الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 4 يوليو 2021

الطعن 56 لسنة 14 ق جلسة 22 / 3 / 1945 مج عمر المدنية ج 4 ق 224 ص 594

جلسة 22 مارس سنة 1945

برياسة سعادة محمد زكي علي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

--------------

(224)
القضية رقم 56 سنة 14 القضائية

شفعة.

ملكية الحكومة لما يؤول إليها نتيجة تدخلها لصيانة الثروة العقارية. تكييفها. شراء غير المدين ممن يكون استعمل حق الأولوية. تمليك ملكية جديدة. لا تثبت له إلا من يوم التسجيل. لا يجوز له أن يشفع فيما بيع بعقد مسجل قبل تسجيل عقده هو.

-----------
إنه وإن كان صحيحاً أن ملكية الحكومة لما يؤول إليها نتيجة تدخلها لصيانة الثروة العقارية ليست ملكية عادية بل هي ملكية من نوع خاص تختلف في تكييفها وجهات النظر، هل هي ملكية معلقة على شرط فاسخ، أم هي ملكية وكيل لحساب موكله, أم ملكية فضولي لحساب غيره، إلا أنه مهما يكن الرأي القانوني الذي يستعان به في تكييفها فإن أقصى نتائجه - إذا صح قبول هذه النتائج - أن المدين نفسه هو الذي يمكن أن يعتبر مالكاً لم يتجرد عن ملكيته منذ نزعت منه إلى يوم أن استردها من الحكومة. أما غير المدين ممن يكون قد استعمل حق الأولوية واشترى العين من الحكومة فإنه يمتلك ما اشتراه ملكية جديدة عليه. وهذه الملكية لا تثبت له بحكم قانون التسجيل إلا من يوم تسجيل عقده الذي اشترى به من الحكومة، فمثله لا يجوز له أن يشفع فيما بيع بعقد سجل قبل تسجيل عقده هو (1).


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن الطاعنة رفعت على المطعون ضدهما الأول والثاني لدى محكمة شبين الكوم الابتدائية الدعوى رقم 124 سنة 1942 وقالت في صحيفتها إنه بموجب عقد مسجل في 20 من يناير سنة 1942 باع المطعون ضده الثاني 6 ف و10 و19 س إلى المطعون ضده الأول، وبما أنها تملك أطياناً تجاور هذه الأرض من جهتين وقد أنذرت البائع والمشتري في 10 و15 من فبراير سنة 1942 برغبتها في أخذها بالشفعة مقابل دفع الثمن الحقيقي وملحقاته فلم يقبل المشتري أن يحلها محله، فهي لذلك تطلب الحكم باستحقاقها لأخذ الأرض المبيعة بطريق الشفعة مقابل دفعها الثمن وقدره 660 جنيهاً مع إلزام المدعى عليهما متضامنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المؤقت بلا كفالة وبإعلان تاريخه 29 من ديسمبر سنة 1942 أدخلت المدعية مصلحة الأملاك الأميرية في الدعوى لتقدم عقدي البيع الابتدائي أو النهائي الخاصين بشرائها من مصلحة الأملاك 16 ف و16 ط كانت مملوكة أصلاً لزوجها عبد الواحد عبد الله أفندي ونزعت ملكيتها منه ورسا مزادها على الشركة العقارية لحساب الحكومة ثم باعتها مصلحة الأملاك إليها بموجب العقدين المطلوب تقديمهما، ولتقدم أيضاً قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من نوفمبر سنة 1931 وجميع الأوراق الخاصة بهذه الصفقة وإلا تكون مسئولة ويحكم عليها بجميع ما يترتب على ذلك.
وقد دفع المطعون ضده الأول الدعوى بعدم قبولها لرفعها من غير مالك لأن عقد شرائه الأرض المطلوب أخذها بالشفعة مسجل في 8 من فبراير سنة 1942 بينما عقد شراء الطاعنة الصادر لها من مصلحة الأملاك للأرض التي تشفع بها مسجل في 12 إبريل سنة 1943 فهي لم تكن مالكة لها وقت إبداء رغبتها في الأخذ بالشفعة. ودفع الدعوى أيضاً بأن إعلان إظهار الرغبة في الأخذ بالشفعة حصل بعد مضي الميعاد القانوني، وبأن أطيانها لا تجاور الأرض المشفوع فيها.
وفي 2 من سبتمبر سنة 1943 حكمت المحكمة برفض دعوى المدعية (الطاعنة) مع إلزامها بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعى عليه الأول.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر وطلبت الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتها الواردة بصحيفة الدعوى الابتدائية وإلزام المستأنف عليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وفي 26 من فبراير سنة 1944 حكمت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة بالمصاريف وبمبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنة في 10 من إبريل سنة 1944، فطعنت فيه بطريق النقض في 4 من مايو سنة 1944 بتقرير أعلن إلى المطعون ضدهم إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنة تبني طعنها على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تفسير قانون حفظ الثروة العقارية من التدهور الصادر في 25 من نوفمبر سنة 1931. ذلك أنه اعتبر الطاعنة مشترية من الحكومة للأرض التي كانت مملوكة لزوجها ورسا مزادها على الحكومة وأن ملكية الطاعنة لما اشترته لا تثبت لها إلا من يوم تسجيل عقدها. وتقول الطاعنة إنها في الواقع لم تتلق الملك من الحكومة ولا من زوجها المدين بل بحكم القانون المتقدم ذكره، وما كان يصح اعتبارها مشترية بل هي مستردة، حالتها كحالة زوجها الذي له حق استرداد أرضه التي نزعت ملكيتها. وقد تنازل لها عن حقه هذا في 18 من إبريل سنة 1938 فاستعملته في هذا التاريخ وحلت محله فوجب اعتبارها مالكة من ذلك اليوم. وأما القول بأنها تلقت الملك من الحكومة وأن ملكيتها لا تثبت لها إلا من تاريخ عقدها فلا يتفق مع ما نص عليه قانون حفظ الثروة العقارية لأنه بحسب أحكام هذا القانون اشترت الحكومة أطيان المدين بالمزاد لحسابه لتردها إليه أولاً ثم لأقربائه بحسب الترتيب المبين به في مدة خمس سنوات، ثم إن انتفاع الحكومة بالعين هو لحساب المدين تحاسبه عليه عند رد الصفقة إليه ولا تأخذ منه ثمناً إلا بقدر ما اشترت به في المزاد مضافاً إليه المصاريف. ويخلص من هذا أن سند الحكومة لا يمكن أن يوصف بأنه سند تمليك بل هو عقد من نوع خاص شبيه بالبيع الوفائي لا يحتاج فيه البائع عند استرداد العين المبيعة إلى تسجيل عقد الاسترداد. وقد يصح أن يقال أيضاً إن مركز الحكومة هو كمركز الوكيل أو الفضولي. وعلى كلٍ فإن الحكومة لم تتملك الأطيان التي رسا مزادها عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه باعتبار الطاعنة مشترية، وأن ملكيتها لم تثبت لها إلا في 12 من إبريل سنة 1943 وهو تاريخ تسجيل عقدها إلى قوله: "إنه وإن يكن صحيحاً ما ذهبت إليه المستأنفة من أن ملكية الحكومة لما آل إليها نتيجة تدخلها لصيانة الثروة العقارية ليست ملكية عادية وإنما هي ملكية من نوع خاص اختلفت أقوال أهل العلم في تكييفها، فمن قائل إنها ملكية معلقة على شرط فاسخ، ومن قائل إنها ملكية وكيل لحساب موكله، ومن قائل إنها ملكية فضولي لحساب غيره، إلا أنه مهما يكن الرأي القانوني الذي يستعان به في تكييف هذه الملكية فإن أقصى نتائجه، إذا صح قبول هذه النتائج، أن المدين نفسه هو الذي يمكن أن يعتبر مالكاً لم يتجرد من ملكيته منذ نزعت منه إلى يوم أن استردها من الحكومة. أما غير المدين ممن يكون قد استعمل حق الأولوية واشترى العين من الحكومة فإنه يتملك ما اشتراه ملكية جديدة عليه، وهذه الملكية لا تثبت له نزولاً على حكم قانون التسجيل إلا من يوم تسجيل عقده الذي اشترى به من الحكومة. وحيث إنه لذلك يكون غير مستساغ قانوناً على أي وجه من الوجوه أن تعتبر المستأنفة مالكة لما كان يملكه زوجها إلا من اليوم الذي سجلت فيه عقد شرائها من الحكومة. أما قبل هذا اليوم فالملكية كانت إما للحكومة أو للمدين نفسه وعلى الحالين فهي لم تكن على وجه اليقين للمستأنفة ليصح لها القول بأنها لم تتملك ملكية جديدة، وإنما استردت ملكية قديمة فهي معفاة من أحكام قانون التسجيل.
وحيث إن هذا الذي قاله الحكم سديد ليس فيه مخالفة لقانون حفظ الثروة العقارية كما تزعم الطاعنة، وأما ما أثارته بالجلسة من أنه يصح لها طلب الأخذ بالشفعة ولو كان عقد شرائها غير مسجل فلا محل للتعرض له لأنه لم يرد له ذكر في تقرير الطعن ولا يمكن أن يتسع له.


 (1)هذه هي قاعدة الحكم المطعون فيه وقد أقرتها محكمة النقض.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق