الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2022

الطعن 1334 لسنة 46 ق جلسة 28 / 3 / 1977 مكتب فني 28 ق 88 ص 421

جلسة 28 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إسماعيل حفيظ، ومحمد صفوت، وسيد شرعان، ومحمد علي بليغ.

---------------

(88)

الطعن 1334 لسنة 46 ق

(1) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". بناء . هدم . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

أخذ المحكمة بأدلة الثبوت كفايته رداً على دفع المتهم بنفي التهمة.

(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". إثبات " خبرة" . هدم . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

كفاية إيراد مؤدي تقرير الخبير الذي استند إليه الحكم في قضائه إيراد نص تقرير الخبير ليس بلازم .

(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". إثبات " خبرة" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

تقدير آراء الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع

(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". إثبات "بوجه عام" " خبرة" . بناء . تنظيم . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة .

(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". دفوع " الدفع بوقف الدعوى إلى حين الفصل في مسألة فرعية " . مسئولية جنائية . اختصاص " اختصاص ولائي".

حرمان المحاكم الجنائية من تأويل الأمر الإداري أو وقف تنفيذه . ظهور مسألة من اختصاص القضاء الإداري يتوقف الفصل في الدعوى على الفصل فيها . وجوب وقف الدعوى لحين الفصل في المسألة الفرعية عدم الاعتداد بالدفع بوقف الدعوى اذا كان ظاهر البطلان .

(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". إثبات " اعتراف ". إجراءات " إجراءات التحقيق".

للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو كان واردا بمحضر الشرطة أو في تحقيق إداري متي اطمأنت إلى صدقه ولو عدل عنه في مراحل أخرى .

-----------------

1 - إن ما ينعاه الطاعن من التفات الحكم المطعون فيه عن دلالة دفاعه الذي تمسك به من أنه لم يقم بالبناء أو الهدم, مردود بما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ولأن المحكمة لا تلتزم بأن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع عن المتهم كما أن استناد الحكم المطعون فيه إلى أدلة الإدانة التي أوردها يتضمن إطراحه لدفاع المتهم على نفي التهمة. ولما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الخبير المنتدب في الدعوى في بيان كاف على نحو ما تقدم, وأبرز ما جاء به من أنه ثبت من المعاينة التي أجراها الخبير ومن كتاب الإدارة الهندسية لحي شرق القاهرة أن العقار موضوع الاتهام يدخل جميعه ضمن توسيع الشارع وخط التنظيم وأن المباني التي قام الطاعن بهدمها هي غير المباني التي تولت البلدية هدمها, فإن ما نعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون التقرير لا يكون له محل.

2 - لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه. كما أنه لا محل لما أثاره الطاعن من أن الهدم المنسوب إليه قامت به إدارة الإسكان والمرافق بمراقبة شرق القاهرة حيث فرق الخبير في تقريره الذي اعتمد عليه الحكم في قضائه بين الهدم السابق الذي أجراه الطاعن للبناء القديم, والهدم التالي الذي أجرته إدارة الإسكان والمرافق بعد إقامة الطاعن البناء الجديد.

3 - الأمر في تقدير آراء الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع, إذ هو متعلق بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ولا معقب عليها فيه. وأن أخذ المحكمة بتقرير الخبير واطمئنانها إليه مفاده أن ما وجه إليه من مطاعن لا يستند إلى أساس فلا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.

4 - إن ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم المطعون فيه من تعويله على تقرير الخبير في أن العقار موضوع الاتهام يقع جميعه داخل خط التنظيم في حين أن المستندات التي قدمها الطاعن تفيد أن البناء كان قائما قبل صدور قرار التنظيم لا يكون له محل لما سلف, ولما هو مقرر أيضاً من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعه وإذ كان من المقرر أن أعمال البناء والتعلية والتدعيم محظورة من وقت اعتماد خط التنظيم في الأجزاء البارزة عنه, وكان الثابت سواء من تقرير الخبير أو من المحضر المحرر بمعرفة مهندس التنظيم أن البناء الذي أقامه الطاعن وقع في الأجزاء البارزة عن خط التنظيم بما تتحقق به أركان الجريمة التي دين بها, فإنه لا تناقض بين ما جاء بتقرير الخبير من ثبوت أن العقار جميعه يدخل ضمن توسيع الشارع وخط التنظيم وبين ما أثبته مهندس التنظيم بمحضره من أن الطاعن أقام البناء في أرض المنفعة العامة, ذلك أن الأرض الداخلة ضمن خط التنظيم لا تخرج عن كونها. أرضاً خصصت للمنفعة العامة.

5 - وفي خصوص ما أثاره الطاعن من عدم استجابة المحكمة إلى طلب وقف الدعوى لحين الفصل في طعنه حول قانونية قرار الهدم من القضاء الإداري فمردود بأنه وإن كان من المقرر أنه ليس للمحاكم الجنائية تأويل الأمر الإداري أو وقف تنفيذه, فإذا عرضت للمحكمة أثناء نظرها الدعوى مسألة من اختصاص القضاء الإداري يتوقف الفصل في الدعوى على الفصل فيها يتعين عليها أن توقف الدعوى حتى يفصل في هذه المسألة من الجهة المختصة إلا أنه من المقرر أيضاً أنه يشترط في الدفع بطلب الإيقاف إلى حين الفصل في مسألة فرعية أن يكون جدياً غير مقصود به مجرد المماطلة والتسويف وأن تكون المسئولية متوقفة على نتيجة الفصل في المسألة المدعى بها, فإذا رأت المحكمة أن المسئولية الجنائية قائمة على كل حال فلا محل للإيقاف. لما كان ذلك, وكان الطاعن فضلاً عن أنه لم يقدم أي دليل للمحكمة على إقامة الطعن المشار إليه أقام القضاء الإداري, فإن البين من مساق دفاعه ودلالة مستنداته أنه يوجه مطعنه في الطعن المذكور إلى قرار الهدم الصادر من السلطة القائمة على أعمال التنظيم بعدم أن أقام الطاعن البناء خارج خط التنظيم مما لا يتعلق بأمر مسئوليته عن أعمال الهدم التي أسندت إليه والسابقة على صدور قرار الهدم المطعون عليه من جانبه أمام القضاء الإداري وهو ما كشف عنه تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وتأيد بأقوال الطاعن لذاته بمحضر الشرطة المؤرخ 28/2/1968 في الدعويين 121, 123 لسنة 1968 جنح مصر الجديدة, هذا بالإضافة إلى أن الطاعن قال بلسان محاميه بالجلسة أن مصير الطعن المقام منه أمام جهة القضاء الإداري كان الرفض مما يدل على عدم جديته وإذ انتهت المحكمة بحكمها المطعون فيه إلى إدانة الطاعن عن التهم المسندة إليه, فإنها تكون قد ارتأت ضمناً عدم وقف سير الدعوى الجنائية لاستصدار حكم من جهة القضاء الإداري ملتزمة تطبيق الحكم القانوني الصحيح ويكون تعييب بقالة الخطأ في تطبيق القانون لا سند له. وإذ كان ما تقدم فإن الدفع الذي أبداه المدافع عن الطاعن بوجوب وقف الدعوى يكون دفعاً ظاهر البطلان فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه.

6 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو كان وارداً بمحضر الشرطة أو في تحقيق إداري متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى دون بيان السبب, فإن ما ذهب إليه الطاعن من تعييب الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون سديداً.

-------------

الوقائع

أقامت النيابة العامة الدعوى على الطاعن بوصف أنه في يوم 3 فبراير سنة 1968 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: (1) أقام بناء قبل الحصول على ترخيص. (2) أجرى أعمال البناء في الأجزاء البارزة خطوط التنظيم. وطلبت عقابه بنصوص القانون رقم 45 لسنة 1962 ولائحته التنفيذية. وبجلسة أول مايو سنة 1968 قضت محكمة مصر الجديدة الجزئية غيابيا بتغريم المتهم خمسمائة قرش وضعف رسم الترخيص عن الجريمة الأولى وتصحيح الأعمال المخالفة عن الجريمة الثانية. استأنف المحكوم عليه هذا الحكم. كما أقامت النيابة العامة الدعوى رقم 123 لسنة 1968 على الطاعن بوصف أنه (أولا) هدم بناء بدون ترخيص (ثانيا) هدم بناء بدون موافقة اللجنة المختصة. وطلبت عقابه بنصوص القانونين 45 لسنة 1962 و178 لسنة 1961 وبجلسة 29 مايو سنة 1968 قضت محكمة جنح مصر الجديدة غيابيا بتغريم المتهم خمسة جنيهات وضعف رسوم الترخيص عن الجريمة الأولى وغرامة تعادل ثلاثة أمثال قيمة المبنى المهدوم وتبلغ 150ج عن الجريمة الثانية. عارض المحكوم عليه في هذا الحكم وقضي في معارضته بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. واستأنفت النيابة العامة الحكم الغيابي. وبجلسة 28 أبريل سنة 1969 قضت محكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) في استئناف النيابة بعدم قبول الاستئناف شكلا للتقرير به بعد الميعاد وبجلستي 23 يناير سنة 1969 و13 مايو سنة 1971 قررت المحكمة الاستئنافية ضم الاستئنافين رقمي 4662 لسنة 1968 و2193 لسنة 1969 إلى الاستئناف رقم 3382 لسنة 1968 ثم قضت في الاستئنافات الثلاثة بحكمها المطعون فيه بجلسة 13 مايو سنة 1971 (أولا) في الاستئناف رقم 5382 لسنة 1968 برفضه وتأييد الحكم المستأنف (ثانيا) في الاستئنافين رقمي 4662 لسنة 1968 و2193 لسنة 1969 بإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف إلى تغريم المتهم خمسمائة قرش وضعف رسم الترخيص عن التهمة الأولى وإزالة الأعمال المخالفة عن التهمة الثانية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتحكم فيهم من جديد (هيئة استئنافية أخرى) قضت محكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) للمرة الثانية في موضوع الاستئنافات الثلاثة بإلغاء جميع الأحكام المستأنفة وتغريم المتهم 500 قرش وإلزامه بضعف الرسم المستحق عن الترخيص عن التهمة الأولى في جميع الدعاوى وبتصحيح الأعمال المخالفة عن التهمة الثانية في الجنحة رقم 121 لسنة 1968 بلدية مصر الجديدة وبتغريمه 150ج المعادل لثلاثة أمثال قيمة المبنى المهدوم عن التهمة الثانية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض لثاني مرة ... إلخ.

--------------

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إقامة بناء قبل الحصول على ترخيص وفي أجزاء بارزة عن خط التنظيم وهدم بناء بدون ترخيص ودون موافقة اللجنة المختصة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن تمسك بجلسة المدافعة الأخيرة التي حجزت فيها الدعوى للحكم بدفاعه الثابت بمذكرته السابق تقديمها إلى محكمة ثاني درجة القائم على أن البناء موضوع الاتهام كان قائما من قبل صدور القرار لا لمحدد لخط التنظيم وأنه لم يحدث به هدما أو يضاف إليه جديدا بل إن إدارة الإسكان والمرافق بمراقبة شرق القاهرة هي التي قامت بهدم البناء المذكور نفاذا لقرار مطعون عليه أمام القضاء الإداري مما اضطره إلى اللجوء إلى القضاء المستعجل طالبا بوقف أعمال الهدم الجارية من قبل المراقبة المذكورة وقد أجابته محكمة أول درجة إلى طلباته وأيد قضاؤها استئنافيا، كما أنه تحصل على حكم مستعجل بطرد مستأجر العقار موضوع الدعوى لتأخره في سداد الأجرة نفذ على يد محضر من قبل صدور قرار خط التنظيم، وقدم للمحكمة صورة رسمية من الحكمين الصادرين في القضاءين المذكورين، ورغم جوهرية هذا الدفاع الذي ساقه الطاعن، فإن الحكم لم يعن بإيراده أو الرد عليه واكتفى في التعويل في قضائه على ما جاء بتقرير الخبير من أنه ثبت من معاينة العقار أنه يدخل جميعه ضمن خط التنظيم دون أن يبين مضمون هذا التقرير في بيان واضح أو يورد الأدلة التي قام عليها ورغم تناقضه مع الثابت من المستندات الرسمية التي قدمها ومع ما أورده الحكم في مدوناته حين عرض ولوقائع الدعوى رقم 532 لسنة 1968 جنح مصر الجديدة من أن مهندس التنظيم أثبت في محضره أن الطاعن أقام البناء بدون ترخيص في أرض للمنفعة العامة مما يتناقض مع كون العقار مملوك به وأنه برز به عن خط التنظيم. كما عول الحكم في قضائه على خطاب للإدارة الهندسية في شرق القاهرة دون تبيان فحواه، ولم يستجب إلى طلب وقف الدعوى لحين الفصل من جهة القضاء الإداري في قانونية قرار الهدم هذا فضلا عن أن الحكم عول في الإدانة على الاعتراف المعزو للطاعن في خصوص ما نسب إليه بمحضري الضبط المؤرخين 3/2/1968، 8/8/1968 رغم أنه ليس قاطعا في اقترافه الجريمة ورغم أن الحكم أثبت ارتكاب الطاعن ما نسب إليه بمحضر الضبط المؤرخ 15/9/1968 وكان هذا مسلكه في محاضر الضبط الأخرى وأمام المحكمة الاستئنافية دون أن تتبين المحكمة في حكمها سبب إطراحها لعدول المتهم عن الاعتراف المذكور، كل ذلك فيما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن تبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة مما أثبته مهندس التنظيم بمحاضره المؤرخة 3، 8 فبراير سنة 1968 و8 أغسطس سنة 1968 في الدعاوى أرقام 121 و123 و532 لسنة 1968 جنح مصر الجديدة المضمومة ومن إقرار الطاعن بارتكابه جريمتي الهدم والبناء موضوع الاتهام في الدعويين الأولى والثانية لدى سؤاله بمحضر الشرطة بتاريخ 28/2/1968 ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولها معينها الصحيح من الأوراق عرض لتقرير الخبير بقالة: وقام الخبير المنتدب بمباشرة مأموريته وقدم تقريره الذي جاء بنتيجته أنه قام بمعاينة العقار محل الاتهام وقد ثبت أن العقار جميعه داخل ضمن توسيع شارع جسر السويس وأخذ التنظيم حسب الثابت بخطاب الإدارة الهندسية لحي شرق القاهرة وقام بتقدير قيمة المباني التي قام المتهم بهدمها بمبلغ 50 جنيها مراعيا في هذا إحالتها وهي خلاف المباني التي قامت البلدية بهدمها وتخريبها حيث أنها أنشئت خارج خط التنظيم، لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن من التفات الحكم المطعون فيه عن دلالة دفاعه الذي تمسك به من أنه لم يقم بالبناء أو الهدم، مردود بما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد مستفادا ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، ولأن المحكمة لا تلتزم بأن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع عن المتهم كما أن استناد الحكم المطعون فيه إلى أدلة الإدانة التي أوردها يتضمن إطراحه لدفاع المتهم على نفي التهمة. ولما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الخبير المنتدب في الدعوى في بيان كاف على نحو ما تقدم، وأبرز ما جاء به من أنه ثبت من المعاينة التي أجراها الخبير ومن كتاب الإدارة الهندسية لحي شرق القاهرة أن العقار موضوع الاتهام يدخل جميعه ضمن توسيع الشارع وخط التنظيم وأن المباني التي قام الطاعن بهدمها هي غير المباني التي تولت البلدية هدمها فإن ما نعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون التقرير لا يكون له محل، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه، كما أنه لا محل لما أثاره الطاعن من أن الهدم المنسوب إليه قامت به إدارة الإسكان والمرافق بمراقبة شرق القاهرة حيث فرق الخبير في تقريره الذي اعتمد عليه الحكم في قضائه بين الهدم السابق الذي أجراه الطاعن للبناء الجديد. وإذ كان من المقرر أن الأمر في تقدير آراء الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع، إذ هو متعلق بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ولا معقب عليها فيه، وأن أخذ المحكمة بتقرير الخبير واطمئنانها إليه مفاده أن ما وجه إليه من مطاعن لا يستند إلى أساس، فلا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن من تعييب للحكم المطعون فيه من تعويله على تقرير الخبير في أن العقار موضوع الاتهام يقع جميعه داخل خط التنظيم في حين أن المستندات التي قدمها الطاعن تفيد أن البناء كان قائما قبل صدور قرار التنظيم لا يكون له محل لما سلف، ولما هو مقرر أيضا من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها بما يحتمل قضاءها وهو ما يفيد ضمنا أنها لم تأخذ بدفاعه وإذ كان من المقرر أن أعمال البناء والتعلية والتدعيم محظورة من وقت اعتماد خط التنظيم في الأجزاء البارزة عنه، وكان الثابت سواء من تقرير الخبير أو من المحضر المحرر بمعرفة مهندس التنظيم أن البناء الذي أقامه الطاعن وقع في الأجزاء البارزة عن خط التنظيم بما تتحقق به أركان الجريمة التي دين بها، فإنه لا تناقض بين ما جاء بتقرير الخبير من ثبوت أن العقار جميعه يدخل ضمن توسيع الشارع وخط التنظيم وبين ما أثبته مهندس التنظيم بمحضره من أن الطاعن أقام البناء في أرض المنفعة العامة، ذلك أن الأرض الداخلة ضمن خط التنظيم لا تخرج عن كونها أرضا خصصت للمنفعة العامة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد أما ما رمى به الطاعن الحكم من قصوره في تبيان فحوى خطاب الإدارة الهندسية لحي شرق القاهرة فمردود بأن مفاد ما أورده الحكم من هذا الخطاب أنه أثبت أن العقار جميعه يدخل ضمن توسيع الشارع وخط التنظيم متفقا مع هذا مع ما كشفت عنه المعاينة التي أجراها الخبير، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس أما في خصوص ما أثاره الطاعن من عدم استجابة المحكمة إلى طلب وقف الدعوى لحين الفصل في طعنه حول قانونية قرار الهدم من القضاء الإداري فمردود بأنه وإن كان من المقرر أنه ليس للمحاكم الجنائية تأويل الأمر الإداري أو وقف تنفيذه، فإذا عرضت للمحكمة أثناء نظرها الدعوى مسألة من اختصاص القضاء الإداري يتوقف الفصل في الدعوى على الفصل فيها يتعين عليها أن توقف الدعوى حتى يفصل في هذه المسألة من الجهة المختصة إلا أنه من المقرر أيضا أنه يشترط في الدفع بطلب الإيقاف إلى حين الفصل في مسألة فرعية أن يكون جديا غير مقصود به مجرد المماطلة والتسويف وأن يكون المسئولية لتوقفه على نتيجة الفصل في المسألة المدعى بها، فإذا رأت المحكمة أن المسئولية الجنائية قائمة على كل حال فلا محل للإيقاف. لما كان ذلك، وكان الطاعن فضلا عن أنه لم يقدم أي دليل للمحكمة على إقامة الطعن المشار إليه أقام القضاء الإداري، فإن البين من مساق دفاعه ودلالة مستنداته أنه يوجه مطعنه في الطعن المذكور إلى قرار الهدم من السلطة القائمة على أعمال التنظيم بعد أن أقام الطاعن البناء خارج خط التنظيم كما لا يتعلق بأمر مسئوليته عن أعمال البناء والهدم التي أسندت إليه والسابقة على صدور قرار الهدم المطعون عليه من جانبه أمام القضاء الإداري وهو ما كشف عنه تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وتأيد بأقوال الطاعن ذاته بمحضره الشرطة المؤرخ 28/2/1968 في الدعويين 121، 123 لسنة 1968 جنح مصر الجديدة، هذا بالإضافة إلى أن الطاعن قال بلسان محاميه بالجلسة أن مصير الطعن المقام منه أمام جهة القضاء الإداري كان الرفض مما يدل على عدم جديته وإذ انتهت المحكمة بحكمها المطعون فيه إلى إدانة الطاعن عن التهم المسندة إليه، فإنها تكون قد ارتأت ضمنا عدم وقف سير الدعوى الجنائية لاستصدار حكم من جهة القضاء الإداري ملتزمة تطبيق الحكم القانوني الصحيح، ويكون تعييب الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون لا سند له وإذ كان ما تقدم فإن الدفع الذي أبداه المدافع عن الطاعن بوجوب وقف الدعوى يكون دفعا ظاهر البطلان فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيرادا له وردا عليه، ويضحى منعي الطاعن على الحكم في هذا الصدد بالإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو كان واردا بمحضر الشرطة أو في تحقيق إداري متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى دون بيان السبب، فإن ما ذهب إليه الطاعن من تعييب الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون سديدا لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض مع مصادرة الكفالة عملا بنص المادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق