الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 مارس 2015

(الطعن 6280 لسنة 66 ق جلسة 13 / 4 / 1998 مكتب فني 49 ق 72 ص 548)

  برئاسة محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية محمد حسام الدين الغريانى ومحمد شتا واحمد عبد القوى ومحمد الصيرفى نواب رئيس المحكمة .
----------------
1 - لما كان الطاعن الثانى وان قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه ومن ثم تعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 .

2 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعى يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التى أوردتها فى حكمها.

3 - من المقرر أن مؤدى ما نصت عليه المادتان 126 و199 من قانون الإجراءات الجنائية أن للنيابة العامة ـ عندما تباشر التحقيق ـ أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم ، أو بالقبض عليه وإحضاره ، وتقدير الأحوال التى تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناء على طلب من مأمور الضبط القضائى أو أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم . لما كان ذلك وكان الحكم قد سوغ القبض على الطاعنين الأول والثالث ـ نفاذاً لهذا الأمر ـ من مأمور الضبط القضائى خارج نطاق اختصاصه المكانى استناداً إلى وقوع الجريمة فى دائرة اختصاصه وامتداد هذا الاختصاص إلى تتبع مرتكبيها خارج تلك الدائرة بحكم الضرورة التى اقتضته ، وهو رد صحيح وسائغ ، كما أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص فى إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصة المكانى ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة ، فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان منها .

4 - إن الاعتراف فى المواد الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ، فلها ـ دون غيرها ـ البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، وكانت المحكمة إذ تحققت من أن إصابة كل من الطاعن والمتهم الثانى منبتة الصلة تماماً بالاعتراف الذى أدلى به كل منهما ، واطمأنت إلى أن هذا الاعتراف سليم مما يشوبه . فإنها تكون قد مارست السلطة المخولة لها بغير معقب عليها.

5 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة وعويل القضاء عليها مرحعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون معقب ، ولها أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته ، وفى اطمئنانها إلى أقوال الشهود مايعيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإنه لايعيب الحكم ما يثيره الطاعن من أن شهود الإثبات قد اختلفت أقوالهم فى بعض تفصيلات معينة مادام الثابت أنه قد حصل تلك الأقوال بما لاتناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يستند إليها فى تكوين عقيدته كما لايعيبه عدم الرد على ما أثاره الطاعن من تشكيك فى معقولية روايتهم.

6 - لما كان القانون لم يقيد المحكمة بالأدلة التى تستند النيابة العامة وباقى أطراف الدعوى الجنائية وإنما جعل لها أن تحكم فى الدعوى حس العقيدة التى تكونت لديها بكامل حريتها وأن تستمد هذه العقيدة من أى دليل ترتاح إليه طالما أنه كان مطروحاً أمامها بالجلسة ، وكان الطاعن لايمارى فى أن أقوال ..... التى عول عليها الحكم المطعون فيه قد أدلى بها هذا الشاهد فى التحقيقات الأولية التى تضمنتها محاضر الضبط وتحقيق النيابة العامة المرفقة ضمن أوراق القضية والتى اطلع عليها المدافع عنه وكانت مطروحة على بساط البحث فى الجلسة ، فإن عدم ذكر شهادة الشاهد هذا فى قائمة أدلة النيابة العامة وعدم تلاوتها بالجلسة لايصلح سبباً لتعيب الحكم المطعون فيه .

7 - لما كان الأصل أنه لايقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن ، وكانت له مصلحة فيه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى شأن بطلان ضبط المتهم الثانى يكون غير مقبول .

8 - من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة أنها التفتت عن الرد على الدفع ببطلان المواجهة التى أجرها الضابط بين المجنى عليه وبين المتهمين طالما أنها لم تعتمد عليها فى تكوين عقيدتها بالإدانة.

9 - لما كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن طلب فى إحدى الجلسات سماع شهود نفى إلا أنه فى الجلسة الختامية وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهادة ضابط المباحث ترافع محامى الطاعن دون أن يصر ـ لافى صدر مرافعته ولا فى ختامها ـ على سماع شهود النفى مما مفاده أنه عدل عن هذا الطلب وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ، ولاينفك عن التمسك به والإصرار عليه فى طلباته الختامية ، ومن ثم فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة عدم إجابته إلى طلب سماع شهود النفى أو الرد عليه.

10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن القبض على الطاعن تم بناء على أمر صادر به من النيابة العامة عقب استجواب كل من المجنى عليه والمتهم الثانى ، فلا محل لمناقشة ما يثيره الطاعن بشأن قيام أو انتفاء حالة التلبس .

11 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع .

12 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن دفع أمام محكمة الموضوع بأنه كان فاقد الشعور وقت مقارفة الجريمة حتى كان يتعين عليها أن تحقق هذا الدفاع وتفصل فيه موضوعاً، كما لايبين من الحكم أن الطاعن كان وقت مقارفته الجريمة تحت تأثير مادة مسكرة فلا يكون له أن يثير ذلك لدى محكمة النقض .

13 - لما كان الإكراه يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة ، فكما يصح أن يكون تعطيل مقاومة المجنى عليه بالوسائل المادية التى تقع مباشرة على جسمه ، فإنه يصح أيضاً أن يكون باستعمال السلاح . وإن كان الحكم لدى تحصيلة لواقعة الدعوى قد بين أن الطاعن والمتهمين الآخرين اتفقوا على ارتكاب السرقات ثم استقلوا سيارة أجرة يقودها المدنى عليه وإنهم عندما وصلوا إلى منطقة خالية من المارة طلبوا من السائق التوقف بجانب من الطريق بحجة النزول وما أن فعل حتى شهروا فى وجهه أسلحة بيضاء كانوا يحملونها وطلبوا منه إخراج كل ما يحملة من نقود مهددين له بتلك الأسلحة وبالقتل إذا علا صوتة فخاف على نفسه وتعطلت بذلك مقاومته وتمكن الجناة بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على نقوده فإن الإجراه الذى تطلبه القانون فى المادة 314 من قانون العقوبات يكون متحققاً ، ويكون غير سديد النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون بدعوى أن الإكراه لم يترك أثراً بالمجنى عليه.
-------------------
  إتهمت النيابة العامة الطاعنين فى قضية الجناية ....... بأنهم (1) سرقوا المبلغ النقدى المبين قدرا بالاوراق والمملوك لـ .... وكان ذلك بإحدى وسائل النقل البرية ليلا وبطريق الإكراه الواقع عليه بأن هددوه بأسلحة بيضاء فشلوا بذلك مقاومته وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من الإستيلاء على المسروقات والفرار بها . (2) أحرزوا أسلحة بيضاء (سكينتان ومطواة) دون مسوغ من الضرورة الحرفية والمهنية . وأحالتهم الى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 315 من قانون العقوبات والمواد 1/1 و 25مكررا و 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 165 لسنة 1988 و97 لسنة 1992 والبندين رقمى 10 و 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بالقانون الأخير مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة عشرسنوات وبمصادرة الأسلحة البيضاء المضبوطة . 
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
--------------------
     من حيث إن الطاعن الثاني........ وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسبابا لطعنه ومن ثم تعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلا عملا بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959.
أولا: الطعن المقدم من الطاعن الأول:
من حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة بطريق الإكراه شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان القبض عليه لوقوعه قبل صدور الأمر به من النيابة العامة وفي غير حالات التلبس وخارج دائرة الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي، كما دفع بانعدام التحريات التي بني عليها أمر الضبط إذ تبين من أقوال مجريها أنه لا يعرف الطاعن, ودفع كذلك ببطلان الاعتراف المنسوب إليه في محضر جمع الاستدلالات لصدوره نتيجة إكراه نجمت عنه إصابة برجله اليمنى، وقرر المتهم الثاني أنه بدوره بصم مكرها على ذلك المحضر بعد أن ضربه شرطي على مؤخرة رأسه فأصابها, كما تمسك الطاعن بعدم معقولية تصوير المجني عليه لواقعة السرقة بأنها تمت يوم عيد في مكان آهل بالسكان, وبتناقض الشاهدين في تحديد المكان الذي استقل منه المتهمون سيارة المجني عليه، وبتضارب الأخير في تحديد كيفية وقوع السرقة, فرد الحكم على مناحي هذا الدفاع بما لا يصلح لإطراحها وعول في إدانة الطاعن على أقوال......الذي لم تسمع شهادته ولا تليت بالجلسة ولا ورد ذكرها في قائمة شهود النيابة العامة, هذا إلى أن مأمور الضبط القضائي قبض على المتهم الثاني بغير مسوغ من القانون وأجرى مواجهة بين المجني عليه وبين المتهمين وهي محظورة عليه قانونا. وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بطريقة الإكراه التي دان المحكوم عليهم بها, وأقام عليها في حقهم أدلة مستقاة من أقوال كل من المجني عليه ورئيس مباحث قسم بولاق و......ومن اعتراف المتهمين بمحضر الضبط وأقوال المتهم الثاني في التحقيق الابتدائي ومن مناظرة المتهمين ومن التقرير الطبي الشرعي, وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض للدفع ببطلان القبض على الطاعن بقوله وحيث إنه في شأن الدفع المبدى ببطلان أمر النيابة العامة الصادر بالقبض على المتهمين الأول والثالث لانعدام التحريات وبطلان الضبط لحصوله قبل صدور ذلك الأمر, فإن الشطر الأول من هذا الدفع لا محل له وظاهر البطلان ذلك أن المادة 126 من قانون الإجراءات الجنائية - والتي يسري حكمها بالنسبة لما تباشره النيابة العامة من تحقيق طبقا لنص المادة 199 من ذات القانون - تجيز لسلطة التحقيق أن تصدر بحسب الأحوال أمرا لحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره, كما أجازت المادة 130 من القانون السالف إصدار مثل هذا الأمر في أحوال محددة من بينها إذا كانت الجريمة محل الاتهام يجوز فيها الحبس الاحتياطي بغير حاجة إلى تحريات متى قامت بالطبع الدلائل الكافية على ذلك الاتهام - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - إذ الجريمة محل الاتهام جناية سرقة بإكراه معاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة وقامت الدلائل الكافية على الاتهام من أقوال المجني عليه وتحريات الشرطة وأقوال المتهم الثاني بمحضري الضبط والتحقيق, أما الشطر الثاني من هذا الدفع فلا محل له أيضا، ذلك أن الثابت من تحقيق النيابة العامة أنها أصدرت أمر القبض والإحضار بالنسبة للمتهمين الغائبين الأول والثالث بعد استجوابها المجني عليه والمتهم الثاني مساء يوم 13/5/1995، وتم تنفيذ ذلك الأمر عقب صدوره بمعرفة الضابط شاهد الإثبات الثاني على النحو الذي أثبته ذلك الضابط في محضر ضبطه لهما والمؤرخ 14/5/1995 الساعة 12 و30 دقيقة صباحا وشهد به في تحقيق النيابة العامة - محل ثقة المحكمة واطمئنانها - ولا يغير من هذا النظر ما قرره المتهم الأول من أنه ضبط الساعة 2 صباح يوم 13/5/1995 ولا ما قرره المتهم الثالث من أنه ضبط الساعة 30.9 دقيقة من مساء يوم 13/5/1995 بتحقيق النيابة العامة, ذلك أن قالتهما هذه جاءت مرسلة غير مدعمة بدليل وفي مجال الدفاع عن نفسيهما في محاولة للإفلات من العقاب ولا تنال ثقة المحكمة واطمئنانها.. ولما كان ما أورده الحكم فيما تقدم سائغا في الرد على دفاع الطاعن وصحيحا في القانون, ذلك بأنه من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها, كما أن مؤدى ما نصت عليه المادتان 126 و199 من قانون الإجراءات الجنائية أن للنيابة العامة - عندما تباشر التحقيق - أن تصدر حسب الأحوال أمرا بحضور المتهم، أو بالقبض عليه وإحضاره، وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق, ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناء على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقا بتحريات حول شخص المتهم. لما كان ذلك, وكان الحكم قد سوغ القبض على الطاعنين الأول والثالث -  نفاذا لهذا الأمر - من مأمور الضبط القضائي خارج نطاق اختصاصه المكاني استنادا إلى وقوع الجريمة في دائرة اختصاصه وامتداد هذا الاختصاص إلى تتبع مرتكبيها خارج تلك الدائرة بحكم الضرورة التي اقتضته, وهو رد صحيح وسائغ، كما أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة، فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها, ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما أثاره الدفاع من بطلان الاعتراف الصادر من الطاعن والمتهم الثاني في قوله "وحيث إنه في شأن الدفع ببطلان الاعتراف الصادر من المتهمين الأول والثاني بمحضر الضبط بمقولة أنه وليد إكراه مادي تمثل في الاعتداء عليهما بالضرب الذي نتج عنه إصابتهما - فإنه مردود بما ثبت من مناظرة عضو النيابة العامة المحقق للمتهم الأول وعدم تبينه وجود أثر لإصابة ظاهرة به بخلاف الأثرين القديمين اللذين أرجعهما ذلك المتهم إلى اصطدامه بسيارة, كما أن الكشف الطبي الشرعي على ذلك المتهم لم يرد به وجود أثر لإصابة بقدمه اليمين المزعوم حدوث الاعتداء عليها بسوط, بينما أورى ذلك الكشف أثر لإصابة أخرى أسفل عظمة لوح الكتف الأيسر غير معروف سببها وتاريخ حدوثها وكيفية حدوثها ولم يرد لها ذكر بأقوال ذلك المتهم, بما تكون معه قالة المتهم المرسلة من اعتداء الشرطة عليه بغرض حثه على التوقيع على محضر الضبط المتضمن اعترافه غير متساندة إلى أساس سليم وغير جديرة بثقة المحكمة واطمئنانها. ويتعين لذلك الاعتراض منها وعدم التعويل عليها وتبرئة اعتراف ذلك المتهم من كل شائبة, أما بالنسبة لما قرره المتهم الثاني بمحضر التحقيق من أن أحد المخبرين قد دفعه وتسبب في إصابته بخلف الرأس لحثه على التوقيع على محضر الضبط الذي لا يعرف محتواه، فإن قالة المتهم في هذا الشأن غير جديرة بالثقة بدورها لورودها أيضا مرسلة وغير مدعمة بدليل, كما خلت أوراق الدعوى من دليل فني يوضح سبب الأثر الإصابي وتاريخ حدوثه وكيفية حدوثه.
ومدى جواز حدوثه وفق تصوير ذلك المتهم من عدمه، وفضلا عن ذلك فإن عرض المتهم المذكور حاليا على الطب الشرعي غير منتج لمضي نحو ثمانية أشهر على مناظرة عضو النيابة المحقق لذلك الأثر، وأخيرا فإن الضابط شاهد الإثبات الثاني قد نفى حدوث أي اعتداء من الشرطة على أي من المتهمين، الأمر الذي ترى معه المحكمة إطراح هذا الدفاع والالتفات عن مؤداه وتبرئة الاعتراف من شبهة الإكراه المزعومة". وكان الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها - دون غيرها - البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، فإن المحكمة إذ تحققت - للأسباب السائغة التي ساقتها على النحو المتقدم - من أن إصابة كل من الطاعن والمتهم الثاني مثبتة الصلة تماما بالاعتراف الذي أدلى به كل منهما، واطمأنت إلى أن هذا الاعتراف سليم مما يشوبه، تكون قد مارست السلطة المخولة لها بغير معقب عليها. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب، ولها أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته وفي اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإنه لا يعيب الحكم ما يثيره الطاعن من أن شهود الإثبات قد اختلفت أقوالهم في بعض تفصيلات معينة ما دام الثابت أنه قد حصل تلك الأقوال بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يستند إليها في تكوين عقيدته، كما لا يعنيه عدم الرد على ما أثاره الطاعن من تشكيك في معقولية روايتهم. لما كان ذلك، وكان القانون لم يقيد المحكمة بالأدلة التي تستند إليها النيابة العامة وباقي أطراف الدعوى الجنائية، وإنما جعل لها أن تحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديها بكامل حريتها وأن تستمد هذه العقيدة من أي دليل ترتاح إليه طالما أنه كان مطروحا أمامها بالجلسة، وكان الطاعن لا يمارى في أن أقوال....... التي عول عليها الحكم المطعون فيه قد أدلى بها هذا الشاهد في التحقيقات الأولية التي تضمنتها محاضر الضبط وتحقيق النيابة العامة المرفقة ضمن أوراق القضية والتي أطلع عليها المدافع عنه وكانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، فإن عدم ذكر شهادة الشاهد هذا في قائمة أدلة النيابة العامة وعدم تلاوتها بالجلسة لا يصلح سببا لتعييب الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن، وكان له مصلحة فيه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في شأن بطلان ضبط المتهم الثاني يكون غير مقبول. كما أنه لا تثريب على المحكمة أنها التفتت عن الرد على الدفع ببطلان المواجهة التي أجراها الضابط بين المجني عليه وبين المتهمين طالما أنها لم تعتمد عليها في تكوين عقيدتها بالإدانة. لما كان ما تقدم، فإن كافة ما أثاره الطاعن يكون على غير أساس ويتعين رفض طعنه موضوعا.
ثانيا: الطعن المقدم من الطاعن الثالث:
من حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة بطريق الإكراه قد أخل بحقه في الدفاع وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة لم تجب طلبه سماع شهود نفي، ورد الحكم بما لا يصلح على الدفع ببطلان القبض لإجرائه خارج دائرة اختصاص ضابط مباحث قسم بولاق الذي أجراه دون إذن من النيابة وفي غير حالات التلبس أو التتبع، ودان الحكم الطاعن بجريمة السرقة بطريق الإكراه رغم عدم وجود إصابات بالمجني عليه، وعول في إدانته على أقوال الأخير رغم تناقضه في تحديد مسار السيارة ولم تفطن المحكمة إلى قوله أن المتهمين كانوا سكارى رغم ما لهذا القول من أثر في تحديد مسئوليتهم. كما عول في إدانة الطاعن على اعتراف متهم أخر وهو لا يصلح دليلا قبله، وذلك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن طلب في إحدى الجلسات سماع شهود النفي إلا أنه في الجلسة الختامية وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهادة ضابط المباحث ترافع محامي الطاعن دون أن يصر - لا في صدر مرافعته ولا في ختامها - على سماع شهود النفي، مما مفاده أنه عدل عن هذا الطلب. وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه. ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومن ثم فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة عدم إجابته إلى طلب سماع شهود النفي أو الرد عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن القبض على الطاعن تم بناء على أمر صادر به من النيابة العامة عقب استجواب كل من المجني عليه والمتهم الثاني. فلا محل لمناقشة ما يثيره الطاعن بشأن قيام أو انتفاء حالة التلبس. ولما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، ومن ثم فلا تثريب على الحكم أنه عول على اعتراف المتهم الأول دليلا قبل الطاعن ضميمه إلى اعتراف الأخير على نفسه وإلى باقي الأدلة. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن دفع أمام محكمة الموضوع بأنه كان فاقد الشعور وقت مقارفة الجريمة حتى كان يتعين عليها أن تحقق هذا الدفاع وتفصل فيه موضوعا، كما لا يبين من الحكم أن الطاعن كان وقت مقارفته الجريمة تحت تأثير مادة مسكرة. فلا يكون له أن يثير ذلك لدى محكمة النقض. ولما كان الإكراه يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلا للسرقة فكما يصح أن يكون تعطيل مقاومة المجني عليه بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسمه، فإنه يصح أيضا أن يكون باستعمال السلاح. وإن كان الحكم لدى تحصيله لواقعة الدعوى قد بين أن الطاعن والمتهمين الآخرين "اتفقوا على ارتكاب السرقات ثم استقلوا سيارة أجرة يقودها المجني عليه وإنهم عندما وصلوا إلى منطقة خالية من المارة طلبوا من السائق التوقف بجانب من الطريق بحجة النزول وما أن فعل حتى أشهروا في وجهه أسلحة بيضاء كانوا يحملونها وطلبوا منه إخراج كل ما يحمله من نقود مهددين له بتلك الأسلحة وبالقتل إذا علا صوته فخاف على نفسه وتعطلت بذلك مقاومته وتمكن الجناة بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على نقوده....". فإن الإكراه الذي تطلبه القانون في المادة 314 من قانون العقوبات يكون متحققا، ويكون غير سديد النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون بدعوى أن الإكراه لم يترك أثرا بالمجني عليه. لما كان ما تقدم، وكان باقي ما يثيره الطاعن قد سبق الرد عليه مع أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الأول. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس حريا برفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق