الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 مايو 2019

طلب اتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية طبقًا للدستور الجديد مجهل وخلا من بيان النصوص التشريعية المطعون عليها


الدعوى رقم 40 لسنة 36 ق "دستورية" جلسة 2 / 3 / 2019
جمهورية مصــر العربية
المحكمة الدستورية العليا
محضر جلسة
         بالجلسة المنعقدة في غرفة مشورة يوم السبت الثانى من مارس سنة 2019م، الموافق الخامس والعشرون من جمادى الآخرة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل       نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع           أمين السر
أصدرت القرار الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة 36 قضائية "دستورية".
المقامة من
نادى الإسكندرية الرياضى "سبورتنج"
ضـــــد
1 - رئيس مجلــــــــس الـــــوزراء
2 - وزيـــــــر الدولة للرياضة
3- رفعـــــت السيد إبراهيم سند
بطلب الحكم بعدم دستورية نصى المادتين الأولى والثانية من قرار رئيس المجلس القومى للرياضة رقم 96 لسنة 2007، الصادر بتاريخ 3/5/2007، بتعديل نص المادة العاشرة من لائحة النظام الأساسى للأندية الرياضية الصادرة بقرار وزير الشباب والرياضة رقم 836 لسنة 2000، والمادة (38) من قرار وزير الشباب والرياضة رقم 1173 لسنة 2000 بشأن اعتماد النظام المالى الموحد للأندية الرياضية، فيما تضمنته من استثناءات وإعفاءات غير مبررة ومناقضة لنصوص الدستور.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن من المقرر أن الدفع بعدم الدستورية لا يستنهض ولاية محكمة الموضوع لتقدير جديته إلا إذا ورد على نص أو نصوص عينها المدعى وحددها باعتبارها نطاقًا لدفعه، متضمنًا تحديد أبعاده، كى تجيل محكمة الموضوع بصرها في النصوص المطعون عليها لتقدير جدية المطاعن الموجهة إليها من وجهة نظر أولية لا تسبر أغوارها، ولا تعتبر منبئة عن كلمة فاصلة في شأن اتفاقها مع أحكام الدستور أو خروجها عليها. متى كان ذلك، وكان المدعى قد طلب بجلسة 3/2/2014، أجلاً "لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية طبقًا للدستور الجديد"، وبهذه الجلسة قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/4/2014 "لاتخاذ إجراءات إيداع صحيفة الطعن الدستورية من قبل المدعى عليه بصفته"، وكان الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى على النحو المتقدم قد جاء مجهلاً، وخلوًا من بيان النصوص التشريعية المطعون عليها، بما مؤداه أن تصريح محكمة الموضوع له برفع الدعوى الدستورية ترتيبًا عليه، يكون قد ورد على غير محل، وعلى ذلك، فإن الدعوى المعروضة لا تكون قد اتصلت بالمحكمة الدستورية العليا وفقًا للأوضاع المقررة بقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
لذلـــــك
      قررت المحكمة، في غرفة مشورة، عدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

انتفاء المصلحة كشرط لقبول الدعوى الدستورية عند انعدام الموضوع الممكن إنزال القضاء الصادر في المسألة الدستورية عليه

الدعوى رقم 155 لسنة 35 ق " دستورية " جلسة 2 / 3 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من مارس سنة 2019م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار، والدكتور عادل عمر شريف، وبولس فهمى إسكندر، ومحمود محمـد غنيم، والدكتور محمـد عماد النجار، والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع   أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 155 لسنة 35 قضائية " دستورية "، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى) بحكمها الصادر بجلسة 28/5/2013، ملف الدعوى رقم 12300 لسنة 67 قضائية.

المقامة من
محمد عبد القادر حسين
ضـــــد
رئيس الجمهورية
الإجراءات
      بتاريخ الرابع والعشرين من سبتمبر سنة 2013، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 12300 لسنة 67 قضائية، نفاذًا لحكم محكمة القضاء الإدارى - الدائرة الأولى - الصادر بجلسة 28/5/2013، بوقف نظر الدعوى، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (69) من الاتفاق الأوروبى المتوسطى لتأسيس مشاركة بين حكومة جمهورية مصر العربية من جانب والجماعات الأوروبية ودولها الأعضاء من جانب آخر، الذى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 335 لسنة 2002 بالموافقة عليه، ووافق عليه مجلس الشعب بجلسته المعقودة بتاريخ 8/4/2003.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًّا : بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا : برفضها.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـــــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعى في الدعوى الموضوعية كان قد أقام الدعوى رقم 12300 لسنة 67 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى - الدائرة الأولى - ضد رئيس الجمهورية، وحدد طلباته الختامية في وقف العمل، وإلغاء المادتين (69، 90) من الاتفاق الأوروبى المتوسطى لتأسيس مشاركة بين حكومة جمهورية مصر العربية من جانب والجماعات الأوروبية ودولها الأعضاء من جانب آخر، والموافق عليه بقرار رئيس الجمهورية رقم 335 لسنة 2002 الصادر بتاريخ 12/12/2002، ووافق عليه مجلس الشعب بتاريخ 8/4/2003، وتم نشره بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 47 بتاريخ 20/11/2003، وقرار رئيس الجمهورية رقم 11 لسنة 2004 بشأن الموافقة على التنفيذ المبكر لبعض أحكام هذا الاتفاق والملاحق والبروتوكولات والإعلانات المشتركة والمنفردة والخطاب المتبادل المرفق به، والموافق عليه من مجلس الشعب بتاريخ 10/2/2004، والذى أصدر وزير الخارجية بتاريخ 11/3/2004، القرار رقم 17 لسنة 2004 بنشره في الجريدة الرسمية، وتم النشر بالعدد رقم 13 (تابع) بتاريخ 25/3/2004، وذلك على سند من مخالفة النصوص المتقدمة لأحكام المواد (29، 33، 58، 60، 64، 73، 74، 79، 85، 90، 108، 146، 147، 152، 175، 188، 195 - قبل تعديلها -) من الدستور الصادر سنة 1971، والمواد (6، 30، 37، 49، 62) من الإعلان الدستوري الصادر في 30/3/2011. وبجلسة 28/5/2013، قضت محكمة القضاء الإداري بوقف نظر الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (69) من الاتفاق المشار إليه، على سند من أن النص المذكور لم يحدد المقصود بإعادة توطين مواطني دولة ثالثة غير الدول الأطراف في الاتفاقية، الواردة بهذا النص، بما يمثل اعتداءً على استقلال الدولة وسيادتها، وعلى مبدأ السيادة للشعب، المنصوص عليه في المادة (3) من كل من الدستور الصادر سنة 1971، والإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 25/12/2012.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدساتير المصرية المتعاقبة بدءًا من دستور سنة 1971 قد أفردت المحكمة الدستورية العليا بتنظيم خاص، حدد الدستور الحالى قواعده في الفصل الرابع من الباب الخامس منه المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها- في المادة (192) منه - وتقابلها المادة (175) من دستور سنة 1971 - الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، على أن ينظم القانون الإجراءات التى تتبع أمامها، وفى إطار هذا التفويض عينت المادتان (27، 29) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 حصرًا، طرائق اتصال الدعوى الدستورية بالمحكمة، باعتبار أن ولوجها، وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها، يعد من الأشكال الجوهرية التى لا يجوز مخالفتها؛ كى ينتظم التداعى في المسائل الدستورية في إطارها ووفقًا لأحكامها، فنظمت المادة (29) المشار إليها المسائل الدستورية التى تعرض على هذه المحكمة من خلال محكمة الموضوع، وهى قاطعة في دلالتها على أن النصوص التشريعية التى يتصل الطعن عليها بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة قانونًا، هى تلك التى تطرح عليها بعد دفع بعدم دستوريتها يبديه خصم أمام محكمة الموضوع وتقدر هى جديته، أو إثر إحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع لقيام شبهة قوية لديها على مخالفتها لأحكام الدستور، وأنه في كلتا الحالتين يتعين أن يكون الحكم الصادر في الدعوى الدستورية مؤثرًا فيما تنتهى إليه محكمة الموضوع في شأن الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمعروضة أمامها، فإذا لم يكن له بها من صلة، كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة، والأمر كذلك إذا كانت الدعويان الموضوعية والدستورية تتوجهان كلتاهما لغاية واحدة ممثلة في مجرد الطعن على بعض النصوص التشريعية بغية تقرير عدم دستوريتها، ذلك أن هاتين الدعويين تكونان عندئذ متحدتين محلاًّ، لاتجاه أولاهما إلى مسألة وحيدة ينحصر فيها موضوعها، هى الفصل في دستورية النصوص التشريعية التي حددها، وهى عين المسألة التى يقوم بها موضوع الدعوى الدستورية. واتحاد هاتين الدعويين في محليهما، مؤداه: أن محكمة الموضوع لن يكون لديها ما تجيل فيه بصرها بعد أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في دستورية النصوص المطعون فيها، سواء بتقرير صحتها أو بطلانها، ومن ثم لن يكـون الحكم الصادر من هذه المحكمة لازمًا للفصل في الدعوى الموضوعية، إذ ليس ثمة موضوع يمكن إنزال القضاء الصادر في المسألة الدستورية عليه، وهو أمر وثيق الصلة بالمصلحة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، ومناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع.
متى كان ما تقدم، وكانت طلبات المدعى في الدعوى الموضوعية التى ضمنها صحيفة تعديل طلباته المقدمة إلى محكمة الموضوع بجلسة 2/4/2013، قد جاءت واضحة صريحة، لا تحتمل تأويلاً، في طلب الحكم بوقف العمل، وإلغاء نص المادتين (69، 90) من الاتفاق الأوروبى المتوسطى لتأسيس شراكة بين حكومة جمهورية مصر العربية من جانب والجماعات الأوروبية ودولها الأعضاء من جانب آخر، كما أن التكييف الذى انتهت إليه محكمة الموضوع لطلبات المدعى، يتحدد في طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 335 لسنة 2002 بالموافقة على الاتفاقية المشار إليها، فيما لم يتضمنه من عدم التحفظ على المادة (69) من الاتفاقية التى تجيز إبرام اتفاقيات لإعادة توطين مواطني دولة ثالثة على الأراضي المصرية، وما يترتب على ذلك من آثار، ووقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية السلبى بالامتناع عن اتخاذ إجراءات مراجعة وتعديل الاتفاق المشار إليه، لإنهاء العمل بنص المادة (69) المذكورة، لا يخرج في حقيقته عن أن يكون نعيًا بعدم الدستورية على النص المشار إليه، لمخالفته لأحكام الدستور، والإجراءات التى حددها لإبرام الاتفاق الذى حوى هذا النص، والتصديق عليه، والتي تضمنها نص المادة (151) من الدستور الصادر سنة 1971، الذى أبرم هذا الاتفاق في ظل العمل بأحكامه، ورددتها الدساتير اللاحقة عليه، وانتهاءً بنص المادة (151) من الدستور الحالى الصادر سنة 2014، وطرحًا للمسألة الدستورية المتعلقة بهذا النص، وهو نفسه ما تطرحه الدعوى الدستورية المعروضة، التي انصبت الإحالة فيها على نص المادة (69) المشار إليه، لمخالفتها لأحكام الدستور، بما مؤداه: اتحاد الدعوى الموضوعية محلاً مع الدعوى الدستورية، بما لازمه استنفاد الخصومة المطروحة على محكمة الموضوع لموضوعها تبعًا للحكم الذى يصدر بعدم الدستورية، لتنحل الدعوى الدستورية الراهنة إلى دعوى أصلية بعدم دستورية ذلك النص، اتصلت بهذه المحكمة على خلاف حكم المادة (29) من قانونها السالف الذكر، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.
فلهـذه الأسبـاب
      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الطعن 19514 لسنة 83 ق جلسة 5 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 23 ص 233

جلسة 5  من إبريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / عاطف عبد السميع فرج نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / د. صلاح حسن البرعي ، محمد جمال الشربيني ، علاء مدكور وجمال حليس نواب رئيس المحكمة .
----------
(23)
الطعن 19514 لسنة 83 ق
(1) دعوى جنائية " تحريكها " . جريمة " أنواعها . جرائم الجلسات " . شهادة زور . حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل " . إثبات " شهود " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
تحريك الدعوى الجنائية من المحكمة في جرائم الجلسات . أمر استثنائي . شرطه : وقوع الجنحة أو المخالفة بالجلسة وقت انعقادها وإقامتها في الحال . تراخي اكتشافها إلى ما بعد الجلسة . يوجب نظرها وفقاً للقواعد العادية . أساس ذلك ؟
إدانة المحكمة الطاعنين بجريمة الشهادة الزور باعتبارها واقعة أثناء انعقاد الجلسة رغم عدم توجيه الاتهام لهم قبل قفل باب المرافعة . خطأ في القانون . علة ذلك ؟
لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى رواياته اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك . إدانته في جريمة شهادة الزور لمجرد أن روايته أمام المحكمة خالفت ما قاله في التحقيقات الأولية . غير صحيح . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب معيب في حكم صادر بالإدانة في جريمة الشهادة الزور .
(2) نقض " أثر الطعن " . شهادة زور .
نقض الحكم الصادر بإدانة طاعنين عن جنحة شهادة زور أبدوها في جناية مسندة لطاعن آخر . يوجب نقضه بالنسبة للأخير . علة ذلك ؟
(3) شهادة زور . اختصاص " الاختصاص النوعي " . محكمة الجنايات " اختصاصها " . محكمة الجنح . ارتباط .
إعادة محاكمة المحكوم عليهم من محكمة الجنايات في جريمة الشهادة الزور بعد نقض الحكم لهم . أصلها أن تكون أمام محكمة الجنح الجزئية . ارتباطها بجناية نُقِض الحكم الصادر فيها . يقتضي نظرهما أمام محكمة الجنايات . علة ذلك ؟
----------
1- لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته أنه بجلسة .... مثل شهود الإثبات الثلاثة – الطاعنون من الثاني حتى الرابع – وتحت القسم شهدوا بأن المتهم – الطاعن الأول – لم يكن متواجداً على مسرح الحادث وقت قتل المجني عليه .... ثم عرض لتهمة الشهادة الزور المسندة للطاعنين من الثاني حتى الرابع بقوله : " وحيث إنه عن جريمة الشهود ، ولما كان الشهود 1 .... 2 .... 3 .... قد تعمدوا تغيير الحقيقة في وقائع شهادتهم أمام المحكمة بإنكار الحق وتغيير الباطل بقصد تضليل القضاء وكان من شأن شهادتهم أمام المحكمة أن تسبب ضرراً بتبرئة مجرم وتؤثر في الحكم لصالح المتهم ولم يعدلوا عن أقوالهم الكاذبة بجلسة المحاكمة حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى فيكونون قد ارتكبوا جريمة الشهادة الزور الأمر المعاقب عليه بمقتضى المادة 294 عقوبات مما يتعين أخذهم بمقتضاها " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 244/1 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : " إذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال ، وتحكم فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم " ، وتنص المادة 246 من ذات القانون على أن : " الجرائم التي تقع في الجلسة ولم تقم المحكمة الدعوى فيها حال انعقادها يكون نظرها وفقاً للقواعد العادية " ، فقد دل الشارع بذلك على أن حق المحكمة في تحريك الدعوى الجنائية مشروط بوقوع الجنحة أو المخالفة بالجلسة وقت انعقادها وبأن تبادر المحكمة إلى إقامة الدعوى في الحال فور اكتشافها ، كما دل على أنه إذا تراخى اكتشاف الواقعة إلى ما بعد الجلسة فإن نظرها " الجنحة أو المخالفة " يكون وفقاً للقواعد العادية ولا تملك المحكمة تحريكها من تلقاء نفسها ، ولما كان الأصل أن النيابة العامة هي صاحبة الدعوى الجنائية وهي التي تملك تحريكها ومباشرتها وكان ما خوله الشارع للمحاكم – لاعتبارات قدرها – من حق تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة لجرائم الجلسة أمراً استثنائياً فإنه ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق ، ولما كانت تهمة الشهادة الزور لم توجه للطاعنين قبل قفل باب المرافعة في الدعوى المطروحة على المحكمة ومن ثم فإن المحكمة تصبح من الوقت الذي اعتبرت المرافعة فيه منتهية لا ولاية لها في الفصل في الجرائم التي وقعت أمامها في الجلسة ولم تقم الدعوى منها حال انعقادها ويكون نظرها وفقاً للقواعد العادية على ما تقضي به المادة 246 إجراءات جنائية ، ومن ثم فإن المحكمة إذ خلصت إلى أن الجريمة التي وقعت من الطاعنين من الثاني حتى الرابع تعتبر واقعة أثناء انعقاد الجلسة وأقامت الدعوى ضدهم في الحال وأصدرت حكمها المطعون فيه تكون قد خالفت القانون ، هذا إلى أنه لما كان الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى رواياته اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك ، لأن كلتا الروايتين مصدرهما واحد له اعتبار ذاتي واحد ولأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلابسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى ، وإذ كان مثول الشاهد أمام هيئة المحكمة في جلسة المحاكمة بين رهبة الموقف وجلاله وقدسية المكان محوطاً بالضمانات العديدة المعلومة التي وضعها القانون للحصول منه على الحقيقة الخالصة ذلك فيه ما من شأنه أن يشعر بعظم مسئوليته فيما يدلي به في آخر فرصة تسمع فيها أقواله مما يصح معه في العقل أن يفترض أنه وهو في هذه الحالة يكون أدنى إلى أن تغلب عليه النزعة إلى الحق فيؤثره ولا يتمادى في الحنث بيمينه إذ كان قد حلفها من قبل ، إذ كان ذلك كذلك فإن اعتبار روايته الأولى - عند اختلاف روايته - هي الصحيحة لا لشيء إلا لكونها هي الأولى لا يكون له ما يقتضيه بل لعل شهادته أمام المحكمة تكون هي الأولى بهذا الاعتبار ، وإذن فإن إدانة الشاهد في جريمة شهادة الزور لمجرد أن روايته أمام المحكمة قد خالفت ما قاله في التحقيقات الأولية لا تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها ، وخصوصاً أنه يجب في سبيل تحقيق العدالة على الوجه الأكمل أن يفسح أمام الشاهد المجال ليقرر الحق وألا يعتد بأقواله الأولى التي سبق إبداؤها في التحقيقات إلى حد تعريضه للعقوبة الجنائية إذ هو عدل عنها وذلك حتى لا ينغلق في وجهه الباب إذا ما عاوده ضميره إلى الرجوع إلى الحق والإقلاع عما كان عليه من باطل ، الأمر الذي راعاه القانون نفسه إذ لم يعاقب على شهادة الزور إذا عدل الشاهد عن الباطل وقرر الحق في أية مرحلة كانت عليها الدعوى حتى تمام نظرها أمام المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف الأنظار القانونية المتقدمة ، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة .
2- لما كان الحكم قد دان الطاعنين الثاني والثالث والرابع بجنحة شهادة الزور التي أبدوها في الجناية المسندة للطاعن الأول ، وكان نقض الحكم بالنسبة للطاعنين من الثاني حتى الرابع يقتضي نقضه أيضاً بالنسبة إلى الطاعن الأول دون حاجة إلى بحث أسباب طعنه لأن إعادة المحاكمة بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث والرابع وما تجري عليه أو تنتهي عنده يقتضي لحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث في الواقعة من جميع نواحيها .
3- لما كان إعادة محاكمة المحكوم عليهم من محكمة الجنايات في جريمة شهادة الزور بعد نقض الحكم بالنسبة لهم يجب - بحسب الأصل - أن تكون أمام محكمة الجنح الجزئية لتفصل في الجريمة المسندة إليهم بالطريق العادي ما دامت قد زالت حالة التلبس التي استلزمت محاكمتهم أمام محكمة الجنايات لوقوع الجريمة منهم أمامها بالجلسة ، إلا أنه نظراً للارتباط بين هذه الجريمة وبين الجناية المسندة إلى الطاعن الأول الذي نقض الحكم بالنسبة له أيضاً يكون من المصلحة – تحقيقاً لحسن سير العدالة – أن تنظر الدعوى بالنسبة للجميع أمام محكمة واحدة وهي محكمة الجنايات دون أن يكون في ذلك تقليل من الضمانات القانونية بالنسبة للمتهمين المذكورين ، وبالتالي فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى جميع الطاعنين والإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن الأول وآخر سبق الحكم عليه بأنهما : 1– قتلا وآخران توفيا المجني عليه .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك وقاموا بانتظاره في المكان الذي أيقنوا تواجده فيه وأعدوا لذلك أسلحة نارية " بندقية آلية " وما أن ظفروا بالمجني عليه حتى قاما بإطلاق أعيرة نارية للشد من أذر المتهمين المتوفيين حال ارتكابهما الجريمة وإزهاق روح المجني عليه واحدثا إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته قاصدين من ذلك قتله . 2- أحرزا سلاحين ناريين مششخنين " بندقيتين آليتين " سريعة الطلقات حال كونهما مما لا يجوز الترخيص بحيازتهما أو إحرازهما . 3- أحرزا ذخائـر عدة طلقات مما تستعمل على الأسلحة النارية آنفة البيان حال كونهما مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها . 4– أطلقا أعيرة نارية داخل قرية .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230 ، 231 ، 232 ، 294 ، 377/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1/ 2 ، 6 ، 26 /5،3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند ب من القسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحق به ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 عقوبات أولاً : بمعاقبة الطاعن الأول بالسجن المؤبد عما أسند إليه . ثانياً : بمعاقبة كل من الطاعنين الثاني والثالث والرابع بالحبس لمدة ثلاث سنوات عن تهمة الشهادة الزور .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المحكمـة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون الثاني والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة الشهادة الزور قد أخطأ في تطبيق القانون ، وشابه القصور في التسبيب ؛ ذلك بأن المحكمة لم تقم الدعوى الجنائية عليهم حال انعقاد الجلسة وحتى قفل باب المرافعة مما يغل يدها عن القضاء فيها ، ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بها ومؤدى الأدلة التي استخلص منها ثبوتها في حقهم ، كما أغفل بيان الواقعة التي أدليت فيها الشهادة وموضوع هذه الشهادة وما غاير الحقيقة فيها ومدى تأثيرها على المتهم الأصلي في الدعوى والضرر الذي ترتب عليها ولم يستظهر تعمد الطاعنين قلب الحقائق وإخفائها عن سوء قصد بغية تضليل القضـاء واعتمد الحكم في إدانتهم على أن روايتهم التي أدلوا بها في التحقيقات تخالف تلك التي أبدوها في الجلسة دون بيان الأدلة التي تدل على صدقهم في تلك الرواية عما عداها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته أنه بجلسة .... مثل شهود الإثبات الثلاثة – الطاعنون من الثاني حتى الرابع – وتحت القسم شهدوا بأن المتهم – الطاعن الأول – لم يكن متواجداً على مسرح الحادث وقت قتل المجني عليه .... ثم عرض لتهمة الشهادة الزور المسندة للطاعنين من الثاني حتى الرابع بقوله : " وحيث إنه عن جريمة الشهود ، ولما كان الشهود 1.... 2 .... 3 .... قد تعمدوا تغيير الحقيقة في وقائع شهادتهم أمام المحكمة بإنكار الحق وتغيير الباطل بقصد تضليل القضاء وكان من شأن شهادتهم أمام المحكمة أن تسبب ضرراً بتبرئة مجرم وتؤثر في الحكم لصالح المتهم ولم يعدلوا عن أقوالهم الكاذبة بجلسة المحاكمة حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى فيكونون قد ارتكبوا جريمة الشهادة الزور الأمر المعاقب عليه بمقتضى المادة 294 عقوبات مما يتعين أخذهم بمقتضاها " لما كان ذلك ، وكانت المادة 244/1 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : " إذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال ، وتحكم فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم " ، وتنص المادة 246 من ذات القانون على أن : " الجرائم التي تقع في الجلسة ولم تقم المحكمة الدعوى فيها حال انعقادها يكون نظرها وفقاً للقواعد العادية " ، فقد دل الشارع بذلك على أن حق المحكمة في تحريك الدعوى الجنائية مشروط بوقوع الجنحة أو المخالفة بالجلسة وقت انعقادها وبأن تبادر المحكمة إلى إقامة الدعوى في الحال فور اكتشافها ، كما دل على أنه إذا تراخى اكتشاف الواقعة إلى ما بعد الجلسة فإن نظرها " الجنحة أو المخالفة " يكون وفقاً للقواعد العادية ولا تملك المحكمة تحريكها من تلقاء نفسها ، ولما كان الأصل أن النيابة العامة هي صاحبة الدعوى الجنائية وهي التي تملك تحريكها ومباشرتها وكان ما خوله الشارع للمحاكم – لاعتبارات قدرها – من حق تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة لجرائم الجلسة أمراً استثنائياً فإنه ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق ، ولما كانت تهمة الشهادة الزور لم توجه للطاعنين قبل قفل باب المرافعة في الدعوى المطروحة على المحكمة ومن ثم فإن المحكمة تصبح من الوقت الذي اعتبرت المرافعة فيه منتهية لا ولاية لها في الفصل في الجرائم التي وقعت أمامها في الجلسة ولم تقم الدعوى منها حال انعقادها ويكون نظرها وفقاً للقواعـد العاديـة على ما تقضي به المادة 246 إجراءات جنائية ، ومن ثم فإن المحكمة إذ خلصت إلى أن الجريمة التي وقعت من الطاعنين من الثاني حتى الرابع تعتبر واقعة أثناء انعقاد الجلسة وأقامت الدعوى ضدهم في الحال وأصدرت حكمها المطعون فيه تكون قد خالفت القانون ، هذا إلى أنه لما كان الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى رواياته اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك ، لأن كلتا الروايتين مصدرهما واحد له اعتبار ذاتي واحد ولأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلابسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى ، وإذ كان مثول الشاهد أمام هيئة المحكمة في جلسة المحاكمة بين رهبة الموقف وجلاله وقدسية المكان محوطاً بالضمانات العديدة المعلومة التي وضعها القانون للحصول منه على الحقيقة الخالصة ذلك فيه ما من شأنه أن يشعر بعظم مسئوليته فيما يدلي به في آخر فرصة تسمع فيها أقواله مما يصح معه في العقل أن يفترض أنه وهو في هذه الحالـة يكـون أدنى إلى أن تغلب عليه النزعة إلى الحق فيؤثره ولا يتمادى في الحنث بيمينه إذ كان قد حلفها من قبل ، إذ كان ذلك كذلك فإن اعتبار روايته الأولى - عند اختلاف روايته - هي الصحيحة لا لشيء إلا لكونها هي الأولى لا يكون له ما يقتضيه بل لعل شهادته أمام المحكمة تكون هي الأولى بهذا الاعتبار ، وإذن فإن إدانة الشاهد في جريمة شهادة الزور لمجرد أن روايته أمام المحكمة قد خالفت ما قاله في التحقيقات الأولية لا تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها ، وخصوصاً أنه يجب في سبيل تحقيق العدالة على الوجه الأكمل أن يفسح أمام الشاهد المجال ليقرر الحق وألا يعتد بأقواله الأولى التي سبق إبداؤها في التحقيقات إلى حد تعريضه للعقوبة الجنائية إذ هو عدل عنها وذلك حتى لا ينغلق في وجهه الباب إذا ما عاوده ضميره إلى الرجوع إلى الحق والإقلاع عما كان عليه من باطل ، الأمر الذي راعاه القانون نفسه إذ لم يعاقب على شهادة الزور إذا عدل الشاهد عن الباطل وقرر الحق في أية مرحلة كانت عليها الدعوى حتى تمام نظرها أمام المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف الأنظار القانونية المتقدمة ، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد دان الطاعنين الثاني والثالث والرابع بجنحة شهادة الزور التي أبدوها في الجناية المسندة للطاعن الأول ، وكان نقض الحكم بالنسبة للطاعنين من الثاني حتى الرابع يقتضي نقضه أيضاً بالنسبة إلى الطاعن الأول دون حاجة إلى بحث أسباب طعنه لأن إعادة المحاكمة بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث والرابع وما تجري عليه أو تنتهـي عنده يقتضي لحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث في الواقعة من جميع نواحيها . لما كان ذلك ، وكان إعادة محاكمة المحكوم عليهم من محكمة الجنايات في جريمة شهادة الزور بعد نقض الحكم بالنسبة لهم يجب - بحسب الأصل - أن تكون أمام محكمة الجنح الجزئية لتفصل في الجريمة المسندة إليهم بالطريق العادي ما دامت قد زالت حالة التلبس التي استلزمت محاكمتهم أمام محكمة الجنايات لوقوع الجريمة منهم أمامها بالجلسة ، إلا أنه نظراً للارتباط بين هذه الجريمة وبين الجناية المسندة إلى الطاعن الأول الذي نقض الحكم بالنسبة له أيضاً يكون من المصلحة – تحقيقاً لحسن سير العدالة – أن تنظر الدعوى بالنسبة للجميع أمام محكمة واحدة وهي محكمة الجنايات دون أن يكون في ذلك تقليل من الضمانات القانونية بالنسبة للمتهمين المذكورين ، وبالتالي فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى جميع الطاعنين والإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 6431 لسنة 82 ق جلسة 5 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 22 ص 219

جلسة 5 من ابريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / عاطف عبد السميع فرج نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / د. صلاح حسن البرعي ، محمد جمال الشربيني ، علاء مدكور وجمال حليس نواب رئيس المحكمة .
--------
(22)
الطعن 6431 لسنة 82 ق
(1) دعوى جنائية " انقضاؤها بالوفاة " . محكمة النقض " نظرها الطعن والحكم فيه " .
وفاة الطاعن بعد استيفاء طعنه بالنقض للشكل القانوني . يوجب انقضاء الدعوى الجنائية بوفاته . أساس ذلك ؟
(2) كسب غير مشروع . رد . عقوبة " العقوبة التكميلية " " تطبيقها " . مسئولية جنائية . محكمة الجنايات . اختصاص " الاختصاص النوعي " .
الأمر بتنفيذ الحكم برد الكسب غير المشروع في مواجهة الزوج والأولاد القصر للمتهم الذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته . تختص به محكمة الجنايات . شرطه : ثبوت مسئوليته الجنائية واستفادتهم من كسبه . وجوب نظر أسباب طعنه بالنقض رغم انقضاء الدعوى الجنائية بوفاته . أساس وعلة ذلك ؟
(3) كسب غير مشروع . صحافة . عمل . قانون "تطبيقه" "تفسيره".
     استمرار الطاعن بعد إحالته للمعاش في شغل وظيفته بإحدى الصحف القومية ممارساً صلاحياتها . يوجب خضوعه لقانون الكسب غير المشروع . صحة أو بطلان أو تعييب أداة تعيينه . غير مؤثر . أساس وعلة ذلك ؟
جواز الاستناد إلى قواعد المنطق والعدالة في تفسير القانون دون خروج عن حكمه . استمرار الطاعن في التمتع بمزايا الوظيفة بالمخالفة للقانون دون تحمل تبعاتها . غير سائغ .
تنظيم أحكام عقد العمل الفردي للعلاقة بين المؤسسات القومية الصحفية وجميع العاملين فيها . لا يفيد استثناء هؤلاء العاملين من الخضوع لأحكام قانون الكسب غير المشروع . علة ذلك ؟
مثال .
(4) كسب غير مشروع . إثبات " خبرة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
دفاع الطاعن بعدم صحة المبالغ المنسوب إليه تكسبها وطلبه ندب لجنة من الخبراء للتحقق من صحتها . جوهري . رد الحكم عليه بما لا يصلح ولا يواجه طلب التحقيق المتعلق به . قصور . علة ذلك ؟
مثال .
(5) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . كسب غير مشروع . دعوى جنائية " انقضاؤها بالوفاة " . رد . مسئولية جنائية . نقض " أثر الطعن " .
التفات الحكم عن المستندات المقدمة من الطاعن والتي تمسك بدلالتها لنفي الاتهام المنسوب إليه . إخلال بحق الدفاع . يوجب نقضه والإعادة . علة ذلك ؟
نقض الحكم للطاعن الأول والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة بالنسبة للثاني عن جريمة الكسب الغير المشروع . أثره ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان المحامي الحاضر عن الطاعن الثاني قدم بجلسة .... شهادة وفاة الطاعن الثاني إلى رحمة الله تعالى بتاريخ .... بعد أن استوفى الطعن المقدم منه الشكل المقرر في القانون بالتقرير به وإيداع أسبابه موقع عليها من محام مقبول أمام محكمة النقض في الميعاد المحدد بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصـادر بـه القرار بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل . لما كان ذلك ، وكانت المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن : " تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم " فإنه يتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للطاعن الثاني بوفاته .
2- لما كانت المادة 18 من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع قد نصت على أن : " كل من حصل لنفسه أو لغيره على كسب غير مشروع يعاقب بالسجن وبغرامة مساوية لقيمة الكسب غير المشروع فضلاً عن الحكم برد هذا الكسب ، ولا يمنع انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة من رد الكسب غير المشروع بحكم من محكمة الجنايات المختصة بناء على طلب إحدى الهيئات المنصوص عليها في المادة " 5 " خلال ثلاث سنوات من تاريخ الوفاة ، وعلى المحكمة أن تأمر في مواجهة الزوج والأولاد القصر الذين استفادوا من الكسب غير المشروع بتنفيذ الحكم بالرد في أموال كل منهم قدر ما استفاد ، ويجوز لها كذلك أن تأمر بإدخال كل من استفاد فائدة جدية من غير من ذكروا في الفقرة السابقة ليكون الحكم بالرد في مواجهته ونافذاً في أمواله بقدر ما استفاد " . لما كان ذلك ، وكان البين من هذا النص أن الشارع أوجب على محكمة الجنايات المختصة – في حالة انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم بالكسب غير المشروع - أن تأمر في مواجهة زوج المتوفى وأولاده القصر بتنفيذ الحكم بالرد في أموال كل منهم قدر ما استفاد من الكسب غير المشروع الذي حصل عليه المتوفى . لما كان ذلك ، وكان إصدار هذا الأمر ينعقد الاختصاص به لمحكمة الجنايات ، ويقتضي ثبوت المسئولية الجنائية لمورث من ذكروا بالنص المار بيانه ويرتبط بها وجوداً وعدماً ، بحيث لا يتصور صدوره إلا إذا تقررت مسئولية المتهم الجنائية عن جريمة الكسب غير المشروع ، واستفادة الزوج والأولاد القصر كلاهما أو أحدهما من هذا الكسب ، وهذا لا يتأتى إلا بتحقق الجريمة بكافـة عناصرهـا القانونية في حق المتهم وتوافر الأدلة على ارتكابه لها وإقامة الدليل على استفادة من ذكروا من الكسب غير المشروع . لما كان ذلك ، فإن الأمر يقتضي النظر في سلامة تطبيق الحكم المطعون فيه للقانون على واقعة الدعوى ، وصولاً إلى تحديد أثر الحكم في الطعن بالنقض على الأمر بتنفيذ الحكم بالرد في أموال سالفي الذكر ، فإن أسفر الطعن بالنقض عن رفضه فإن مسئولية المتوفى عن الجريمة تكون قد تقررت بحكم بات ، مما لا يقتضي سوى الأمر بتنفيذ الحكم بالرد في أموال الزوج والأولاد القصر في مواجهتهم كل قدر ما استفاد من الكسب غير المشروع ، وإن أسفر عن قبوله - مما يعنى إلغاء الحكم المطعون فيه – فإنه يتعين على محكمة الجنايات المختصة ، عند إعادة الدعوى إليها ، أن تبحث المسئولية الجنائية للطاعن الثاني – أركاناً وإثباتاً – وتتحقق من استفادة من ذكروا بالنص سالف البيان من الكسب غير المشروع الذي حصل عليه ، وتقرر على ما يثبت لها في هذا الخصوص إعمال ما قضى به نص المادة 18 من القانون رقم 62 لسنة 1975 المار بيانه أو عدم إعماله . لما كان ما تقدم ، فإن الحال يقتضي النظر في أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الثاني – رغم انقضاء الدعوى الجنائية له بالوفاة .
3- لما كان الحكم المطعون فيه عرض لدفاع الطاعن الثاني بعدم خضوعه لقانون الكسب غير المشروع على التفصيل المثار بوجه الطعن ورد عليه ، بما حاصله أن الطاعن المذكور كان يشغل وظيفة مدير عام الإعلانات بمؤسسة .... حتى تاريخ .... الذي بلغ فيه سن الإحالة إلى المعاش ، وأنه استمر في عمله بموافقة كتابية من رئيس المؤسسة آنذاك ، وعندما ترأس الطاعن الأول مجلس إدارة المؤسسة ظل الطاعن في وظيفته بالمخالفة للقانون ، ممارساً كافة اختصاصاتها إدارياً ومالياً حتى إنه كان يحضر اجتماعات مجلس الإدارة ، وأعد ووقع منشوراً بحوافز الإعلانات وأصدر قرارات نتج عنها حصوله والطاعن الأول ورؤساء الإصدارات الصحفية على المبالغ محل الكسب غير المشروع ، وأن الطاعن لذلك يعد موظفاً فعلياً بعد تاريخ إحالته إلى المعاش ويسأل عن الجرائم المتعلقة بالمال العام بالتطبيق لنظرية الموظف الفعلي . لما كان ذلك ، وكان ما رد به الحكم صحيح في جوهره ، ذلك أن المادة 59 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة قد نصت على أن : " يجوز للمؤسسة الصحفية القومية بموافقة المجلس الأعلى للصحافة ، تأسيس شركات لمباشــرة نشاطها الخاص بالنشر أو الإعلان أو الطباعة أو التوزيع ، ويضع المجلس الأعلى للصحافة القواعد المنظمة لتأسيس هذه الشركات ، ويجوز للمؤسسة الصحفية القومية في مجال نشاطها مزاولة التصدير والاستيراد وفقاً للقواعد التي يضعها المجلس الأعلى للصحافة ، ويسري على هذه الشركات ما يسري على المؤسسة الأم من حيث الخضوع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ونشر الميزانية والحساب الختامي . " ونصت المادة 60 من القانون المذكور على أن : " تسري في شأن العاملين بالمؤسسة الصحفية القومية والشركات التي تنشئها أو الأنشطة التي تزاولها وفقاً للمادة السابقة أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع " . لما كان ذلك ، وكانت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيـها فإنــه يجب أن تعبــر تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يجادل فيما أثبته الحكم المطعون فيه من أنه كان يشغل وظيفة مدير عام الإعلانات بمؤسسة .... – وهي إحدى الصحف القومية – واستمر في شغلها بعد إحالته إلى المعاش في .... ، ممارساً صلاحياتها ومنها حضور اجتماعات مجلس الإدارة وإصدار بعض المنشورات ، فإن ما خلص إليه من خضوعه لقانون الكسب غير المشروع بعد تاريخ إحالته إلى المعاش ليس فيه ما يجافي القانون ، أياً ما كان الرأي في صحة أو بطلان أو تعيب أداة تعيينه ، بعد زوال صفة الوظيفة عنه ، شأنه في هذا شأن العاملين الفعليين في المؤسسة ، وأياً ما كان الوصف الذي أطلقه الحكم على الطاعن ما دام أنه قد تحرى حكم القانون في الواقعة وأعمله على وجهه الصحيح ، وذلك هو ما تمليه النصوص القانونية الصريحة بادية الذكر ، والذاتية الخاصة للقانون الجنائي self criminal law باعتباره نظاماً قانونياً مستقلاً عن غيره من النظم القانونية الأخرى ، ويرمي من وراء العقاب إلى الدفاع الاجتماعي ووظيفته الأساسية حماية المصالح الجوهرية للدولة والمجتمع . لما كان ذلك ، وكان من الجائز الاستناد إلى قواعد المنطق والعدالة rules of logic justice في تفسير القانون – دون – خروج عن حكمه – وكان من غير المستساغ أن يستمر الطاعن متنعماً بمزايا الوظيفة التي استمر في شغلها بالمخالفة للقانون ، ولا يتحمل تبعاتها وكـــــان النص في المادة 56/1 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة على أن العلاقة بين المؤسسات القومية الصحفية وجميع العاملين فيها ، تنظمها أحكام عقد العمل الفردي المنصوص عليها في قانون العمل ، لا يفيد استثناء العاملين بتلك المؤسسات من الخضوع لأحكام قانون الكسب غير المشروع لتضاد هذا التفسير مع ما صرحت به المادة 60 من ذات القانون - سالفة الذكر - من خضوع هؤلاء العاملين لأحكام قانون الكسب غير المشروع ، وهو تناقض يتنزه عنه الشارع ، وإنما مفاد النص المذكور في صريح عبارته وواضح دلالته أن العلاقة الوظيفية بين العاملين بالمؤسسات القومية الصحفية وتلك المؤسسات تخضع في تنظيمها لأحكام عقد العمل الفردي الواردة في قانون العمل ، وليس قانون العاملين المدنيين في الدولة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يخرج في رده على دفاع الطاعن الثاني - سالف البيان - عن الأنظار القانونيـة المتقدمة وإلى نتيجة صحيحة بأن الطاعن المذكور يخضع لأحكام قانون الكسب غير المشروع ، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن الأول بعدم صحة المبالغ المنسوب إليه تكسبها وطلب التحقيق المؤسس عليه بقوله : " .. فإن ذلك مردود عليه أن الثابت من البيانات الحسابية المرسلة من مؤسسة .... والمقررة بأذون الصرف والمرسلة إلى جهات التحقيق بتاريخ .... بمعرفة رئيس مجلس إدارة مؤسسة .... والموضح بها كافة المبالغ المنصرفة لكل من المتهمين الأول والثاني ورؤساء تحرير الإصدارات الصحفية ، وأرسلت هذه البيانات أيضاً من .... (مدير الشئون المالية لقطاع الإعلانات) وقد تضمنت كافة هذه المستندات البيانات الواضحة الجلية على القيمة الإجمالية لما تحصل عليه كل متهم من المتهمين وكذا رؤساء تحرير الإصدارات الصحفية كما أرفق بهذه المستندات جداول تفصيلية ببيان هذه المبالغ التي كان كل متهم يحصل عليها في كل سنة على حدة ، كما أرفقت بهذه المستندات ثلاث حوافظ "كلاسير" الأولى تتضمن صور أذونات الصرف الخاصة بالمتهم الأول بجلسات التحقيقات وأقر بصحتها وبصحة توقيعاته عليها وتضمنت الحافظة الثانية أذونات الصرف الخاصة بالمتهم الثاني والتي عرضت عليه خلال التحقيـــــــقات وأقر بصحتها وبصحة المبالغ التي تضمنتها هذه الأذون كما أقر بصحة توقيعاته عليها واستلامه للمبالغ التي تضمنتها هذه الأذون ، وتضمنت الحافظة الثالثة أذون الصرف الخاصة برؤساء تحرير الإصدارات الصحفية والتي عرضت على رؤساء التحرير المختلفين وأقروا بصحتها وبصحة الأرقام والبيانات التي تضمنتها كما أقروا باستلامهم هذه المبالغ ، وقامت المحكمة بمراجعة هذه البيانات جميعاً من الناحية الحسابية ووجدتها جميعاً صحيحة ومطابقة لما جاء بأمر الإحالة ولم تر المحكمة موجباً لندب خبيراً في الدعوى ؛ لأن هذه البيانات بعد أن قامت المحكمة بمراجعتها وجدت أن هذه المسألة ليست من المسائل التي يحتاج الأمر فيها إلى خبرة فنية لا تستطيع المحكمة القيام بها وقد تكفلت المحكمة بهذه المهمة وتأكدت من صحة هذه البيانات ومن ثم يكون طلب ندب خبير في الدعوى لا محل له ومردوداً عليه وتكون مسألة عدم صحة هذه الأرقام المقول بها من دفاع المتهم الأول لا تصادف صحيح الواقع في الدعوى" . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يكشف عن مضمون المستندات الحسابية المرسلة من مؤسسة .... ومن .... (مدير الشئون المالية لقطاع الإعلانات) أو يبين تفصيلات أذون الصرف الخاصة بالطاعنين ورؤساء تحرير الإصدارات الصحفية والمبالغ المحددة بها ودلالة كل ما سبق على صحة المبالغ المنسوب للطاعنين الحصول عليها لنفسيهما ولرؤساء تحرير الإصدارات الصحفية ، وكان ما أورده يدور – في مجمله – على صحة المستندات وأذون الصرف التي ذكرها واستلام الطاعنين ورؤساء الإصدارات الصحفية للمبالغ الواردة بها حال أن مدار دفاع الطاعن هو عدم صحة المبالغ التي تضمنتها هذه المستندات وأمر الإحالة . لما كان ذلك ، فإن ما أورده الحكم في المساق المتقدم لا يصلح رداً على دفاع الطاعن ولا يواجه طلب التحقيق المتعلق به ، وكان هذا الدفاع يعد – في صورة الدعوى – جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المتقدم في الدعوى ، ويترتب عليه – إن صح – تغير وجه الرأي فيها وإذ لم تقسطه المحكمة حقه وتنعي بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته من أسباب لا تودي إلى النتيجة التي رتبت عليها ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب .
5- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة في .... أن الطاعن الأول قدم مستندات تمسك بدلالتها على نفي مسئوليته عن الاتهام المنسوب إليه ، وكان الحكم قد التفت عن تلك المستندات ولم يتحدث عنها مع قدر ما يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعن ، ولو أنه عنى ببحثها وفحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى ، فإنه يكون مشوباً – فضلاً عن قصوره – بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة ، ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه ، والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمحكوم عليه الثاني ، وإعادتها إلى محكمة الجنايات المختصة للنظر في بحث المسئولية الجنائية له عن الجريمتين المسندتين إليه ، واتخاذ ما تراه - على ضوء ما يسفر عنه البحث – نحو الأمر في مواجهة زوج المحكوم عليه المذكور وأولاده القصر – بتنفيذ ما قد يحكم به من الرد للكسب غير المشروع في أموال كل منهم قدر ما استفاد ، ونقضه والإعادة للطاعن الأول وذلك دون حاجة إلى النظر في أوجه الطعن الأخرى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً : وهما خاضعان لأحكام قانون الكسب غير المشروع الأول بصفته رئيساً لمجلس إدارة .... للصحافة والنشر " إحدى مؤسسات الصحف القومية " والثاني بالمعاش وقائم بأعمال مدير عام قطاع الإعلانات بذات الجهة حصلا لنفسيهما على كسب غير مشروع هو مبالغ مجموعها 21034315 جنيه وكان ذلك بسبب استغلالهما لأعمال وظيفتيهما آنفتي البيان ونتيجة لسلوك مخالف لنص قانوني عقابي بأن استغل المتهم الأول سلطات منصبه في تمكين المتهم الثاني من الاستمرار في القيام بمهام وسلطات مدير عام قطاع الإعلانات رغم علمه ببلوغه سن التقاعد وبمخالفة ذلك لقانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996 وصدور حكم من القضاء الإداري ببطلان قرار استمراره في عمله ، وحرر له عام 2007 عقداً مزوراً تزويراً معنوياً بأن أثبت فيه على خلاف الحقيقة أنه حُرر في تاريخ 27/12/2000 واستعملاه فيما زور من أجله بأن احتجا به على جهة عملهما وذلك لستر المخالفة آنفة البيان الأمر المعاقب عليه بنص المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات ثم استغلا الرغبة في تحفيز العاملين بقسم الإنتاج بقطاع الإعلانات لزيادة الإيرادات وضمنا المنشور المعد لذلك نِسباً لهما من عائد الإعلانات وادعيا الموافقة عليه من مجلس الادارة خلافاً للحقيقة واستخدمه المتهم الثاني ومنشوراً آخر وقعه عام 2008 - بنسب أخرى لنفسه - في صرف المبالغ آنفة البيان وحصل منها المتهم الأول على مبلغ 8262178 جنيه فقط ( ثمانية ملايين ومائتين واثنين وستين ألفاً ومائة وثمانية وسبعين جنيهاً لا غير ) بينما حصل لنفسه منها على مبلغ 12772137 جنيه ( اثنى عشر مليوناً وسبعمائة واثنين وسبعين ألفاً ومائة وسبعة وثلاثين جنيهاً لا غير ) وذلك كله بالمخالفة لقانون الصحافة آنف البيان واللوائح التنفيذية المكملة له ولائحة شئون العاملين بجهة عملهما على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً : بصفتهما آنفة الذكر حصلا للغير ( حسن النية ) على كسب غير مشروع بأن صرف المتهم الثاني بتعليمات من المتهم الأول لرؤساء التحرير في الإصدارات الصحفية بجهة عملهما من عائد الإعلانات مبالغ مجموعها 9583490 جنيه فقط تسعة ملايين وخمسمائة وثلاثة وثمانون ألفاً وأربعمائة وتسعون جنيهاً لا غير وذلك بالمخالفة لنص المادة 32 من قانون الصحافة آنف البيان واستناداً للمنشور المخالف المبين بوصف التهمة الأولى فاستفاد بموجبه كل من : (1) .... بمبلغ 4641500 جنيه ( فقط أربعة ملايين وستمائة وواحد وأربعين ألفاً وخمسمائة جنية لا غير) . (2) .... بمبلغ 4545500 جنيه ( فقط أربعة ملايين وخمسمائة وخمسة وأربعين ألف وخمسمائة جنيه لا غير ) . (3) .... بمبلغ 119000 ( فقط مائة وتسعة عشر ألف جنيه لا غير ) . (4) .... بمبلغ 77350 جنيه ( فقط سبعة وسبعين ألفاً وثلاثمائة وخمسين جنيهاً لا غير ) . (5) .... بمبلغ 75920 جنيه ( فقط خمسة وسبعين ألفاً وتسعمائة وعشرين جنيهاً لا غير ) . (6) .... بمبلغ 76220 جنيه ( فقط ستة وسبعين ألف ومائتين وعشرين جنيهاً لا غير ) . (7) .... بمبلغ28000 جنيه ( فقط ثمانية وعشرين ألف جنيه لا غير ) . (8) .... بمبلغ 5000 جنيه ( خمسة آلاف جنيه ) . (9) .... بمبلغ 15000 جنيه ( فقط خمسة عشر ألف جنيه لا غير ) وكان ذلك لستر المخالفة الخاصة بالمبالغ المنصرفة لهما والمذكورة بوصف التهمة الأولى على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة .
وادعى .... قبل المتهمين مدنياً بمبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 2 /1 ، 5/ ب ، 10 /1 ، 14 /2 ، 18/ 1-3-4 من قانون الكسب غير المشروع 62 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية والمادة 60 من قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996 ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات . أولاً : بمعاقبة كل منهما بالسجن لمدة خمس سنوات لكل منهما وإلزام الأول بغرامة مقدارها ثمانية مليون ومائتان واثنان وستون ألفاً ومائة وثمانية وسبعون جنيهاً وإلزامه برد مثل هذه الغرامة وإلزام المتهم الثاني بغرامة مقدارها اثنا عشر مليون وسبعمائة واثنان وسبعون ألفاً ومائة وسبعة وثلاثون جنيهاً وإلزامه أيضا برد مبلغ مماثل للغرامة سالفة الذكر . ثانياً : بإلزام المتهمين متضامنين برد مبلغ تسعة مليون وخمسمائة وثلاثة وثمانين ألف وأربعمائة وتسعين جنيهاً قيمة ما تحصل عليه رؤساء الإصدارات الصحفية . ثالثاً : إلزامهما المصاريف الجنائية . رابعاً : بإحالة الدعوى المدنية بحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة وأبقت الفصل في مصاريفها .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن المحامي الحاضر عن الطاعن الثاني قدم بجلسة .... شهادة وفاة الطاعن الثاني إلى رحمة الله تعالى بتاريخ .... بعد أن استوفى الطعن المقدم منه الشكل المقرر في القانون بالتقرير به وإيداع أسبابه موقع عليها من محام مقبول أمام محكمة النقض في الميعاد المحدد بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القرار بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل . لما كان ذلك ، وكانت المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن : " تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم " فإنه يتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للطاعن الثاني بوفاته . لما كان ذلك ، وكانت المادة 18 من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع قد نصت على أن : " كل من حصل لنفسه أو لغيره على كسب غير مشروع يعاقب بالسجن وبغرامة مساوية لقيمة الكسب غير المشروع فضلاً عن الحكم برد هذا الكسب ، ولا يمنع انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة من رد الكسب غير المشروع بحكم من محكمة الجنايات المختصة بناء على طلب إحدى الهيئات المنصوص عليها في المادة " 5 " خلال ثلاث سنوات من تاريخ الوفاة ، وعلى المحكمة أن تأمر في مواجهة الزوج والأولاد القصر الذين استفادوا من الكسب غير المشروع بتنفيذ الحكم بالرد في أموال كل منهم قدر ما استفاد ، ويجوز لها كذلك أن تأمر بإدخال كل من استفاد فائدة جدية من غير من ذكروا في الفقرة السابقة ليكون الحكم بالرد في مواجهته ونافذاً في أمواله بقدر ما استفاد " . لما كان ذلك ، وكان البين من هذا النص أن الشارع أوجب على محكمة الجنايات المختصة – في حالة انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم بالكسب غير المشروع - أن تأمر في مواجهة زوج المتوفى وأولاده القصر بتنفيذ الحكم بالرد في أموال كل منهم قدر ما استفاد من الكسب غير المشروع الذي حصل عليه المتوفى . لما كان ذلك ، وكان إصدار هذا الأمر ينعقد الاختصاص به لمحكمة الجنايات ، ويقتضي ثبوت المسئولية الجنائية لمورث من ذكروا بالنص المار بيانه ويرتبط بها وجوداً وعدماً ، بحيث لا يتصور صدوره إلا إذا تقررت مسئولية المتهم الجنائية عن جريمة الكسب غير المشروع ، واستفادة الزوج والأولاد القصر كلاهما أو أحدهما من هذا الكسب ، وهذا لا يتأتى إلا بتحقق الجريمة بكافة عناصرها القانونية في حق المتهم وتوافر الأدلة على ارتكابه لها وإقامة الدليل على استفادة من ذكروا من الكسب غير المشروع . لما كان ذلك ، فإن الأمر يقتضي النظر في سلامة تطبيق الحكم المطعون فيه للقانون على واقعة الدعوى ، وصولاً إلى تحديد أثر الحكم في الطعن بالنقض على الأمر بتنفيذ الحكم بالرد في أموال سالفي الذكر ، فإن أسفر الطعن بالنقــــــض عن رفضه فإن مسئولية المتوفى عن الجريمة تكون قد تقررت بحكم بات ، مما لا يقتضي سوى الأمر بتنفيذ الحكم بالرد في أموال الزوج والأولاد القصر في مواجهتهم كل قدر ما استفاد من الكسب غير المشروع ، وإن أسفر عن قبوله - مما يعنى إلغاء الحكم المطعون فيه – فإنه يتعين على محكمة الجنايات المختصة ، عند إعادة الدعوى إليها ، أن تبحث المسئولية الجنائية للطاعن الثاني – أركاناً وإثباتاً – وتتحقق من استفادة من ذكروا بالنص سالف البيان من الكسب غير المشروع الذي حصل عليه ، وتقرر على ما يثبت لها في هذا الخصوص إعمال ما قضى به نص المادة 18 من القانون رقم 62 لسنة 1975 المار بيانه أو عدم إعماله . لما كان ما تقدم ، فإن الحال يقتضي النظر في أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الثاني – رغم انقضاء الدعوى الجنائية له بالوفاة . لما كان ذلك ، وكان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن مما ينعاه المحكوم عليه الثاني وينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي الحصول لنفسيهما وللغير حسن النية بسبب استغلالهما لأعمال وظيفتيهما ونتيجة لسلوك مخالف لنص عقابي على كسب غير مشروع قد أخطأ في تأويل القانون وشابه قصور في التسبيب ، فأما الخطأ في تأويل القانون فمرجعه ما يراه الطاعن الثاني أن الحكم طبق عليه قانون الكسب غير المشروع وهو من غير المخاطبين بأحكامه إذ إن الفترة الزمنية المحددة لارتكابه الجريمتين تقع من .... حتى .... بعد إحالته إلى المعاش مما لا يعد معه في الفترة المذكورة من العاملين في مؤسسة صحفية قومية ، وبالتالي تخلف الشرط المسبقCondition Presume الذي تطلبه قانون تنظيم الصحافة لخضوعه لقانون الكسب غير المشروع ، وأما القصور في التسبيب فمرجعه أن الحكم المطعون فيه رد على دفاعه في الأمر المتقدم ، وعلى دفاع الطاعن الأول بعدم صحة المبالغ التي نسب إليه الحصول عليها ، وطلب ندب لجنة خبراء للتحقق من صحتها ، رداً قاصراً لا يواجههما وبغير أن يشير إلى المستندات التي آزر بها الطاعن الأول دفاعه ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لدفاع الطاعن الثاني بعدم خضوعه لقانون الكسب غير المشروع على التفصيل المثار بوجه الطعن ورد عليه ، بما حاصله أن الطاعن المذكور كان يشغل وظيفة مدير عام الإعلانات بمؤسسة .... حتى تاريخ .... الذي بلغ فيه سن الإحالة إلى المعاش ، وأنه استمر في عمله بموافقة كتابية من رئيس المؤسسة آنذاك ، وعندما ترأس الطاعن الأول مجلس إدارة المؤسسة ظل الطاعن في وظيفته بالمخالفة للقانون ، ممارساً كافة اختصاصاتها إدارياً ومالياً حتى إنه كان يحضر اجتماعات مجلس الإدارة ، وأعد ووقع منشوراً بحوافز الإعلانات وأصدر قرارات نتج عنها حصوله والطاعن الأول ورؤساء الإصدارات الصحفية على المبالغ محل الكسب غير المشروع ، وأن الطاعن لذلك يعد موظفاً فعلياً بعد تاريخ إحالته إلى المعاش ويسأل عن الجرائم المتعلقة بالمال العام بالتطبيق لنظرية الموظف الفعلي . لما كان ذلك ، وكان ما رد به الحكم صحيح في جوهره ، ذلك أن المادة 59 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة قد نصت على أن : " يجوز للمؤسسة الصحفية القومية بموافقة المجلس الأعلى للصحافة ، تأسيس شركات لمباشرة نشاطها الخاص بالنشر أو الإعلان أو الطباعة أو التوزيع ، ويضع المجلس الأعلى للصحافة القواعد المنظمة لتأسيس هذه الشركات ، ويجوز للمؤسسة الصحفية القومية في مجال نشاطها مزاولة التصدير والاستيراد وفقاً للقواعد التي يضعها المجلس الأعلى للصحافة ، ويسري على هذه الشركات ما يسري على المؤسسة الأم من حيث الخضوع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ونشر الميزانية والحساب الختامي . " ونصت المادة 60 من القانون المذكور على أن : " تسري في شأن العاملين بالمؤسسة الصحفية القومية والشركات التي تنشئها أو الأنشطة التي تزاولها وفقاً للمادة السابقة أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع " . لما كان ذلك ، وكانت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعبر تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يجادل فيما أثبته الحكم المطعون فيه من أنه كان يشغل وظيفة مدير عام الإعلانات بمؤسسة .... – وهي إحدى الصحف القوميــة – واستمر في شغلها بعد إحالته إلى المعاش في .... ، ممارساً صلاحياتها ومنها حضور اجتماعات مجلس الإدارة وإصدار بعض المنشورات ، فإن ما خلص إليه من خضوعه لقانون الكسب غير المشروع بعد تاريخ إحالته إلى المعاش ليس فيه ما يجافي القانون ، أياً ما كان الرأي في صحة أو بطلان أو تعيب أداة تعيينه ، بعد زوال صفة الوظيفة عنه ، شأنه في هذا شأن العاملين الفعليين في المؤسسة ، وأياً ما كان الوصف الذي أطلقه الحكم على الطاعن ما دام أنه قد تحرى حكم القانون في الواقعة وأعمله على وجهه الصحيح ، وذلك هو ما تمليه النصوص القانونية الصريحة بادية الذكر ، والذاتية الخاصة للقانون الجنائي self criminal law باعتباره نظاماً قانونياً مستقلاً عن غيره من النظم القانونية الأخرى ، ويرمي من وراء العقاب إلى الدفاع الاجتماعي ووظيفته الأساسية حماية المصالح الجوهرية للدولة والمجتمع . لما كان ذلك ، وكان من الجائز الاستناد إلى قواعد المنطق والعدالة rules of logic justice في تفسير القانون – دون – خروج عن حكمه – وكان من غير المستساغ أن يستمر الطاعن متنعماً بمزايا الوظيفة التي استمر في شغلها بالمخالفة للقانون ، ولا يتحمل تبعاتها وكان النص في المادة 56/1 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة على أن العلاقة بين المؤسسات القومية الصحفية وجميع العاملين فيها ، تنظمها أحكام عقد العمل الفردي المنصوص عليها في قانون العمل ، لا يفيد استثناء العاملين بتلك المؤسسات من الخضوع لأحكام قانون الكسب غير المشروع لتضاد هذا التفسير مع ما صرحت به المادة 60 من ذات القانون - سالفة الذكر - من خضوع هؤلاء العاملين لأحكام قانون الكسب غير المشروع ، وهو تناقض يتنزه عنه الشارع ، وإنما مفاد النص المذكور في صريح عبارته وواضح دلالته أن العلاقة الوظيفية بين العاملين بالمؤسسات القومية الصحفية وتلك المؤسسات تخضع في تنظيمها لأحكام عقد العمل الفردي الواردة في قانون العمل ، وليس قانون العاملين المدنيين في الدولة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يخرج في رده على دفاع الطاعن الثاني - سالف البيان - عن الأنظار القانونية المتقدمة وإلى نتيجة صحيحة بأن الطاعن المذكور يخضع لأحكام قانون الكسب غير المشروع ، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن الأول بعدم صحة المبالغ المنسوب إليه تكسبها وطلب التحقيق المؤسس عليه بقوله : " .. فإن ذلك مردود عليه أن الثابت من البيانات الحسابية المرسلة من مؤسسة .... والمقررة بأذون الصرف والمرسلة إلى جهات التحقيق بتاريخ .... بمعرفة رئيس مجلس إدارة مؤسسة .... والموضح بها كافة المبالغ المنصرفة لكل من المتهمين الأول والثاني ورؤساء تحرير الإصدارات الصحفية ، وأرسلت هذه البيانات أيضاً من .... (مدير الشئون المالية لقطاع الإعلانات) وقد تضمنت كافة هذه المستندات البيانات الواضحة الجلية على القيمة الإجمالية لما تحصل عليه كل متهم من المتهمين وكذا رؤساء تحرير الإصدارات الصحفية كما أرفق بهذه المستندات جداول تفصيلية ببيان هذه المبالغ التي كان كل متهم يحصل عليها في كل سنة على حدة ، كما أرفقت بهذه المستندات ثلاث حوافظ " كلاسير " الأولى تتضمن صور أذونات الصرف الخاصة بالمتهم الأول بجلسات التحقيقات وأقر بصحتها وبصحة توقيعاته عليها وتضمنت الحافظة الثانية أذونات الصرف الخاصة بالمتهم الثاني والتي عرضت عليه خلال التحقيقات وأقر بصحتها وبصحة المبالغ التي تضمنتها هذه الأذون كما أقر بصحة توقيعاته عليها واستلامه للمبالغ التي تضمنتها هذه الأذون ، وتضمنت الحافظة الثالثة أذون الصرف الخاصة برؤساء تحرير الإصدارات الصحفية والتي عرضت على رؤساء التحرير المختلفين وأقروا بصحتها وبصحة الأرقام والبيانات التي تضمنتها كما أقروا باستلامهم هذه المبالغ ، وقامت المحكمة بمراجعة هذه البيانات جميعاً من الناحية الحسابية ووجدتها جميعاً صحيحة ومطابقة لما جاء بأمر الإحالة ولم تر المحكمة موجباً لندب خبيراً في الدعوى ؛ لأن هذه البيانات بعد أن قامت المحكمة بمراجعتها وجدت أن هذه المسألة ليست من المسائل التي يحتاج الأمر فيها إلى خبرة فنية لا تستطيع المحكمة القيام بها وقد تكفلت المحكمة بهذه المهمة وتأكدت من صحة هذه البيانات ومن ثم يكون طلب ندب خبير في الدعوى لا محل له ومردوداً عليه وتكون مسألة عدم صحة هذه الأرقام المقول بها من دفاع المتهم الأول لا تصادف صحيح الواقع في الدعوى " . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يكشف عن مضمون المستندات الحسابية المرسلة من مؤسسة .... ومن .... ( مدير الشئون المالية لقطاع الإعلانات ) أو يبين تفصيلات أذون الصرف الخاصة بالطاعنين ورؤساء تحرير الإصدارات الصحفية والمبالـــغ المحـــددة بها ودلالــــة كل ما سبق على صحة المبالغ المنسوب للطاعنين الحصول عليها لنفسيهما ولرؤساء تحرير الإصدارات الصحفية ، وكان ما أورده يدور – في مجمله – على صحة المستندات وأذون الصرف التي ذكرها واستلام الطاعنين ورؤساء الإصدارات الصحفية للمبالغ الواردة بها حال أن مدار دفاع الطاعن هو عدم صحة المبالغ التي تضمنتها هذه المستندات وأمر الإحالة . لما كان ذلك ، فإن ما أورده الحكم في المساق المتقدم لا يصلح رداً على دفاع الطاعن ولا يواجه طلب التحقيق المتعلق به ، وكان هذا الدفاع يعد – في صورة الدعوى – جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المتقدم في الدعوى ، ويترتب عليه – إن صح – تغير وجه الرأي فيها وإذ لم تقسطه المحكمة حقه وتنعي بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته من أسباب لا تودي إلى النتيجة التي رتبت عليها ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة في .... أن الطاعن الأول قدم مستندات تمسك بدلالتها على نفي مسئوليته عن الاتهام المنسوب إليه ، وكان الحكم قد التفت عن تلك المستندات ولم يتحدث عنها مع قدر ما يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعن ، ولو أنه عنى ببحثها وفحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى ، فإنه يكون مشوباً – فضلاً عن قصوره – بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة ، ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه ، والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمحكوم عليه الثاني ، وإعادتها إلى محكمة الجنايات المختصة للنظر في بحث المسئولية الجنائية له عن الجريمتين المسندتين إليه ، واتخاذ ما تراه - على ضوء ما يسفر عنه البحث – نحو الأمر في مواجهة زوج المحكوم عليه المذكور وأولاده القصر – بتنفيذ ما قد يحكم به من الرد للكسب غير المشروع في أموال كل منهم قدر ما استفاد ، ونقضه والإعادة للطاعن الأول وذلك دون حاجة إلى النظر في أوجه الطعن الأخرى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ