جلسة 9 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور
السادة المستشارين: عبد المجيد يوسف الغايش، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي،
وصبري أحمد فرحات.
--------------
(72)
الطعن
رقم 11 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"
(أ) حكم "إصدار الحكم". "بيانات الحكم".
أحوال شخصية. "الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية".
صدور الأحكام باسم ولي
الأمر. المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية. خلو لائحة ترتيب المحاكم
الشرعية من نص مقابل. النص في الإعلان الدستوري على صدور الأحكام باسم الأمة.
نطاقه.
(ب، ج) استئناف. "رفع الاستئناف". "إجراءاته".
أحوال شخصية. "دعوى الأحوال الشخصية". "الطعن في الحكم".
)ب) الأحكام الصادرة في
مسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية. استئنافها.
خضوعه للمواد الخاصة به في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
)ج) تفويت ميعاد الاستئناف
أو قبول الخصم. إفادة المحكوم عليه من الاستئناف المرفوع من أحد زملائه في
الميعاد. شرطه. أن يكون الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام
بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. مثال.
)د، هـ) وقف.
"الاستحقاق في الوقف". "شرط الواقف". "تفسيره".
)د) إنشاء الوقف. دلالته
على أنه أوقاف متعددة. الوقف المرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً. مثال.
)هـ) نصيب العقيم. عودته
لمن يكون في طبقته أو أقرب الطبقات إليه. المراد بالطبقة. المادة 33 من القانون
رقم 48 لسنة 1946.
)و) وقف. "الاستحقاق
في الوقف".
الفورية ليست شرطاً في
طلب الاستحقاق. بقاء المستحق على حقه في المطالبة. عدم مضي المدة المانعة من سماع
الدعوى مع التمكن وعدم العذر.
)ز) إثبات. "طرق
الإثبات". "الإقرار". وقف. "الاستحقاق في الوقف".
الإقرار الناشئ عن خطأ في
فهم الشرط. لا عبرة به ولا يعول عليه.
---------------
1 - متى كانت المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادر بها
الأمر العالي المؤرخ 24/ 6/ 1883 قد نصت على أن تصدر الأحكام باسم ولي الأمر بحسب
الأوضاع والقواعد المقررة بها وبالقوانين، بينما خلت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية
الصادرة في 27/ 5/ 1897 ومن بعدها لائحة سنة 1931 من نص مقابل واكتفت هذه الأخيرة
بأن نصت في المادة 280 منها على أن تصدر الأحكام طبقاً للمدون في هذه اللائحة،
وكان عمل المحاكم الشرعية منذ إنشائها ومن بعد العمل بدستور سنة 1923 قد جرى على
أن لا تصدر أحكامها باسم الملك واستمر الحال على ذلك إلى أن جاء الإعلان الدستوري
الصادر في 10 فبراير سنة 1953 ونص على أن "القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير
القانون وتصدر أحكامه وتنفذ وفق القانون باسم الأمة" تعين القول بأن الأحكام
المعنية بهذا الإعلان الدستوري وبحكم الاستصحاب هي تلك الأحكام التي كانت تلتزم
هذا الطابع.
2 - متى كان القانون رقم 462 لسنة 1955 قد ألغى بعض مواد لائحة
ترتيب المحاكم الشرعية الصادر في سنة 1931 ونص في المادة الخامسة منه على أن
"تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية
والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمحاكم الملية عدا الأحوال التي
وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين المكملة لها
"فإنه بذلك يكون قد دل على أنه أراد أن يبقى استئناف الأحكام الصادرة في
مسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية محكوماً بذات
القواعد التي كانت تحكمه قبل إلغاء هذه المحاكم. كما دل على أن لائحة ترتيب
المحاكم الشرعية لا تزال هي الأصل الأصيل الذي يجب التزامه ويتعين الرجوع إليه في
التعرف على أحوال استئناف هذه الأحكام وضوابطه وإجراءاته.
3 - جرى قضاء محكمة النقض على أن استئناف الأحكام الصادرة في قضايا
الأحوال الشخصية التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية يخضع في إجراءاته للمواد
الخاصة به والواردة في الفصل الثاني من الباب الخامس من الكتاب الرابع من لائحة
ترتيب المحاكم الشرعية(1) . وبالرجوع إلى هذه اللائحة يبين أنها لا تعرف حكم المادة 384 من قانون
المرافعات وخلت من نص مقابل لها، هذا وبفرض إمكان إعمال حكمها على واقعة الدعوى،
فإن شرط إفادة المحكوم عليه - الذي فوت ميعاد الاستئناف أو قبل الحكم - من
الاستئناف المرفوع من أحد زملائه في الميعاد أن يكون الحكم صادراً في موضوع غير
قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص
معينين (2) . وإذ كان الثابت في الدعوى أن الخصومة فيها تدور حول استحقاق المطعون
عليه خاصة في نصيب العقيم، والاستحقاق في الوقف قابل للتجزئة يتلقاه المستحق أو
الموقوف عليه من الواقف لا من مورثه ومن ثم فهو لا يورث ولا يتصل بشئون التركة ولا
تجري في شأنه أحكام الإنابة في التقاضي وانتصاب أحد الورثة خصماً عن الباقين.
وكانت الطاعنة الثانية لم تستأنف الحكم الابتدائي وأصبح نهائياً في حقها ولم تكن
خصماً في الاستئناف قبل مرحلة الإحالة، وعند تجديد السير فيه بعد الإحالة انضمت إلى
زملائها المستأنفين وقضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول تجديد السير في الاستئناف
منها، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
4 - متى كانت الواقفة قد أنشأت وقفها على نفسها مدة حياتها ومن
بعدها جعلته حصصاً على المذكورين في إشهادي الوقف والتغيير ومنهم أخوها وأولاد
أخيها ثم من بعد كل منهم تكون حصته من ذلك وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده
ثم على أولاد أولاد أولاده ثم على ذريته ونسله وعقبه طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل
وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث
يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما
فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك
انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا
أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك إلى إخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة
والاستحقاق مضافاً لما يستحقونه من ذلك فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب
الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم وعلى أن من مات منهم قبل دخوله في
هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد
ولده وإن سفل مقامه في الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان
الأصل حياً باقياً، فإن ظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الواقفة أرادت أن تجعل وقفها
بعد وفاتها أوقافاً متعددة مرتبة الطبقات ترتيباً أفرادياً يستقل كل منها عن الآخر
بأعيانه وبالمستحقين فيه من أفراد الطبقة الأولى المذكورين بأسمائهم في كتاب الوقف
ثم من بعد كل منهم يكون ما هو موقوف عليه وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده
فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد انتقل نصيبه من ذلك إلى إخوته وأخواته المشاركين له
في الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل
هذا الوقف الموقوف عليهم.
5 - النص في المادة 33 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 على أنه
"مع مراعاة أحكام المادة 16 إذا مات مستحق وليس له فرع يليه في الاستحقاق عاد
نصيبه إلى غلة الحصة التي كان يستحق فيها، وإذا كان الوقف مرتب الطبقات وجعل
الواقف نصيب من يموت أو يحرم من الاستحقاق أو يبطل استحقاقه فيه لمن في طبقته أو
لأقرب الطبقات إليه كان نصيبه لمن يكون في طبقته من أهل الحصة التي يستحق
فيها" ولازمه ومقتضاه أن يعود نصيب العقيم لمن يكون في طبقته الخاصة أو أقرب
الطبقات إليه من أقرب قسم كان يتناول استحقاقه منه وبقي من يستحق فيه بعد وفاته
وهم أهل الحصة التي كان يستحق فيها لا لمن يكون في مثل طبقته أو أقرب الطبقات إليه
من أهل الحصص الأخرى التي لم يكن يستحق فيها ويتناول استحقاقه منها. وإذ كان ذلك،
وكان الثابت في الدعوى أن العقيم توفى بعد العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 وأن
الحصة التي يستحق فيها هي حصة والدته ولم يكون موجوداً من أهل هذه الحصة وقت وفاته
سوى أولاد أخته فإن نصيبه يعود لمن هو في مثل طبقته من أهل الحصص الأخرى التي لم
يكن يستحق فيها، وقد التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف
القانون.
6 - الفورية ليست شرطاً في طلب الاستحقاق بل يبقى المستحق على حقه
في المطالبة ما لم تمض المدة المانعة من سماع الدعوى به مع التمكن وعدم العذر.
7 - الإقرار الناشئ عن خطأ في فهم شرط الواقف لا عبرة به ولا يعول
عليه، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن عدم المطالبة
بالاستحقاق لا يعتبر رداً له وأن المطعون عليه كان يجهل ما تقتضيه شروط الوقف في
شأن نصيب العقيم ولما تبين له وجه استحقاقه بادر إلى المطالبة به وجهله بما يقضي
به القانون في شأن ما ورد بحجة الوقف يعتبر خطأ في القانون لا يعتد به، فإنه لا
يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن عبد العزيز عايد محمد طه
عبد الوهاب المطعون عليه أقام الدعوى رقم 183 سنة 1951 القاهرة الابتدائية الشرعية
ضد محمد محمد طه عبد الوهاب والسيدة أمينة صفوت بصفتهما حارسين قانونيين على وقف
خديجة الفروجية - فتدخل فيها خصوم آخرون بطلب الحكم باستحقاقه لجزء من ثمانية
أجزاء في نصيب العقيم محمد صديق يعادل 1/ 96 من نصيب جدته السيدة/ عائشة الفروجية
وأمرهما بأداء هذا النصيب إليه - وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب إشهاد الوقف الصادر
أمام محكمة الباب العالي بتاريخ 29 ربيع الآخر سنة 1271 هجرية وإشهاد التغيير
الصادر أمام المحكمة المذكورة في 14 رمضان سنة 1275 هجرية وقفت المرحومة خديجة
الفروجية بنت عبد الله الفروجي الأعيان المبينة به ومقدارها 2260 ف و8 ط و8 س على
نفسها مدة حياتها ثم من بعدها جعلته حصصاً معينة منه 280 ف و4 ط و8 س لخيرات
بينتها و400 ف تكون وقفاً على أخيها محمد الفروجي وابنه عبد الله بالسوية بينهما
و600 ف تكون وقفاً على أولاد أخيها محمد الفروجي الأربعة وهم مصطفى وصالح وخديجة
وعائشة بالسوية بينهم و400 ف تكون وقفاً على أولاد أخيها المذكور الأربعة الآخرين
وهم محمد الصغير وزينب وسعدية وآمنه بالسوية بينهم مدة حياتهم والباقي جعلته وقفاً
على آخرين عينتهم بإشهادي الوقف والتغيير ثم من بعد محمد الفروجي أخ الواقفة تكون
حصته المذكورة وقفاً على أولاده التسعة السابق ذكرهم ومنهم عبد الله ثم من بعد كل
منهم على أولاده مضافاً لما يستحقونه كل بقدر حصته ثم على أولاد أولاده ثم على
أولاد أولاد أولاده ثم على ذريته ونسله وعقبه طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً
بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل
أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما
عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل
نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل
من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق
مضافاً لما يستحقونه من ذلك فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى
من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم وقد توفيت الواقفة مصرة على وقفها وبوفاتها انتقل
ما كان موقوفاً عليها إلى المذكورين في الإشهادين ثم توفى محمد الفروجي عن أولاده
الثمانية الباقين عدا زينب التي توفيت عقيماً في حياة الواقفة ثم توفى عبد الله
محمد الفروجي سنة 1291 هجرية عن أولاد انتقل نصيبه إليهم ثم توفى صالح عقيماً سنة
1303 هجرية وانتقل نصيبه لإخوته ثم توفيت كل من آمنه سنة 1308 هجرية وخديجة سنة
1879 عقيماً وانتقل نصيبهما لإخوتهما ثم توفيت عائشة بنت أخ الواقفة سنة 1309 عن
أولادها الأربعة محمد فتحي وحسن فتحي ودرية فتحي وجميلة فتحي وانتقل نصيبها إليهم
بالسوية بينهم وقد توفى ابنها محمد سنة 1904 عن أولاده يوسف ومحمود عبد العزيز
وعبد اللطيف وقاسم وزينب وبهية وانتقل نصيبه إليهم ثم توفى ابنها حسن سنة 1907 عن
ابنه يوسف وانتقل نصيبه إليه ثم توفيت ابنتها دريه سنة 1919 عن ولديها فتية ومحمد
صديق المرزوقة بهما من زوجها محمود سامي وانتقل نصيبها إليهما ثم توفيت بنتها
جميلة سنة 1928 عن أولادها الأربعة محمد ومحمود وعائشة وآمنة أولاده عباس حلمي
وكانت آخر طبقتها موتاً وبوفاتها نقضت القسمة في نصيب عائشة الذي اعتبر وقفاً
مستقلاً وقسم على عدد رؤوس أولاد أولادها بالسوية بينهم وعددهم اثنا عشر شخصاً وهم
عبد العزيز وعبد اللطيف وقاسم وزينب وبهية أولاد محمد فتحي ومحمد ومحمود وعائشة
وآمنة أولاد جميلة ويوسف ابن حسن فتحي ومحمد صديق وفتية ولدا درية وخص كل واحد
منهم 1/ 12 من حصة عائشة الفروجية المذكورة وإذ توفيت فتية بنت درية سنة 1944 عن
أولادها نعمت ونجية وحسن وعباس وروحية وحافظة ومحمد وعبد العزيز أولاد محمد طه عبد
الوهاب وانتقل إليهم نصيبها بالسوية بينهم ثم توفى محمد صديق سنة 1947 عقيماً
وبوفاته ينتقل نصيبه إلى أولاد أخته فتية طبقاً لشرط الواقفة وقانون الوقف رقم 48
لسنة 1946 ويخص المدعي عبد العزيز 1/ 96 من نصيب جدته عائشة زيادة على نصيبه الذي
يستحقه عن والدته ونازعه المدعى عليهم في استحقاقه لهذا النصيب وأنكروه عليه فقد
انتهى إلى طلب الحكم باستحقاقه حصة قدرها 1/ 8 من نصيب العقيم محمد صديق يعادل 1/
96 من حصة جدته عائشة وأمر المدعى عليهما بأداء هذا النصيب إليه ومنع تعرضهما
والخصوم الثلث له في ذلك مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة - وصادق محمد محمد طه
عبد الوهاب المدعى عليه الأول على وقائع الدعوى وفوض الرأي للمحكمة في تفسير شروط
الواقفة - ودفعت أمينة محمد صفوت المدعى عليها الثانية والخصوم الثلث بعدم سماع
الدعوى لأنه كان في طبقة محمد صديق وقت وفاته كل من بهية محمد فتحي وعبد العزيز
فتحي ومحمد وآمنه ولدي عباس حلمي فينتقل نصيبه إليهم طبقاً لشرط الواقفة وأحكام القانون
وجرى النزاع فيها حول نصيب العقيم محمد صديق وهل يعود لأقرب الطبقات إليه من أهل
الحصة الخاصة التي كان يستحق فيها وهي حصة والدته درية أو لأقرب الطبقات إليه من
أهل الحصة العامة وهي حصة جدته عائشة وبتاريخ 27 من يونيه سنة 1955 حكمت المحكمة
للمدعي على المدعى عليهم كل بصفته باستحقاق المدعي لجزء من ثمانية أجزاء من نصيب
العقيم محمد صديق وهو يعادل جزء من ستة وتسعين جزء تنقسم إليها حصة عائشة هانم
الفروجية وأمرت المدعى عليهما السيد/ محمد محمد طه عبد الوهاب والسيدة/ أمينة صفوت
بصفتهما حارسين قضائيين بتسليم ذلك إلى المدعي وأمرتهما وبقية المدعى عليهم بعدم
التعرض له في شيء من ذلك مع إلزام من عدا المدعى عليه الأول بصفته بالمصاريف وعشرة
جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات حضورياً بالنسبة للمدعى
عليه الأول وغيابياً بالنسبة لمن عداه. واستأنف المدعى عليهم عدا فتحية عبد العزيز
محمد فتحي هذا الحكم أمام المحكمة العليا الشرعية طالبين إلغاءه والحكم برفض
الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 186 سنة 1955 ولمناسبة إلغاء المحاكم الشرعية أحيل
إلى محكمة استئناف القاهرة وقيد بجدول الأحوال الشخصية برقم 79 سنة 73 قضائية - وبتاريخ
18/ 5/ 1957 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد
الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين المصروفات وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وطعن المستأنفون في هذا الحكم بطريق النقض وقيد هذا الطعن برقم 34 سنة 27 قضائية
وبتاريخ 2/ 6/ 1960 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه لخلوه من بيان اسم عضو
النيابة الذي أبدى رأيه في القضية وإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة وجدد
المستأنفون السير في الاستئناف وانضمت إليهم فتحية عبد العزيز فتحي التي لم تكن قد
استأنفت الحكم طالبين أصلياً الحكم بانعدام الحكم الابتدائي لأنه لم يصدر باسم
الأمة ومن باب الاحتياط إلغاؤه والحكم برفض الدعوى لانعدام سندها من الواقع
والقانون وبتاريخ 4 فبراير سنة 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً
وبرفض الدفع بانعدام الحكم الابتدائي وبعدم قبول تجديد السير في الاستئناف من السيدة/
فتحية عبد العزيز فتحي وبتأييد الحكم المستأنف وبإلزام المستأنفين بالمصروفات
ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض
للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه
الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم عدم قبول الطعن من
السيدة/ فتحية عبد العزيز فتحي ورفضه بالنسبة للباقين وقدمت النيابة العامة مذكرة
أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت عدم قبول الطعن بالنسبة لفتحية عبد العزيز
فتحي ورفضه بالنسبة لمن عداها.
وحيث إن حاصل السبب الأول
أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بانعدام الحكم الابتدائي لأنه لم يصدر باسم
الأمة مستنداً في ذلك إلى أن المحاكم الشرعية تستمد أحكامها من الشريعة الإسلامية
وطبقاً لأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ولم تكن تصدر أحكامها باسم أحد والمستفاد
من الإعلان الدستوري الصادر في 10 فبراير سنة 1953 أنه قصد إلغاء ما كان جارياً
عليه العمل من أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك والمحاكم الشرعية ما كانت تصدر
أحكامها باسمه وهذا من الحكم خطأ ومخالفة لما نص عليه الإعلان الدستوري الصادر في
10 فبراير سنة 1953 من أن القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون وتصدر أحكامه
وتنفذ وفق القانون باسم الأمة. ولما استقر عليه الفقه والقضاء من أنه إذا لم يصدر
الحكم طبقاً لهذه القاعدة الدستورية وباسم الأمة فإنه يفقد ركناً جوهرياً من
أركانه ويكون منعدم الوجود القانوني بحيث لا تستنفد به المحكمة ولايتها على النزاع
ويكفي المحكوم ضده إنكاره وأن يدفع بانعدامه كلما أريد تطبيقه عليه ويسع المحكمة
أن تحكم بانعدامه من تلقاء نفسها ولا يقال إن المحاكم الشرعية لم تكن تصدر أحكامها
باسم ولي الأمر بل "بسم الله الرحمن الرحيم". وطبقاً لأرجح الأقوال من
مذهب أبي حنيفة إذ هو مخالفة للقوانين الوضعية وفقه الحنفية لا صلة له بشكل
الأحكام.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله ذلك أنه وقد نصت المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادر بها الأمر
العالي المؤرخ 24 يونيه سنة 1883 على أن "تصدر الأحكام باسم ولي الأمر وبحسب
الأوضاع والقواعد المقررة بها وبالقوانين بينما خلت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية
الصادرة في 27 مايو سنة 1897 ومن بعدها لائحة سنة 1931 من نص مقابل واكتفت هذه
اللائحة الأخيرة بأن نصت في المادة 280 منها على أن تصدر الأحكام طبقاً للمدون في
هذه اللائحة" وجرى عمل المحاكم الشرعية منذ إنشائها ومن بعد العمل بدستور سنة
1923 وما نص عليه في المادة 31 من أن "تصدر أحكام المحاكم المختلفة وتنفذ وفق
القانون باسم الملك" على أن لا تصدر أحكامها باسمه واستمر الحال على ذلك إلى
أن جاء الإعلان الدستوري الصادر في 10 فبراير سنة 1953 ونص على أن "القضاء
مستقل لا سلطان عليه لغير القانون وتصدر أحكامه وتنفذ وفق القانون باسم
الأمة" تعين القول بأن الأحكام المعنية بهذا الإعلان الدستوري وبحكم
الاستصحاب هي تلك الأحكام التي كانت تلتزم هذا الطابع وتصدر باسم الملك. والقول
بأن الخطاب في هذا الإعلان الدستوري ومن قبله دستور سنة 1923 يتجه إلى الأحكام
التي كانت تصدرها المحاكم الشرعية قبل إلغائها وببطلان هذه الأحكام أو انعدامها،
شطط يتنزه عنه الشارع لما يؤدي إليه من زلزلة العلاقات والحقوق التي ترتبت عليها
واستقرت. وإذ كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي في هذه الدعوى قد صدر من محكمة
القاهرة الابتدائية الشرعية في 27 يونيه سنة 1955 ومن قبل إلغاء المحاكم الشرعية
وإحالة قضاياها على المحاكم الوطنية في أول يناير سنة 1956 وجرى الحكم المطعون فيه
على أن الدفع بانعدامه لعدم صدوره باسم الأمة مردود "بأن المحاكم الشرعية ما
كانت تصدر في يوم من الأيام باسم أحد لأن أحكامها مستمدة من الشريعة الإسلامية لا
من القوانين الوضعية والأحكام التي كانت تصدر فيها طبقاً لأرجح الأقوال من مذهب
أبي حنيفة كما هو وارد في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وهذه الأحكام
مستمدة من الكتاب والسنة أساساً وليس أدل على ذلك من أن المادة 31 من دستور سنة
1923 كان يجري نصها على أن "تصدر أحكام المحاكم المختلفة وتنفذ وفق القانون
باسم الملك" وكان لهذا الدستور من السمو على بقية القوانين وقتئذ ما للإعلان
الدستوري الصادر في 10/ 2/ 1953 ومع ذلك لم تكن أحكام المحاكم الشرعية تصدر وقتئذ
باسم الملك، على أن الذي يبين من مطالعة معنى هذا الإعلان الدستوري أنه قصد به
إلغاء ما كان جارياً عليه العمل من أن تصدر الأحكام باسم الملك ولما كانت المحاكم
الشرعية لا تصدر أحكامها باسم الملك فإن الإعلان الدستوري لم يكن من شأنه أن يلغي
نظاماً كان معمولاً به أمامها أو أن يعدله ولكن من شأن هذا الإعلان أن يلغي ما كان
متبعاً أمام المحاكم الوطنية من إصدار أحكامها وتنفيذها باسم الملك واستبدال ذلك
بأن تصدر الأحكام باسم الأمة فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه على
واقعة الدعوى.
وحيث إن حاصل السبب
الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول تجديد السير في الاستئناف من السيدة
فتحية عبد العزيز فتحي الطاعنة الثانية مستنداً في ذلك إلى أنها لم تستأنف الحكم
الابتدائي وأصبح نهائياً بالنسبة لها ولم تكن خصماً في مرحلة الاستئناف قبل إحالته
من محكمة النقض ووفقاً للمادة 384 مرافعات ولا يجوز تدخلها عند إعادة السير فيه
بعد الإحالة لأن الاستحقاق في الوقف من الحقوق القابلة للتجزئة ولأن نصوص اللائحة
الشرعية هي الواجبة التطبيق في هذا الخصوص ولا تجوز تكملتها بما ورد في قانون
المرافعات من قواعد، وما عول عليه الحكم من ذلك خطأ ومخالفة للقانون، إذ أنه
بإحالة القضية من محكمة النقض إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد تعود
الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض ومن حق السيدة
فتحية وفقاً للمادة 384 من قانون المرافعات وما استقر عليه الفقه والقضاء أن ننضم
إلى المستأنفين في استئنافهم عند تجديد السير فيه وتطلب الحكم لها ولهم بالطلبات
الواردة في صحيفة التجديد لأن النزاع في الدعوى يدور حول تفسير شرط الواقفة في
نصيب العقيم وهل يستحقه الطاعنون ومورثهم من قبلهم أم يستحقه المطعون عليه وإخوته وهو
نزاع غير قابل للتجزئة وبمثابة حكم بأحقية مورثهم أو عدم أحقيته لهذا النصيب ومن
المقرر شرعاً أن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من
التركة أو عليها إذا كان قد خاصم أو خوصم في الدعوى طالباً الحكم للتركة بكل
حقوقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة بكل ما عليها وإعمال قواعد
المرافعات للطعن في الأحكام لا يتعارض مع ما استبقاه المشرع من قواعد في لائحة
ترتيب المحاكم الشرعية إذ الأصل هو تطبيق قواعد المرافعات والاستثناء هو عدم
تطبيقها في الحالات التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية
والقوانين المكملة لها وإذا كان المشرع قد استبقى المواد من 304 إلى 327 من
اللائحة ويتعين إعمالها في الاستئناف دون المواد من 394 إلى 416 من قانون
المرافعات فإن السيدة فتحية لا تستند إلى أي منها وإنما تستند إلى المادة 384
مرافعات وهي واردة في باب الأحكام العامة للطعن في الأحكام وتسري على جميع وسائل
الطعن، والواقع في الدعوى أن بعض الورثة تدخلوا فيها أمام محكمة أول درجة وحكم
ضدهم واستأنفوا الحكم وتأيد وطعن بعضهم في هذا الحكم بطريق النقض وحكم بقبوله
وإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد ومن حق السيدة فتحية تجديد
السير في الاستئناف بعد الإحالة لأن الخصومة فيه تدور حول مبدأ واحد وحق واحد غير
قابل للتجزئة والحكم فيها غير قابل للتجزئة كذلك وطعن بعض الورثة في هذا الحكم
بطريق النقض يستفيد منه الباقون من طعن منهم ومن لم يطعن.
وحيث إن هذا السبب في غير
محله ذلك أنه وقد ألغى القانون رقم 462 سنة 1955 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية
والمحاكم الملية بعض مواد لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون
رقم 78 سنة 1931 ومنها مواد الفصل الثالث والرابع والخامس من الباب الخامس من
الكتاب الرابع وما اشتملت عليه من أحكام خاصة بالتماس إعادة النظر وطلب تصحيح
الحكم أو تفسيره والطعن في الأحكام ممن تتعدى إليه بينما استبقى من بين ما استبقاه
الفصلين الأول والثاني وما اشتملا عليه من أحكام خاصة بالمعارضة والاستئناف ونص في
المادة الخامسة منه على أنه "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات
المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية
والمحاكم الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم
الشرعية أو القوانين المكملة لها" فإنه بذلك يكون قد دل على أنه أراد أن يبقي
استئناف الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص
المحاكم الشرعية محكوماً بذات القواعد التي كانت تحكمه قبل إلغاء هذه المحاكم
والتي رؤى من الخير الإبقاء عليها لا بقواعد أخرى من قانون المرافعات كما دل على
أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لا تزال هي الأصل الأصيل الذي يجب التزامه ويتعين
الرجوع إليه في التعرف على أحوال استئناف هذه الأحكام وضوابطه وإجراءاته، وجرى
قضاء هذه المحكمة على أن استئناف الأحكام الصادرة في قضايا الأحوال الشخصية التي
كانت من اختصاص المحاكم الشرعية يخضع في إجراءاته للمواد الخاصة به والواردة في
الفصل الثاني من الباب الخامس من الكتاب الرابع من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية
وبالرجوع إلى هذه اللائحة يبين أنها لا تعرف حكم المادة 384 من قانون المرافعات
وخلت من نص مقابل لها، هذا وبفرض إمكان إعمال حكمها على واقعة الدعوى فإن شرط
إفادة المحكوم عليه - الذي فوت ميعاد الاستئناف أو قبل الحكم - من الاستئناف
المرفوع من أحد زملائه في الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون
الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب
القانون فيها اختصام أشخاص معينين والثابت في هذه الدعوى أن الخصومة فيها تدور حول
استحقاق المطعون عليه لحقه في نصيب العقيم والاستحقاق في الوقف قابل للتجزئة
يتلقاه المستحق أو الموقوف عليه من الواقف لا من مورثه ومن ثم فهو لا يورث ولا
يتصل بشئون التركة ولا تجري في شأنه أحكام الإنابة في التقاضي وانتصاب أحد الورثة
خصماً عن الباقين. وإذ كان ذلك، وكانت السيدة فتحية لم تستأنف الحكم الابتدائي
وأصبح نهائياً في حقها ولم تكن خصماً في الاستئناف قبل مرحلة الإحالة وعند تجديد
السير فيه بعد الإحالة انضمت إلى زملائها المستأنفين وقضى الحكم المطعون بعدم قبول
تجديد السير في الاستئناف منها مستنداً في ذلك إلى أن "ما ذهب إليه
المستأنفون في هذا الشأن مردود بأن القاعدة الأصلية أنه لا يفيد من الطعن إلا من
رفعه إلا ما استثنى بنص خاص والاستحقاق ليس حقاً غير قابل للتجزئة كما يقولون فإن
الاستحقاق في الوقف قابل للتجزئة بطبيعته إذ أنه ينقسم على عدد من يدعون الاستحقاق
أو يستحقونه فعلاً وتجزئة هذا الحق ليس من شأنها أن توقع الاضطراب والفوضى في
المصالح التي تكفلها كما ذهب إليه المستأنفون وعلى كل فإن نصوص اللائحة الشرعية هي
الواجبة التطبيق لأن النص الوارد بها نص خاص ولا يصح تكملته بما ورد في قانون
المرافعات ومتى تقرر ذلك فإن تدخل السيدة فتحية عبد العزيز فتحي في تجديد
الاستئناف يكون على غير أساس سليم من القانون ويتعين عدم قبول هذا التجديد منها
بعد أن أصبح الحكم نهائياً بالنسبة لها وبعد أن لم تطعن عليه بطريق الاستئناف"
فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب
الثالث أن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي معه قضى باستحقاق المطعون عليه لجزء
من ثمانية أجزاء من نصيب العقيم محمد صديق يعادل جزء من ست وتسعين جزء من نصيب
السيدة عائشة الفروجية تأسيساً على أن نصيب درية فتحي يعتبر وقفاً مستقلاً آل بعد
وفاتها إلى ولديها محمد صديق فتية وأن أقرب قسم كان العقيم محمد صديق يتناول
استحقاقه منه هو حصة والدته درية والحصة التي كان يستحق فيها هي حصة درية وأهل هذه
الحصة هم أولاد فتية ومنهم المطعون عليه وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن
الواقفة رتبت وقفها ترتيباً جملياً بين الطبقات بقولها "طبقة بعد طبقة ونسلاً
بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها
بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره" وبعد أن فرغت من هذا الترتيب الإجمالي
عادت فرتبت الاستحقاق ترتيباً أفرادياً بترتيب استحقاق الفرع على انقراض أصله
وفرقت في ذلك بين من مات بعد دخوله في الوقف ومن مات قبل الدخول فيه ومقتضى هذا
الترتيب أن يؤول نصيب من مات بعد دخوله في الوقف إلى فرعه من الطبقة التالية إلى
أن ينقرض جميع أفراد الطبقة العليا فتنقضي القسمة ويوزع الاستحقاق على عدد الرؤوس
من أفراد الطبقة التالية ومن مات قبل الدخول فيه يقوم ولده مقامه في الدرجة
والاستحقاق واستحق ما كان والده يستحقه كما لو كان الأصل حياً باقياً وبعد أن فرغت
من هذا وذاك عادت فرتبت أيلولة استحقاق من ليس له فرع يليه وهو "العقيم"
وفرقت في ذلك بين حالة وجود إخوة له وحالة عدم وجودهم بأن نصت على أنه "إن لم
يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته
المشاركين له في الدرجة والاستحقاق مضافاً لما يستحقونه وإن لم يكن له إخوة ولا
أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف وعليهم" ومقتضى هذا
الشرط أنه إذا لم يكن للعقيم إخوة ولا أخوات ينتقل نصيبه لأقرب الطبقات إليه من
أهل الوقف الموقوف عليهم وبتطبيق هذه القواعد على حصة السيدة عائشة الفروجية يتضح
أنها توفيت في 11 من ذي القعدة سنة 1309 وبوفاتها انتقل ما كان بيدها لأولادها
الأربعة محمد فتحي وحسن فتحي ودرية فتحي وجميلة فتحي لكل منهم 1/ 4 الحصة وفي سنة
1904 توفى محمد فتحي عن أولاده الخمسة عبد العزيز وعبد اللطيف وقاسم وزينب وبهية
فخص كل منهم 1/ 20 منها وفي سنة 1907 توفى حسن فتحي عن ابنه الوحيد يوسف وبوفاته
انتقل نصيبه إليه وهو 1/ 4 الحصة وفي سنة 1919 توفيت درية فتحي عن ولديها فتية
سامي ومحمد صديق وبوفاتها خص كل منهما 1/ 8 الحصة وفي سنة 1928 توفيت جميلة فتحي
عن أولادها محمد ومحمود وعائشة وآمنه عباس حلمي وبوفاتها خص كل منهم 1/ 16 منها
ولأنها كانت آخر طبقتها موتاً فقد نقضت القسمة فيها وانتقلت إلى الموجودين من
أفراد الطبقة الثالثة وهي طبقة أولاد أولاد عائشة وعددهم 12 شخصاً خص كل منهم 1/
12 منها وجرى توزيع ريعها على هذا الأساس الجديد بموافقة جميع المستحقين ومنهم
العقيم محمد صديق وفي أغسطس سنة 1947 توفى محمد صديق عقيماً ولم يكن موجوداً من
أهل طبقته سوى عبد العزيز وبهية ولدا محمد فتحي ومحمد وآمنه عباس حلمي ولدا جميلة
فتحي أما الثمانية الآخرون من أهل هذه الطبقة ومنهم أخته فتية فقد توفوا جميعاً
قبل وفاته وآلت أنصبتهم إلى أولادهم والتفسير الصحيح لشرط الواقفة في نصيب العقيم
أن يؤول إلى هؤلاء الأربعة الموجودين من أهل طبقته ولا يؤول شيء منه إلى أولاد
أخته فتية ومنهم عبد العزيز عابد المطعون عليه إذ أنهم من درجة العقيم ومن طبقته
وأهل طبقة المتوفى ودرجته هم أقرب الطبقات والدرجات إليه وإذ أن أولاد أخته فتية
ليسوا من طبقته ولا من درجته بل هم أسفل منه درجة وأنزل طبقة ومن هذا يبدوا أن
الحكم المطعون فيه (1) أخطأ فيما ذهب إليه من أن
الترتيب في الوقف ترتيب أفرادي ويعتبر أوقافاً متعددة كما تعتبر كل حصة وقفاً
مستقلاً تنتقل من الموقوف عليه إلى ذريته وما رتبه على ذلك من أن نصيب درية
وولديها محمد صديق وفتية يكون وقفاً مستقلاً هو خلط واضح بين الوقف والنصيب فيه لم
تقل به الواقفة ولا قانون الوقف ولا أحد من الفقهاء والصحيح أنه ترتيب جملي بين
الطبقات وأفرادي في أيلولة نصيب من يموت من المستحقين قبل وبعد دخوله في الوقف وله
فرع يليه ومن يموت منهم وليس له فرع يليه.(2) كما أخطأ فيما ذهب إليه
من أن نصيب العقيم يعتبر وقفاً مستقلاً وأن أقرب حصة كان يتناول فيها العقيم محمد
صديق استحقاقه هي حصة والدته دريه إذ أن حصة العقيم لم يسبق التعبير عنها بالوقف
ولم يجر عرف الواقفين بذلك والصحيح أنه من تاريخ وفاة جميلة سنة 1928 إلى تاريخ
وفاته 1947 كان يتناول استحقاقه من حصة جدته عائشة وبطل استحقاقه من حصة والدته
درية.(3) وأخطأ في تفهم قصد
الواقفة من عبارة "أهل هذا الوقف" إذ المقصود بها الوقف الخاص لا الوقف
الكلي وهو حصة كل من الموقوف عليهم بعد الواقفة الذين تحدثت عنهم بكلمة
"كل" وانقسم الوقف الكلي إلى أوقاف متعددة بتعدد من أضيفت إليهم هذه
الكلمة.(4) وأخطأ حين استند إلى
المادة 33 من قانون الوقف إذ الصحيح أنها لا تنطبق لأن كتاب الوقف يتضمن شرطاً
مخالفاً لها في ترتيب الاستحقاق ومتى وجد هذا الشرط المخالف امتنع تطبيقها وفقاً
للمادة 58 من ذات القانون وبفرض انطباقها فهي لا تعطي المطعون عليه استحقاقاً في
نصيب العقيم إذ لا يوجد أحد في طبقة والدته درية ولا في طبقة جدته عائشة فيؤول هذا
النصيب إلى أهل الحصة - حصة السيدة عائشة - ويقسم على أولاد أولادها الطاعنين ولا
يؤول شيء منه لأولاد "فتية" ومنهم المطعون عليه لأنهم أنزل من العقيم
طبقة ودرجة وقد فرق المشرع بين الطبقة العامة والمراد منها ما يعم جميع المستحقين
في درجة واحدة من جميع أهل الوقف وفي جميع الحصص والطبقة الخاصة والمراد منها
المستحقون من أهل الحصة التي كان العقيم يستحق فيها دون باقي الحصص التي لم يكن
يستحق فيها وبتطبيق هذه القواعد على وقف خديجة الفروجية وأوقاف الحصص التي يتكون
منها يثبت أن وقف خديجة انقسم بعد وفاتها إلى أربع حصص تكون أوقافاً مستقلة من
ناحية إنشائها وأعيانها وأشخاص المستحقين فيها وهي حصة محمد الفروجي وحصة عبد الله
الفروجي وحصة سعدية الفروجي وحصة عائشة الفروجية وكل من هذه الحصص توالد أصلها عن
فروع وطبقات متتالية فالطبقة العامة تتكون من جميع المستحقين في درجة واحدة من أهل
الوقف الكبير وفي جميع الحصص الأربعة التي يتكون منها، أما الطبقة الخاصة فتتكون
من أهل الحصة التي كان يستحق فيها العقيم محمد صديق وهي حصة جدته عائشة دون باقي
الحصص الثلاث الأخرى والمستحقون من درجته وطبقته من أهل هذه الحصة هم أولاد أولاد
عائشة الموجودين وقت وفاته وهم عبد العزيز وبهية محمد فتحي ومحمد حلمي وآمنة عباس
حلمي وهؤلاء الأربعة هم الذين ينتقل إليهم نصيب العقيم طبقاً للمادة 33 ولا يؤول
شيء منه إلى أولاد أخته فتية سامي لأنهم لم يكونوا من ذات طبقته ولا درجته بل
كانوا أنزل منه طبقة وأسفل منه درجة.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أنه بموجب إشهاد الوقف المؤرخ 29 ربيع آخر
1271 هجرية وإشهاد التغيير المؤرخ 14 رمضان سنة 1275 هجرية، وقفت المرحومة خديجة
عبد الله الفروجي ما هو 2260 ف و8 ط و8 س أطياناً زراعية كائنة بناحيتي محلة القصب
وميت سراج مبينة الحدود والمعالم في الإشهاد على نفسها مدة حياتها ومن بعدها 280 ف
و4 ط و8 س مبينة الحدود من أطيان ناحية ميت سراج تكون وقفاً مصروفاً ريعها في وجوه
الخيرات التي عينتها و400 ف تكون وقفاً على أخيها السيد محمد الفروجي ونجله السيد
الشريف عبد الله بالسوية بينهما مدة حياة كل منهما و600 ف تكون وقفاً على أولاد
أخيها محمد وهم مصطفى وصالح وخديجة وعائشة بالسوية بينهم و400 ف تكون وقفاً على
أولاد أخيها المذكور وهم محمد وزينب وسعدية وآمنة بالسوية بينهم مدة حياة كل منهم
و60 ف تكون وقفاً على محمد وفاطمة ولدي المرحوم مصطفى بالسوية بينهما مدة حياة كل
منهما و40 فداناً تكون وقفاً على بشير أغا وعبد الفتاح أبو سيف بالسوية بينهما مدة
حياة كل منهما و480 ف و4 س تكون وقفاً على عتقائها المذكورين في إشهاد التغيير ثم
من بعد كل من أولاد السيد محمد الفروجي التسعة المذكورين تكون حصة من ذلك وقفاً
على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده ثم على ذريته ونسله
وعقبه طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب
الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به
الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم
وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن
سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك إلى إخوته
وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق مضافاً لما يستحقونه من ذلك فإن لم يكن
له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم وعلى أن
من مات منهم قبل دخوله في هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولداً أو ولد ولد
وأسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وإن سفل مقامه في الدرجة والاستحقاق واستحق ما
كان أصله يستحقه أن لو كان الأصل حياً باقياً" وظاهر إنشاء الوقف وشروطه هذه
يدل على أن الواقفة أرادات أن تجعل وقفها بعد وفاتها أوقافاً متعددة مرتبة ترتيباً
أفرادياً يستقل كل منها عن الآخر بأعيانه وبالمستحقين فيه من أفراد الطبقة الأولى
المذكورين بأسمائهم في كتاب الوقف ثم من بعد كل منهم يكون ما هو موقوف عليه خاصة وقفاً
على أولاده ثم على أولاد أولاده فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد انتقل نصيبه من ذلك
إلى إخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا
أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف والموقوف عليهم وإذ كانت المادة 33
من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 قد نصت على أنه "مع مراعاة أحكام المادة 16
إذا مات مستحق وليس له فرع يليه في الاستحقاق عاد نصيبه إلى غلة الحصة التي كان
يستحق فيها وإذا كان الوقف مرتب الطبقات وجعل الواقف نصيب من يموت أو يحرم من
الاستحقاق أو يبطل استحقاقه فيه لمن في طبقته أو لأقرب الطبقات إليه كان نصيبه لمن
يكون في طبقته من أهل الحصة التي يستحق فيها" ولازم هذا النص ومقتضاه أن يعود
نصيب العقيم لمن يكون في طبقته الخاصة أو أقرب الطبقات إليه من أقرب قسم كان
يتناول استحقاقه منه - وبقي من يستحق فيه بعد وفاته. وهم أهل الحصة التي كان يستحق
فيها لا لمن يكون في مثل طبقته أو أقرب الطبقات إليه من أهل الحصص الأخرى التي لم
يكن يستحق فيها ويتناول استحقاقه منها وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع
القانون بقولها "وقد اختلفت آراء المحاكم في المراد من الطبقة هل هي الطبقة
الخاصة أو المراد منها ما يعم المستحقين في درجة واحدة من جميع أهل الوقف أو جميع
الحصص وقد اختير الفهم الأول لأنه الأقرب إلى أغراض الواقفين وإلى الأحكام التي
تخيرها المشرع" وكان الثابت في الدعوى أن محمد صديق توفى عقيماً في أغسطس سنة
1947 وبعد العمل بالقانون رقم 48 سنة 1946 والحصة التي يستحق فيها هي حصة والدته
درية ولم يكن موجوداً من أهل هذه الحصة الخاصة سوى أولاد أخته فتيه، فيعود نصيبه
إليهم باعتبارهم أقرب الطبقات إليه من أهل الحصة التي كان يتناول استحقاقه منها
ولا يكون شيء منه لمن هو في مثل طبقته من أهل الحصص الأخرى التي لم يكن يستحق
فيها، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على
أن نصيب محمد صديق يعود إلى أقرب الطبقات إليه من أهل حصة والدته درية مستنداً في
ذلك إلى أن "المراد بالوقف في قول الواقفة من أهل هذا الوقف الموقوف
عليهم" هو وقف الحصة والحصة تشمل جميع الأقسام التي تفرعت في كل طبقة وحصة
الميت التي كان يستحق فيها العقيم محمد صديق هي حصة والدته درية وهي تعتبر وقفاً
مستقلاً يشملها قول الواقفة المذكورة ومن ثم يعود نصيبه إلى أهل الطبقة الخاصة وهي
طبقة من فرع أقرب أصل له وهي طبقة أمه درية ويكون المستأنف عليه مستحقاً في هذا
النصيب" وإلى ما جاء بالحكم الابتدائي من أن "الترتيب في هذا الوقف
ترتيب أفرادي بنص الواقفة وبحكم القانون فهو أوقاف متعددة يتعدد الموقوف عليهم في
جميع الطبقات وأن عموم الطبقة وخصوصها كان مثار اختلاف بين فقهاء الحنفية وانبنى
عليه اختلاف في الأحكام وعدم استقرار في التوزيع فكانت الحاجة ماسة إلى وضع حد
لهذا الاختلاف استقراراً للحقوق واضطراداً للأحكام على وتيرة واحدة فوضع الفقرة
الثانية من المادة 33 من القانون رقم 48 لسنة 1946 مختاراً للفهم القائل بخصوص
الطبقة لأنه أقرب إلى أغراض الواقفين وإلى الأحكام التي تخيرها هذا القانون فأصبحت
الطبقة في كلام الواقف عند الإطلاق هي الطبقة الخاصة وهي طبقة الميت من أهل الحصة
التي كان يستحق فيها أي فرع أقرب أصل له وحصة الميت هي أقرب قسم كان يتناول منه
استحقاقه وأقرب الطبقات إليه من يشاركه في هذه الحصة الخاصة ما لم يوجد في كلام
الواقف ما يدل على غير هذا" وأن أقرب قسم كان يتناول محمد صديق منه استحقاقه
فيه هو حصة درية وأهل هذه الحصة الخاصة هم المتناسلون من أصله المباشر أي فروع
أقرب أصل له فيموت محمد صديق عقيماً بتاريخ 5/ 8/ 1947 بعد العمل بقانون الوقف المذكور
يؤول ما هو موقوف عليه لأقرب الطبقات إليه من أهل هذا الوقف الخاص الذي يستحق فيه
وهو الموقوف على والدته درية وأقرب الطبقات إليه من شاركه في هذه الحصة وتناسل من
أصله المباشر وهم أولاد أخته فتية الذين من بينهم المدعي فهم وحدهم الطبقة التالية
لطبقته من أهل هذا الوقف الخاص ولا يستحق فيه أحد من أهل الأوقاف الأخرى ممن هم في
طبقته وقت وفاته مثل عبد العزيز وبهية ولدي محمد فتحي ابن السيدة عائشة الفروجية
ومحمد عباس حلمي وآمنة عباس ولدي جميلة هانم فتحي بنت السيدة عائشة الفروجية لأنهم
وإن كانوا من طبقته وأقرب الطبقات إليه إلا أنهم ليسوا من أهل طبقته ولا أقرب
الطبقات إليه في الحصة التي كان يستحق فيها وهي حصة والدته درية لأن عبد العزيز
وبهية من أهل حصة محمد فتحي ومحمد وآمنة من أهل حصة جميلة فتحي فهم فروع لأصل غير
مباشر ولا يتناولون شيئاً من القسم الذي كان يتناول منه العقيم، فإنه لا يكون قد
خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب
الرابع - أن الطاعنين تقدموا إلى محكمة الاستئناف بدفاع احتياطي جديد لم يسبق عرضه
على محكمة أول درجة مؤداه أنه بفرض أن أولاد "فتيه" يستحقون جزء في نصيب
العقيم فقد رفضوا هذا الاستحقاق وارتضوا توزيع الريع على مستحقين آخرين كما تدل
على ذلك كشوف الحساب الموقع عليها منهم ولم ينكروها وسكتوا عن المطالبة به من
تاريخ وفاة العقيم في سنة 1947 ورفض الاستحقاق على هذا الوجه يعتبر رداً وإسقاطاً
له ومن المقرر فقهاً وقضاءاً أنه ليس لمن رد الاستحقاق أن يعود فيطالب به، ولم
يعول الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع مستنداً في ذلك إلى أن عدم المطالبة
بالاستحقاق فوراً لا يعتبر رداً له وأن جهل المطعون عليه بما تقتضيه شروط الواقفة
في نصيب العقيم لا يعتد به وموافقته على أيلولته لآخرين لا جناح عليه فيه، وهذا
الذي ذهب إليه الحكم خطأ في تطبيق القانون وتضارب، إذ لم يبين معيار هذه الفورية
وإذ أن هذا السكوت الطويل لمدة خمس سنوات مضافاً إلى رضاء المطعون عليه بأيلولة
الاستحقاق لغيره دليل قاطع على أنه رد الاستحقاق وأسقطه في هذا النصيب إسقاطاً
مجرداً وهو لم يكن يجهل القانون ولا التفسير الصحيح لشرط العقيم.
وحيث إن هذا النعي مردود
(أولاً) بأن الفورية ليست شرطاً في طلب الاستحقاق بل يبقى المستحق على حقه في
المطالبة ما لم تمض المدة المانعة من سماع الدعوى به مع التمكن وعدم العذر ومردود
(ثانياً) بأن الإقرار الناشئ عن خطأ في فهم الشرط لا عبرة به ولا يعول عليه - وإذ
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص بقوله
"إن عدم المطالبة بالاستحقاق فوراً لا يعتبر رداً له وأن المستأنف كان يجهل
ما تقتضيه شروط الواقفة في شأن أيلولة نصيب العقيم فلما تبين له وجه استحقاقه بادر
إلى المطالبة به فلا جناح عليه في ذلك ولا يعتبر سكوته الأول رداً للاستحقاق وإذا
كان قد وافق على أيلولة النصيب إلى آخرين فإن جهله بما يقضي به القانون في شأن ما
ورد بحجة الوقف يعتبر خطأ في القانون لا يعتد به" فإنه لا يكون قد خالف
القانون أو أخطأ في تطبيقه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ونقض 28/ 11/ 1962. الطعن
رقم 28 لسنة 30 ق "أحوال شخصية" السنة 13 ص 1073.
(2) نقض 20/ 2/ 1964. الطعن رقم 301 لسنة 29 ق
"أحوال شخصية". السنة 15 ص 263.