باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من ديسمبر سنة 2023م،
الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1445 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن
سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري
رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 15 لسنة 44
قضائية تنازع
المقامة من
شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالبحيرة.
ضد
1- رجب محمد عبد الرؤف الرابط
2- الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور
------------------
" الإجراءات "
بتاريخ السابع من يوليو سنة 2022، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم، بصفة مستعجلة: وقف تنفيذ
حكم محكمة القضاء الإداري بالبحيرة الصادر بجلسة 19/ 8/ 2021، في الدعوى رقم 9366
لسنة 20 قضائية، وفي الموضوع: تحديد الحكم الأولى بالتنفيذ من بين الحكم المار
ذكره، وحكم محكمة استئناف الإسكندرية (مأمورية دمنهور) الصادر بجلسة 24/ 3/ 2020،
في الاستئناف رقم 1839 لسنة 73 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الشركة المدعية
مذكرة، صممت فيها على طلباتها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعى عليه الأول أقام أمام محكمة دمنهور الابتدائية، الدعوى رقم 527 لسنة
2017 عمال، ضد الشركة المدعية، والمدعى عليه الثاني، طالبًا الحكم بإلزامهما بأن
يؤديا إليه المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها من تاريخ
تعيينه حتى تاريخ انتهاء خدمته، على سند من أنه كان يعمل بالوحدة المحلية لمركز
ومدينة دمنهور منذ تعيينه في 1/ 6/ 1980، وتم نقله إلى شركة مياه الشرب والصرف
الصحي بالبحيرة بتاريخ 1/ 12/ 2007، واستمر في العمل بتلك الشركة حتى إحالته إلى
المعاش في 1/ 2/ 2017. وكان له رصيد إجازات اعتيادية غير مستنفدة. وإذ لم تؤد له
الشركة المدعية المقابل النقدي لرصيد الإجازات عن مدة عمله بالجهتين المشار
إليهما؛ فقد أقام دعواه توصلًا للقضاء بطلباته المتقدمة. وبجلسة 30/ 7/ 2017، قضت
المحكمة بإلزام الشركة المدعية بأن تؤدي إليه مبلغ (149609,37) جنيهات. لم يلق هذا
القضاء قبولًا لدى الشركة؛ فأقامت أمام محكمة استئناف الإسكندرية مأمورية دمنهور
الاستئناف رقم 1839 لسنة 73 قضائية، وبجلسة 24/ 3/ 2020، حكمت المحكمة بإلغاء
الحكم المستأنف، فيما قضى به من إلزام الشركة المستأنفة، بأداء المقابل النقدي عن
رصيد إجازات المستأنف ضده لدى الوحدة المحلية، والقضاء مجددًا بعدم اختصاص المحكمة
ولائيًّا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بدمنهور، ورفض الدعوى
المبتدأة في شأن طلب مقابل رصيد الإجازات عن فترة عمله لدى الشركة المستأنفة؛
تأسيسًا على أن المدعى عليه الأول خلال مدة عمله بالوحدة المحلية بمركز ومدينة
دمنهور كان يدخل في عداد الموظفين العموميين؛ ومن ثم فإن المنازعة حول أحقيته في
المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية عن هذه المدة تُعدُّ منازعة إدارية،
ينعقد الاختصاص بالفصل فيها إلى جهة القضاء الإداري. ونفاذًا للقضاء المتقدم أحيلت
الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالبحيرة، وقيدت أمامها برقم 9366 لسنة 20
قضائية، وبجلسة 19/ 8/ 2021، قضت المحكمة بأحقية المدعي في صرف المقابل النقدي
لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها عن فترة عمله بالوحدة المحلية على نحو
ما ورد بأسباب ذلك الحكم. وإذ ارتأت الشركة أن ثمة تناقضًا بين ما تضمنه حكم جهة
القضاء العادي من عدم التزامها بالمقابل النقدي لرصيد إجازات المدعى عليه الأول
الاعتيادية عن مدة عمله بالوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور، وما تضمنه الحكم
الصادر من محكمة القضاء الإداري، من إلزامها بأداء هذا المقابل له؛ فقد أقامت
دعواها المعروضة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول طلب الفصل في
النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقًا للبند ثالثًا من المادة
(25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا
من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها،
وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد، وحسما موضوع النزاع في جوانبه كلها أو بعضها،
وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا. فإذا كانا غير متحدين محلًّا أو مختلفين
نطاقًا، فلا تناقض، وكذلك الأمر كلما كان التعارض بينهما ظاهريًّا لا يتعمق الحقائق
القانونية، أو كان مما تزول الشبهة فيه من خلال التوفيق بين دلالة ما رميا إليه،
بما يجعل تنفيذهما معًا ممكنًا، لينتفي بذلك مناط قيام التناقض بينهما.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطلب الذي يرفع إليها للفصل
في مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، أو في
النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتي قضاء، ليس
طريقًا من طرق الطعن في الأحكام القضائية، كما أن المحكمة الدستورية العليا - وهي
بصدد الفصل في تنازع الاختصاص أو في النزاع حول تنفيذ الأحكام المتناقضة - لا
تعتبر جهة طعن في هذه الأحكام، ولا تمتد ولايتها بالتالي إلى بحث مطابقة تلك
الأحكام للقانون أو تصحيحها، بل يقتصر بحثها على تحديد أي الجهات القضائية
المتنازعة هي المختصة بالفصل في النزاع، أو أي الحكمين المتناقضين صدر من الجهة
التي لها ولاية الحكم في النزاع فيكون أولى بالتنفيذ.
وحيث إن النزاع الموضوعي - في شق منه - الذي عُرض على كل من جهتي
القضاء العادي والإداري، إنما ينصب على أحقية المدعى عليه الأول في صرف المقابل
النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال مدة خدمته بالوحدة المحلية
لمركز ومدينة دمنهور، والذي قضت في شأنه محكمة استئناف الإسكندرية مأمورية دمنهور
بعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى في هذا الشق منها، وإحالتها إلى محكمة
القضاء الإداري بدمنهور، على حين انتهت المحكمة المحال إليها إلى أحقية المدعى
عليه الأول في هذا المقابل، مما ينطوي عليه هذا القضاء - لزومًا - من اختصاص جهة
القضاء الإداري بنظر الشق المحال إليها من النزاع الموضوعي، الأمر الذي يكون معه
منطوق الحكمين قد التزما قضاءً واحدًا في شأن اختصاص جهة القضاء الإداري بالفصل في
الشق المحال من النزاع السالف ذكره، مما يغدو معه ما ارتأته الشركة المدعية من
تناقض الحكمين المار ذكرهما لا سند له. ولا ينال من ذلك ما استطرد إليه حكم جهة
القضاء العادي من تقريرات في شأن عدم التزام الشركة المدعية بتعويض المدعى عليه عن
المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية، خلال فترة عمله بالوحدة المحلية لمركز
ومدينة دمنهور؛ إذ إنها ليست أسبابًا لازمة أو مكملة للقضاء بعدم الاختصاص
ولائيًّا بنظر الدعوى في شقها السالف البيان؛ ومن ثم لا تثبت لتلك الأسباب حجية
الشيء المحكوم فيه، بما مؤداه أن يكون التناقض المدعى به بين الحكمين في نطاق
أسبابهما متهافتًا، لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، وينحل في حقيقته إلى
طعن في الحكم الصادر من جهة القضاء الإداري، مما لزامه أن تكون الدعوى المعروضة
قمينة بعدم القبول.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه، فقد
استقر قضاء هذه المحكمة على أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين أو كليهما
فرع من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى عدم
قبول الدعوى؛ فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاصه المقرر بنص المادة
(32) من قانون هذه المحكمة المار ذكره، يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق