الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 26 أبريل 2023

الطعن 349 لسنة 49 ق جلسة 14 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 214 ص 1118

جلسة 14 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي، محمد فتح الله وسيد عبد الباقي.

---------------

(214)
الطعن رقم 349 لسنة 49 القضائية

عقد "إنهاء العقد". تعويض.
الاتفاق على تجدد العقد تلقائياً لسنة تالية ما لم يخطر أحد الطرفين الأخر برغبته في عدم التجديد خلال مدة معينة. الإخطار الصادر بعد انقضاء هذه المهلة. أثره. تجدد العقد تلقائياً والتزام المتعاقد بالتعويض عند امتناعه عن تنفيذ العقد.

--------------
إذ كان الثابت في عقد البيع موضوع النزاع أن الطرفين قد اتفقا في بنده السادس على سريان أحكامه لمدة تنتهي في 31/ 12/ 1974 وعلى تجدده تلقائياً بنفس الشروط لسنة تالية وهكذا ما لم يخطر أحدهما الآخر برغبته في عدم التجديد قبل انتهاء مدة سريان العقد بشهرين على الأقل، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة لم تخطر المطعون ضدها برغبتها في عدم تجديد العقد خلال الأجل المتفق عليه، فإنه يترتب على ذلك تجدده تلقائياً لسنة أخرى تنتهي في 31/ 12/ 1975، ولا عبرة في ذلك بالإخطار المرسل من الطاعنة إلى المطعون ضدها في 30/ 11/ 1974 بإنهاء العقد، ذلك أن هذا الإخطار قد صدر بعد انقضاء المهلة المحددة لذلك وتجدد العقد بالفعل لمدة سنة أخرى، ومن ثم لا يترتب عليه إنهاؤه إذ لا تملك الطاعنة بإرادتها المنفردة التحلل من التزاماتها الناشئة عن هذا العقد، وبالتالي يحق للمطعون ضدها المطالبة بتعويضها عما لحقها من أضرار وما فاتها من كسب نتيجة امتناع الطاعنة عن تنفيذ العقد خلال المدة التي تجدد إليها ولا يقتصر حقها على مجرد المطالبة بتعويض عن الأضرار الناتجة عن وصول التنبيه متأخراً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بمقتضى عقد مؤرخ 3/ 4/ 1974 باعت الشركة الطاعنة للمطعون ضدها 1125 طناً من الكبريت الصخري بمعدل 125 طناً شهرياً خلال الفترة من 1/ 4/ 1974 حتى نهاية ديسمبر سنة 1974 وذلك بسعر 38 جنيهاً للطن المتري الواحد، ونص في البند السادس من العقد على أن يتجدد تلقائياً ما لم يحصل إخطار من أحد الطرفين للآخر قبل انتهاء العقد بشهرين على الأقل، وبتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1974 أرسلت الشركة الطاعنة للشركة المطعون ضدها تنبهاً بإنهاء العقد، ثم باعت الكبريت المتعاقد عليه لشركة السكر والتقطير المصرية قولاً منها بأن هذا البيع كان التزاماً بأحكام القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1975 الصادر في 18 يناير سنة 1975 بالاستيلاء لصالح تلك الشركة على إنتاجها الحالي من الكبريت الصخري وما ينتج منه مستقبلاً حتى 31/ 12/ 1975 وذلك بسعر 60 ج و550 م للطن المتري مضافاً إليه خمسة جنيهات نظير قيام الطاعنة بنقل الكبريت من رأس غارب إلى مصنع الحوامدية، فأقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 4034 لسنة 1975 مدني كلي القاهرة، والتي قيدت فيما بعد برقم 47 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة على الشركة الطاعنة، وانتهت فيها إلى طلب الحكم ببطلان التنبيه الصادر من الطاعنة بتاريخ 30/ 11/ 1974 بإنهاء عقد البيع المؤرخ 3/ 4/ 1974 واعتبار هذا التنبيه كأن لم يكن لصدوره بعد الميعاد المحدد بالبند السادس من العقد، واعتبار عقد البيع مجدداً وساري المفعول لعام 1975 طبقاً لنصوصه، كما أقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 24 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ 41325 ج قيمة الفروق بين سعر شراء المطعون ضدها للكبريت وسعر بيعه لشركة السكر والتقطير المصرية في سنة 1975 وفوائده القانونية، ومبلغ 2000 جنيه تعويضاً لها عما فاتها من كسب، وما لحقها من خسارة واعتبار عقد البيع المؤرخ 3/ 4/ 1974 مجدداً ونافذاً وسارياً لعام 1976، وبعد أن قررت محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، قضت بجلسة 15/ 6/ 1976 بندب مكتب الخبراء لتتبع العلاقة بين الطرفين على ضوء العقد المؤرخ 3/ 4/ 1974 وما تم بشأن تنفيذه، وقدم الخبير تقريراً خلص فيه إلى أن الشركة الطاعنة أنهت العمل بالعقد بإخطارها المؤرخ 30/ 11/ 1974 بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في بنده السادس دون مبرر، وأن المطعون ضدها تستحق عن ذلك تعويضاً قدره 41325 جنيهاً. وبجلسة 25/ 4/ 1978 قضت المحكمة أولاً: في موضوع الدعوى رقم 24 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة برفض الشقين الأول والثالث للدعوى وقبل الفصل في موضوع الشق الثاني بندب خبير آخر لتحديد الأضرار التي لحقت بالمطعون ضدها نتيجة إنهاء الطاعنة للعقد إنهاء مبتسراً، ومقدار التعويض الذي يجبر هذه الأضرار، ثانياً: وفي موضوع الدعوى رقم 47 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة برفضها، وبجلسة 30/ 5/ 1978 قضت برفض الشق الثاني من الدعوى رقم 24 لسنة 1976. استأنفت المطعون ضدها هذين الحكمين بالاستئناف رقم 398 لسنة 95 ق، وبتاريخ 31/ 1/ 1979 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكمين المستأنفين والحكم أولاً: في الدعوى رقم 47 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة ببطلان التنبيه الصادر من الطاعنة بتاريخ 30/ 11/ 1974 بالنسبة لإنهاء عقد البيع المؤرخ 3/ 4/ 1974 وبصحة امتداده إلى نهاية عام 1975، ثانياً: في الدعوى رقم 24 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للشركة المطعون ضدها مبلغ 41325 جنيهاً وفوائده القانونية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعى الطاعنة بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن العقد المبرم بينها وبين المطعون ضدها إذ نص على حق كل من طرفيه في إلغائه بالإرادة المنفردة فلا يجوز أن يترتب على عدم مراعاة المهلة التي حددها لممارسة هذا الحق بطلان التنبيه بالإلغاء وتجدد العقد لمدة أخرى، وإنما يترتب على عدم مراعاة تلك المهلة الحق في التعويض عن الضرر الذي نشأ عن ذلك أي ما لحق المطعون ضدها من خسارة نتيجة لوصول التنبيه متأخراً في 30/ 11/ 1974 بدلاً من 31/ 10/ 1974 وهو ما لم تقدم المطعون ضدها دليلاً على وقوعه، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حين قضى ببطلان التنبيه وبصحة امتداد العقد إلى نهاية عام 1975 إذ صادر بذلك حق الشركة الطاعنة في إلغاء العقد.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الثابت في عقد البيع موضوع النزاع أن الطرفين قد اتفقا في بنده السادس على سريان أحكامه لمدة تنتهي في 31/ 12/ 1974 وعلى تجدده تلقائياً بنفس الشروط لسنة تالية وهكذا ما لم يخطر الطرف الآخر برغبته في عدم التجديد قبل انتهاء مدة سريان العقد بشهرين على الأقل، وكان الثابت من بالأوراق أن الطاعنة لم تخطر المطعون ضدها برغبتها في عدم تجديد العقد خلال الأجل المتفق عليه، فإنه يترتب على ذلك تجدده تلقائياً لسنة أخرى تنتهي في 31/ 12/ 1975 ولا عبرة في ذلك بالإخطار المرسل من الطاعنة إلى المطعون ضدها في 30/ 11/ 1974 بإنهاء العقد، ذلك أن هذا الإخطار قد صدر بعد انقضاء المهلة المحددة لذلك وتجدد العقد بالفعل لمدة سنة أخرى، ومن ثم لا يترتب عليه إنهاؤه إذ لا تملك الطاعنة بإرادتها المنفردة لتتحلل من التزاماتها الناشئة عن هذا العقد، وبالتالي يحق للمطعون ضدها المطالبة بتعويضها عما لحقها من أضرار وما فاتها من كسب نتيجة امتناع الطاعنة عن تنفيذ العقد خلال المدة التي يجدد إليها ولا يقتصر حقها على مجرد المطالبة بتعويض عن الأضرار الناتجة عن وصول التنبيه متأخراً، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون بهذين السببين يكون على غير أساس. وحيث إن حاصل أسباب الطعن من الثالث للأخير هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المذكور لم يعتبر قرار وزير التموين الصادر بتاريخ 18/ 1/ 1975 بالاستيلاء على إنتاجها من الكبريت الصخري لصالح شركة السكر والتقطير المصرية سبباً أجنبياً تنقضي به التزاماتها قبل المطعون ضدها، وأقام قضاءه على أن عقد التوريد المبرم بين الطرفين قد تجدد لمدة سنة اعتباراً من 1/ 1/ 1975 وأن الطاعنة لم تعترف بهذا التجديد، وأصرت على عدم تنفيذ التزاماتها المترتبة على ذلك رغم إعذارها في 11/ 12/ 1974 - أي قبل صدور قرار الاستيلاء - ومن ثم فإن صدور هذا القرار بعد ذلك لا يؤدي إلى انقضاء التزامات الطاعنة وإن كان يحولها إلى تعويض بالتطبيق لنص الفقرة الأولى من المادة 207 من القانون المدني، في حين أن قرار الاستيلاء سالف الذكر يعتبر من قبيل القوة القاهرة التي ينقضي بها عقد التوريد المبرم بين الطرفين لاستحالة تنفيذه إعمالاً لنص المادتين 159 و373 من القانون المدني، وأنه لا يغير من ذلك أن المطعون ضدها سبق لها إعذار الطاعنة بالتنفيذ قبل صدور القرار لأن تسليم الكبريت المتعاقد عليه أو عدم تسليمه إلى المطعون ضدها ما كان ليمنع صدور قرار الاستيلاء، ومن ثم لا تتحمل الطاعنة في هذه الحالة تبعة الهلاك عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 207 سالفة البيان. وترتيباً على ذلك كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقصر قضاءه على تعويض المطعون ضدها عن كميات الكبريت التي يجرى تسليمها إليها خلال المدة السابقة على صدور قرار الاستيلاء أي من 1/ 1/ 1975 حتى 8/ 1/ 1975 وهي تقدر بنحو 50 طناً، وإذ انتهى الحكم في قضائه إلى إلزام الطاعنة بتعويض المطعون ضدها عما فاتها من كسب بسبب حرمانها من الزيادة التي طرأت على أسعار الكبريت الذي كان يحق لها استلامه خلال عام 1975، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاقهما، وكان عقد التوريد المبرم بين الطرفين - وعلى ما جاء في الرد على السببين الأول والثاني من أسباب الطعن - قد تجدد لمدة سنة تبدأ من 1/ 1/ 1975 وتنتهي في 31/ 12/ 1975 لعدم إبداء الطاعنة رغبتها في عدم تجديده قبل إنهاء مدة سريانه بشهرين على الأقل، إذ لم تظهر رغبتها في ذلك إلا في 30/ 11/ 1974 بعد انقضاء الأجل المحدد لإبدائها، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قد أنكرت تجدد العقد لمدة أخرى وأصرت على عدم تنفيذه رغم إعذارها رسمياً في 11/ 12/ 1974، فإنها تكون قد تحللت بإرادتها المنفردة من تنفيذ العقد خلال المدة التي تجدد إليها فتحول حق المطعون ضدها إلى المطالبة بتعويض عما فاتها من كسب بسبب حرمانها من الزيادة التي طرأت على أسعار الكبريت المتعاقد عليه والذي كان يحق لها استلامه خلال عام 1975، وإذ حدث تحلل الطاعنة من التزاماتها التعاقدية وتحول حق المطعون ضدها إلى التعويض في تاريخ سابق على صدور قرار الاستيلاء في 18/ 1/ 1975 فإنه لا يقبل من الطاعنة النعي على الحكم المطعون فيه عدم اعتبار هذا القرار من قبيل القوة القاهرة - أياً كان وجه الرأي فيه - لأنه نعي غير منتج، ولا يعيب الحكم ما تردى فيه من خطأ في استناد قضائه إلى الفقرة الأولى من المادة 207 من القانون المدني طالما قد انتهى في قضائه إلى نتيجة صحيحة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 4 لسنة 13 ق جلسة 20 / 5 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 62 ص 164

جلسة 20 مايو سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

--------------

(62)
القضية رقم 4 سنة 13 القضائية

صلح:
أ - ورقة. الطعن فيها بالتزوير. تصالح الطاعن بالتزوير مع خصمه وتنازله عن طعنه. جوازه. صلح في شأن تزوير ورقة من بين أطرافها قصر. تناوله تنازل القصر عن بعض حقوقهم. عدم إجازة المجلس الحسبي إياه. القضاء بعدم نفاذه بالنسبة للقصر صحيح. إجراء هذا القضاء على البلغ بمقولة عدم إمكان تجزئة دعوى التزوير. خطأ. التجزئة في الحقوق المالية. جائزة.
ب - حكم. تسبيبه. القضاء بتزوير عقد بناء على الأدلة الواردة في الحكم، دفع المتمسك بالعقد بأن للعقد تاريخاً ثابتاً بتوقيع متوفى عليه بختمه. عدم الرد صراحة على هذا الدفع. لا يعيب الحكم.

---------------
1 - إنه لا يوجد في القانون ما يمنع من يطعن في الورقة بالتزوير أن يتنازل عن طعنه ويتصالح مع خصمه في الدعوى متى توافرت فيه الأهلية اللازمة للتنازل والصلح. وإذن فإذا قضى الحكم بعدم نفاذ صلح في شأن تزوير ورقة من بين أطرافه قصر لتناوله تنازل القصر عن بعض أصل حقهم وعدم إجازة المجلس الحسبي هذا التصرف، ثم أجرى قضاءه هذا على باقي المشتركين في الصلح بمقولة إن دعوى التزوير لا تقبل التجزئة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بالنسبة لمن عدا القصر. لأن الصلح صحيح بالنسبة لهم إذ التجزئة في الحقوق المالية جائزة وليس هناك ما يحول دونها، فيجوز في عقد واحد مطعون فيه بالتزوير أن يتصالح بعض ذوي الشأن فيه ويظل الباقون متمسكين بطعنهم عليه ثم يقضي ببطلانه. ومثل هذا القضاء لا تأثير له في الصلح الذي تم. والقول بغير ذلك يتعارض مع القاعدة العامة التي تقصر حجية الأحكام على من كان طرفاً فيها.
2 - متى أثبتت المحكمة بالأدلة التي أوردتها في حكمها أن العقد المتنازع بشأنه مزور فلا يصح أن ينعى عليها أنها قد قصرت في تسبيب حكمها إذ هي لم ترد رداً صريحاً على ما دفع به المتمسك بالعقد من أن للعقد تاريخاً ثابتاً بتوقيع شاهد متوفى عليه بختمه. وذلك لأن ما أوردته في الحكم من أسباب لإثبات التزوير يتضمن عدم تصديق المتمسك بالعقد فيما دفع به، فإن التوقيع بختم شخص بعد وفاته أمر ممكن لعدم التصاق الختم بصاحبه.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن الطاعن أقام أمام محكمة قنا الابتدائية على المطعون ضدهن وآخرين الدعوى رقم 36 سنة 1939 وطلب فيها إثبات صحة توقيع مورثه ومورث المطعون ضدهن المرحوم محمود إبراهيم على عقد البيع التمهيدي المؤرخ في أول يوليو سنة 1936 والمتضمن شراءه من المورث المذكور 18 س و5 ط و7 ف بثمن قدره 375 م و434 ج فطعنت المطعون ضدهن فيه بالتزوير بتقرير بقلم كتاب المحكمة في 7 من مارس سنة 1939، ثم أعلن الطاعن بالأدلة، وطلبن تحقيق ما ترى المحكمة تحقيقه والحكم برد وبطلان العقد المطعون فيه وإلزام الطاعن بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقد دفع الطاعن الدعوى بدفعين: أولهما أنه تحرر محضر صلح مع المطعون ضدهن تنازلن فيه عن دعوى التزوير، والثاني أن الأدلة المقدمة ليس لها قيمة في إثبات التزوير. وأجابت المطعون ضدهن عن ذلك بأن الصلح تحرر بعوض هو أن يتنازل المدعى عليه عن الجانب الأكبر من الصفقة ويكتفي منها بثلاثة أفدنة، وأنه بعرض محضر الصلح على المجلس الحسبي لم يقره ورأى السير في دعوى التزوير.
وفي أول أكتوبر سنة 1940 قضت المحكمة قبول الدليلين الأول والثاني من أدلة التزوير وأمرت بتحقيقهما كما ندبت مكتب الطبيب الشرعي لتحقيق ما جاء بأسباب الحكم بالنسبة إلى واقعة الكشط.
وفي 20 من مايو سنة 1941 قضت برد وبطلان العقد وألزمت الطاعن بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وطلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء أصلياً بقبول تنازل المطعون ضدهن عن دعوى التزوير واحتياطياً رفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهن بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وفي 11 من يونيه سنة 1942 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وفي 15 من نوفمبر سنة 1942 قرر وكيل الطاعن الطعن في الحكم بطريق النقض بتقرير أعلنه للمطعون ضدهن في 22 من نوفمبر سنة 1942 إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه: أولاً - أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع بسقوط دعوى التزوير واعتبارها منتهية بالتنازل عنها، وذلك لأنه فيما يختص بالقصر فإن التنازل الصادر من الوصي صحيح في حق القاصر إذ هو عمل من أعمال الإدارة التي يجوز له أن يتولاها بغير إذن المجلس الحسبي، وفيما يختص بنصيب البالغين فإن موضوع تلك الدعوى يتجزأ ويصح الصلح فيه، ويكون الصلح ملزماً لمن يملك التصرف في حقوقه، ولا تناقض بين أن يقضي بعدم الاعتداد بالورقة أو بالصلح الذي حصل عن مضمونها بالنسبة إلى بعض الخصوم بينما تكون هذه الورقة صحيحة معتبرة بالنسبة إلى باقي أطرافها. ثانياً - جاء الحكم قاصر التسبيب. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن من بين أوجه دفاعه لدى محكمة الموضوع أن للعقد المطعون فيه تاريخاً ثابتاً يرجع على الأقل إلى 4 من يناير سنة 1937 وهو تاريخ وفاة زيدان علي زيدان أحد الشهود الموقعين على العقد، ولما كان المطعون ضدهن يزعمن أن الطاعن حصل على ختم الشاهد المتوفى بعد وفاته وأساء استعماله فقد كان يتعين على المحكمة أن ترد على دفاع الطاعن وأن تبين الأدلة التي تثبت زعم المطعون ضدهن حصوله على ختم الشاهد بعد وفاته وأن ذلك الختم المسلم بصحته لم يكسر بعد وفاة صاحبه وأنه وصل إلى يد الطاعن فأساء استعماله.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بسقوط دعوى التزوير بناءً على الصلح الذي تنازلت فيه للمطعون ضدهن عن دعوى التزوير، قال إن هذا الدفع، لا يستند إلى أساس، لأن هذا التنازل لم يكن مجرد تنازل عن دعوى مرفوعة حتى يمكن اعتباره من أعمال الإدارة بل حقيقته توافق وتراض وصلح بين المدعيات والمدعى عليه على قسمة أرض النزاع بينهم على الوجه المبين به، وبمقتضى هذا الصلح تنازلت المدعيات عن نفسهن وبصفتهن عن نصيبهن ونصيب القصر المشمولين بالوصاية في الثلاثة الأفدنة التي اختص المدعى عليه بها نتيجة لهذا الصلح وفي مقابل ذلك تنازل المدعى عليه للمدعيات والقصر عن باقي القدر المتنازع عليه وبذلك حسم الخلاف الناشب بينهم بصفة قاطعة. وعليه تكون دعوى التزوير لا محل لها. لذلك نص فيه على تنازل المدعيات عن دعوى التزوير المنظورة. وحيث إنه يبين من ذلك جلياً أن الصلح الذي يترتب عليه تنازل المدعيات عن دعوى التزوير ليس في مقدورهن إنفاذه بغير إجازة من المجلس الحسبي الذي له وحده الحق في التصرف في أملاك القصر بجميع التصرفات الناقلة للملكية أو المقيدة لها كلما رأى المجلس فيه صالحاً للقصر، فالتنازل عن دعوى التزوير معلق بداهة على إنفاذ هذا الصلح الذي رفضه المجلس لأنه يرى فيه غبناً للقصر وذلك لاقتناعه بفساد دعوى المدعى عليه، والأخذ بنظرية المدعى عليه معناه انهيار دعوى التزوير وفوز المدعى عليه بكامل الصفقة فيقتضي جانباً يذكر من أطيان القصر التي لا يمكن التصرف فيها بغير إجازة من المجلس الحسبي. وحيث إن المحكمة ترى أخيراً أنه لا صالح للمدعى عليه في طلب الحكم بسقوط دعوى التزوير بالنسبة للمدعيات شخصياً بناءً على أن لهن حرية التصرف فيما يملكن فيعتبر محضر الصلح بالنسبة إليهن نافذاً وملزماً لهن. وبيان ذلك أن دعوى التزوير لا تقبل التجزئة، فإذا قضى بتزوير عقد فيعتبر مزوراً لا بالنسبة للطاعنين فيه بل يتعدى أثره لغيرهم ممن لم يطعنوا، بل يعتبر باطلاً أيضاً بالنسبة للناس كافة، فلا يمكن أن يقام له أي وزن، ولا يجوز للمحاكم أن تستند إليه في قضائها حتى ولو أجازه الخصوم، لأن العيب الذي يعتوره تبعاً للحكم القاضي برده وبطلانه يعد بطلاناً مطلقاً يلازمه أينما حل. وعلى هذا الأساس يكون الحكم الصادر برد وبطلان العقد بالنسبة للقصر قد تعدى أثره إلى بقية الموقعين عليه بما فيهم المجيزون له، لأنه لا يمكن أن يترتب أي أثر قانوني لتعاقد ثبت بطلانه بحكم انتهائي.
ومن حيث إنه لا يوجد في القانون ما يمنع من يطعن في الورقة بالتزوير من أن يتنازل عن طعنه ويتصالح مع خصمه في الدعوى، متى توافرت فيه شروط الأهلية اللازمة للتنازل والصلح، وإذن فالحكم المطعون فيه قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً (المادة 21 من قانون المجالس الحسبية) بقضائه بعدم نفاذ الصلح الذي تم بين الطاعن والمطعون ضدهن على القصر، ما دام عقد الصلح الموصوف في الحكم تناول تنازل القصر عن بعض أصل حقهم، وما دام المجلس الحسبي لم يجز هذا التصرف. أما بالنسبة لباقي الخصوم فإن الحكم قد أخطأ إذ قضى بعدم نفاذه في حقهم بمقولة عدم إمكان تجزئة دعوى التزوير، لأن الصلح صحيح بالنسبة إليهم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى لأن التجزئة في الحقوق المالية أمر جائز ولا يحول حائل دون حصوله، إذ من الجائز في عقد واحد مطعون فيه بالتزوير أن يتصالح بعض ذوي الشأن فيه ويظل الباقون متمسكين بمطعنهم عليه ثم يقضي ببطلانه، ومثل هذا القضاء غير مؤثر في الصلح الذي تم. والقول بغير ذلك يتعارض مع القاعدة العامة التي تقصر حجية الأحكام على من كان طرفاً فيها، وفضلاً عن ذلك فإنه لو صح ما قرره الحكم لوجب منطقياً أن يكون القضاء بصحة الورقة مثله مثل القضاء بتزويرها يسري على كل ذوي الشأن فيها، وهذا القول لا يمكن التسليم به لأن القضاء بصحة الورقة قد يكون مبعثه إهمال رافع الدعوى في تقديم الأدلة الكافية على التزوير أو تواطؤه مع المدعى عليه.
ومن حيث إن ما يتمسك به الطاعن من قصور في التسبيب من النواحي التي ذكرها غير صحيح. فإن المحكمة ذكرت أن الشهود "قد شهدوا بأنه بعد وفاة المورث بأيام قلائل حضر إليهم المدعى عليه (الطاعن) ومحرر العقد وعرضا عليهم العقد المطعون فيه ولم يكن عليه توقيعات سوى بصمة ختم المورث وطلبا منهم التوقيع عليه كشهود فرفضوا لأنهم يعرفون الحقيقة، ولما سئلوا عن سبب اختيار المدعى عليه لهم بالذات ليكونوا شهوداً أجابوا بأنهم أولاد عم للمدعيات والمدعى عليه، وهم بهذه الصفة أولى من الغير" ومع هذا الذي ذكره الحكم لا يصح القول بقصوره في النواحي المذكورة لأن النقاش في ذلك متعلق بتقدير موضوعي. إذ متى اعتقدت المحكمة أن العقد مزور للأدلة التي أوردتها كان معنى ذلك أنها لم تصدق ما تمسك به الطاعن من توقيع الشاهد عليه بختمه ما دام التوقيع بختم شخص أمراً في حيز الإمكان حتى بعد وفاة ذلك الشخص لانفصال الختم عن صاحبه وسهولة انتقاله إلى يد غيره.
ومن حيث إنه متى تقرر ما تقدم فإن محكمة الموضوع إذ لم تقبل تنازل السيدات طيبة محمد أبو بكر بصفتها الشخصية ومنيرة محمود إبراهيم وهدية محمود إبراهيم في عقد الصلح عن دعوى التزوير يكون حكمها قد جاء مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون ولذلك يتعين نقضه نقضاً جزئياً فيما يختص بهذا التنازل. ولما كانت الدعوى بهذه الصورة صالحة للحكم في موضوعها فإنه يتعين القضاء بصحة تنازل السيدات المذكورات عن طعنهن بالتزوير.

الطعن 535 لسنة 45 ق جلسة 23 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 168 ص 852

جلسة 23 من مارس 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين أحمد صلاح الدين، الدكتور عبد الرحمن عياد، محمد فاروق راتب وعماد الدين بركات.

-----------------

(168)
الطعن رقم 535 لسنة 45 القضائية

(1) أوراق تجارية. تقادم "التقادم المسقط".
التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة سريانه على الدعاوى الخاصة بالكمبيالة دون قيد، والسند الإذني والسند لحامله والشيك متى كان كل منها عملاً تجارياً. الأوراق الأخرى المحررة لأعمال تجارية. خضوعها للتقادم الصرفي. شرطه. الإيصال المتضمن استلام مبلغ نقدي لاستغلاله في الأعمال التجارية. لا يعد محرراً لأعمال تجارية.
(2) شركات. محكمة الموضوع.
الشركة. شرط قيامها. وجود نية المشاركة لدى الشركاء في الربح والخسارة معاً. تعرف هذه النية من سلطة قاضي الموضوع.

---------------
1 - الأصل في الالتزام مدنياً كان أو تجارياً أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقاً لنص المادة 374 من القانون المدني إلا أن المشرع التجاري خرج على هذا الأصل وقرر تقادماً قصيراً مدته خمس سنوات بالنسبة للدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية ويستند هذا التقادم الخمسي على قرينة الوفاء إذ قدر المشروع أن سكوت حامل الورقة التجارية عن المطالبة بحقه مدة خمس سنوات يفترض معه أنه استوفى حقه وهذا التقادم أوردته المادة 194 من قانون التجارة التي مفادها أن التقادم الخمسي الوارد فيها يقتصر تطبيقه على الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية وهي الكمبيالة بدون قيد والسند الإذني والسند لحاملة والشيك متى اعتبر كل منها عملاً تجارياً. أما عبارة "وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية" والتي وردت بهذا النص فهي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعني الأوراق التجارية الصادرة لعمل تجاري لا الأوراق غير التجارية ولو كانت صادرة لعمل تجاري. وأخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول أي ورقة مستقلة بنفسها وأن يبين منه بمجرد الاطلاع عليها أن قيمتها مقدرة على وجه نهائي لا يدع محلاً للمنازعة والتي يتداولها التجار بينهم تداول النقد بدلاً من الدفع النقدي في معاملاتهم التجارية أي تتضمن دفع مبلغ معين من النقود في أجل معين ويمكن نقل ملكيتها من إنسان لآخر بتظهيرها أو بتسليمها بغير حاجة إلى إجراء آخر يعطل تداولها أو يجعله متعذراً وينبني على ذلك أن التقادم الخمسي لا ينطبق على الفواتير التي تحمل بياناً لقيمة البضاعة التي اشتراها التاجر ومذيلة بتوقيع المدين فقط ولا على السند الإذني أو السند لحاملة إذا كان الدين الثابت بهما معلقاً على شرط واقف في حين أنه ينطبق على الأوراق التجارية المعيبة أو الناقصة التي تتوفر فيها خصائص الورقة التجارية وتكون صادرة لأنها تعتبر أوراقاً تجارية طبقاً للمادة 108 من قانون التجارة. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر واعتبر الإيصال موضوع الدعوى المتضمن استلام الطاعن من مورث المطعون عليها مبلغاً معيناً من النقود لاستغلاله في الأعمال التجارية ليس من قبيل الأوراق المحررة لأعمال تجارية بالمعنى المقصود في المادة 194 من قانون التجارة وقضى برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بقيمته فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - يشترط لقيام الشركة أن يوجد لدى الشركاء نية المشاركة في نشاط ذي تبعه وأن يساهم كل شريك في هذه التبعة بمعنى أن يشارك في الربح والخسارة معاً، وتعرف هذه النية من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا معقب عليه في ذلك متى أقام رأيه على أسباب تسوغه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 990 لسنة 1973 مدني كلي أسيوط ضد الطاعن طالبة إلزامه بأن يدفع لها مبلغ 1372 جنيهاً تأسيساً على أن مورثها يداين الطاعن بهذا المبلغ بموجب إيصال مؤرخ 2/ 9/ 1962 - دفع الطاعن بسقوط الحق في المطالبة بمضي أكثر من خمس سنوات من تاريخ تحرير السند كنص المادة 194 من قانون التجارة وأضاف أنه كان بينه وبين مورث المدعية شركة انتهت بالخسارة وقد تحاسب مع المورث عن تلك الشركة التي انتهى أمرها وبتاريخ 18/ 5/ 1974 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعية (المطعون عليها) مبلغ 1372 جنيهاً وبنت ذلك على أن التقادم الخمسي في غير محله لأن السند موضوع الدعوى يخرج من عداد الأوراق التجارية لفقدانه خصائصها ويخضع بالتالي للتقادم العادي كما لا تدل ألفاظ الإيصال ومعناه على قصد الاشتراك وخلا الإيصال من مساهمة كل شريك بنصيب في رأس المال والمشاركة في الخسارة، كما لم يفصح عن نوع وحجم التجارة وحساب هذه التجارة والمدة التي استغرقتها وإن هذا تجهيل مطلق بالمحل المدعى به - استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 206 لسنة 49 ق وبتاريخ 24/ 3/ 1975 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن محكمة النقض قررت أن التقادم الخماسي الوارد في المادة 194 من قانون التجارة لا يرد إلا على الأوراق التجارية الصالحة للتظهير والتي يبين من الاطلاع عليها أن قيمتها مقدرة على وجه نهائي لا يدع محلاً لمنازعه وتتضمن دفع هذا المبلغ المعين في أجل معين وأنه يخالف هذا الرأي استناداً إلى عمومية نص المادة 194 سالفة الذكر والتي ورد بنهايتها عبارة "وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية" إذ أن ورود هذه العبارة بعد تعداد الأوراق التجارية التي تنتقل بالتظهير أو المناولة باليد تدل على أن كل ورقة موقع عليها من تاجر ومحرره لأعمال تجارية - كالورقة موضوع الدعوى - تخضع للتقادم الخماسي أما الشروط التي وضعها قضاء محكمة النقض من كون الورقة تتضمن مبلغاً معيناً يدفع في أجل معين فهي شروط لم ترد في النص.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الأصل في الالتزام مدنياً كان أو تجارياً أنه يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقاً لنص المادة 374 من القانون المدني إلا أن المشرع التجاري خرج على هذا الأصل وقرر تقادماً قصيراً مدته خمس سنوات بالنسبة للدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية ويستند هذا التقادم الخمسي على قرينة الوفاء إذ قدر المشروع أن سكوت حامل الورقة التجارية عن المطالبة بحقه مدة خمس سنوات يفترض معه أنه استوفى حقه. وهذا التقادم أوردته المادة 194 من قانون التجارة التي تنص على أن كل دعوى متعلقة بالكمبيالات أو السندات التي تحت إذن وتعتبر عملاً تجارياً أو بالسندات التي لحاملها أو بالأوراق المتضمنة أمراً بالدفع أو بالحوالات الواجبة الدفع بمجرد الاطلاع عليها وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية يسقط الحق في إقامتها بمضي خمس سنين اعتباراً من اليوم التالي ليوم حلول ميعاد الدفع أن من يوم علم البروتستو.. ومفاد هذا النص أن التقادم الخماسي الوارد في المادة 194 سالفة الذكر يقتصر تطبيقه على الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية وهي الكمبيالة بدون قيد والسند الإذني والسند لحامله والشيك متى اعتبر كل منها عملاً تجارياً. أما عبارة "وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية" والتي وردت بهذا النص فهي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعني الأوراق التجارية الصادرة لعمل تجاري لا الأوراق غير التجارية ولو كانت صادرة لعمل تجاري وأخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول أي أنها ورقة مستقلة بنفسها - ويبين منها بمجرد الاطلاع عليها أن قيمتها مقدرة على وجه نهائي لا يدع محلاً للمنازعة والتي يتداولها التجار بينهم تداول النقد بدلاً من الدفع النقدي في معاملاتهم التجارية أي تتضمن دفع مبلغ معين من النقود في أجل معين ويمكن نقل ملكيتها من إنسان لآخر بتظهيرها أو بتسليمها بغير حاجة إلى إجراء آخر يعطل تداولها أو يجعله متعذراً وينبني على ذلك أن التقادم الخمس لا ينطبق على الفواتير التي تحمل بياناً بقيمة البضاعة التي اشتراها التاجر ومذيلة بتوقيع المدين فقط ولا على السند الإذني أو السند لحامله إذا كان الدين الثابت بها معلقاً على شرط واقف في حين أنه ينطبق على الأوراق التجارية المعيبة أو الناقصة التي تتوفر فيها خصائص الورقة التجارية وتكون صادرة من تجار أو لأعمال تجارية لأنها تعتبر أوراقاً تجارية طبقاً للمادة 108 من قانون التجارة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر واعتبر الإيصال موضوع الدعوى المتضمن باستلام الطاعن من مورث المطعون عليها مبلغاً معيناً من النقود لاستغلاله في الأعمال التجارية ليس من قبيل الأوراق المحررة لأعمال تجارية بالمعنى المقصود في المادة 194 من قانون التجارة وقضى برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بقيمته فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه فسر الإيصال موضوع الدعوى على أنه يتضمن قرضاً بفائدة وأن هذا التفسير فيه مسخ لعبارات الإيصال والخروج عن معناها ذلك أن ورود عبارة "لاستغلاله في الأعمال التجارية" لا تدل أن المبلغ سلم على سبيل القرض بفائدة وإنما سلم لاستغلاله في الأعمال التجارية فضلاً عن أن الإيصال ليس فيه تحديد لربح معين أو إعفاء من الخسارة بل جاءت عبارته صريحة في أنه يكون له نصيب في نتيجة العمل ومعنى ذلك أن نصيب مورث المطعون عليها قد يكون ربحاً وقد يكون خسارة وإذ اعتنق الحكم المطعون فيه أسباب الحكم الابتدائي التي نفت قيام شركة بين الطاعن وبين مورث المطعون عليها استناداً إلى خلو الإيصال من أركان الشركة ومن رقابة المورث على الأعمال للتجارية ومن عدم كشف الطاعن عن نوع وحجم التجارة التي استغل فيها المبلغ والمدة التي استغرقتها الشركة ومن مساهمة كل شريك بحصة في رأس المال فإن ذلك مردود بأن الشركة التي كانت قائمة بين الطاعن وبين المورث وكانت شركة محاصة وأن حصة الطاعن في الشركة مساوية للمبلغ الذي تسلمه من مورث المطعون عليها طبقاً لنص المادة 508 من القانون المدني. أما عن نوع التجارة وحجمها فقد ذكر الطاعن أمام محكمة الاستئناف أنه يعمل مقاولاً - وأن المورث شاركه بالمبلغ في عمل المقاولات وانتهى الطاعن إلى القول بأنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الحكم قد أقام قضاءه باعتبار الإيصال المؤرخ 2/ 9/ 1962 منطوياً على عقد قرض وليس شركة على قوله "وحيث إن النعي على الحكم المستأنف أنه أخطأ في تفسير عبارات الإيصال المؤرخ 2/ 9/ 1962 باستبعاده لوجود شركة بين المستأنف ومورث المستأنف ضدها في غير محله ذلك أن ما ورد بالإيصال بشأن استغلال المبلغ في الأعمال التجارية لا يعدو أن يكون بياناً لسبب القرض وما ورد بالإيصال بأن يكون لمورث المستأنف ضدها نصيب في نتيجة الأعمال مفهومه أن هذا القرض بفائدة وإن كانت المستأنف ضدها لم تطالب بها. وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه يفيد أن محكمة الاستئناف قد استخلصت من عبارات الإيصال عدم توافر نية المشاركة بين الطاعن ومورث المطعون عليها وكان يشترط لقيام الشركة أن يوجد لدى الشركاء نية المشاركة في نشاط ذي تبعه وأن يساهم كل شريك في هذه التبعة بمعنى أن يشارك في الربح والخسارة معاً وكان تعرف هذه النية من مسائل الوقائع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا معقب عليه في ذلك متى أقام رأيه على أسباب تسوغه لما كان ذلك وكان ما استخلصه الحكم تحتمله عبارات الإيصال ذلك أن ما ورد به من استلام الطاعن لمبلغ معين من مورث المطعون عليها لاستغلاله في الأعمال التجارية وأن للأخير نصيبه في هذه الأعمال لا يدل بذاته على قيام شركة بينهما كما لا يدل على نشاط هذه الشركة والعمل الذي تقوم به ونوعه ونية المشاركة وكلها أمور لازمة لقيام مثل هذه الشركة - فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الثلاثاء، 25 أبريل 2023

الطعن 111 لسنة 48 ق جلسة 14 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 213 ص 1114

جلسة 14 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: الدكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي، محمد فتح الله وسيد عبد الباقي.

--------------

(213)
الطعن رقم 111 لسنة 48 القضائية

أوراق تجارية "التظهير التأميني". التزام "التضامن".
التظهير التأميني للورقة التجارية. عدم انتقال الحق الثابت فيها في مواجهة المظهر الراهن إلى المظهر إليه المرتهن. التزام المظهر إليه. نطاقه. ضمان المظهر دفع القيمة متضامناً مع الساحب إلى المظهر إليه. قاصر على التظهير الناقل للملكية.

-------------
إنه وإن كان التظهير التأميني يعتبر بالنسبة للمدين الأصلي في الورقة التجارية في حكم التظهير الناقل للملكية ويحدث أثره، إلا أنه في مواجهة المظهر الراهن لا ينتقل الحق الثابت في الورقة التجارية إلى المظهر إليه المرتهن بل يظل هذا الحق للمظهر الراهن للورقة ولكن يلتزم المظهر إليه بالمحافظة على الورقة المرهونة والحق الثابت فيها وتحصيل قيمتها في ميعاد الاستحقاق ليستنزل منه دينه ويرد ما يتبقى منه لمدينه المظهر، أما إذا رفض المدين الأصلي في الورقة للوفاء بقيمتها تعين على المظهر إليه اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الحق المثبت في الورقة وهو وشأنه بعد ذلك في الرجوع على المدين الأصلي بقيمة الورقة أو الرجوع على المظهر الراهن بالدعوى الناشئة عن الدين الذي ظهرت الورقة ضماناً للوفاء به، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن السندات الإذنية الأربعة موضوع التداعي قد ظهرتها شركة أفرينو المندمجة في الشركة المطعون ضدها على سبيل الضمان، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب البنك الطاعن (المظهر إليه المرتهن) إلزام الشركة المطعون ضدها (المظهرة الراهنة) بطريق التضامن مع المدين الأصلي بتلك السندات تأسيساً على أن البنك الطاعن لا يملك الرجوع على الشركة المطعون ضدها إلا بالدعوى الأصلية الناشئة عن الدين الذي قدمت السندات لضمانه، فإن الحكم يكون قد صادف صحيح القانون، ولا محل لتمسك الطاعن بالمادة 137 من قانون التجارة التي تنص على أن المظهر يضمن للمظهر إليه دفع قيمة الورقة التجارية على وجه التضامن مع ساحبها، ذلك أن الحكم المنصوص عليه في تلك المادة قاصر على التظهير الناقل للملكية (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بنك مصر (الطاعن) أقام الدعوى رقم 831 لسنة 1971 تجاري كلي جنوب القاهرة - بعد رفض طلب الأداء - منتهياً فيها إلى طلب الحكم بإلزام ورثة المرحوم... والشركة المطعون ضدها بصفتها بأن يدفعا له بالتضامن فيما بينهما مبلغ 1700 ج والفوائد، وقال شرحاً لدعواه إن المرحوم... حرر لصالح الشركة المصرية لصناعة السيزال أربعة سندات إذنية مؤرخة 9/ 6/ 1961 قيمة كل منها 425 ج وتستحق السداد على التوالي في 10، 15، 20، 25/ 2/ 1962، ثم قامت الشركة الأخيرة بتظهيرها إلى شركة أفرينو وإخوته التي قامت بتظهيرها تظهيراً تأمينياً لأمر البنك الطاعن بتاريخ 22/ 6/ 1962 قبل تأميمها وإدماجها في الشركة المطعون ضدها، وبتاريخ 2/ 12/ 1972 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بإلزام الشركة المطعون ضدها وورثة المرحوم... من مال وتركة مورثهم بأن يدفعا للبنك الطاعن على وجه التضامن فيما بينهما قيمة السندات الأربعة وفوائدها، استأنف الورثة هذا الحكم بالاستئناف رقم 31 لسنة 90 ق، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها بالاستئناف رقم 43 لسنة 90 ق، وبتاريخ 27/ 11/ 1977 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض استئناف الورثة رقم 31 لسنة 90 ق وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لهم، وفي استئناف الشركة المطعون ضدها رقم 43 لسنة 90 ق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى بالنسبة لها. طعن الطاعن (بنك مصر) في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن شركة محلات أفرينو مسئولة على وجه التضامن عن سداد قيمة السندات الإذنية موضوع الدعوى طبقاً لنص المادة 137 من قانون التجارة لأنه بتظهيرها تلك السندات تعتبر مدينة أصلية مع صاحبها فضلاً عن أنه قد نص في عبارة التظهير الواردة على كل سند منها على اعتبار الشركة المطعون ضدها مسئولة على سبيل التضامن مع المدين الأصلي في سداد قيمته، ومن ثم فلا يجوز لها التمسك بالرجوع عليها بدعوى العلاقة الأصلية بينها وبين البنك الطاعن حامل السندات التي انتقلت إليه على سبيل التأمين، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن كل ذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان التظهير التأميني يعتبر بالنسبة للمدين الأصلي في الورقة التجارية في حكم التظهير الناقل للملكية ويحدث أثره إلا أنه في مواجهة المظهر الراهن لا ينتقل الحق الثابت في الورقة التجارية إلى المظهر إليه المرتهن بل يظل هذا الحق للمظهر الراهن للورقة، ولكن يلتزم المظهر إليه بالمحافظة على الورقة المرهونة والحق الثابت فيها وتحصيل قيمتها في ميعاد الاستحقاق ليستنزل منه دينه ويرد ما يتبقى منه لمدينه المظهر، أما إذا رفض المدين الأصلي في الورقة الوفاء بقيمتها تعين على المظهر إليه اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الحق المثبت في الورقة وهو شأنه بعد ذلك في الرجوع على المدين الأصلي بقيمة الورقة أو الرجوع على المظهر الراهن بالدعوى الناشئة عن الدين الذي ظهرت الورقة ضماناً للوفاء به، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن السندات الإذنية الأربعة موضوع التداعي قد ظهرتها الشركة أفرينو المندمجة في الشركة المطعون ضدها على سبيل الضمان، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب البنك الطاعن (المظهر إليه المرتهن) إلزام الشركة المطعون ضدها (المظهرة الراهنة) بطريق التضامن مع المدين الأصلي بتلك السندات تأسيساً على أن البنك الطاعن لا يملك الرجوع على الشركة المطعون ضدها إلا بالدعوى الأصلية الناشئة عن الدين الذي قدمت السندات لضمانه، فإن الحكم يكون قد صادف صحيح القانون، ولا محل لتمسك الطاعن بالمادة 137 من قانون التجارة التي تنص على أن المظهر يضمن للمظهر إليه دفع قيمة الورقة التجارية على وجه التضامن مع صاحبها، ذلك أن الحكم المنصوص عليه في تلك المادة قاصر على التظهير الناقل للملكية، كما لا يقبل من الطاعن التمسك بأن عبارة تظهير السندات إليه نصت على اعتبار الشركة المطعون ضدها المظهرة مسئولة على سبيل التضامن مع المدين الأصلي في سداد قيمتها،إذ لم ترد بمدونات الحكم المطعون فيه سوى أن التظهير للضمان، ولم يقدم البنك الطاعن السندات الإذنية الأربعة موضوع التداعي للوقوف على صحة ما يثيره في هذا الخصوص فجاء نعيه في هذا الشق مفتقراً إلى الدليل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 5/ 3/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 510.

الطعن 1536 لسنة 49 ق جلسة 13 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 212 ص 1110

جلسة 13 إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ محمد فاضل المرجوشي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد شيبه الحمد، أحمد شوقي المليجي، أحمد صبري أسعد وفهمي عوض مسعد.

--------------

(212)
الطعن رقم 1536 لسنة 49 القضائية

بطلان. صلح. عمل.
الاتفاق بالصلح أو التنازل بين رب العمل والعامل. لا يعد باطلاً. إلا إذا تضمن المساس بحقوق تقررها قوانين العمل. الاتفاق على استبدال أجر ثابت بجزء من العمولة. لا بطلان.

-------------
الاتفاق بالصلح أو التنازل بين رب العمل والعامل - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يكون باطلاً إلا أن يمس حقوقاً تقررها قوانين العمل، ولما كان الثابت في أوراق الدعوى أن الاتفاق الذي انعقد فيما بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهم بمقتضى عقود الصلح المؤرخة 22/ 4/ 1973 التي لم يجحدها المطعون ضدهم متضمناً استبدال أجر ثابت بجزء من العمولة التي كانوا يتقاضونها لم يمس حقوقاً قررتها قوانين العمل، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم وآخرين أقاموا الدعوى رقم 1722 سنة 1966 عمال جزئي القاهرة على الطاعنة - شركة النصر للدخان والسجاير - وطلبوا الحكم بإلزامها بأن تدفع لهم عمولة بنسبة 1% من جملة مبيعاتهم الشهرية اعتباراً من شهر أغسطس سنة 1965 بدلاً من 4 في الألف والفروق المالية الناتجة عن ذلك، وقالوا بياناً لدعواهم إنهم كانوا يعملون بشركتي الدفراوي وأبو عوف للدخان قبل إدماجهما في الشركة الطاعنة ويتقاضون بالإضافة إلى أجورهم الثابتة عمولة توزيع بنسبة 1% من جملة المبيعات، وإذ قامت الطاعنة في شهر أغسطس سنة 1965 بإنقاص هذه العمولة إلى 4 في الألف مما يعد تخفيضاً لأجورهم غير جائز قانوناً فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم السالفة البيان. وبتاريخ 28/ 2/ 1967 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره أحالت الدعوى إلى المحكمة الابتدائية فقيدت برقم 22 سنة 1970 عمال كلي القاهرة، وبتاريخ 21/ 12/ 1970، حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهم عمولة بنسبة 1% من جملة مبيعاتهم الشهرية اعتباراً من شهر أغسطس سنة 1965 وبإعادة المأمورية إلى الخبير المنتدب لحساب الفروق المستحقة لكل منهم، استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 351 سنة 88 ق ثم أعيد قيد الدعوى برقم 3290 سنة 1971 عمال كلي جنوب القاهرة وقدم الخبير تقريره الثاني إلى المحكمة الابتدائية فقضت هذه المحكمة في 24/ 12/ 1973 بإعادة المأمورية إلى الخبير المنتدب لفحص اعتراضات المطعون ضدها، وبعد أن قدم الخبير تقريره الثالث قضت في 21/ 2/ 1977 برد المأمورية إليه لإعادة بحث الاعتراضات، وإذ أودع الخبير تقريره الأخير حكمت في 27/ 2/ 1978 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهم المبالغ المبينة بمنطوق الحكم، استأنفت الطاعنة هذا الحكم أيضاً أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 718 سنة 95 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف رقم 351 سنة 88 ق إلى هذا الاستئناف حكمت في 17/ 5/ 1979 في الاستئناف برقم 351 سنة 88 ق بعدم جوازه وفي الاستئناف رقم 718 سنة 95 ق برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 17/ 2/ 1980 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول. وبالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه ببطلان عقود الصلح المبرمة فيما بين الطاعنة والمطعون ضدهم بتاريخ 22/ 4/ 1973 على مخالفة ذلك للمادة السادسة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 لأنها تضمنت مصالحة على العمولة التي كان يتقاضاها المطعون ضدهم والمقررة لهم بموجب عقود عملهم، في حين أن هذا الصلح لم يتضمن إلغاء العمولة كلياً وإنما اتفق فيه على استبدال أجر ثابت بجزء منها هو الفرق بين نسبة 1% التي كان المطعون ضدهم يتقاضونها بشركتي الدفراوي وأولاد عوف وبين نسبة 4 في الألف، ويبرر ذلك نظام العمل بالشركة والظروف الاقتصادية التي لابست أوضاعها بعد تأميم هاتين الشركتين وإدماجها في الشركة الطاعنة، ومثل هذا الاتفاق الذي هو وليد إرادة الطرفين لا يكون باطلاً، ولا يوجد في أحكام قانون العمل أو في نظم العاملين بشركات القطاع العام ما يفيد حرية العامل وصاحب العمل في تعديل شروط العقد، ولم يتضمن هذا القانون أو تلك النظم تحديداً لمقدار الأجر سوى تحديد الحد الأدنى له، وعلى ذلك فإن تحديد قدر الأجر فيما جاوز الحد الأدنى متروك لإدارة المتعاقدين، وطالما أن الشركة توخت في هذا الصلح تنفيذ أحكام نظام العاملين بالقطاع العام فيما تضمنه من تخويل مجلس إدارة الشركة وضع نظام للعمل بالقطعة أو بالإنتاج أو بالعمولة على أساس ضمان حصول العامل على الحد الأدنى للأجر المقرر قانوناً لفئة وظيفته مضافاً إليه أجر يحدد على أساس زيادة إنتاج العامل عن المعدلات المقررة ولم ينخفض أجر المطعون ضدهم عن الحد الأدنى المشار إليه، فإن الحكم المطعون فيه إذ جرى في قضائه على بطلان عقود الصلح، يكون خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك لأن الاتفاق بالصلح أو بالتنازل بين رب العمل والعامل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون باطلاً إلا أن تمس حقوقاً تقررها قوانين العمل، ولما كان الثابت في أوراق الدعوى أن الاتفاق الذي انعقد فيما بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهم بمقتضى عقود الصلح المؤرخة 22/ 4/ 1973 التي لم يجحدها المطعون ضدهم متضمناً استبدال أجر ثابت بجزء من العمولة التي كانوا يتقاضونها لم يمس حقوقاً قررتها لهم قوانين العمل، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وجرى في قضائه على تأييد الحكم الابتدائي لأسبابه التي ورد بها أنه "وفقاً لنص المادة 6/ 3 من القانون رقم 91 لسنة 1959 فإن كل مصالحة أو إبراء عن الحقوق الناشئة عن عقد العمل تكون باطلة إذا تمت خلال سريانه أو خلال شهرين من تاريخ انتهائه إذا كانت تخالف أحكام القانون. لما كان ذلك وكان استحقاق المدعية (المطعون ضدهم) للعمولة المتنازع عليها مصدره عقد العمل والقرارات المكملة له، فإن أي مصالحة بخصوص تلك العمولة تقع في نطاق هذا النص وتضحي باطلة لا يعتد بها"، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 50 لسنة 12 ق جلسة 20 / 5 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 61 ص 158

جلسة 20 مايو سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

--------------

(61)
القضية رقم 50 سنة 12 القضائية

وقف:
أ - كيفية إنشاء الوقف. مناط حجية الوقف على الغير. تمسك بعض الورثة قبل دائن أحدهم بأن العقار الذي نفذ عليه وقف. الاستناد في ذلك إلى قسائم العوايد الوارد فيها أن العين موقوفة، ثم إلى أن العين لم تدخل في قسمة أجريت بين الورثة. تحصيل المحكمة أن العقار ملك. قضاؤها في الدعوى على هذا الأساس. سليم.
اختصاص. التمسك بأن العين المتنازع عليها وقف. لا يكفي لتخلي القضاء الأهلي عن الفصل في النزاع أو لأن يقف الفصل فيه إلى حين البت من جهة القضاء الشرعي. مناط عدم اختصاص المحاكم الأهلية في مسائل الوقف.
(المادة 137 من لائحة المحاكم الشرعية)
ب - تخصيص عقار ليكون مدرسة. لا يكفي في حد ذاته لاعتبار هذا العقار وقفاً. محل التعليم العام. متى يعتبر من المنافع العامة؟ (المادة 9 مدني)
جـ - تنفيذ عقاري. الإجراءات الحاصلة بعد تعيين يوم البيع. الدفع ببطلانها. وجوب إبدائه لدى قاضي البيوع. ممن يجوز إبداؤه؟ من طرف في الخصومة ذي مصلحة في التمسك به. لا يصح التمسك به ممن يرفع الدعوى بطلب استحقاق العقار المنزوعة ملكيته بعد بيعه.
(المادة 602 مرافعات)

----------------
1 - إن المادة 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية قد نصت على طريقة إنشاء الوقف، فحتمت أن يكون ذلك بإشهاد على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله. كما نصت على أن الوقف لا يكون حجة على الغير إلا إذا كان مسجلاً بسجل المحكمة التي بدائرتها العقار الموقوف. فإذا تمسك بعض الورثة قبل دائن أحدهم بأن العقار الذي نفذ عليه الدائن بدينه وقف بتصرف من مورثهم ولكنهم لم يقدموا الإشهاد المسجل المثبت لإنشائه ليحاجوه به، بل لم يقولوا بصدور هذا الإشهاد فعلاً، وإنما استندوا إلى مجرد الإشارة في قسائم العوائد بأن العقار وقف وإلى ما كان منهم من عدم إدخال هذا العقار في القسمة التي أجروها بينهم، فعرضت المحكمة لبحث ذلك، وانتهت إلى أن هذا العقار ملك بحت، وأن دعوى وقفه لا أساس لها، فحكمها بذلك لا مخالفة فيه لقواعد الاختصاص؛ إذ أن تمسك الخصم بأن العين المتنازع عليها موقوفة لا يكفي لأن يتخلى القضاء الأهلي عن الحكم في النزاع لعدم الولاية أو لأن يوقف الفصل فيه لحين البت من جهة القضاء الشرعي فيما إذا كانت العين موقوفة أم لا، بل يجب أن يثبت أمامه أن العين موقوفة وأن النزاع المطروح عليه متعلق بأصل الوقف.
2 - إن تخصيص عقار ليكون مدرسة لا يكفي في حد ذاته لاعتباره وقفاً، إذ الوقف يجب أن يحرر به إشهاد على يد الموظف المختص وأن يسجل إشهاده ليكون حجة قبل الغير. كما أن التخصيص الذي يجعل محل التعليم من المنافع العامة يستوجب أن يكون المحل وقفاً وأن تكون الحكومة هي القائمة بإدارته والإنفاق عليه، وذلك عملاً بنص المادة التاسعة من القانون المدني (1).
3 - إن الدفع ببطلان إجراءات نزع الملكية الحاصلة بعد تعيين يوم البيع يجب - عملاً بنص المادة 602 مرافعات - التمسك به لدى قاضي البيوع، وإلا سقط الحق فيه. ولا يجوز ذلك إلا لمن كان طرفاً في إجراءات التنفيذ على العقار ذا مصلحة في التمسك بهذا البطلان. وإذن فلا يصح التمسك بهذا البطلان ممن يرفع الدعوى بطلب استحقاق العقار المنزوعة ملكيته بعد بيعه.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهما أمام محكمة سوهاج الابتدائية الدعوى رقم 257 سنة 1940 وقالوا في صحيفتها المعلنة في 29 من أغسطس سنة 1940 وفي إعلان تعديل الطلبات الحاصل في 15 من أكتوبر سنة 1940 إن مورثهم المرحوم بسطا بك روفائيل أسس من نحو نصف قرن بسوهاج مدرسة وقفها لتعليم أبناء الفقراء، ثم حصل أن نزع المطعون ضده الأول ملكية أجزاء من هذه المدرسة استيفاء لدين له على المطعون ضده الثاني ورسا عليه مزاد 1109.50 أمتار من أرضها في 4 من يونيه سنة 1934 ولكن لم يظهر لهذا الحكم أثر مادي فظلت المدرسة كما هي، ثم عاد المطعون ضده الأول وحدد يوماً لبيع مقدار آخر من هذه المدرسة قدره 1911.5 متراً لاستيفاء باقي دينه، ولما كان هذا العقار مملوكاً للطاعنين وليس للمطعون ضده الثاني شيء فيه فقد رفعوا هذه الدعوى وطلبوا الحكم فيها أصلياً ببطلان إجراءات البيع واحتياطياً تثبيت ملكيتهم إلى 425 متراً شيوعاً في 1109.5 متر السابق رسو مزادها على المطعون ضده الأول وإلى السدس في المساحة البالغ مسطحها 1911 متراً و50 س التي كان محدداً لبيعها جلسة 2 من سبتمبر سنة 1940 مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف وأتعاب المحاماة والنفاذ. وفي 6 من فبراير سنة 1941 قضت تلك المحكمة برفض دعوى الطاعنين وإلزامهم بالمصاريف.
فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافهم برقم 85 سنة 16 قضائية طالبين قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف والحكم بالطلبات السابقة. وفي 16 من مايو سنة 1942 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعنين بالمصاريف.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنين في أول يوليو سنة 1942 فقرر وكيلهم الطعن فيه بطريق النقض في 28 من ذلك الشهر وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن أوجه الطعن تتحصل فيما يأتي:
أولاً - جاء الحكم المطعون فيه متجاوزاً اختصاص القضاء الأهلي. وبيانه أن الطاعنين طلبوا إحالة النزاع على القضاء الشرعي أو وقف الفصل في الدعوى حتى تقضي جهة الاختصاص فيما إذا كانت العين موضوع النزاع وقفاً أم ملكاً، ولكن محكمة الموضوع قضت في ذلك فجاء قضاؤها مخالفاً لأسس الولاية القضائية المبينة في القانون.
ثانياً - حمل الحكم عقد القسمة المحرر بين الورثة معنى لا يحتمله، فقد أخرج الورثة المدرسة من التركة واتفقوا على عدم اقتسامها واستبقائها للغرض الخيري الذي أنشئت من أجله، ولكن محكمة الاستئناف قالت إن الغرض الخيري لم يكن منصوصاً عليه صراحة في العقد، واستهدت في ذلك بعبارة واردة في عقد القسمة متعلقة بعقار آخر.
ثالثاً - طلب الطاعنون من باب الاحتياط نصيبهم في المدرسة فجاء الحكم المطعون فيه قائلاً إنه مملوك للمطعون ضده الثاني (المدين) مدللاً على ذلك بعبارة جاءت في عريضة إعلان الدعوى المرفوعة من الطاعنين من أن هذه العبارة لا يمكن أن تؤدي إلى المعنى الذي أخذت به المحكمة.
رابعاً - عندما نزع المطعون ضده الأول قطعتي الأرض تراءى له أن يقتصر على بيع قطعة واحدة فاستبعدت الأخرى وجرى البيع في الجلسة ذاتها بغير أن يعيد النشر واللصق من جديد، وفي هذا مخالفة للقانون.
خامساً - تمسك المطعون ضده الأول بوضع يده المدة القصيرة فاعترض الطاعنون بأن وضع اليد لم يكن مستوفياً شروطه القانونية. ولكن الحكم لم يرد على هذا الاعتراض.
عن الوجه الأول:
وحيث إنه لا يكفي أن يتمسك خصم بأن العين محل النزاع وقف لا ملك لكي يتخلى القضاء الأهلي عن الحكم في الدعوى لعدم الولاية أو يقف الفصل فيها لحين البت من جهة القضاء الشرعي فيما إذا كانت العين موقوفة أم لا، بل ينبغي أن يتحقق له أن هناك وقفاً، وأن النزاع المطروح لديه متعلق بأصله، أما إذا اقتنعت المحكمة الأهلية بأن التمسك بالوقف لا أساس له، أو أنه غير جدي ولم تقم لديها شبهة في أن العين ملك، كان من حقها بل من واجبها السير في نظر الدعوى على الأساس الذي اقتنعت به.
وحيث إن المادة 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية نصت على طريقة إنشاء الوقف وحتمت أن يكون بإشهاد على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله، كما نصت على عدم ثبوته في حق الغير إلا إذا كان حاصلاً بإشهاد مسجل بسجل المحكمة التي بدائرتها العقار.
وحيث إن الطاعنين تمسكوا قبل المطعون ضده الأول وهو من الغير بأن العقار موضوع النزاع وقف إلا أنهم لم يقدموا الإشهاد المسجل المثبت لإنشائه ليحاجوه به، بل لم يقولوا بصدور هذا الإشهاد فعلاً من المورث، وإنما استندوا إلى مجرد الإشارة في قسائم العوائد بأن العقار وقف للاحتجاج به قبل المطعون ضده الأول الدائن لأحد الورثة وإلى ما كان منهم في عقد القسمة من إبقاء المدرسة على حالها لا تتناولها القسمة. وقد عرض الحكم المطعون فيه إلى ذلك كله ولم ير فيه ما يتوافر به الشرط الشكلي الذي أوجبه القانون، وخلص من بحثه فيما أدلى به الطرفان إلى أن المدرسة ملك بحت يحق للدائن التنفيذ عليها وأن ما قيل من وقفها لا أساس له ولم يقدم عليه الدليل الصالح. وإذ كانت محكمة الموضوع قد بنت اقتناعها هذا على أدلة وقرائن موضوعية من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه فلا سبيل للبحث فيما قالته في نطاق سلطتها التقديرية المطلقة.
عن الوجه الثاني:
وحيث إن تخصيص عقار ليكون مدرسة غير كاف في حد ذاته لجعله وقفاً، لما لإنشاء الوقف من شرط تحرير إشهاد به على يد الموظف المختص، ومن وجوب تسجيله ليكون حجة قبل الغير كما تقدم. كما أن التخصيص الذي يجعل محل التعليم العام من المنافع العامة يجب أن يكون قبل كل شيء وقفاً، وأن تكون الحكومة هي القائمة بإدارته والإنفاق عليه عملاً بما جاء في المادة 9 من القانون المدني، وليس متوافراً شيء من هذا في العقار محل النزاع، وإذن فلا يجدي الطاعنين شيئاً مجرد استنادهم إلى ما ورد بعقد القسمة الحاصلة بين الورثة من عدم قسمة العقار المشغول بالمدرسة. على أن ما جاء في الحكم من أن الورثة لم يتفقوا في عقد القسمة على هذا التخصيص بطريقة مؤبدة لا يعدو أن يكون تفسيراً لعقد القسمة مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من عباراته. وإذن فلا وجه للجدل فيه لدى محكمة النقض.
عن الوجه الثالث:
وحيث إن ما اشتمل عليه هذا الوجه متعلق بما استخلصته محكمة الموضوع مما ورد في عريضة الدعوى المرفوعة من الطاعنين أنفسهم وكان ذلك في معرض التدليل على أن المدرسة ملك لا وقف، وأن ما ورد بعريضة دعوى الطاعنين يؤيد هذا النظر. ولا ريب في أن هذا الاستخلاص أو التقدير الموضوعي مما لا يقع تحت رقابة محكمة النقض.
عن الوجه الرابع:
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه خاص ببطلان في إجراءات نزع الملكية الحاصلة بعد تعيين يوم البيع، ولهذا فقد كان من اللازم، عملاً بنص المادة 602 من قانون المرافعات، التمسك به لدى قاضي البيوع، ولا يسوغ ذلك إلا لمن كان طرفاً في الخصومة وذا مصلحة في التمسك بهذا البطلان. ولما كان هذا كله غير متوافر في صورة الدعوى الحالية بالنسبة للطاعنين لأن إجراءات نزع الملكية وجهت ضد المطعون ضده الثاني فلم يثبت أنه أثار هذا الدفاع، وقد رسا هذا المزاد على المطعون ضده الأول فبهذا زال حق التمسك بهذا البطلان إطلاقاً، ولا سبيل إذن لإقحامه بعد فوات الأوان في هذه الدعوى واتخاذه وجهاً للطعن في الحكم الصادر فيها.
عن الوجه الخامس:
وحيث إن التدليل بوضع يد المطعون ضده الأول المدة القصيرة مع السبب الصحيح لم يكن إلا من باب التزيد، لأن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد استند إلى أن العين التي نزعت ملكيتها ورسا مزادها على المطعون ضده الأول مملوكة للمدين المنزوع ملكه، ولقد كان في هذا ما يكفي لبناء الحكم عليه دون حاجة لتدعيمه بوضع اليد. على أن ما قالته المحكمة في هذا الصدد لا غبار عليه، إذ هو تتوافر به شروط وضع اليد التي يتطلبها القانون، وفيه الرد الكافي على أن المحكمة لم تجد فيما اعترض به الطاعنون على وضع اليد ما يؤثر فيما اقتنعت به من العناصر التي قدمت إليها للتدليل عليه.


(1) هذه القاعدة تبدو غير مترابطة ولكنها هكذا وردت في الحكم. ووجه الطعن لا يساعد على توضيحها. والحكم منشور برمته فليراجع.

الطعن 214 لسنة 44 ق جلسة 23 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 167 ص 847

جلسة 23 من مارس 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عز الدين الحسيني وعضوية المستشارين د. مصطفى كيره، عثمان مهران الزيني، محمدي الخولي وإبراهيم هاشم.

----------------

(167)
الطعن رقم 214 سنة 44 القضائية

(1) تنفيذ.
الاشتراك في توزيع حصيلة التنفيذ. وجوب أن تكون مستندات الطالب مثبتة لوجود الدين ومقداره.
(2) ضرائب. نظام عام. قانون. بطلان.
التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات ربط الضريبة. تعلقها بالنظام العام. على المحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها. مخالفتها. أثره. بطلان الإجراءات.

----------------
1 - يشترط في المستندات التي يقدمها طالب الاشتراك في التوزيع أن تكون كافية لتبرير طلباته مؤيدة لوجود الدين ومقداره، ولقاضي التوزيع - في الحدود القانونية - سلطة تقدير الطلبات والمستندات المقدمة فله أن يقبل الديون التي يرى صحتها ويستبعد تلك التي يرى فسادها.
2 - التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز مخالفتها أو التنازل عنها وعلى المحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها، وهي إجراءات ومواعيد حتمية أوجب المشرع على مصلحة الضرائب التزامها وقرر وجها من المصلحة العامة في اتباعها ورتب البطلان على مخالفتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن شركة أفريقيا للتأمين المندمجة في شركة الشرق للتأمين (المطعون عليها الرابعة) اتخذت ضد مدينها المطعون عليه الأول إجراءات التنفيذ العقاري على المنزل رقم 3 بشارع الجزيرة الوسطى بالزمالك ورسا المزاد على..... وآخرين مقابل ثمن قدره 30077 جنيهاً و340 مليماً أودع حزينة المحكمة ثم تقدمت المطعون عليها الرابعة بعريضة إلى القاضي المختص بمحكمة القاهرة الابتدائية لتوزيع ثمن العقار، وبتاريخ 4/ 5/ 1965 أصدر القاضي أمره بفتح إجراءات التوزيع فتقدم كل من محافظ القاهرة والبنك الأهلي اليوناني (المطعون عليه الثاني) ومصلحة الضرائب الطاعنة) للاشتراك في التوزيع كل بمقدار دينه. وبتاريخ 31/ 8/ 1965 أصدر القاضي قراراً بقائمة التوزيع المؤقتة خص فيها كل من الدائنين بما حدده له واستبعد دين مصلحة الضرائب التي ناقضت في القائمة بالدعوى رقم 9797 سنة 1966 مدني كلي القاهرة طالبة تعديل القائمة وبتخصيصها بكامل دينها بطريق الامتياز. وفي 25/ 4/ 1967 حكمت المحكمة برفض المناقضة. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 1237 سنة 84 ق القاهرة. وفي 27/ 12/ 1973 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن الطاعنة تنعى بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استبعد دينها من قائمة التوزيع المؤقتة استناداً إلى أنها لم تقدم ما يدل على إخطار الممول (المطعون عليه الأول) بعناصر ربط الضريبة وهو ما يجعل هذا الربط غير واجب الأداء ولا يصلح أداة للتنفيذ مع أن الأوراق الضريبة التي تدخلت بها الطاعنة أمام قاضي التوزيع هي سندات تنفيذية بحكم المادة 92 من القانون رقم 14 سنة 1939 ولم يطعن عليها المدين بأي طعن وكان يتعين الأخذ بها دون حاجة لبحث الإجراءات الواجب اتخاذها قبل إصدار هذه الأوراد. وليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن جميع الأوراق الخاصة بفرض الضريبة موضوع هذه الأوراد لم تعلن للمدين، لأن الثابت من الأوراد الضريبية التي ركنت إليها مصلحة الضرائب لاقتضاء دينها قد أعلنت للمدين في شخص الحارس العام على أموال الرعايا البريطانيين فضلاً عن أنها أعلنت في موطنه المختار وهو مكتب الأستاذين.... المحامين ولم ينكر المطعون عليه الأول (المدين) هذه الإعلانات أو يطعن عليها بأي مطعن، وحتى لو صح وجود عيب في الإعلانات فما كان يجوز للمحكمة أن تقرر بطلان هذه الأوراد من تلقاء نفسها دون أن يتمسك به المدين لأن البطلان المترتب على عدم إعلان السند التنفيذي أو وجود عيب فيه لا يتعلق بالنظام العام. كما استند الحكم في عدم الاعتداد بالأوراد الضرائبية المقدمة من الطاعنة إلى أن تاريخها تال لتاريخ فتح التوزيع، مع أن العبرة في استحقاق الضريبة ليس بتاريخ تحرير الورد وإنما بتاريخ نشوء دين الضريبة في ذمة الممول والثابت من الأوراد أنها عن ضرائب مستحقة عن السنوات من سنة 1959 إلى سنة 1964 وهي سنوات سابقة على تاريخ فتح التوزيع. ومن ناحية أخرى أهدر الحكم الأخذ بالأوراد الضريبية التي تقدمت بها الطاعنة بحجة أن الأوراد التي تضمنتها حافظة مستنداتها الثانية تتضارب مع الأوراد التي استلمت عليها حافظتها الأولى، في حين أن الوردين الخاصين بضريبة كسب العمل والأرباح التجارية والصناعية المودعان بالحافظة الأولى هما بذاتهما المقدمان بالحافظة الثانية دون أي تغيير، أما بالنسبة للأوراد الخاصة بضريبة الإيراد العام فأن الخلاف القائم بينهما لا يترتب عليه إهدارهما بل كان يتعين الأخذ بما تضمنته الأوراد الأخيرة من تقديرات باعتبارها تصحيحاً للتقديرات الأولى.
وحيث إن النعي بالسببين مردود ذلك أنه تشترط في المستندات التي يقدمها طالب الاشتراكات في التوزيع أن تكون كافية لتبرير طلباته مؤيدة لوجود الدين ومقداره، ولقاضي التوزيع - في الحدود القانونية - سلطة تقدير الطلبات والمستندات المقدمة، فله أن يقبل الديون التي يرى صحتها ويستبعد تلك التي يرى فسادها، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضائه على قوله "ولما كان الثابت من المستندات التي قدمها مصلحة الضرائب والسالف بيانها أن أساس ربط ضريبة الإيراد العام على الممول.... هو عدم تقديمه إقراراً بإيراده العام في السنوات من 1959 إلى 1964 وكانت المادة 20 من ق 99 لسنة 1949 توجب في حالة عدم تقديم الإقرار أن تقوم مصلحة الضرائب بتقدير الإيراد وتخطر الممول بكتاب موصى عليه مع علم الوصول بعناصر ربط الضريبة وأن تدعوه إلى موافاتها كتابة بملاحظاته على هذا التقدير وذلك في خلال شهر من تسلم الإخطار، فإذا انقضى الشهر ولم يبد الممول ملاحظاته على هذا التقدير قامت المصلحة بربط الضريبة وتكون الضريبة واجبة الأداء. ولما كانت مصلحة الضرائب لم تقدم من بين مستنداتها علم الوصول الدال على إخطار الممول بعناصر ربط الضريبة ومن ثم فلا يكون الربط واجب الأداء وبالتالي لا يصلح هذا الربط لأن يكون أداة للتنفيذ أما الخطابان المؤرخان 7/ 4/ 64، 25/ 4/ 64 الصادر أن من الحراسة على أموال المدين ومن مكتب محاميه واللذان قد يقال بدلالتهما على حصول التنبيه فهما يتعلقان بإرسال نموذج رقم 5 ضريبة عامة على الإيراد عن عام 1959 وحده، فلا دلالة لهما على حصول الإخطار على الوجه القانوني بالنسبة لبقية السنوات وأما عن هذه السنة بالذات فإن النموذج الذي أرسل يعيبه عدم اشتماله على أي تفصيل لعناصر التقدير فضلاً عن أنه كان من الواجب قانوناً طبقاً لنص المادة 20 من ق 99 لسنة 49 أن يتبعه إرسال نموذج بالربط متضمناً التنبيه بالدفع حال كون المصلحة لم تقدم علم الوصول الدال على تمام ذلك قانوناً وهو ما يجعل كافة المستندات المقدمة منها بحافظتها الأولى غير مجدية في إثبات استحقاق أي مبلغ بذمة المدين على أساس من القانون، وأما حافظتها الثانية فلا رد على عدم تضمنها ما يدل على تمام الإخطار على الوجه القانوني فإن أوراد التنبيه التي تشملها والصادرة من مأمورية ضرائب الحراسات تتضارب في التقديرات التي اشتملت عليها الحافظة الأولى بما يعني أن المصلحة بذاتها أسقطت تلقائياً التمسك بما أجرته مأمورية ضرائب عابدين من تقديرات إذ أعادت التقدير بالأوراد الأخيرة المحررة كلها في 17/ 3/ 1971 وهو ما يضيف مسوغاً جديداً لإهدار ما تمسكت به المصلحة من مستندات عند التوزيع الحاصل في سنة 1965" ولما كان هذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ويكفي لتبرير ما انتهى إليه من استبعاد دين الطاعنة من قائمة التوزيع.... وكانت التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز مخالفتها أو التنازل عنها وعلى المحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها، وهي إجراءات ومواعيد حتمية أوجب المشرع على مصلحة الضرائب التزامها وقرر وجها من المصلحة العامة في اتباعها ورتب البطلان على مخالفتها، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذين السببين يكون مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 7 لسنة 13 ق جلسة 13 / 5 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 60 ص 157

جلسة 13 مايو سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

------------------

(60)
القضية رقم 7 سنة 13 القضائية

عقد. فسخ:
أ - الاتفاق في العقد على وقوع الفسخ بدون حاجة إلى تنبيه عند عدم دفع باقي الثمن في الميعاد. انفساخ البيع من تلقاء نفسه. دعوى من المشتري. دفع البائع بانفساخ البيع. إقرار المحكمة حالة الفسخ القائم.
ب - وقوع الفسخ بمقتضى شرط العقد. إيداع الثمن. لا يعيد العقد إلى الوجود.
(المادة 334 مدني)

--------------
1 - متى كان الطرفان قد اتفقا في عقد البيع على أن يقع الفسخ في حالة تأخر المشتري عن دفع باقي الثمن في الميعاد المتفق عليه بدون حاجة إلى تنبيه رسمي أو غير رسمي، فإن العقد ينفسخ بمجرد التأخير عملاً بالمادة 334 مدني. ولا يلزم إذن أن يصدر بالفسخ حكم مستقل بناءً على دعوى من البائع، بل يجوز للمحكمة أن تقرر أنه حصل بالفعل بناءً على دفع البائع أثناء نظر الدعوى المرفوعة من المشتري.
2 - متى وقع الفسخ بمقتضى شرط العقد فإن إيداع الثمن ليس من شأنه أن يعيد العقد بعد انفساخه.

الطعن 1411 لسنة 49 ق جلسة 12 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 211 ص 1102

جلسة 12 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: د. إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان عمار.

---------------

(211)
الطعن رقم 1411 لسنة 49 القضائية

(1) قانون. نظام.
خضوع العقد كأصل للقانون الذي أبرم في ظله. الاستثناء. صدور قانون جديد يتضمن أحكاماً متعلقة بالنظام العام. وجوب إعمالها على العقود السارية وقت العمل به بأثر فوري.
(2 - 4) إيجار "الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة". قانون. نظام عام.
(2) دعوى إخلاء المستأجر لعدم الوفاء بالأجرة. جواز توقيه الحكم عليه بالإخلاء. بسداده الأجرة والمصاريف والنفقات الفعلية دون الفوائد. ق 49 لسنة 1977. لا محل لإعمال أحكام القانون السابق 52 لسنة 1969. الذي أبرم عقد الإيجار في ظله والذي كان يوجب أداء الفوائد. علة ذلك.
(3) دعوى إخلاء المستأجر لعدم الوفاء بالأجرة. جواز توقيه الحكم عليه بالإخلاء بسداد الأجرة وملحقاتها إلى ما قبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف.
(4) التزام المستأجر بسداد الضرائب العقارية المستحقة على العين المؤجرة. هو في حكم التزام بالوفاء بالأجرة. سداد المستأجر لها مع مصروفات الدعوى قبل إقفال باب المرافعة. توقيه الحكم بالإخلاء طالما لم يقدم المؤجر لمحكمة الموضوع ما يفيد تكبده مصروفات أو نفقات محددة أخرى.

--------------
1 - الأصل أن العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخضع للقانون الذي أبرم في ظله، إلا أنه إذا صدر بعد ذلك قانون تضمن أحكاماً متعلق بالنظام العام فإنها تطبق على العقود السارية وقت العمل به ولو كانت مبرمة قبل ذلك، مما مفاده أنه إذا استحدث القانون الجديد أحكاماً من هذا القبيل فإنها تسري بأثر فوري على الآثار والنتائج التي ترتبت بعد نفاذه ولو كانت ناشئة عن مراكز ووقائع قانونية تمت قبل ذلك.
2 - إذ كان عقد الإيجار موضوع التداعي مبرماً في 1/ 1/ 1973 أي في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 فإن هذا القانون يكون بحسب الأصل هو الواجب التطبيق على العقد من تاريخ إبرامه وطوال مدة سريانه حتى إذا ما استجدت بعده أحكام متعلقة بالنظام العام فإنها تسري من تاريخ العمل بالقانون الذي استحدثها، ولئن كانت المادة 23 من القانون المذكور قد نصت في الفقرة الثانية منها على أنه "ولا يحكم بالإخلاء إذا أقام المستأجر بأداء الأجرة وفوائدها بواقع 7% من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد والمصاريف الرسمية وذلك قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى"، إلا أنه وقد صدر القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي عمل به من 9/ 9/ 1977 متضمناً في المادة 31/ 2 منه - والتي حلت محل المادة 23/ 2 سالفة الذكر - النص على أنه "ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية"، فإن مؤدى ذلك أن المشرع قد استحدث بالنص الجديد تعديلاً يقضي بقصر ما يلتزم المستأجر بأدائه - توقياً للحكم عليه بالإخلاء - على الأجرة والمصاريف والنفقات وذلك دون الفوائد التي كان يشملها القانون السابق، مما مفاده أن المشرع لم يجعل من أداء الفوائد شرطاً لتوقي الإخلاء بحيث لم يعد التخلف عن سدادها في هذه الحالة سبباً من أسباب الإخلاء، ولما كانت الغاية التي دعت إلى هذا التعديل ليس مجرد التيسير على المستأجر الذي وضع حكم توقي الإخلاء في الأصل بقصد حمايته بل اتجاهاً من المشرع إلى مناهضة الفوائد والنزوع إلى استنكار الربا والإشفاق من معاطيه أخذاً بما تمليه مبادئ الشريعة الإسلامية في هذا الصدد واتساقاً مع ما نصت عليه المادة الثانية من الدستور الصادر في سنة 1971 من اعتبار هذه المبادئ مصدراً رئيسياً للتشريع. لما كان ذلك، فإن هذا النص المستحدث يكون متعلقاً بالنظام العام، ويسري لذلك بأثر فوري على المراكز والوقائع القانونية القائمة وقت نفاذه ولو كانت ناشئة قبله ويكون بالتالي هو الواجب التطبيق على العقد والواقعة موضوع التداعي.
3 - مؤدى نص المادة 31/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن قبلها المادة 23 من القانون 52 لسنة 1969 أن المشرع وإن رتب للمؤجر الحق في إخلاء المستأجر بمجرد انقضاء خمسة عشر يوماً على تكليفه بالوفاء بالأجرة المستحقة دون الوفاء بها، إلا أنه رغبة في التيسير على المستأجرين أفسح لهم مجال الوفاء حتى تاريخ إقفال باب المرافعة في الدعوى بحيث أصبح قيام المستأجر بسداد الأجرة وملحقاتها حتى التاريخ المذكور مسقطاً لحق المؤجر في الإخلاء، وإذ جاء نص المادة المذكورة عاماً ومطلقاً فإنه لا يجوز قصر نطاقها على إقفال باب المرافعة أمام محكمة الدرجة الأولى دون محكمة الاستئناف، إذ يعتبر ذلك تقييداً لمطلق النص دون مسوغ وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص، ومن ثم فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون من حق المستأجر أن يقوم توقياً للحكم عليه بالإخلاء بسداد الأجرة وملحقاتها إلى ما قبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف.
4 - المقرر أن التزام المستأجر بأداء الضرائب العقارية المستحقة على العين المؤجرة يأخذ حكم التزامه بالوفاء بالأجرة، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قد قاما وقبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف بالوفاء بقيمة الضرائب العقارية المستحقة حتى ذلك التاريخ فضلاً عن مصروفات الدعوى، وكانت الأوراق قد خلت مع هذا مما يدل على أن المطعون عليها قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن ما أوفى به الطاعنان قبل إقفال باب المرافعة لا يعتبر وفاء كاملاً مبرئاً لذمتهما من الضرائب المستحقة، كما لم تقدم لتلك المحكمة أي بيان بشأن ما تكون قد تكبدته في الدعوى حتى ذلك التاريخ من مصروفات أخرى محددة أو نفقات فعلية مما يلزم الطاعنان بأدائه لها عندئذ - فضلاً عن عدم تقديمها الدليل المثبت لذلك - حتى ينسب للطاعنين التخلف عن الوفاء بها قبل إقفال باب المرافعة في الاستئناف، وكان مؤدى ذلك أن الطاعنين قد أوفيا للمطعون عليها بما أوجبه القانون في هذا الصدد وعلى النحو الذي يمتنع معه الحكم عليهما بالإخلاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإخلائهما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 229 سنة 1977 مدني كلي ضد الطاعنين بإخلائهما من العين المؤجرة إليهما بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1973 والمبينة بصحيفة الدعوى تأسيساً على تأخرهما في سداد قيمة الضرائب العقارية التي التزما بسدادها وذلك عن المدة من تاريخ التعاقد وحتى نهاية سنة 1976 رغم إنذارهما بالسداد، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره مبيناً به أن قيمة الضرائب المتأخرة عن هذه المدة بلغت 125 ج و160 م قضت المحكمة بالإخلاء، استأنف الطاعنان الحكم بالاستئناف رقم 204 سنة 10 ق مأمورية دمياط، وبتاريخ 28/ 5/ 1979 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه - بالسبب الأول - الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم أقام قضاءه على أن قيام الطاعنين بسداد الضرائب بعد صدور حكم محكمة الدرجة الأولى لا يحول دون الحكم بالإخلاء لوجوب أن يتم ذلك قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى أمام تلك المحكمة، في حين أن المقرر قانوناً أن من حق المستأجر أن يتوقى الحكم بالإخلاء إذا قام بالسداد قبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق الفانون، وقد واجهت المطعون عليها - في ردها على أسباب الطعن - هذا النعي بأنه غير منتج، قولاً منها بأنه مع التسليم بأن من حق المستأجر أن يتوقى الإخلاء إذا قام بالسداد قبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف إلا أن ما سدده الطاعنان أمام تلك المحكمة كان قاصراً على الضرائب العقارية المستحقة حتى آخر إبريل سنة 1979 دون باقي ما أوجبته المادة 23/ 2 من القانون رقم 52 سنة 1969 - وهو القانون الواجب التطبيق على الدعوى الماثلة المرفوعة في ظله والذي يحكم عقد الإيجار موضوع التداعي - من قيام المستأجر بأداء الأجرة المستحقة حتى تاريخ إقفال باب المرافعة مع فوائدها بواقع 7% والمصاريف الرسمية شاملة أتعاب الخبير المعين في الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة، ومن ثم يكون ما تم سداده من الطاعنين أمام محكمة الاستئناف غير مانع من الحكم عليهما بالإخلاء وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بما ورد بهذا السبب يكون غير منتج.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه بهذا السبب في محله، ذلك أنه وإن كان الأصل أن العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخضع للقانون الذي أبرمت في ظله إلا أنه إذا صدر بعد ذلك قانون تضمن أحكاماً متعلقة بالنظام العام فإنها تطبق على العقود السارية وقت العمل به ولو كانت مبرمة قبل ذلك، مما مفاده أنه إذا استحدث القانون الجديد أحكاماً من هذا القبيل فإنها تسري بأثر فوري على الآثار والنتائج التي ترتبت بعد نفاذه ولو كانت ناشئة عن مراكز ووقائع قانونية تمت قبل ذلك، ولما كان عقد الإيجار موضوع التداعي مبرماً في 1/ 1/ 1973 أي في ظل القانون رقم 52 سنة 1969، فإن هذا القانون يكون - بحسب الأصل هو الواجب التطبيق على العقد من تاريخ إبرامه وطوال مدة سريانه حتى إذا ما استجدت بعده أحكام متعلقة بالنظام العام فإنها تسرى من تاريخ العمل بالقانون الذي استحدثها، ولئن كانت المادة 23 من القانون المذكور قد نصت في الفقرة الثانية منها على أنه "... ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر بأداء الأجرة وفوائدها بواقع 7% من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد والمصاريف الرسمية وذلك قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى..." إلا أنه وقد صدر القانون رقم 49 سنة 1977 الذي عمل به من 9/ 9/ 1977 متضمناً في المادة 31 ف 2 منه - والتي حلت محل المادة 23 ف 2 سالفة الذكر - النص على أنه "... ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى، بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية..." فإن مؤدى ذلك أن المشرع قد استحدث بالنص الجديد تعديلاً يقضى بقصر ما يلتزم المستأجر بأدائه - توقياً للحكم عليه بالإخلاء - على الأجرة والمصاريف والنفقات، وذلك دون الفوائد التي كان يشملها القانون السابق، مما مفاده أن المشرع لم يجعل من أداء الفوائد شرطاً لتوقي الإخلاء بحيث لم يعد التخلف عن سدادها في هذه الحالة سبباً من أسباب الإخلاء، ولما كانت الغاية التي دعت إلى هذا التعديل - ليس مجرد التيسير على المستأجر الذي وضع حكم توقى الإخلاء في الأصل بقصد حمايته - بل اتجاها من المشرع إلى مناهضة الفوائد والنزوع إلى استنكار الربا والإشفاق من معاطبه به أخذاً بما تمليه مبادئ الشريعة الإسلامية في هذا الصدد واتساقاً مع ما نصت عليه المادة الثانية من الدستور الصادر في سنة 1971 من اعتبار هذه المبادئ مصدراً رئيسياً للتشريع، لما كان ذلك، فإن هذا النص المستحدث يكون متعلقاً بالنظام العام ويسري لذلك بأثر فوري على المراكز والوقائع القانونية القائمة وقت نفاذه ولو كانت ناشئة قبله، ويكون بالتالي هو الواجب التطبيق على العقد والواقعة موضوع التداعي، لما كان ما سلف، وكان مؤدى نص المادة 31 ف 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - ومن قبلها المادة 23 ف 2 من القانون رقم 52 سنة 1969 - أن المشرع وإن رتب للمؤجر الحق في إخلاء المستأجر بمجرد انقضاء خمسة عشر يوماً على تكليفه بالوفاء بالأجرة المستحقة دون الوفاء بها، إلا أنه رغبة في التيسير على المستأجرين أفسح لهم مجال الوفاء حتى تاريخ إقفال باب المرافعة في الدعوى بحيث أصبح قيام المستأجر بسداد الأجرة وملحقاتها حتى التاريخ المذكور مسقطاً لحق المؤجر في الإخلاء، وإذ جاء نص المادة المذكورة عاماً ومطلقاً فإنه لا يجوز قصر نطاقها على إقفال باب المرافعة أمام محكمة الدرجة الأولى دون محكمة الاستئناف، إذ يعتبر ذلك تقييداً لمطلق النص دون مسوغ وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص، ومن ثم فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون من حق المستأجر أن يقوم - توقياً للحكم عليه بالإخلاء - بسداد الأجرة وملحقاتها إلى ما قبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف، ولما كان من المقرر أن التزام المستأجر بأداء الضرائب العقارية المستحقة على العين المؤجرة يأخذ حكم التزامه بالوفاء بالأجرة، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قد قاما - وقبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف - بالوفاء بقيمة الضرائب العقارية المستحقة حتى ذلك التاريخ فضلاً عن مصروفات الدعوى، وكانت الأوراق قد خلت مع هذا مما يدل على أن المطعون عليها قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن ما أوفى به الطاعنان قبل إقفال باب المرافعة لا يعتبر وفاء كاملاً مبرئاً لذمتهما من الضرائب المستحقة، كما لم تقدم لتلك المحكمة أي بيان بشأن ما تكون قد تكبدته في الدعوى حتى ذلك التاريخ من مصروفات أخرى محددة أو نفقات فعلية مما يلتزم الطاعنان بأدائه لها عندئذ - فضلاً عن عدم تقديمها الدليل المثبت لذلك - حتى ينسب للطاعنين التخلف عن الوفاء بها قبل إقفال باب المرافعة في الاستئناف، وكان مؤدى ذلك أن الطاعنين قد أوفيا للمطعون عليها بما أوجبه القانون في هذا الصدد وعلى النحو الذي يمتنع معه الحكم عليهما بالإخلاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى إخلائهما، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب ودون حاجة للتعرض لباقي أسباب الطعن.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه، ولما كان البين مما سلف أن طلب الإخلاء قد فقد سنده من القانون، فإن في ذلك ما يستوجب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض دعوى المطعون عليها.
وحيث إنه وإن كانت المطعون عليها قد أخفقت في طلباتها في الدعوى، إلا أن المحكمة ترى مع ذلك إلزام الطاعنين بمصاريف الدعوى عن درجتي التقاضي عملاً بنص المادتين 186، 240 من قانون المرافعات.

الطعن 3 لسنة 13 ق جلسة 13 / 5 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 59 ص 156

جلسة 13 مايو سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

---------------

(59)
القضية رقم 3 سنة 13 القضائية

حكم. تسبيبه. 

وجوب إقامته على أساس صالح. 

(المادة 103 مرافعات).

--------------
إذا قضت المحكمة لمقاول بقيمة ما أتمه من أعمال المقاولة (بناء منزل) على أساس تقرير الخبير المعين في دعوى إثبات الحالة، ولم تأخذ بما ذكره هذا الخبير من أن نسبة قيمة ما تم من العمل لقيمة المقاولة كلها توازي ثلاثين في المائة، بمقولة إن نسبة ما تم من العمل - حسب تقرير الخبير - لا يمكن أن تكون دقيقة ومنطبقة تماماً على الواقع ولذلك لا يؤخذ بها، وخصوصاً أن فسخ العقد راجع إلى فعل أصحاب العمل، فإنها إذ اختارت المبلغ الذي قدره الخبير، دون ما يعادل قيمة النسبة المؤداة من العمل على حسب الاتفاق، من غير أن تبين علة عدم توافر الدقة في تحديد تلك النسبة ولا الأساس الذي اتخذه الخبير في التقدير، وهل كان ذلك بحسب ما تساويه الأعمال بحسب السعر المقدر في عقد الاتفاق، أم بحسب ما تساويه بالسعر الجاري وقت إجراء المعاينة، ومن غير أن تبين كذلك كيف أن الفسخ، لحصوله من أصحاب العمل، يؤثر في تقدير هذه الأعمال، ولا سبب تحميل صاحب العمل أكبر القيمتين، مع أن الأمر متعلق بتقدير عمل لا بتعويض عن خطأ أو تقصير، فإن عدم إيرادها ما يبين كل ذلك في حكمها يجعله قاصراً قصوراً يعيبه ويبطله تطبيقاً للمادة 103 من قانون المرافعات.

الطعن 78 لسنة 12 ق جلسة 13 / 5 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 58 ص 155

جلسة 13 مايو سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

---------------

(58)
القضية رقم 78 سنة 12 القضائية

حكم. تسبيبه. 

حكم ابتدائي. مخالفة الحكم الاستئنافي له فيما قضى به مع أخذه بالوقائع التي رتب عليها الحكم الابتدائي قضاءه. عدم تفنيد أسباب الحكم الابتدائي. قصور.
(المادة 103 مرافعات)

--------------
إذا رفضت المحكمة الابتدائية الدعوى التي أقامها متعهد توريد أغذية لبعض المستشفيات بمطالبة وزارة الصحة برد التأمين الذي دفعه لانتهاء مدة العقد، بانية قضاءها على أن المدعي وقعت منه مخالفات في تنفيذ عقد التوريد تبيح للوزارة أن تصادر التأمين المدفوع منه إذ هو قدم أصنافاً مغشوشة للمستشفى وقدم مندوبه رشوة لبعض الموظفين، ومشيرة في ذات الوقت إلى أن الوزارة كان لها عذرها في الانتظار في فسخ العقد ومصادرة التأمين إلى أن تصبح الأحكام في المخالفات التي وقعت من المتعهد نهائية، ثم جاءت محكمة الاستئناف فأخذت بما قاله الحكم المستأنف عن المخالفات، ولكنها انتهت إلى القول بأنه ما دامت الوزارة لم تفسخ العقد، رغم وقوع هذه المخالفات، فإنها تكون قد تركت حقها فيه، ولا يكون ثمة محل لمصادرة التأمين لأنها إن صادرته تكون قد استولت على تعويض عن أمر لم يتم وهو الفسخ قبل حلول أجل التعاقد، فإن حكم محكمة الاستئناف يكون قاصراً قصوراً يستوجب نقضه. إذ في حين أن المحكمة الابتدائية قد رأت أن عدم إقدام الوزارة على الفسخ كان من قبيل الحيطة والحذر، وأن العقد يخولها ذلك، إذا بمحكمة الاستئناف ترى أن الفسخ والمصادرة متلازمان، وأن إمساك الوزارة عن الفسخ يضيع عليها حق المصادرة. ذلك مع أن المخالفات التي ارتكبها المتعهد، منها ما هو متعلق بذات المواد المتفق على توريدها، ومنها ما هو خاص بالرشوة، ومحكمة الاستئناف لم تفرق بين هذين النوعين من المخالفات، ولم تبين كيف أن انتظار الوزارة إلى أن يفصل نهائياً من جهة الاختصاص في دعوى الرشوة يضيع عليها حقها في الفسخ والمصادرة مع أن الأمر غير متعلق بغش الأصناف الموردة حتى كان يمكن القول بأن قبول استمرار التوريد يعتبر رضاء بالاستمرار في العقد، بل هو متعلق بجريمة أخرى، أسند ارتكابها إلى مندوب المتعهد، مشترط في العقد أن يكون جزاؤها مصادرة التأمين، مما كان مقتضاه أن تورد المحكمة في حكمها ما يكشف عن أن الوزارة بعد أن تبينت وقوع الرشوة بصفة قاطعة قد تسامحت مع المتعهد وتنازلت عن حقها في صدد اقترافه هذه الجريمة، أو عن أنها لم يكن لها حق في جزائه عليها بالمصادرة.

الطعن 903 لسنة 46 ق جلسة 21 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 166 ص 843

جلسة 21 من مارس 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين جلال عبد الرحيم عثمان، محمد كمال عباس، صلاح الدين يونس ومحمد وجدي عبد الصمد.

---------------

(166)
الطعن رقم 903 لسنة 46 ق

(1) ضرائب "الضريبة على المرتبات". دعوى "رفع الدعوى".
الدعاوى المتعلقة بالضريبة العامة على المرتبات وما في حكمها. وجوب رفعها طبقاً للقواعد العامة في قانون المرافعات. م 54 مكرر ق 14 لسنة 1939. مجال أعمالها. قاصر على الطعن في قرارات اللجان الخاصة بالضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.
(2) موظفون. ضرائب "الضريبة على المرتبات".
المأذون الشرعي. موظف عام. ما يحصل عليه من ذوي الشأن نقداً أو عيناً مقابل توثيقه العقود والإشهادات. خضوعه للضريبة على المرتبات.

---------------
1 - الدعاوى المتعلقة بالضريبة على المرتبات وما في حكمها المقررة بمقتضى الباب الأول من الكتاب الثالث من القانون رقم 14 لسنة 1939 ترفع طبقاً للقواعد العامة في قانون المرافعات وليس طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من ذلك القانون لأن هذه المادة - وعلى ما يبدو من سياقها - استثناء من القواعد العامة لرفع الدعاوى في قانون المرافعات، وقد وردت ضمن مواد الكتاب الثاني من القانون سالف الذكر فيقتصر أثرها على طرق إجراءات الطعن في قرارات اللجان الخاصة بالضريبة على الأرباح التجارية والصناعية ولا يتعداها إلى غيرها من أنواع الضرائب الأخرى إلا بنص خاص في القانون، ولم يرد ضمن مواد الضريبة على كسب العمل المقررة بمقتضى الباب الأول من الكتاب الثاني نص مماثل أو نص يحيل على هذه المادة.
2 - يبين من استقراء نصوص لائحة المأذونين الصادر بها قرار وزير العدل في 10/ 1/ 1955 أن المأذون هو موظف عمومي يختص دون غيره بتوثيق عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك بالنسبة للمسلمين من المصريين ومن ثم فإن ما يحصل عليه من ذوي الشأن نقداً أو عيناً بمناسبة ما يوثقه من هذه العقود والإشهادات تخضع للضريبة على المرتبات وما في حكمها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى أرقام 181 لسنة 1973 و5 و21 لسنة 1974 تجاري سوهاج الابتدائية طالبين الحكم بإلغاء ربط ضريبة كسب العمل على كل منهم عن السنوات من 1967 إلى 1971، وبتاريخ 2/ 11/ 1974 حكمت المحكمة - بعد ضم الدعويين الأخيرتين إلى الأولى - بإلغاء قرارات ربط ضريبة الأجور الصادرة من مأمورية سوهاج عن المدة من 1967 حتى نهاية 1971 بالنسبة لكل منهم تأسيساً على أن المأمورية أجرت الربط طبقاً لأحكام ضريبة المرتبات والأجور في حين أن الضريبة على المبالغ التي يتقاضاها المأذون الشرعي من ذوي الشأن بمناسبة العقود التي يبرمها لهم يتعين أن تربط طبقاً لأحكام ضريبة أرباح المهن غير التجارية. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 12 لسنة 49 ق أسيوط (مأمورية سوهاج) وطلبت الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق المرسوم في القانون، واحتياطياً برفضها وتأييد قرارات الربط، وبتاريخ 16/ 4/ 1975 حكمت المحكمة برفض الدفع وبندب خبير لتقدير دخل كل من المطعون ضدهم الثلاثة من واقع العقود التي أبرمها كل منهم في سني المحاسبة وما جرى به العرف وحالات المثل ومقدار الضريبة المستحقة على كل منهم من كسب عمله، وقطعت في أسباب حكمها بأن ما يحصل عليه المأذون الشرعي من أفراد الناس بمناسبة عمله يخضع لضريبة كسب العمل، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 12/ 6/ 1976 فحكمت بتعديل القرارات المطعون فيها وبتخفيض المبالغ التي تربط عليها ضريبة كسب العمل. طعنت مصلحة الضرائب في هذين الحكمين بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقضهما وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن المطعون ضدهم أقاموا دعواهم بصحيفة أودعوها قلم كتاب المحكمة طبقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 14 لسنة 1939، في حين أن هذه الدعوى تتعلق بضريبة كسب عمل مستحقة على أجور وكان يلزم رفعها وفقاً للقواعد العامة في قانون المرافعات إذ لا تسري عليها المادة 54 مكرراً سالفة الذكر لأنها مقصورة على الطعن في قرارات اللجان الخاصة بضريبة الأرباح التجارية والصناعية ولم تتضمن المواد المتعلقة بالضريبة على المرتبات وما في حكمها نصاً مماثلاً أو نصاً يحيل عليها، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول دعوى المطعون ضدهم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الدعاوى المتعلقة بالضريبة على المرتبات وما في حكمها المقررة بمقتضى الباب الأول من الكتاب الثالث من القانون رقم 14 لسنة 1939 ترفع طبقاً للقواعد العامة في قانون المرافعات وليس طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من ذلك القانون، لأن هذه المادة - وعلى ما يبدو من سياقها - استثناء من القواعد العامة لرفع الدعاوى في قانون المرافعات، وقد وردت ضمن مواد الكتاب الثاني من القانون سالف الذكر فيقتصر أثرها على طرق وإجراءات الطعن في قرارات اللجان الخاصة بالضريبة على الأرباح التجارية والصناعية ولا يتعداها إلى غيرها من أنواع الضرائب الأخرى إلا بنص خاص في القانون، ولم يرد ضمن مواد الضريبة على كسب العمل المقررة بمقتضى الباب الأول من الكتاب الثالث نص مماثل أو نص يحيل على هذه المادة، وإذ كان يبين من استقراء نصوص لائحة المأذونين الصادر بها قرار وزير العدل في 10/ 1/ 1955 أن المأذون هو موظف عمومي يختص دون غيره بتوثيق عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك بالنسبة للمسلمين من المصريين، فإن ما يستولى عليه من ذوي الشأن - نقداً أو عيناً - بمناسبة ما يوثقه من هذه العقود والإشهادات يخضع للضريبة على المرتبات وما في حكمها. إذ كان ذلك، وكان الثابت أن الدعاوى الثلاث رفعت كل منها بصحيفة قدمت إلى قلم كتاب المحكمة طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون 14 لسنة 1939 في حين كان يتعين رفعها وفقاً للقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات، فإن الحكمين المطعون فيهما إذ قضيا برفض الدفع بعدم قبول هذه الدعاوى لرفعها بغير الطريق المرسوم في القانون يكونان قد أخطآ في تطبيق القانون بما يوجب نقضهما.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول دعاوى المطعون ضدهم.

الطعن 76 لسنة 12 ق جلسة 13 / 5 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 57 ص 154

جلسة 13 مايو سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

----------------

(57)
القضية رقم 76 سنة 12 القضائية

عقد. تفسيره. 

سلطة محكمة الموضوع في ذلك. عبارة في مفكرة المدعي موقع عليها من المدعى عليه. استظهار المحكمة منها ومن سائر ظروف الدعوى أنها تتوافر فيها أركان عقد البيع. عدم خروجها في ذلك عما تؤدي إليه الوقائع والأوراق. موضوعي.

---------------
إذا رأت المحكمة أن العبارة المحررة في مفكرة المدعي والموقع عليها من المدعى عليه، المتضمنة التزام الموقع بأن يبيع للمدعي الصنف المبينة أنواعه وأوصافه فيها ومقدار كل نوع منه وثمنه، تشمل كل البيانات اللازمة لتوافر أركان عقد البيع، ولو أنها مذيلة بعبارة "وهذا لحين تحرير الشروط"، ثم عرضت لتنفيذ هذا الاتفاق فرأت أن نية المتعاقدين فيما يتعلق بباقي شروط البيع من تسليم المبيع ودفع ثمنه قد توضحت من الطريقة التي بينتها في حكمها وقالت إنهما اتبعاها طوال مدة تنفيذ هذا العقد، فإنها إذ استظهرت توافر أركان التعاقد من التعهد المأخوذ على البائع ومن تنفيذه جزئياً، وإذ استكملت شروط الاتفاق من العناصر الأخرى القائمة في الدعوى تكون قد استخلصت ذلك مما ينتجه، فلا تصح مناقشتها فيه أمام محكمة النقض لتعلقه بسلطة محكمة الموضوع في تقدير الوقائع.

تسبيب الأحكام الجنائية / الجنح - تجريف / إدانة - مثال من محكمة النقض

الطعن 18303 لسنة 59 ق جلسة 16 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 117 ص 840

ومن حيث إن المعارضة حازت كافة أوضاعها المقررة قانوناً فهي مقبولة شكلاً.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل المتهم بوصف أنه بتاريخ ...... بدائرة مركز أجا "قام بتجريف الأرض الزراعية بدون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة" وطلبت عاقبه بالمادتين 71، 106 مكرراً من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 والمعدل بالقانون رقم 59 لسنة 1978. وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات تتحصل في أنه بتاريخ....... جرى ضبط المتهم أثناء تواجده بالأرض الزراعية المملوكة له وهو يقوم بتجريف تلك الأرض بعمق أربعة أمتار دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة وقد بلغت المساحة التي قام المتهم بتجريفها وقت الضبط ثمانية قراريط، وإذ سئل المتهم تمسك بسبق تحرير محضر ضده، بتجريف ذات العين، وقد قام الدليل على حصول الواقعة على هذه الصورة مما أثبته وكيل التجريف والمباني بمديرية الزراعة بمحضره المؤرخ...... فقد أثبت وكيل التجريف والمباني بمديرية الزراعة وأعضاء اللجنة المرافقين له بالمحضر المؤرخ....... أنهم أثناء مرورهم على الأرض الزراعية التابعة لمركز أجا شاهدوا المتهم والذي يملك مساحة فدان من الأرض الزراعية - يقوم بتجريف أرضه الزراعية بعمق أربعة أمتار دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة وأنه تمكن من تجريف مساحة ثمانية قراريط من أرضه بالعمق المنوه عنه كما وجدوا المتهم يقوم بذلك بواسطة الجرارات وينقل الأتربة الناتجة من التجريف إلى مصانع الطوب، وقد جرى ضبط المتهم وتحرير محضر بضبط الواقعة. وحيث إن جريمة تجريف الأرض الزراعية بغير ترخيص من الجهة المختصة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل - وهو إزالة الأتربة من الأرض الزراعية ونقلها بغير الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة 71 مكرراً من القانون رقم 69 لسنة 1978 سالف الذكر - عن إرادة وعن علم، وكان المتهم في الدعوى المطروحة يسلم بقيامه بتجريف مساحة ثمانية قراريط من أرضه الزراعية دون أن يحصل على ترخيص بذلك من الجهة المختصة، فإنه لا يؤثر في تحقيق القصد الجنائي لتلك الجريمة في حقه ما ساقه من دفاع مسطور من اضطراره لتجريف أرضه حتى يتمكن من ريها وليمنع تسرب مياه الري منها بعد أن قام جيرانه الملاصقين له بتجريف أراضيهم وذلك طالما أن المتهم - وبفرض صحة دفاعه - لا يمارى في عدم حصوله على الترخيص اللازم من الجهة المختصة بتجريف أرضه الزراعية، وإذ كان ذلك، وكانت تلك الجريمة فوق ما تقدم لا تستلزم قصداً خاصاً فإن ما أتاه المتهم يوفر في حقه جريمة التجريف كما هي معرفة به في القانون.
وحيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعويين رقمي..... لسنة..... جنح أجا،..... لسنة...... جنح أجا اللتين قضي فيهما نهائياً ببراءة الطاعن، فإن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن البين من مطالعة الأوراق أن جريمة التجريف موضوع الدعوى المطروحة قد وقعت في تاريخ وقوع الجريمتين موضوع الدعويين المشار إليهما كما انصبت جريمة الدعوى الماثلة على مساحة ثمانية قراريط أخرى تختلف عن الأرض الزراعية - التي قام بتجريفها المتهم في الدعويين المنوه عنهما، وكان مناط حجية الأحكام هو وحده الخصوم والموضوع والسبب، ومن ثم فإن هذه المحكمة تقضي برفض هذا الدفع.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي دان المتهم بجريمة تجريف أرض زراعية بغير ترخيص من وزارة الزراعة، عاقبه بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبغرامة خمسمائة جنيه وذلك إعمالاً لنص المادة 106 مكرراً من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 والمعدل بالقانون رقم 59 لسنة 1978 والتي كانت ترصد في فقرتها الثالثة لجريمة التجريف المنصوص عليها في المادة 71 مكرراً من القانون عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه كل فدان أو جزء منه من الأرض موضوع الجريمة إذا كان المخالف هو المالك. كما نصت الفقرة الخامسة منها على أنه لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ العقوبة. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1967 قد صدر بتاريخ أول أغسطس سنة 1983 - بعد وقوع الفعل وقبل الفصل في الدعوى الماثلة بحكم نهائي - واستبدل المادتين 150، 154 على التوالي بالمادتين 71 مكرراً، 106 مكرراً من قانون الزراعة ونص في الفقرة الأولى من المادة 154 على أنه "يعاقب على مخالفة حكم المادة (150) من هذا القانون بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه عن كل فدان أو جزء منه من الأرض موضوع المخالفة" ثم استطرد في الفقرة الثانية من هذه المادة بقوله "فإذا كان المخالف هو المالك وجب ألا يقل الحبس عن ستة أشهر". كما نص في الفقرة الرابعة من المادة ذاتها على أنه "في جميع الأحوال تتعدد العقوبة بتعدد المخالفات ويحكم فضلاً عن العقوبة بمصادرة الأتربة المتخلفة عن التجريف وجميع الآلات والمعدات التي استخدمت في عملية التجريف أو النقل ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة" فإن هذا القانون الجديد يعد قانوناً أصلح لمالك الأرض الزراعية الذي يقوم بتجريفها دون أن تتعدد المخالفة، إذ أنشأ له مركزاً قانونياً أصلح بهبوطه بالحد الأدنى للعقوبة الأعلى درجة وهي الحبس من سنة - طبقاً للقانون القديم - إلى ستة أشهر فقط مع إجازته وقف تنفيذ تلك العقوبة، وإن رفع العقوبة الأدنى درجة وهي الغرامة - في حديها الأقصى والأدنى، ذلك بأن العبرة في المقارنة بين العقوبات هي بتقدير القانون للعقوبة الأصلية وفقاً لترتيبها في المواد 10، 11، 12 من قانون العقوبات، ومن ثم - وتطبيقاً للمادة 11 من القانون فإن عقوبة الغرامة مهما ارتفع قدرها أخف دائماً من عقوبة الحبس في صحيح القانون، بالإضافة إلى أن القانون الجديد قد أجاز وقف تنفيذ عقوبة الحبس على ما سلف القول وهو ما لم يكن جائزاً في القانون القديم لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات تقضي بأنه "إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره، فإن القانون الجديد سالف البيان يضحى الأصلح الواجب التطبيق في حق المتهم عملاً بتلك الفقرة حالة كونه المالك للأرض محل التجريف لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يجوز أن يضار الطاعن بناءً على الطعن المرفوع منه وأن هذه القاعدة هي قاعدة قانونية عامة تنطبق على طرق الطعن جميعها عادية كانت أو غير عادية وفقاً للمادتين 401، 417 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 159 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وكانت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الابتدائي الذي صدر بتاريخ....... قاضياً بحبس المتهم سنة مع الشغل وتغريمه خمسمائة جنيه فإنه ما كان يسوغ للمحكمة الاستئنافية وقد اتجهت إلى إدانة المتهم - المستأنف - أن تقضي عليه في المعارضة المرفوعة منه بعقوبة غرامة تجاوز الغرامة المحكوم عليه بها غيابياً لأنها بذلك تكون قد سوأت مركزه وهو ما لا يجوز، إذ لا يصح أن يضار المعارض بناءً على المعارضة التي رفعها. لما كان ذلك، فإن المحكمة تقضي بإلغاء الحكم المعارض فيه فيما قضى به في موضوع الاستئناف وبتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه خمسمائة جنيه وذلك عملاً بحكم المادتين 150، 154 من القانون رقم 116 لسنة 1983 الواجب التطبيق على الواقعة.
وحيث إن لما كانت هذه المحكمة ترى من الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأن المتهم لن يعود إلى مخالفة القانون. فإنها تأمر بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها إعمالاً للمادتين 55، 56 من قانون العقوبات.