جلسة 2 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل
نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف وبهيج القصبجي ومحمد إسماعيل.
----------------------
(170)
الطعن رقم 5495 لسنة 61
القضائية
(1)دعوى
مدنية. تضامن. تعويض. قتل عمد.
التضامن في التعويض بين
الفاعلين الذين أسهموا في إحداث الضرر. واجب بنص القانون. ما دام قد ثبت اتحاد
الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث.
التضامن يكون قائماً ولو
أغفل الحكم النص عليه.
(2)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها". دعوى مدنية. اشتراك. قتل عمد.
القضاء بالبراءة للشك.
حده. إحاطة الحكم بواقعة الدعوى وخلوه من عيوب التسبيب والخطأ في القانون.
مثال لتسبيب سائغ للقضاء
بالبراءة ورفض الدعوى المدنية في جريمة اشتراك في قتل عمد.
الجدل الموضوعي غير جائز.
أمام محكمة النقض.
(3) محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. قصد جنائي. باعث. حكم "تسبيبه.
تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي
إدراكه من الظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما
يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل
على نية القتل.
(4)عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في
الطعن". قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
لا مصلحة للطاعنين في
النعي على الحكم في استظهار نية القتل. ما دامت العقوبة المقضى بها مبررة في
القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
(5)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها
في تقدير الدليل". استدلالات.
تقدير جدية التحريات
وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(6)تفتيش "إذن التفتيش". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش
بعد القبض". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بصدور إذن التفتيش
بعد القبض والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء
على الإذن. رداً عليه.
(7)إثبات "قرائن". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا
يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما
لا يقبل منها".
استناد الحكم إلى وجود
بصمة للطاعن الأول على نظارة المجني عليها. كقرينة معززة لأدلة الثبوت الأساسية
التي انبنى عليها. لا عيب.
(8)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع
"الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بارتكاب آخر
للجريمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(9) حكم "بياناته. بيانات
الديباجة". محضر الجلسة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محضر الجلسة يُكمل الحكم
في خصوص سائر بيانات الديباجة. عدا التاريخ.
خلو الحكم من أسماء
المدعيين بالحقوق المدنية. لا يعيبه. متى استوفى محضر الجلسة هذا البيان.
------------------
1 - من المقرر أن التضامن
في التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا في إحداث الضرر واجب بنص القانون ما دام قد
ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرر بالمجني عليهم. ومن
ثم فإن التضامن يكون قائماً ولو أغفل الحكم النص عليه ويكون ما يثيره المدعون
بالحقوق المدنية في هذا الصدد غير سديد.
2 - من المقرر أنه يكفي
أن يتشكك القاضي في ثبوت التهمة بالبراءة ورفض الدعوى المدنية ما دامت المحكمة قد
ألمت بواقعة الدعوى وأدلتها وخلا حكمها من عيوب التسبيب ومن الخطأ في القانون،
وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض في الدعوى ببراءة المطعون ضده
الرابع ورفض الدعوى المدنية قبله إلا بعد أن ألمت بأدلتها كافة وأقسطت كل ذلك حقه
وانتهت في حدود سلطتها التقديرية إلى أنه لم يثبت أن المتهم الرابع قد حرض أحداً
واتفق معه على ارتكاب الحادث وأطرحت تحريات الشرطة في هذا الصدد وما جاء بأقوال
المتهمين الثلاثة الأول من علمهم بوجود اتفاق بين المطعون ضده الرابع وبين المتهم
المتوفى تأسيساً على أنهم لم يشاهدوا المتهم الرابع أو يحضروا هذا الاتفاق، فضلاً
عن أن أقوال بعض المدعين بالحقوق المدنية أمام المحكمة قد خلت مما يفيد علمهم
بوجود هذا الاتفاق، ومن ثم فإن ما يثيره المدعون بالحقوق المدنية لا يعدو في
حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى
واستنباط معتقدها منه وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الحكم
المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين في قوله: "وحيث
إنه عن نية القتل فإنها ثابتة في حق المتهمين الثلاثة الأول على وجه القطع واليقين
وذلك مما ثبت للمحكمة من مباغته المتهمين للمجني عليها وطرحها أرضاً وتوثيق يديها
ورجليها وحشو فمها بغطاء رأسها وتثبيته بالبلاستر كما هو ثابت بمحضر معاينة الجثة
ولم يكتف المتهمان الأول والثاني بذلك بل قاما بفعل مادي آخر يكشف بجلاء لا لبس
فيه عن توافر نية القتل لديهما هو خنقها بأن لفا حول رقبتها ايشارب وجذباه بشدة
قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا بها الانسكاب الدموي أسفل الذقن وبأعلى العنق وكسر
بالجناح الأيسر من العظم اللامي، وقد ثبت ذلك من صلب تقرير الصفة التشريحية، كما
ثبتت هذه النية مما شهد به المقدم....... من أن المتهمين كانوا يقصدون قتل المجني
عليها ليتمكنوا من سرقتها ومما يقطع بوجود نية القتل لدى المتهمين أنهم اعترفوا
بتحقيقات النيابة العامة أنهم صعدوا لشقة المجني عليها قبل الحادث بقليل وطرقوا
بابها فلم يجدوها ونزلوا ومكثوا مع المتهم المتوفى أمام المنزل إلى أن حضرت المجني
عليها وصعدت إلى شقتها ثم صعدوا خلفها وطرقوا بابها وما أن فتحت لهم حتى قاموا
بطرحها أرضاً وتوثيقها وكم فاها ليتمكنوا من سرقة حليها من حلق وخاتم كانت تتحلى
بهما وبقية المسروقات" لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك
بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية
التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى
موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ما قاله الحكم في شأن
استظهار نية القتل وقيامها في حق الطاعنين سائغاً وصحيحاً في القانون ويتضمن الرد
على ما أثاره في شأن تكييفهم للواقعة بوصف أنها ضرب أفضى إلى الموت.
4 - لا مصلحة للطاعنين في
النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضى بها مبررة
في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد، ومن ثم فإن ما يثيرونه في هذا الصدد لا
يكون له محل.
5 - لما كان تقدير جدية
التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر
فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت
بتوافر مسوغات إصدار الإذن كما هو الحال في الدعوى فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام
محكمة النقض.
6 - من المقرر أن الدفع
بصدور الإذن بعد القبض والتفتيش دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى
وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها،
وكانت المحكمة في الدعوى الراهنة قد اقتنعت بناء على الأدلة السائغة التي أوردتها
بأن الضبط والتفتيش تما بناء على إذن النيابة العامة، فمن ثم يكون النعي على الحكم
في هذا الشأن غير سديد.
7 - لما كان البين من
الحكم المطعون فيه أن المحكمة عولت على ضبط نظارة المجني عليها ووجود بصمة للطاعن
الأول عليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح عليها في ذلك
ما دام أنها لم تتخذ منها دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعنين، وما دامت
المحكمة قد أثبتت وجود الطاعنين جميعاً على مسرح الجريمة واتفاقهم على القتل
تسهيلاً للسرقة فإن في تعويلها على هذه البصمة كقرينة قبلهم جميعاً لا يعيب حكمها،
ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول.
8 - لما كان ما يثيره
الطاعنون من احتمال قيام آخر بقتل المجني عليها عقب مغادرتهم مسكنها، مردوداً بأنه
في حقيقته جدل موضوعي في تصوير الحكم للحادث وتقديره لأدلة الثبوت التي استنبطت
منها المحكمة معتقدها في الدعوى مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى
محكمة النقض هذا فضلاً عن أن الدفع بارتكاب آخر للجريمة هو دفاع موضوعي يكفي للرد
عليه أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا المقام
يكون غير سديد.
9 - لما كان الثابت من
محاضر جلسات المحاكمة أنها تضمنت أسماء المدعين بالحقوق المدنية وكان من المقرر أن
محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص سائر بيانات الديباجة - عدا تاريخ صدوره - فإن خلو
الحكم من هذا البيان يكون بمنأى عن البطلان ما دام محضر الجلسة قد استوفى هذا
البيان.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
كلاً من 1 -....... طاعن ومطعون ضده. 2 -....... طاعن ومطعون ضده. 3 -........
طاعن ومطعون ضده. 4 -....... مطعون ضده بأنهم: المتهمون الثلاثة الأول قتلوا
"وآخر توفى" عمداً........ بأن توجهوا لمسكنها وتمكنوا من دخوله وقيد
المتهمان الأولان يديها وساقيها بالشاش وحشوا فمها بغطاء رأسها وثبتا عليه شريطاً
لاصقاً ثم لفا حول عنقها جسم لين - ايشارب - وجذباه بشدة قاصدين من ذلك قتلها
فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد
ارتكبت جناية القتل تسهيلاً لارتكابهم جنحة السرقة المنصوص عليها في المادة 317/
1، 5 عقوبات إذ أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا الأشياء المبينة وصفاً
وقيمة بالأوراق المملوكة للمجني عليها سالفة الذكر ولـ....... من مسكنيهما. المتهم
الرابع: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم المتوفى....... على ارتكاب
الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معه على ارتكابها وساعده بأن زوده بكافة المعلومات
الخاصة بالمجني عليها ومسكنها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة
وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة. وادعى ورثة المجني عليها مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين
جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة
234/ 1، 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة
المتهمين الثلاثة الأول بالأشغال الشاقة خمس سنوات. ثانياً: براءة المتهم الرابع
مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية قبله. ثالثاً: بإلزام المتهمين الثلاثة الأول
بأن يدفعوا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض
المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم
والأستاذ....... المحامي نيابة عن المدعين بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق
النقض....... إلخ.
المحكمة
أولاً: عن طعن المدعين
بالحقوق المدنية:
من حيث إن المدعين
بالحقوق المدنية ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلزام المطعون ضدهم
الثلاثة الأول بالتعويض دون أن ينص على التضامن فيما بينهم قد أخطأ في تطبيق
القانون، وإذ قضى بتبرئة المطعون ضده الرابع ورفض دعواهم المدنية قبله قد شابه
الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه قد اشترط مساءلة المطعون ضده كشريك في الجريمة
قيام وسيلة اشتراك مباشرة بين الفاعل الأصلي والشريك والتفت عن اعتراف المطعون
ضدهم الثلاثة الأول بالتحقيقات بارتكابهم الحادث نتيجة الاشتراك بطريقي الاتفاق
والمساعدة بين المطعون ضده الرابع ومتهم آخر توفى قبل صدور قرار الإحالة في الدعوى
وهو ما تأيد بأقوال المقدم....... الذي أجرى تحرياته في الواقعة، كل ذلك يعيب
الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أن
التضامن في التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا في إحداث الضرر واجب بنص القانون ما
دام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرر بالمجني
عليهم. ومن ثم فإن التضامن يكون قائماً ولو أغفل الحكم النص عليه ويكون ما يثيره
المدعون بالحقوق المدنية في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه
يكفي أن يتشكك القاضي في ثبوت التهمة ليقضي بالبراءة ورفض الدعوى المدنية ما دامت
المحكمة قد ألمت بواقعة الدعوى وأدلتها وخلا حكمها من عيوب التسبيب ومن الخطأ في
القانون، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض في الدعوى ببراءة
المطعون ضده الرابع ورفض الدعوى المدنية قبله إلا بعد أن ألمت بأدلتها كافة وأقسطت
كل ذلك حقه وانتهت في حدود سلطتها التقديرية إلى أنه لم يثبت أن المتهم الرابع قد
حرض أحداً واتفق معه على ارتكاب الحادث وأطرحت تحريات الشرطة في هذا الصدد وما جاء
بأقوال المتهمين الثلاثة الأول من علمهم بوجود اتفاق بين المطعون ضده الرابع وبين
المتهم المتوفى تأسيساً على أنهم لم يشاهدوا المتهم الرابع أو يحضروا هذا الاتفاق،
فضلاً عن أن أقوال بعض المدعين بالحقوق المدنية أمام المحكمة قد خلت مما يفيد
علمهم بوجود هذا الاتفاق، ومن ثم فإن ما يثيره المدعون بالحقوق المدنية لا يعدو في
حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى
واستنباط معتقدها منه وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم
فإن طعن المدعين بالحقوق المدنية يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً وإلزامهم
المصاريف المدنية مع مصادرة الكفالة.
ثانياً: عن طعن المحكوم
عليهم:
من حيث إن مبنى الطعن هو
أن الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجريمة القتل العمد بقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة،
قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه
دلل على توافر نية القتل في حقهم بما لا يصلح سنداً لقيامها ولم يرد على دفاعهم
بأن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أقضى إلى الموت بدلالة عدم استعمالهم سلاحاً
قاتلاً، كما أنهم دفعوا ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لعدم جدية
التحريات التي بني عليها، ولصدوره بعد القبض والتفتيش، إلا أن الحكم المطعون فيه
رد على هذين الدفعين برد غير سائغ ودلل على ثبوت الجريمة في حقهم بوجود بصمة
للطاعن الأول على نظارة المجني عليها التي ضبطت بمكان لم يحدده الحكم رغم أن ذلك
لا يصلح دليلاً لإدانة باقي المتهمين، كما أن الفترة بين مغادرة الطاعنين لمسكن
المجني عليها وبين اكتشاف الحادث تسمح بقيام آخر بقتلها كما خلا الحكم من أسماء
المدعين بالحقوق المدنية كل ذلك يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد
بقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة
من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض
لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين في قوله "وحيث إنه عن نية القتل
فإنها ثابتة في حق المتهمين الثلاثة الأول على وجه القطع واليقين وذلك مما ثبت
للمحكمة من مباغتة المتهمين للمجني عليها وطرحها أرضاً وتوثيق يديها ورجليها وحشو
فمها بغطاء رأسها وتثبيته بالبلاستر كما هو ثابت بمحضر معاينة الجثة ولم يكتف
المتهمان الأول والثاني بذلك بل قاما بفعل مادي آخر يكشف بجلاء لا لبس فيه عن
توافر نية القتل لديهما هو خنقها بأن لفا حول رقبتها ايشارب وجذباه بشدة قاصدين من
ذلك قتلها فأحدثا بها الانسكاب الدموي أسفل الذقن وبأعلى العنق وكسر بالجناح
الأيسر من العظم اللامي، وقد ثبت ذلك من صلب تقرير الصفة التشريحية، كما ثبتت هذه
النية مما شهد به المقدم........ من أن المتهمين كانوا يقصدون قتل المجني عليها
ليتمكنوا من سرقتها ومما يقطع بوجود نية القتل لدى المتهمين أنهم اعترفوا بتحقيقات
النيابة العامة أنهم صعدوا لشقة المجني عليها قبل الحادث بقليل وطرقوا بابها فلم
يجدوها ونزلوا ومكثوا مع المتهم المتوفى أمام المنزل إلى أن حضرت المجني عليها
وصعدت إلى شقتها ثم صعدوا خلفها وطرقوا بابها وما أن فتحت لهم حتى قاموا بطرحها
أرضاً وتوثيقها وكم فاها ليتمكنوا من سرقة حليها من حلق وخاتم كانت تتحلى بهما
وبقية المسروقات". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر
وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها
الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى
قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ما قاله الحكم في شأن استظهار نية
القتل وقيامها في حق الطاعنين سائغاً وصحيحاً في القانون ويتضمن الرد على ما أثاره
في شأن تكييفهم للواقعة بوصف أنها ضرب أفضى إلى الموت. فضلاً عن أنه لا مصلحة
للطاعنين في النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضى
بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد، ومن ثم فإن ما يثيرونه في هذا
الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار
الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت
إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار الإذن كما
هو الحال في الدعوى فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان
من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد القبض والتفتيش دفاع موضوعي يكفي للرد عليه
اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة
السائغة التي أوردتها، وكانت المحكمة في الدعوى الراهنة قد اقتنعت بناء على الأدلة
السائغة التي أوردتها بأن الضبط والتفتيش تما بناء على إذن النيابة العامة، فمن ثم
يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم
المطعون فيه أن المحكمة عولت على ضبط نظارة المجني عليها ووجود بصمة للطاعن الأول
عليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح عليها في ذلك ما دام
أنها لم تتخذ منها دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعنين، وما دامت
المحكمة قد أثبتت وجود الطاعنين جميعاً على مسرح الجريمة واتفاقهم على القتل
تسهيلاً للسرقة فإن في تعويلها على هذه البصمة كقرينة قبلهم جميعاً لا يعيب حكمها،
ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما يثيره
الطاعنون من احتمال قيام آخر بقتل المجني عليها عقب مغادرتهم مسكنها، مردوداً بأنه
في حقيقته جدل موضوعي في تصوير الحكم للحادث وتقديره لأدلة الثبوت التي استنبطت
منها المحكمة معتقدها في الدعوى مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى
محكمة النقض هذا فضلاً عن أن الدفع بارتكاب آخر للجريمة هو دفاع موضوعي يكفي للرد
عليه أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا المقام
يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أنها تضمنت
أسماء المدعين بالحقوق المدنية وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص
سائر بيانات الديباجة - عدا تاريخ صدوره - فإن خلو الحكم من هذا البيان يكون بمنأى
عن البطلان ما دام محضر الجلسة قد استوفى هذا البيان. لما كان ما تقدم فإن طعن
المحكوم عليهم يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزامهم المصاريف
المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق