الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 يوليو 2021

الطعن 9458 لسنة 83 ق جلسة 12 / 12 / 2017 مكتب فني 68 ق 141 ص 930

جلسة 12 من ديسمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، صلاح عصمت وأحمد المشناوي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(141)
الطعن رقم 9458 لسنة 83 قضائية
(1 ، 2) عقد "بعض أنواع العقود: العقد الإداري: عقد التوريد".
(1) العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد. اعتبارها عقودا إدارية. شرطه. تعلقها بنشاط مرفق عام وإظهار الإدارة نيتها في الأخذ بأسلوب القانون العام بتضمنه شروطا استثنائية غير مألوفة بمنأى عن أسلوب القانون الخاص أو بإحالة الإدارة فيها على اللوائح الخاصة. التأمين الذي تستأديه الجهة الإدارية من المتعاقد معها. ماهيته.

(2) عقد التوريد ليس عقدا إداريا على إطلاقه بتخصيص القانون. إسباغ هذه الصفة عليه. شرطه. إبرامه مع إحدى الجهات الإدارية بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوائه على شروط غير مألوفة في القانون الخاص. خلوه من هذه الشروط. أثره. عدم اعتباره من العقود الإدارية التي يختص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات الناشئة عنها.

(3) عقد "تحديد موضوع العقد: تفسير العقد".
وتحصيل فهم الواقع في الدعوى وتفسير العقود والمحررات من سلطة محكمة الموضوع. شرطه.

(4) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطة محكمة الموضوع في إجراء الإعلان: التحقق من إعلان الخصوم".
تحقق إعلان الخصوم بصحيفة الدعوى من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض. شرطه. استنادها على أسباب لها سند من الأوراق. مثال.

(5) عقد "سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقد".
تحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه. من أمور الواقع. استقلال محكمة الموضوع تقديرها بما لها من سلطة في فهم الواقع في الدعوى. مثال.

(6 ، 7) فوائد "الفوائد التأخيرية".
(6) تحديد المشرع مقدار الفائدة الجائز للدائن المطالبة بها في حالة عدم الاتفاق على مقدارها وتأخر المدين في الوفاء بالتزامه. لازمه. وجوب تحديد الحكم القاضي بالفوائد التأخيرية نوعها ومقدارها تبعا لذلك. م 226 القانون المدني. تخلف ذلك. أثره. مخالفة القانون. استثناء العمليات المصرفية من قيمة الحد الأقصى للفائدة . م 40/1 ق 88 لسنة 2003.

(7) حساب الفائدة على الديون التجارية وفقا لسعر البنك المركزي. عدم إيراد المشرع قاعدة عامة تنظمه. حساب العائد وفقا لسعر البنك المركزي المنصوص عليها في قانون التجارة. حالاته. المواد 50، 64، 366، 443، 444، 522، 523 ق التجارة. مثال.
-------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن العقد الإداري يختلف عن العقد المدني في كون الشخص المعنوي العام أحد أطرافه يعتمد في إبرامه وتنفيذه على أساليب القانون العام ووسائله وتضمنه شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص، ومن هذه الشروط التأمين الذي تستأديه الجهة الإدارية من المتعاقد معها، وأن هذا التأمين شرع ضمانا لجهة الإدارة يؤمنها الأخطار التي تصدر من هذا المتعاقد حين يباشر تنفيذ العقد الإداري كما يضمن ملاءة المتعاقد مع جهة الإدارة عند مواجهته بالمسئوليات التي قد يتعرض لها من جراء إخلاله بتنفيذ أحكام العقد الإداري.

2 - عقد التوريد ليس عقدا إداريا على إطلاقه بتخصيص القانون، وإنما يشترط لإسباغ هذه الصفة عليه أن يكون إداريا بطبيعته وخصائصه الذاتية وهو لا يكون كذلك إلا إذا أبرم مع إحدى جهات الإدارة بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوى على شروط غير مألوفة من القانون الخاص، أما إذا كان التعاقد على التوريد لا ينطوي على شروط استثنائية غير مألوفة في نطاق القانون الخاص وهي الشروط التي يتسم بها العقد الإداري لتكون مفصحة عن نية الإدارة في الأخذ بأسلوب القانون العام في التعاقد، فإنه لا يكون من العقود الإدارية التي يختص القضاء الإداري دون غيره بالفصل في المنازعات الناشئة عنها.

(3) المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والشروط المختلف عليها واستظهار قصد طرفيها مادام قضاؤها في هذا الشأن يقوم على أسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها التقديرية أن أمر التوريد محل النزاع لا يخضع للقانون الإداري وذلك لعدم تضمنه شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص، كما أنه قد خلا من أي اتفاق أو إشارة إلى تطبيق قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، وخلص الحكم من ذلك إلى خضوع أمر التوريد المذكور لأحكام القانون المدني، ولما كان هذا الاستخلاص سائغا له معينه الثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويدخل في سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود والشروط المختلف عليها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بصفته في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا في سلطة محكمة الموضوع وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

4 - المقرر أن تحقيق واقعة حصول إعلان الخصوم في الدعوى من عدمه هو من المسائل الواقعية التي تترك لمحكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض مادام أن لهذا التحقيق سند من أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - المؤيد لحكم محكمة أول درجة- قد انتهى إلى صحة إعلان الطاعن بصفته بصحيفة افتتاح الدعوى مما استخلصه من تمام الإعلان في مركز إدارة الشركة الكائن بمدينة السلام طريق أبو زعبل بجوار مصنع 18 الحربي، وكان هذا الاستخلاص سائغا وله سنده من الأوراق، لاسيما وأن ذلك قد تأيد بما ثبت من صورة صحيفة الإشكال المرفوعة من الشركة الطاعنة والثابت بها أن العنوان المذكور سلفا هو مقر لها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.

5 - المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي بحث ما يقدم إليها من الدلائل والمستندات والأخذ بما تطمئن إليه واطراح ما عداه، ولها تحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي ذلك ومدى تنفيذ كل متعاقد لالتزامه شريطة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص من أمر التوريد المؤرخ 27/7/2010 والصادر من الشركة الطاعنة للمطعون ضدها، أنه بمثابة عقد بين طرفيه وأنه لم يحمل في بنوده أي شرط بخصم أية مبالغ كتأمين، وأن الشركة الطاعنة أقرت في خطابها الصادر بتاريخ 15/9/2010 أنها خصمت المبلغ المطالب به كتأمين، ومن ثم يكون هذا الخصم قد تم بدون وجه حق مما يتعين معه رده، ولما كان هذا الاستخلاص سائغا وله معينه الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، فإن المجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.

6 - النص في المادة 226 من القانون المدني على أنه "إذا كان محل الالتزام مبلغا من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد مقدارها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية ... "، يدل على أن المشرع قد حدد مقدار الفائدة التي يجوز للدائن المطالبة بها في حالة عدم الاتفاق على مقدارها إذا كان محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، بما لازمه أنه يتعين على الحكم القاضي بالفوائد التأخيرية أن يحدد نوعها وما إذا كانت مدنية أو تجارية ومقدارها تبعا لذلك وإلا كان مخالفا للقانون، ولا تستثنى من الحد الأقصى المنصوص عليه في المادة السابقة إلا العمليات المصرفية التي تقوم بها البنوك عملا بالمادة رقم 40 (1) من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد.

7 - إذ كان المشرع لم يورد في قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 قاعدة عامة مفادها حساب الفوائد على الديون التجارية وفقا لسعر الفائدة المعلن من البنك المركزي على نحو ما فعل عندما أورد قاعدة عامة في الشطر الأول من المادة 64 من قانون التجارة بشأن ميعاد بدء سريان الفوائد على الديون التجارية، وذلك حين نص على أنه "يستحق العائد عن التأخير في الوفاء بالديون التجارية بمجرد استحقاقها ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك ..." وإنما نص المشرع في قانون التجارة على حساب العائد وفقا للسعر الذي يتعامل به البنك المركزي في ست حالات فقط حددها على سبيل الحصر هي تلك التي تتعلق بالقروض التجارية التي يعقدها التاجر لشئون تتعلق بأعماله التجارية وما قد تقتضيه مهنة التاجر من أداء مبالغ أو مصاريف لحساب عملائه (المادة 50)، والعائد على المدفوعات في الحساب الجاري (المادة 366)، وحق حامل الكمبيالة في مطالبة من له حق الرجوع عليه بالعائد (المادة 443)، وحق من أوفى بالكمبيالة في مطالبة ضامنيه بعائد هذا المبلغ (المادة 444) وحق حامل الشيك في مطالبة من له حق الرجوع عليه بالعائد محسوبا من تاريخ تقديم الشيك (المادة 522)، وحق من أوفى قيمة الشيك في مطالبة ضامنيه بعائد هذا المبلغ (المادة 523). لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المنازعة موضوع الطعن هي منازعة تجارية وتخرج عن الحالات سالفة البيان المحددة على سبيل الحصر، وأن الحكم المطعون فيه انتهى إلى إلزام الطاعن بصفته بالمبالغ المطالب بها وكان المطعون ضده بصفته قد طلب الحكم له بالفوائد القانونية عن هذا المبلغ، بما كان يتعين معه إجابته إلى طلبه وفقا للمادة 226 من القانون المدني فيما يتعلق بتحديد سعر الفائدة على المسائل التجارية ومقدارها 5%، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالفوائد طبقا للسعر الذي يتعامل به البنك المركزي من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم .... لسنة 2011 تجاري شمال القاهرة بطلب الحكم بإلزام الأخير بأن يؤدي له مبلغ 182770 جنيه قيمة المبلغ المحجوز دون وجه حق مضافا إليه الفوائد القانونية من تاريخ حجز المبلغ وحتى السداد، وذلك على سند من القول إنه بموجب أمر توريد صادر من الطاعن بصفته بتاريخ 26/7/2011 للمطعون ضده بصفته ليقوم الأخير بتوريد كمية من السكر خلال شهرين على دفعات، إلا أن المطعون ضده بصفته فوجئ بقيام الطاعن بصفته باحتجاز المبلغ المطالب به تحت زعم أنه تأمين لحين الانتهاء من توريد المتفق عليه بالرغم من عدم وجود إثبات بذلك، ومن ثم أقام الدعوى، وبتاريخ 30 من يونيه سنة 2012 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته أن يؤدي للمطعون ضده بصفته المبلغ المطالب به وعائد طبقا للسعر الذي يتعامل به البنك المركزي من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد شريطة ألا يجاوز العائد المحتسب أصل الدين. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 16ق استئناف القاهرة وبتاريخ 28 من مارس سنة 2013 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا بخصوص الفوائد، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة المشورة- حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بصفته بالوجه الرابع من السبب الأول منها مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الدفع بوجوب تطبيق أحكام القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات استنادا إلى أن أمر التوريد محل النزاع لا يخضع للقانون الإداري لعدم تضمنه شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون المدني، في حين أن الشركة الطاعنة خاضعة لقانون شركات قطاع الأعمال العام، ومن ثم تخضع لأحكام القانون المشار إليه حين تتعامل مع الغير سواء تضمن العقد المبرم بينهما شروطا استثنائية أو لم يتضمن، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن العقد الإداري يختلف عن العقد المدني في كون الشخص المعنوي العام أحد أطرافه يعتمد في إبرامه وتنفيذه على أساليب القانون العام ووسائله وتضمنه شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص، ومن هذه الشروط التأمين الذي تستأديه الجهة الإدارية من المتعاقد معها، وأن هذا التأمين شرع ضمانا لجهة الإدارة يؤمنها الأخطار التي تصدر من هذا المتعاقد حين يباشر تنفيذ العقد الإداري، كما يضمن ملاءة المتعاقد مع جهة الإدارة عند مواجهته بالمسئوليات التي قد يتعرض لها من جراء إخلاله بتنفيذ أحكام العقد الإداري وأن عقد التوريد ليس عقدا إداريا على إطلاقه بتخصيص القانون، وإنما يشترط لإسباغ هذه الصفة عليه أن يكون إداريا بطبيعته وخصائصه الذاتية وهو لا يكون كذلك إلا إذا أبرم مع إحدى جهات الإدارة بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوى على شروط غير مألوفة من القانون الخاص، أما إذا كان التعاقد على التوريد لا ينطوي على شروط استثنائية غير مألوفة في نطاق القانون الخاص وهي الشروط التي يتسم بها العقد الإداري لتكون مفصحة عن نية الإدارة في الأخذ بأسلوب القانون العام في التعاقد، فإنه لا يكون من العقود الإدارية التي يختص القضاء الإداري دون غيره بالفصل في المنازعات الناشئة عنها، كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والشروط المختلف عليها واستظهار قصد طرفيها مادام قضاؤها في هذا الشأن يقوم على أسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها التقديرية أن أمر التوريد محل النزاع لا يخضع للقانون الإداري وذلك لعدم تضمنه شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص، كما أنه قد خلا من أي اتفاق أو إشارة إلى تطبيق قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، وخلص الحكم من ذلك إلى خضوع أمر التوريد المذكور لأحكام القانون المدني، ولما كان هذا الاستخلاص سائغا له معينه الثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويدخل في سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود والشروط المختلف عليها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بصفته في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا في سلطة محكمة الموضوع وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الأول من السبب الأول والثاني والسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الدفع ببطلان حكم محكمة أول درجة لانعدام الخصومة استنادا إلى صحة إعلان صحيفة الدعوى وذلك لإعلانها في مركز إدارة الشركة الطاعنة، في حين أنه تم إعلانها للشركة الطاعنة في مقر خلاف مركز إدارتها الثابت بالسجل التجاري بما ترتب عليه عدم اتصال علمها بالخصومة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه من المقرر أن تحقيق واقعة حصول إعلان الخصوم في الدعوى من عدمه هو من المسائل الواقعية التي تترك لمحكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض مادام أن لهذا التحقيق سند من أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه- المؤيد لحكم محكمة أول درجة- قد انتهى إلى صحة إعلان الطاعن بصفته بصحيفة افتتاح الدعوى مما استخلصه من تمام الإعلان في مركز إدارة الشركة الكائن بمدينة السلام طريق أبو زعبل بجوار مصنع 18 الحربي، وكان هذا الاستخلاص سائغا وله سنده من الأوراق، لاسيما وأن ذلك قد تأيد بما ثبت من صورة صحيفة الإشكال المرفوعة من الشركة الطاعنة والثابت بها أن العنوان المذكور سلفا هو مقر لها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى إلزام الطاعنة بالمبلغ المطالب به استنادا إلى ما استخلصه من الخطاب الصادر منها بتاريخ 15/6/2011 والذي يفيد قيامها باحتجاز المبلغ المطلوب تحت يدها باعتباره تأمينا، في حين أنها تمسكت بحقها في حبس هذا المبلغ لعدم تنفيذ الشركة المطعون ضدها التزامها بتوريد البضاعة المبينة بأمر التوريد كما هو ثابت بالخطابات المرسلة منها إلى الشركة الأخيرة، كما أن الخطاب المؤرخ 15/9/2011 يفيد توقف الشركة المطعون ضدها عن توريد البضاعة.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي بحث ما يقدم إليها من الدلائل والمستندات والأخذ بما تطمئن إليه واطراح ما عداه، ولها تحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي ذلك ومدى تنفيذ كل متعاقد لالتزامه شريطة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي- المؤيد بالحكم المطعون فيه- قد استخلص من أمر التوريد المؤرخ 27/7/2010 والصادر من الشركة الطاعنة للمطعون ضدها أنه بمثابة عقد بين طرفيه وأنه لم يحمل في بنوده أي شرط بخصم أية مبالغ كتأمين، وأن الشركة الطاعنة أقرت في خطابها الصادر بتاريخ 15/9/2010 أنها خصمت المبلغ المطالب به كتأمين ومن ثم يكون هذا الخصم قد تم بدون وجه حق مما يتعين معه رده، ولما كان هذا الاستخلاص سائغا وله معينه الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، فإن المجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.

وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى إلزام الشركة بالفوائد طبقا للسعر الذي يتعامل به البنك المركزي من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، في حين أن المنازعة متعلقة بمسألة تجارية فلا تستحق إلا الفوائد القانونية بواقع 5% سنويا، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه من المستقر عليه أن النص في المادة 226 من القانون المدني على أنه "إذا كان محل الالتزام مبلغا من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد مقدارها أربعة في المائة في المسائل المدنية، وخمسة في المائة في المسائل التجارية...."، يدل على أن المشرع قد حدد مقدار الفائدة التي يجوز للدائن المطالبة بها في حالة عدم الاتفاق على مقدارها إذا كان محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، بما لازمه أنه يتعين على الحكم القاضي بالفوائد التأخيرية أن يحدد نوعها وما إذا كانت مدنية أو تجارية ومقدارها تبعا لذلك وإلا كان مخالفا للقانون ولا تستثنى من الحد الأقصى المنصوص عليه في المادة السابقة إلا العمليات المصرفية التي تقوم بها البنوك عملا بالمادة رقم 40 (1) من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد، وكان المشرع لم يورد في قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 قاعدة عامة مفادها حساب الفوائد على الديون التجارية وفقا لسعر الفائدة المعلن من البنك المركزي على نحو ما فعل عندما أورد قاعدة عامة في الشطر الأول من المادة 64 من قانون التجارة بشأن ميعاد بدء سريان الفوائد على الديون التجارية وذلك حين نص على أنه "يستحق العائد عن التأخير في الوفاء بالديون التجارية بمجرد استحقاقها ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك ...". وإنما نص المشرع في قانون التجارة على حساب العائد وفقا للسعر الذي يتعامل به البنك المركزي في ست حالات فقط حددها على سبيل الحصر هي تلك التي تتعلق بالقروض التجارية التي يعقدها التاجر لشئون تتعلق بأعماله التجارية وما قد تقتضيه مهنة التاجر من أداء مبالغ أو مصاريف لحساب عملائه (المادة 50)، والعائد على المدفوعات في الحساب الجاري (المادة 366)، وحق حامل الكمبيالة في مطالبة من له حق الرجوع عليه بالعائد (المادة 443)، وحق من أوفى بالكمبيالة في مطالبة ضامنيه بعائد هذا المبلغ (المادة 444)، وحق حامل الشيك في مطالبة من له حق الرجوع عليه بالعائد محسوبا من تاريخ تقديم الشيك (المادة 522)، وحق من أوفى قيمة الشيك في مطالبة ضامنيه بعائد هذا المبلغ (المادة 523). لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المنازعة موضوع الطعن هي منازعة تجارية وتخرج عن الحالات سالفة البيان المحددة على سبيل الحصر، وأن الحكم المطعون فيه انتهى إلى إلزام الطاعن بصفته بالمبالغ المطالب بها، وكان المطعون ضده بصفته قد طلب الحكم له بالفوائد القانونية عن هذا المبلغ، بما كان يتعين معه إجابته إلى طلبه وفقا للمادة 226 من القانون المدني فيما يتعلق بتحديد سعر الفائدة على المسائل التجارية ومقدارها 5%، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالفوائد طبقا للسعر الذي يتعامل به البنك المركزي من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا في هذا الخصوص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق