الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 20 يوليو 2021

الطعن 2440 سنة 2 ق جلسة 7 / 11 / 1932 مج عمر الجنائية ج 3 ق 9 ص 7

جلسة 7 نوفمبر سنة 1932

برياسة سعادة عبد العزيز فهمي باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات محمد لبيب عطية بك وزكي بزري بك ومحمد فهمي حسين بك وأحمد أمين بك المستشارين.

--------------

(9)
القضية رقم 2440 سنة 2 القضائية

استئناف:
( أ ) استئناف المتهم وحده. تشديد العقوبة. لا يسوغ.
(ب) استئناف النيابة.

حصوله للمصلحة العامة. مجرّد حصوله. اتصال القضاء بالدعوى وحريته في التصرف فيها. تقييده أو تعليقه. لا يقيد المحكمة في شيء. متى تتقيد المحكمة بما ورد في تقرير الاستئناف؟
(المادة 189 تحقيق)

--------------
1 - استئناف المتهم وحده إنما يحصل لمصلحته الخاصة، فلا يسوغ معه للمحكمة الاستئنافية أن تشدّد عليه العقاب، مهما لاحظت في الحكم المستأنف من الخطأ الظاهر في تقدير الوقائع أو في تطبيق القانون، ومهما أصلحت من هذا الخطأ. واستئناف النيابة إنما يحصل للمصلحة العامة التي تعنى بعدم تأثيم البريء وبمجازاة كل أثيم بما يستحق وفق درجة إجرامه.
2 - إن مجرّد حصول الاستئناف من النيابة يلزم عنه حتماً اتصال المحكمة الاستئنافية بالدعوى المستأنف حكمها في حدود هذا الاستئناف. ومتى اتصلت بها كان لها مطلق الحرّية في نظر الدعوى من جميع وجوهها، وفي التصرف فيها كأنها لم تقدّم من بادئ الأمر إلا إليها، طبقاً لما تراه من الدواعي والمقتضيات دون أن تتقيد بأي قيد تضعه النيابة في تقرير الاستئناف، سواء وقت الإدلاء به لقلم الكتاب أو بعد هذا الإدلاء. وكل قيد يوضع في هذا التقرير لا يعتد به، ولا تأثير له فيما وجب للمحكمة من حق نظر الدعوى من كل وجوهها والتصرف فيها بكامل الحرّية. حتى القيد الذي يكون ظاهر مفهومه أنه يجعل الاستئناف معلقاً على شرط فاسخ لا يقيد المحكمة في شيء ولو تحقق هذا الشرط، بل يكون الاستئناف مع ذلك صحيحاً منتجاً أثره، والشرط غير معتبر لإخلاله بموجب الاستئناف. إنما تتقيد المحكمة بما ورد في تقرير الاستئناف في صورتين: صورة ما إذا تعدّدت التهم المحكوم فيها وقصر الاستئناف على الحكم الصادر في بعضها دون الصادر في البعض، وصورة ما إذا تعدّد المتهمون وقصر الاستئناف على بعضهم دون البعض. ووجه التقييد هو أن الاستئناف لا ينقل للمحكمة الاستئنافية سوى الموضوع المستأنف حكمه، ولا يبيح لها التعرّض لغير المستأنف عليه من المتهمين.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً.
بما أن الطعن قدّم في الميعاد وكذلك أسبابه فهو مقبول شكلاً.
وبما أن مبنى الوجوه الثلاثة الأولى من تقرير الأسباب أن الحكم المطعون فيه لم يبين الوقائع التي بررت تطبيق المادة 35 من قانون المخدرات واعتبار الطاعن متجراً في المواد المخدّرة ولم يرد على ما دفع به من اعتبار الحادثة استعمالاً شخصياً للمخدّر.
وبما أن كل هذا منقوض بما أثبته الحكم الاستئنافي زيادة عن أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها من أن الطاعن أقرّ بأنه كان يتعاطى الحشيش ويقدّمه أيضاً للحاضرين وهذا مما تنطبق عليه المادة 35 وباقي المواد الأخرى من قانون المخدّرات.
وبما أن مبنى الوجه الرابع من التقرير أن محكمة ثاني درجة شدّدت العقوبة على الطاعن مع أن الاستئناف الذي رفعته النيابة كان احتياطياً وعلل بأنه رفع لأن صحيفة سوابق المتهم لم ترد فيجب ألا يكون له أثر متى تبين أن الطاعن ليست له سوابق وهو ما ظهر فعلاً عند نظر القضية في الاستئناف.
وبما أن تقرير استئناف النيابة ورد به حقيقة أن الاستئناف هو "لعدم ورود صحيفة السوابق" أي أنه استئناف حاصل من باب الاحتياط لصورة ما إذا ظهر بعد ورود صحيفة السوابق أن المتهم عائد فتطبق عليه المحكمة أحكام العود وتشدّد في عقوبته. ولقد وردت الصحيفة خالية من سوابق للمتهم الطاعن ولكن المحكمة الاستئنافية رفعت عقوبته إلى سنة حبساً وغرامة 200 جنيه لما رأته من أن العقوبة المذكورة هي أقل حد للمادة 35 التي طبقتها المحكمة الجزئية تطبيقاً خاطئاً إذ قصرت العقوبة على ستة أشهر و30 جنيهاً غرامة.
وبما أن مناط البحث في هذا الوجه هو تعرّف أثر استئناف النيابة ذلك الاستئناف المعلل، وهل كان معه للمحكمة الاستئنافية أن تشدّد العقوبة ولو إصلاحاً لخطأ ظاهر وقعت فيه المحكمة الأولى أم لا.
وبما أنه إذا كان من المبادئ الثابتة أن استئناف المتهم وحده إنما يحصل لمصلحته الخاصة فلا يسوغ معه للمحكمة الاستئنافية أن تشدّد عليه العقاب مهما لاحظت في الحكم المستأنف من الخطأ الظاهر في تقدير الوقائع أو في تطبيق القانون ومهما أصلحت من هذا الخطأ - إذا كان ذلك مبدأً ثابتاً فإنه من المبادئ المعروفة من القانون بالضرورة أن استئناف النيابة إنما يحصل للمصلحة العامة التي تعنى بعدم تأثيم البريء وبمجازاة كل أثيم بما يستحق وفق درجة إجرامه.
وبما أن مجرّد حصول الاستئناف من النيابة يلزم عنه حتماً اتصال المحكمة الاستئنافية بالدعوى المستأنف حكمها، ومتى اتصلت بها فإن تلك المصلحة العامة، التي هي العلة في تخويل النيابة حق الاستئناف، تقضي بأن يكون لها مطلق الحرّية في نظر الدعوى من جميع وجوهها وفي التصرف فيها كأن لم تقدّم من بادئ الأمر إلا إليها. وينبني على ذلك بداهةً أن يكون لها تشديد العقاب كما يكون لها أيضاً تخفيفه أو تبرئة المتهم بالمرة ولو كان هذا المتهم قبل الحكم ولم يستأنفه؛ وكل هذا تبعاً لما تراه مما يقرّ العدل في نصابه.
وبما أن تلك الحقيقة القانونية وهي اتصال المحكمة الاستئنافية بالدعوى بمجرّد استئناف النيابة وحريتها في التصرف فيها من براءة وإدانة وتشديد في العقاب وتخفيف تبعاً لما تراه من الدواعي والمقتضيات - تلك الحقيقة لا تحتمل تقيد المحكمة بأي قيد تضعه النيابة في تقرير الاستئناف سواء وقت الإدلاء به لقلم الكتاب أو بعد هذا الإدلاء. فإذا وضعت في هذا التقرير مثلاً أن الاستئناف حاصل لقلة العقوبة أو هو حاصل لجسامة العقوبة (وإن كان هذا غير واقع في العمل) أو لخطأ المحكمة الأولى في عدم اعتبارها وجود ظرف مشدّد أو لأن للمتهم عذراً لم تقبله المحكمة الأولى (وإن كان هذا غير واقع في العمل أيضاً) أو أنه حاصل لعدم ورود صحيفة السوابق (كصورة الاستئناف في الدعوى الحالية) أو ما أشبه ذلك من القيود والعلل فإن هذه القيود جميعها لا اعتداد بها ولا تأثير لها فيما وجب للمحكمة من حق نظر الدعوى من كل وجوهها والتصرف فيها بكامل الحرية.
وبما أنه لا يصح أن يعترض بأن القيد الذي وضعته النيابة في تقرير الاستئناف في الدعوى الحالية ليس من قبيل القيود الأخرى، بل هو قيد راجع لكيان الاستئناف نفسه لأن مفهومه أن النيابة ما كانت لتستأنف لو أن صحيفة السوابق كانت وردت لها ورأت منها أن لا سوابق للمتهم، فكأن استئنافها معلق على شرط فاسخ هو ظهور عدم السوابق، وبما أن هذا الشرط تحقق فالاستئناف سقط سقوطاً يرجع إلى وقت حصوله وما كان للمحكمة أن تعتبر له وجوداً ولا أن تعتمد عليه فتشدّد العقوبة - لا يصح أن يعترض بذلك فإن النيابة العامة إذا كانت تملك التصرف في الدعوى العمومية قبل تقديمها للقضاء فإنها في علاقتها معه لا تملك سوى تحريكها إليه وإيصالها له ومتى أوصلتها أصبحت ملكاً له هو يتصرف فيها بما يشاء وليس للنيابة من حق لديه سوى إبداء طلبات فيها إن شاء أخذ بها وإن شاء رفضها. ومتى كان الأمر كذلك فإن ذلك الاستئناف المقول إنه حاصل تحت شرط فاسخ لا شك أنه قد حرك الدعوى فعلاً وأوصلها للقضاء فعلاً وأصبحت في ملكه فعلاً فسواء تحقق الشرط أم لم يتحقق فلا سبيل لانتزاعها من يده. وفي هذا دليل على أن الاستئناف صحيح منتج أثره والشرط غير معتبر لأنه مخل بموجب الاستئناف.
وبما أنه يبين من ذلك أن المحكمة الاستئنافية في حل مما فعلت فهذا الوجه أيضاً مردود.
وبما أنه مع تقرير ما تقدّم لا يفوت المحكمة التنبيه إلى أن هناك صورتين: إحداهما حالة تعدّد التهم المحكوم فيها وقصر الاستئناف على الحكم الصادر في بعضها دون الصادر في البعض، والثانية حالة تعدد المتهمين وقصر الاستئناف على بعضهم دون البعض. ففي هاتين الصورتين لا يسع المحكمة الاستئنافية إلا التقيد بما ورد في تقرير الاستئناف. ووجه هذا ظاهر وهو أن الاستئناف لا ينقل للمحكمة الاستئنافية سوى الموضوع المستأنف حكمه ولا يبيح لها التعرض لغير المستأنف عليه من المتهمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق