جلسة 24 مايو سنة 1945
برياسة سعادة محمد زكي
علي باشا وكيل المحكمة وحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت
بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.
---------------
(259)
القضية رقم 133 سنة 14
القضائية
استرداد الحصة المبيعة.
الغرض من المادة 462:
حماية الشركاء الأصليين من الأجنبي الدخيل عليهم. حصة شائعة ظاهرة سهولة تسليمها
للمشتري دون إخلال بالغرض الذي ترمي إليه المادة 462. لا يصح استردادها.
--------------
إن حكمة المادة 462 من
القانون المدني هي حماية الشركاء الأصليين الذين جمعت بينهم القرابة العائلية أو
الرغبة الاختيارية من الأجنبي الدخيل عليهم، تجنباً لاطلاعه على أحوال التركة أو
الشركة ولما قد يترتب على تدخله من ارتباك لهم سواء أثناء قيام الشركة بينهم أو
عند تصفيتها. وإذ كانت هذه هي الحكمة في تقرير حق الاسترداد فإنه لا يكون له محل
في الحصة الشائعة في العقار أو العقارات المعينة التي يتبادر بجلاء وبلا أدنى شك
سهولة تسليمها للمشتري الأجنبي دون ذلك الاطلاع أو الارتباك، ودون احتمال اشتراكه
في قسمة عموم أموال التركة أو الشركة، بل هذه تكون مستثناة من حق الاسترداد. فإذا
كان الحكم قد أثبت أن البيع وقع على حصة في أعيان معينة، وأنه يسهل تسليمها دون
اطلاع على أوراق الشركة وأسرارها، ولم تعترض الطاعنة على ذلك في طعنها في الحكم
بطريق النقض ففيما أثبته الحكم من ذلك ما يكفي لاعتبارها غير محقة في المطالبة
بالاسترداد عملاً بالمادة 462 سالفة الذكر.
الوقائع
تتحصل وقائع هذا الطعن في
أن الطاعنة أقامت أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 912 سنة 1943 كلي على
المطعون ضدهما وقالت في صحيفتها إن المطعون ضدها الأولى اشترت من المطعون ضدها
الأخرى اثني عشر سهماً من أربعة وعشرين قيراطاً على الشيوع في منفعة أرض محكرة بما
عليها من مبان وأكشاك خشبية وعشش قديمة بثمن إجمالي قدره 180 جنيهاً وبما أنها (أي
الطاعنة) شريكة على الشيوع بالإرث في ملكية هذه الأعيان فهي تطلب الحكم باستحقاقها
لاسترداد تلك الحصة المبيعة في مقابل دفع ثمنها المذكور عملاً بالمادة 462 من
القانون المدني.
وفي 21 من فبراير سنة
1943 حكمت محكمة مصر باستحقاق الطاعنة لاسترداد الحصة المذكورة في نظير الثمن
المذكور وبإلزام المطعون ضدها الأولى بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة،
ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
استأنفت المطعون ضدها
الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر.
وفي 4 من يونيه سنة 1944
حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم استحقاق الطاعنة لاسترداد الحصة
المذكورة وإلزامها بمصاريف الدرجتين وبمبلغ 600 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
أعلن هذا الحكم إلى
الطاعنة في 23 من يوليه سنة 1944 فقررت الطعن فيه بطريق النقض في 21 من أغسطس إلخ
إلخ.
المحكمة
وحيث إن محصل الطعن أن
الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل المادة 462 من القانون المدني: - (أولاً) إذ قصر
حق الاسترداد على الشركاء الأصليين الذين ألفوا الشركة إذا كان سببها العقد أو
الذين كانوا موجودين وقت نشوئها إذا كان سببها الإرث، مع أن نص المادة العربي، وهو
المعول عليه أمام المحاكم الأهلية، جاء مطلقاً خالياً من لفظة
"الأصليين". على أن الشارع لم يرد بهذه اللفظة الواردة في النص الفرنسي
من نشأ بينهم الشيوع من بادئ الأمر بل من وجد بينهم الشيوع قبل بيع الحصة المطلوب
استردادها. (وثانياً) إذ قال إن المادة المذكورة وضعت لحالة خاصة هي حالة بيع أحد
الورثة حصته الشائعة أو جزءاً منها في التركة بحيث يدخل في ذلك كل ما اشتملت عليه
من عقار ومنقول وما لها وما عليها من حقوق وديون، وهذا لا أساس له من النص ولا من
حكمة التشريع وهي منع إفشاء أسرار الشركة. وهذه الحكمة متوافرة في بيع أعيان معينة
للشركة توافرها في بيع حصة شائعة في مجموع حقوقها.
وحيث إن حكمة تشريع
المادة 462 من القانون المدني هي حماية الشركاء الأصليين الذين جمعت بينهم القرابة
العائلية أو الرغبة الاختيارية من الأجنبي الدخيل عليهم تجنباً لاطلاعه على أحوال
التركة أو الشركة ولما قد يترتب على تدخله من ارتباك لهم سواء أثناء قيام الشركة
بينهم أو عند تصفيتها. ولما كانت هذه هي الحكمة في تقرير حق الاسترداد فإنه لا
يكون له محل في الحصة الشائعة في العقار أو العقارات المعينة التي يتبادر بجلاء
وبلا أدنى شك سهولة تسليمها للمشتري الأجنبي دون ذلك الاطلاع أو الارتباك، ودون
احتمال اشتراكه في قسمة عموم أموال التركة أو الشركة، ولذا تكون مستثناة من حق
الاسترداد.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه قد أثبت أن البيع وقع على حصة في أعيان معينة وأنه يسهل تسليمها دون الاطلاع
على أوراق الشركة وأسرارها، ولم تعترض الطاعنة على ذلك في طعنها. وفي هذا الذي
أثبته الحكم المطعون فيه ما يكفي لاعتبار الطاعنة غير محقة في المطالبة بالاسترداد
عملاً بالمادة 462 سالفة الذكر دون حاجة إلى التوسع في البحث الذي تثيره الطاعنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق