الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 10 يوليو 2020

الطعن 82 لسنة 31 ق جلسة 1 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 66 ص 481

جلسة أول مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.
---------------
(66)
الطعن رقم 82 لسنة 31 القضائية
إفلاس. "شروط الدين محل التوقف عن الدفع". "سلطة محكمة الإفلاس".
الدين محل التوقف عن الدفع. شرطه أن يكون خالياً من النزاع. على محكمة الإفلاس أن تستظهر كل ما يثيره المدين بشأن عدم صحة الدين لتقرير مدى جدية المنازعة. لها في هذا الصدد اتخاذ ما تراه لازماً لتحقيق هذه الغاية من إجراءات الإثبات.
------------------
يشترط في الدين الذي يشهر الإفلاس عند الوقوف عن دفعه أن يكون خالياً من النزاع. ويجب على المحكمة عند الفصل في طلب شهر الإفلاس أن تستظهر جميع المنازعات التي يثيرها أمامها المدين بشأن عدم صحة الدين لتقدير مدى جديتها، وعلى هدى هذا التقدير يكون قضاؤها في الدعوى. ولئن كان الأصل أن للمحكمة أن تستظهر مدى جدية النزاع في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس من الأوراق المقدمة إليها والقرائن المحيطة بالدعوى إلا أنه لا عليها إذا هي اتخذت أي إجراء من إجراءات الإثبات بالقدر اللازم لتحقيق هذه الغاية، إذ قد يكشف هذا الإجراء عن عدم جدية المنازعة فيفوت بذلك على المدين طريق المنازعة الكيدية الذي قد يهدف به إلى مجرد إسقاط حق الدائن في طلب إشهار إفلاسه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 109 سنة 1957 تجاري كلي طنطا ضد الطاعن بطلب الحكم بإشهار إفلاسه، وقالوا بياناً لدعواهم إنهم يداينون الطاعن بعدة مبالغ من بينها مبلغ 1047 ج بمقتضى سند إذني حرر عن عملية تجارية واستصدروا به أمر أداء في 9/ 11/ 1954 وأن الطاعن عارض في هذا الأمر وقضى برفض معارضته ثم استأنف الحكم الصادر في المعارضة وقضى برفض استئنافه، وأنه إذ توقف الطاعن عن الوفاء بديونه فقد طلبوا الحكم بإشهار إفلاسه. دفع الطاعن بأن النزاع انتهى صلحاً، وقدم عقد صلح تاريخه 26/ 10/ 1957 يحمل توقيعاً منسوباً إلى المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن المطعون ضدهما الثانية والثالثة، فطعن فيه هذا الأخير بالتزوير لأن التوقيع المنسوب إليه ليس توقيعه. وبتاريخ 24/ 3/ 1958 حكمت المحكمة الابتدائية بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة بين التوقيع المنسوب للمطعون ضده الأول على عقد الصلح وبين التوقيعات التي على الأوراق الرسمية والأوراق الأخرى التي يتفق عليها الطرفان، وباشر الخبير المنتدب مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن التوقيع المنسوب إلى المطعون ضده الأول مزور، غير أن الطاعن قدم بدوره تقريراً استشارياً يتضمن صحة هذا التوقيع، فقررت المحكمة استكتاب المطعون ضده الأول وإعادة المأمورية إلى قسم أبحاث التزييف لإجراء المضاهاة بين التوقيعات التي استكتبتها والتوقيع المنسوب إلى المطعون ضده الأول على عقد الصلح وقدم قسم الأبحاث تقريره الثاني مؤيداً للتقرير الأول. وبتاريخ 27/ 10/ 1959 حكمت محكمة الدرجة الأولى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن المطعون ضده الأول وقع بنفسه على عقد الصلح، ولينفي المطعون ضده الأول ذلك، وبعد تنفيذ هذا الحكم قضت المحكمة بجلسة 7/ 11/ 1959 برفض دعوى الإفلاس - استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 64 سنة 10 ق طنطا، ومحكمة الاستئناف قضت في 10/ 1/ 1961 بإلغاء الحكم المستأنف وبإشهار إفلاس الطاعن واعتبار يوم 21/ 11/ 1954 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 9/ 2/ 1961، وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 11/ 1/ 1966، وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل الأول والرابع منها في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الدرجة الأولى التزمت حدود سلطتها في الفصل في طلب شهر الإفلاس بأن قصرت بحثها في صحة عقد الصلح أو عدم صحته على القدر الذي تبينت معه مدى جدية النزاع في الدين، ولم تتعرض إلى إجراءات التحقيق التي تمت أمامها إلا بالقدر اللازم للفصل في الدعوى ورتبت على ذلك قضاءها برفض طلب شهر الإفلاس، أما الحكم المطعون فيه فقد جاوز نطاق مهمته المرسومة بالقانون فتناول بحث جميع عناصر التحقيق التي تمت في الدعوى، وذكر في أسبابه أن قسم أبحاث التزوير والتزييف أثبت في تقريرين متواليين أن التوقيع المنسوب إلى المطعون ضده الأول على عقد الصلح مزور، ولم يعول على التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن ولا على التحقيق الذي بنت عليه محكمة أول درجة قضاءها برفض الدعوى، وخلص الحكم من ذلك إلى الاقتناع بأنه عقد مزور وأسس على هذا الاقتناع قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وإشهار إفلاس الطاعن، وإذ كان الدين المطلوب من أجله إشهار الإفلاس ديناً متنازعاً فيه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن قصور أسبابه إذ لا يصلح ما قرره ورتب عليه قضاؤه رداً على أسباب الحكم الابتدائي.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يشترط في الدين الذي يشهر الإفلاس عند الوقوف عن دفعه أن يكون خالياً من النزاع، ويجب على المحكمة عند الفصل في طلب شهر الإفلاس أن تستظهر جميع المنازعات التي يثيرها أمامها المدين بشأن عدم صحة الدين لتقدير مدى جديتها - وعلى هدى هذا التقدير يكون قضاؤها في الدعوى. وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة تستظهر مدى جدية النزاع في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس من الأوراق المقدمة إليها والقرائن المحيطة بالدعوى، إلا أنه لا عليها إذا هي اتخذت أي إجراء من إجراءات الإثبات بالقدر اللازم لتحقيق هذه الغاية، إذ قد يكشف هذا الإجراء عن عدم جدية المنازعة فيفوت بذلك على المدين طريق المنازعة الكيدية الذي قد يهدف به إلى مجرد إسقاط حق الدائن في طلب إشهار إفلاسه ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استدل على عدم جدية المنازعة التي أثارها الطاعن لتبرير امتناعه عن الوفاء بالدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس بما حصله مما هو وارد في تقريري قسم أبحاث التزييف والتزوير بمكتب الطب الشرعي من أن التوقيع المنسوب صدوره إلى المطعون ضده الأول على عقد الصلح الذي تمسك به الطاعن هو توقيع مزور، ولم يعول الحكم على التقرير الاستشاري المقدم منه ولا على أقوال شاهديه اللذين سمعا أمام محكمة الدرجة الأولى، وكان مفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لإجراءات الإثبات التي اتخذتها محكمة الدرجة الأولى إلا لمجرد التحقق من مبلغ الجد في النزاع في شأن الدين المطلوب من أجله شهر الإفلاس دون أن يقطع بصحة أو عدم صحة عقد الصلح - لما كان ذلك، وكان ما استخلصه الحكم في هذا الخصوص لا مخالفة فيه للقانون، ويكفي لحمل قضائه، فإنه لا حاجة له بعد ذلك إلى مناقشة الأسباب التي بني عليها الحكم الابتدائي ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض في التسبيب ذلك أنه وإن قرر أن محكمة الإفلاس لا تملك إصدار الأحكام المتعلقة بالإثبات لأنها تدخل في اختصاص قاضي الموضوع، إلا أنه في موضع آخر من أسبابه ناقش إجراءات الإثبات المتعلقة بصحة أو عدم صحة عقد الصلح، وخلص إلى الاقتناع بعدم صحته، وفي هذا تناقض يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعرض لإجراءات الإثبات التي اتخذتها محكمة الدرجة الأولى بخصوص عقد الصلح المشار إليه بسبب النعي إلا لمجرد تقدير مبلغ الجد في النزاع في شأن الدين دون أن يقطع في أسبابه بصحة أو عدم صحة عقد الصلح. ولما كانت الأسباب التي أوردها الحكم في هذا الخصوص - على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول - من شأنها أن تكفي لحمل قضائه، فإنه لا يعيبه بعد ذلك ما تضمنه من تقريرات قانونية لا تؤثر في جوهر قضائه، لما كان ذلك، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بفساد الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أنه استند في قضائه باعتبار الطاعن متوقفاً عن دفع ديونه إلى أنه ظل يماطل في سدادها مدة تزيد على ست سنوات رغم إعلانه بأمر الأداء في 22/ 11/ 1954 مما ينبئ عن مركز مالي مضطرب، في حين أن الثابت من الأوراق أن الطاعن عارض في أمر الأداء المذكور وظل النزاع أمام القضاء عدة سنوات ولم يفصل فيه نهائياً إلا في 24/ 4/ 1957 مما تنتفي معه المماطلة لأن الطاعن كان يستعمل حقاً قانونياً وما كان هناك سبيل لرفع دعوى الإفلاس مع قيام الطعن في حكم الدين.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أقام الدليل على عدم جدية النزاع الذي أثاره الطاعن في شأن الدين، عرض إلى حالة التوقف عن الدفع وقرر بشأنها ما يأتي "إنه متى ثبت كما سلف البيان أن منازعة المستأنف عليه "الطاعن" في دين المستأنفين "المطعون ضدهم" الثابت بأحكام نهائية غير جدية ولا أساس لها وأن توقفه عن هذا الدين ينبئ عن مركز مالي مضطرب يعرض به حقوق دائنيه إلى خطر كبير الاحتمال سيما وقد ماطل في سداده مدة تزيد على الست سنوات رغم إعلانه بأمر الأداء في 22/ 11/ 1954". ولما كان هذا الذي قرره الحكم من أن الطاعن لم يكن محقاً في المنازعات التي أثارها في شأن الدين هو استخلاص موضوعي سائغ لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه من اعتباره متوقفاً عن الدفع ابتداء من 21/ 11/ 1954 فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق