الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 9 أغسطس 2022

الطعن رقم 86 لسنة 38 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 2 / 7 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني مـن يوليه سنة 2022م، الموافق الثالث من ذي الحجة سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيــم سليــم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 86 لسنة 38 قضائية دستورية، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية بالفيوم، بحكمها الصادر بجلسة 27/ 3/ 2016، ملف الدعوى رقم 5787 لسنة 1 قضائية.
المقامة من
ريهام محمـد محمـد إبراهيم الجزار
ضــد
1 - محافظ الفيــوم
2- مدير عام مديرية التربية والتعليم بالفيوم
3- وزير التربية والتعليم

----------------

" الإجـراءات "
بتاريخ الرابع من يوليو سنة 2016، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعـوى رقـم 5787 لسنة 1 قضائية، نفاذًا لحكم المحكمة الإدارية بالفيوم الصادر بجلسة 27/ 3/ 2016، الذي قضى بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية، أصليًّــا: قانون الخدمة المدنية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 18 لسنة 2015، ونص المادة (188) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2912 لسنة 2015، واحتياطيًّــا: قرار مجلس النواب رقم 1 لسنة 2016، وذلك كله على النحو المبين بأسباب هذا الحكم.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
----------------

" المحكمـة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعية، في الدعوى الموضوعية، كانت قد أقامت الدعوى رقم 5787 لسنة 1 قضائية، أمام المحكمة الإدارية بالفيوم، طالبة الحكم بأحقيتها فى ضم مدة خدمتها وخبرتها العملية السابقة التي اكتسبتها في مجال التدريس بوظيفة معلمة رياض أطفال خلال الفترة من 20/ 9/ 2003 حتى 22/ 4/ 2015، إلى مدة خدمتها الحالية بالوظيفة ذاتها، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. وذلك على سند من القول إنها كانت تعمل بمديرية التربية والتعليم بالفيوم خلال الفترة المشار إليها، بموجب عقد مؤقت، إلى أن تم تعيينها بصفة دائمة وتثبيتها بتاريخ 29/ 3/ 2015، ولكون طبيعة عملها السابق تتفق وطبيعة عملها الحالي، وإثباتها تلك المدة بالاستمارة 103 ع.ح ، فمن ثم يحق لها ضمها - بحسبانها مدة خبرة عملية - إلى مدة خدمتها الحالية، عملاً بأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 وتعديلاته، وقد تقدمت بطلب لجهـة عملها لضـم تلك المدة إلا أنها امتنعت، مما حدا بها إلى إقامة دعواها بالطلبات المبينة سلفًــا. وبجلسة 27/ 3/ 2016، قضت المحكمة بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية، أصليًّــا: قانون الخدمة المدنية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 18 لسنة 2015، وكذا نص المادة (188) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقـم 2912 لسنة 2015، واحتياطيًّــا: قرار مجلس النواب رقم 1 لسنة 2016. وأقامت قضاءها استنادًا إلى أن المشرع أفرد للمعلمين تنظيمًــا قانونيًــا خاصًــا في قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 155 لسنة 2007، وأحال بموجب المادة (70) منه، إلى أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - بحسبانه القانون واجب التطبيق وقت إصدار القانون رقم 155 لسنة 2007 - وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى قانون التعليم، وإذ خلا هذا القانون من تنظيم لأحكام ضم مدة الخبرة السابقة، فمن ثم يرجع في شأنها إلى الشريعة العامة الحاكمة لكافة العاملين المدنيين بالدولة، وإذ كانت المدعية قد عُينت بالجهة الإدارية على درجة دائمة بتاريخ 29/ 3/ 2015، وهو تاريخ لاحق على العمل بأحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 18 لسنة 2015، فمن ثم تكون القواعد القانونية واجبة التطبيق على واقعة التداعي هي الواردة بذلك القرار بقانون، دون أن ينال من ذلك صدور قرار مجلس النواب رقم 1 لسنة 2016 بعدم إقرار القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 المشار إليه، لكونه قد اعتمد نفاذ أحكامه خلال الفترة من 13/ 3/ 2015 حتى 20/ 1/ 2016، وبالتالي يُعد ساريًــا ونافذًا وقت تعيين المدعية، وأشار حكم الإحالة إلى أن القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 قد صدر دون توافر حالة الضرورة الموجبة لإصداره، كما خلا ولائحته التنفيذية، وأيضًا قرار اعتماد نفاذه الصادر من مجلس النواب، من تنظيم لضم مدد الخبرة العملية السابقة للمعلمين المعينين على درجة دائمة وفق قانون التعليم، مما ينطوي على مظنة مخالفة ذلك القرار بقانون، والمادة (188) من لائحته التنفيذية وقرار مجلس النواب، المشار إليهما، لأحكام المواد (4، 9، 12، 14، 22، 53، 94، 101، 139، 156، 224، 227) من الدستور.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة القضائية التي تباشرها تثبيتًــا للشرعية الدستورية، مناطها تلك النصوص القانونية التي أقرتها السلطة التشريعية أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي بينها الدستور، وبالتالي يخرج عن نطاقها إلزام هاتين السلطتين بإقرار قانون أو إصدار قرار بقانون في موضوع معين، إذ إن ذلك مما تستقل بتقديره تلك السلطتان وفقًــا لأحكام الدستور، ولا يجوز بالتالي حملهما على التدخل لإصدار تشريع في زمن محدد أو على نحو معين.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنها لا تزن بنفسها - ومن خلال مناهجها الذاتية - ما إذا كان التنظيم التشريعي المعروض عليها لازمًــا، وما إذا كان إقراره في مناسبة بعينها ملائمًــا، إذ ليس لها إلا أن ترد النصوص التشريعية المطعون عليها لأحكام الدستور؛ ذلك أن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح غايتها التحقق من توافقها مع أحكام الدستور، وإحاطتها بحقوق وحريات المواطنين من كافة جوانبها على الوجه الأوفى، ودون قصور ينال من جوهرها أو إلى بعض عناصرها بما يُعد عدوانًــا عليها وامتهانًــا لها، غير أن تلك الرقابة لا تمتد بحال إلى مجال عمل السلطة التشريعية بتعديل قوانين أقرتها، كما لا شأن لها بالسياسة التشريعية التى ينتهجها المشرع لتنظيم أوضاع معينة.
وحيث إن المشرع في قانون الخدمة المدنية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 18 لسنة 2015 - في إطار تنظيمه للوظيفة العامة - قد سكت عن تنظيم مسألة ضم مدة الخبرة العملية، الذي كانت تتبناه أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، والذي أُلغى بقانون الخدمة المدنية المشار إليه، لما تكشف من سلبيات وإشكاليات عملية أظهرها الواقع العملي، واتساقًــا مع الفلسفة الجديدة في التعيين والترقية وحساب الأقدمية، التي يعتد بها عند الترقي من وظيفة إلى ما يعلوها من وظائف.
وحيث إن ما يطرحه حكم الإحالة، لا يعدو أن يكون تعرضًــا للسياسة التشريعية التي انتهجها المشرع في قانون الخدمة المدنية المشار إليه، واقتحامًــا للأغراض التي توخاها وسعى إلى تحقيقها بالتنظيم الذي تضمنه هذا القانون، باستحداث حكم تشريعي جديد، تتولى اللائحة التنفيذية لهذا القانون تنفيذه في إطار الضوابط الحاكمة لذلك، والمقررة بمقتضى نص المادة (170) من الدستور، وهو ما يجاوز تقريره نطاق الولاية المقررة لهذه المحكمة، ويُعد تدخلاً في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية بالمخالفة لنصي المادتين (101، 170) من الدستور، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن الطلب الاحتياطي بعدم دستورية قرار مجلس النواب رقم 1 لسنة 2016، فقد جرى نص المادة (156) من الدستور على أنه ..... وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًــا من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار.
وحيث إن البين من استصفاء الأحكام التي تضمنها النص الدستوري المار ذكره، أنها توسد لمجلس النواب، فيما لو لم يقر القرارات بقوانين التي أصدرها رئيس الجمهورية - بالضوابط المقـررة لصدورها وعرضهــا ومناقشتها - بدائل ثلاثة، أولها: زوال ما كان للقرارات بقوانين من قوة القانون بأثر رجعى، وثانيها: اعتماد نفاذها في الفترة السابقة على عدم إقرارها، وثالثها: تسوية ما ترتب عليها من آثار.
وحيث إن اختيار مجلس النواب عدم إقرار القرار بقانون، واعتماد نفاذه خلال الفترة السابقة، لا يُعد - في ذاته - عملاً تشريعيًّــا مما يخضع للرقابة القضائية على دستوريته، التي تباشرها هذه المحكمة بمقتضى نص المادة (192) من الدستور، وإنما يُعد عملاً برلمانيًّــا يتولاه مجلس النواب، في نطاق اختصاص محجوز للمجلس بتقدير عدم ملاءمة إقرار التشريع واعتماد نفاذه خلال الفترة السابقة. كون ذلك يمثل جوهر الولاية التشريعية التي اؤتُمِن عليها، بمقتضى نصي المادتين (101، 156) من الدستور، ومن ثم ينحل ذلك القرار إلى أداة برلمانية قائمة بذاتها، تستقل في طبيعتها، وتنفصل في تكييفها، وتنسلخ في قوامها، عن الأحكام الإجرائية والموضوعية التي يتضمنها القرار بقانون ذاته، مما لازمه أن يكون قرار مجلس النواب المشار إليه، بمنأى عن الرقابة القضائية الدستورية، نزولاً على مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها، المنصوص عليه في المادة (5) من الدستور، وذلك كله دون إخلال بولاية المحكمة الدستورية العليا في بسط رقابتها القضائية على دستورية نصوص القرارات بقوانين، التي لم يتم إقرارها، إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة، شريطة أن يكون لها محل من التطبيق على وقائع الدعوى الموضوعية التي اتصلت بهذه المحكمة من خلال الدعوى الدستورية المعروضة عليها.
إذ كان ما تقدم، وكان حكم الإحالة قد أورد في منطوقه والأسباب المرتبطة به ارتباطًــا لا يقبل التجزئة، ما ارتآه - احتياطيًّــا - من لزوم الفصل في دستورية قرار مجلس النواب رقم (1) لسنة 2016 من اعتماد نفاذ قرار رئيس الجمهورية بقانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 في الفترة من 13/ 3/ 2015 حتى 20/ 1/ 2016، وذلك فيما لم يتضمنه من النص على حق المعلمين المعينين على درجة دائمة وفق قانون التعليم في ضم مدد خبرتهم العملية السابقة إلى مدة خدمتهم الحالية، وكان هذا القرار لا يُعد - على ما سلف بيانه - تشريعًــا بالمعنى الموضوعي، فإن الفصل في دستوريته يخرج عن ولاية هذه المحكمة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق