جلسة 10 من إبريل سنة 1956
برياسة السيد المستشار
حسن داود، وبحضور السادة محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد
حسنين، وأحمد زكي كامل - المستشارين.
---------------
(157)
القضية رقم 1393 سنة 25
القضائية
(أ) استئناف. حكم. إجراءات.
حكم باطل صدر من محكمة
أول درجة. التزام المحكمة الاستئنافية بتصحيح البطلان والحكم في الدعوى دون إعادة
القضية إلى محكمة أول درجة. عدم التزامها بسماع الشهود الذين سمعتهم محكمة أول
درجة من جديد. م 419/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.
(ب) استئناف. استئناف
النيابة.
القول بعدم قبول استئناف
النيابة لارتضائها الحكم الابتدائي. لا أساس له.
-------------
1 - إذا رأت المحكمة
الاستئنافية أن هناك بطلاناً في الإجراءات أو في الحكم الصادر من محكمة أول درجة
في الموضوع فلا تملك أن تقتصر على إلغاء الحكم وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة
للحكم فيها من جديد بل تصحح البطلان وتحكم في الدعوى، وذلك وفقاً لما تقضي به
المادة 419/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية، ولا تكون المحكمة الاستئنافية عند نظر
الموضوع ملزمة بأن تسمع الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة من جديد، إذ أن
البطلان إنما ينصب على الحكم الابتدائي ولا يتعداه إلى إجراءات المحاكمة التي تمت
وفقاً للقانون طالما أن محكمة الدرجة الأولى كانت مختصة بنظر الدعوى، وكانت الدعوى
قد رفعت أمامها على وجه صحيح.
2 - حق النيابة في
الاستئناف مطلق تباشره في الموعد المقرر له متى كان الحكم جائزاً استئنافه ويكون
على غير أساس ما يثيره المتهم من عدم قبول استئناف النيابة لارتضائها الحكم
الابتدائي.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: سب عائشة علي القط علناً سباً مخدشاً للشرف والعرض بأن وجه إليها
الألفاظ الواردة بالمحضر على مسمع من أشخاص آخرين. وطلبت عقابه بالمادتين 171 و306
من قانون العقوبات. وادعت عائشة علي القط المجني عليها بحق مدني وطلبت الحكم إليها
قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب
المحاماة. ومحكمة حلوان الجزئية قضت حضورياً تطبيقاً لمادتي الاتهام بتغريم المتهم
عشرة جنيهات وإلزامه بأن يدفع للمدعية مدنياً قرشاً صاغاً على سبيل التعويض المؤقت
مع المصاريف ومائة قرش أتعاباً للمحاماة. فاستأنف المحكوم عليه وأمام محكمة مصر
الابتدائية التي نظرت استئنافه دفع ببطلان الحكم المستأنف لعدم التوقيع عليه خلال
الثلاثين يوماً التالية لتاريخ صدوره. فقضت المحكمة المذكورة بقبول الاستئناف
شكلاً وفي الموضوع ببطلان الحكم المستأنف. ولما أعادت النيابة القضية لمحكمة حلوان
الجزئية قضت بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. فاستأنفت النيابة هذا الحكم
وأمام محكمة مصر الابتدائية دفع المحكوم عليه بعدم جواز نظر هذا الاستئناف لموافقة
النيابة على الحكم الابتدائي، ثم قضت المحكمة المذكورة. أولاً: بقبول الاستئناف
شكلاً وفي موضوعه بتأييد الحكم المستأنف الخاص بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل
فيها، وثانياً: في الموضوع بتغريم المتهم عشرة جنيهات وإلزامه بأن يدفع للمدعية
بالحقوق المدنية قرشاً صاغاً على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات المدنية عن
الدرجتين ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وبتاريخ 14 من مايو سنة 1955 حصل المحكوم
عليه على شهادة رسمية تفيد أن الحكم الاستئنافي لم يودع قلم الكتاب موقعاً عليه
حتى التاريخ المذكور فقرر المحكوم عليه الطعن على الحكم المذكور بطريق النقض....
الخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأول
من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله إذ قضى بإدانة
الطاعن والحكم عليه بالعقوبة بعد أن أيد الحكم الابتدائي القاضي بعدم جواز نظر
الدعوى لسبق الفصل فيها، وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقصر حكمها على
القضاء بتأييد الحكم بعدم جواز نظر الدعوى فلا تتعرض للموضوع الذي امتنع عليها بعد
أن استنفدت ولايتها بتأييدها الحكم الابتدائي بعدم جواز نظر الدعوى، وفي القضاء
بهما معاً تناقض يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى العمومية
أقيمت على الطاعن بوصف أنه في يوم 22/ 5/
1952 بدائرة قسم المعادي سب عائشة علي القط علناً سباً مخدشاً للشرف والعرض
بأن وجه إليها الألفاظ الواردة بالمحضر على مسمع من أشخاص آخرين، وطلبت النيابة
عقابه بالمادتين 171 و306 من قانون العقوبات. وقضت محكمة حلوان الجزئية في الدعوى
بالعقوبة والتعويض. فاستأنف الطاعن، ودفع ببطلان الحكم المستأنف لعدم التوقيع عليه
خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ صدوره، فقضت محكمة ثاني درجة بجلسة 21 من مارس
سنة 1953 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع ببطلان الحكم الصادر من محكمة جنح
حلوان الجزئية بتاريخ 15/ 12/ 1952 وأعادت النيابة القضية إلى محكمة حلوان
الجزئية، فقضت بجلسة 22/ 6/ 1953 بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. فاستأنفت
النيابة هذا الحكم ودفع الطاعن بعدم جواز الاستئناف لموافقة النيابة على الحكم
الابتدائي، وقضت المحكمة الاستئنافية بجلسة 2/ 4/ 1955 بقبول الاستئناف شكلاً
وتأييد الحكم المستأنف الخاص بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وفي الموضوع
بتغريم المتهم عشرة جنيهات وبالتعويض، فقرر المتهم بالطعن بطريق النقض في هذا
الحكم.
وحيث إنه لما كانت المادة
419/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "إذا حكمت محكمة أول درجة في
الموضوع ورأت المحكمة الاستئنافية أن هناك بطلاناً في الإجراءات أو في الحكم تصحح
البطلان وتحكم في الدعوى" فلا تملك المحكمة الاستئنافية في هذه الحالة أن
تقتصر على إلغاء الحكم وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للحكم فيها من جديد، بل
تصحح البطلان وتحكم في الدعوى، ذلك لأن محكمة أول درجة وقد استنفدت ولايتها بإصدار
حكم في الموضوع - لا سبيل إلى إعادة القضية إليها، ولا تكون المحكمة الاستئنافية
عند نظر الموضوع ملزمة بأن تسمع الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة من جديد، إذ
البطلان إنما ينصب على الحكم الابتدائي ولا يتعداه إلى إجراءات المحاكمة التي تمت
وفقاً للقانون طالما أن محكمة الدرجة الأولى كانت مختصة بنظر الدعوى، وكانت الدعوى
قد رفعت أمامها على وجه صحيح، لما كان ذلك، وكانت النيابة قد أخطأت في إحالة
الدعوى إلى محكمة أول درجة - بعد أن قضت المحكمة الاستئنافية ببطلان الحكم الذي
أصدرته، وكان هذا لا يحول دون نظر الدعوى بمعرفة المحكمة الاستئنافية المختصة
قانوناً بنظرها للفصل في موضوعها بعد أن أعيدت إليها عن طريق استئناف النيابة -
لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي بعدم جواز نظر
الدعوى وبالعقوبة وبالتعويض في موضوعها يكون صحيحاً ويكون النعي عليه بالخطأ في
تطبيق القانون غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه
الثاني هو قصور الحكم في الرد على دفاع الطاعن بعدم قبول استئناف النيابة
لارتضائها الحكم الابتدائي. هذا فضلاً عن إخلالها بدفاعه حين قضت في موضوع الدعوى
قبل سماع الشهود وأوجه الدفاع الموضوعية.
وحيث إنه لما كان الحكم
المطعون فيه قد قضى بقبول استئناف النيابة شكلاً لاستيفائه الشكل المقرر في
القانون، وكان حق النيابة في الاستئناف مطلقاً تباشره في الموعد المقرر له متى كان
الحكم جائزاً استئنافه، وكانت المحكمة الاستئنافية غير ملزمة بأن تسمع من الشهود
إلا ما ترى هي لزوماً لسماعهم، بعد أن تحققت شفوية المرافعة أثناء المحاكمة
الابتدائية، وكانت قد أرجأت النطق بالحكم لجلسة أخرى بعد أن سمعت دفاع المتهم
وأذنت للخصوم في تقديم مذكرات بدفاعهم، ولم تجعل قرارها مقصوراً على الدفع الذي
أثاره الطاعن بل أطلقته وكان الطاعن مع هذا الإطلاق قد قصر دفاعه في المذكرة التي
قدمها على الدفع فقط، ولم يضمنها كل ما عن له من دفاع، فليس له أن ينعي على
المحكمة أنها قضت في الدعوى دون أن تسمع دفاعه في موضوعها ويكون ما أثير في هذا
الوجه أيضاً على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق