جلسة 14 من أكتوبر سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / سلامة أحمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى عبد العزيز ماضي ، عصمت عبد المعوض ، مجدي تركي وعلاء الدين كمال نواب رئيس المحكمة .
-------------
(87)
الطعن 14027 لسنة 83 ق
(1) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . دفاع "
الإخلال
بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
التفات الحكم عن الرد على الدفع ببطلان القبض
والتفتيش . لا يعيبه . ما دام أنه دفع قانوني ظاهر البطلان .
مثال .
(2) مأمورو الضبط
القضائي " اختصاصاتهم " . استدلالات . تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس "
. مواد مخدرة . قبض . تفتيش " التفتيش بغير إذن
" .
مسايرة مأمور الضبط القضائي للجاني بقصد ضبط الجريمة .
لا يعد اختلاقاً لها وغير مخالف للقانون . ما دامت إرادة الجاني بقيت حرة ولم يقع
تحريض لارتكابها . علة ذلك ؟
تقدير توافر حالة
التلبس . موضوعي . ما دام سائغاً .
بيع الطاعن بصيدليته
عقار الترامادول المخدر دون تذكرة طبية . تتوافر به حالة التلبس . ضبطه وتفتيشه
وتفتيش الصيدلية دون إذن من النيابة العامة . صحيح .
(3) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات
. موضوعي .
النعي بشأن تعويل
الحكم على أقوال ضابطي الواقعة التي استقياها من التحريات . جدل موضوعي .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " .
حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا
يقبل منها " .
تقدير
الدليل . موضوعي .
استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن
أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض
رواية الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم
بما لا تناقض فيه .
الجدل
الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) إثبات
" شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
النعي على الحكم فيما
أسنده للشاهد من أقوال . غير مقبول . ما دام الثابت أن الحكم لم يسندها إليه .
مثال .
(6)
إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
إحالة الحكم في إيراد
أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
عدم التزام المحكمة
بسرد روايات الشاهد إن تعددت . حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه منها وتطرح ما
عداه .
(7) إثبات " خبرة " . حكم
" ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . مواد مخدرة .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا
يعيبه .
مثال .
(8) مواد مخدرة .
إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره " .
نعي الطاعن باختلاف الحرز المرسل للنيابة العامة عن
الحرز المرسل للمعمل الكيماوي بشأن عدد الأقراص المضبوطة . جدل موضوعي .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها
. غير جائز .
(9) إثبات " معاينة " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بشأن محضر المعاينة . غير مقبول
. ما دام لم يعول عليها في الإدانة .
(10) قانون
" تطبيقه " " تفسيره " . صيدلة . مواد مخدرة . ارتباط . عقوبة
" عقوبة الجريمة الأشد " .
المفاضلة بين تطبيق
قانون خاص وقانون عام . محلها وحدة الفعل المنصوص عليه في كل منهما . اختلافه .
يمتنع معه الإشكال في تطبيقهما .
القانونان 127 لسنة
1955 المعدل و182 لسنة 1960 المعدل . لا يوجد بينهما وحدة في الواقعة التي يعالجها كل منهما
. تكوين الفعل الواحد للجريمة المنصوص عليها في كل منهما . تعدد معنوي . يوجب
توقيع العقوبة الأشد المقررة في القانون 182 لسنة 1960 المعدل . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
(11) قرارات وزارية . مواد مخدرة . دستور . قانون
" سريانه ".
حق الوزير المختص تعديل الجداول الملحقة
بالقانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات بالحذف أو بالإضافة أو بتغيير
النسب فيها . علته ؟
قرار
وزير الصحة والسكان رقم 125 لسنة 2012 . بشأن إضافة مادة الترامادول إلى القسم الثاني من الجدول رقم
(1) الملحق بقانون مكافحة المخدرات . سريانه من اليوم التالي لتاريخ نشره . أساس وأثر ذلك
؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه
قد بيَّن واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة من الأوراق والتحقيقات بما مؤداه أن
التحريات التي أجراها المقدم / .... أسفرت على أن الطاعن والذي يعمل صيدلي ويمتلك
إحدى الصيدليات بمدينة .... يقوم بالاتجار في العقاقير الطبية المخدرة وقام
بالاستعانة بالشاهد الثالث / .... لإجراء محاولة شرائية نجم عنها بيع المتهم له
شريط لعقار الترامادول المدرج بالجدول الأول دون تذكرة طبية ، وعلى إثر ذلك قام
بالدخول إلى الصيدلية وبتفتيشها بمعرفة الشاهد الرابع / .... والذي يعمل مفتش
صيدليات بمديرية الشئون الصحية .... عثر بداخلها على كمية من العقاقير الطبية
مجهولة المصدر وغير مجازة من وزارة الصحة وأخرى مدرجة بالجدول الأول من قانون
المخدرات وذلك بقصد الاتجار ، مما يدل على توافر حالة التلبس بجريمة حيازة عقار
الترامادول المخدر بقصد الاتجار ، ومن ثم لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع
الذي أبداه الطاعن ببطلان القبض والتفتيش طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان ، ومن
ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول .
2- لما كان من المقرر
أنه لا تثريب على مأموري الضبط الفضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحري عن
الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس
الجاني لهم ويأمن جانبهم ، فمسايرة مأمور الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها
لا يجافي القانون ولا يعد اختلاقاً للجريمة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير
معدومة ، ومادام أنه لم يقع تحريض على ارتكاب هذه الجريمة ، وإذ كان القول بتوافر
حالة التلبس أو عدم توافرها من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع
بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على
أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك ، وكان
الطاعن قد أوجد نفسه طواعية في أظهر حالة من حالات التلبس ببيعه عقار الترامادول
المخدر للشاهد الثالث دون تذكرة طبية
بالمخالفة لنص المواد 14 ، 19 ، 24 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 ،
ومن ثم فإن قيام ضابطي الواقعة بضبطه وتفتيشه وتفتيش الصيدلية بمعرفة الشاهد
الرابع الصيدلي بمديرية الشئون الصحية .... يكون صحيحاً منتجاً لأثره ، ولا عليه
إن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة بذلك إذ لم يكن في حاجة إليه ، ومن
ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
3- من المقرر أن
تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، فإن
المجادلة في تعويل الحكم على أقوال ضابطي الواقعة التي استقياها من التحريات تتمخض
جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما ينعاه
الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
4- لما كان من المقرر
أن تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب
عليها في ذلك ، وكان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود
وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي
إليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً
إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود
وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب ، وكان لا يعيب الحكم تناقض رواية
الشهود في بعض تفاصيلها ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا
تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد
إنما ينحل إلى جـدل مـوضوعي فـي تـقدير الأدلة
مما تـستقل بـه مـحكمة المـوضوع ولا تـجوز مـجادلتها فيه ولا مصادرة
عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5- لما كان الحكم لم
يسند للشاهد الأول قولاً بأن الشاهدين الرابع والخامس هما من قاما بتفتيش الصيدلية ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له
محل .
6-
من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من
أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان من
المقرر كذلك أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه
، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
7- لما كان الحكم
المطعون فيه قد أورد مؤدى تقرير المعمل الكيماوي وأبرز ما جاء به من ثبوت أن
الأقراص المضبوطة لعقار الترامادول أكس 225 المضاف بالجدول الأول لقانون المخدرات
بقرار وزير الصحة رقم 125 لسنة 2012 ، وهو بيان كافٍ للدلالة على أن المادة
المضبوطة هي لذلك المخدر ، لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه ، ومن ثم ينتفي عن الحكم
ما يثيره الطاعن من قصور في هذا الصدد .
8- لما كان ما يثيره
الطاعن باختلاف الحرز المرسل للنيابة العامة عن الحرز المرسل للمعمل الكيماوي بشأن
عدد الأقراص المضبوطة إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود
الواقعة ومن عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو
مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها ، ولما كان الثابت من محضر
جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة تحقيقاً معيناً في شأن ما
ادعاه من اختلاف الحرز المرسل للنيابة العامة عن الحرز المرسل للمعمل الكيماوي ،
فإنه لا يكون للطاعن من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها
.
9- لما كان الحكم
المطعون فيه لم يعول في إدانته على محضر المعاينة بخلاف ما يدعيه الطاعن بأسباب
طعنه ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له .
10- من المقرر أن
المفاضلة بين تطبيق قانون خاص وقانون عام إنما تكون عند وحدة الفعل المنصوص عليه
في كل منهما وحدة تشتمل كل عناصر هذا الفعل وأركانه أما إذا كان الفعل المنصوص
عليه في أحدهما يختلف عن الفعل الذي ينص عليه الآخر فإن المزاحمة بينهما تمتنع ويمتنع بالتتبع
الإشكال في تطبيقهما لانطباق كل من القانونين على الواقعة المنصوص عليها فيه ،
ولما كان كل من القانونين رقم 127 لسنة 1955 المعدل ، ورقم 182 لسنة 1960 المعدل يعالج واقعة مستقلة عن الأخرى ، كما لا يوجد بين
القانونين وحدة في الواقعة التي يعالجها كل منهما ، وذلك لا يمنع بالبداهة
أن يكون الفعل الواحد مكوناً أحياناً للجريمة المنصوص عليها في كل منهما وفي هذه
الحالة يوجد التعدد المعنوي المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات وعندئذ
يجب توقيع العقوبة الأشد وهي المنصوص عليها في القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل .
وإذ كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر بتطبيق المادة 32 من
قانون العقوبات ، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
11- لما كان ما ناطه
المشرع بالوزير المختص من جواز تعديل الجداول الملحقة بالقانون رقم 182 لسنة 1960
في شأن مكافحة المخدرات بالحذف أو بالإضافة أو بتغيير النسب فيها إنما كان تقديراً
منه لما يتطلبه كشف وتحديد الجواهر المخدرة من خبرة ومرونة في اتخاذ القرار يمكن
معها مواجهة التغيرات المتلاحقة في مسمياتها وعناصرها تحقيقاً لصالح المجتمع ،
ولما كانت الدساتير المتعاقبة قد نصت على أن تنشر القوانين في الجريدة الرسمية
خلال الأجل المحدد في الدستور من تاريخ إصدارها ويعمل بها بعد المدة التي يحددها
من اليوم التالي لتاريخ نشرها كقاعدة عامة لضمان علم الكافة بأحكامها وذلك إلا إذا
حددت تلك القوانين ميعاداً آخر لسريان أحكامها ، وكان البين من مطالعة القرار رقم
125 لسنة 2012 الصادر بتاريخ 18/2/2012 من وزير الصحة والسكان المفوض في تعديل
الجداول الملحقة بقانون المخدرات ، والمعمول به اعتباراً من الثاني من مارس سنة
2012 أنه قد ورد بالمادة الثالثة منه أنه يعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره ،
ومن ثم يسرى هذا القانون على واقعة الدعوى التي تمت في 11/3/2012 ويكون منعى
الطاعن في شأن عدم سريانه على الواقعة لا محل له .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه :- أولاً : حاز بقصد الاتجار أقراص مخدرة لعقار " الترامادول " المؤثر على الصحة النفسية في غير الأحوال المصرح بها
قانوناً . ثانياً :
1- بصفته صيدلي عرض للبيع أدوية لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها أو
تداولها على النحو المبين بالتحقيقات . 2- صرف جواهر مخدرة بدون تذكرة طبية
من طبيب مختص على النحو المبين بالتحقيقات . 3- لم يمسك الدفاتر المقررة
قانوناً على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة
جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 7/ 1 ، 14 /1 ، 19 ،
24 ، 34 /1 بند أ ، 42/ 1 ، 43 /1 ،
45 /1 ، 46 /3 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل
بالقانونين رقمي 61 لسنة 1978 ، 122 لسنة 1989 ، والبند الأخير من القسم الثاني من
الجدول رقم (1) الملحق والمعدل بقرار وزير
الصحة رقم 125
لسنة 2012 ، والمواد 58 ، 59 ، 64
،65
، 81 /2 ،84
من القانون رقم 127 لسنة
1955 المعدل بالقانونين 360 لسنة 1956 ،
167 لسنة 1998 وبعد أن أعمل في حقه المادتين 17 ،32 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات ، وتغريمه مائة ألف
جنيه لما نسب إليه ، وبمصادرة الأقراص المضبوطة ، وإلزامه بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق
النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
حيث إن الطاعن ينعى
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة أقراص مخدرة - ترامادول - بقصد الاتجار
وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، وحال كونه صيدلي عرض للبيع أدوية لم يصدر
قرار باستعمالها أو تداولها من وزير الصحة ، وصرف جواهر مخدرة بدون تذكرة طبية من
طبيب مختص ، ولم يمسك الدفاتر المقررة قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ،
والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، وران عليه البطلان ، والخطأ في
تطبيق القانون ، ومخالفة الثابت بالأوراق ، ذلك أنه لم يعرض إيراداً ورداً على
دفعه ببطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من إجراءات لحصولهما بغير إذن من النيابة
العامة ولانتفاء حالة التلبس التي اختلقها ضابط الواقعة ، وبطلان التحريات لعدم
جديتها ، وعوَّل في إدانته على أقوال الشاهد الثالث رغم عدم قيامه بالمحاولة
الشرائية لعدم وجوده على مسرح الواقعة ، وتناقض أقواله مع أقوال الشاهدين الأول
والثاني ، وأسند للشاهد الأول قولاً بأن الشاهدين الرابع والخامس قاما بتفتيش
الصيدلية رغم أنه قرر بالتحقيقات أن التفتيش تم بمعرفة الشاهد الرابع واقتصر دور الخامس على الاشتراك مع لجنة الفحص التي تم
تشكيلها بعد الضبط بأكثر من شهرين ، وأحال في
بيان أقوال الشاهد الثاني إلى ما قرره الشاهد الأول دون أن يورد مضمون
شهادته ، كما عوَّل في إدانته على تقرير المعمل الكيماوي دون إيراد مضمونه ،
واكتفى بالإشارة إلى عدد المضبوطات وخلا التقرير مما يفيد عدم إجازة تلك المضبوطات
من وزير الصحة ، كما دفع الطاعن باختلاف الحرز المرسل للنيابة العامة عن الحرز
المرسل للمعمل الكيماوي بشأن عدد الأقراص إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم
تعن بتحقيقه ، كما عوَّل في إدانته على محضر المعاينة دون إيراد مضمونه ، هذا
فضلاً عن أن الواقعة بفرض صحتها لا تعدو أن تكون مجرد جنحة عقوبتها الحبس أو
الغرامة لكونه صيدلي مرخص له ببيع العقاقير الطبية المخدرة ، وأن الفصل الرابع من
قانون المخدرات قد حوى تفصيلاً الأفعال التي يرتكبها الصيادلة ، كما أن قرار وزير
الصحة بإضافة عقار الترامادول المخدر إلى القسم الثاني من الجدول رقم " 1
" الملحق بالقانون 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات قد تم نشره في
الجريدة الرسمية أول مارس سنة 2012تتبع العمل به اعتباراً من
أول إبريل سنة 2012 - أي بعد شهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية - وفقاً للدستور
، ومن ثم عدم سريان مادة تجريم عقار الترامادول على الواقعة ، مما يعيب الحكم بما
يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم
المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة من الأوراق والتحقيقات
بما مؤداه أن التحريات التي أجراها المقدم / .... أسفرت على أن الطاعن والذي يعمل
صيدلي ويمتلك إحدى الصيدليات بمدينة .... يقوم بالاتجار في العقاقير الطبية
المخدرة وقام بالاستعانة بالشاهد الثالث / .... لإجراء محاولة شرائية نجم عنها بيع
المتهم له شريط لعقار الترامادول المدرج بالجدول الأول دون تذكرة طبية ، وعلى إثر
ذلك قام بالدخول إلى الصيدلية وبتفتيشها بمعرفة الشاهد الرابع / .... والذي يعمل
مفتش صيدليات بمديرية الشئون الصحية .... عثر بداخلها على كمية من العقاقير الطبية
مجهولة المصدر وغير مجازة من وزارة الصحة وأخرى مدرجة بالجدول الأول من قانون
المخدرات وذلك بقصد الاتجار ، مما يدل على توافر حالة التلبس بجريمة حيازة عقار
الترامادول المخدر بقصد الاتجار ، ومن ثم لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن ببطلان القبض والتفتيش
طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير
مقبول ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا تثريب على مأموري الضبط القضائي
ومرؤوسيهم فـيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل
ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم ، فمسايرة مأمور
الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا
يجافي القانون ولا يعد اختلاقاً للجريمة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير
معدومة ، وما دام أنه لم يقع تحريض على ارتكاب هذه الجريمة ، وإذ كان القول
بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها من المسائل
الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال في
الدعوى المطروحة - لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد أوجد نفسه طواعية في أظهر
حالة من حالات التلبس ببيعه عقار الترامادول المخدر للشاهد الثالث دون تذكرة طبية
بالمخالفة لنص المواد 14 ، 19 ، 24 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 ، ومن ثم
فإن قيام ضابطي الواقعة بضبطه وتفتيشه وتفتيش الصيدلية بمعرفة الشاهد الرابع
الصيدلي بمديرية الشئون الصحية .... يكون صحيحاً منتجاً لأثره ، ولا عليه إن هو لم
يسع للحصول على إذن من النيابة العامة بذلك إذ لم يكن في حاجة إليه ، ومن ثم فإن
منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ، كما أنه من المقرر أن تقدير جدية
التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، فإن المجادلة في
تعويل الحكم على أقوال ضابطي الواقعة التي استقياها من التحريات تتمخض جدلاً
موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن
في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل
موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، وإن
لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من
صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها
أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير
معقب ، وكان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام قد استخلص
الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى
الراهنة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إنما ينحل إلى جدل موضوعي في
تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة
عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يسند للشاهد الأول قولاً بأن الشاهدين الرابع والخامس
هما من قاما بتفتيش الصيدلية ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون
له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة
الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه
الحكم منها ، وكان من المقرر كذلك أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود
- إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما
تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير
سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى تقرير المعمل الكيماوي
وأبرز ما جاء به من ثبوت أن الأقراص المضبوطة لعقار الترامادول أكس 225 المضاف
بالجدول الأول لقانون المخدرات بقرار وزير الصحة رقم 125 لسنة 2012 ، وهو بيان
كافٍ للدلالة على أن المادة المضبوطة هي لذلك المخدر ، وكان لا ينال من سلامة
الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه ، ومن ثم ينتفي عن الحكم ما
يثيره الطاعن من قصور في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن باختلاف الحرز المرسل للنيابة العامة
عن الحرز المرسل للمعمل الكيماوي بشأن عدد الأقراص المضبوطة إن هو إلا جدل في
تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة ومن عملية التحليل التي اطمأنت إليها
محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من
إطلاقاتها ، ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب
من المحكمة تحقيقاً معيناً في شأن ما ادعاه من اختلاف الحرز المرسل للنيابة العامة
عن الحرز المرسل للمعمل الكيماوي ، فإنه لا يكون للطاعن من بعد النعي على المحكمة
قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم
يعول في إدانته على محضر المعاينة بخلاف ما يدعيه الطاعن بأسباب طعنه ، فإن منعى
الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المفاضلة بين
تطبيق قانون خاص وقانون عام إنما تكون عند وحدة الفعل المنصوص عليه في كل منهما
وحدة تشتمل كل عناصر هذا الفعل وأركانه أما إذا كان الفعل المنصوص عليه في أحدهما
يختلف عن الفعل الذي ينص عليه الآخر فإن المزاحمة بينهما تمتنع ويمتنع بالتبع الإشكال في تطبيقهما لانطباق كل من القانونين
على الواقعة المنصوص عليها فيه ، ولما كان كل من القانونين رقم 127 لسنة 1955
المعدل ، ورقم 182 لسنة 1960 المعدل يعالج واقعة مستقلة عن الأخرى ، كما لا يوجد بين القانونين وحدة في الواقعة التي يعالجها كل منهما ، وذلك لا يمنع بالبداهة أن يكون
الفعل الواحد مكوناً أحياناً للجريمة المنصوص عليها في كل منهما وفي هذه
الحالة يوجد التعدد المعنوي المنصوص عليه في المادة 32 م قانون العقوبات وعندئذ
يجب توقيع العقوبة الأشد وهي المنصوص عليها في القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل .
وإذ كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر بتطبيق المادة 32 من
قانون العقوبات ، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون . لما كان ذلك ، وكان ما
ناطه المشرع بالوزير المختص من جواز تعديل الجداول الملحقة بالقانون رقم 182 لسنة
1960 في شأن مكافحة المخدرات بالحذف أو بالإضافة أو بتغيير النسب فيها إنما كان
تقديراً منه لما يتطلبه كشف وتحديد الجواهر المخدرة من خبرة ومرونة في اتخاذ
القرار يمكن معها مواجهة التغيرات المتلاحقة في مسمياتها وعناصرها تحقيقاً لصالح
المجتمع ، ولما كانت الدساتير المتعاقبة قد نصت على أن تنشر القوانين في الجريدة
الرسمية خلال الأجل المحدد في الدستور من تاريخ إصدارها ويعمل بها بعد المدة التي
يحددها من اليوم التالي لتاريخ نشرها كقاعدة عامة لضمان علم الكافة بأحكامها وذلك
إلا إذا حددت تلك القوانين ميعاداً آخر لسريان
أحكامها ، وكان البين من مطالعة القرار رقم 125 لسنة 2012 الصادر بتاريخ 18/2/2012
من وزير الصحة والسكان المفوض في تعديل الجداول الملحقة بقانون المخدرات ، والمعمول
به اعتباراً من الثاني من مارس سنة 2012 أنه
قد ورد بالمادة الثالثة منه أنه يعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره ، ومن
ثم يسري هذا القانون على واقعة الدعوى التي تمت في 11/3/2012 ، ويكون منعى الطاعن
في شأن عدم سريانه على الواقعة لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته
يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ