الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 يونيو 2022

الطعن 294 لسنة 39 ق جلسة 6 / 6 / 2002 إدارية عليا مكتب فني 47 توحيد مبادئ ق 1 ص 7

جلسة 6 من يونيو سنة 2002
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عادل محمود زكي فرغلي، وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي، ود. فاروق عبد البر السيد إبراهيم، وعلي فكري حسن صالح، والسيد محمد السيد الطحان، وغبريال جاد عبد الملاك، ود. حمدي محمد أمين الوكيل، ويحيى عبد الرحمن يوسف، وممدوح حسن يوسف، ومحمد عادل حسن إبراهيم حسيب. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد الشحات مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

---------------

(1)

الطعن 294 لسنة 39 ق "توحيد مبادئ"

مجلس الدولة - أعضاء - نائب رئيس مجلس الدولة - ربط المعاش.

الأجر الأساسي الذي يسوى طبقا له المعاش الأساسي للمؤمن عليهم المعاملين بقانون التأمين الاجتماعي هو المتوسط الشهري لأجور المؤمن عليهم التي أديت طبقا لها الاشتراكات خلال السنتين الأخيرتين من مدة اشتراكه في التأمين أو خلال مدة الاشتراك إن قلت عن ذلك، ويتم ربط الاشتراك بحد أقصى قدره 80% من الأجر المشار إليه، وبحيث لا يزيد على مائتي جنيه شهريا. يستثنى من هذا الحد الأقصى ثلاث حالات، الحالة الثانية منها هي حالة المعاشات التي تقضي القوانين والقرارات الصادرة تنفيذا لها بتسويتها على غير الأجر المنصوص عليه في هذا القانون، ويتم ربطها بحد أقصى قدره (100%) من أجر الاشتراك الأخير، وتتحمل الخزانة العامة الفرق بين هذا الحد والحد الأقصى السابق الإشارة إليه - كما أن المزايا المنصوص عليها في قوانين المعاملين بكادرات خاصة في شأن تسوية معاشاتهم تظل سارية ويعاملون على مقتضاها بعد صدور قانون التأمين الاجتماعي - استقرت أحكام محكمة النقض على أن مؤدى نص المادة 70 من قانون السلطة القضائية أن أجر تسوية معاش رجال القضاء والنيابة العامة هي آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له دون التقيد في ذلك بالحد الأقصى لأجر الاشتراك. ومن ثم فإن معاش القاضي وعضو النيابة يتم ربطه في جميع الأحوال بحد أقصى 100 % من أجر الاشتراك الأخير مضافا إليه العلاوات الخاصة - كما انتهت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 21ق (طلبات أعضاء) بجلسة 6/1/2001 إلى تسوية معاش الأجر الأساسي لعضو المحكمة الدستورية العليا الذي بلغ مرتبه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض، على الأساس المقرر لمعاش من كان يشغل منصب الوزير أو على أساس آخر مرتب أساسي كان يتقاضاه شاملا العلاوات الخاصة بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير أيهما أصلح له - قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 من قوانين المعاملين بكادرات خاصة في تطبيق ما قضت به المادة الرابعة من مواد إصدار قانون التأمين الاجتماعي، وبناء عليه فإن المادة (124) منه معدلة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 تكون هي الواجبة التطبيق بالنسبة لمعاش عضو مجلس الدولة ويسوى معاش عضو مجلس الدولة - بحسبانه من المعاملين بنظام وظيفي خاص - على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب أساسي كان يتقاضاه أيهما أصلح له بحد أقصى 100% من أجر اشتراكه الأخير - مؤدى ذلك: أن عضو مجلس الدولة الذي تنتهي خدمته وهو شاغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة، وبلغ مرتبه المرتب المقرر لرئيس مجلس الدولة، فإنه يتعين تسوية معاشه عن الأجر الأساسي على الأساس المقرر لشاغل منصب الوزير عملا بنص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، أو على الأساس الوارد بنص المادة (124) من قانون مجلس الدولة، أي على أساس آخر مرتب أساسي كان يتقاضاه شاملا العلاوات الخاصة بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير أيهما أصلح له، على أن تتحمل الخزانة العامة الفرق بين المعاش محسوبا على أفضل الأساسين السابقين وبين المعاش محسوبا على أساس القاعدة العامة - تطبيق.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من الأوراق – تخلص في أن الطاعن يطلب الحكم بأحقيته في تسوية جميع حقوقه التأمينية على أساس آخر مرتب تقاضاه وهو أربعمائة جنيه شهريا، تأسيسا على أنه لا يوجد سند قانوني للالتزام بحد أقصى للأجر الأساسي في هذا الصدد.

وقال الطاعن شرحا لطعنه، إنه تخرج في كلية الحقوق في عام 1961، وعين في الوظائف القضائية بمجلس الدولة بتاريخ 29/8/1961، وتدرج في هذه الوظائف إلى أن عين نائبا لرئيس مجلس الدولة في 29/8/1990 ثم تقدم باستقالته بتاريخ 31/10/1991 وفي شهر سبتمبر 1992 ورد إليه إخطار ربط المعاش وتضمن تحديد مجموع المعاش المستحق له بمبلغ 544.53 جنيها، وقيمة مكافأة نهاية الخدمة بمبلغ 3167.94 جنيها.

وأضاف أن ربط حقوقه التأمينية على هذا النحو قد خالف القانون، فتظلم منه إلى الهيئة في 19/10/1992 ولم يتلق ردا. كذلك فقد وقع خطأ عند حساب مدة اشتراكه في التأمين حيث تبلغ 2 يوم، 2 شهر، 30 سنة تجبر إلى 3 شهور، وليس كما ورد في الإخطار 21 يوما، 1 شهر، 30 سنة.

واستطرد أنه لا يوجد أدنى سند قانوني للالتزام بحد أقصى للأجر الأساسي، وأن القاعدة في تحديد أجره الأساسي هي التقيد بأجره المقرر في قانون توظفه، وأنه من المسلم به أنه يعامل من حيث المعاش المستحق عن الأجر المتغير معاملة الوزير طبقا للمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي في ضوء تفسيرها بقرار المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8ق. وانتهى إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.

ومن حيث إن المادة (19) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 تنص على أن "يسوى معاش الأجر الأساسي في غير حالات العجز والوفاة على أساس المتوسط الشهري لأجور المؤمن عليه التي أديت على أساسها الاشتراكات خلال السنتين الأخيرتين من مدة اشتراكه في التأمين أو خلال مدة اشتراكه في التأمين إن قلت عن ذلك ......".

وتنص المادة (20) من القانون على أن "يسوى المعاش بواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءا من الأجر المنصوص عليه في المادة السابقة عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين. ويربط المعاش بحد أقصى مقداره 80% من الأجر المشار إليه في الفقرة السابقة، ويستثنى من هذا الحد الحالات الآتية: (1) ......... (2) المعاشات التي تنص القوانين أو القرارات الصادرة تنفيذا لها بتسويتها على غير الأجر المنصوص عليه في هذا القانون، فيكون حدها الأقصى 100% من أجر اشتراك المؤمن عليه الأخير وتتحمل الخزانة العامة الفرق بين هذا الحد والحدود القصوى السابقة. (3) ....... وفي جميع الأحوال يتعين ألا يزيد الحد الأقصى للمعاش الشهري على مائتي جنيه".

ومؤدى ذلك أن الأجر الذي يسوى طبقا له المعاش الأساسي للمؤمن عليهم المعاملين بقانون التأمين الاجتماعي، المخاطبين بأحكام هذا النص، هو المتوسط الشهري لأجور المؤمن عليه التي أديت طبقا لها الاشتراكات خلال السنتين الأخيرتين من مدة اشتراكه في التأمين أو خلال مدة الاشتراك إن قلت عن ذلك، وبواقع جزء من خمسة وأربعين جزءا من الأجر المنصوص عليه مضروبا في مدة الاشتراك في التأمين، ويتم ربط المعاش بحد أقصى قدره (80%) من الأجر المشار إليه، وبحيث لا يزيد على مائتي جنيه شهريا.

وطبقا للنص يستثنى من هذا الحد الأقصى حالات ثلاث، الحالة الثانية منها هي حالة المعاشات التي تقضي القوانين أو القرارات الصادرة تنفيذا لها، بتسويتها على غير الأجر المنصوص عليه في هذا القانون، ويتم ربطها بحد أقصى قدره (100%) من أجر الاشتراك الأخير، وتتحمل الخزانة العامة الفرق بين هذا الحد والحد الأقصى السابق الإشارة إليه.

ومن حيث إن المادة الرابعة من مواد إصدار قانون التأمين الاجتماعي تنص على أن "يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة ....".

فإن مؤدى هذا النص أن المزايا المنصوص عليها في قوانين المعاملين بكادرات خاصة في شأن تسوية معاشاتهم، تظل سارية ويعاملون على مقتضاها بعد صدور قانون التأمين الاجتماعي.

ومن حيث إن قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار رقم 46 لسنة 1972، ينص في المادة (70) منه، بعد استبدالها بالقانون رقم 17 لسنة 1976 على أن "...... وفي جميع حالات انتهاء الخدمة يسوى معاش القاضي أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له .....".

وجرت أحكام محكمة النقض على أن ما تضمنه هذا النص، يكون هو الواجب التطبيق بالنسبة لمعاش رجال القضاء والنيابة العامة فيما أورده من أحكام ومزايا، روعي فيها تكريم القضاء وتأمين رجاله، لذلك استقر قضاء هذه المحكمة على أن ذلك النص "مؤداه أن أجر تسوية معاش رجل القضاء والنيابة العامة هو آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له دون التقيد في ذلك بالحد الأقصى لأجر الاشتراك. أي أن معاشهم يسوى على غير الأجر المنصوص عليه في المادة 19 من قانون التأمين الاجتماعي وهو المتوسط الشهري لأجور المؤمن عليه التي أديت على أساسها الاشتراكات خلال السنتين الأخيرتين، ومن ثم فإن معاش القاضي وعضو النيابة يتم ربطه في جميع الأحوال بحد أقصى 100 % من أجر الاشتراك الأخير مضافا إليه العلاوات الخاصة".

(حكم محكمة النقض، دائرة طلبات رجال القضاء، الطعن رقم 104 لسنة 64ق، جلسة 19/10/1999، راجع أيضا الطعن رقم 12 لسنة 69ق، جلسة 27/3/2002).

كذلك ينص قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 في المادة (14) منه على أن "تسري الأحكام الخاصة بتقاعد مستشاري محكمة النقض على أعضاء المحكمة".

وقد انتهت المحكمة الدستورية في القضية رقم 3 لسنة 21ق (طلبات أعضاء) بجلسة 6/1/2001، إلى تسوية معاش الأجر الأساسي لعضو المحكمة الدستورية العليا، الذي بلغ مرتبه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض، على الأساس المقرر لمعاش من كان يشغل منصب الوزير أو على أساس آخر مرتب أساسي كان يتقاضاه شاملا العلاوات الخاصة بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير أيهما أصلح له.

ومن حيث إن قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، هو من قوانين العاملين بكادرات خاصة في تطبيق ما قضت به المادة الرابعة من مواد إصدار قانون التأمين الاجتماعي المشار إليها، فإن الأحكام المنصوص عليها في المادة (124) منه بعد استبدالها بالقانون رقم 17 لسنة 1976- وهو تعديل لاحق على صدور قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 – تكون هي الواجبة التطبيق بالنسبة لمعاش عضو مجلس الدولة، ويكون ما جرى به نص المادة (124) من قانون مجلس الدولة من أنه "وفي جميع حالات انتهاء الخدمة يسوى معاش العضو أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له ...." هو المطبق في هذا الشأن. فمعاش عضو مجلس الدولة - بحسبانه من المعاملين بنظام وظيفي خاص – يسوى على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب أساسي كان يتقاضاه أيهما أصلح له بحد أقصى 100% من أجر اشتراكه الأخير.

ومن حيث إنه وإن كان ما سبق هو الأصل بالنسبة لتسوية معاش أعضاء مجلس الدولة بوجه عام، إلا أن منهم من يشغل وظيفة في حكم درجة الوزير. وفي شأن المعاش المستحق للوزير عن الأجر الأساسي، فقد قضت المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي بعد تعديلها بالقانون رقم 47 لسنة 1984، بأن يسوى معاش المؤمن عليه الذي يشغل منصب وزير على أساس آخر أجر كان يتقاضاه، على أن يستحق الوزير معاشا مقداره 150 جنيها شهريا إذا بلغت مدة خدمته عشرين سنة، وكان قد قضى سنة متصلة في منصب الوزير أو نائبه أو فيهما معا، أما المدة الزائدة على هذا القدر فيسوى المعاش المستحق عنهما على ألا يتجاوز مجموع المعاشين الحد الأقصى المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي.

وحيث إنه بتاريخ أول يونيه سنة 1992، صدر القانون رقم 30 لسنة 1992 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعي، ونص في مادته الثالثة على أن: "يراعى في شأن العلاوات الخاصة المقررة بالقوانين أرقام 101 لسنة 1987، و149 لسنة 1988، و123 لسنة 1989، و13 لسنة 1991، والعلاوة الخاصة المقررة اعتبارا من 1/7/1992 ما يلي:

1- تضاف إلى أجر الاشتراك الأساسي في قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه، وذلك اعتبارا من التواريخ المحددة بالقانون الصادر سنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية.

2- يزاد الحد الأقصى للأجر المشار إليه سنويا قيمة العلاوة الخاصة المقرر إضافتها، وذلك بحد أقصى يساوي قيمة العلاوة منسوبة إليه.

3- تدخل قيمة العلاوة الخاصة التي تتم إضافتها في أجر تسوية معاش الأجر الأساسي وذلك بمراعاة حكم البند رقم 2.

4- يزاد الحد الأقصى الرقمي لمعاش الأجر الأساسي سنويا بمقدار 80% من الزيادة في الحد الأقصى لهذا الأجر.

5- .............

6- .............

ومفاد ذلك أمران: الأول – أن العلاوات الخاصة التي تقرر ضمها إلى الأجر الأساسي اعتبارا من أول يوليو سنة 1992 وحتى أول يوليو سنة 1997، إعمالا لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية، أضحت – باستثناء القدر الزائد عن الحد الذي عينه البند (2) – جزءا من نسيج هذه الأجور، وبالتالي من أجر الاشتراك في تأمينها. الثاني – أن الحد الأقصى الرقمي للمعاش المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 20 من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليها، لم يعد سقفا نهائيا للمعاش، وإنما أبدل المشرع به سقوفا أخرى متحركة تستعصي على المزاوجة مع حد أقصى نسبي للمعاش واجب التطبيق على العاملين بنظم وظيفية خاصة.

وحيث إنه ولئن صح أن القواعد الأصولية في التفسير تقضي بتقديم النص الخاص على النص العام، إلا أنه ينبغي أن تراعى دائما علة شرعة النص الخاص، فإن تخلفت تعين تنحية النص الخاص، وإتباع الحكم العام. متى كان ذلك، وكان البين من تقصي علة تشريع نص المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي – الذي ما فتئ مواكبا نظائره في قوانين المعاشات على تعاقبها – أنه قد استهدف تكريم شاغلي منصب الوزير ومن في حكمهم، تقديرا لجلال قدرهم، ورفعة شأنهم، وحفاظا على مستوى معيشي معين لا يجوز النزول عنه بعد تقاعدهم، فسن قاعدة تكفل تحقيق هذه العلة، والتقريب قدر الإمكان بين مرتب الوزير ومعاشه، فإذا تبين أن النص العام، وهو بالنسبة لأعضاء مجلس الدولة على اختلاف درجات وظائفهم نص المادة 124 من قانون مجلس الدولة المشار إليه، من شأنه أن يكفل في التطبيق معاشا أفضل لهم، تعين تقديمه بحسبانه أصون لحقوقهم وأدنى – في الوقت ذاته – إلى تحقيق علة التشريع، وإلا انقلب النص الخاص وبالا على من تقرر لمصلحتهم، وهو ما ينافي قصد المشرع.

وحيث إنه لما سبق، فإن عضو مجلس الدولة الذي تنتهي خدمته وهو شاغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة، وبلغ مرتبه المرتب المقرر لرئيس مجلس الدولة، فإنه يتعين تسوية معاشه عن الأجر الأساسي على الأساسي المقرر لشاغل منصب الوزير، عملا بنص المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي، أو على الأساسي الوارد بنص المادة 124 من قانون مجلس الدولة بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير، أيهما أصلح له، على أن تتحمل الخزانة العامة الفرق بين المعاش محسوبا على أفضل الأساسين السابقين، وبين المعاش محسوبا على أساس القواعد العامة.

ومن حيث إن المحكمة الإدارية العليا كانت على حق حينما رأت العدول عما سبق أن انتهت إليه من رفض بعض الطعون المقامة من مستشاري مجلس الدولة (الطعنان رقما 1813 لسنة 35 ق.ع و2041 لسنة 37 ق.ع)، وذلك لكي تعمل صحيح أحكام النصوص التي تعالج معاشات أعضاء مجلس الدولة من جهة، ولتنسق أحكامها مع أحكام سابقة صادرة من محكمتي النقض والدستورية العليا من جهة أخرى.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
أولا: بأحقية عضو مجلس الدولة في تسوية معاشه بوجه عام، على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح له، بحد أقصى 100% من أجر اشتراكه الأخير.
ثانيا: إذا كان عضو مجلس الدولة عند انتهاء خدمته شاغلا لوظيفة نائب رئيس مجلس الدولة وبلغ مرتبه المرتب المقرر لرئيس مجلس الدولة، سوي معاشه عن الأجر الأساسي المقرر لمعاش من كان يشغل منصب الوزير، أو على أساس آخر مرتب أساسي كان يتقاضاه شاملا العلاوات الخاصة بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير، أيهما أصلح له، وما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.

الطعن 8 لسنة 45 ق جلسة 1 / 4 / 2006 إدارية عليا مكتب فني 51 ج 2 ق 94 ص 677

جلسة 1 من ابريل سنة 2006

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / أحمد أمين حسان نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / بخيت محمد إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / لبيب حليم لبيب نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمود محمد صبحي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / مصطفي سعيد حنفي نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / د. حسن محمد هند مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوي أمين السر

-------------

(94)

الطعن 8 لسنة 45 ق

(1) دعوى الإلغاء - الميعاد - التظلم - امتداد ميعاد بحث التظلم - أثره.

قانون مجلس الدولة قد نص على أن فوات ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة يعتبر بمثابة رفضه إلا أنه يكفي في تحقيق معني الاستفادة المانعة من هذا الافتراض أن يتبين أن السلطات الإدارية إذا استشعرت حق التظلم فيه قد اتخذت مسلكا إيجابيا واضحا في سبيل استجابته ومن ثم يمتد ميعاد بحث التظلم في هذه الحالة حتى يصدر من الجهة الإدارية ما ينبئ عن عدولها عن هذا المسلك ويعلم به صاحب الشأن. تطبيق

(2) موظف - عاملون مدنيون - معيار التفرقة بين الترقية والتعيين.

الترقية هي تنصب العامل في مركز وظيفي أعلى من المركز الذي يشغله، وهي بهذا الوصف تشبه التعيين وكلاهما يتضمن تقليدا لمركز وظيفي ولا يختلفان إلا في صفة الشخص الذي ينسحب عليه القرار. فالتعيين ينسحب على شخص خارج الوظيفة، أما الترقية فتنسحب على عامل شاغل للوظيفة - تطبيق.

(3) موظف - عاملون مدنيون - ترقية - ضوابط الترقية في شأن العاملين المعارين أو الحاصلين على إجازات خاصة.

من بين الضوابط التي يحافظ بها نظام العاملين على فرص الترقية المتاحة ما نص عليه قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة1978 بنصوص المواد (58) و(69) في شأن تحديد أقدمية العامل الذي يعار أو يرخص له بإجازة خاصة بدون مرتب تجاوز مدة أي منهما أربع سنوات مفاده وضع عدد من العاملين أمامه في ترتيب الأقدمية مماثل للعدد الذي كان يسبقه في نهاية مدة الأربع سنوات أو عدد جميع العاملين الشاغلين درجة الوظيفة عند عودته أيهما أقل، فضلا عن أنه يتعين التفرقة بين أمرين في ظل الأثر المباشر للقاعدة سالفة البيان، أولهما اكتمال مدة الإعارة وهي أربع سنوات قبل تاريخ العمل بأحكام المادة (58) من القانون، وثانيهما:- اكتمال هذه المدة بعد تاريخ العمل بأحكام هذه المادة، ففي الحالة الأولى: يتخذ من تاريخ العمل بالمادة المذكورة أساسا لتحديد أقدمية العامل بعد عودته من الإعارة، وفي الحالة الثانية: يكون تاريخ عودة العامل أو تسلمه العمل بعد أن تجاوز الأربع سنوات أساسا لهذه التسوية وتحديد أقدميته في الدرجة - تطبيق.

------------

الوقائع

في يوم الخميس الموافق 1/10/1998 أودع الأستاذ........... المحامي بصفته وكيلا عن السيد / ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2/8/1998 في الدعوى رقم ........ لسنه 50 ق المقامة منه ضد المطعون ضدهم والقاضي:-
أولا:- بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 1046 لسنه 1986 شكلا لرفعه بعد الميعاد.
ثانيا:- بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 315 لسنه 1996 لانتفاء شرط المصلحة .
وطلب الطاعن للأسباب التي ساقها في تقرير طعنه قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء له بطلباته في الدعوى وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلستها المعقودة بتاريخ 11/4/2005 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - دائرة الموضوع - فنظرته الأخيرة بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 18/2/2006 قررت حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها أصدرت الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

-----------

المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات, والمداولة قانونا.

ومن حيث إن الطعن استوفي كافة أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 4/6/1996 أقام الطاعن ضد المطعون ضدهم الدعوى رقم ...... لسنه 50ق أمام محكمة القضاء الإداري بطلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ قرار رئيس مصلحة الضرائب برد أقدميته في الدرجة الأولي إلي تاريخ ترقية زملائه وبإلغاء القرار رقم ...... لسنة 1996 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين لوظيفة قيادية بدرجة مدير عام مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وذكر شرحا لدعواه أنه يعمل بمصلحة الضرائب ورقي إلى الدرجة الأولي في 17/2/1988 ونما إلى علمه في 2/4/1995 أن قرار كان قد صدر بترقيه من هم أحدث منه إلى الدرجة الأولي في 1/6/1985 فتظلم من القرار الصادر بترقيتهم وقد رأت الإدارة القانونية وجوب رد أقدميته في الدرجة الأولي إلى تاريخ ترقية زملائه وقد وافق رئيس المصلحة على هذا الرأي - إلا أن الإدارة القانونية رأت عرض الأمر على إدارة الفتوى إلا أن نائب رئيس المصلحة رأي وجوب تنفيذ قرار رئيس المصلحة وقد تراخت المصلحة في تنفيذ هذا الرأي على نحو اشتبه معه الامتناع عن تنفيذه مما دعاه إلى تقديم تظلم جديد وفي أثناء ذلك صدر قرار أخر بترقية زملائه له إلى درجة مدير عام وقد تخطاه هذا القرار رغم أنه أقدم ممن رقوا وتوافرت فيه كافة شروط الترقية . ونعي المدعي على هذين القرارين مخالفتهما للقانون وخلص إلى ما تقدم من طلبات . وبجلسة 2/8/1998 قضت المحكمة المذكورة بحكمها المتقدم وأقامته على أن الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء ينفتح في حالة ما إذا اتخذت الجهة الإدارة مسلكا إيجابيا نحو إجابة المدعي إلى طلباته فإن نكلت عن مسلكها الإيجابي فإنه يجب أن يقيم دعواه خلال ستين يوما من تاريخ علمه بهذا النكول وأنه متى كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية سلكت مسلكا إيجابيا نحو إجابة المدعي من تظلمه في القرار رقم 1046 لسنه 1986 ووافق رئيس مصلحة الضرائب على ذلك في 18/6/1995 إلا أن المدعي علم في 18/1/1996 أن الجهة الإدارية نكلت عن مسلكها الإيجابي نحو إجابته إلى طلبه وهو الأمر الذي تأكد فيه علمه بهذا النكول في 18/1/1996 حيث قدم تظلما أخر يدعوها فيه إلى تنفيذه مسلكها الإيجابي ومن ثم فإنه كان يتعين عليه أن يقيم دعواه خلال ستين يوما من هذا التاريخ وإذ أقام دعواه في 4/6/1996 فإن دعواه بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 1046 لسنه 1986 تكون غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد وأنه لما كان سبق للمحكمة أن قضت بجلستها المعقودة بتاريخ 2/8/1997 في الدعوى رقم 7643 لسنه 50ق بإلغاء القرار رقم 315 لسنه 1996 إلغاء مجردا فإنه لا مصلحة للمدعي في طلب إلغاء هذا القرار ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون واخطأ في تطبيقه وتأويله لأن الطاعن تظلم من القرار الصادر بتخطيه في الترقية إلى الأولي وتقدم بطلب لرد أقدميته في الدرجة الأولي إلى تاريخ ترقية زملائه إلى هذه الدرجة وأن الإدارة القانونية أجابته إلى طلبه وأن رئيس المصلحة وافق على رد أقدميته ومن ثم فإن موافقة رئيس المصلحة تعد قرارا إداريا مكتمل الأركان وأن الإمتناع عن تنفيذ هذا القرار لا يعد عدولا عن مسلك ايجابي نحو الاستجابة لتظلمه إنما هو امتناع غير مشروع عن تنفيذ قرار رئيس المصلحة وأنه على فرض أنه هناك نكول عن هذا المسلك الإيجابي فإن الطاعن قد راعي المواعيد وتقدم بطلب في 19/3/1996 لإعفائه من الرسوم القضائية فضلا عن أنه وأن كانت المحكمة قد قضت بإلغاء القرار المطعون عليه الثاني إلغاء مجردا فإن هذا الإلغاء كان لاحقا على تاريخ رفع دعواه وبالتالي فإنه لا يلزم قانونا بمصروفات الدعوى.

ومن حيث إن حقيقة طلبات الطاعن طبقا للتكييف القانوني الصحيح هو إلغاء القرارين رقمي 1036 لسنه 1986 و 315 لسنه 1996 فيما تضمناه من تخطيه : الأول في الترقية إلى الدرجة الأولي . والثاني في التعيين في وظيفة قيادية بدرجة مدير عام مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

ومن حيث إنه عن الطلب الأول فإن قضاء هذه المحكمة قد جري على وجوب رفع دعوى الإلغاء خلال ستين يوما من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به وأن علم صاحب الشأن به يقوم مقام إعلانه متى كان علما يقينا شاملا لجميع العناصر التي يمكن على أساسها تبين مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا القرار وتحديد طريقة الطعن عليه وأن هذا العلم يثبت من أية واقعة أو قرينه تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة 0 وأنه إذ أن قانون مجلس الدولة قد نص على أن فوات ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة يعتبر بمثابة رفضه إلا أنه يكفي في تحقيق معني الاستفادة المانعة من هذا الافتراض أن يتبين أن السلطات الإدارية إذا استشعرت حق التظلم فيه قد اتخذت مسلكا إيجابيا واضحا في سبيل استجابته ومن ثم يمتد ميعاد بحث التظلم في هذه الحالة حتى يصدر من الجهة الإدارية ما ينبئ عن عدولها عن هذا المسلك ويعلم به صاحب الشأن.

ومن حيث إن الجهة الإدارية لم تقدم ما يفيد علم الطاعن بالقرار المطعون عليه في تاريخ سابق على 2/4/1995 تاريخ تظلمه منه إلى السيد رئيس مصلحة الضرائب .

وإذ كان الثابت إن الأخير قد أحال التظلم إلى إدارة الشئون القانونية فأعدت مذكره في 7/6/1995 ارتأت فيها رد أقدمية المتظلم في الدرجة الأولي إلى تاريخ صدور قرار ترقية زملائه إلى هذه الدرجة على سند من أنه كان مرافقا للزوجة ولا يجوز تخطيه في الترقية استنادا إلى هذا السبب وقد وافق رئيس المصلحة على هذا الرأي في 19/6/1995 وإذ تقدم المدعي بطلب أخر إلى رئيس المصلحة في 8/1/1996 طالبا فيه التنبيه على المختصين بتنفيذ هذا القرار فعرض الأمر على المستشار القانوني الذي انتهي إلى رأي مخالف لما انتهت إليه إدارة الشئون القانونية وأقام رأيه على أن المتظلم لم يكن في أجازة لمرافقة الزوجة إنما كان في إعارة لمدة ستة سنوات وخمسة اشهر وأنه عملا بحكم المادة 58 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنه 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنه 1983 يتعين إعادة ترتيب أقدميته بأن يوضع أمامه عدد من العاملين مماثل للعدد الذي كان يسبقه في نهاية مدة الأربع سنوات ومن ثم فإن أقدميته في تاريخ صدور القرار المتظلم منه لا تكن تؤهله للترقية وفي 22/5/1996 وافق رئيس المصلحة على هذا الرأي ومن ثم لا ينبغي حساب ميعاد الستين يوما الواجب إقامة الدعوى فيها إلا من هذا التاريخ الأخير بعد أن تكشفت نية الإدارة نهائيا في عدم الاستجابة بعد أن كانت المقدمات في مسلكها تنبئ بغير ذلك وعلى هذا الأساس فإذا كان المدعي قد أقام دعواه في 4 يونيه سنه 1996 فإنه يكون قد راعي الإجراءات والمواعيد المقررة قانونا وتكون دعواه مقبولة شكلا.

ومن حيث إن الترقية هي تنصب العامل في مركز وظيفي أعلي من المركز الذي يشغله وهي بهذا الوصف تشبه التعيين وكلاهما يتضمن تقليدا لمركز وظيفي ولا يختلفان إلا في صفة الشخص الذي ينسحب عليه القرار 0 فالتعيين ينسحب على مرشح خارج الوظيفة أما الترقية فتنسحب على عامل شاغل للوظيفة ولذلك فقد عني المشرع بوضع مجموعه من القواعد تسمح بالحفاظ على الفرص المتاحة منها للقائمين بالعمل فعلا . ومن بين الضوابط التي يحافظ بها نظام العاملين على فرص الترقية المتاحة ما نص عليه في المادتين 58 و 69 من القانون رقم 47 لسنه 1978 المعدل بقانون رقم 115 لسنه 1983 في شأن تحديد أقدمية العامل الذي يعار أو يرخص له بإجازة خاصة بدون مرتب تجاوز مدة أي منهما أربع سنوات مفاده وضع عدد من العاملين أمامه في ترتيب الأقدمية مماثل للعدد الذي كان يسبقه في نهاية مدة الأربع سنوات أو عدد جميع العاملين الشاغلين درجة الوظيفة عند عودته أيهما أقل .

ولما كان ما تقدم وكان الأثر المباشر للقاعدة التي قررتها المادة 58 آنفه البيان هو سريانها على الوقائع التي تمت في ظل العمل بها ولا يجوز سريان هذه القاعدة على الوقائع والمراكز التي تمت قبل سريانها ومن ثم يتعين التفرقة بين أمرين :- أولهما :- اكتمال مدة الإعارة وهي أربع سنوات قبل تاريخ العمل بأحكام المادة 58 من القانون 0

ثانيهما :- اكتمال هذه المدة بعد تاريخ العمل بأحكام هذه المادة .

ففي الحالة الأولي يتخذ من تاريخ العمل بالمادة المذكورة أساسا لتحديد أقدمية العامل بعد عودته من الإعارة وفي الحالة الثانية يكون تاريخ عودة العامل أو استلامه العمل بعد أن تجاوز الأربع سنوات أساسا لهذه التسوية وتحديد أقدميته في الدرجة.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن أعير للعمل بالمملكة العربية السعودية المدة من 15/2/1981 حتى 27/7/1987 وعاد وتسلم عمله في اليوم التالي أي أن مدة الأربع سنوات تكون قد اكتملت في 15/2/1985 0 وإذ كان نص المادة 58 قد بدء تطبيقه اعتبارا من 12/11/1983 ومن ثم فإن 28/7/1987 تاريخ عودة الطاعن واستلامه العمل بعد أن تجاوز مدة الأربع سنوات أساسا لتحديد أقدميته وإذ كان القرار المطعون عليه قد صدر عام 1986 أثناء إعارة الطاعن ومتخطيا أياه في الترقية استنادا إلى هذا السبب فإن هذا القرار يكون قد صدر مطابقا للقانون ويضحي المطعون عليه في غير محله جديرا بالرفض.

ومن حيث إنه عن الطلب الثاني من طلبات الطاعن وهو إلغاء القرار رقم 315 لسنه 1996 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين لوظيفة قيادية بدرجة مدير عام.

ومن حيث إنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن يكون محلها قرارا إداريا نهائيا 0 وكان الثابت من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري قضت بجلستها المعقودة بتاريخ 2/8/1997 في الدعوى رقم ..... لسنه 50ق بإلغاء هذا القرار مجددا مع ما يترتب على ذلك من آثار وقد قضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلساتها المعقودة بتاريخ 10/5/2004 في الطعن رقم ....... لسنه 43ق0 عليا بإجماع الآراء برفض الطعن المقام على هذا الحكم ومن ثم فإنه لا يكون هناك ثمة قرار يصح الطعن عليه الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها لانتفاء القرار الإداري الذي يصح الطعن عليه.

ومن حيث إن الحكم الطعين خالف هذا النظر فإنه يكون قد صدر معيبا واجب الإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلا بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 315 لسنه 1996 لانتفاء القرار الإداري وبقبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 1046 لسنه 1986 شكلا ورفضها موضوعا وألزمت الطاعن بالمصروفات.

صدر هذا الحكم وتلي علنا يوم السبت الموافق 3 ربيع أول 1427 هجرية والموافق 1/4/2006 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.

الطعن 6852 لسنة 45 ق جلسة 9 / 11 / 2002 إدارية عليا مكتب فني 48 أحزاب ق 5 ص 59

جلسة 9 من نوفمبر سنة 2002
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز. رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ علي فكري حسن صالح، ويحيى خضري نوبي محمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، وأحمد حلمي محمد أحمد حلمي. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السادة الأساتذة الشخصيات العامة وهم: أ. د/ محمد عادل أحمد يحيى، وأ. د/ طه محمد عبد المنعم لبيب، وأ. محمد فتحي أحمد حسن، وأ. محمد عوني عبد المجيد عجور، وأ. د/ زكريا إبراهيم محمد جاد.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو. نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

----------------

(5)

الطعن 6852 لسنة 45 ق "أحزاب"

أحزاب سياسية - دائرة شئون الأحزاب السياسية - تأييد الحكم الصادر منها لأسباب قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية برفض تأسيس الحزب لا يصلح سندا لدعوى البطلان الأصلية.

ولاية المحكمة القضائية تحتم عليها مراقبة صحة الأسباب التي تستند إليها لجنة شئون الأحزاب السياسية في إصدار قرارها برفض تأسيس الحزب فإن هي اقتنعت بها بعد وزنها بميزان المشروعية وتقديرها بما لها من سلطة تقديرية أيدت القرار الطعين، وإن هي لم تقتنع بسلامة الأسباب التي قام عليها القرار قضت بإلغائه - الطاعن أثار نقطة معينة في برنامج حزب السادات المطلوب تأسيسه وهي أن هذا الحزب يعد أول حزب يطالب باستعادة واحة جغبوب إلى أرض الوطن، ويرى من وجهة نظره أنها تعد سببا لتميز برنامج الحزب المذكور، وقد رأت لجنة شئون الأحزاب السياسية في ردها على هذه النقطة أن هذا الطلب قد حسمته القيادة السياسية برؤية قومية تبتعد بها عن إثارة المشاكل بين الدول العربية، وتحد بها كثرة المنازعات الحدودية التي دأبت القوى الخارجية على إشعال الفتنة بشأنها بين الدول العربية والإسلامية - لا تثريب على المحكمة إن هي اقتنعت برد لجنة شئون الأحزاب وارتأت في نطاق سلطتها التقديرية أن هذه الجزئية لا تصلح أن تكون عنصرا مميزا لبرنامج الحزب المذكور - أساس ذلك - أن ما اعتنقه حكم دائرة شئون الأحزاب هو وليد قناعة وفي إطار سلطة المحكمة التقديرية، وليس فيه ما ينحدر بالحكم إلى حمأة الانعدام - تطبيق.

--------------

الوقائع

في يوم الأربعاء الموافق 14/ 7/ 1999 أودع الأستاذ/ ..... المحامي بالنقض وكيلا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب السياسية - تقريرا بدعوى بطلان أصلية قيد بجدولها تحت رقم 6852 لسنة 45ق. عليا وذلك في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا "دائرة الأحزاب السياسية" في الطعن رقم 2583 لسنة 42 ق. عليا بجلسة 6/ 2/ 1999والقاضي منطوقه: أولا: بقبول الطعن شكلا، ثانيا: برفض الدفع بعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977. ثالثا: برفض الطعن موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير دعوى البطلان الأصلية - للأسباب الواردة به - القضاء ببطلان الحكم المطعون فيه وبإعادة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للفصل فيه مجددا من دائرة أخرى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وجرى إعلان تقرير دعوى البطلان الأصلية للمطعون ضدهم بصفاتهم على النحو المبين بالأوراق.

وقد نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا -دائرة الأحزاب السياسية المشكلة وفقا لحكم المادة (8) من القانون المشار إليه - وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
تتحصل واقعات النزاع الماثل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن بصفته وكيلا عن مؤسسي حزب السادات كان قد أقام الطعن رقم 2583 لسنة 42ق. عليا بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 7/ 3/ 1996 طعنا على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية المشكلة طبقا للمادة (8) من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 والذي جاء نصه "الاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ........ بتأسيس حزب باسم حزب السادات" وطلب في ختام تقرير الطعن الحكم بإلغاء قرار الاعتراض على تكوين حزب السادات" وما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر الطاعن شرحا لطعنه أنه بصفته وكيلا عن مؤسسي حزب سياسي جديد باسم حزب السادات تقدم بتاريخ 8/ 10/ 1995 بإخطار إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية يطلب الموافقة على تأسيس هذا الحزب وأرفق بالإخطار برنامج الحزب ولائحة نظامه الأساسي وكشفا بأسماء الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم 73 عضوا منهم 23 من الفئات و50 من العمال والفلاحين مصدقا رسميا على توقيعاتهم جميعا والبيان السياسي للحزب إلا أن اللجنة المذكورة أصدرت القرار المطعون عليه بالاعتراض على تأسيس الحزب المذكور استنادا إلى أنه قد تبين لها أن برنامج حزب السادات يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي وتميزه تميزا ظاهرا عن برامج الأحزاب القائمة فبرامجه كلها تتناول مجالات مطروحة سلفا من قبل أحزاب أخرى أو ترديدا لبرامج وخطط قائمة ويجري تنفيذها فعلا، وأن ما يؤمن به الحزب ويقترحه من مطالب منصوص عليه في الدستور ومطبق فعلا عملا وواقعا.

ونعى الطاعن بصفته على القرار المطعون فيه مخالفته للدستور والقانون لأسباب حاصلها: أولا: عدم دستورية أي تقييد تشريعي لحرية تكوين الأحزاب وعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية.

ثانيا: بطلان تشكيل لجنة الأحزاب حيث يرجح فيها الطابع الحزبي بما يفقدها حيادها بما يبطل القرار المطعون فيه.

ثالثا: انتماء غالبية أعضاء اللجنة للحزب الوطني الذي لم يتم ظهوره بشكل شرعي.

رابعا: عدم صحة الأسباب التي استند إليها القرار المطعون فيه وسرد الطاعن لذلك عدد 21 نقطة يراها إضافة هامة وتميز برنامج الحزب عما هو موجود في برامج حزبية في الساحة وعلى رأسها أنه أول حزب سياسي يطالب باستعادة واحة جغبوب المصرية بالطرق السلمية والتحكيم العربي والدولي حفاظا على تراب الوطن المقدس وآخر تلك النقاط الدعوة إلى الاهتمام بالريف وذلك على النحو الوارد تفصيلا بتقرير الطعن.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات ثم أتبعته بتقرير تكميلي انتهت فيه إلى رفض الدفع بعدم دستورية القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية.

تدوول نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية - دائرة الأحزاب السياسية المشكلة وفقا لحكم المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية - على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 6/ 2/ 1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الطعن موضوعا.

وأقامت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت برنامج حزب السادات ورد لجنة شئون الأحزاب - على أنه يبين مما تقدم جميعه أن المشروعات والأفكار التي عرضها الحزب طالب التأسيس لا تعدو أن تكون أفكارا مطروحة على الساحة السياسية ومحل تطبيق في الكثير منها في خطط الحكومة التنفيذية ومحل ترديد في الكثير من برامج الأحزاب القائمة مما يفقد البرنامج ملامح الشخصية الحزبية المتميزة والتي من شأنها أن تشكل إضافة جادة للعمل السياسي أو تميزه تميزا ظاهرا عن برامج الأحزاب القائمة ومن ثم يكون ما انتهت إليه لجنة شئون الأحزاب السياسية من افتقاد برنامج الحزب لشرط التميز الظاهر الذي يتطلبه البند ثانيا من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وبالتالي الاعتراض على الطلب المقدم من وكيل مؤسسي حزب السادات يكون قائما على سببه الصحيح ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون خليقا بالرفض وأضافت المحكمة أنه لا ينال من ذلك ما عقب به الطاعن على رد لجنة شئون الأحزاب السياسية من وجود (21) نقطة سبق بيانها وتعد في نظره سببا للتميز وعلى رأسها ما أثاره بالنسبة لواحة جغبوب وأنه أول حزب يطالب باستعادتها إلى أرض الوطن، فإن ذلك المطلب قد حسمته القيادة السياسية برؤية قومية تبتعد بها عن إثارة المشاكل بين الدول العربية، وتحد بها من كثرة المنازعات الحدودية التي دأبت القوى الخارجية على إشعال الفتنة بشأنها بين الدول العربية والإسلامية ولا تصلح أن تكون عنصرا مميزا لبرنامج الحزب فضلا عن تعارض هذا الطلب مع توجهات الحزب ذاته من مطالبة بتضامن عربي ووحدة بين الدول المتجاورة كما لا يصح أن يكون ذلك منهجا حزبيا لما فيه من إثارة على الساحة السياسية.

وأردفت المحكمة بأنه عن بقية النقاط الأخرى التي يراها الطاعن محل تميز فقد اتضح أنها جميعا ليست جديدة على الساحة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية التي تطبقها الحكومة وأن الكثير منها موجود في برامج الأحزاب القائمة وكانت محل طرح منها فلذلك جميعه يضحي الطعن على قرار الاعتراض على تأسيس حزب السادات غير قائم على سند صحيح من القانون.

ومن حيث إن مبنى الطعن على حكم المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب السياسية - سالف الذكر بدعوى البطلان الأصلية الماثلة يقوم على الأسباب الآتية:

أولا: أن الحكم الطعين انطوى على خطأ بين غير مستور كاشف بذاته عن أمره بما ينحدر به إلى درجة الانعدام لإهداره العدالة المكفولة دستوريا لكل مواطن - مثل الطاعن - حيث إن المحكمة قد تخلت عن ولايتها وما هو منوط بها من اختصاص قضائي إلى القيادة السياسية وذلك فيما أثاره تقرير الطعن بشأن واحة جغبوب ولا شك في أن القيادة السياسية هي بحكم اللزوم وفي موضع الخصم بالنسبة للطاعن نظرا لقيام لجنة شئون الأحزاب السياسية على تشكيل أغلبه من تلك القيادة السياسية فخضوع الحكم الطعين لإملاء من جانب القيادة السياسية هو خضوع ينتفي به الاستقلال الواجب توافره في القاضي الطبيعي ويجرد الحكم الطعين من ضمانة الاستقلال المكفولة دستوريا وهو عيب جسيم يؤدي إلى إهدار العدالة ويفقد الحكم الطعين وظيفته.

ثانيا: إن الحكم المطعون فيه لم يرد على الدفع ببطلان لجنة شئون الأحزاب لبطلان تمثيل الحزب الوطني فيها والذي لم يتم ظهوره بشكل شرعي وهو دفاع جوهري لم يرد عليه الحكم الطعين مما يعد إهدارا للعدالة ينحدر بالحكم إلى درجة الانعدام.

ومن حيث إنه من المسلم به أن الحكم القضائي متى صدر صحيحا يظل منتجا لآثاره، فيمتنع بحث أسباب العوار التي تلحقه إلا عن طريق الطعن فيه بإحدى طرق الطعن التي حددها القانون على سبيل الحصر، فإذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهداره بدعوى بطلان أصلية لمساس ذلك بحجيته وأنه وإن كان قد أجيز - استثناء من هذا الأصل -الطعن بدعوى بطلان أصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية إلا أن هذا الاستثناء في غير الحالات التي نص عليها المشرع، كما فعل في المادة (147) مرافعات - يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جوهري جسيم يصيب كيانه، ويفقده صفته كحكم وذلك يفقد أحد أركانه الأساسية والتي حاصلها أن يصدر من محكمة تتبع جهة قضائية وأن يصدر بما لها من سلطة قضائية في خصومة وأن يكون مكتوبا.

ومن حيث إن من المستقر عليه أن المحكمة الإدارية العليا - بما وسد لها من اختصاص في الرقابة على أحكام مجلس الدولة تحقيقا للشرعية وسيادة القانون وما تحمله من أمانة القضاء وعظيم رسالته بغير معقب على أحكامها - تستوي على القمة في مدارج التنظيم القضائي لمجلس الدولة فلا يكون من سبيل إلى إهدار أحكامها إلا استثناء محضا بدعوى البطلان الأصلية وهي دعوى لها طبيعة خاصة توجه إلى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، وطريق طعن استثنائي وفي غير حالات البطلان المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية التجارية، يجب أن تقف هذه الدعوى عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم يمثل إهدارا للعدالة على نحو يفقد معها الحكم وظيفته وبه تتزعزع قرينة الصحة التي تلازمه أما إذا قام الطعن على أسباب موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب في تفسير القانون وتأويله فإن هذه الأسباب لا تمثل إهدارا للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته وبالتالي لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام وهي مناط قبول دعوى الإلغاء.

ومن حيث إن المبادئ المتقدمة هي ما يتعين الأخذ بها كذلك ولذات الأسباب في الأحكام الصادرة من هذه المحكمة بتشكيلها الخاص المنصوص عليه في المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية وهي الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة منضما إلى تشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة وعلى النحو الذي أشار به القانون سالف البيان.

ومن حيث إنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن بدعوى البطلان الأصلية على حكم المحكمة الإدارية العليا "دائرة الأحزاب السياسية" المطعون فيه من انطوائه على خطأ بين غير مستور ينحدر به إلى درجة الانعدام بتخلي لمحكمة عن ولايتها القضائية إلى القيادة السياسية وذلك بالنسبة إلى ما آثاره الطاعن بشأن واحة جغبوب بخضوع الحكم الطعين لإملاء من جانب القيادة السياسية يجرده من ضمانة الاستقلال ويفقده وظيفته فإن هذا القول من جانب الطاعن في غير محله ومردود عليه بأن ولاية المحكمة القضائية تحتم عليها مراقبة صحة الأسباب التي تستند إليها لجنة شئون الأحزاب السياسية في إصدار قرارها برفض تأسيس الحزب المذكور فإن هي اقتنعت بها بعد وزنها بميزان المشروعية وتقديرها بما لها من سلطة تقديرية أيدت القرار الطعين وإن هي لم تقتنع بسلامة الأسباب التي قام عليها القرار قضت بإلغائه، ولما كان الطاعن قد أثار نقطة معينة في برنامج حزب السادات المطلوب تأسيسه وهي أن هذا الحزب يعد أول حزب يطالب باستعادة واحة جغبوب إلى أرض الوطن ويرى من وجهة نظره أنها تعد سببا لتميز برنامج الحزب المذكور وقد رأت لجنة شئون الأحزاب السياسية في ردها على هذه النقطة أن هذا الطلب قد حسمته القيادة السياسية برؤية قومية تبتعد بها عن إثارة المشاكل بين الدول العربية وتحد بها من كثرة المنازعات الحدودية التي دأبت القوى الخارجية على إشعال الفتنة بشأنها بين الدول العربية والإسلامية ومن ثم لا تثريب على المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب السياسية - إن هي اقتنعت برد لجنة شئون الأحزاب وارتأت في نطاق سلطتها التقديرية أن هذه الجزئية لا تصلح أن تكون عنصرا مميزا لبرنامج الحزب المذكور وقررت أن هذا الطلب يتعارض مع توجهات الحزب ذاته من مطالبته بتضامن عربي ووحدة بين الدول المتجاورة وأنه لا يصح أن يكون ذلك منهجا حزبيا لما فيه من إثارة على الساحة السياسية ومن ثم فإن ما اعتنقه الحكم المطعون فيه إنما هو وليد اقتناعها وفي إطار سلطتها التقديرية ومن منطلق ولايتها القضائية ولا معقب عليها في هذا الشأن ويكون ما أورده الطاعن في هذا الشأن هو مما يدخل في باب الاجتهاد والتقدير وليس فيه ما ينحدر بالحكم إلى حمأة الانعدام وأن غاية ما يهدف إليه الطاعن من إثارة هذه الجزئية هو إعادة طرح طعنه في قرار لجنة شئون الأحزاب وإعادة مناقشة ما قضى به الحكم الطعين في شأنه بدعوى البطلان الماثلة وهو أمر غير جائز متعين الرفض.

ومن حيث إنه عن السبب الثاني من أسباب دعوى البطلان الأصلية - الماثلة - المتمثل في أن الحكم المطعون فيه لم يورد دفاعا جوهريا للطاعن ولم يرد عليه مما يعد إهدارا للعدالة ينحدر بالحكم الطعين إلى هاوية الانعدام وهو ما أوجزه الطاعن من بطلان لجنة شئون الأحزاب لبطلان تمثيل الحزب الوطني فيها والذي لم يتم ظهوره بشكل شرعي فإن هذا النعي رغم كونه غير سديد ولا يصلح سندا ترتكز عليه دعوى البطلان الأصلية الماثلة فمردود أولا بأنه ليس صحيحا ما أثاره الطاعن من تمثيل الحزب الوطني داخل لجنة شئون الأحزاب فالمادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية المعدلة بالقانونين رقمي 144 لسنة 1980 و114 لسنة 1983 تنص على أنه "تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي:
1- رئيس مجلس الشورى رئيسا 2- وزير العدل 3- وزير الداخلية
4- وزير الدولة لشئون مجلس الشعب.
5- ثلاثة من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم يصدر باختيارهم قرار من رئيس الجمهورية أعضاء ........"

أي أن المشرع اعتمد في تشكيل لجنة شئون الأحزاب بالنسبة للرئيس والأعضاء من الثاني حتى الرابع بالمنصب الوظيفي وليس بالانتماء الحزبي ومن ثم فالوزراء - المشار إليهم - ممثلون في اللجنة بحكم وظيفتهم أيا كان انتماؤهم الحزبي ومن ناحية أخرى فإن القانون رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم انتماء رئيس وأعضاء لجنة شئون الأحزاب المذكورين إلى أي حزب سياسي قائم أو أنه يتعين على أي منهم التنحي عن صفته الحزبية عند الانضمام إلى هذه اللجنة وذلك أمر قصده القانون ولم يكن غافلا عنه بدليل وضعه لهذا القيد بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم وهذا مما يدخل في باب الجدل والخلاف القانوني مما لا يصلح سندا لدعوى البطلان الأصلية.

ومن حيث إنه يضاف إلى ما تقدم للرد على ما أثاره الطاعن أن لجنة شئون الأحزاب السياسية بحسب تكوينها واختصاصاتها وسلطاتها في البحث والتقصي هي لجنة إدارية وأن ما يصدر عنها من قرارات بالاعتراض على تأسيس الحزب لا يعدو في حقيقة تكييفه الصحيح أن يكون قرارا إداريا شكلا وموضوعا وأنه خاضع للرقابة القضائية بالطعن عليه بالإلغاء أمام هذه المحكمة ومن ثم لا يسري بشأن أعضاء هذه اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاة من أحكام قانونية تتعلق بالحيدة والتنحي والمنع من المشاركة في الحكم فضلا عن أنه لهذه المحكمة التحقق من الأسباب التي استندت إليها هذه اللجنة في الاعتراض على تأسيس الحزب.

ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب السياسية - محل دعوى البطلان الأصلية - قد صدر صحيحا ومطابقا للأوضاع والإجراءات الشكلية الجوهرية والموضوعية المنصوص عليها قانونا ولم يعتوره أي سبب يفقده صفته كحكم أو يفقده أحد أركانه الأساسية كحكم قضائي صادر من قمة محاكم مجلس الدولة ومن ثم لا يكون ثمة وجه للطعن ببطلان الحكم الصادر بجلسة 6/ 2/ 1999 في الطعن رقم 2583 لسنة 42ق. عليا ويكون الطعن عليه بالبطلان على غير أساس سليم من القانون خليقا بالرفض.

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
برفض الطعن يبطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 2583 لسنة 42ق. عليا وألزمت الطاعن المصروفات.