جلسة 24 من ديسمبر سنة 1975
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين:
محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي، وحسن مهران، ومحمد الباجوري.
-----------------
(316)
الطعن
رقم 9 لسنة 44 ق "أحوال شخصية"
(1)أحوال شخصية "القانون الواجب التطبيق". إرث. بطلان. إثبات.
دعاوى الإرث بالنسبة
للمصريين غير المسلمين. الأصل أن يجرى تحقيقها باتباع لائحة المحاكم الشرعية
وإعلامات الوفاة والوراثة التي ضبطتها المجالس الملية قبل إلغائها. جواز طلب
إبطالها بدعوى مبتدأة.
(2)إثبات. أحوال شخصية
"نسب".
بيانات شهادات الميلاد.
لا تصلح بمجردها لثبوت النسب. اعتبارها قرينة قابلة لإثبات العكس.
(3)أحوال شخصية
"الزواج". إرث.
زواج المرتدة عن الإسلام
بغير المسلم قبل ردتها أو بعدها. أثره. عدم انعقاد الزواج أصلاً. لا ينتج فراشاً
ولا يثبت نسباً يولد حقاً في الميراث.
(4)أحوال شخصية. إثبات
"الإقرار". إرث. نظام عام.
الإقرار الصحيح. شرطه.
قواعد الميراث تعلقها بالنظام العام. توقيع المطعون عليه على محضر إثبات الوفاة
الصادر من البطريركية مما يفيد أن الطاعنين إخوته. إقرار باطل.
(5)دعوى "إعادة الدعوى
للمرافعة". دفاع. محكمة الموضوع.
إعادة الدعوى إلى
المرافعة. من إطلاقات قاضي الموضوع.
-------------------
1 - لئن كانت دعاوى الإرث بالنسبة لغير المسلمين من المصريين تجرى
وفق أحكام الشريعة الإسلامية، والأصل أن يتبع في تحقيقها ما تنص عليه لائحة ترتيب
المحاكم الشرعية إلا أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعلامات الوفاة
والوراثة التي تعارفت المجالس الملية لمختلف الطوائف - قبل إلغائها - على ضبطها لا
تخلو من حجية سواء اعتبرت أوراقاً رسمية أو عرفية، فإنه لا تثريب على المطعون عليه
إذا هو لجأ إلى إقامة دعوى مبتدأة بطلب إبطالها والحد من حجيتها دون إتباع
الإجراءات الواردة في اللائحة الشرعية والتي تقوم هي الأخرى في جوهرها على تحقيقات
إدارية قابلة للإلغاء من السلطة القضائية المختصة.
2 - البيانات الواردة بشهادات الميلاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة (1) - باعتبارها من إملاء صاحب القيد لا تصلح بمجردها لثبوت النسب وإن كانت
تعد قرينة لا يمتنع دحضها وإقامة الدليل على عكسها.
3 - من المقرر شرعاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) - أن زواج المسلمة بغير
المسلم كتابياً كان أم غير كتابي حرام باتفاق ولا ينعقد أصلاً، كما أن المرأة
المسلمة إذا ارتدت ثم تزوجت لا ينعقد لها زواج. لما كان ذلك، فإن معاشرة والدة
الطاعنين لوالد المطعون عليه (المسيحي) سواء قبل ردتها أو بعدها محرمة شرعاً لا
تنتج فراشاً ولا تثبت نسباً يتولد عنه أي حق في الميراث.
4 - يشترط لصحة الإقرار بوجه عام - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - ألا يكون المقر به محالاً عقلاً ولا شرعاً، وإذ كانت قواعد الميراث من
النظام العام فلا يجوز مخالفتها أو التحايل عليها، فإن ما نسب إلى المطعون عليه من
توقيعه على محضر إثبات الوفاة الصادر من بطريركية الأقباط الأرثوذكس بما يفيد أن
الطاعنين أخوته من أبيه يعد باطلاً وغير معتبر شرعاً ولا يمكن أن يؤاخذ به
باعتباره إقراراً.
5 - إعادة الدعوى للمرافعة ليست حقاً للخصوم تتحتم إجابتهم إليه بل
هو أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومن ثم فلا على محكمة الاستئناف إذا هي قضت في
الدعوى دون أن تستجيب لهذا الطلب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل -
على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون عليه أقام الدعوى
رقم 480 لسنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد
الطاعنين بطلب الحكم ببطلان إشهاد الوراثة الصادر من بطريركية الأقباط الأرثوذكس
في 18/ 10/ 1946 والمتضمن إثبات وفاة والده المرحوم....... في 9/ 10/ 1946 وانحصار
إرثه فيه وفي الطاعنين باعتبارهم أولاده والقضاء بانحصار ميراث والده فيه وحده،
وقال شرحاً لها أن والده تزوج المرحومة...... والدة الطاعنين في 29/ 10/ 1925 وقد
تكشف له عدم صحة نسب الطاعنين إلى أبيه لأن والدتهم كانت قبل زواجها به مسلمة
تدعى...... ثم اعتنقت الدين المسيحي مع أولادها الطاعنين طبقاً لقرار المجلس
الإكليري العام في 2/ 10/ 1925 قبل زواجها من والده، وإذ وقع هذا الزواج باطلاً
تبعاً لارتداد الزوجة عن الإسلام وكان الطاعنون لا حق لهم في الإرث عن أبيه سواء
اعتبروا مسلمين تبعاً لديانة والدتهم أو مرتدين عن الإسلام واعتنقوا الدين المسيحي
أسوة بأبيهم لأن اختلاف الدين والردة كلاهما من موانع الإرث فقد أقام دعواه
بطلباته سالفة البيان وفي 31/ 5/ 1969 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق
ليثبت المطعون عليه أن...... هي والدة الطاعنين وأن هؤلاء الأخيرين قد ولدوا
مسلمين ثم ارتدوا مع أمهم بعد ذلك من الدين الإسلامي واعتنقوا الدين المسيحي، وبعد
سماع شاهدي المطعون عليه حكمت في 25/ 11/ 1972 بعدم سماع الدعوى. استأنف المطعون
عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 175 سنة 89 ق أحوال شخصية القاهرة، وفي 22/ 1/ 1974
حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبطلان الإعلام الشرعي الصادر من
بطريركية الأقباط الأرثوذكس بجلسة 18/ 10/ 1946 في القضية رقم 829 سنة 1946 وثبوت
وفاة المرحوم..... يوم 6/ 10/ 1946 وانحصار إرثه في ابنه...... - المطعون عليه -
وحده دون سواه واستحقاقه كل التركة تعصيباً، فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق
النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على
هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة
برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في
تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم قضى بانحصار الإرث في المطعون عليه
بناء على الدعوى المبتدأة التي أقامها في حين أن المواد 355 وما بعدها من اللائحة
الشرعية رسمت لتحقيق الوفاة والوراثة إجراءات محددة يتعين اتباعها قبل إقامة
الدعوى، وإذ لم يتخذ المطعون عليه هذه الإجراءات وطلب بدعوى مستقلة بطلان الإعلام
الصادر من بطريركية الأقباط الأرثوذكس رغم أنها لا اختصاص لها في إصداره فإن
الدعوى تكون غير مسموعة وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير
صحيح، ذلك أنه وإن كانت دعاوى الإرث بالنسبة لغير المسلمين من المصريين تجرى وفق
أحكام الشريعة الإسلامية، والأصل أن يتبع في تحقيقها ما تنص عليه لائحة ترتيب
المحاكم الشرعية، إلا أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعلامات
الوفاة والوراثة التي تعارفت المجالس الملية لمختلف الطوائف - قبل إلغائها - على
ضبطها لا تخلو من حجية سواء اعتبرت أوراقاً رسمية أو عرفية، فإنه لا تثريب على
المطعون عليه إذا هو لجأ إلى إقامة دعوى مبتدأة بطلب إبطالها والحد من حجيتها دون
اتباع الإجراءات الواردة في اللائحة الشرعية والتي تقوم هي الأخرى في جوهرها على
تحقيقات إدارية قابلاً للإلغاء من السلطة القضائية المختصة، ويكون النعي على غير
أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالشق الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة
الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم أسس قضاءه على أن الطاعنين هم
أولاد السيدة..... في حين أن الثابت من شهود الطاعنين أمام محكمة أول درجة أن
المرحوم....... كان متزوجاً بالسيدة...... وأنجب منها المطعون عليه وبعد وفاتها
تزوج بالسيدة....... وديانتها مسيحية وأنجب منها الطاعنين ثم نشأت بينه وبين من
تدعى...... وشهرتها...... علاقة غير مشروعة هجر بسببها زوجته أم الطاعنين وأدخلها
وابنتها........ التي كانت قد رزقت بها من زواج سابق الدين المسيحي عام 1925،
واستغل قصر أبنائه الطاعنين - وسجل أسماءهم على أنهم أولاد صاحبته تلك كما أن
الثابت بشهادات ميلاد الطاعنين - وهي أوراق رسمية أنهم ولدوا قبل عام 1925 من
السيدة........ المسيحية الديانة، وهذا كله يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله. ذلك أنه بالرجوع إلى حكم محكمة أول درجة يبين أنه أورد في مدوناته أن
المطعون عليه أشهد شاهدين لم تفصح شهادتهما عن ثبوت شيء مما تضمنه حكم التحقيق وأن
الطاعنين تنازلوا إزاء ذلك عن سماع شهودهم، ولما كان الطاعنون لم يقدموا صوراً من
التحقيقات التي يدعون أنه ورد بها أن...... تسمت باسم والدتهم عقب ردتها وأنها غير
والدتهم أصلاً، فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق يكون عارياً عن
دليله، ولا يغير من ذلك أن الثابت بشهادة ميلاد بعض الطاعنين أنهم من أم مسيحية
هي...... في تاريخ سابق على الارتداد، والبيانات الواردة بشهادات الميلاد - وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة - باعتبارها من إملاء صاحب القيد لا تصلح بمجردها
لثبوت النسب، وإن كانت تعد قرينة، لا يمتنع دحضها وإقامة الدليل على عكسها، وإذ
أطرح الحكم دلالتها أخذاً بالأدلة التي تضمنتها المستندات المقدمة من المطعون عليه
فإن النعي عليه بفساد الاستدلال يكون لا محل له.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالشق الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون استناداً إلى
أن الحكم أهدر دلالة توقيع المطعون عليه على محضر إثبات الوفاة المتضمن وراثة
الطاعنين لوالدهم لما يترتب عليه من مخالفة لقواعد الميراث المتعلقة بالنظام
العام، في حين أنه يتعين الاعتداد بهذا التوقيع لأنه في حقيقته إقرار من المطعون
عليه بأن الطاعنين هم إخوته بما يمنع من سماع دعواه وهو يعيب الحكم بمخالفة
القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه استخلص من مستندات المطعون عليه - التي لم يطعن
الطاعنون عليها - أن والدة الطاعنين كانت مسلمة واسمها..... ورزقت بهم، من والد
المطعون عليه المسيحي الديانة وهي مسلمة ثم ارتدت عن الدين الإسلامي واعتنقت
المسيحية في 3/ 10/ 1925 وكان ميلاد الطاعنين جميعاً قبل عقد زواجها في 18/ 10/
1925، ولما كان من المقرر شرعاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن زواج
المسلمة بغير المسلم كتابياً كان أم غير كتابي حرام باتفاق ولا ينعقد أصلاً، كما
أن المرأة المسلمة إذا ارتدت ثم تزوجت لا ينعقد لها زواج، لما كان ذلك فإن معاشرة
والدة الطاعنين لوالد المطعون عليه سواء قبل ردتها أو بعدها محرمة شرعاً لا تنتج
فراشاً ولا يثبت نسباً يتولد عنه أي حق في الميراث، لما كان ما تقدم وكان يشترط
لصحة الإقرار بوجه عام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ألا يكون المقر به
محالاً عقلاً ولا شرعاً، وكانت قواعد الميراث من النظام العام فلا يجوز مخالفتها
أو التحايل عليها، فإن ما نسب إلى المطعون عليه من توقيعه على محضر إثبات الوفاة
الصادر من بطريركية الأقباط الأرثوذكس بما يفيد أن الطاعنين إخوته من أبيه يعد
باطلاً وغير معتبر شرعاً ولا يمكن أن يؤاخذ به باعتباره إقراراً، وإذ التزم الحكم
المطعون فيه هذا النظر ولم يعتد بتوقيع المطعون عليه على محضر ثبوت الوفاة المؤرخ
16/ 1/ 1946 بوراثة الطاعنين، فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال يكون على غير
أساس.
وحيث إن حاصل السبب
الثالث هو الإخلال بحق الدفاع لأن محكمة الاستئناف لم تستجب لطلب إعادة الدعوى إلى
المرافعة وتمكين الطاعنين من إبداء دفاعهم.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن إعادة الدعوى إلى المرافعة ليست حقاً للخصوم تتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر
متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومن ثم فلا على محكمة الاستئناف إذا هي قضت في الدعوى
دون أن تستجيب لهذا الطلب. ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
(1) نقض 4/ 1/ 1967 مجموعة
المكتب الفني السنة 18 ص 54.
(2) نقض 8/ 3/ 1967 مجموعة
المكتب الفني السنة 18 ص 585. نقض 30/ 3/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 782.