جلسة 15 من ديسمبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين وبدر الدين السيد وحسن أبو المعالي أبو النصر ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة.
----------------
(193)
الطعن رقم 47271 لسنة 59 القضائية
(1) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. مسئولية جنائية.
جريمة إصدار شيك بدون رصيد. مناط تحققها؟
الأسباب التي دعت إلى إصدار شيك. دوافع لا أثر لها على المسئولية الجنائية.
(2) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
احتفاظ المستفيد بالشيك بعد تخالصه مع الساحب واستبداله بشيكات أخرى. لا يصلح مجرداً سبباً من أسباب الإباحة. علة ذلك: عدم اندراجه تحت مفهوم حالة الضياع وما في حكمها والتي تبيح للساحب اتخاذ ما يصون به ماله دون توقف على حكم من القضاء. مخالفة ذلك: خطأ في القانون.
(3) عقوبة "تطبيقها". نقض "نظره والحكم فيه".
تطبيق العقوبة في حدود نص القانون المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع. نقض الحكم يوجب أن يكون مقروناً بالإعادة.
الوقائع
أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح النزهة ضد المطعون ضده بوصف أنه أصدر لها شكياً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلبت عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. وإلزامه بأن يدفع لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضي في معارضته بعدم قبولها. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية.
فطعن كل من الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المدعية بالحقوق المدنية والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنتان "النيابة العامة والمدعية بالحقوق المدنية" على الحكم المطعون فيه أنه قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إعطاء شيك بدون رصيد ورفض الدعوى المدنية. قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه أسس قضاءه على المخالصة المنسوبة إلى وكيل المدعية بالحقوق المدنية - التي جحدها فيما بعد - متضمنة إلغاء الشيك موضوع هذه الدعوى واستبداله بأربعة شيكات، وتعهده برده إلى المطعون ضده في حينه ويضحى بذلك أمانة طرف المدعية بالحقوق المدنية يتعين عليها ألا تقدمه للبنك لصرف قيمته وأن ترده إلى المطعون ضده. على حين أن ذلك الذي انتهى إليه الحكم لا يدخل ضمن حالات الاستثناء التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق إحدى جرائم سلب المال وبالتالي لا ينال من مسئولية المطعون ضده عن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى ودفاع الطرفين فيها خلص إلى براءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على ما نصه "...... وقد جاء بأقوال وكيل المدعية بالحق المدني بتحقيقات النيابة ما يفيد أنه سوف يطعن بالتزوير على هذين الإقرارين أثناء نظر هذه الدعوى إلا أنه لم يطعن بثمة طعن الأمر الذي تكون معه هذه المخالصة والمقدمة من وكيل المدعية بالحق المدني والمؤرخة.... والتي جاء بها أن قيمة الشيك محل هذه الدعوى وآخر قد حرر بهما أربعة شيكات وأن ميعاد استحقاق هذا الشيك محل هذه الدعوى هو في........ وأن الوكيل قد تعهد برد هذا الشيك وآخر إلى المتهم فور العثور عليهما وعدم تقديمهما للبنك وبذلك تغيرت صفة المدعية بالحق المدني من مستفيدة من هذا الشيك إلى صفة أمينة وذلك بعد حصولها على أربع شيكات أخرى وبذلك تنعدم أركان جريمة الشيك بدون رصيد في الأوراق مما يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما هو منسوب إليه إعمالاً لنص المادة 304/ 1 إجراءات جنائية..". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق. إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك في التداول باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات، ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره لأنها دوافع لا أثر لها على مسئوليته الجنائية. وكان ما ذهب إليه الحكم باستبدال أربعة شيكات بالشيك موضوع الدعوى لا ينفي توافر أركان جريمة إعطاء شيك بسوء نية لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ما دام أن صاحب الشيك لم يسترده من المجني عليه، كما أن احتفاظ المستفيد بالشيك بعد تخالصه من الساحب. أو استبدال شيكات أخرى به - كالحال في الدعوى - لا يندرج تحت مفهوم حال ضياع الشيك وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق إحدى جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة والسرقة بظروف والنصب والتبديد وأيضاً الحصول عليه بطريق التهديد. فحالة الضياع وما يدخل في حكمها هي التي أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديراً من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحال على حق المستفيد وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التي لا بد لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سبباً للإباحة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. ولما كان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع تعين أن يكون مع النقض الإعادة بالنسبة للدعويين الجنائية والمدنية. وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق