باسم الشعب
محكمــة النقــض
الدائرة الجنائية
الاثنين (ج )
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي / محمـد خالـد نائب رئيس المحكمـة وعضوية السادة القضاة / مهاد خليفة وعصـام عـباس وعرفه محمد و هيثم خـــضر نــواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / حازم طارق.
وأمين السر السيد / علي محمود.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الاثنين 2 من جمادى الآخرة سنة 1444 ه الموافق 26 من ديسمبر سنة 2022 م.
أصـدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 9335 لسنة 91 القضائية.
المرفوع مـن:
...... " محكوم عليه - طاعن "
ضــد
النيابة العامة " مطعون ضدها "
ومنها ضد
......... " مطعون ضده "
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن (المحكوم عليه) في القضية رقم ٢٠٠١ لسنة ۲۰۲۱ جنايات قسم أول الغردقة (والمقيدة برقم ٢٦ لسنة ٢٠٢۱ كلي البحر الأحمر).
بأنه في يوم 23 من يناير سنة 2021 - بدائرة قسم أول الغردقة - محافظة البحر الأحمر.
1ــ أحرز بقصد التعاطي جوهر (الحشيش) المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
2ــ تسبب خطأ في قتل المجني عليها / ...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم إحترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارته رقم ج ر أ 3584 عكس اتجاه السير المقرر وكان واقعاً تحت تأثير مخدر الحشيش ومسكر فاصطدم بالسيارة الرقيمة س ص ج ٢٢٣٦ استقلال المجني عليها فأحدث بها الإصابات الثابتة بالتقرير الطبي المرفق والتي أودت بحياتها على النحو المبين بالتحقيقات.
3ــ قاد سيارة تحت تأثير مخدر (حشيش وسكر).
4ــ تعمد السير عكس الاتجاه المقرر للطريق الخارجي لمدينة الغردقة ونجم عن ذلك الاصطدام بالسيارة رقم س ص ج ٢٢٣٦ والتي أدت لوفاة المجني عليها سالفة الذكر.
5ــ وهو مستقل لطريق عام لم يراع في مسلكه بذل أقصى العناية وإلتزام الحذر والحيطة حتى لا يؤد مسلكه إلى الإضرار بالغير.
6ــ قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر.
وأحالته إلى محكمة جنايات البحر الأحمر لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت كل من / ...... " والدة المجني عليها " و..... " شقيقة المجني عليها " - بوكيل عنهما - مدنياً قبل المتهم بمبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المدني الموقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 10 من مايو سنة 2021، عملاً بالمادة ۲۳۸/1 من قانون العقوبات، والمواد 1، 3، 4، 77 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل والمادتين ۱، ۲ من اللائحة التنفيذية، وإعمال مقتضى نصوص المواد ٣٢، 55/1، 56/1 من قانون العقوبات.
أولاً: - بمعاقبة / ...... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن التهم الثانية والخامسة والسادسة الواردين بأمر الإحالة وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً وألزمته بالمصاريف الجنائية.
ثانياً: - بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته بمصاريف الدعوى المدنية ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ثالثاً: - ببراءة / ...... عما أسند إليه بالتهم الأولى والثالثة والرابعة الواردين بأمر الإحالة.
وقرر السيد الأستاذ المستشار / المحامي العام لنيابة البحر الأحمر الكلية مفوضاً من السيد الأستاذ المستشار النائب العام بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 8 من يونية سنة 2021.
وفي ذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب طعن النيابة العامة موقعاً عليها من السيد الأستاذ المستشار / المحامي العام بالمكتب الفني للنائب العام.
وقرر المحكوم عليه - بوكيل عنه - بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 7 من يوليه سنة 2021.
وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض عن المحكوم عليه موقع عليها من الأستاذ / ...... المحامي.
وقضت محكمة النقض بجلسة 28 من فبراير سنة ۲۰22 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقضه وتحديد جلسة 23/5/2022 لنظر الموضوع وعلى النيابة الإعلان.
وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
---------------
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة واستقرت في يقينها من الاطلاع على الأوراق ، وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ، وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ 23/1/ ۲۰۲۱ الساعة الرابعة صباحاً طلبت المجني عليها إحدى سيارات الأوبر حتى تقلها من منطقة سهل حشيش إلى منزلها بمنطقة الجونة وبعد أن استقلت السيارة رقم س.ص. ج ٢٢٣٦ ماركة بيجو وأثناء توجها إلى مسكنها وتحديداً بمنطقة السفاري بالطريق الدائري فوجئ قائد السيارة بسيارة تأتي في الاتجاه المقابل له – في المواجهة - وبسرعة جنونية فحاول تفاديها إلا أنها اصطدمت بالجانب الأيسر لسيارته مما أدى إلى إصابة المجني عليها بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها وتم ضبط قائد السيارة الأخرى والتي تحمل رقم ج. ر.أ ٣٥٨٤ ماركة بي أم دبليو التي كان يقودها المتهم وبعرضه على النيابة العامة أقر بأنه كان يسير عكس الاتجاه فأمرت بأخذ عينة من الدم والبول وتبين من فحصها بواسطة المعامل المشتركة بالغردقة والمعامل المركزية بالقاهرة أنها إيجابية للحشيش والمواد الكحولية وبمواجهة المتهم بما أسفر عنه نتيجة التحليل قرر أنه تناول مخدر الحشيش بدولة سويسرا.
وحيث إن الواقعة على الصورة سالفة البيان قام الدليل على ثبوتها وصحة إسنادها إلى المتهم ...... مما شهد به كل من الملازم أول خالد سمير حسن ذکي ، شادي مصطفی حسین ، هشام علي محمد عبد العاطي ، علي محمد عثمان ، رشا عادل شفيق ، الرائد إسلام أحمد عبد المجيد عبد الرحيم وما ثبت من تقرير مكتب صحة الغردقة وتقرير المعامل المشتركة بالغردقة والمعامل المركزية بالقاهرة وإقرار المتهم بتحقيقات النيابة العامة.
فقد شهد الملازم أول خالد سمير حسن ذكي أنه تبلغ له بوجود حادث تصادم بالطريق الدائري بمنطقة سفاري المتجه إلى منطقة الجونة وبالوصول إلى مكان الحادث تبين وجود سيارة بيجو تحمل رقم س.ص. ج ٢٢٣٦ بعرض الطريق ومهشمة بأجزاء كثيرة وخاصة الجانب الأيسر وبها فتاة تجلس بالمقعد الخلفي متوفاة وتبين أنها تدعى ..... كما تبين وجود سيارة أخرى ماركة بي أم دبليو تحمل رقم ج.ر.أ ٣٥٨٤ طوبي اللون وبالاقتراب من قائدها تبين أن فمه تفوح منه رائحة الخمر وبسؤاله عن وجهته قرر له باللغة العربية أنه كان متوجهاً إلى مسكنه بمبارك ٦ بمدينة الغردقة.
وشهد شادي مصطفى حسين قائد السيارة التي كانت تستقلها المجني عليها أنه يعمل على سيارة أوبر وصدر له أمر بنقل راكبة من كومباوند بمدينة سهل حشيش والتوجه بها إلى فندق بمنطقة الجونة وأثناء توصيلها إلى منطقة الجونة وتحديداً بعد أن مر على محطة بنزين سنزو بحوالي عشر دقائق على الطريق الدائري فوجئ بسيارة تأتي في الاتجاه المقابل له المعاكس لاتجاه السير وبسرعة جنونية فحاول تفاديها إلا أنها اصطدمت بالجانب الأيسر من سيارته مما ترتب عليه لفقده للوعى وحينما أفاق وجد المجني عليها التي كانت تركب في المقعد الخلفي لسيارته قد توفت إلى رحمة مولاها ووجد السيارة الأخرى التي اصطدمت بسيارته منقلبة في المنطقة الرملية على يمين الطريق.
وشهد هشام علي محمد عبد العاطي مهندس بإدارة مرور البحر الأحمر أن إحدى السيارتين كانت تسير عكس الاتجاه المقرر للطريق وأضاف أن تلفيات السيارة التي كانت تستقلها المجني عليها بالجانب الأيسر تتفق مع التصوير الوارد بأقوال المتهم بمحضر الاستدلالات من إنه كان متوجهاً إلى مسكنه بمدينة الغردقة – عكس الاتجاه المقرر للطريق.
وشهد علي محمد عثمان كبير أخصائيين فنيين تحاليل بالمعامل المشتركة بالغردقة أنه عند قيامه بأخذ عينة من بول المتهم أعطاه كوب بلاستيكي مدون عليه الرقم المعملي ورقم المحضر واسم المتهم وطلب منه وضع عينة بول بداخله ودخل معه الغرفة المخصصة لذلك وأضاف أن المتهم أخبره – باللغة العربية – أنه لا يستطيع إجراء عينة البول في الوقت الذي طلبها فيه.
وشهدت رشا عادل شفيق طبيبة ومديرة المعامل المشتركة بالغردقة بمضمون ما قرره سابقها.
وشهد الرائد إسلام أحمد عبد الحميد عبد الرحيم معاون مباحث قسم أول الغردقة أن تحرياته السرية توصلت أن المتهم ...... قائد السيارة البي أم دبليو طوبي اللون التي تحمل أرقام ج. ر.أ ٣٥٨٤ كان عائداً من منطقة الجونة نحو مسكنه بالغردقة وكان يسير عكس اتجاه الطريق وتحت تأثير الكحول وأنه المتسبب في إصابة المجني عليها التي أدت لوفاتها.
وأوری تقریر مكتب صحة الغردقة أنه بتوقيع الكشف الطبي الظاهري على جثة المجني عليها تبين أن الوفاة حدثت نتيجة حادث سيارة أدى إلى إصابتها بكسور متعددة بالجسم والجمجمة ونزيف بالمخ أدت جميعها إلى الوفاة.
وثبت من تقرير المعامل المشتركة بالغردقة إيجابية العينة المأخوذة من المتهم لمخدر الحشيش كما ثبت من تقرير المعامل المركزية بالقاهرة أن العينة المأخوذة من المتهم إيجابية لمخدر الحشيش والمواد الكحولية.
وأقر المتهم بتحقيقات النيابة أنه علم من المتواجدين على مسرح الحادث إنه كان يسير عكس الاتجاه إذ أنه كان متوجهاً إلى مسكنه بفندق بيتش الباتروس وأضاف أنه تعاطى مخدر الحشيش أثناء تواجده بدولة سويسرا قبل الحادث بيومين.
وحضر وكيل المدعيتين بالحق المدني أمام محكمة الجنايات وطلب إلزام المتهم بدفع مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
وبجلسة المحاكمة حضر وكيل المتهم بتوكيل خاص مودع بملف الدعوى وقدم مذكرة بدفاعه ودفع بعدم جواز الطعن بالنقض على الحكم الصادر ببراءته من تهمة إحراز مخدر الحشيش بقصد التعاطي وبعدم جواز محاكمته عن هذه التهمة لانتفاء أركانها إذ أن تعاطيه المخدر كان بدولة سويسرا بكمية ضئيلة في الحدود المسموح بها قانوناً ، وببطلان التحاليل التي أجريت للمتهم وببطلان الدليل المستمد منها لعدم إتباع إجراءات التحليل والتحريز للعينات المرسلة ، وعدم بيان حالة المتهم المرضية والعقاقير الطبية التي كان يتناولها وأثرها في نتيجة التحليل وانتفاء جريمة القتل الخطأ وانقطاع رابطة السببية بين الفعل المسند للمتهم وحدوث الوفاة واستغراق خطأ قائد السيارة التي كانت تستقلها المجني عليها خطأ المتهم ولم تقم النيابة العامة بفحص قائد سيارة المجني عليها لبيان حالته وقت الحادث ، وببطلان تحقيقات النيابة واستجواب المتهم وإقراره لعدم إجادته اللغة العربية وعدم وجود مترجم يحضر معه تلك التحقيقات وببطلان الدليل المستمد من معاينة المهندس الفني لمكان الحادث ، وبعدم الإعتداد بأقوال الشاهدة الخامسة أمام محكمة الجنايات لمخالفة ذلك مبدأ شفافية الشهادة وبتناقض أقوال الشهود وعدم جدية التحريات وبطلانها لتناقضها مع الأدلة الفنية وكيدية الاتهام وتلفيقه ، وطلب تصريح باستخراج شهادة رسمية من المساحة ومحافظة البحر الأحمر تفيد بعد منطقة سفاري الواردة بالتحقيقات والكاميرا الموجودة بمحطة خلط الأسمنت وطلب عرض المقطع المصور والاستماع إلى شهادة الأستاذ ...... المحامي وقدم حوافظ مستندات طالعتها المحكمة ، واختتم مرافعته بطلب براءة المتهم مما نسب إليه.
وحيث إن ما ينعاه المتهم بانتفاء أركان جريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد التعاطي وعدم جواز محاكمته على سند من أنه كان متناولاً للجوهر المخدر بكمية ضئيلة بدولة سويسرا وهو من المباح قانوناً فمردود عليه أن الثابت من الأوراق أن العينة المأخوذة من المتهم جاءت إيجابية لجوهر الحشيش المخدر وهو ما يكفي بذاته لقيام الركن المادي لجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد التعاطي ولا ينال من ذلك ما أبداه المتهم من دفاع بشأن مكان تعاطيه المخدر إذ أن الأوراق قد خلت مما يجزم بتحققه خارج القطر المصري ولم يقدم المتهم دليلاً على صحة دفاعه كما لم يقرر أمام النيابة العامة أو القائمين بأخذ العينة أنه تعاطى لثمة مواد مخدرة إلا بعد ثبوت إيجابية التحليل لجوهر الحشيش المخدر ومن ثم تطمئن المحكمة إلى إحراز المتهم لجوهر الحشيش المخدر أخذاً بتقرير التحليل دون الحاجة لضبط عنصر من عناصره ، ومن ثم يكون الدفع بشأن انتفاء أركان جريمة التعاطي وعدم جواز محاكمته عنها من الدفاع ولا محل له.
وحيث إنه عن الدفع بعدم جواز الطعن بالنقض من النيابة العامة على حكم البراءة الصادر لصالح المتهم في واقعة إحراز المخدر بقصد التعاطي فإنه لما كان من المقرر أن المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض أمام محكمة النقض تجيز للنيابة العامة الطعن بالنقض أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من أخر درجة في مواد الجنايات والجنح في حالات عددتها فإن طعن النيابة العامة على الحكم في هذا الخصوص يكون قد تم وفقاً للقانون ويكون دفع المتهم في هذا الشأن دفعاً قانونياً ظاهر البطلان.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان الدليل المستمد من نتيجة التحليل الواردة بالمعامل المشتركة بالغردقة والمعامل المركزية بالقاهرة لعدم إتباع إجراءات التحريز للعينات لعدم الرجوع إلى النيابة العامة قبل إرسالها للمعامل المركزية بالقاهرة ولتقديم نتيجته بعد خروج الدعوى من حوزة النيابة العامة وصدور أمر الإحالة فمردود عليه أن الثابت من الأوراق وما شهد به علي محمد عثمان كبير أخصائيين فنيين تحاليل بالمعامل المشتركة بالغردقة أنه قام بأخذ العينة من المتهم بأن أعطاه كوب بلاستيكي مدون عليه الرقم المعملي ورقم المحضر واسم المتهم وطلب من وضع عينة بول بداخله ودخل معه الغرفة المخصصة لذلك وهو ما تطمئن معه أن العينة المأخوذة من المتهم هي التي تم تحليلها وإرسالها للمعامل المركزية بالقاهرة دون أن يصل إليها يد العبث أما ما يثيره المتهم أن العينة أرسلت إلى المعامل المركزية بالقاهرة دون الرجوع إلى النيابة العامة فإن ذلك بفرض صحته لا يترتب عليه البطلان لما هو مقرر أن إجراءات التحريز إنما هي إجراءات قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه وكان القانون لم يرتب على مخالفتها أي بطلان وترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم يصل إليها العبث ، ومن ثم فإنه لا يقبل من المتهم ما يثيره في هذا الصدد.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان الدليل المستمد من نتيجة التحليل الواردة بالمعامل المشتركة بالغردقة والمعامل المركزية بالقاهرة لعدم فحص حالة المتهم المرضية وما يتناوله من عقاقير طبية فإنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن باقي الأدلة ، وكان الثابت من الأوراق أن العينة المأخوذة من المتهم قد ثبت إيجابيتها لجوهر الحشيش المخدر كما أقر الطاعن بتعاطيه للحشيش بتحقيقات النيابة وهو ما تطمئن معه المحكمة إلى صحة ما جاء بتلك التقارير ولا ينال من ذلك ما يثيره المدافع عن المتهم من تناقض تقريري المعامل المشتركة بالغردقة والمعامل المركزية بالقاهرة إذ إن الثابت من كلا التقريرين إيجابية العينة لجوهر الحشيش المخدر فضلاً أن الشاهدة الخامسة قررت أمام محكمة الجنايات بوجود أجهزة تحليل أكثر دقة وهو ما أسفر عنه إيجابية العينة للمواد الكحولية.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم بانتفاء الخطأ في جانبه وثبوته في جانب سائق السيارة التي كانت تستقلها المجني عليها فمردود بأن الثابت من الأوراق وما قرره الشاهد الأول الملازم أول خالد سمير حسن أن فور وصوله لمكان الحادث وجد سيارة المتهم منقلبة على المنطقة الرملية على يمين الطريق وكانت تفوح من فمه رائحة الخمر وأنه قرر له أنه كان متوجه إلى مدينة الغردقة وما قرره الشاهد الثاني أنه فوجى بسيارة المتهم تأتي من الاتجاه المعاكس للطريق وبسرعة جنونية وحاول تفاديها إلا أن المتهم اصطدم بالجانب الأيسر من سيارته وما أقر به المتهم بتحقيقات النيابة أنه كان يسير بسيارته عكس اتجاه الطريق وهو ما يوقر في يقين المحكمة أن المتهم كان يسير بسيارته بسرعة كبيرة في الاتجاه المعاكس للطريق وهو تحت تأثير تناول جوهر الحشيش المخدر والمواد الكحولية وهو ما أيده الشاهد الرابع من أن التلفيات الموجودة بالسيارة التي كانت تستقلها المجني عليها ترجح ذلك التصوير ، وقد أدى هذا الخطأ إلى حدوث التصادم مع السيارة التي كانت تستقلها المجني عليها وحدوث إصابتها التي أدت إلى الوفاة ، ولولا هذا الخطأ ما وقع الحادث ، وإذ كان الثابت من الأوراق - على نحو ما سلف - أن خطأ المتهم متصل بالحادث اتصال السبب بالمسبب بحيث لم يكن من المتصور وقوع الحادث بغير وجود هذا الخطأ ، فإن رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الذي وقع وهو القتل تكون متوافرة ، مما يتعين معه الالتفات عن دفاع المتهم في هذا الشأن.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المتهم ببطلان تحقيقات النيابة وإقرار المنسوب للمتهم فيه لعدم إجادته اللغة العربية وعدم وجود مترجم يحضر معه تحقيقات النيابة مردوداً بأن الثابت من الأوراق أن المتهم سئل بمحضر الاستدلالات المؤرخ 23/1/2021 المحرر بمعرفة الملازم أول / خالد سمير نصار الضابط بقسم أول الغردقة فقرر له شفاهة باللغة العربية أنه عائد إلى مسكنه بمنطقة مبارك ٦ بمدينة الغردقة كما سئل بتحقيقات النيابة العامة واعترف بالقيادة عكس اتجاه السير بجلسة تحقیق 23/1/2021 ، كما أكد على ذات الاعتراف حينما أعيد سؤاله بجلسة 24/1/2021 وكانت جميع تلك الجلسات في حضور عدة مدافعين عنه ولم يبد منه أو منهم طوال فترة التحقيقات أو أثناء تجديد الحبس أمام المحكمة المختصة ثمة مطعن أو دفع بشأن عدم إجادته اللغة العربية رغم التقدم بطلبات عديدة أخرى لم يشر أياً منها لذلك الدفع والذي لم يثر إلا بجلسة المحاكمة الأولى في 14/3/2021 وبجلسة 10/4/2021 سئل علي محمد عثمان - كبير أخصائيين - القائم بسحب العينة من المتهم أمام محكمة الجنايات فيما إذا كان الأخير قد تحدث معه باللغة العربية فشهد أنه قرر له نصاً " أنا مش عارف أعمل عينة البول " وهو الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى أن المتهم يتحدث باللغة العربية و يكون معه الدفع المبدى منه في هذا الخصوص على غير سند متعيناً رفضه.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المتهم ببطلان تحقيقات النيابة لعدم فحص قائد السيارة التي كانت تستقلها المجني عليها فإن الثابت من الأوراق أن المتهم أو المدافع عنه لم يطلب من المحكمة تدارك هذا النقص فضلاً أن المحكمة قد اطمأنت أن المتهم كان يسير بسيارته في الاتجاه المقابل وبسرعة كبيرة وهو تحت تأثير المسكر والمخدر فإن ما يثيره المتهم بفرض صحته لا يحول دون مساءلته عن الجريمة ويكون ما ينعاه في هذا الشأن بعيد عن محجة الصواب.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المتهم ببطلان الدليل المستمد من معاينة المهندس الفني لمكان الحادث فإن المحكمة لم تعول على معاينة المهندس الفني وإنما عولت على أقواله بتحقيقات النيابة حين مواجهته بأقوال المتهم بمحضر الاستدلالات ، فإن ما يثيره المتهم في هذا الشأن يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
ومن حيث إن المحكمة لا تعول على ما أثاره الدفاع عن المتهم بجلسة المحاكمة من عدم الإعتداد بأقوال الشاهدة الخامسة ووجود تناقض في أقوال شهود الإثبات بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ذلك أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع ، وأن تناقض الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه ، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت واقعة الدعوى والأدلة على مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه من أقوال شهود الإثبات مؤيدة بتقريري المعامل المشتركة بالغردقة والمركزية بالقاهرة ومن إقرار المتهم بتحقيقات النيابة بما له أصل ثابت بالأوراق وبما لا تناقض فيه بعد أن التفتت عن الاختلافات بين أقوال شهود الإثبات والتي لم يكن لها أثر في تكوين عقيدتها التي استمدتها من جماع أقوالهم التي اتفقوا عليها ولم يختلفوا فيها ، فإنه لا يكون ثمة محلاً لما يثيره دفاع المتهم في هذا الشأن.
وحيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات ، فإنه لما كانت المحكمة تطمئن للتحريات وصحتها وجديتها ولشهادة من أجراها لكونها جاءت متفقة مع ماديات الدعوى ، ولم تر بينها وبين الأدلة الفنية تناقضاً يستعصي على الموائمة والتوفيق فإنها تعول عليها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى في الدعوى ، ويكون الدفع المبدى في هذا الخصوص غير سديد.
أما ما يثيره الدفاع بشأن التصريح باستخراج شهادة رسمية من المساحة ومحافظة البحر الأحمر تفيد بعد منطقة سفاري الواردة بالتحقيقات والكاميرا الموجودة بمحطة خلط الأسمنت وطلب عرض المقطع المصور والاستماع إلى شهادة الأستاذ ...... المحامي ، فلما كان من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى ، فلها أن تعرض عن ذلك ، وكان هذا الدفاع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ، فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته .
أما باقي ما يثيره الدفاع من محاولة تجريح أدلة الثبوت تأدياً إلى التشكيك فيها ونفي التهمة وعدم معقولية تصوير الواقعة فإنه يكفي المحكمة رداً عليها اطمئنانها إلى أدلة الثبوت التي أوردتها وركنت إليها وعولت عليها في تكوين عقيدتها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم جميعه ، فإنه يكون قد ثبت في يقين المحكمة واستقر في وجدانها أن المتهم ...... في يوم 23/1/2021 بدائرة قسم أول الغردقة محافظة البحر الأحمر.
- أحرز بقصد التعاطي جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
- تسبب خطأ في قتل المجني عليها ...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم إحترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارته رقم ج ر أ٣٥٨٤ عكس اتجاه السير المقرر وكان واقعاً تحت تأثير مخدر الحشيش ومسكر فاصطدم بالسيارة الرقيمة س ص ج ٢٢٣٦ استقلال المجني عليها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أودت بحياتها على النحو المبين بالتحقيقات.
- قاد سيارة تحت تأثير مخدر " حشيش " ومسكر.
- تعمد السير عكس الاتجاه المقرر للطريق الخارجي لمدينة الغردقة ونجم عن ذلك الاصطدام بالسيارة رقم س ص ج ۲۲۳٦ والتي أدت لوفاة المجني عليها سالفة الذكر.
- وهو مستقل لطريق عام لم يراع في مسلكه بذل أقصى عناية والتزامه الحذر والحيطة حتى لا يؤد مسلكه إلى الإضرار بالغير.
- قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر.
ومن ثم يتعين معاقبته بالمواد ۱، ۲، ۳۷ / ١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (١) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة ۱۹۹۷ والمادة 238/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد ۱، ۳، 4، 64/1، 66، 76، 76 مكرر من القانون رقم 66 لسنة ۱۹۷۳ المعدل بالقوانين أرقام ٢١٠ لسنة ١٩٨٠، 155 لسنة ۱۹۹۹، ۱۲۱ لسنة ۲۰۰۸، ١٤۲ لسنة ٢٠١٤ والمادتين ١، ٢ من اللائحة التنفيذية. وعملاً بنص المادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية مع إلزامه بالمصاريف الجنائية عملاً بنص المادة 313 من القانون الأخير.
لما كان ذلك ، وكانت الجرائم التي اقترفها المتهم وقعت لغرض إجرامي واحد وارتبطت ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة ، ووجب من ثم اعتبارها جريمة واحدة وإيقاع عقوبة واحدة عنها هي المقررة للأشد منها التي قارفها المتهم وهي عقوبة جريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد التعاطي وذلك تطبيقاً لنص المادة ٣٢ من قانون العقوبات.
وحيث إنه عن الدعوى المدنية المقامة من المدعيتين بالحقوق المدنية والدة المجني عليها وشقيقتها قبل المتهم فإنه لما كانت المادة ١٦٣ من القانون المدني تنص على أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض ، وكانت المحكمة قد انتهت إلى ثبوت الخطأ في جانب المتهم وكان هذا الخطأ قد ألحق بالمدعيتين بالحق المدني ضرراً تمثل في فقد الابنة والشقيقة - المجني عليها - ، وكان التعويض المؤقت المطلوب وقدره مليون جنيهاً يدخل في نطاق ما يستحقاه من تعويض نهائي ، فإنه يتعين إجابتهما إلى طلبهما ، مع إلزام المتهم بالمصاريف المدنية عملاً بالمادتين 302 ، 309 من قانون الإجراءات الجنائية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بمعاقبة ...... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعيتين بالحقوق المدنية مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته بمصاريف الدعويين الجنائية والمدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق