جلسة 28 من نوفمبر سنة 1981
برياسة السيد المستشار/
الدكتور إبراهيم على صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عثمان
عمار وهاشم محمد قراعه ومحمود بهى الدين ومحمد نبيل رياض.
---------------
(174)
الطعن رقم 1453 لسنة 51
القضائية
(1) نيابة عامة.
"تحقيق". اختصاص. "اختصاص مكاني".
بدء إجراءات التحقيق
بدائرة الاختصاص المكاني تقتضي متابعة التحقيق وتعقب المتهم فيما يجاوز هذه
الدائرة بناء على ظروف التحقيق ومقتضياته.
(2) تفتيش. "أذن
التفتيش. إصداره". بطلان. دفوع. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أثارة أساس جديد للدفع
ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض. لا تصح. علة ذلك؟.
(3) أثبات.
"شهادة". بطلان. إجراءات. "إجراءات التحقيق". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". استعراف.
القانون لم يرسم صورة
معينة لتعرف الشاهد على المتهم. أثر ذلك؟.
(4) أثبات. "بوجه
عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد
على الدفاع الموضوعي. اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها.
(5) دفع. "الدفع
باستحالة الرؤية". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم.
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع باستحالة الرؤية بسبب
الظلام. موضوعي. لا يستأهل في الأصل ردا صريحاً من المحكمة.
--------------
1 - من المقرر في قضاء
هذه المحكمة أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني
ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها إلى خارج تلك
الدائرة فان هذه الإجراءات التي بدأتها سلطة مختصة بمكان وقوع الجريمة تجيز للمحقق
أن يتعقب المتهم وأن يتابع التحقيق في مكان آخر غير الذى بدأه فيه ولو تجاوز دائرة
الاختصاص المكاني وكان الثابت أخذا بالمفردات المضمومة تحقيقا لوجه الطعن - أن
وكيل نيابة مركز أدفو تولى إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني في الواقعة
موضوع الدعوى المطعون في حكمها ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات
وامتدادها إلى خارج تلك الدائرة فاصدر إذنا بتفتيش مساكن الطاعنين الكائنة بدائرة
مركز اسنا فان هذا الإذن يكون قد صدر ممن يملكه وينتج أثره القانوني مما لا محل
معه لما يثيره الطاعنون في هذا الصدد.
2 - من المقرر أنه لا يصح
اثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد
الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت
مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان، ولما كانت مجادلة الطاعنين في اختصاص من قام
بإجراء التفتيش يقتضى تحقيقا موضوعيا وكان الطاعنون لم يتمسكوا به أمام محكمة
الموضوع ومن ثم فلا يقبل منهم أثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن القانون
لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل اذا لم يتم عليها وأن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ
بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه
إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة الى صدق الشاهد نفسه ولا عليها أن هي اعتمدت على
الدليل المستمد من تعرف المجنى عليه على الطاعنين ما دام قوة تقدير الدليل من سلطة
محكمة الموضوع وحدها.
4 - محكمة الموضوع لا
تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها
بالإدانة وكأن بحسب الحكم كيمأ يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي
صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن لم
يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها لما كان ذلك
فان ما يثيره الطاعنون في شأن اصطناع الأدلة وتلفيق الاتهام وعدم العثور على
المضبوطات في التفتيش الأول وأن أحد الشهود لم يستطع التعرف على أشخاص الجناة رغم
تواجده في ذات المكان والظروف التي كان بها المجنى عليه وأن الطاعنين لا تربطهم
أية علاقة، لا يعدو جميعه أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة
الموضوع وفى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة
النقض.
5 - من المقرر أن الدفع
باستحالة الرؤية هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة
ردا صريحا ما دام الرد مستفادا ضمنا من القضاء بالإدانة - استنادا إلى أدلة الثبوت
التي يوردها الحكم، ومن ثم فان ما ينعاه الطاعنون عن ذلك يكون في غير محله.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهم (أولا) سرقوا النقود والمستندات والسلاح الناري المبين وصفا وقيمة
بالتحقيقات المملوكة...... بطريق الإكراه الواقع عليه بأن حملوا أسلحة نارية ظاهرة
واقتحموا مسكنه بزعم انهم من رجال مباحث الشرطة وذلك بقصد شل مقاومته وتمكنوا بهذه
الوسائل من الإكراه من إتمام السرقة. ثانيا - أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية
مششخنة (مسدسات - بندقية). ثالثا قبضوا على...... بدون أمر من أحد المختصين بذلك
وحصل القبض منهم وقد اتصفوا بصفة كاذبة هي زعمهم انهم من رجال الشرطة. رابعا -
تداخلوا في وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن يكون لهم صفه رسمية من الحكومة أو
إذن منها وطلبت إلى مستشار الإحالة أحالتهم لمحكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات أسوان قضت حضوريا عملا
بالمواد 155، 280، 282/ 1، 314/ 1، 316، 32 من قانون العقوبات، 1، 26/ 2، 30 من
القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958،
26 لسنة 1978 والجدول رقم 2 والبند 1 من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به
بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عن المسند اليهم وبمصادرة
المضبوطات عدا بندقية المجنى عليه.
فطعن المحكوم عليهم في هذا
الحكم بطريق النقض..... الخ.
المحكمة
وحيث أن الطاعنين ينعون
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم السرقة بالإكراه وإحراز أسلحة نارية
مششخنة بغير ترخيص والقبض على شخص بدون أمر من أحد المختصين بذلك والتداخل في وظيفة
عمومية من غير أن يكون لهم صفه رسمية قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال، ذلك بأن محامى الطاعنين دفع ببطلان إذن تفتيش مساكنهم
الصادر من وكيل نيابة أدفو لتجاوزه حدود اختصاصه المحلى لان مساكنهم إذ تقع بناحية
مركز اسنا محافظة قنا فإنها تخرج عن نطاق اختصاصه مكانيا وكذلك أن من أسند إليه
تنفيذ هذا الإذن لا يختص - بإجرائه محليا بيد أن الحكم تناول هذا الدفع واطرحه
بتبرير غير سائغ، كما أن الطاعنين تمسكوا ببطلان عملية العرض وإهدار الدليل
المترتب عليها استنادا إلى وجودهم والمجنى عليه بديوان الشرطة قبل عرضهم على
النيابة العامة ولفساد عملية العرض لانهم عرضوا مع بعض العاملين بالنيابة العامة
الذين كان يتردد عليهم المجنى عليه من قبل بسبب التحقيق ولأن صهر المجنى عليه لم
يتعرف إلا على الطاعنين الأول والثالث فحسب كما قرر ابن عمه بأن الضابط عرضهم عليه
في ديوان مركز الشرطة فلم يتعرف عليهم وبالرغم من ذلك فان الحكم المطعون فيه رد
على هذا الدفاع بقوله أن إجراءات عرض المتهمين على المجنى عليه صحيحة وأن المحكمة
تطمئن في قضائها بالإدانة على الدليل المستمد من عمليه العرض، فضلا عن أن المدافع
عن الطاعنين أثار دفاعا مؤداه أن الأدلة في الدعوى مصطنعة ودلل على ذلك بأن نائب المأمور
تعمد عدم مناقشة المجنى عليه في بيان ماهية الأوراق المسروقة توسلا لاصطناع الدليل
الجنائي مستقبلا وأن الثابت بمعاينة النيابة العامة وجود علبة بها مستندات لم تسرق
من منزل المجنى عليه كما أن تفتيش منازل المتهمين وعدم العثور فيها على شيء مما
يدل على تلفيق الأدلة في هذا التفتيش اللاحق وأن من شأنه إثارة الشك في شهادة رئيس
مباحث مديرية الأمن الذى أجرى هذا التفتيش، وفضلا عن ذلك فقد تمسكوا في دفاعهم بأن
المجنى عليه طاعن في السن وقد شارف على الثمانين من عمره ويستحيل عليه تمييز
الجناة ليلا وأن استخدام الجناة لكشاف وتسديده إلى وجهه يغشى بصره ويعجزه عن
التحقق من الأشخاص وأنه لا يقدح في ذلك ما ثبت بمعاينة النيابة من وجود مصابيح
بمنزل المجنى عليه ذلك بانها أجريت بعد انقضاء خمسة أيام من الحادث ودون أن تتخذ
سلطة التحقيق إجراءات تحفظية لعدم العبث بمكانه وأنه بفرض وجود المصابيح فانه
يتنافى مع طبيعة الأشياء أن ينام المجنى عليه في الضوء الساطع ومما يؤكد ما شهد
به....... والذى كان في ذات الظروف والمكان من أن الظلام كان سائدا ولم يميز احدا
خلافا لما قاله المجنى عليه، هذا إلى أن الطاعنين من قرى متباعدة ولم يثبت وجود
رابطة أو تعارف بينهم، بيد أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانتهم دون تفطن لهذا
الدفاع برمته الأمر الذى يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان
الطاعنين بها وأورد على ثبوتها لديه في حقهم أدلة استقاها من أقوال المجنى عليه.....
وصهره.... وابنته...... وضابط الشرطة رئيس المباحث الجنائية باسوان وضابط الشرطة
رئيس وحدة مباحث مركز ادفو وضابط الشرطة...... معاون مباحث ذلك المركز ومن إجراءات
التعرف على المتهمين التي باشرتها النيابة العامة ومن...... معاينتها لمكان الحادث
وهى أدلة سائغة لها أصولها الثابتة في الأوراق ومن دفاع الطاعنين القانوني والموضوعي
بما يدل على إلمام المحكمة بهما عرض إلى الدفع ببطلان التفتيش واطرحه بقوله:
"أما عن الإذن بالتفتيش فإجراءاته صحيحة لأنه صدر من وكيل النيابة الذى وقع
الحادث في دائرة اختصاصه المحلى وأن لرجل الضبط القضائي أن يتتبع الجريمة وهى في حالة
تلبس لجمع شتاتها وتقر المحكمة وكيل النيابة فيما انتهى إليه من الإذن بتفتيش
منازل - المتهمين لصدور الإذن في تحقيق مفتوح وفقأ للقانون وهو التحقيق الذى كانت
تجريه النيابة في الواقعة. لما كان ذلك.. وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه
متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ثم
استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها إلى خارج تلك الدائرة
فان هذه الإجراءات التي بدأتها سلطة مختصة بمكان وقوع الجريمة تجيز للمحقق أن
يتعقب المتهم وأن يتابع التحقيق في مكان أخر غير الذى بدأه فيه ولو تجاوز دائرة
الاختصاص المكاني ومن ثم تكون هذه الإجراءات كلها صحيحة, ولما كان ما أثبته الحكم
- وتقره عليه المحكمة أخذا بما جاء بالمفردات المضمومة تحقيقا لوجه الطعن - أن
وكيل نيابة مركز ادفو تولى إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني في الواقعة
موضوع الدعوى المطعون في حكمها ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات
وامتدادها إلى خارج تلك الدائرة فأصدر إذنا بتفتيش مساكن الطاعنين الكائنة بدائرة
مركز اسنا فان هذا الإذن يكون قد صدر ممن يملكه وينتج أثره القانوني مما لا محل
معه لما يثيره الطاعنون في هذا الصدد، وأما ما ينعاه الطاعنون من بطلان إجراءات
التفتيش بمقوله ان من أسند إليه تنفيذه من رجال الضبط القضائي غير مختص مكانيا بإجرائه،
فمردوده بدوره بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش
لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع
ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم نرشح لقيام ذلك
البطلان، ولما كانت مجادلة الطاعنين في اختصاص من قام بإجراء التفتيش يقتضى تحقيقا
موضوعيا وكان الطاعنون لم يتمسكوا به أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يقبل منهم إثارة
ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. وكان من المقرر أن القانون لم يرسم للتعرف صورة
خاصة يبطل اذا لم يتم عليها وأن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على
المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه إذ العبرة هي
باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه, وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد دفاع
الطاعنين في شأن بطلان عملية العرض إليه بقولة: "أن المحكمة ترى أن إجراءات
عرض المتهمين على المجنى عليه صحيحة وتطمئن إليها.... "وهو رد كاف وسائغ على
دفاع الطاعنين إذ لا على المحكمة أن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المجنى
عليه على الطاعنين ما دام قوة تقدير الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وتكون
مجادلة الطاعنين في هذا الخصوص غير مقبولة. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لا
تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها
بالإدانة وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي
صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه إن لم
يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها لما كأن ذلك
فان مأ يثيره الطاعنون في شأن اصطناع الأدلة وتلفيق الاتهام وعدم العثور على
المضبوطات في التفتيش الأول وأن أحد الشهود لم يستطع التعرف على أشخاص الجناة رغم
تواجده في ذات المكان والظروف التى كان بها المجنى عليه وأن الطاعنين لا تربطهم
أية علاقة، لا يعدو جمعيه أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة
الموضوع وفى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة
النقض. لما كأن ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين باستحالة تمييزا
المجنى عليه لأشخاص الجناة لتعذر الرؤية واطرحه بقوله: "وأن القول بتعذر
الرؤية فمردود بما ثبت من معاينة النيابة من وجود مصابيح غازية بمنزل المجنى عليه
فضلا عن الضوء الصادر من الكشاف الكهربائي الذى استعمله المتهمون وهو رد كاف وسائغ
على دفاع الطاعنين، هذا إلى ما هو مقرر من أن الدفع باستحالة الرؤية هو من أوجه
الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردا صريحا ما دام الرد
مستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة - استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم،
ومن ثم فان ما ينعاه الطاعنون عن ذلك يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فأن
الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.