي ارتكبوها مما يفصح عن عدم سريان أحكام القوانين المشار إليها إلا على المباني التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل العمل بأحكام القانون رقم 30 لسنة 1983. لما كان ذلك وكانت الطاعنة لا تمارى في أن البناء موضوع التهمة قد أقيم في 22 من أكتوبر سنة 1985 فإن ما ينعاه على الحكم المطعون فيه من عدم إعمال أحكام القانونين رقمي 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 يكون غير سديد، ويكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4122 لسنة 59 ق جلسة 14 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 156 ص 967

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البارودي ومحمود رضوان نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطية وحسن عشيش.

-----------------

(156)
الطعن رقم 4122 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام".
إثارة الطاعن أن جانباً من المواد المضبوطة لم يرسل إلى التحليل وبالتالي لم يثبت أنه مادة مخدرة فلا يجوز الاستناد إلى مقداره في معرض التدليل على جريمة الجلب. جدل موضوعي. غير مقبول أمام النقض.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام" "خبرة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال.
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التحقق من علم المتهم بكنه المادة المضبوطة. موضوعي. ما دام سائغاً.
(4) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات؟

-----------------
1 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن الجانب الأكبر من المخدر المضبوط لم يرسل إلى التحليل وبالتالي لم يثبت أنه مادة مخدرة فلا يجوز الاستناد إلى مقداره في معرض التدليل على جريمة الجلب - مردوداً بأنه فضلاً عن أن محامي الطاعن قد تنازل في مستهل جلسة...... التي صدر فيها الحكم المطعون فيه عن طلب ضم الأحراز المضبوطة، وعن طلب تحليلها بالتالي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن وعلى ما جرى به قضاء النقض هو منازعة موضوعية في كنه المواد المضبوطة، وليس من شأنه أن ينفي عن الطاعن إحرازه لكمية الأفيون التي أرسلت للتحليل، فمسئوليته الجنائية قائمة في إحراز هذه المخدرات قَلّ ما ضبط منها أو كثر.
2 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة، وكان خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير التحليل - من وجود آثار لمادة الأفيون بالوعاء الذي ضبط به - بفرض وجوده غير مؤثر فيما وقر في عقيدة المحكمة من مسئولية الطاعن عن إحراز اللفافات الخمس من الأفيون التي ضبطت معه، فإن نعيه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحه استناداً إلى عدم اطمئنانه لما ذهب إليه الطاعن في هذا الشأن تأسيساً على ما شاب أقواله من تضارب في تحديد الشخص الذي سلمه المضبوطات ضمن بعض المتاع في مدينة..... لتوصيله إلى محله في مدينة......، فضلاً عن أنه لو كان صادقاً في عدم علمه لكان قد احتفظ بالحذاء المحتوي على بعض المخدر المضبوط في وعائه المدعى باستلامه فيه، ولم ينقله محاولاً الإفلات به وبحمله المؤثم من الدائرة الجمركية، إضافة إلى ما قرره الشاهد من أن جزء من الأفيون كان يسيل على جانب الحذاء وكانت رائحته نفاذة. الأمر الذي استخلصت منه محكمة الموضوع علم الطاعن بكنه ما أحضره معه، لما كان ذلك وكان هذا الذي ساقته المحكمة تبريراً لاقتناعها بعلم الطاعن بكنه المادة المضبوطة كافياً وسائغاً فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الذي تتحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة - فاعلين كانوا أو شركاء - والمبادرة بالإبلاغ قبل علم السلطات بالجريمة أو بعد علمها بها إذا كان البلاغ قد وصل فعلاً إلى ضبط باقي الجناة. ولما كان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه - وهو في معرض الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن - أن هذا الدفاع مجرد زعم لا سند له من القانون أو الواقع - لتخبط الطاعن في الإرشاد عن المتهم الحقيقي الذي سلمه المخدر المضبوط على حد زعمه، وكان لقاضي الموضوع أن يفصل في ذلك ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون في رفض مطلب الطاعن بالانتفاع بالإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون المخدرات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جلب إلى أراضي جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (أفيون) وذلك دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 المعدل والبند 9 من الجدول الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه خمسة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة جلب جوهر الأفيون المخدر دون ترخيص، فقد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد، ذلك أنه ضبطت خمس لفافات وزنها جميعها ألف وثلاثون جراماً، أخذت من إحداها فقط عينة وزنها عشرة جرامات، وعولت المحكمة على نتيجة تحليلها في إسناد تهمة جلب الكمية كلها رغم تمسك محامي الطاعن بضرورة أخد عينة من كل لفافة وتحليلها، قائلة - على خلاف الحقيقة - أنه ثبت من تقرير التحليل وجود فتتات من الأفيون بالوعاء الذي ضبط فيه. هذا أن دفاع الطاعن قام على عدم علمه بكنه المادة المنسوب إليه جلبها، وتمسك بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، إلا أن المحكمة ردت بما لا يسوغ، الأمر الذي يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة كافية وسائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن من أن الجانب الأكبر من المخدر المضبوط لم يرسل إلى التحليل وبالتالي لم يثبت أنه مادة مخدرة فلا يجوز الاستناد إلى مقداره في معرض التدليل على جريمة الجلب - مردوداً بأنه فضلاً عن أن محامي الطاعن قد تنازل في مستهل جلسة....... التي صدر فيها الحكم المطعون فيه عن طلب ضم الأحراز المضبوطة، وعن طلب تحليلها بالتالي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن وعلى ما جرى به قضاء النقض هو منازعة موضوعية في كنه المواد المضبوطة، وليس من شأنه أن ينفي عن الطاعن إحرازه لكمية الأفيون التي أرسلت للتحليل، فمسئوليته الجنائية قائمة في إحراز هذه المخدرات قَلّ ما ضبط منها أو كَثُر. ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة، وكان خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير التحليل - من وجود آثار لمادة الأفيون بالوعاء الذي ضبط به - بفرض وجوده غير مؤثر فيما وقر في عقيدة المحكمة من مسئولية الطاعن عن إحراز اللفافات الخمس من الأفيون التي ضبطت معه، فإن نعيه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحه استناداً إلى عدم اطمئنانه لما ذهب إليه الطاعن في هذا الشأن تأسيساً على ما شاب أقواله من تضارب في تحديد الشخص الذي سلمه المضبوطات ضمن بعض المتاع في مدينة..... لتوصيله إلى محله في مدينة......، فضلاً عن أنه لو كان صادقاً في عدم علمه لكان قد احتفظ بالحذاء المحتوي على بعض المخدر المضبوط في وعائه المدعى باستلامه فيه، ولم ينقله محاولاً الإفلات به وبحمله المؤثم من الدائرة الجمركية، إضافة إلى ما قرره الشاهد من أن جزء من الأفيون كان يسيل على جانب الحذاء وكانت رائحته نفاذة. الأمر الذي استخلصت منه محكمة الموضوع علم الطاعن بكنه ما أحضره معه، لما كان ذلك وكان هذا الذي ساقته المحكمة تبريراً لاقتناعها بعلم الطاعن بكنه المادة المضبوطة كافياً وسائغاً فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الذي تتحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة - فاعلين كانوا أو شركاء - والمبادرة بالإبلاغ قبل علم السلطات بالجريمة أو بعد علمها بها إذا كان البلاغ قد وصل فعلاً إلى ضبط باقي الجناة. ولما كان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه - وهو في معرض الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن - أن هذا الدفاع مجرد زعم لا سند له من القانون أو الواقع - لتخبط الطاعن في الإرشاد عن المتهم الحقيقي الذي سلمه المخدر المضبوط على حد زعمه، وكان لقاضي الموضوع أن يفصل في ذلك ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون في رفض مطلب الطاعن بالانتفاع بالإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون المخدرات. لما كان ما تقدم، فإن الطعن كله يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4154 لسنة 59 ق جلسة 9 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 151 ص 912

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل وحسن عميرة ومحمد زايد نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.

----------------

(151)
الطعن رقم 4154 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تجزئة الدليل. والأخذ بما يطمئن إليه وإطراح ما عداه. مرده اطمئنان المحكمة.
مثال:
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب "ضرب أفضى إلى موت".
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. ما دام سائغاً. مثال لتسبيب سائغ لانتفاء توافر حالة الدفاع الشرعي بالنسبة للطاعن.
(3) ضرب "أفضى إلى موت". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عقوبة الحبس في مفهوم المادة 18 عقوبات. ماهيتها؟
مثال:

---------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال شاهدي الإثبات المشار إليهما وهو ما يتعلق بمقارفة الطاعن ضرب المجني عليه، ولم يعبأ بقالتهما في الشق الآخر الخاص بتحديد أداة الاعتداء لتعارضه وما قرره الطاعن نفسه وما كشف عنه الدليل الفني من وصف لتلك الأداة على نحو ما سلف، ولا يعتبر هذا الذي تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الشهادة ببترها أو مما يقوم به التعارض بين الدليلين.
2 - لما كان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه في قوله "وحيث إنه عما قاله الدفاع من أن المتهم كان في حالة دفاع شرعي فإن المحكمة لا تلتفت إليه إذ لم يثبت أن المجني عليه قد اعتدى على المتهم قبل الحادث وأن المتهم كان يقصد بضربه له منع الاعتداء الأمر الذي يجعل الدفع بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي قولاً مرسلاً لا دليل عليه ويتعين الالتفات عنه" فإن ما أورده الحكم فيما تقدم سائغ ويكفي لتبرير ما انتهى إليه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي، إذ الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب ما دام استدلالها سليماً إلى ما انتهى إليه.
3 - لما كانت المادة 242 من قانون العقوبات بعد أن نصت في فقرتها الأولى على عقوبة جريمة الضرب البسيط نصت في فقرتها الثالثة على أنه "وإذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أية أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى تكون العقوبة الحبس" وكانت الفقرة الأولى من المادة 18 منه قد عرفت عقوبة الحبس بأنها "وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه ولا يجوز أن تنقص هذه المدة عن أربع وعشرين ساعة ولا أن تزيد على ثلاث سنين إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانوناً". وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن أنه ضرب المجني عليه بآلة راضية "يد مكنسة" أنزل به عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات استناداً لنص المادة 242/ 3 آنفة الذكر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين "قضي ببراءتهم" بأنهم: قتلوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد... بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أجساماً صلبة راضة (عصي وقطع من الحديد) وتربصوا في المكان الذي أيقنوا مروره سلفاً فيه وما أن ظفروا به حتى أمسك به المتهم (الطاعن) وشل حركته وانهال عليه الآخرون ضرباً بالعصي وقطع الحديد السالفة على رأسه وباقي جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالتهم إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى....... وآخرون مدنياًَ قبل المتهمين بالتضامن بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. باعتباره مرتكباً جريمة الضرب المفضي إلى الموت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (وقيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة 57 القضائية) وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات بنها لتحكم من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بدائرة أخرى - قضت عملاً بالمادة 242/ 3 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات باعتبار أن التهمة المسندة إليه هي الضرب.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) .... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجنحة الضرب قد شابه التناقض والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه عول في الإدانة على الدليل القولي المستمد من شهادة كل من....... و....... والدليل الفني المتمثل في التقرير الطبي الشرعي رغم تناقض هذين الدليلين، إذ قررت الشاهدتان أن الطاعن ضرب المجني عليه بمطواة بينما أثبت التقرير أن جميع إصابات الأخير رضية لا تحدث من تلك الأداة، ورد الحكم على الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال بما لا يصلح، وتجاوز في تقدير عقوبة الحبس المقضى بها الحد المقرر لها بالمادة 242 من قانون العقوبات التي أخذ الطاعن بموجبها، وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مردودة إلى أصلها الصحيح ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل من شهادة كل من...... و....... و....... أن الطاعن اعتدى على المجني عليه بالضرب كما حصل من أقوال الطاعن بالتحقيقات أنه ضرب المجني عليه بيد مكنسة ونقل عن التقرير الطبي الشرعي أن إصابات المجني عليه "تحدث من الصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة أياً كان نوعها وجائزة الحدوث من مثل قطعة من الحديد أو العصي". وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال شاهدتي الإثبات المشار إليهما وهو ما يتعلق بمقارفة الطاعن ضرب المجني عليه، ولم يعبأ بقالتهما في الشق الآخر الخاص بتحديد أداة الاعتداء لتعارضه وما قرره الطاعن نفسه وما كشف عنه الدليل الفني من وصف لتلك الأداة على نحو ما سلف، ولا يعتبر هذا الذي تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الشهادة ببترها أو مما يقوم به التعارض بين الدليلين. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وطرحه في قوله "وحيث إنه عما قاله الدفاع من أن المتهم كان في حالة دفاع شرعي فإن المحكمة لا تلتفت إليه إذ لم يثبت أن المجني عليه قد اعتدى على المتهم قبل الحادث وأن المتهم كان يقصد بضربه له منع الاعتداء الأمر الذي يجعل الدفع بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي قولاً مرسلاً لا دليل عليه ويتعين الالتفات عنه" فإن ما أورده الحكم فيما تقدم سائغ ويكفي لتبرير ما انتهى إليه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي، إذ الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب ما دام استدلالها سليماً ويؤدي إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك وكانت المادة 242 من قانون العقوبات بعد أن نصت في فقرتها الأولى على عقوبة جريمة الضرب البسيط نصت في فقرتها الثالثة على أنه "وإذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أية أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى تكون العقوبة الحبس" وكانت الفقرة الأولى من المادة 18 منه قد عرفت عقوبة الحبس بأنها "وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه ولا يجوز أن تنقص هذه المدة عن أربع وعشرين ساعة ولا أن تزيد على ثلاث سنين إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانوناً". وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن أنه ضرب المجني عليه بآلة راضية "يد مكنسة" أنزل به عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات استناداً لنص المادة 242/ 3 آنفة الذكر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين القضاء برفضه موضوعاً.

الطعن 2524 لسنة 59 ق جلسة 9 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 150 ص 904

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميرة ومحمد زايد وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.

---------------

(150)
الطعن رقم 2524 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على كل دفاع موضوعي يبديه المتهم.
بحسب الحكم أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً. أساس ذلك؟
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قبض.
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
مثال لتسبيب سائغ لانتفاء حالة الدفاع الشرعي بالنسبة للطاعنين.
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب "استعمال حق مقرر بمقتضى الشريعة" قبض. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفاع باستعمال حق مقرر بمقتضى الشريعة. موضوعي. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(5) قبض "قبض وحجز بدون وجه حق". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القبض على الشخص. ماهيته؟
(6) تعذيب "تعذيبات بدنية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التعذيبات البدنية. عدم اشتراط درجة معينة من الجسامة فيها. تقدير توافرها. موضوعي.
(7) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحصيل الحكم أقوال الشاهد بما له صداه وأصله في الأوراق. ينتفي معه الخطأ في الإسناد.

------------------
1 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي يبديه المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة، وأنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون في غير محله.
3 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لدفاع الطاعنين بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "أما عن قول الدفاع بأن المتهمين كانوا في حالة دفاع شرعي، فإن ذلك مردود عليه بأن الثابت من مطالعة الأوراق ومن أقوال الشهود أن المجني عليهما لم يحدث منهما ثمة اعتداء على المتهمين وقت الحادث حتى يسوغ للمتهمين الدفاع عن أنفسهم" لما كان ذلك وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب عليها ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا لدى محكمة الموضوع شيئاً عن أن ما أتوه مع المجني عليهما كان استعمالاً لحق مقرر بمقتضى الشريعة بما يخرجه عن نطاق التأثيم عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات، وكان هذا الدفاع يقوم على واقع يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض فإن إثارته أمامها لأول مرة تكون غير مقبولة.
5 - القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد دون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة.
6 - لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة، والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى.
7 - لما كان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ما سطره الحكم من أن عمدة الناحية شهد بأن المجني عليهما أخبراه بأن المتهمين دسوا لهما السلاحين المضبوطين له صداه في الأوراق فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم المتهمون جميعاً: قبضوا على..... و...... واحتجزوهما بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً بأن قاموا بالقبض عليهما واحتجزوهما بمنزل المتهمين الأول والثالث وشدوا وثاقهما بالحبال وهددوهما بالقتل بسلاحين ناريين كان يحمل كلاً منهما المتهمان الأول والثاني وتعدى المتهم الأول على المجني عليه الأول بالضرب بأداة "حذاء". المتهمان الأول والثاني: أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين (فرد خرطوش وسلاح ناري يدوي). وأحالتهم إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليهما مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 251 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً عملاً بالمادتين 280، 282/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 26/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 الملحق مع تطبيق المادتين 32/ 2، 17 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما نسب إليهم ومصادرة الأسلحة المضبوطة.
ثانياً: بإلزام المتهمين بالتضامن فيما بينهم بأن يؤدوا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ 251 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية، كما دان الطاعنين الأول والثاني بجريمة إحراز سلاحين ناريين غير مششخنين بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون كما انطوى على الخطأ في الإسناد، ذلك بأن دفاع الطاعنين الأول والثالث قام في جميع مراحل الدعوى على أساس أن قصدهما من إمساك المجني عليهما هو اقتيادهما لديوان عمدة الناحية وأنهما قاماً بإدخالهما إلى منزل الطاعن الأول خشية الاعتداء عليهما من ذوي المجني عليهما وأنهما حرراً بذلك بلاغاً لعمدة الناحية وقد أيد جميع الشهود دفاعهما وكذلك المجني عليه....... إلا إن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع كلية، كما أن الدفاع الذي أثاره عن جميع الطاعنين لم يثبت كاملاً في محاضر الجلسة كذلك أطرح الحكم دفاع الطاعنين بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي في حقهم بما لا يسوغه فضلاً عن أن ما أتاه الطاعنون يستند إلى حكم المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية مما لا محل لإدانتهم عنه عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات، كما أن الحكم جاء قاصراً في استظهار أركان جريمة القبض بدون وجه حق كما وردت في وصف النيابة إذ أنه لا توجد ثمة تعذيبات بدنية على درجة بالغة من الجسامة بدلالة عدم وجود إصابات بالمجني عليهما هذا إلى أن الحكم أورد في مدوناته أن عمدة الناحية شهد بأن المجني عليهما أخبراه بأن المتهمين دسوا لهما السلاح وهو قول لا أصل له في الأوراق، إذ أن عمدة الناحية قرر بالتحقيقات بأنه ضبط السلاح مع المجني عليهما. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي يبديه المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة، وأنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فإن ما يثيره الطاعنان الأول والثالث بدعوى القصور في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك. وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لدفاع الطاعنين بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "أما عن قول الدفاع بأن المتهمين كانوا في حالة دفاع شرعي، فإن ذلك مردود عليه بأن الثابت من مطالعة الأوراق ومن أقوال الشهود أن المجني عليهما لم يحدث منهما ثمة اعتداء على المتهمين وقت الحادث حتى يسوغ للمتهمين الدفاع عن أنفسهم" لما كان ذلك وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب عليها ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا لدى محكمة الموضوع شيئاً عن أن ما أتوه مع المجني عليهما كان استعمالاً لحق مقرر بمقتضى الشريعة بما يخرجه عن نطاق التأثيم عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات، وكان هذا الدفاع يقوم على واقع يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض فإن إثارته أمامها لأول مرة تكون غير مقبولة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين اقتادوا المجني عليهما إلى منزل إحداهما حيث قاموا بتعذيبهما بأن قام أحدهم بضرب المجني عليه....... كما أوثقوا أيديهما بالحبال وأن قصدهم لم ينصرف إلى اقتيادهم إلى ديوان عمدة الناحية وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية المنصوص عليها في المادتين 280، 282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على شخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد دون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة كما أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة، والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى، فإن منعى الطاعنين على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ما سطره الحكم من أن عمدة الناحية شهد بأن المجني عليهما أخبراه بأن المتهمين دسوا لهما السلاحين المضبوطين له صداه في الأوراق فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 3749 لسنة 59 ق جلسة 8 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 149 ص 901

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق نائب رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري.

----------------

(149)
الطعن رقم 3749 لسنة 59 القضائية

قضاة "صلاحيتهم". نيابة عامة. بطلان "بطلان الأحكام". حكم "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
امتناع القاضي عن الاشتراك في نظر الدعوى. رهن بقيامه بعمل يجعل له رأياً فيها يتعارض مع حيدته. أساس ذلك؟
مجرد حضور وكيل النيابة جلسة النطق بالحكم. لا يجعل له رأياً في الدعوى. أثر ذلك؟

-----------------
إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد قضت على أن "يمتنع على القاضي أن يشترك في نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصياً، أو إذا كان قد قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي، أو بوظيفة النيابة العامة...."، وكان البين من الأوراق أن جلسة 27/ 6/ 1985 كانت مخصصة للنطق بالحكم فقط وكانت هيئة المحكمة مشكلة من القاضي..... و..... ممثلاً للنيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أساس وجوب امتناع القاضي عن الاشتراك في نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأياً فيها يتعارض مع ما يشترط في القاضي من الحيدة فضلاً عن خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً وهو ما لا يتحقق إذا كان القاضي قد قام بوظيفة النيابة العامة في الدعوى، وكان حضور ممثل النيابة ..... جلسة النطق بالحكم - بمجرده - لا يجعل له رأياً في الدعوى يمنعه من القضاء فيها، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه أن يكون ممثل النيابة المذكور عضواً في هيئة المحكمة الاستئنافية التي أصدرت الحكم الاستئنافي المطعون فيه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة دليل عذر تخلفه عن حضور جلسة المعارضة الاستئنافية، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون على غير سند.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم الأربعين ضد الطاعن بوصف أنه: أعطى له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336/ 1، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بتعويض مدني مؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. عارض المحكوم عليه، وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف، ومحكمة السويس الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً، وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قد شابه بطلان، وإخلال بحق الدفاع ذلك لأن القاضي...... عضو اليسار بالهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه كان قد مثل النيابة العامة بجلسة 27/ 6/ 1985 والصادر فيها الحكم الابتدائي من محكمة جنح الأربعين، كما أنه لم يتخلف عن حضور جلسة المعارضة الاستئنافية والتي صدر فيها الحكم المطعون فيه إلا لعذر قهري أبداه وكيله وطلب أجلاً لحضوره إلا أن المحكمة التفت عنه وقضت في الدعوى وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن "يمتنع على القاضي أن يشترك في نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصياً، أو إذا كان قد قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي، أو بوظيفة النيابة العامة...."، وكان البين من الأوراق أن جلسة 27/ 6/ 1985 كانت مخصصة للنطق بالحكم فقط وكانت هيئة المحكمة مشكلة من القاضي.....، ...... ممثلا للنيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أساس وجوب امتناع القاضي عن الاشتراك في نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأياً فيها يتعارض مع ما يشترط في القاضي من الحيدة فضلاً عن خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً وهو ما لا يتحقق إذا كان القاضي قد قام بوظيفة النيابة العامة في الدعوى، وكان حضور ممثل النيابة....... جلسة النطق بالحكم - بمجرده - لا يجعل له رأياً في الدعوى يمنعه من القضاء فيها، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه أن يكون ممثل النيابة المذكور عضواً في هيئة المحكمة الاستئنافية التي أصدرت الحكم الاستئنافي المطعون فيه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة دليل عذر تخلفه عن حضور جلسة المعارضة الاستئنافية، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون على غير سند، لما كان ما تقدم فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن.

الطعن 4152 لسنة 59 ق جلسة 23 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 170 ص 1061

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل وحسن عميرة ومحمد زايد نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.

----------------

(170)
الطعن رقم 4152 لسنة 59 القضائية

(1) تفتيش "التفتيش بإذن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(2) دفوع "الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش". تفتيش "بطلانه". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لم يبد في عبارة صريحة تشتمل على المراد منه.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه".
صدور أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص. لمأمور الضبط القضائي المندوب لإجرائه تنفيذه عليه. أينما وجده. شرط ذلك؟
(4) تفتيش "تفتيش الأنثى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اشتراط القانون تفتيش الأنثى بمعرفة أخرى. حده؟
إمساك رجل الضبط يد الطاعنة وأخذه حقيبة يدها وتفتيشها لضبط ما بها من مخدر صحيح. أساس ذلك؟
(5) إثبات "اعتراف". استدلال. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية. تقدير صحته. موضوعي.
حق محكمة الموضوع الأخذ بالاعتراف في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وإن عدل عنه.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه.

--------------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت هذه المحكمة قد أقرت تلك السلطة على ما ارتأته في هذا الصدد فلا سبيل إلى مصادرتها في عقيدتها.
2 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة قد اقتصر على القول ببطلان إجراءات القبض والتفتيش في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه إذ يلزم لذلك أن يبدى الدفع المذكور في عبارة تشتمل على بيان المراد منه.
3 - من المقرر متى صدر أمر النيابة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط المنتدب لإجرائه تنفيذه أينما وجده ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه.
4 - لما كان مراد القانون من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أخرى هو أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها باعتبارها من عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست، ومن ثم فإن ضابط الشرطة لا يكون قد خالف القانون إن هو أمسك بيد الطاعنة - على فرض صحة ما تقرره في أسباب طعنها - وأخذ منها حقيبة يدها وقام بتفتيشها فعثر بداخلها على المخدر المضبوط على النحو الذي أثبته الحكم، ويكون النعي على الحكم بأنه أهدر نص الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى مثلها هو نعي بما ليس فيه، ومن ثم يضحى منعى الطاعنة على إجراءات القبض والتفتيش للأسباب المتقدم ذكرها غير سديد.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما تمسك به المدافع عن الطاعنة من بطلان اعترافها لأنه وليد إكراه وإجراءات باطلة وأطرحه في قوله "إن للمحكمة أن تعول على اعتراف المتهمة في أي مرحلة من مراحل الدعوى إذا اطمأنت إليه وكان الثابت بتحقيقات النيابة إجرائها بسراي النيابة وناظر السيد وكيل النيابة المحقق المتهمة وأحاطها علماً بالتهمة المسندة إليها وبعقوبتها وأن النيابة العامة هي التي تباشر إجراءات التحقيق فأدلت باعترافها كاملاً ولا دليل على ثمة إكراه وقع على المتهمة الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى الاعتراف الصادر من المتهمة بالتحقيقات بما يبين منه فساد الدفع ويتعين الالتفات عنه" وهو تدليل سائغ في الرد على الدفع ببطلان اعترافها، لما هو مقرر من الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بغير معقب تقدير صحة ما تدعيه المتهمة من أن اعترافها وليد إكراه أو خداع أو تضليل ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، كما أن لتلك المحكمة السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهمة في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدلت عنه بعد ذلك ما دامت اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن بطلان اعترافها وعدم مناقشة المحكمة له وأخذها به رغم عدولها عنه لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أحرزت بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "حشيش" بدون تذكرة طبية وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتها إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق وقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبتها بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمها ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع واعتراه البطلان في الإجراءات ذلك أنه جاء قاصراً في الرد على دفعيها ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وكذلك بطلان القبض والتفتيش لإجرائهما بالطريق العام وهو ما يخرج عن حدود الإذن بهما ولم يتم بمعرفة أنثى، لأن إمساك الضابط بيد الطاعنة فيه مساس بعورة لها، ولم يعن الحكم بالرد على دفاعها القائم على بطلان اعترافها لأنه وليد إكراه معنوي متمثل في وعدها بإخلاء سبيلها في حالة اعترافها، فضلاً عن عدولها عنه بجلسة المحاكمة ويضاف إلى ما تقدم أنه فات الحكم أنه لم يتم تحريز الحقيبة التي وجدت بها قطعة المخدر عارية وإرسالها للتحليل للتحقق من وضع مخدر بها من عدمه، كما أن هناك اختلاف في وزن المخدر بين ما ضبط وما حلل، وكان حرياً بالحكم أن يرفع هذا الاختلاف - ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي التي دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال الضابط واعتراف الطاعنة وتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات في قوله "إنه ليس صحيحاً ذلك لأن صحة التحريات وكفايتها أمر متروك لمصلحة التحقيق في الأسباب التي ركنت إليها في إصدار إذن التفتيش المطعون عليه بما ينبني عليه فساد الدفع وإطراحه" وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت هذه المحكمة قد أقرت تلك السلطة على ما ارتأته في هذا الصدد فلا سبيل إلى مصادرتها في عقيدتها. فإنه يكون ما انتهت إليه المحكمة من إقرار للإذن ورفض للدفع المبدى في هذا الخصوص صحيحاً في القانون، ويكون ما تثيره الطاعنة على الحكم في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة قد اقتصر على القول ببطلان إجراءات القبض والتفتيش في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه إذ يلزم لذلك أن يبدى الدفع المذكور في عبارة تشتمل على بيان المراد منه، هذا فضلاً عن أنه متى صدر أمر النيابة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط المنتدب لإجرائه تنفيذه أينما وجده ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه، وهو ما لم تجحده الطاعنة ومن ثم يكون تفتيش الضابط لها في الطريق العام قد تم صحيحاً، - كذلك فإنه لما كان مراد القانون من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أخرى هو أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها باعتبارها من عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست، ومن ثم فإن ضابط الشرطة لا يكون قد خالف القانون إن هو أمسك بيد الطاعنة - على فرض صحة ما تقرره في أسباب طعنها - وأخذ منها حقيبة يدها وقام بتفتيشها فعثر بداخلها على المخدر المضبوط على النحو الذي أثبته الحكم، ويكون النعي على الحكم بأنه أهدر نص الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى مثلها هو نعي بما ليس فيه، ومن ثم يضحى منعى الطاعنة على إجراءات القبض والتفتيش للأسباب المتقدم ذكرها غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما تمسك به المدافع عن الطاعنة من بطلان اعترافها لأنه وليد إكراه وإجراءات باطلة وأطرحه في قوله "إن للمحكمة أن تعول على اعتراف المتهمة في أي مرحلة من مراحل الدعوى إذا اطمأنت إليه وكان الثابت بتحقيقات النيابة إجرائها بسراي النيابة وناظر السيد وكيل النيابة المحقق المتهمة وأحاطها علماً بالتهمة المسندة إليها وبعقوبتها وأن النيابة العامة هي التي تباشر إجراءات التحقيق فأدلت باعترافها كاملاً ولا دليل على ثمة إكراه وقع على المتهمة الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى الاعتراف الصادر من المتهمة بالتحقيقات بما يبين منه فساد الدفع ويتعين الالتفات عنه" وهو تدليل سائغ في الرد على الدفع ببطلان اعترافها، لما هو مقرر من الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بغير معقب تقدير صحة ما تدعيه المتهمة من أن اعترافها وليد إكراه أو خدع أو تضليل ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، كما أن لتلك المحكمة السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهمة في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدلت عنه بعد ذلك ما دامت اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن بطلان اعترافها وعدم مناقشة المحكمة له وأخذها به رغم عدولها عنه لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الدفاع عن الطاعنة لم يتحدث بشيء عما قالته في طعنها بشأن عدم تحريز الحقيبة التي ضبط بها المخدر عارياً ولم يتم إرسالها للتحليل وعن اختلاف وزن المخدر ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقض ومن ثم فلا يحل لها - من بعد - أن تثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.