الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 يناير 2018

الطعن 20735 لسنة 64 ق جلسة 23 / 10 / 1996 مكتب فني 47 ق 157 ص 1091

جلسة 23 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل ومحمد إسماعيل موسى ومصطفى محمد صادق نواب رئيس المحكمة. ومحمد علي رجب.

------------------

(157)
الطعن رقم 20735 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "اعتراف" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(2) قبض "الإذن بالقبض. إصداره". استدلالات. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالقبض. موضوعي.
(3) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعي.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة. ما دامت المحكمة اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى حصولها من الطاعنين.
(6) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين. غير لازم. ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد عليه.
(7) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها استقلالاً. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(8) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن على الحكم.
مثال.
(9) قضاة "صلاحيتهم". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "بطلانه". بطلان. رد.
الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى. ورودها على سبيل الحصر في المادة 247 إجراءات. عدم توافر أي منها. أثره؟
(10) قتل عمد. سبق إصرار. ترصد. اشتراك. عقوبة "توقيعها". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في القتل وفق نص المادة 235 عقوبات هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة.
إجازة المادة 17 عقوبات. النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن.
إفصاح المحكمة عن أخذها المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 عقوبات. يوجب عليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فيها. علة ذلك؟
معاقبة المحكمة الطاعن بإحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمة التي دين بها. رغم إفصاحها عن معاملته بالمادة 17 عقوبات. خطأ في القانون. علة ذلك؟
(11) نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها".
لمحكمة النقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. متى كان مبنياً على خطأ في القانون. المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959.
(12) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
اقتصار العيب الذي شاب الحكم على الخطأ في القانون. وجوب تصحيحه. المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959.

-------------------
1 - لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع حول اعتراف الطاعنين الثلاثة الأول وأطرحت ما أثير بشأن بطلانه للإكراه بالأسباب السائغة التي أوردتها، وخلصت في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أن هذا الاعتراف منبت الصلة عما وجد بالطاعنين من إصابات، فإن الحكم يكون قد برئ من أية شائبة في هذا الخصوص، ولا يعدو ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
2 - لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالقبض هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن القبض وسوغت الأمر به وردت على الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات رداً كافياً وسائغاً، وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن. فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
4 - لما كانت المحكمة أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الصفة التشريحية، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها لما هو مقرر من أن لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة.
5 - من المقرر أن تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن شهود الإثبات رأوا الطاعنين الثلاثة الأول حال اعتدائهم على المجني عليه.
6 - من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين ما دام أن ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
7 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا شيئاً مما ينعوه في أسباب طعنهم من بطلان تحقيقات النيابة العامة، فليس لهم أن يثيروا هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
9 - لما كانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين ولاية القضاء من تعارض، وكان ما أورده الطاعنون بأسباب الطعن لا يندرج تحت أي من الحالات الواردة حصراً في هذه المادة، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
10 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن انتهى إلى إدانة الطاعن الرابع بجريمة الاشتراك في قتل المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار والترصد المنصوص عليها في المادة 235 من قانون العقوبات مفصحاً عن استعمال المادة 17 منه أنزل به عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في القتل الذي يستوجب الحكم على فاعله بالإعدام هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر - التي أعملها الحكم في حق الطاعنين جميعاً - تبيح النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً، إلا أنه يتعين على المحكمة إذ ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها، ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن المذكور طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لجريمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دين الطاعن بها طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات فإنه يكون قد خالف القانون إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن.
11 - من المقرر أن المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون.
12 - لما كان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين إعمالاً لنص المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام النقض. تصحيح الحكم باستبدال عقوبة الأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة المقضي بها على الطاعن الرابع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: المتهمون من الأول إلى الثالث 1 - قتلوا........ عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء "سيف وخنجران ومطواة" وترصدوا له في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى ضربه الأول بالسيف على رأسه وجبهته وانهال عليه الثاني والثالث طعناً بالخنجرين في بطنه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. 2 - أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء (سيف وخنجران ومطواة). ثانياً: المتهمان الثاني والثالث: استعملا القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين هم الرائدان....... و..... والرقيب السري........ لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظائفهم حال قيامهم بضبطهما لارتكابهما جريمة القتل سالفة الذكر بأن قام الثاني بطعن المجني عليهما الأول والثالث بآلة حادة (مطواة) وهددهم الثالث بخنجر أشهره في وجه المجني عليه الثاني وذلك لمنعهم من القبض عليهما فحدثت بالمجني عليهما الأول والثالث الإصابات الموصوفة بالتقريرين الطبيين ولم يبلغا من ذلك مقصدهما. ثالثاً: المتهم الرابع: اشترك مع الثلاثة الأول بطرق التحريض والاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الأولى بأن قام بتحريضهم على قتل المجني عليه واتفق معهم على ذلك وساعدهم بأن أمدهم بالأسلحة اللازمة (سيف وخنجران ومطواة) لإتمام جريمتهم فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض وتلك المساعدة وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 40، 41، 137 مكرراً ( أ )/ 1 - 2، 230، 231، 232 من قانون العقوبات و1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبنود أرقام 1، 3، 10 من الجدول رقم (1) الملحق به مع إعمال المادتين 17، 23 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة الأول حضورياً بالأشغال الشاقة المؤبدة عن التهمتين الأولى والثانية وكل من الثاني والثالث أيضاً بالسجن لمدة خمس سنوات عن التهمة الثالثة وغيابياً للمتهم الرابع بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة الأسلحة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم الثلاثة الأول في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم...... لسنة 61 قضائية)، وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة. كما قدمت النيابة العامة المحكوم عليه الرابع إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وهذه المحكمة قضت حضورياً بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة السلاح المضبوط فطعن المحكوم عليه الرابع في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم....... لسنة 61 القضائية)، وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بمعاقبة كل من الثلاثة الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة عن التهمتين الأولى والثانية والثاني والثالث أيضاً بالسجن لمدة خمس سنوات عن التهمة الثالثة والرابع بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة الأسلحة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والاشتراك فيه واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظائفهم قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان. ذلك بأن أطرح الدفع ببطلان الاعتراف المعزو لهم لكونه وليد إكراه. وببطلان الإذن بالقبض لابتنائه على تحريات غير جدية بما لا يكفي لإطراحه، وأغفل الرد على الدفع بتناقض الدليلين القولي والفني بشأن وقت وقوع الحادث، وببطلان التحقيق الابتدائي لقصوره وإجرائه في قسم الشرطة وفي غيبة المدافعين عن الطاعنين واستغراقه وقتاً طويلاً أرهق الطاعنين، ولم تمتنع الهيئة عن نظر الدعوى رغم ما اشتملت عليه مدونات حكمها من كره وبغض للطاعنين، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات، ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وتقريري مستشفى المبرة بالإسكندرية، واعتراف الطاعنين الثلاثة الأول بالتحقيقات وبالمعاينة التصويرية وبجلسة ..... لدى النظر في طلب مد حبسهم احتياطياً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع حول اعتراف الطاعنين الثلاثة الأول وأطرحت ما أثير بشأن بطلانه للإكراه بالأسباب السائغة التي أوردتها، وخلصت في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أن هذا الاعتراف منبت الصلة عما وجد بالطاعنين من إصابات، فإن الحكم يكون قد برئ من أية شائبة في هذا الخصوص. ولا يعدو ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالقبض هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن القبض وسوغت الأمر به وردت على الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات رداً كافياً وسائغاً، وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وما دام أن المحكمة أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الصفة التشريحية، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها لما هو مقرر من أن لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة - هذا فضلاً عن أن تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن شهود الإثبات رأوا الطاعنين الثلاثة الأول حال اعتدائهم على المجني عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وإذ كان من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين ما دام أن ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع - ذلك أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا شيئاً مما ينعوه في أسباب طعنهم من بطلان تحقيقات النيابة العامة، فليس لهم أن يثيروا هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين ولاية القضاء من تعارض، وكان ما أورده الطاعنون بأسباب الطعن لا يندرج تحت أي من الحالات الواردة حصراً في هذه المادة فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن انتهى إلى إدانة الطاعن الرابع بجريمة الاشتراك في قتل المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار والترصد المنصوص عليها في المادة 235 من قانون العقوبات مفصحاً عن استعمال المادة 17 منه أنزل به عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في القتل الذي يستوجب الحكم على فاعله بالإعدام هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر - التي أعملها الحكم في حق الطاعنين جميعاً - تبيح النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً، إلا أنه يتعين على المحكمة إذ ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها، ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن المذكور طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لجريمة الاشتراك في القتل العمل من سبق الإصرار والترصد التي دين الطاعن بها طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات فإنه يكون قد خالف القانون إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون، وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين إعمالاً لنص المادة 39 من القانون سالف الذكر تصحيح الحكم باستبدال عقوبة الأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة المقضي بها على الطاعن الرابع.

الطعن 19784 لسنة 64 ق جلسة 17 / 10 / 1996 مكتب فني 47 ق 148 ص 1041

جلسة 17 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي أيوب والسعيد برغوت.

----------------

(148)
الطعن رقم 19784 لسنة 64 القضائية

(1) اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. عقوبة "تطبيقها". ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
العقوبة المقررة لجريمة المادة 112/ 2 أ، ب عقوبات. مناط تحققها؟
عدم انصراف مدلول لفظ الأمين على الودائع إلا لمن كانت وظيفته وطبيعة عمله المحافظة على الودائع وأن يسلم المال إليه على هذا الأساس.
إثبات الحكم المطعون فيه وظيفة كل من الطاعنين دون بيان ما إذا كانت طبيعة هذه الوظيفة المحافظة على البضائع التي ساء لهما عن اختلاسها وأنهما تسلماها على هذا الأساس لتتوافر في حقهما صفة الأمين على الودائع. قصور في استظهار الظرف المشدد.
(2) اختلاس أموال أميرية. تزوير محررات رسمية. ظروف مشددة. إثبات "بوجه عام" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
خلو الحكم المطعون فيه من إيراد الأدلة على مقارفة الطاعنين التزوير بنفسيهما حال تأديتهما لوظيفتيهما لاستظهار الظرف المشدد لجريمة الاختلاس المرتبط بتزوير. قصور.
مثال لتسبيب معيب لحكم بالإدانة في جريمة اختلاس أموال أميرية مرتبطة بتزوير محررات رسمية واستعمالها.
(3) اختلاس أموال أميرية. تزوير محررات رسمية. ارتباط. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
قصور الحكم المطعون فيه في الاستدلال على الظرفين المشددين اللذين جمع بينهما في قضائه وجعلهما عماد إنزاله عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بعد تطبيق المادة 17 عقوبات. يعيبه.
(4) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر الطعن لمحكوم عليه لم يطعن في الحكم وإن اتصل به وجه الطعن ما دام الحكم بالنسبة له غير نهائي.

-------------------
1 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أوقع على الطاعنين عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة على أساس توافر الظرفين المشددين لعقوبة جناية الاختلاس المنصوص عليهما في البندين ( أ )، (ب) من الفقرة الثانية من المادة 112 من قانون العقوبات، وهما تحقق صفة الأمين على الودائع في الطاعنين، وارتباط جريمة الاختلاس بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة. لما كان مدلول لفظ الأمين على الودائع لا ينصرف إلا لمن كانت وظيفته الأصلية ومن طبيعة عمله المحافظة على الودائع وأن يسلم إليه المال على هذا الأساس، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن الأول يعمل رئيساً لأحد فروع الشركة....... والطاعن الثاني رئيس للعاملين به وخلص إلى اعتبارهما من الأمناء على الودائع، دون أن يعنى ببيان ما إذا كانت وظيفة كل من الطاعنين وطبيعة عمله هي المحافظة على البضائع التي ساء لهما عن اختلاسها وأنهما تسلماها على هذا الأساس فتتوافر في حقهما - من ثم - صفة الأمين على الودائع فإن الحكم يكون قاصراً في استظهار الظرف المشدد الأول في حق الطاعنين.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى - بالنسبة للظرف المشدد الثاني - إلى أن الطاعنين ارتكبا جريمة التزوير بنفسيهما أثناء تأدية وظيفتيهما، وكان محلها الفواتير أرقام 26998 و7496 الصادرتين لـ....... و6680 الصادرة لـ......، وقد خلت مدونات الحكم من إيراد الأدلة على أن الطاعنين قد قارفا التزوير بنفسيهما حال تأديتهما لوظيفتيهما، إذ أن الفاتورتين 166810، 166811 اللتين نقل من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الطاعن الأول حرر بخط يده بياناتهما تختلفان أرقامهما عن الفواتير المنسوب إلى الطاعنين تزويرها في صيغة الاتهام وفي وصف الواقعة الذي انتهت المحكمة إلى إدانة الطاعنين به، إذ ورد في الموضعين أن أرقام الفواتير هي 26998 و7499 و6680، كما أن ما تحدث به الحكم نقلاً عن التقرير المار من أن الطاعن الثاني حرر بخط يده البيانات الثابتة باستلام الشيك رقم 39357 قد جاء غامضاً مبهماً فلم يبين الحكم مضمون ذلك الشيك ولا صلته بالواقعة وكيف أن تحرير بيانات استلامه يوفر دليلاً في حق الطاعن الثاني.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين المذكورين، وجعلهما معاً عماده في إنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عاماً التي أوقعها على الطاعنين، بعد تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات على واقعة الدعوى - فإنه وقد شاب استدلال الحكم على الظرفين قصور يعيبه. ويتسع له وجه الطعن - فلا يمكن والحال هذه الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه تخلف الظرفين في وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على مساءلة الطاعنين عن جريمة الاختلاس مجردة منهما، وهو ما كان يبرر - عند تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات عن نحو ما فعلت - النزول بالعقوبة إلى السجن.
4 - لما كان وجه الطعن الذي نقض الحكم من أجله، يتصل بالمحكوم عليه الثالث في الدعوى...... الذي لم يطعن في الحكم، إلا أن الحكم بالنسبة إليه غير نهائي لصدوره عليه غيابياً، فلا يمتد إليه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه قبل الطاعنين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم أولاً: بصفتهم موظفين عموميين ومن الأمناء على الودائع بـ....... الأول رئيس الفرع والثاني رئيس العاملين والأخر صراف الخزينة اختلسوا البضائع المبينة وصفاً بالتحقيقات والبالغ قيمتها تسعة عشرة ألف ومائة وخمسين جنيهاً مصرياً والمملوكة لجهة عملهم سالفة البيان والتي وجدت في حيازتهم بسبب وظيفتهم وصفتهم سالفتي البيان وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان ارتكبوا أثناء تأديتهم لأعمال وظيفتهم تزويراً في محررات رسمية هي الفواتير أرقام 26998، 7499 - الصادرتين لـ...... - ، 6680 الصادرة لـ...... وذلك بجعلهم وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة حال تحريرها المختصون بوظائفهم بأن أثبتوا بها بيعهم للبضائع مشمولها إلى الجهات المذكورة بها وذلك على خلاف الحقيقة على الوجه المبين بالتحقيقات. ثانياً: استعملوا المحررات المزورة سالفة الذكر فيما زورت من أجله مع علمهم بتزويرها بأن قدموها للقطاع المالي بجهة عملهم للاحتجاج بها وستراً لاختلاسهم البضائع آنفة البيان. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث عملاً بالمواد 112/ 1، 2/ أ - ب، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وعزلهم من وظائفهم وإلزامهم متضامنين برد مبلغ تسعة عشر ألف ومائة وخمسين جنيهاً وتغريمهم متضامنين مبلغاً مساوياً لهذا المبلغ.
فطن كلاً من الأستاذة/...... و..... المحامين نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الاختلاس المرتبط بجريمتي تزوير محررات رسمية واستعمالها قد أخطأ في تطبيق القانون إذ أن واقعة الدعوى كما حصلها الحكم المطعون فيه تتوافر بها أركان الجريمة التي دانهما بها، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الحكم المطعون فيه أنه أوقع على الطاعنين عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة على أساس توافر الظرفين المشددين لعقوبة جناية الاختلاس المنصوص عليهما في البندين ( أ )، (ب) من الفقرة الثانية من المادة 112 من قانون العقوبات، وهما تحقق صفة الأمين على الودائع في الطاعنين، وارتباط جريمة الاختلاس بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة. لما كان ذلك، وكان مدلول لفظ الأمين على الودائع لا ينصرف إلا لمن كانت وظيفته الأصلية ومن طبيعة عمله المحافظة على الودائع وأن يسلم إليه المال على هذا الأساس، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن الأول يعمل رئيساً لأحد فروع الشركة.... والطاعن الثاني رئيساً للعاملين به وخلص إلى اعتبارهما من الأمناء على الودائع، دون أن يعنى ببيان ما إذا كانت وظيفة كل من الطاعنين وطبيعة عمله هي المحافظة على البضائع التي ساء لهما عن اختلاسهما وأنهما تسلماها على هذا الأساس فتتوافر في حقهما - من ثم - صفة الأمين على الودائع فإن الحكم يكون قاصراً في استظهار الظرف المشدد الأول في حق الطاعنين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى - بالنسبة للظرف المشدد الثاني - إلى أن الطاعنين ارتكبا جريمة التزوير بنفسيهما أثناء تأدية وظيفتيهما، وكان محلها الفواتير أرقام 26998 و7496 الصادرتين لـ....... و6680 الصادرة لـ.......، وقد خلت مدونات الحكم من إيراد الأدلة على أن الطاعنين قد قارفا التزوير بنفسيهما حال تأديتهما لوظيفتيهما، إذ أن الفاتورتين 166810، 166811 اللتين نقل من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الطاعن الأول حرر بخط يده بياناتهما تختلفان أرقامهما عن الفواتير المنسوب إلى الطاعنين تزويرها في صيغة الاتهام وفي وصف الواقعة الذي انتهت المحكمة إلى إدانة الطاعنين به، إذ ورد في الموضعين أن أرقام الفواتير هي 26998 و7499 و6680، كما أن ما تحدث به الحكم نقلاً عن التقرير المار من أن الطاعن الثاني حرر بخط يده البيانات الثابتة باستلام الشيك رقم 39357 قد جاء غامضاً مبهماً فلم يبين الحكم مضمون ذلك الشيك ولا صلته بالواقعة وكيف أن تحرير بيانات استلامه يوفر دليلاً في حق الطاعن الثاني، لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قاصراً كذلك في استظهار الظرف المشدد الثاني في حق الطاعنين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين المذكورين، وجعلهما معاً عماده في إنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عاماً التي أوقعها على الطاعنين، - بعد تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات على واقعة الدعوى - فإنه وقد شاب استدلال الحكم على الظرفين قصور يعيبه - ويتسع له وجه الطعن - فلا يمكن والحال هذه الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه تخلف الظرفين في وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على مساءلة الطاعنين عن جريمة الاختلاس مجردة منهما، وهو ما كان يبرر - عند تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات عن نحو ما فعلت - النزول بالعقوبة إلى السجن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن، على أنه وإن وجه الطعن الذي نقض الحكم من أجله، يتصل بالمحكوم عليه الثالث في الدعوى..... الذي لم يطعن في الحكم، إلا أن الحكم بالنسبة إليه غير نهائي لصدوره عليه غيابياً، فلا يمتد إليه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه قبل الطاعنين.

الطعن 29703 لسنة 59 ق جلسة 16 / 10 / 1996 مكتب فني 47 ق 147 ص 1035

جلسة 16 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب نواب رئيس المحكمة وأحمد عمر محمدين.

------------------

(147)
الطعن رقم 29703 لسنة 59 القضائية

(1) محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات في مواد الجنح المقدمة إليها. تخضع للأحكام العامة المقررة للحضور والغياب أمام محكمة الجنح. المادة 397 إجراءات.
وجوب حضور المتهم بنفسه في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به. المادتان 237، 239 إجراءات.
(2) حكم "وصفه". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان.
وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي العبرة فيه بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه.
مناط اعتبار الحكم حضورياً هو بحضور الجلسات التي تمت فيها المرافعة سواء صدر فيها الحكم أو صدر في جلسة أخرى. أساس ذلك؟
قابلية الحكم الحضوري الاعتباري للمعارضة إذا ما أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم. ميعاد المعارضة فيه. بدؤه من تاريخ إعلانه به.
(3) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". معارضة.
عدم جواز الطعن بالنقض إلا في الأحكام النهائية. المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959.
عدم قبول الطعن بالنقض. ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً. المادة 32 من القانون 57 لسنة 1959.

---------------------
1 - لما كان الشارع قد نص في المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة". فدل بذلك على أن الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات في مواد الجنح المقدمة إليها تخضع للأحكام العامة المقررة للحضور والغياب أمام محكمة الجنح، ومن بينها ما نصت عليه المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى من أنه "يجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه" وما نصت عليه المادة 239 من ذات القانون من أنه "يعتبر الحكم حضورياً بالنسبة إلى كان من يحضر من الخصوم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون أن يقدم عذراً مقبولاً".
2 - لما كان وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه، وكان مناط اعتبار الحكم حضورياً هو بحضور الجلسات التي تمت فيها المرافعة سواء صدر فيها الحكم أو صدر في جلسة أخرى، وكان الثابت من الإجراءات التي تمت في هذه الدعوى - على النحو المار بيانه - أن الطاعن وهو متهم بجنحة قذف مقدمة إلى محكمة الجنايات - ويجوز الحكم فيها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به - لم يحضر بنفسه جلسة المرافعة التي حجزت فيها الدعوى للحكم مع سبق حضوره في إحدى الجلسات السابقة عليها - ولا يعتد بحضور المحامي في هذه الحالة - فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر حضورياً اعتبارياً بالنسبة له طبقاً لنص المادتين 237، 239 من قانون الإجراءات الجنائية سالفتي الذكر، وإن وصفته المحكمة خطأ بأنه حضوري، وإذا كان الحكم صدر حضورياً اعتبارياً فإنه بهذه المثابة يكون قابلاً للمعارضة إذ ما أثبت المحكوم عليه - الطاعن - قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم وفقاً لنص المادة 241 من القانون المذكور، ولا يبدأ ميعاد المعارضة إلا من تاريخ إعلانه به.
3 - من المقرر أن المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية، وكانت المادة 32 منه تقضي بعدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً، ولما كان الثابت من كتاب نيابة النقض المرفق أن الحكم المطعون فيه لم يعلن بعد للطاعن، وكان الإعلان هو الذي يبدأ به سريان الميعاد المحدد للمعارضة في القانون، فإن باب المعارضة في هذا الحكم لم يزل مفتوحاً ويكون الطعن فيه بالنقض غير جائز.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنايات القاهرة ضد الطاعن بوصف أنه: قذفه علناً بإحدى طرق النشر حالة كونه موظفاً عمومياً.... وكان ذلك بسبب أداء وظيفته وبمناسبتها بأن أسند إليه بعريضة قدمت لقلم كتاب محكمة استئناف القاهرة في طلب رد عبارات شائنة نسب إليه أموراً محددة لو صحت لأوجبت عقابه واحتقاره عند أهل وطنه واتجاه إرادته إلى إذاعتها بإحدى طرق النشر بقصد التشهير والتجريح وطلب عقابه بالمادتين 302/ 1، 303/ 2 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت بطريق الإدعاء المباشر على الطاعن بوصف أنه قذف في حق المستشار..... علناً بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من قانون العقوبات لمعاقبته طبقاً للمادتين 302، 303 من قانون العقوبات، ونظرت الدعوى أمام محكمة الجنايات عملاً بالمادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية، وبعد أن حضر الطاعن بجلسة...... ومعه المدافع عنه تأجل نظر الدعوى في مواجهته لجلسة....... التي تخلف عن حضورها والجلسات التالية لها وحتى صدور الحكم المطعون فيه بجلسة...... - وحضر عنه محام بتوكيل - ووصفته المحكمة بأنه حكم حضوري بالنسبة للطاعن. لما كان ذلك، وكان الشارع قد نص في المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأن الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة". فدل بذلك على أن الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات في مواد الجنح المقدمة إليها تخضع للأحكام العامة المقرر للحضور والغياب أمام محكمة الجنح، ومن بينها ما نصت عليه المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى من أنه "يجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه" وما نصت عليه المادة 239 من ذات القانون من أنه "يعتبر الحكم حضورياً بالنسبة إلى كل من يحضر من الخصوم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون أن يقدم عذراً مقبولاً". ولما كانت العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه، وكان مناط اعتبار الحكم حضورياً هو بحضور الجلسات التي تمت فيها المرافعة سواء صدر فيها الحكم أو صدر في جلسة أخرى، وكان الثابت من الإجراءات التي تمت في هذه الدعوى - على النحو المار بيانه - أن الطاعن وهو متهم بجنحة قذف مقدمة إلى محكمة الجنايات - ويجوز الحكم فيها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه وفور صدور الحكم به - لم يحضر بنفسه جلسة المرافعة التي حجزت فيها الدعوى للحكم مع سبق حضوره في إحدى الجلسات السابقة عليها - ولا يعتد بحضور المحامي في هذه الحالة - فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر حضورياً اعتبارياً بالنسبة له طبقاً لنص المادتين 237، 239 من قانون الإجراءات الجنائية سالفتي الذكر، وإن وصفته المحكمة خطأ بأنه حضوري، وإذا كان الحكم صدر حضورياً اعتبارياً فإنه بهذه المثابة يكون قابلاً للمعارضة إذ ما أثبت المحكوم عليه - الطاعن - قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم وفقاً لنص المادة 241 من القانون المذكور، ولا يبدأ ميعاد المعارضة إلا من تاريخ إعلانه به. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية، وكانت المادة 32 منه تقضي بعدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً، ولما كان الثابت من كتاب نيابة النقض المرفق أن الحكم المطعون فيه لم يعلن بعد للطاعن، وكان الإعلان هو الذي يبدأ به سريان الميعاد المحدد للمعارضة في القانون فإن باب المعارضة في هذا الحكم لم يزل مفتوحاً ويكون الطعن فيه بالنقض غير جائز، ويتعين لذلك القضاء بعدم جواز الطعن.

الطعن 19866 لسنة 64 ق جلسة 15 / 10 / 1996 مكتب فني 47 ق 146 ص 1028

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة وزغلول البلش وعبد الرحمن فهمي.

-----------------

(146)
الطعن رقم 19866 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". جريمة "أركانها". سلاح. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جواز إثبات الجرائم على اختلاف أنواعها بما فيها جريمة إحراز سلاح بكافة طرق الإثبات إلا ما استثنى بنص خاص.
مثال.
(2) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في الجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره. ما دامت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك وأكدته.
(3) قتل عمد. سلاح. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". طعن "المصلحة في الطعن". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اتهام الطاعن بعدة جرائم. مؤاخذته عنها بعقوبة تدخل في الحدود المقررة لإحداهما إعمالاً للمادة 32 عقوبات. عدم جدوى النعي بدعوى الإخلال بحقه في الدفاع لعدم لفت نظره إلى تعديل وصف تهمة منها.
(4) نقض "الطعن بالنقض". دعوى مدنية "إجراءات نظرها أمام القاضي الجنائي".
نقض الحكم بناء على طلب أحد الخصوم من غير النيابة العامة. أثره: ألا يضار الطاعن بطعنه. عدم جواز تدخل المدعي المدني لأول مرة في الدعوى الجنائية بعد إحالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها.
(5) محكمة النقض "سلطتها". نقض "الحكم في الطعن" "الطعن لثاني مرة".
حق محكمة النقض أن تحكم في الطعن لثاني مرة دون تحديد جلسة. ما دام أن الخطأ لم يرد على بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر فيه. أساس ذلك؟ المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959.

-------------------
1 - لما كان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها، إلا ما استثنى منها بنص خاص، جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال، وكانت جريمة إحراز السلاح المششخن التي دين بها الطاعن لا يشملها استثناء بأنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على نسبة هذه الجريمة للطاعن من أقوال شاهد الإثبات الأول من أن الطاعن أطلق على المجني عليه عياراً نارياً ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أنه من الجائز حدوث إصابة المجني عليه وفق تصوير هذا الشاهد، فإن ما أورده الحكم من ذلك يكون استدلالاً سائغاً ويكفي لحمل قضائه.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن سوى عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث التي دانه بها تطبيقاً للمادة 32 من قانون العقوبات وكانت العقوبة المقضى بها مع استعمال المادة 17 من قانون العقوبات هي الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات - تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها فإنه لا يكون له مصلحة في النعي على الحكم بالإخلال بحقه في الدفاع لعدم لفت نظره إلى تعديل وصف التهمة الثانية بجريمة إحراز السلاح المششخن.
4 - من المقرر أنه إذا كان نقض الحكم حاصلاً بناء على طلب أحد الخصوم - غير النيابة العامة - فلا يضار بطعنه وأن طبيعة الطعن بالنقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح للقول بجواز تدخل المدعي بالحقوق المدنية لأول مرة في الدعوى الجنائية بعد إحالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم.
5 - لما كان الطعن الراهن هو طعن للمرة الثانية وكانت المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه "إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال عليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع..." بيد أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم قد اقتصر على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم فإن ذلك يقتضي حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المشار إليه أن تصحح محكمة النقض ذلك الخطأ وتحكم في الطعن طبقاً للقانون بغير حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام تصحيح الخطأ المشار إليه لا يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر "سبق الحكم عليه" بأنه: أولاً قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لهذا الغرض سلاحين ناريين (فردين) وتوجه إلى المكان الذي أيقن سلفاً تواجده فيه وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عدة أعيرة نارية بينما كان الآخر واقفاً بجواره يشد من إرادته قاصد من ذلك قلته فحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: أحرز سلاحاً نارياً (فرد) غير مششخن. ثالثاً: أحرز ذخيرة استعملها في السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات و1/ 1، 6، 26/ 1 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 الملحق به مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "قيد بجدولها برقم.... لسنة..... القضائية".
ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات أسيوط لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى أمام محكمة الإعادة بهيئة أخرى - حضر وكيل زوجة المجني عليه وأدعى مدنياً عن نفسها وبصفتها قبل المتهم بأن يؤدي لها مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح المضبوط وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة بغير ترخيص قد شابه فساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه نسب للطاعن جريمة إحراز سلاح ناري مششخن استناداً إلى ما قرره الشاهد الأول من أنه كان يحمل مسدساً رغم أن تقرير الصفة التشريحية لم يجزم بأنه سلاح مششخن وعدلت المحكمة وصف التهمة الثانية المبينة بأمر الإحالة إلى إحراز سلاح مششخن بغير ترخيص دون أن تلفت نظر الدفاع إلى الوصف الجديد، وأخيراً فقد قضى الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وبقبولها وبإلزام الطاعن بالتعويض المؤقت وهو ما يخالف ما تنص عليه المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من أنه إذا كان نقض الحكم حاصلاً بناء على طلب أحد الخصوم - غير النيابة العامة فلا يضار بطعنه، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية ومعمل التحليل الطبي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها، إلا ما استثنى منها بنص خاص، جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال، وكانت جريمة إحراز السلاح المششخن التي دين بها الطاعن لا يشملها استثناء بأنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على نسبة هذه الجريمة للطاعن من أقوال شاهد الإثبات الأول من أن الطاعن أطلق على المجني عليه عياراً نارياً ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أنه من الجائز حدوث إصابة المجني عليه وفق تصوير هذا الشاهد فإن ما أورده الحكم من ذلك يكون استدلالاً سائغاً ويكفي لحمل قضائه كما أنه لا يقدح في استدلال الحكم أن يكون الطبيب الشرعي قد تعذر عليه تحديد نوع أو عيار المقذوف لعدم استقراره بجسم المجني عليه وأنه أجاز حدوث إصابة المجني عليه وفق تصوير الشاهد الأول من مسدس دون أن يقطع بذلك لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن سوى عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث التي دانه بها تطبيقاً للمادة 32 من قانون العقوبات وكانت العقوبة المقضى بها مع استعمال المادة 17 من قانون العقوبات هي الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات - تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها فإنه لا يكون له مصلحة في النعي على الحكم بالإخلال بحقه في الدفاع لعدم لفت نظره إلى تعديل وصف التهمة الثانية بجريمة إحراز السلاح المششخن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان نقض الحكم حاصلاً بناء على طلب أحد الخصوم - غير النيابة العامة - فلا يضار بطعنه وأن طبيعة الطعن بالنقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح للقول بجواز تدخل المدعي بالحقوق المدنية لأول مرة في الدعوى الجنائية بعد إحالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المنقوض لم يكن قد فصل في الدعوى المدنية لأن المدعية بالحقوق المدنية لم تكن قد تدخلت في الدعوى آنذاك - ثم صدر الحكم المطعون فيه قاضياً بقبول دعواها المدنية وبالقضاء لها بالتعويض المدني المؤقت وبرفض الدفع بعدم قبولها - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية، لما كان ذلك، وكان الطعن الراهن هو طعن للمرة الثانية وكانت المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه "إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال عليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع...." بيد أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم قد اقتصر على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم فإن ذلك يقتضي حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المشار إليه أن تصحح محكمة النقض ذلك الخطأ وتحكم في الطعن طبقاً للقانون بغير حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام تصحيح الخطأ المشار إليه لا يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، وإذ كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به في الدعوى المدنية والقضاء بعدم قبولها وإلزام المدعية بالحقوق المدنية بصفتها المصروفات المدنية ومقابل أتعاب المحاماة - ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

الطعن 19835 لسنة 64 ق جلسة 15 / 10 / 1996 مكتب فني 47 ق 145 ص 1022

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم وطه سيد قاسم نائبي رئيس المحكمة وزغلول البلش وعبد الرحمن فهمي.

-------------------

(145)
الطعن رقم 19835 لسنة 64 القضائية

(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حق الدفاع الشرعي عن النفس. شرع لرد أي اعتداء بفعل يعتبر جريمة من الجرائم الواردة في المادة 246/ 2 عقوبات. ومنها جرائم الحريق العمد والتخريب والتعييب والإتلاف وانتهاك حرمة ملك الغير.
الدفاع بقيام حالة الدفاع الشرعي. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(2) قتل عمد. شروع. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تميز القتل العمد والشروع فيه بنية خاصة. هي إزهاق الروح. وجوب استظهار الحكم له وإيراد ما يدل على توافره.
الحديث عن الأفعال المادية. لا ينبئ بذاته عن توافره.
مثال لتسبيب معيب في استخلاص نية القتل.

------------------
1 - لما كان حق الدفاع الشرعي عن النفس قد شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره، وكان من المقرر أن حق الدفاع الشرعي عن المال ينشأ كلما وجد اعتداء أو خطر اعتداء بفعل يعتبر جريمة من الجرائم التي أوردتها الفقرة الثانية من المادة 246 من قانون العقوبات ومنها جرائم الحريق العمد والتخريب والتعييب والإتلاف وانتهاك حرمة ملك الغير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة الطاعن دون أن يعرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، أو يرد عليه بما يفنده مع أنه من الدفوع الجوهرية التي ينبغي على المحكمة أن تناقشها في حكمها وترد عليه، إذ أنه من شأن هذا الدفع - لو صح - أن يؤثر في مسئولية الطاعن، وفي إغفال المحكمة التحدث عنه ما يجعل حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع.
2 - من المقرر أن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في التدليل عليه إلى القول بأنه "وحيث إنه عن نية القتل فهي أمر خفي يضمره الجاني ولكن يستدل عليها من الظروف والملابسات المحيطة بالدعوى ومن السلاح المستخدم في الحادث ومواضع الضربات، وحيث إن المتهم استخدم في العدوان على المجني عليهما السلاح الناري المرخص له بحمله وهو سلاح قاتل بطبيعته ووجه فوهته إلى المجني عليه الأول.... وأطلق عليه عياراً نارياً أصابه في جانبه الأيمن، وإذ حضر المجني عليه الثاني..... لمعاتبته بادره هو الأخر بعيار ناري أصابه في ظهره بجوار العمود الفقري ولم يكن الأخير طرفاً في المشاجرة الكلامية بين المجني عليه الأول ونجله، وإذ كان المستقر عليه قضاء أن نية القتل قد تكون وليدة اللحظة، فإن جماع تلك الملابسات يقطع بتوافر نية القتل لدى المتهم، وكان هذا الذي أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها الطاعن والتي لا تنبئ بذاتها عن توافر هذا القصد لديه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائي الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، مما يعيبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في قتل....... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق عليه عياراً نارياً من السلاح الناري المرخص له فأحدث به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وقد اقترنت بهذه الجناية أخرى هي أنه في ذات المكان والزمان سالفي الذكر شرع في قتل....... عمداً بغير سبق إصرار أو ترصد بأن أطلق عليه عياراً نارياً من ذات السلاح سالف البيان فأحدث به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج أيضاً. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وأدعى كل من....... و...... بصفته ولياً طبيعياً على نجله المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 3، 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين وإلزامه بأن يؤدي إلى كل من المدعيين بالحقوق المدنية بصفتيهما وليين طبيعيين مبلغ خمسمائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في القتل العمد المقترنة بجناية شروع في قتل عمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي بيد أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً ورداً ودلل على نية القتل بما لا يوفرها في حق الطاعن - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أنه وعلى أثر مشاحنة بين المجني عليه...... و....... نجل الطاعن - خرج الطاعن من مسكنه وأطلق من مسدسه المرخص - على المجني عليه عياراً نارياً أصابه في جانبه الأيمن، وعندما حضر.... وعاتبه على فعلته أطلق عليه عياراً نارياً أصابه في ظهره، وحصل الحكم في أقوال الطاعن قوله أنه حال نومه في غرفته تناهى إلى سمعه صوت أعيرة نارية، ولما خرج لاستطلاع الأمر وجد ابنه يقف في ردهة المسكن ويمسك بالمسدس وأخبره أنه أطلق عياريين ناريين لمنع.... من اقتحام المنزل وكان معهما سنج وسيوف. كما حصل من أقوال شاهد النفي..... أنه شاهد مشاجرة بين أسرة..... والطاعن وسمع عياراً نارياً ورأى.... يمسك جانبه الأيمن وينزف دماً، وبينما كان..... يمسك بأنبوبة غاز يمنع إلقاءها على مسكن الطاعن فأصابه عيار ناري. ومن أقوال.... أنه شاهد لغط وتكسير على باب مسكن الطاعن. ومن أقوال..... أنها شاهدت المجني عليه...... يخرج من مسكن الطاعن مصاباً. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه أن المجني عليه وآخرين حاولوا اقتحام منزله، وكان هذا الذي أبداه الدفاع بجلسة المحاكمة مفاده التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال الذي لا يشترط في التمسك به إيراده بصريح لفظه وبعبارته المألوفة، وكان الثابت مما أورده الحكم في مدوناته - على نحو ما سلف - ما يرشح لهذا الدفاع. ولما كان حق الدفاع الشرعي عن النفس قد شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره، وكان من المقرر أن حق الدفاع الشرعي عن المال ينشأ كلما وجد اعتداء أو خطر اعتداء بفعل يعتبر جريمة من الجرائم التي أوردتها الفقرة الثانية من المادة 246 من قانون العقوبات ومنها جرائم الحريق العمد والتخريب والتعييب والإتلاف وانتهاك حرمة ملك الغير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة الطاعن دون أن يعرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، أو يرد عليه بما يفنده مع أنه من الدفوع الجوهرية التي ينبغي على المحكمة أن تناقشها في حكمها وترد عليها، إذ أنه من شأن هذا الدفع - لو صح - أن يؤثر في مسئولية الطاعن، وفي إغفال المحكمة التحدث عنه ما يجعل حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع. هذا إلى أن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في التدليل عليه إلى القول بأنه "وحيث إنه عن نية القتل فهي أمر خفي يضمره الجاني ولكن يستدل عليها من الظروف والملابسات المحيطة بالدعوى ومن السلاح المستخدم في الحادث ومواضع الضربات، وحيث إن المتهم استخدم في العدوان على المجني عليهما السلاح الناري المرخص له بحمله وهو سلاح قاتل بطبيعته ووجه فوهته إلى المجني عليه الأول..... وأطلق عليه عياراً نارياً أصابه في جانبه الأيمن، وإذ حضر المجني عليه الثاني..... لمعاتبته بادره هو الآخر بعيار ناري أصابه في ظهره بجوار العمود الفقري ولم يكن الأخير طرفاً في المشاجرة الكلامية بين المجني عليه الأول ونجله، وإذ كان المستقر عليه قضاء أن نية القتل قد تكون وليدة اللحظة، فإن جماع تلك الملابسات يقطع بتوافر نية القتل لدى المتهم، وكان هذا الذي أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها الطاعن والتي لا تنبئ بذاتها عن توافر هذا القصد لديه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائي الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة.

الطعن 11698 لسنة 64 ق جلسة 14 / 10 / 1996 مكتب فني 47 ق 144 ص 1017

جلسة 14 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزه وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.

---------------------

(144)
الطعن رقم 11698 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". حيازة وترويج عملة.
استناد الحكم في إدانة الطاعن إلى اعتراف لأحد المتهمين لا أصل له في الأوراق. خطأ في الإسناد. يعيبه. لا يغير من ذلك أخذه باعتراف لمتهم آخر له أصله في الأوراق. ما دام قد استدل على جديته بالاعتراف الأول.
مثال.
(2) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟

-------------------
1 - لما كان البين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن المتهم الثاني...... - الذي قضى ببراءته - قد سئل بمحضر الضبط المؤرخ 29/ 12/ 1991 إثر القبض عليه متلبساً بترويج العملة المقلدة وعرضها على الرائد....... لشرائها فقرر أنه يساعد المتهم الثالث في ترويج العملة المقلدة مقابل مبلغ مائة وعشرون جنيهاً - يأخذها من حصيلة البيع مباشرة - لكل ورقة من فئة المائة دولار يقوم بترويجها، وأن المتهم الثالث يحصل على الأوراق المقلدة من شخص يكنى له بلقب الحاج، ولكنه لا يعرف هذا الشخص ولم يتعامل معه، كما سئل المتهم الثالث...... بذات المحضر فأقر بأنه يحصل على الأوراق المقلدة من المتهم الأول (الطاعن)، وأنه هو الذي يعرف الطاعن دون المتهم الثاني. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أورد في تحصيله لواقعة الدعوى وسرده لمؤدى الأدلة التي عول عليها في إدانة الطاعن وقائع لا أصل لها في الأوراق كان لها أثر في منطق الحكم واستدلاله على ثبوت الجريمة في حق الطاعن وهي أن المتهم الثاني قد أقر بمحضر الضبط بأن الطاعن هو مصدر أوراق العملة المضبوطة وأنه يحصل على مقابل قيامه بالترويج من الطاعن مباشرة وهو ما خلت منه أقوال المتهم الثاني بالمحضر المذكور مما يعيبه بالخطأ في الإسناد، ولا يغير من الأمر أن يكون الحكم قد أخذ باعتراف المتهم الثالث بمحضر الضبط في حق نفسه وعلى الطاعن وهو ماله سنده بالأوراق ما دام أنه استدل على جديته بالاعتراف الذي أسنده إلى المتهم الثاني والذي لا أصل له في الأوراق.
2 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة، والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين قضى ببرائتهما بأنه 1 - حاز بقصد الترويج عملة ورقية مقلدة والمتداولة قانوناً خارج البلاد (وهي عدد واحد وثمانون ورقة من فئة مائة دولار أمريكي) والمصطنعة على غرار الأوراق المالية الصحيحة على النحو المبين بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير مع علمه بأمر تقليدها. 2 - روج العملة الورقية المقلدة موضوع التهمة الأولى مع علمه بأمر تقليدها بأن دفع بها للتداول وقدمها للمتهمين الآخرين على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 30، 202/ 1، 202 مكرراً، 203 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن التهمتين المسندتين إليه وبمصادرة الأوراق المالية المقلدة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة عملة ورقية متداولة في الخارج حالة كونها مقلدة وترويجها مع علمه بتقليدها قد اعتوره الخطأ في الإسناد، وذلك بأنه عول - من بين ما عول عليه - في إدانته على ما حصله من محضر ضبط الواقعة المؤرخ 29/ 12/ 1991 من أن المتهم الثاني...... قد قرر أن الطاعن هو الذي يحوز العملة الورقية المقلدة واعترف بأنه يقوم بترويجها مقابل مبلغ نقدي يتقاضاه من الطاعن، وهو ما لا أصل له بالأوراق مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه استند - فيما استند إليه - في إدانة الطاعن على ما تضمنه اعتراف المتهمين.... - الثاني - و...... الثالث - بمحضر الشرطة، وأورد في تحصيله لواقعة الدعوى حسبما استقرت في وجدان المحكمة أن (المتهمان - الثاني والثالث - قد اعترفا بمحضر الضبط بحيازتهما للعملة المقلدة المضبوطة بقصد ترويجها، وأنهما يحصلان عليها من المتهم............ - المتهم الأول الطاعن - ويقول المتهم الثاني بترويجها نظير نسبة متفق عليها.) وحصل اعتراف المتهمين بقوله أن (المتهمان الثاني والثالث اعترفا بمحضر الشرطة المؤرخ 29/ 12/ 1991 بما نسب إليهما من حيازة الأول العملة الورقية الأجنبية المقلدة وترويجها وحيازتهما لها وترويجها مقابل مبلغ نقدي يتقاضياه من المتهم الأول) كما أورد في مدوناته أن (المتهمين........ (الثاني) و...... (الثالث) قد أخبرا منذ فجر التحقيقات أن مصدر العملات المقلدة المضبوطة هو المتهم الأول وأدليا باسمه.... ومن ثم يكون لهما الاستفادة من الإعفاء المقرر بالمادة 205 من قانون العقوبات). لما كان ذلك، وكان البين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن المتهم الثاني...... - الذي قضى ببراءته - قد سئل بمحضر الضبط المؤرخ 29/ 12/ 1991 إثر القبض عليه متلبساً بترويج العملة المقلدة وعرضها على الرائد.... لشرائها فقرر أنه يساعد المتهم الثالث في ترويج العملة المقلدة مقابل مبلغ مائة وعشرون جنيهاً - يأخذها من حصيلة البيع مباشرة - لكل ورقة من فئة المائة دولار يقوم بترويجها، وأن المتهم الثالث يحصل على الأوراق المقلدة من شخص يكنى له بلقب الحاج، ولكنه لا يعرف هذا الشخص ولم يتعامل معه، كما سئل المتهم الثالث...... بذات المحضر فأقر بأنه يحصل على الأوراق المقلدة من المتهم الأول (الطاعن)، وأنه هو الذي يعرف الطاعن دون المتهم الثاني. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أورد في تحصيله لواقعة الدعوى وسرده لمؤدى الأدلة التي عول عليها في إدانة الطاعن وقائع لا أصل لها في الأوراق كان لها أثر في منطق الحكم واستدلاله على ثبوت الجريمة في حق الطاعن وهي أن المتهم الثاني قد أقر بمحضر الضبط بأن الطاعن هو مصدر أوراق العملة المضبوطة وأنه يحصل على مقابل قيامه بالترويج من الطاعن مباشرة وهو ما خلت منه أقوال المتهم الثاني بالمحضر المذكور مما يعيبه بالخطأ في الإسناد، ولا يغير من الأمر أن يكون الحكم أخذ باعتراف المتهم الثالث بمحضر الضبط في حق نفسه وعلى الطاعن وهو ماله سنده بالأوراق ما دام أنه استدل على جديته بالاعتراف الذي أسنده إلى المتهم الثاني والذي لا أصل له في الأوراق، ولا يغنى في ذلك ما تضمنه الحكم من أدلة أخرى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة، والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 948 لسنة 59 ق جلسة 12 / 1 / 1994 مكتب فني 45 ج 1 ق 28 ص 135

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نواب رئيس المحكمة وسعيد فهيم.
---------
- 1  بيع .  تقادم " التقادم المكسب . ضم حيازة السلف الى حيازة الخلف". حيازة " انتقال الحيازة وضمها . ضم حيازة السلف الى حيازة الخلف".  ملكية " اسباب كسب الملكية :الحيازة . ضم حيازة السلف إلى حيازة الخلف".
قاعدة ضم حيازة السلف الى الخلف عدم سريانها ألا إذا أراد المتمسك بالتقادم أن يحتج به قبل غير من باع له أو غير من تلقى الحق ممن باع له .
المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قاعدة ضم مدة حيازة السلف إلى مدة حيازة الخلف لا تسري إلا إذا أراد المتمسك بها أن يحتج بها قبل غير من باع أو غير من تلقى الحق ممن باع له بحيث إذا كان السلف مشتركا فلا يجوز للحائز المتمسك أن يفيد من حيازة سلفة لإتمام مدة الخمس عشرة سنة اللازمة لاكتساب الملكية بالتقادم قبل من تلقى حقه عن هذا السلف.
- 2  صورية .  نقض " أسباب الطعن بالنقض . الأسباب الجديدة".
دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع عدم جواز أثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . "مثال في صورية "
المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - وكان البين من الأوراق أن الطاعنتين لم تتمسكا أمام محكمة ثاني درجة بصورية عقد البيع الصادر للمطعون ضدهم من مورثهم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد في هذا الشق يكون سببا جديدا ومن ثم غير مقبول.
- 3  حكم " عيوب التدليل : التناقض . ما يعد كذلك".
التناقض الذى يعيب الحكم ماهيته
التناقض الذي يعيب الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضا بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم 14674 لسنة 1985 مدني كلي شمال القاهرة على مورث المطعون ضدهم - الذين عجلت الدعوى قبلهم بعد وفاته - بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهما لمساحة 6 ط، 3 ف الموضحة بالصحيفة وبمنع تعرضهم لهما، وقالتا بيانا لها إنهما اشترتا المساحة المتقدمة من مورث المطعون ضدهم بموجب عقد بيع مؤرخ 1/3/1983 وأنهما تضعان اليد عليها منذ ذلك التاريخ، وأنه بضم حيازتهما إلى حيازة البائع تكون قد توافرت لهما شروط كسب الملكية بالتقادم الطويل، وإذ فوجئتا بتعرض المطعون ضدهم فقد أقامتا الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض طلب تثبيت الملكية وبسقوط الحق في طلب منع التعرض. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف رقم 3765 سنة 105 ق القاهرة، وبتاريخ 11/1/1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنتان بالأول والثاني منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع من شقين وفي بيان أولهما تقولان أنهما تمسكتا بملكيتهما لأرض النزاع بوضع اليد عليها ومن قبلهما البائع لهما المدة الطويلة المكسبة للملكية غير أن الحكم المطعون فيه رفض طلبهما بتثبيت ملكيتهما لها على سند من أنه لا يجوز ضم مدة وضع يد السلف إلى مدة وضع يد الخلف إذا ما تمسك واضع اليد بالتقادم قبل من باع له أو من تلقى الحق ممن باع له وهو قيد غير وارد في المادة 955 من القانون المدني والتي تجيز ذلك وفي بيان ثانيهما تقولان أنهما تمسكتا بصورية عقد البيع الصادر للمطعون ضدهم من سلفهم وأقامتا الدعوى رقم 13583 لسنة 1988 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بصوريته صورية مطلقة مما مؤداه انعدام ذلك العقد كلية واعتبار المطعون ضدهم متعرضون سيئ النية تسري في مواجهتهم قاعدة ضم الحيازة، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن قاعدة ضم مدة حيازة السلف إلى مدة حيازة الخلف لا تسري إلا إذا أراد المتمسك بها أن يحتج بها قبل غير من باع له أو غير من تلقى الحق ممن باع له بحيث إذا كان السلف مشتركا فلا يجوز للحائز المتمسك أن يفيد من حيازة سلفه لإتمام مدة الخمس عشرة سنة اللازمة لاكتساب الملكية بالتقادم قبل من تلقى حقه عن هذا السلف وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر على سند مما ورد بتقرير الخبير من أن الطاعنتين لم تضعا اليد على مساحة التداعي بنية التملك إلا منذ تاريخ شرائهما لها في 1/3/1983 وأن مدة وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لم تكتمل لهما لعدم جواز ضم مدة وضع يد السلف إلى مدة وضع يدهما في مواجهة البائع لهما أو المطعون ضدهم الذين تلقوا الحق عنه ميراثا أو شراء فإن النعي بهذا الشق يكون على غير أساس والنعي في شقه الثاني غير مقبول لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع لا يجوز، إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وكان البين من الأوراق أن الطاعنتين لم تتمسكا أمام محكمة ثاني درجة بصورية عقد البيع الصادر للمطعون ضدهم من مورثهم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد في هذا الشق يكون سببا جديدا ومن ثم غير مقبول
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقض وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم قضى بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف ورفض الدعوى مع أن الحكم المستأنف كان قد قضى بسقوط الحق في طلب منع التعرض، وهو ما يجعل الحكم المطعون فيه متناقضا مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه لئن كان التناقض الذي يعيب الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضا بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله، إلا أنه لما كان البين بالأوراق أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف ورفض الدعوى على أسباب خاصة أنشأها لنفسه دون اعتداد منه بما اتخذه ذلك الحكم دعامة لقضائه بسقوط الحق في طلب منع التعرض وهو ما يتساوى في نتيجته مع ما انتهى إليه بما لا يتحقق معه للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة ومن ثم يكون النعي - أيا كان وجه الرأي فيه - غير منتج ومن ثم غير مقبول
ولما كان ما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 3014 لسنة 59 ق جلسة 11 / 1 / 1994 مكتب فني 45 ج 1 ق 27 ص 132

برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، أحمد الزواوي، محمد جمال وأنور العاصي نواب رئيس المحكمة.
----------
إثبات " طرق الإثبات : الإثبات بالبينة .اثبات ما يخالف الثابت بمحاضر جمع الاستدلالات". تعويض "التعويض الذى ينشأ عن القانون ". محكمة الموضوع " ايرادها اسبابا لعدم اطمئنانها لأقوال الشهود".
إيراد محكمة الموضوع أسبابا لعدم اطمئنانها لأقوال الشهود وجوب أن تكون هذه الأسباب سائغة . ( مثال فى تعويض عن تعذيب ) .
محكمة الموضوع ولئن كانت غير ملزمة بإيراد أسباب عدم اطمئنانها لأقوال الشهود إلا أنها إذا أوردت أسبابا لذلك يتعين أن تكون سائغة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على قوله أن "المستأنف ضده لم يقدم دليلا رسميا يفيد سبق اعتقاله خلال المدة التي يزعمها وكذلك لم يقدم ثمة أوراق تفيد أنه عذب خلالها أيضا وأن به إصابات.. هذا ولا تطمئن هذه المحكمة إلى أقوال شاهدي المستأنف التي أدليا بها بعد مدة طويلة، كما أنهما لم يقدما ما يفيد أنهما كان فعلا معتقلين مع المستأنف ضده في ذات مدة اعتقاله" وكان هذا الذي استند إليه الحكم غير سائغ، إذ لا تشترط الأوراق الرسمية ليثبت الأفراد سبق اعتقالهم ولا تشترط الإصابة لإثبات وقوع التعذيب وليست الكتابة شرطا لإثبات الإصابة كما أن انقضاء فترة من الزمن ليس من أسباب عدم الاطمئنان إلى الشهادة في الأمور الكلية، ومن ثم فقد أخطأ الحكم تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 3372 لسنة 1987 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما أن يدفعا إليه متضامنين مبلغ خمسين ألف جنيه، ذلك أنه أعتقل في الفترة من 2/11/1954 حتى 5/4/1956 ثم من 26/8/1965 حتى 22/11/1967 حيث عذب في أقسام الشرطة والليمانات وفي السجن الحربي، فأصابته أضرار يقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المدعى به، فأقام الدعوى طلبا له، ومحكمة أول درجة بعد أن أحالت الدعوى للتحقيق، حكمت بتاريخ 29/2/1988 بإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا إلى الطاعن مبلغ عشرة آلاف جنيه، استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين 3831، 5378 لسنة 105 ق القاهرة، وبتاريخ 23/5/1989 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك أنه أطرح ما قرره شاهداه عن تعذيبه خلال فترة اعتقاله تأسيسا على أن ثلاثتهم لم يقدموا دليلا رسميا على اعتقال كل منهم وأنه لم يقدم أوراقا تفيد أنه عذب أثناء اعتقاله وحدثت به إصابات في حين أن الكتابة ليست شرطا لإثبات الاعتقال أو التعذيب مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه ولئن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإيراد أسباب عدم اطمئنانها لأقوال الشهود إلا أنها إذا أوردت أسبابا لذلك يتعين أن تكون سائغة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على قوله أن "المستأنف ضده لم يقدم دليلا رسميا يفيد سبق اعتقاله خلال المدة التي يزعمها وكذلك لم يقدم ثمة أوراق تفيد أنه عذب خلالها أيضا وأن به إصابات ... هذا ولا تطمئن هذه المحكمة إلى أقوال شاهدي المستأنف التي أدليا بها بعد مدة طويلة، كما أنهما لم يقدما ما يفيد أنهما كان فعلا معتقلين مع المستأنف ضده في ذات مدة اعتقاله، وكان هذا الذي استند إليه الحكم غير سائغ، إذ لا تشترط الأوراق الرسمية ليثبت الأفراد سبق اعتقالهم ولا تشترط الإصابة لإثبات وقوع التعذيب وليست الكتابة شرطا لإثبات الإصابة كما أن انقضاء فترة من الزمن ليس من أسباب عدم الاطمئنان إلى الشهادة في الأمور الكلية، ومن ثم فقد أخطأ الحكم تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.

الطعن 2176 لسنة 59 ق جلسة 11 / 1 / 1994 مكتب فني 45 ج 1 ق 26 ص 129

برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، أحمد الزواوي، محمد جمال وأنور العاصي نواب رئيس المحكمة.
----------
التزام " محل الالتزام . ان يكون معينا او قابلا للتعيين". بيع " اركان عقد البيع : المحل . تعيين المبيع". عقد " أركان العقد وشروط انعقاده". وكالة " نطاق الوكالة . الوكالة بالتسخير".
محل الالتزام يكفي أن يكون قابلا للتعيين . وجوب أن يتضمن عقد البيع ما يسمح بتمييز المبيع عن سواه ويمنع اختلاطه بغيره . المادتان 419،133 من القانون المدني . صحة البيع . ليس من شروطه تطابق المشترى الظاهر مع المشترى المستتر أو أن يكشف عن أنه لم يكن وسيط أو اسم مستعار.
مفاد نص 133، 419 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يشترط لصحة العقود أن يكون محل الالتزام معيناً بل يكفي أن يكون قابلاً للتعيين، وأن يتضمن عقد البيع ما يسمح بتمييز المبيع عن سواه ويمنع اختلاطه بغيره لو تنازع طرفا البيع حول تحديد المبيع، كما لا يشترط لصحة البيع أن يتطابق المشتري الظاهر مع المشتري المستتر ولا أن يكشف المشتري الظاهر عن أنه لم يكن غير وسيط أو اسم مستعاراً.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 6351 لسنة 1981 مدني المنصورة الابتدائية على مورث المطعون ضدهم بطلب الحكم بصحة بيعه للطاعن بتاريخ 29/8/1979 مساحة عشرة أفدنة شائعة في قدر أكبر مبين بالصحيفة لقاء ثمن مقداره ثمانية آلاف جنيه، ومحكمة أول درجة بعد أن أحالت الدعوى إلى التحقيق واستمعت لشهود الطاعن واستجوبت الطرفين حكمت بتاريخ 30/12/1985 برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 235 لسنة 38 ق المنصورة. وبتاريخ 7/3/1989 قضت المحكمة بالتأييد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع إذ أطرح طلبه ندب خبيرا لتعيين الأرض المبيعة وأقام قضاءه برفض الدعوى على أن عقد البيع خلا من ذكر حدود الأرض المبيعة ورقم الحوض والقطعة. وأنه ورد فيه أن الثمن دفع مناولة الطاعن مما ينبئ عن أن المشتري غيره. في حين أنه يكفي لصحة البيع أن يكون المبيع قابلا للتعيين، كما أن البيع يتم لمن يعير اسمه أو يشتري عن غيره. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي بشقيه في محله. ذلك أن مفاد نص المادتين 133، 419 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يشترط لصحة العقود أن يكون محل الالتزام معينا بل يكفي أن يكون قابلا للتعيين وأن يتضمن عقد البيع ما يسمح بتمييز المبيع عن سواه ويمنع اختلاطه بغيره لو تنازع طرفا البيع حول تحديد المبيع، كما لا يشترط لصحة البيع أن يتطابق المشتري الظاهر مع المشتري المستتر ولا أن يكشف المشتري الظاهر عن أنه لم يكن غير وسيط أو اسم مستعار. لما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن والدة مورث المطعون ضدهم لم تكن تملك بناحية دملاش سوى 45 فدانا وأن نصيب البائع فيها لا يجاوز عشرة أفدنة واستدل على ذلك بأوراق دعاوى مرددة بين مورث المطعون ضدهم وشركائه في الميراث.. وطلب ندب خبير لتحقيق دفاعه بأن العشرة أفدنة المبيعة هي كل ما ورثه المطعون ضده عن أمه بناحية دملاش وهو دفاع لو صح لكان ما ورد بمستندات الطاعن كافيا لتمييز الأرض المبيعة ومنع اختلاطها بغيرها فرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بأن تحديد الأطيان المبيعة يكون بما ورد بالعقد دون تقرير الخبير مستخلصا أن البيع لم ينعقد لعدم الاتفاق على المبيع ثم استطرد إلى القول بأن كلمة مناولة التي وردت بإيصال استلام البائع لبعض الثمن تعني أن الدفع لحساب شخص آخر مجهول وعلى ذلك فالمستأنف ليس المشتري في حين يكفي لصحة العقد أن يتضمن ما يمكن من تعيين المبيع ولا يشترط لصحة البيع أن يتطابق المشتري الظاهر مع المشتري الحقيقي أو أن يكشف عمن وكله أو استعار اسمه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وجره ذلك إلى الإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه.