جلسة 16 من مارس سنة 1977
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، وصلاح نصار، وأحمد وهدان.
-----------------
(127)
الطعن رقم 517 لسنة 43 القضائية
(1) إعلان.
إعلان أفراد القوات المسلحة. وجوب تسليم الصورة للإدارة القضائية المختصة.
(2) إعلان. بطلان. نظام عام.
بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب فى الإعلان. نسبى. زواله بالنزول عنه صراحة أو ضمنا. عدم جواز الرجوع فى التنازل.
(3) إعلان. أهلية. دفوع. بطلان.
الدفع ببطلان الإجراءات أمام محكمة أول درجة لنقص فى أهلية أحد الخصوم. دفع شكلى. عدم التمسك به فى صحيفة الاستئناف. أثره. سقوط الحق فى إبدائه. علة ذلك.
(4) حكم "ما لا يعد قصورا".
إغفال الحكم الرد على دفاع لا يتغير به وجه الرأى فى الدعوى. لا قصور.
(5) محررات. موظف عام. تزوير. إثبات.
المحررات الرسمية البيانات التى قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره مجال إنكارها الطعن بالتزوير البيانات التى يدونها تحت مسئولية ذوى الشأن للغير إثبات ما يخالفها بكافة الطرق.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 553 لسنة 1969 ابتداء أمام محكمة الدقى الجزئية ضد الطاعنين بطلب الحكم بطردهم من الشقة المبينة بالصحيفة وبتسليمها له، وقال بيانا لدعواه أن الطاعن الثالث كان يستأجر منه شقة بالعقار رقم....... وإذ فوجئ بباقى الطاعنين يعرضون عليه الأجرة بدعوى أنهم يستأجرونها منه، مع أنه لا تربطهم به أية صلة، ويعتبر وضع يدهم بدون سند قانونى، فقد أقام دعواه وحكمت المحكمة فى 21/ 4/ 1970 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون الأول والثانية والرابعة والخامسة أنهم يقيمون مع الطاعن الثالث إقامه دائمة بشقة النزاع وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 3/ 11/ 1970 بإحالة الدعوى إلى محكمة الجيزة الإبتدائية حيث قيدت برقم 3371 لسنة 1970 مدنى. وبتاريخ 7/ 1/ 1971 حكمت المحكمة الإبتدائية باخلاء الطاعنين من الشقة موضوع النزاع. استأنف الطاعنون هذا الحكم طالبين إلغاءه وقيد أستئنافهم برقم 778 لسنة 88 ق القاهرة وبتاريخ 25/ 3/ 1973 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان يقولون إن الطاعن الأول من أفراد القوات المسلحة وكان يتعين أن تسلم الإعلانات الموجهة إليه بواسطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية المختصة عملا بالمادة 13/ 6 من قانون المرافعات، وقد تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان إعلانه فى منزله، إلا أن الحكم رفض هذا الدفع قولا منه أنه أعلن مخاطبا مع شقيقته وأنها لم تعترض مع أن عدم اعتراضها لا يصحح البطلان، وأضاف الحكم أنه مثل أمام محكمة الدقى الجزئية بوكيل عنه ولم يثر هذا الدفع، فى حين أنه لم يحضر أمام هذه المحكمة لا بنفسه لا بوكيل عنه، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه وإن كان مفاد المادة 13/ 6 من قانون المرافعات أن إعلان أفراد القوات المسلحة ومن فى حكمهم يكون باستلام الإدارة القضائية المختصة صورة الإعلان بواسطة النيابة العامة، إلا أنه لما كان بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب فى الإعلان هو بطلان نسبى مقرر لمصلحة من شرع لحمايته وليس متعلقا بالنظام العام على ما يستفاد من نص المادتين 108، 114 من ذات القانون، فإنه لا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها، وإنما يجب على الخصم الذى تقرر البطلان لمصلحته أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع، ويجوز له أن ينزل عنه صراحة أو ضمنا، وفى هذه الحالة يزول البطلان طبقا لنص المادة 22 من القانون نفسه، ولا يجوز لمن نزل عن البطلان أن يعود إلى التمسك به لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض الدفع ببطلان الإعلان على أن الطاعن الأول مثل أمام محكمة الدقى الجزئية بوكيل عنه، وكان ما يزعمه الطاعن من عدم حضوره قول مرسل لم يقدم دليلا عليه وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائى أن طرفى الدعوى قدما مذكرات شارحة لوجهة نظرهم بعد إتمام التحقيق وبعد إحالة الدعوى إلى المحكمة الإبتدائية فإن ذلك كاف للقول بنزول الطاعن الأول ضمنا عن التمسك ببطلان إعلانه، ولا يجوز له العودة للتمسك به أمام محكمة الاستئناف. وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يعيبه ما أورده بشأن التعويل على قبول شقيقة الطاعن الأول الإعلانات الموجهة إليه دون اعتراض لأنه يعد استطرادا زائدا عن حاجة الدعوى ويستقيم الحكم بدونه، ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثانى والثالث على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقولون إن الطاعنة الثانية تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن الطاعنتين الرابعة والخامسة خوصمتا أمام محكمة أول درجة بصفتهما الشخصية مع أنهما كانتا قاصرتين عند ذلك، وقد صدر الحكم عليهما باطلا بهذه الصفة دون اختصام الطاعنة الثانية الوصية عليهما، وإذ أغفل الحكم الرد على هذا الدفاع فإنه يكون مشوبا بالقصور.
وحيث إن النعى مردود، أنه لما كان مؤدى المادة 108 من قانون المرافعات إنه إذا وقع التكليف بالحضور فى الخصومة أمام محكمة أول درجة باطلا، ولم يصحح البطلان لسبب أو لآخر بحيث انتقل إلى الحكم، وقام المحكوم عليه بالطعن فيه فإن حق الطاعن يسقط فى الدفع ببطلان التكليف وكذلك سائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات إذا لم يبده فى صحيفة الطعن، وكان الدفع ببطلان الإجراءات المبنى على نقص أهلية أحد الخصوم فى الدعوى هو من الدفوع الشكلية المتعلقة بالإجراءات وليس من الدفوع الموضوعية، باعتباره وسيلة موجهة إلى الخصومة أو إلى بعض اجراءاتها دون التعرض لذات الحق المدعى به أو المنازعة فيه، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة الثانية شاركت فى رفع الاستئناف بوصفها وصية على ابنتيها الطاعنتين الرابعة والخامسة، وكانت لم تقدم صورة رسمية من صحيفة الاستئناف كما خلت مدونات الحكم المطعون فيه مما يشير إلى تضمن الصحيفة التمسك بالبطلان المدعى، فإن الإشارة فى المذكرة الشارحة المقدمة أمام محكمة الاستئناف لا يحول دون سقوط الحق فى التمسك بالبطلان أيا كان وجه الرأى فيه، لما كان ما تقدم وكان لا يعيب الحكم بالقصور التفاته عن الرد على هذا الدفع طالما لا يشكل دفاعا جوهريا مما يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فيما لو تعرض له الحكم فإن النعى يكون غير وارد.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الإستدلال، وفى بيان ذلك يقولون أهم قدموا لمحكمة الموضوع مستندات رسمية يتضح منها أن الطاعن الثالث كان يقيم معه باقى الطاعنين إقامة دائمة بشقة النزاع منذ أن أستأجرها وظلوا كذلك حتى تركها إلا أن الحكم المطعون فيه طرح هذه المستندات بقوله إنها من عمل الطاعنين وحدهم وأن الطاعن الأول قد أدخل تليفونا بالشقة باسمه بسهولة حصوله عليه بحكم وظيفته مع أن هذا الاستنتاج خاطئ لأن مبناه الظن لا اليقين، وإذ كانت تلك المستندات تثبت إقامتهم بالشقه فإن حكم الإحالة إلى التحقيق لم يكن له محل لأنه لا يجوز إثبات عكس ما جاء بالكتابة بغير الكتابة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ذاته يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن النص فى الماده 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - المقابلة للمادة 391 من القانون المدنى - على أن المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا. يدل على أن حجية الورقة الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره، وهى البيانات التى لا يجوز انكارها إلا عن طرق الطعن بالتزوير، أما البيانات الأخرى التى يدلى بها ذوو الشأن إلى الموظف فيقوم بتدوينها تحت مسئوليتهم فيجوز إثبات ما يخالفها بكافة طرق الإثبات. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد، ومن حيث إنه بالنسبة لتلك المستندات فكلها ليست حجة من المستأنف عليه - المطعون عليه - ذلك أنها لا تدل دلالة واضحة على قبولها، والشهادة الصادرة من المستشار العسكرى عن محل إقامة المستأنف ...... - الطاعن الأول - فهى حسب ادلائه عن محل إقامته وكذلك بالنسبة للبنك وعقد التليفون، وباقى المستندات فهى من عملهم وحدهم دون أن يكون للمستأنف عليه دخل فيها وخاصة إذا كان المستأجر وهو...... المستأجر الأصلى الأخ - المطعون عليه الثالث - ولى أمر هؤلاء جميعا حسب أقواله فمما لا شك فيه أن تكون كل الاتصالات عنده فالتليفون فى منزله هو، وقد طلبه النقيب المهندس......... باسمه كما هو معلوم لسهولة حصوله عليه بحكم وظيفته. وكان المطعون عليه ليس طرفا فى المستندات محل النعى، وكانت هذه البيانات فيما تتعلق بإقرارات ذوى الشأن ولا تتضمن تصرفات قانونية له صلة بها، فإنه يعتبر من الغير بالنسبة لها ويكون له إثبات عكس ما ورد بها ولا وجه بهذه المثابة للتحدى بقاعدة عدم جواز الإثبات بالبينه فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابى، ويكون الحكم لم يخطئ فى تطبيق القانون. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه ركن فى انتفاء المساكنة بين الطاعن الثالث وباقى الطاعنين إلى تحقيقات المحضر رقم 697 لسنة 1969 إدارى العجوزه واطرح أقوال شهود الطاعنين وأيد الحكم الابتدائى فى اطمئنانه لشهود المطعون عليه، وكانت تلك القوانين والأدلة التى اعتد بها الحكم المطعون فيه سائغة وتؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها لحل قضائه وكان لا شأن لمحكمة النقض لما يستنبطه قاضى الموضوع من القرائن فى الدعوى متى كان استخلاصه سائغا، وكان لمحكمة الموضوع وهى تباشر سلطتها فى تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضائها على أسباب سائغة كافية لحمله، فإن ما يثيره الطاعنون بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فى تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التى أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعى بالفساد فى الاستدلال على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق