جلسة 14 من إبريل سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي، محمد فتح الله وسيد عبد الباقي.
---------------
(214)
الطعن رقم 349 لسنة 49 القضائية
عقد "إنهاء العقد". تعويض.
الاتفاق على تجدد العقد تلقائياً لسنة تالية ما لم يخطر أحد الطرفين الأخر برغبته في عدم التجديد خلال مدة معينة. الإخطار الصادر بعد انقضاء هذه المهلة. أثره. تجدد العقد تلقائياً والتزام المتعاقد بالتعويض عند امتناعه عن تنفيذ العقد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بمقتضى عقد مؤرخ 3/ 4/ 1974 باعت الشركة الطاعنة للمطعون ضدها 1125 طناً من الكبريت الصخري بمعدل 125 طناً شهرياً خلال الفترة من 1/ 4/ 1974 حتى نهاية ديسمبر سنة 1974 وذلك بسعر 38 جنيهاً للطن المتري الواحد، ونص في البند السادس من العقد على أن يتجدد تلقائياً ما لم يحصل إخطار من أحد الطرفين للآخر قبل انتهاء العقد بشهرين على الأقل، وبتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1974 أرسلت الشركة الطاعنة للشركة المطعون ضدها تنبهاً بإنهاء العقد، ثم باعت الكبريت المتعاقد عليه لشركة السكر والتقطير المصرية قولاً منها بأن هذا البيع كان التزاماً بأحكام القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1975 الصادر في 18 يناير سنة 1975 بالاستيلاء لصالح تلك الشركة على إنتاجها الحالي من الكبريت الصخري وما ينتج منه مستقبلاً حتى 31/ 12/ 1975 وذلك بسعر 60 ج و550 م للطن المتري مضافاً إليه خمسة جنيهات نظير قيام الطاعنة بنقل الكبريت من رأس غارب إلى مصنع الحوامدية، فأقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 4034 لسنة 1975 مدني كلي القاهرة، والتي قيدت فيما بعد برقم 47 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة على الشركة الطاعنة، وانتهت فيها إلى طلب الحكم ببطلان التنبيه الصادر من الطاعنة بتاريخ 30/ 11/ 1974 بإنهاء عقد البيع المؤرخ 3/ 4/ 1974 واعتبار هذا التنبيه كأن لم يكن لصدوره بعد الميعاد المحدد بالبند السادس من العقد، واعتبار عقد البيع مجدداً وساري المفعول لعام 1975 طبقاً لنصوصه، كما أقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 24 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ 41325 ج قيمة الفروق بين سعر شراء المطعون ضدها للكبريت وسعر بيعه لشركة السكر والتقطير المصرية في سنة 1975 وفوائده القانونية، ومبلغ 2000 جنيه تعويضاً لها عما فاتها من كسب، وما لحقها من خسارة واعتبار عقد البيع المؤرخ 3/ 4/ 1974 مجدداً ونافذاً وسارياً لعام 1976، وبعد أن قررت محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، قضت بجلسة 15/ 6/ 1976 بندب مكتب الخبراء لتتبع العلاقة بين الطرفين على ضوء العقد المؤرخ 3/ 4/ 1974 وما تم بشأن تنفيذه، وقدم الخبير تقريراً خلص فيه إلى أن الشركة الطاعنة أنهت العمل بالعقد بإخطارها المؤرخ 30/ 11/ 1974 بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في بنده السادس دون مبرر، وأن المطعون ضدها تستحق عن ذلك تعويضاً قدره 41325 جنيهاً. وبجلسة 25/ 4/ 1978 قضت المحكمة أولاً: في موضوع الدعوى رقم 24 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة برفض الشقين الأول والثالث للدعوى وقبل الفصل في موضوع الشق الثاني بندب خبير آخر لتحديد الأضرار التي لحقت بالمطعون ضدها نتيجة إنهاء الطاعنة للعقد إنهاء مبتسراً، ومقدار التعويض الذي يجبر هذه الأضرار، ثانياً: وفي موضوع الدعوى رقم 47 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة برفضها، وبجلسة 30/ 5/ 1978 قضت برفض الشق الثاني من الدعوى رقم 24 لسنة 1976. استأنفت المطعون ضدها هذين الحكمين بالاستئناف رقم 398 لسنة 95 ق، وبتاريخ 31/ 1/ 1979 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكمين المستأنفين والحكم أولاً: في الدعوى رقم 47 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة ببطلان التنبيه الصادر من الطاعنة بتاريخ 30/ 11/ 1974 بالنسبة لإنهاء عقد البيع المؤرخ 3/ 4/ 1974 وبصحة امتداده إلى نهاية عام 1975، ثانياً: في الدعوى رقم 24 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للشركة المطعون ضدها مبلغ 41325 جنيهاً وفوائده القانونية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعى الطاعنة بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن العقد المبرم بينها وبين المطعون ضدها إذ نص على حق كل من طرفيه في إلغائه بالإرادة المنفردة فلا يجوز أن يترتب على عدم مراعاة المهلة التي حددها لممارسة هذا الحق بطلان التنبيه بالإلغاء وتجدد العقد لمدة أخرى، وإنما يترتب على عدم مراعاة تلك المهلة الحق في التعويض عن الضرر الذي نشأ عن ذلك أي ما لحق المطعون ضدها من خسارة نتيجة لوصول التنبيه متأخراً في 30/ 11/ 1974 بدلاً من 31/ 10/ 1974 وهو ما لم تقدم المطعون ضدها دليلاً على وقوعه، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حين قضى ببطلان التنبيه وبصحة امتداد العقد إلى نهاية عام 1975 إذ صادر بذلك حق الشركة الطاعنة في إلغاء العقد.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الثابت في عقد البيع موضوع النزاع أن الطرفين قد اتفقا في بنده السادس على سريان أحكامه لمدة تنتهي في 31/ 12/ 1974 وعلى تجدده تلقائياً بنفس الشروط لسنة تالية وهكذا ما لم يخطر الطرف الآخر برغبته في عدم التجديد قبل انتهاء مدة سريان العقد بشهرين على الأقل، وكان الثابت من بالأوراق أن الطاعنة لم تخطر المطعون ضدها برغبتها في عدم تجديد العقد خلال الأجل المتفق عليه، فإنه يترتب على ذلك تجدده تلقائياً لسنة أخرى تنتهي في 31/ 12/ 1975 ولا عبرة في ذلك بالإخطار المرسل من الطاعنة إلى المطعون ضدها في 30/ 11/ 1974 بإنهاء العقد، ذلك أن هذا الإخطار قد صدر بعد انقضاء المهلة المحددة لذلك وتجدد العقد بالفعل لمدة سنة أخرى، ومن ثم لا يترتب عليه إنهاؤه إذ لا تملك الطاعنة بإرادتها المنفردة لتتحلل من التزاماتها الناشئة عن هذا العقد، وبالتالي يحق للمطعون ضدها المطالبة بتعويضها عما لحقها من أضرار وما فاتها من كسب نتيجة امتناع الطاعنة عن تنفيذ العقد خلال المدة التي يجدد إليها ولا يقتصر حقها على مجرد المطالبة بتعويض عن الأضرار الناتجة عن وصول التنبيه متأخراً، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون بهذين السببين يكون على غير أساس. وحيث إن حاصل أسباب الطعن من الثالث للأخير هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المذكور لم يعتبر قرار وزير التموين الصادر بتاريخ 18/ 1/ 1975 بالاستيلاء على إنتاجها من الكبريت الصخري لصالح شركة السكر والتقطير المصرية سبباً أجنبياً تنقضي به التزاماتها قبل المطعون ضدها، وأقام قضاءه على أن عقد التوريد المبرم بين الطرفين قد تجدد لمدة سنة اعتباراً من 1/ 1/ 1975 وأن الطاعنة لم تعترف بهذا التجديد، وأصرت على عدم تنفيذ التزاماتها المترتبة على ذلك رغم إعذارها في 11/ 12/ 1974 - أي قبل صدور قرار الاستيلاء - ومن ثم فإن صدور هذا القرار بعد ذلك لا يؤدي إلى انقضاء التزامات الطاعنة وإن كان يحولها إلى تعويض بالتطبيق لنص الفقرة الأولى من المادة 207 من القانون المدني، في حين أن قرار الاستيلاء سالف الذكر يعتبر من قبيل القوة القاهرة التي ينقضي بها عقد التوريد المبرم بين الطرفين لاستحالة تنفيذه إعمالاً لنص المادتين 159 و373 من القانون المدني، وأنه لا يغير من ذلك أن المطعون ضدها سبق لها إعذار الطاعنة بالتنفيذ قبل صدور القرار لأن تسليم الكبريت المتعاقد عليه أو عدم تسليمه إلى المطعون ضدها ما كان ليمنع صدور قرار الاستيلاء، ومن ثم لا تتحمل الطاعنة في هذه الحالة تبعة الهلاك عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 207 سالفة البيان. وترتيباً على ذلك كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقصر قضاءه على تعويض المطعون ضدها عن كميات الكبريت التي يجرى تسليمها إليها خلال المدة السابقة على صدور قرار الاستيلاء أي من 1/ 1/ 1975 حتى 8/ 1/ 1975 وهي تقدر بنحو 50 طناً، وإذ انتهى الحكم في قضائه إلى إلزام الطاعنة بتعويض المطعون ضدها عما فاتها من كسب بسبب حرمانها من الزيادة التي طرأت على أسعار الكبريت الذي كان يحق لها استلامه خلال عام 1975، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاقهما، وكان عقد التوريد المبرم بين الطرفين - وعلى ما جاء في الرد على السببين الأول والثاني من أسباب الطعن - قد تجدد لمدة سنة تبدأ من 1/ 1/ 1975 وتنتهي في 31/ 12/ 1975 لعدم إبداء الطاعنة رغبتها في عدم تجديده قبل إنهاء مدة سريانه بشهرين على الأقل، إذ لم تظهر رغبتها في ذلك إلا في 30/ 11/ 1974 بعد انقضاء الأجل المحدد لإبدائها، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قد أنكرت تجدد العقد لمدة أخرى وأصرت على عدم تنفيذه رغم إعذارها رسمياً في 11/ 12/ 1974، فإنها تكون قد تحللت بإرادتها المنفردة من تنفيذ العقد خلال المدة التي تجدد إليها فتحول حق المطعون ضدها إلى المطالبة بتعويض عما فاتها من كسب بسبب حرمانها من الزيادة التي طرأت على أسعار الكبريت المتعاقد عليه والذي كان يحق لها استلامه خلال عام 1975، وإذ حدث تحلل الطاعنة من التزاماتها التعاقدية وتحول حق المطعون ضدها إلى التعويض في تاريخ سابق على صدور قرار الاستيلاء في 18/ 1/ 1975 فإنه لا يقبل من الطاعنة النعي على الحكم المطعون فيه عدم اعتبار هذا القرار من قبيل القوة القاهرة - أياً كان وجه الرأي فيه - لأنه نعي غير منتج، ولا يعيب الحكم ما تردى فيه من خطأ في استناد قضائه إلى الفقرة الأولى من المادة 207 من القانون المدني طالما قد انتهى في قضائه إلى نتيجة صحيحة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.