باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أغسطس سنة 2022م،
الموافق الثامن من محرم سنة 1444 هـ.
أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 64 لسنة 41
قضائية منازعة تنفيذ.
المقامة من
محمد خالد فاضل محمد
ضد
1- وزيــر العدل
2- النائب العــام
3- رئيس هيئة القضـــاء العسكــري
4- وزير الدفاع
5- المدعى العــام العسكري
6- رئيس المحكمة العسكرية للجنايات بالإسكندرية
7- رئيس جهاز المخابرات العامة
--------------
" الإجراءات "
بتاريخ السادس والعشرين من نوفمبر سنة 2019، أودع المدعي صحيفة هــذه
الدعوى قلــم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًـــا الحكم بعدم الاعتداد
بالحكم الصادر في الدعوى رقم 114 لسنة 2016 جنايات عسكرية الإسكندرية، وذلك
لتعارضه مع الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا في الدعويين رقمي 34، 35
لسنة 38 قضائية تنازع، والاستمرار فى تنفيذ هذين الحكمين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
--------------
" المحكمـة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن النيابة العسكرية أسندت للمدعي، وآخرين، في الدعوى رقم 114 لسنة 2016 جنايات
عسكرية الإسكندرية، أنهم بتاريخ 23/ 11/ 2012:
1- قبضوا وآخرين مجهولين على المجني عليه، ......، الضابط بالمخابرات
العامة، دون صدور أمر من أحد الحكام المختصين بذلك، بأن ألقوا القبض عليه أثناء
عمله الميداني، واقتياده عنوة، إلى داخل المقر الإداري لجماعة الإخوان المسلمين،
الكائن بالعقار المسمى برج الملتقى بمنطقة سموحة، وقاموا باحتجاز المجني عليه
بداخله، وتعذيبه تعذيبًــا بدنيًّــا، وأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب
الشرعي المرفق بالأوراق، على النحو الوارد تفصيلاً بالأوراق.
2- استعملوا وآخرين مجهولين القوة والعنف والتهديد مع موظف عام، هو
.....، الضابط بالمخابرات العامة، أثناء عمله الميداني، بأن ألقوا القبض عليه،
واقتياده عنوة إلى داخل المقر الإداري لجماعة الإخوان المسلمين الكائن بالعقار
المسمى برج الملتقى بمنطقة سموحة، وتعدوا عليه بالضرب مستخدمين في ذلك أسلحة
بيضاء، وأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالأوراق، لحمله
بغير حق على الامتناع عن عمله المكلف به، وقد بلغوا بذلك مقصدهم، على النحو الوارد
تفصيلاً بالأوراق.
3- سرقوا وآخريــن مجهولين الأشياء المبينة بمحاضـر التحقيقــات،
والمملوكة للسيد/ .......، الضابط بالمخابرات العامة، وكان ذلك بالطريق العام داخل
مدينة الإسكندرية وبطريق الإكراه، بأن قاموا بالتعدي عليه بالضرب بالكيفية
الموصوفة بالاتهام الأول مستخدمين أسلحة بيضاء واختلسوا المنقولات من مكان تواجدها
بنية تملكها، على النحو الوارد تفصيلاً بالأوراق.
4- أتلفوا وآخرين مجهولين عمدًا بعض أجزاء السيارة ماركة جيب شيروكى رقم
(ف.ب.ق 659) والمملوكة لجهاز المخابرات العامة، والمسلمة للسيد/ .....، بسبب
وظيفته، بأن قاموا بإحداث التلفيات بها مستخدمين في ذلك أسلحة بيضاء، وقد ترتب على
ذلك ضرر مادي تزيد قيمته عن خمسين جنيهًــا، وذلك على النحو الوارد تفصيلاً
بالأوراق.
5- حازوا وأحرزوا بغير ترخيص أدوات، مما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص
(عصي خشبية ومواسير مياه، وزجاجات مياه غازية فارغة) دون أن يوجد لحمله مسوغ من
الضرورة الشخصية أو الحرفية، على النحو الوارد تفصيلاً بالأوراق.
وطلبت النيابة العسكرية عقابهم بالمواد (137 مكررًا أ، 2/ 1/ 280،
282، 315 ثانيًــا، 361/ 1، 2) من قانون العقوبات، والمــادة (70/ ب) من القانون
رقم 100 لسنة 1971 بشأن المخابرات العامة، والمواد (1/ 1، 25 مكرر/ 1، 30) من
القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر وتعديلاته، والبند رقم (7) من
الجدول الأول الملحق بالقانون ذاته. وبجلسة 31/ 7/ 2019، حكمت المحكمة حضوريًّــا
بمعاقبة المدعي في الدعوى المعروضة، بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه
بقرار الاتهام. وبتاريخ 12/ 9/ 2019، تصدق على الحكم. طعن المدعي على الحكم بالطعن
رقم 291 لسنة 14 قضائية أمام المحكمة العسكرية العليا للطعون، وبجلسة 25/ 8/ 2020،
قضت المحكمة بقبـول الطعـن شكلاً، وفـي الموضـوع برفضـه. وقد ارتأى المدعـي أن
حكـم محكمة الجنايـات العسكريـة الصـادر بجلسة 31/ 7/ 2019، وقد رفض الدفع بعدم
اختصاص القضاء العسكري ولائيًّــا بنظر الدعوى، وإحالة الدعوى للقضاء العادي، على
الرغم من أن الوقائع جميعها قد وقعت على أشخاص غير عسكريين، وعلى منشآت غير
عسكرية، ومحل وقوعها هو الطريق العام، يكون قد تعارض مع الحكمين الصادرين من
المحكمة الدستورية العليا في الدعويين رقمي 34، 35 لسنة 38 قضائية تنازع، ويُعد
عقبة فى تنفيذهما، ومن ثم أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن
التنفيذ لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا
- بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته
وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ
القانونية هي ذاتهــا موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى فى
ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة
عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ
إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة
الدستورية العليا، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار
المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد
جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل
المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم
48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها
كاملة في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية
المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن
تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - قد حالت فعلاً، أو من
شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، أو مقيدة لنطاقها.
ثانيها: أن يكون إسناد هذه العوائق إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا،
فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر
غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعـة التنفيـذ لا تُعـد
طريقًا للطعـن فـي الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث كان ما تقدم، وكان موضوع الدعويين رقمي 34، 35 لسنة 38 قضائية
تنازع، الفصل في التنازع السلبي على الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والقضاء
العسكري، بشأن جرائم جنائية تم ارتكابها من قبل أشخاص - ليس من بينهم المدعي -
تتمثل في المشاركة في تظاهرة دون إخطار مسبق من الجهة المختصة، حال حملهم
ألعابًــا نارية وأسلحة بيضاء، ترتب عليها الإخلال بالأمن العام وتعطيل مصالح
المواطنين. وقد قضت المحكمة في كل من هاتين الدعويين باختصاص جهة القضاء العادي
بنظر الدعوى، وشيدت قضاءها على أن الدستور القائم قد حدد في الفقرة الأولى من
المادة (204) منه الاختصاص المحجوز للقضاء العسكري دون غيره في الفصل في الجرائم
المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن في حكمهم. وقد تضمنت الفقرة
الثانية من هذه المادة الضوابط الحاكمة لاختصاص القضاء العسكري بمحاكمة المدنيين
أمامه، بأن تمثل الجريمة المرتكبة اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية أو
معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها. وبذلك اعتمد الدستور معيارًا شخصيًّا وآخر
مكانيًّا لاختصاص القضاء العسكري بمحاكمة المدنيين عن الجرائم التي تقع منهم
بصفتهم هذه على المنشآت العسكرية ومعسكرات القوات المسلحة، وما يأخذ حكمها من
منشآت. هذا والبين من نصوص القرار بقانون رقم 136 لسنة 2014 بشأن تأمين وحماية
المنشآت العامة والحيوية المعدل بالقانون رقم 65 لسنة 2016، أنها قد تضمنت حكمًا
وقتيًّا عين المشرع بموجبه المنشآت المدنية التي تدخل في حكم المنشآت العسكرية
ومعسكرات القوات المسلحة، وتخضع الجرائم التي تقع عليها ومرتكبوها لولاية القضاء
العسكري، طوال فترة سريان أحكامه، وهي المنشآت العامة والحيوية بما في ذلك محطات
وشبكات وأبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق
والكباري وغيرها من المنشآت والمرافق والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها. وبذلك
ينعقد الاختصاص بالفصل في تلك الجرائم، ومحاكمة مرتكبيها المدنيين لهذا
القضاء، إذا توافرت شروط ثلاثة، أولها: أن يمثل الفعـــل اعتداءً مباشـرًا على
أي من تلك المنشآت أو المرافق أو الممتلكات العامة. وثانيها: أن يقع الاعتداء حال
قيام القوات المسلحة بتأمين وحماية هذه المنشآت والمرافق والممتلكات العامة
تأمينًا فعليًّا وليس حكميًّا. وثالثها: أن يكون الفعل الذي يقع على أي منها مؤثمًا
بهذا الوصـف طبقًا لأحكام قانون العقوبات أو القوانين المنظمة لهذه المنشآت أو
المرافق أو الممتلكات العامة، باعتبارها القواعد العامة الحاكمة للتجريم والعقاب
في هذا الخصوص، التي تتحدد على أساسها المسئولية الجنائية بالنسبة لمرتكبي أي من
هذه الأفعال من المدنيين. فإذا ما تخلف في الفعل أو مرتكبه أي من هذه الشروط كان
الاختصاص بنظر الجريمة والفصل فيها وفقًا لنص المادة (188) من الدستور، منعقدًا
للقضاء العادي صاحب الولاية العامة بالفصل في الجرائم عدا ما استثنى بنص خاص وعقد
الاختصاص به لجهة قضاء أخرى.
متى كان ذلك، وكانت الحجية المطلقة الثابتة للأحكام الصادرة من
المحكمة الدستورية العليا بمقتضى نص المادة (195) من الدستور، يقتصر نطاقها على ما
كان محلاً لهذا القضاء، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى
غير ذلك. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم، وما يتصل به من
الأسباب اتصالاً حتميًّا، بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها. وكان الحكمان الصادران
من هذه المحكمة في الدعويين رقمي 34 و35 لسنة 38 قضائية تنازع، قد انصبا على تعيين
جهة الاختصاص بنظر النزاع الموضوعي والفصل فيه، طبقًا لقواعد توزيع الاختصاص
الولائي بين جهات القضاء المختلفة. وكان الثابت أن جهة القضاء العسكري في الحالة
المعروضة لم تتسلب من اختصاصها بنظر الجناية المتهم فيها المدعي، وأصدرت فيها
حكمها المتقدم، والتى تستقل الخصومة فيها، وموضوعها، وأطرافها عن الدعويين الصادر
فيهما حكما المحكمة الدستورية العليا السالفا البيان، ومن ثم لا يُعد الحكم الصادر
من محكمة الجنايات العسكرية فى الدعوى رقم 114 لسنة 2016 جنايات عسكرية الإسكندرية
عقبة في تنفيذ هذين الحكمين، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي
جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق