الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 سبتمبر 2024

الطعن 13963 لسنة 90 ق جلسة 10 / 12 / 2022 مكتب فني 73 ق 95 ص 912

جلسة 10 من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / محمد رضا حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي حسنين ، عادل عمارة ، وهشام الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد كامل باشا .
-----------------
(95)
الطعن رقم 13963 لسنة 90 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
امتداد ميعاد الطعن بالنقض وتقديم الأسباب إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة . أساس ذلك ؟
(2) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده مؤدى الأدلة في بيان واف . لا قصور .
(3) شروع . قصد جنائي . سرقة . إكراه . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة . كفاية أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدٍ إليه حتماً لاعتباره شارعاً في ارتكاب جناية أو جنحة . متى كان قصد الفاعل معلوماً وثابتاً . مؤدى وأساس ذلك ؟
تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة إرادية أم خارجة عن إرادة الجاني . موضوعي .
استخلاص المحكمة وقوع السرقة . كفايته لتوافر فعل الاختلاس .
القصد الجنائي والإكراه في جريمة السرقة . مناط تحققهما ؟
إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه . موضوعي . ما دام سائغاً .
تحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي والقصد الجنائي والإكراه في جريمة السرقة . غير لازم . حد ذلك ؟
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشاهد . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره . لا يعيب الحكم . متى استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها . حسبها إيراد ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
وجوب بناء الأحكام على أدلة يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته عن عقيدة يحصلها بنفسه مما يجريه من تحقيق . إدخاله حكماً لسواه في تكوين عقيدته . غير جائز.
مثال .
(6) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة وتلفيقها وانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(7) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(8) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
(9) شروع . مراقبة الشرطة . محكمة النقض " سلطتها " .
عدم جواز الانحراف عن عبارة القانون عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث . متى كانت واضحة لا لبس فيها . علة ذلك ؟
معاقبة الطاعن عن جريمة الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح بوضعه تحت مراقبة الشرطة . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيح الحكم بإلغائها . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ .... وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بالنقض بتاريخ .... وقدم مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ .... ، ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري ، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في .... ، بيد أنه لما كان ذلك اليوم والأيام التالية له حتى .... باعتبارهم عطلة رسمية لعيد الأضحى المبارك ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم .... . لما كان ذلك ، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان قد تما في الميعاد القانوني ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
2- من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مضمون ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة في بيانٍ وافٍ وكاف ، وجاء استعراض المحكمة للأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه القصور في التسبيب في غير محله ، لما كان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمتين اللتين دانه الحكم بهما ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
3- لما كانت المادة 45 من قانون العقوبات قد عرَّفت الشروع بأنه : ( البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها .... ) ، فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتبار أنه شرع في ارتكاب جريمة - جناية أو جنحة - أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدٍ إليه حتماً ، وبعبارة أخرى يكفي أن يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤدياً حالاً وعن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة ما دام قصد الجاني من هذا الفعل معلوماً وثابتاً ، وكان من المقرر أن تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره ، وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة هي إرادية أو خارجة عن إرادة الجاني هو أمر متعلق بالوقائع يفصل فيه قاضي الموضوع ، وكان يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكى يستفاد توافر فعل الاختلاس ، وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ، وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة ، وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه ، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي والقصد الجنائي والإكراه بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة قولية وفنية سائغة أن الطاعن شرع في سرقة أسطوانة الغاز المملوكة للمجني عليها بالإكراه بأن تعدى عليها بالضرب الذي ترك أثر جروح وكان ذلك ليلاً من منزلها حال حمله لسلاحٍ أبيض إلا أنه قد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو استغاثتها وفراره هارباً ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بيَّن ظرف الإكراه والرابطة بينه وبين فعل الشروع في السرقة ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته يتوافر به أركان جناية الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح كما هي معرفة به في القانون التي دان الطاعن بها ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه من المقرَّر أنه حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يُورد الأدلة المنتجة التي صحَّت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المُسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم لعدم الرد على الدفع بانتفاء أركان الجريمة التي دانه بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - ، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، إذ هي لا تلتزم - بحسب الأصل - بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدلٍ موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن الأحكام يجب أن تُبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصِّلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وكانت المحكمة قد استندت في قضائها بالإدانة إلى أقوال المجني عليها والشاهدة الثانية والضابط مجري التحريات ومما ثبت من التقرير الطبي الخاص بإصابات المجني عليها فإنها تكون قد بنت حكمها عن عقيدة حصَّلتها هي بنفسها ولم يدخل في تكوين عقيدتها رأي لسواها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .
6- من المقرر أن نفي التهمة والدفع بتلفيقها وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
7- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين ما أورده الحكم وما ورد بأوراق الدعوى وأوجه التناقض بين أسباب الحكم ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن مواد الاتهام وأفصح عن أخذه بها - خلافاً لما يزعمه الطاعن - فإن النعي على الحكم بإغفال نص القانون يكون في غير محله .
9- لما كان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك ، وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل ، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعبر تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه ، وكانت المادة 28 من قانون العقوبات قد نصت على أنه : ( كل من يحكم عليه بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن لجناية مخلة بأمن الحكومة أو تزييف نقود أو سرقة أو قتل في الأحوال المبينة في الفقرة الثانية من المادة 234 من هذا القانون أو لجناية من المنصوص عليها في المواد 356 و 368 يجب وضعه بعد انقضاء مدة عقوبته تحت مراقبة البوليس مدة مساوية لمدة عقوبته بدون أن تزيد مدة المراقبة على خمس سنين ، ومع ذلك يجوز للقاضي أن يخفض مدة المراقبة أو أن يقضي بعدمها جملة ) ، ولما كان النص في هذه المادة صريحاً في أنه يشترط لجواز الحكم بالمراقبة الواردة فيها أن يكون المتهم ارتكب جريمة سرقة تامة وحكم عليه بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن ، فإذا كانت الجريمة التي ارتكبها شروعاً في سرقة فلا يجوز الحكم بالمراقبة لأن النص لم يتكلم عن الشروع ، ولأن القانون في أحكامه العامة لا يسوي في العقوبة بين الجريمة التامة والشروع فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جريمتي الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح وإحراز سلاحٍ أبيض بغير مسوغ قانوني ، طبَّق حكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجريمتين ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة وعاقبه بعقوبة الجريمة الأشد - الشروع في السرقة بالإكراه - عملاً بالمادتين 46/ 3 ، 314 /2،1 من ذات القانون وهي السجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن - دون الوضع تحت المراقبة - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات وهي عقوبة تكميلية لم يفرضها القانون ، فإنه يتعين نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنـه :
1- شرع في سرقة المنقول المبين وصفاً بالأوراق ( اسطوانة بوتاجاز ) المملوكة للمجني عليها .... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها بأن تعدى عليها بالضرب فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق إلا أنه خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو استغاثتها وتمكنه من الهرب .
2- أحرز سلاحاً أبيض ( مطواة ) بغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية .
3- التقط خلسة في مكان خاص صوراً فوتوغرافية للمجني عليها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 28 ، 45 /1 ، ٤٦ /3 ، ٣١٤ من قانون العقوبات ، والمادتين ۱/۱ ، 25 مكرراً/1 من القانون ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقانون ١٦٥ لسنة ۱۹۸۱ والبند رقم (٥) من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون الأول ، مع إعمال المادة 32 من القانون الأول ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية وبأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً مدنياً مؤقتاً وبمصاريف الدعوى المدنية ومائتي جنيه أتعاب محاماة ، بعد أن قصرت وصف الاتهام على التهمتين الأولى والثانية فقط واستبعدت التهمة الثالثة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ .... وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بالنقض بتاريخ .... وقدم مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ .... ، ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري ، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في .... ، بيد أنه لما كان ذلك اليوم والأيام التالية له حتى .... عطلة رسمية باعتبارهم عطلة رسمية لعيد الأضحى المبارك ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم .... . لما كان ذلك ، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان قد تما في الميعاد القانوني ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح وإحراز سلاحٍ أبيض بدون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد والتناقض وران عليه البطلان ، ذلك أنه جاء في صيغة عامة مجهلة ولم يبين واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها ومضمون أدلة الثبوت ومؤداها بياناً كافياً يكشف عن وجه استدلاله بها ولم يبين الأفعال المادية التي أتاها الطاعن والتي تفصح عن الدور الذي قام به ، والتفت عن الدفع بانتفاء أركان الجريمة التي دانه بها بركنيها المادي والمعنوي ، واعتنق صورة للواقعة لا تتفق والعقل والمنطق ، خاصة وأن شهادة شاهدتي الإثبات الأولى والثانية التي عوَّل الحكم على أقوالهما جاءت كاذبة تتناقض فيما بينهما وبين تحريات الشرطة في كثير من المواضع وأسس حكمه علي رأي لسواه ، كما لم يعرض الحكم لدفاع الطاعن بانتفاء صلته بالواقعة ، وكيدية الاتهام وتلفيقه ، هذا إلى أن أسباب الحكم لا تمت بصلة لما هو ثابت بأوراق الدعوى ، وجاءت متناقضة ، وأخيراً خلا الحكم من نص القانون الذي دان الطاعن بموجبه ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مضمون ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة في بيانٍ وافٍ وكاف ، وجاء استعراض المحكمة للأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه القصور في التسبيب في غير محله . لما كان ذلك ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمتين اللتين دانه الحكم بهما ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكانت المادة 45 من قانون العقوبات قد عرَّفت الشروع بأنه : ( البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها .... ) ، فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتبار أنه شرع في ارتكاب جريمة - جناية أو جنحة - أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدٍ إليه حتماً ، وبعبارة أخرى يكفي أن يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤدياً حالاً وعن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة ما دام قصد الجاني من هذا الفعل معلوماً وثابتاً ، وكان من المقرر أن تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره ، وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة هي إرادية أو خارجة عن إرادة الجاني هو أمر متعلق بالوقائع يفصل فيه قاضي الموضوع ، وكان يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكى يستفاد توافر فعل الاختلاس ، وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ، وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة ، وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه ، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي والقصد الجنائي والإكراه بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة قولية وفنية سائغة أن الطاعن شرع في سرقة اسطوانة الغاز المملوكة للمجني عليها بالإكراه بأن تعدى عليها بالضرب الذي ترك أثر جروح وكان ذلك ليلاً من منزلها حال حمله لسلاحٍ أبيض إلا أنه قد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو استغاثتها وفراره هارباً ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بيَّن ظرف الإكراه والرابطة بينه وبين فعل الشروع في السرقة ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته يتوافر به أركان جناية الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح كما هي معرفة به في القانون التي دان الطاعن بها ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه من المقرَّر أنه حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يُورد الأدلة المنتجة التي صحَّت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المُسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم لعدم الرد على الدفع بانتفاء أركان الجريمة التي دانه بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، إذ هي لا تلتزم - بحسب الأصل - بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدلٍ موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تُبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصِّلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وكانت المحكمة قد استندت في قضائها بالإدانة إلى أقوال المجني عليها والشاهدة الثانية والضابط مجري التحريات ومما ثبت من التقرير الطبي الخاص بإصابات المجني عليها فإنها تكون قد بنت حكمها عن عقيدة حصَّلتها هي بنفسها ولم يدخل في تكوين عقيدتها رأي لسواها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة والدفع بتلفيقها وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين ما أورده الحكم وما ورد بأوراق الدعوى وأوجه التناقض بين أسباب الحكم ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن مواد الاتهام وأفصح عن أخذه بها - خلافاً لما يزعمه الطاعن - فإن النعي على الحكم بإغفال نص القانون يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك ، وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل ، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعبر تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه ، وكانت المادة 28 من قانون العقوبات قد نصت على أنه : ( كل من يحكم عليه بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن لجناية مخلة بأمن الحكومة أو تزييف نقود أو سرقة أو قتل في الأحوال المبينة في الفقرة الثانية من المادة 234 من هذا القانون أو لجناية من المنصوص عليها في المواد 356 و 368 يجب وضعه بعد انقضاء مدة عقوبته تحت مراقبة البوليس مدة مساوية لمدة عقوبته بدون أن تزيد مدة المراقبة على خمس سنين ، ومع ذلك يجوز للقاضي أن يخفض مدة المراقبة أو أن يقضي بعدمها جملة ) ، ولما كان النص في هذه المادة صريحاً في أنه يشترط لجواز الحكم بالمراقبة الواردة فيها أن يكون المتهم ارتكب جريمة سرقة تامة وحكم عليه بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن ، فإذا كانت الجريمة التي ارتكبها شروعاً في سرقة فلا يجوز الحكم بالمراقبة لأن النص لم يتكلم عن الشروع ، ولأن القانون في أحكامه العامة لا يسوي في العقوبة بين الجريمة التامة والشروع فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جريمتي الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح وإحراز سلاحٍ أبيض بغير مسوغ قانوني ، طبَّق حكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجريمتين ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة وعاقبه بعقوبة الجريمة الأشد - الشروع في السرقة بالإكراه - عملاً بالمادتين 46/3 ، 314/ 2،1 من ذات القانون وهي السجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن - دون الوضع تحت المراقبة - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات وهي عقوبة تكميلية لم يفرضها القانون ، فإنه يتعين نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق