جلسة 16 من يونيه سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ عبد
العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة،
وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.
-------------
(168)
القضية رقم 129 سنة 22
القضائية
(أ) اختصاص. إحالة.
إحالة الدعاوى إلى
المحاكم المختصة وفقا لقانون المرافعات الجديد. الدعاوى المستثناة من الإحالة.
صدور حكم تمهيدي في الدعوى غير منه للخصومة كلها أو بعضها لا يمنع من الإحالة.
المادة 4 من القانون رقم 77 لسنة 1949.
(ب) اختصاص.
الدفع بعدم الاختصاص
المؤسس على المادة 4 من القانون رقم 77 لسنة 1949. هو من النظام العام. جواز
التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى. المادة 134 مرافعات جديد.
---------------------
1 - إن المشرع إذ أوجب
بنص المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات على
المحاكم الابتدائية أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى
أصبحت من اختصاص محكمة المواد الجزئية بمقتضى هذا القانون قد استثنى من حكمها
الدعاوى التي حكم فيها حضوريا أو غيابيا أو كانت مؤجلة للنطق بالحكم فيها قبل
تاريخ العمل بالقانون الجديد وذلك رعاية لحقوق ثبتت أو مصالح رآها جديرة بالاستثناء
ولحكمة قدرها هي أن يكون من الأقرب إلى السداد والقصد أن لا تنزع الدعاوى التي حجزت
للحكم من المحكمة التي أتمت تحقيقها وسمعت المرافعة فيها، ومن ثم فإنه لا يمنع من
الإحالة على محكمة المواد الجزئية أن تكون المحكمة الابتدائية التي تعدل اختصاصها
قد أصدرت في الدعوى حكما قبل الفصل في موضوعها غير منه للخصومة كلها أو بعضها، إذ
مثل هذا الحكم لا يتدرج في الأحكام المستثناة التي قدر الشارع في صدورها ما يمنع
من امتداد طائلة القانون الجديد إلى الدعوى.
2 - الدفع بعدم الاختصاص
المؤسس على المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات
يصح التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض، ذلك لأن الاختصاص بحسب نوع الدعوى أو
قيمتها أصبح وفقا لأحكام المادة 134 من القانون الجديد متعلقا بالنظام العام تحكم
به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولا يجوز
للخصوم الاتفاق على رفع النزاع إلى محكمة غير مختصة به اختصاصا نوعيا.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد
استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول
أقام على الطاعنين وعلى المطعون عليه الثاني دعوى لدى محكمة أسيوط الجزئية قيدت في
جدولها برقم 508 سنة 1941 طلب فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا إليه مبلغ
75 جنيها مع المصروفات وأتعاب المحاماة ومع حفظ حقه فيما يستجد وفى مطالبة وزارة
الأشغال بإعادة الشيء لأصله - وقال في بيان دعواه إنه يملك أرضا زراعية بناحية بنى
هلال مركز ديروط مساحتها 1 ف و19 ط و8 س وبسبب إقامة وزارة الأشغال جسرا واقيا حول
مساكن البلدة استولت الوزارة من هذه الأطيان على أتربة بعرض متر وربع متر وأصبحت
الأطيان لذلك غير صالحة للزراعة ولم ينتفع بها ابتداء من أول يناير سنة 1937 - وفى
27 من فبراير سنة 1944 حكمت المحكمة تمهيديا بندب خبير لأداء المأمورية المبينة في
أسباب حكمها - قام الخبير بأداء مأموريته وقدم تقريرا انتهى في نتيجته إلى أن
المطعون عليه الأول يستحق مقابل عدم انتفاعه عن المدة من أول يناير سنة 1937 لغاية
آخر سنة 1940 تعويضا مقداره 37 جنيها و936 مليما - وفى 18 من فبراير سنة 1945 حكمت
المحكمة بإعادة المأمورية إلى الخبير لبيان المساحة الحقيقية للأطيان وتكاليف
إعادة حالتها إلى ما كانت عليه فقام الخبير بأداء مأموريته وقدم تقريرا انتهى في نتيجته
إلى أن جملة ما يستحقه المطعون عليه الأول بسبب عدم الانتفاع مع تكاليف إعادة
الحالة لأصلها هو مبلغ 168 جنيها و609 مليمات وعدل المطعون عليه طلباته إلى طلب
الحكم له بهذا المبلغ فأحيلت الدعوى على محكمة أسيوط الابتدائية لاختصاصها حيث
قيدت في جدولها برقم 165 سنة 1948 كلى - وفى 2 من أبريل سنة 1949 حكمت المحكمة
الابتدائية بإعادة المأمورية إلى الخبير لمباشرتها على ضوء المستندات التي قدمت من
الطاعنين - باشر الخبير مأموريته وقدم ملحقا لتقريره انتهى فيه إلى أن حقيقة مساحة
الأطيان التي نزعت منها الأتربة هي 1 فدان و8 س يملك منها المطعون عليه الأول 11 ط
و4 س وعلى هذا الأساس يكون التعويض المستحق له هو مبلغ 75 جنيها و695 مليما - دفع
الطاعنون في مذكرتهم الختامية بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى لأن
المادة 46 من قانون المرافعات - الحالي - تنص على أن دعاوى التعويض عما يصيب الأراضي
الزراعية من تلف تكون من اختصاص محكمة المواد الجزئية مهما بلغت قيمة التعويض
المطالب به - وفى 30 من ديسمبر سنة 1950 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين متضامنين
بأن يدفعوا إلى المطعون عليه الأول مبلغ 75 جنيها و695 مليما وقالت في أسباب حكها
عن الدفع بعدم الاختصاص إن هذا الدفع في غير محله لأن الدعوى رفعت في ظل قانون
المرافعات - الملغى - وصدرت فيها أحكام تمهيدية وقالت بشأن المطعون عليه الثاني
"والحكومة وشأنها مع المقاول الذى أقامت ضده دعوى الضمان تقاضيه بدعوى على
حدة إن شاءت لعدم تقديمها العقد المحرر بينها وبينه" رفع الطاعنون استئنافا
عن هذا الحكم قيد في جدول محكمة استئناف أسيوط برقم 76 سنة 26 ق - دفع المطعون
عليه الأول بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب عملا بنص المادة 51 من قانون
المرافعات على اعتبار أن المبلغ المطالب به ومقداره 168 جنيها و609 م هو مما يدخل
في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية - طلب الطاعنون رفض هذا الدفع وأصروا
على طلب إلغاء الحكم المستأنف والحكم أصليا بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر
الدعوى واحتياطيا برفض الدعوى فيما زاد على مبلغ 4 جنيهات و646 مليما - وفى 9 من
يناير سنة 1952 حكمت المحكمة - أولا - وفى الاستئناف الخاص بعدم الاختصاص بقبوله
شكلا وبرفضه موضوعا - ثانيا - وفيما يتعلق بالموضوع بعدم جواز الاستئناف لقلة
النصاب. فقرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على
سببين يتحصل أولهما في أن الحكم إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية
بنظر الدعوى قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله. ذلك أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص
على أن الحكم المستأنف قد صدر بعد العمل بقانون المرافعات الجديد، وقد نصت المادة
الأولى من هذا القانون على سريانه على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات
قبل تاريخ العمل به، وأكدت هذا المعنى في الفقرة الأولى منها إذ نصت على أن
القوانين المعدلة للاختصاص تسرى على الدعاوى المنظورة متى كان تاريخ العمل بهذه
القوانين سابقا على إقفال باب المرافعة في الدعاوى المذكورة، وأن محكمة الدرجة
الأولى كانت على حق إذ رفضت هذا الدفع لأن الفقرة الأولى من المادة الرابعة من
قانون الإصدار قد استثنت الدعاوى المحكوم فيها حضوريا أو غيابيا ذلك أن المشرع رأى
أنه أقرب إلى السداد والقصد أن لا تنزع هذه الدعاوى من اختصاص المحكمة المنظورة
أمامها بعد أن تكون قد بلغت هذه المراحل - وأن الظاهر من ظروف الدعوى أنه صدرت
أثناء نظرها عدة أحكام تمهيدية صدر الحكم الأخير منها في 2 من أبريل سنة 1949 -
ويقول الطاعنون إن وجه الخطأ في هذا الذى أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه برفض
الدفع بعدم الاختصاص هو أن المادة الرابعة من قانون الإصدار قد أوجبت على المحاكم
الابتدائية أن تحيل من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من الدعاوى التي أصبحت من اختصاص
قاضى المواد الجزئية بمقتضى القانون الجديد وذلك بالحالة التي تكون عليها وأن
الاستثناء الوارد في هذه المادة لا يسرى إذا لم يكن الحكم الصادر من الأحكام المنهية
للخصومة أو من الأحكام الفاصلة في الموضوع - والمحكمة الابتدائية لم تكن قد أصدرت
في الدعوى الحالية سوى الحكم التمهيدي الصادر في 2 من أبريل سنة 1949 - ويضيف
الطاعنون إلى ما تقدم أنهم وإن كانوا لم يطرحوا هذا السبب على محكمة الموضوع إلا
أنه يشفع لهم في ذلك أن الاختصاص النوعي أصبح في ظل قانون المرافعات من النظام
العام فضلا عن أنهم - الطاعنين - تمسكوا لدى محكمة الموضوع بعدم اختصاص المحكمة
الابتدائية وعلى ذلك لا يعتبر ما ورد في هذا النعي سببا جديدا.
ومن حيث إن هذا النعي في محله:
ذلك أن المادة الأولى من قانون المرافعات نصت على أنه "تسرى قوانين المرافعات
على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل
بها" واستثنت المادة من ذلك القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل
بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى - وأوردت المادة الرابعة من القانون رقم 77
لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات حكما وقتيا في خصوص تعديل الاختصاص النوعي فقالت
"على المحاكم الابتدائية أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من
دعاوى أصبحت من اختصاص محكمة المواد الجزئية بمقتضى هذا القانون وذلك بالحالة التي
تكون عليها...... ولا تسرى أحكام الفقرة السابقة على الدعاوى المحكوم فيها حضوريا
أو غيابيا أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم بل تبقى خاضعة لأحكام النصوص
القديمة". ويبين من هذه النصوص أن المشرع أورد بالمادة الرابعة من قانون
إصدار قانون المرافعات قواعد لتنظيم الانتقال من ولاية القانون القديم إلى ولاية
القانون الجديد وأخرج في هذه القواعد، من عموم قاعدة سريان قوانين المرافعات، بعض
مستثنيات رعاية لحقوق ثبتت أو مصالح رآها جديرة بالاستثناء وجعل المناط في ذلك - أي
في سريان أحكام القانون القديم - أن تكون الدعوى قد حكم فيها حضوريا أو غيابيا أو
كانت مؤجلة للنطق بالحكم فيها قبل تاريخ العمل بالقانون الجديد وذلك لحكمة قدرها هي
أنه يكون من الأقرب إلى السداد والقصد أن لا تنزع الدعاوى التي حجزت للحكم من
المحكمة التي أتمت تحقيقها وسمعت المرافعات فيها، ومن ثم لا يمنع من الإحالة على
محكمة المواد الجزئية أن تكون المحكمة الابتدائية التي تعدل اختصاصها قد أصدرت في الدعوى
حكما قبل الفصل في موضوعها غير منه للخصومة كلها أو بعضها إذ أن مثل هذا الحكم لا
يندرج في الأحكام المستثناة التي قدر الشارع أن في صدورها ما يمنع من أن تمتد إلى
الدعوى طائلة القانون الجديد - وهذا هو ما جرى به قضاء هذه المحكمة في الطعن رقم
13 سنة 22 ق - ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه برفض الدفع بعدم
اختصاص المحكمة الابتدائية على أن المحكمة المذكورة كانت قد أصدرت في الدعوى
أحكاما تمهيدية فانه يكون قد أخطأ تطبيق المادة الرابعة من القانون رقم 77 سنة
1949 مما يستوجب نقضه. ولا يحول دون ذلك أن الطاعنين لم يتمسكوا بهذا السبب كسند
لهم في دفعهم بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى - ذلك لأن الاختصاص بحسب
نوع الدعوى أو قيمتها أصبح وفقا لأحكام القانون الجديد - المادة 143 مرافعات -
متعلقة بالنظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة
كانت عليها الدعوى ولو في الاستئناف ولا يجوز للخصوم الاتفاق على رفع النزاع إلى
محكمة غير مختصة به اختصاصا نوعيا.
ومن حيث إن ما قضى به
الحكم المطعون فيه من عدم جواز الاستئناف لقلة النصاب إنما ترتب على التقرير بأن
المحكمة الابتدائية كانت هي المختصة بنظر الدعوى وهو ما سبق بيان وجه الخطأ فيه،
ومن ثم يتعين نقض الحكم في جميع أجزائه.
ومن حيث إن الدعوى صالحة
للفصل فيها.
ومن حيث للأسباب السابقة
وتطبيقا لنص المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 ولنص المادة 57 من قانون
المرافعات يتعين إلغاء الحكم المستأنف وإحالة القضية إلى محكمة أسيوط الجزئية وهى
المحكمة المختصة بنظر النزاع للفصل فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق