الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 أغسطس 2022

الطعن 155 لسنة 26 ق جلسة 28 / 12 / 1961 مكتب فني 12 ج 3 ق 143 ص 850

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1961

برياسة السيد محمد متولي عتلم المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين علي، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.

----------------

(143)
الطعن رقم 155 لسنة 26 القضائية

موظفون "فصلهم". مجلس التأديب. "صلاحية أعضائه للحكم".
قواعد العدالة والأصول العامة في إجراءات التقاضي توجب ضمان حيدة القاضي. هذه القاعدة تسري على الدعوى التأديبية وهي قوية الشبه بالدعوى الجنائية ويترتب على القرار الصادر من مجلس التأديب نتائج خطيرة. حرص المشرع على النص على هذه القاعدة في المادة 87 ق 210 سنة 1951 بشأن موظفي الدولة. سبق إبداء رئيس مجلس التأديب الرأي بإحالة موظف إلي المحاكمة التأديبية وإبداء أحد أعضاء المجلس من قبل رأيه بإدانته لا تتوفر أسباب الحيدة وتنتفي صلاحيتهما لمحاكمة الموظف. قرار مجلس التأديب في هذه الحالة بفصل الموظف مخالف للقانون.

----------------
تقضي قواعد العدالة والأصول العامة في إجراءات التقاضي بوجوب توفير الضمانات للمتقاضين حتى تصدر الأحكام لهم أو عليهم من قضاة بعيدين عن الهوى لا تقوم لديهم أسباب قوية لا يمكن مع قيامها أن يصدروا أحكامهم بغير ميل. وتسري هذه القاعدة على الدعوى التأديبية - ولو لم يوجد نص تشريعي - فهي قوية الشبه بالدعوى الجنائية ويترتب على القرار الصادر فيها من مجلس التأديب نتائج خطيرة بالنسبة إلى الموظف مما يوجب تحقيق ضمان حيدة القاضي الذي يجلس منه مجلس الحكم بينه وبين سلطة الاتهام، وحتى يطمئن الموظف إلي عدالة قاضيه وتحرره عن الميل والتأثر، وهو ما حرص المشرع على النص عليه في المادة 87 من القانون 210 سنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. ومتى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه كان لرئيس مجلس التأديب الذي حوكم أمامه الطاعن رأي سابق في إحالته إلي المحاكمة التأديبية وأن أحد أعضاء المجلس هو الذي أجرى التحقيق معه وأبدي رأيه كتابة بإدانته مما لا تتوافر معه أسباب الحيدة الواجب توافرها بهما وتنتفي معه صلاحيتهما لمحاكمة الطاعن تأديبياً. ومن ثم فيكون قرار المجلس المخصوص الذي قضي بتأييد قرار مجلس التأديب بفصل الطاعن رغم ذلك قد خالف القانون ويكون الحكم المطعون فيه إذا أعتبر القرار الصادر بفصل الطاعن صحيحاً قد خالف القانون كذلك بما يستوجب نقضه (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4053 سنة 48 كلي القاهرة ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة وطلب إلزام وزارة الصحة في مواجهة رئاسة مجلس الوزراء بأن تدفع له مبلغ 37285 جنيهاً وفوائده استناداً إلي أنه عين في وظيفة طبيب بكتريولوجي بالدرجة الخامسة بوزارة الصحة في 25/ 1/ 1928 بمرتب قدره 32 جنيهاً شهرياً ولكن المدير الجديد للقسم اضطهده وحرمه من الدرجة الرابعة التي كان مرشحاً لها ومن إيفاده إلي بعثة في الخارج ثم عمل على نقله إلي السويس وحرض مرؤوسيه على مخالفة أوامره ومن بينهم كاتب المعمل والمساعد وأنتهي الأمر بهما إلى أن دبرا طريقة للإيقاع به ترتب عليها أن أحيل إلي مجلس تأديب قرر فصله في 5/ 7/ 1934 وتأيد هذا القرار بحكم المجلس المخصوص الصادر في 6 ديسمبر سنة 1934 - وقال إن انعقاد مجلس التأديب وقع باطلاً وكذلك المجلس المخصوص لاشتراك بعض أعضاء مجلس التأديب في التحقيق معه وإبداء الرأي فيما نسب إليه قبل انعقاد ذلك المجلس وترتب على هذا الأمر حرمانه من العمل في وظائف الحكومة وغيرها ولذلك فإنه يطالب بمبلغ التعويض على أساس أن مبلغ 27285 جنيهاً هو قيمة ما ضاع عليه من مرتب بسبب فصله بالمخالفة للقانون ومبلغ 10000 جنيه كتعويض أدبي ومادي - فقضت محكمة أول درجة بتاريخ 18/ 4/ 1953 بإلزام وزارة الصحة في مواجهة مجلس الوزراء بأن تؤدي للطاعن تعويضاً قدره 2500 ج والمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأسست حكمها على أن ما قاله الطاعن من أن الدكتور أحمد حلمي والدكتور علي توفيق شوشه اللذين رأس أولهما مجلس التأديب واشترك ثانيهما فيه وكانا قد أبديا رأيهما من قبل انعقاد المجلس له سنده في الأوراق وأنهما يفقدان بذلك الحيدة التي يجب توافرها في القاضي وأنه ما دام قد ثبت ذلك فإنه يتعين تعويض الطاعن تعويضاً يتناسب مع ما أصابه من ضرر مادي وأدبي نتيجة فصله من وظيفته بموجب قرار مجلس التأديب الابتدائي والمجلس المخصوص الذي أستند إلي ذلك القرار فاستأنف المطعون عليهما الحكم كما أستأنفه الطاعن وبنى استئناف الأولين على أن محكمة أول درجة قد أخطأت في القياس على القانون 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة وأن قرارات مجلس التأديب ليست قرارات قضائية يمتنع فيها على العضو الذي أبدى رأيه أن يشترك في المحاكمة وبني استئناف الطاعن على أن المحكمة لم تلاحظ ما فات عليه من مرتب لو ظل في خدمة الحكومة وأنها أشارت إلي أنه التحق بعمل آخر بإحدى البلاد العربية مع أن ذلك غير صحيح - وقضت محكمة الاستئناف بتاريخ 23 يناير سنة 1955 بضم الاستئنافين وبقبولهما وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضي به من رفض الدفع بعدم الاختصاص وباختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإلغائه فيما عدا ذلك ورفض دعوى الطاعن وأسست حكمها على أن مجلس التأديب الذي حوكم أمامه الطاعن شكل تشكيلاً صحيحاً طبقاً للقرار الوزاري رقم 405 الصادر في 4 أكتوبر سنة 1931 فلا يعيبه أن لرئيسه رأي سابق في إحالة المدعي إلى مجلس التأديب ولا يعيبه أن أحد أعضائه هو الذي أجرى التحقيق مع الطاعن وأنه أبدى رأيه كتابة بإدانته وأنه لم يرد بالقانون ولا بالقرار الوزاري المشار إليه أي حظر حول عدم صلاحية الرئيس أو العضو لنظر الموضوع سواء لسبب سبق إبداء الرأي أو بسبب سبق توليه التحقيق في الموضوع المطروح على المجلس وأنه لا يمكن استنتاج عدم الصلاحية لنظر الموضوع المطروح على مجلس التأديب من المبادئ العامة الخاصة بتشكيل المحاكم القضائية أو من طريق القياس على القانون رقم 210 سنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة والذي صدر فيما بعد ذلك لأن الحظر في تلك الأحوال وردت عنه نصوص صريحة - وبتاريخ 28 من مارس سنة 1956 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على مذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلي هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 7 من ديسمبر سنة 1961 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في الأسباب الأربعة الأولى على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه ذهب إلي أن مجلس التأديب الذي حوكم الطاعن أمامه شكل تشكيلاً غير معيب وأنه لا يعيبه أن يكون لرئيسه رأي سابق في إحالة الطاعن إلي مجلس التأديب وأن أحد أعضائه هو الذي أجرى التحقيق مع الطاعن وأبدى رأيه كتابة بإدانته وأنه أسس قضاءه على عدم وجود نص في القانون أو في القرار الوزاري الصادر في 4/ 10/ 1931 يقرر عدم صلاحية الرئيس أو العضو في هذه الحالة وأنه لا يمكن استنتاج عدم الصلاحية لنظر الموضوع المطروح على مجلس التأديب من المبادئ العامة الخاصة بتشكيل المحاكم القضائية أو من طريق القياس بالقانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة لأن الحظر في تلك الأحوال وردت عنه نصوص صريحة وأن تقدير المانع الذي يبنى عليه عدم صلاحية الهيئة أو أحد أعضائها إنما هو من عمل المشرع.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه وإن كان القرار الوزاري رقم 405 الصادر في 4 أكتوبر سنة 1931 بشأن تشكيل لمجلس تأديب موظفي وزارة الصحة لم ينص على أحوال عدم صلاحية رئيس المجلس أو أحد أعضائه للاشتراك في مجلس التأديب المذكور كما أن القوانين والأوامر الإدارية التي كانت معمولاً بها وقت انعقاد ذلك المجلس لم تكن تتضمن قاعدة مكتوبة في خصوص وجوب توفي أسباب الحيدة في أعضاء مجلس التأديب إلا أن عدم النص على هذه القاعدة في ذلك الوقت ليس معناه عدم سريان حكمها بالنسبة إلي الدعوى التأديبية لأن هذا الحكم تمليه قواعد العدالة والأصول العامة في إجراءات التقاضي والتي توجب توفير الضمان للمتقاضين حتى تصدر الأحكام لهم أو عليهم من قضاة بعيدين عن الهوى وألا تكون قد قامت بهم أسباب قوية لا يمكن مع قيامها أن يصدروا أحاكمهم بغير ميل - لأن الدعوى التأديبية قوية الشبه بالدعوى الجنائية ويترتب على القرار الصادر فيها نتائج خطيرة بالنسبة إلى الموظف مما يجب أن يتوافر معه للموظف المرفوعة عليه تلك الدعوى ضمان حيدة القاضي الذي يجلس منه مجلس الحكم بينه وبين سلطة الاتهام وحتى يطمئن الموظف على عدالة قاضيه وتجرده عن الميل والتأثر. وقد حرص المشرع عند إصداره القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على تقرير هذه القاعدة فنص في المادة 87 منه على أنه في حالة وجود سبب من أسباب التنحي المنصوص عليها في قانون المرافعات بالنسبة إلي رئيس المجلس أو أحد عضوية يجب التنحي عن نظر الدعوى التأديبية وأنه للموظف المحال إلي المحكمة حق طلب تنحيه. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه كان لرئيس مجلس التأديب الذي حوكم أمامه الطاعن رأي سابق في إحالته إلي المحاكمة التأديبية وأن أحد أعضاء المجلس هو الذي أجرى التحقيق معه وأبدى رأيه كتابة بإدانته مما لا تتوفر معه أسباب الحيدة الواجب توفرها بهما وتنتفي صلاحيتهما لمحاكمة الطاعن تأديبياً. وكان المجلس المخصوص قد قضي بتأييد القرار الذي أصدره مجلس التأديب رغم ما شابه من عيوب على النحو السالف بيانه فإنه يكون قد خالف القانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ أعتبر أن القرار الصادر بفصل الطاعن صحيحاً فد خالف القانون كذلك بما يستوجب نقضه بغير حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.


 (1) راجع بالنسبة للجان تقدير الضرائب ولجان الطعن نقض مدني 13/ 3/ 1958 في الطعن رقم 46 سنة 24 ق ونقض مدني 25/ 12/ 1958 في الطعن رقم 329 سنة 24 ق ونقض مدني 6 ديسمبر سنة 1959 في الطعن رقم 402 سنة 23 ق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق