الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 فبراير 2019

القانون الحاكم لشرط المنع من التصرف في الأراضي الصحراوية والمستصلحة


الدعوى رقم 264 لسنة 31 ق  "دستورية" جلسة 2 / 2 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من فبراير سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمــد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا    نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع  أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 264 لسنة 31 قضائية    "دستورية".
المقامة من
عصام محمد فرج عيد الشهابى
ضد
1-رئيس الجمهورية
2-رئيس مجلس الوزراء
3-رئيس مجلس النواب
4-رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية
5- جاد الكريم يوسف أبو العلا


الإجراءات
بتاريخ الثانى عشر من ديسمبر سنة 2009 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبًا الحكم بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدنى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الخامس كان قد اشترى من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، قطعة أرض صحراوية مستصلحة مساحتها خمسة أفدنة بمشروع مبارك القومي بالسويس (قطعة رقم 81 ب)، بموجب عقد مؤرخ 18/4/2007، ثم باعها إلى المدعى بموجب العقد المؤرخ 22/10/2007، فأقام الأخير الدعوى رقم 1003 لسنة 2008 مدنى كلى السويس، ضد المدعى عليهما الرابع والخامس بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المشار إليهما، وبجلسة 26/1/2008، قضت محكمة السويس الابتدائية في تلك الدعوى برفضها، واستندت في قضائها إلى نصى المادتين (147 ، 823) من القانون المدني، وإلى نصوص المواد (2 ، 13، 16، 17) من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، فطعن المدعى – في هذه الدعوى – على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 310 لسنة 32 قضائية أمام محكمة استئناف الإسماعيلية (مأمورية استئناف السويس)، ودفع بجلسة 18/10/2009، بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدني، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.

      وحيث إن المادة (823) من القانون المدني تنص على أنه " 1- إذا تضمن العقـد أو الوصية شرطًا يقضى بمنع التصرف في مال، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيًا على باعث مشروع، ومقصورًا على مدة معقولة.
2- ويكون الباعث مشروعًا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير.
3- والمدة المعقولــة يجوز أن تستغرق مدة حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير."

     وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه: أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه: ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان هذا الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دومًا أن يكون الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنًا تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائدًا في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طُبق على من ادعى مخالفته للدستـور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعًا، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.

 وحيث إنه متى كان ذلك، وكان العقد المبرم بين الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والمدعى عليه الخامس، محل الدعوى الموضوعية، الذى يدور النزاع فيها حول طلب الحكم بصحته ونفاذه، قد أُبرم طبقًا لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 198 لسنة 1982، وكانت المادة (2) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه تنص على أن "تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام هذا القانون وفقًا للأوضاع والإجراءات المبينة فيما يلى:
( أ ) ............
(ب) وفيما عدا الأراضي المنصوص عليها في البند (أ) يصدر الوزير المختص باستصلاح الأراضي قرارًا بتحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات استصلاح الأراضي، وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير إدارة هذه الأراضي ويكون التصرف فيها واستغلالها بمعرفة الهيئة بعد أخذ رأى وزارة الدفاع وبمراعاة ما تقرره في هذا الشأن من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة.
ويحظر استخدام هذه الأراضى في غير الغرض المخصصة من أجلـــه إلا بموافقة الوزير المختص بالاستصلاح وبالشروط التي يحددها، وبعد أخذ رأى وزارة الدفاع.
(ج) ........".
      وقد نصت المادة (3) من القانون ذاته على أن: "يكون استصلاح واستزراع الأراضي الصحراوية وكسب ملكيتها والاعتداد بها والتصرف فيها وإدارتها والانتفاع بها وفقًا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له.
      وتجب المحافظة على ما قد يوجد بالأرض من مناجم ومحاجر وثروات معدنية أو بترولية وما تحويه من آثار أو تراث تاريخي، وذلك وفقًا للقوانين والنظم المعمول بها.
      وتكون الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية هي جهاز الدولة المسئول عن التصرف واستغلال وإدارة هذه الأراضي في أغراض الاستصلاح والاستزراع دون غيرها من الأغراض ويعبر عنها في هذا القانون (بالهيئة)."

      ونصت المادة (13) على أن "يكون تصرف الهيئة في الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون أو تأجيرها أو استغلالها لغرض استصلاحها واستزراعها فقط، ووفقًا للقواعد والشروط والأوضاع التى يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوى الشأن.
      وتشمل هذه القواعد ما يكفل منح الحماية في هذه الأراضي وحصول الهيئة على مستحقاتها والمشاركة في فروق الأسعار في حالة التصرف في الأراضي بما يغطى نصيبها في المرافق الأساسية التي أقامتها الدولة........".
"
كما نصت المادة (16) من القانون ذاته على أن "يلتزم المتصرف إليه باستصلاح الأرض المبيعة باستزراعها خلال المواعيد وطبقًا للبرامج والشروط والأوضاع التى يحددها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة في هذا الشأن.
ويُحظر استخدام الأراضى المبيعة في غير الغرض المُخصصة من أجله، كما يُحظر التصرف في هذه الأراضى أو جزء منها أو تقرير أى حق عينى أصلى أو تبعى عليها أو تمكين الغير منها، إلا بعد استصلاحها أو استزراعها أو موافقة مجلس إدارة الهيئة على التصرف قبل الاستصلاح والاستزراع للأسباب التي يقدرها بعد ضمان حصول الهيئة على كامل حقوقها.
ويقع باطلاً كل إجراء يخالف ذلك، ولا يجوز شهره ولكل ذى شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به، وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها.
وفى حالة مخالفة أحكام هذه المادة يكون لمجلس إدارة الهيئة أن يقرر إزالة أسباب المخالفة إداريًا على نفقة المخالف واسترداد الأرض محل المخالفة إذا لم يقم المخالف بإزالتها خلال المدة التى تحددها له الهيئة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول."

وقد أكدت المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة، على أن تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية وفقًا للأوضاع والإجراءات التى تضمنتها، ونصت الفقرة الثالثة منها على أنه "وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضى التى تخصص لأغراض الاستصلاح والاستزراع".



ونصت المادة السادسة من هذا القانون على أن " تكون قرارات مجالس إدارة الهيئات العامة المشار إليها في المادة الثانية من هذا القانون نافذة وفقًا للقواعد المقررة في القوانين والقرارات الخاصة بإنشائها وتنظيمها وذلك عدا:
1.    القرارات التي تتعلق باختصاصات أكثر من وزارة أو هيئة عامة أو أية جهة إدارية أخرى فيتعين إبلاغها إلى رئيس مجلس الوزراء في موعد غايته عشرة أيام من تاريخ صدورها لاعتمادها، وتصبح نافذة بانقضاء ثلاثين يومًا من تاريخ إبلاغه بها دون الاعتراض عليها.
2.    القرارات الصادرة بالقواعد والشروط المنظمة لإدارة واستغلال والتصرف في الأراضي والعقارات المخصصة للهيئات المذكورة، فلا تكون نافذة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها."



وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2906 لسنة 1995 في شأن القواعد والشروط المنظمة لإدارة واستغلال والتصرف في الأراضى المخصصة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، ونُشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 30/11/1995، وعُمل به من اليوم التالى لهذا التاريخ، ونصت المادة (58) منه على أن "يتضمن نموذج عقد البيع التزامات المتصرف إليه وعلى الأخص ما يلى:
.............
(و) عدم التصرف في الأرض قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ تسجيل عقد البيع وسداد كامل ثمن الأرض والعائد إلا بموافقة الهيئة كتابة على ذلك، وبشرط أن يكون التصرف لمن تتوافر فيه شروط الانتفاع التي وُزعت الأرض على المنتفع وفقًا لها، وأن يقبل المتصرف إليه الحلول محل المنتفع في كل التزاماته طبقًا للقانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه ولائحته التنفيذية وعقد البيع، وأن يقبل التصرف فيها إلى من ترشحه الهيئة لذلك.
ويترتب على مخالفة أى من هذه الالتزامات فسخ العقد واسترداد الأرض دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أى إجراء قضائي، وتُصبح المبالغ التي سُددت من المنتفع حقًا خالصًا للهيئة التى يكون لها أيضًا أن تستوفى باقي قيمة التيسيرات النقدية التى استفاد منها المنتفع".
ومفاد جماع هذه النصوص أن التصرف في الأراضي الصحراوية لا يكون إلا وفقًا لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 والقانون رقم 7 لسنة 1991 المشار إليهما، والقرارات المنفذة لهما، وأن المشرع ناط بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التصرف فيما يُخصص من هذه الأراضي لأغراض الاستصلاح والاستزراع بالتنسيق مع وزارة الدفاع، وذلك كله وفقًا للقواعد والشروط التى يقررها مجلس إدارة الهيئة، ويوافق عليها مجلس الوزراء، وتُدرج في العقود التى تبرمها الهيئة على نحو يكفل حماية هذه الأراضى وحصول الهيئة على مستحقاتها. وقد أكدت المادة (16) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه، على حظر تصرف المشترين في الأراضي المباعة أو أى جزء منهـا أو تقرير أى حق عيني أصلى أو تبعى عليها إلا بعد استصلاحها أو استزراعها أو موافقة مجلس إدارة الهيئة على التصرف فيها قبل ذلك، ورتبت البطلان كجزاء على كل إجراء يخالف ذلك، ولا يجوز شهره، وقد ألزمت المادة (58) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2906 لسنة 1995 المشار إليه المتصرف إليه بعدم التصرف في الأرض المبيعة له قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ تسجيل عقد البيع وسداد كامل الثمن والعائد إلا بموافقة الهيئة كتابة، ورتبت على الإخلال بأى من هذه الالتزامات فسخ العقد واسترداد الأرض دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أى إجراء قضائى.



لما كان ذلك، وكانت النصوص سالفة البيان من القانون رقم 143 لسنة 1981، والقانون رقم 7 لسنة 1991، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2906 لسنة 1995 السالف ذكرها، تمثل نصوصًا قانونية خاصة تطبق على العقد مثار النزاع في الدعوى الموضوعية المشار إليها سلفًا، دون النصوص العامة الواردة بالفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدني، ومن ثم فإن الفصل في دستورية هاتين الفقرتين لا يكون لازمًا للفصل في الدعوى الموضوعية، التى أُقيمت هذه الدعوى الدستورية بمناسبتها، ذلك أن الإخلال بالحقوق التي يدعيها المدعى فيها لا يعود إلى نصيهما، وإنما يعود إلى النصوص القانونية الخاصة المشار إليها، والتى تمثل قانون العقد مثار النزاع الموضوعي، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى في الطعن على نصى الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدني، وتكون هذه الدعوى –تبعًا لذلك- غير مقبولة.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الحكم بصحة توقيع لا يمنع إقامة دعوى مبتدأة برد وبطلان موضوع المحرر لأى سبب شكلي أو موضوعي


الدعوى رقم 328 لسنة 23 ق "دستورية" جلسة 2 / 2 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من فبراير سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى       رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع     أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 328 لسنة 23 قضائية "دستورية"
المقامة من
عبدالله محمود سيد أحمد سراج
ضــد
1 – رئيس مجلس الوزراء
2 - وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري والسجل العيني
3 - سيد أحمد محمود سيد أحمد
الإجـراءات
      بتاريخ الثامن عشر من نوفمبر سنة 2001، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (14)، والبندين (ب، هـ) من المادة (15)، والمادة (45) من قانون الإثبات في المـواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت في كلتيهما الحكم برفض الدعوى.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
            حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم 291 لسنة 2001 مدنى كلى، أمام محكمة الزقازيق الابتدائية - مأمورية منيا القمح الكلية، ضد المدعى، بطلب الحكم بصحة توقيعه على عقد البيع العرفي المؤرخ 5/5/1999، وذلك على سند من القول بأنه بموجب هذا العقد باع له المدعى قطعة الأرض الزراعية المبينة المساحة والحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، لقاء ثمن قدره عشرون ألف جنيه، تم سداده، إلا أنه نكل عـن تسليمه سند ملكيته للأرض المبيعة، مما حدا به لإقامة دعواه بطلباته سالفة الذكر، وحال نظر الدعوى، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.
     وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها وفقًا لنص البند (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانـون رقم 48 لسنة 1979، يتحدد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته، وتصرح بإقامة الدعوى الدستورية بشأنه، وبما لا يجاوز الطلبات الختامية الواردة في صحيفة الدعوى الدستورية، أو يتعدى نطاقها. إذ كان ذلك، وكان المدعى قد دفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، وقد قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية عن ذلك النص وحده، فأقام المدعى دعواه المعروضة؛ طلبًا للحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (14)، والبندين (ب، هـ) من المادة (15)، والمادة (45) من القانون المشار إليه، فإن نطاق الدعوى المعروضة ينحصر في نص الفقرة الثالثة من المادة (14) منه، دون سواه من باقي أحكام نص تلك المادة، والتي تنحل الدعوى المعروضة بالنسبة لها، وكذا نص المادتين (15) و(45) من القانون المشار إليه إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالطريق المباشر، بالمخالفة لنص المادة (29/ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها؛ لاتصالها بهذه المحكمة بالمخالفة للأوضاع التي رسمها قانونها.

            وحيث إن المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية المشار إليه تنص على أن "يعتبر المحرر العرفي صادرًا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة.
            أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار، ويكفي أن يحلف اليمين بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق.
            ومن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع".



            وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعــوى الدستورية، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وترتبط المصلحة الشخصية المباشرة بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ومن ثم فلا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معًا مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أولهما: أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا ومستقلاًّ بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً. وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، تحتم أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، ذلك أن شرط المصلحة الشخصية هو الذى يحدد فكرة الخصومة الدستورية، ويبلور نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ويؤكد ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هي محصلتها النهائية. ومن المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة منفصل دومًا عن توافق النص التشريعي المطعون عليه مع أحكام الدستور أو مخالفته لها، اعتبارًا بأن هذا التوافق أو الاختلاف هو موضوع الدعـوى الدستوريـة، فلا تخوض فيه المحكمة إلا بعد قبولها.
            وحيث إن دعوى صحة التوقيع - التي انتظمتها المواد من (45) إلى (48) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - ليست سوى دعوى تحفظية، شرعت ليطمئن من بيده محرر عرفي على آخر، إلى أن الموقع على ذلك السند، لن يستطيع بعد الحكم بصحة توقيعه عليه أن ينازع في صحة ذلك التوقيع. وإقرار المدعى عليه - الصريح أو الضمني - في تلك الدعوى، لا يرد إلا على الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة، دون سواها، ومؤدى ذلك أن سائر أوجه الدفاع الشكلية أو الموضوعية تظل بمنأى عن هذا الإقرار، ولذوي الشأن حق التمسك بها في دعوى تالية، بطلب رد وبطلان المحرر لتزوير صلبه أو لبطلان التصرف الوارد في المحرر، أو عدم نفاذه. ويمتنع على القاضي في دعوى صحة التوقيع أن يتعرض لموضوع التصرف المدون في المحرر، من جهة صحته أو بطلانه، ووجوده أو انعدامه وزواله، ونفاذه أو توقفه، أو تقرير الحقوق المترتبة عليه، وتقتصر حجية الحكم الصادر في تلك الدعوى على صحة التوقيع، ولا يستطيل أثره إلى صحة التزامات الطرفين الناشئة عن ذلك السند. ومن أجل ذلك نصت الفقرة الثالثة (الأخيرة) من المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية المشار إليه - المطعون عليها - على أن "ومن اُحتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع"، ذلك أن مناقشة موضوع المحـرر ممن احتج عليه به - المعنية بهذا النص - تفيد - بداهةً وابتداءً - التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن يُحتج عليه بذلك المحرر.
       حيث كان ما تقدم، وكان النزاع في الدعوى الموضوعية المُردد بين المدعى والمدعى عليه الثالث، يدور حول طلب الحكم بصحة توقيع المدعى - في الدعوى المعروضة - على محرر عرفي، ولم يثبت سبق مناقشته موضوع ذلك المحرر، فضلاً عن أن الحكم بإثبات صحة توقيعه عليه - في حالة عدم إنكاره ما نسب إليه من توقيع - لا يحول بينه وبين إقامة دعوى مبتدأة برد وبطلان موضوع ذلك المحرر لأى سبب شكلي أو موضوعي، باعتبار أن الحكم الصادر بصحة توقيعه عليه لا يحوز أية حجية في هذا الشأن، لاختلاف موضوع الدعويين، ومن ثم، فإن إعمال حكم نص الفقرة الثالثة من المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - المطعون عليه - يكون مُنبت الصلة بالطلب المعروض في الدعوى الموضوعية، ولا يرتب الفصل في دستوريته انعكاسًا على موضوع تلك الدعوى، وقضاء محكمة الموضوع فيها، الأمر الذى تنتفى معه مصلحة المدعى في الطعن على دستوريته، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

انهدام الجزاء الجنائي لقوانين الايجار الاستثنائية منذ العمل بالقانون 4 لسنة 1996

الدعوى رقم 22 لسنة 40 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 5 / 1 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يناير سنة 2019م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 22 لسنة 40 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من
سامى محمد أحمد القرينى
ضد
1 - وزير العـــدل
2 - النائب العـــام

الإجراءات
      بتاريخ الثالث والعشرين من مايو سنة 2018، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة (الدائرة الجنائية) في الطعن رقم 23372 لسنة 85 قضائية بجلسة 14/6/2017. وفى الموضوع: بالمضي في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 22/2/1997، في الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية".

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
  وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
  ونُظرت الدعوى، على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، وصرحت بمذكرات في أسبوع، ولم تودع مذكرات في الأجل المشار إليه.

المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق, والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى في الجنحة رقم 7977 لسنة 2014 جنح مصر الجديدة، بامتناعه دون مقتض عن تسليم الوحدات السكنية محل العقود، وقدَّمته إلى المحكمة الجنائية، فقضت محكمة جنح مصر الجديدة، بجلسة 28/9/2014، بحبسه ستة أشهر مع النفاذ. استأنف المدعى هذا الحكم بالاستئناف رقم 1539 لسنة 2015 جنح مستأنف شرق القاهرة، فقضت المحكمة بجلسة 29/3/2015، بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء، مجددًا، ببراءة المتهم (المدعى) مما أسند إليه من اتهام. وإذ لم ترتض النيابة العامة هذا الحكم، طعنت عليه بطريق النقض، أمام محكمة استئناف القاهرة (الدائرة الجنائية)، بالطعن رقم 23372 لسنة 85 قضائية، ناعية عليه عدم إعمال المحكمة لسلطتها التقديرية في تعديل الاتهام، وقضائها بالبراءة، وذلك على الرغم من أن الوقائع المنسوب صدورها للمطعون ضده (المدعى)، تقع تحت وصف إجرامي آخر، ومواد اتهام أخرى، وقد امتنع المطعون ضده، بغير مقتض، عن تسليم الوحدات السكنية محل العقود، وهو الفعل المؤثم بالمادتين (336/1) من قانون العقوبات، و(23) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وبجلسة 14/6/2017، قضت محكمة استئناف القاهرة (الدائرة الجنائية) بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية المختصة، لتحكم فيها من جديد، بهيئة استئنافية أخرى، مشيدة قضاءها على أنه من المقرر قانونًا أن تغيير المحكمة للوصف القانوني للواقعة، ليس محض رخصة لها بل هو واجب عليها، فيتعين أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع أوصافها، وأن تطبق نصوص القانون عليها تطبيقًا صحيحًا، وليس للمحكمة أن تقضى بالبراءة في دعوى قدمت لها بوصف معين، إلا بعد تقليب وقائعها على جميع الوجوه القانونية، والتحقق من أنها لا تقع تحت أى وصف قانوني من الأوصاف المستوجبة قانونًا للعقاب. أما وهى لم تفعل، وقضت ببراءة المطعون ضده، فإن حكمها يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون بما يجب نقضه. وقد ارتأى المدعى أن حكم محكمة استئناف القاهرة المشار إليه، وقد أخضع الفعل محل الاتهام للعقاب بموجب أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، فإنه يُعد عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 22/2/1997، في الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية"، ومن ثم فقد أقام منازعته المعروضة بالطلبات السالف بيانها.
وحيث إن منازعة التنفيذ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعى، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

      وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية – وعلى ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة، فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.

      وحيث إنه يبين من الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 22/2/1997، في الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية" أنه قد تناول تحديد نطاق الدعوى الدستورية، فحصره في نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، بعد ربطها بالعقوبة على مخالفتها، المقررة بنص المادة (77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر؛ ثم عمد إلى تحقيق شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى؛ استمساكًا بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن عينية الدعوى الدستورية لا تعنى اعتبار هذا الشرط منفكًّا عنها؛ بل هو مناط قبولها، فلا يكفى أن يتوافر عند رفعها، بل يتعين أن يظل قائمًا إلى حين الفصل فيها، توكيدًا لمبدأ حاصله، أن المصلحة الشخصية المباشرة هى شرط ابتداء، واستمرار لقبول الدعوى الدستورية. واستظهارًا لهذا الشرط في إطاره ذاك؛ وبمراعاة أن الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية" – الصادر فيها الحكم المطلوب الاستمرار في تنفيذه – قد صادفها، أثناء نظرها، صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها، والأماكن التى انتهت عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، فقد أقامت المحكمة منطوق قضائها بعدم قبول الدعوى على دعامات رئيسية؛ لا قوام لهذا المنطوق دونها، وتكوّن معه كلاًّ واحدًا لا يقبل التجزئة؛ مدادها الدستور؛ نصًّا وروحًا؛ لحمتها مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وسداها "صون الحرية الشخصية؛ وبنيتها تقدير "الضرورة الاجتماعية" التى أملتها سياسة تشريعية، يتعين على المحكمة استنباط مقاصدها؛ ورصد غاياتها، متلائمة معها، ملتزمة بها؛ غير قاصرة على مفاهيم حرفية عفا عليها الزمن، بمنهجية تأخذ في اعتبارها دومًا، أن الدستور وثيقة تقدمية نابضة بالحياة؛ فلا تصد عن التطور آفاقه الرحبة.

      متى كان ذلك؛ وكانت المحكمة الدستورية العليا؛ قد شيدت حكمها بانتفاء مصلحة المدعى في الطعن بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (6) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، وما يرتبط به من نص المادة (77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، على انهدام الجزاء الجنائي، الذى فرضه النص الأخير – من منظور دستورى – منذ العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 – المشار إليه؛ فإن حكمها هذا، يكون مرتبطًا بهذين النصين، في الإطار الذى حددته لهما؛ بما مؤداه: وجوب القضاء - في أية منازعة متعلقة بتنفيذ ذلك الحكم - بإهدار جميع أشكال العوائق التى يكون من شأنها إعادة إحياء العقوبة، المقررة بنص المادة (77) من القانون رقم 49 لسنة 1977، وهى تلك العقوبة التى انتهى الحكم سالف الذكر إلى سقوطها في مجال تطبيق الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981.

      وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحكم الجنائي الصادر في الطعن رقم 23372 لسنة 85 قضائية، الذى يطلب المدعى عدم الاعتداد به، باعتباره عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية"، قد صدر بنقض الحكم المطعون فيه، والذى كان قد قضى ببراءة المتهم (المدعى) من التهمة المنسوبة إليه، وقوامها الامتناع، بغير مقتض، عن تسليم الوحدات السكنية محل العقود المؤثم بالمادتين (336/1) من قانون العقوبات و (23) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المار ذكره، وكان هذا القضاء لم يتعرض للنصوص التشريعية محل الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية"، واقتصر الحكم على إعادة الدعوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة لتتولى تحديد التكييف القانوني للواقعة المطروحة عليها، وتطبيق نصوص القانون عليها تطبيقًا صحيحًا، مما تنتفى معه صلته بالحكم الصادر من هذه المحكمة، ومن ثم فإن الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة (الدائرة الجنائية) في هذا الشأن، لا يُعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، لتنحل الدعوى المعروضة في حقيقتها إلى طعن في هذا الحكم، مما يخرج عن ولاية هذه المحكمة، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن الطلب العاجل في الدعوى بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة سالف البيان، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع في الدعوى المعروضة، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم، إلى القضاء بعدم قبولها مما يصير معه طلب وقف التنفيذ قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الثلاثاء، 26 فبراير 2019

الطعن 11646 لسنة 61 ق جلسة 9 / 3 / 1993 مكتب فني 44 ق 32 ص 246


جلسة 9 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان ورضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نواب رئيس المحكمة وبدر الدين السيد.
------------
(32)
الطعن رقم 11646 لسنة 61 القضائية

 (1)إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. حق محكمة الموضوع. ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق. وإن عدل عنه.
 (2)إثبات "بوجه عام" "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الضبط". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". بطلان.
بطلان الضبط. لا يحول دون الأخذ بعناصر الإثبات المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها.
(3) جريمة "أركانها". قتل عمد. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاصه. موضوعي.
(4  مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. قبض. قتل عمد.
الحق المخول لمأموري الضبط القضائي بمقضي المادة 29 إجراءات. نطاقه؟.
الاستدعاء الذي يقوم به مأمورو الضبط القضائي للمتهم لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور. ولا يتضمن تعرضاً مادياً. ليس قبضاً.
 (5)إثبات "اعتراف". استجواب. دفوع "الدفع ببطلان الاستجواب". بطلان. حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان الاستجواب. لا جدوى منه. ما دام الحكم أخذ الطاعن باعترافه بتحقيقات النيابة والمستقل عن الإجراء المدعي ببطلانه.
 (6)إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
 (7)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها. ما دام استخلاصها سائغاً.
عدم التزامها بالأخذ بالأدلة المباشرة وحدها. حقها في استخلاص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. علة ذلك.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(9) إعدام. محكمة النقض "سلطتها".
وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام. ماهيتها؟ 
 (10)دعوى مدنية "الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية" "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". تعويض.
رفع الدعوى المدنية بطريق التبعية للدعوى الجنائية. وجوب الفصل فيهما معاً. المادة 309 إجراءات.
إغفال الفصل في أيهما. للمدعى بها الرجوع إلى ذات المحكمة للفصل فيما أغفلته. المادة 193 مرافعات
 (11)نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
الطعن بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع.
 (12)نيابة عامة. إعدام. قتل عمد. محكمة النقض "سلطتها".
اتصال محكمة النقض بالقضية المقضي فيها حضورياً بالإعدام متى عرضتها النيابة العامة ولو تجاوزت في ذلك الميعاد المقرر بالمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام النقض.
(13) محكمة النقض "سلطتها". قتل عمد. إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب للإقرار به.

------------
1 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه.
2 - لما كان الحكم قد عول ضمن ما عول عليه من أدلة الثبوت على اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة، وكان بطلان الضبط - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها الضبط ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم بما ارتكبه، فإن مصلحة الطاعن فيما يثيره من بطلان الضبط تكون منتفية.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 -  من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرءوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت ونفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، كما وأن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان الثابت من المفردات المضمومة - أن مأمور الضبط القضائي أبلغ بالعثور على جثتي المجني عليهما بمزرعة فانتقل إليهما وعاين مكان الحادث وأسفرت تحرياته عن أن الطاعن كان قد سبق له التعدي بالضرب على المجني عليهما في تاريخ سابق على الحادث وعليه استدعاه وناقشه فأنكر بادئ الأمر ثم عاد فاعترف بما ارتكبه، فإن استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن كان بسبب اتهامه بسابقه تعديه على المجني عليهما لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور دون أن يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعى يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس.
5 - لما كان الحكم لم يأخذ في أي موضع منه بما جاء بمحضر جمع الاستدلالات فإنه لا جدوى من تعييب الحكم في خصوص عدم الرد على الدفع ببطلان الاستجواب طالما أن الحكم قد أخذ الطاعن باعترافه بتحقيقات النيابة وهو من عناصر الإثبات المستقلة عن الإجراء المدعي ببطلانه.
6 - لما كان ما ينعاه الطاعن من عدم تحقيق أوجه الدفاع المبداة منه أمام النيابة العامة بما يدمغ إجراءات التحقيق بالقصور والبطلان إذ لم يحضر معه محامٍ ولم تواجه المتهم الآخر بما ساقه الطاعن من أدلة ولم تسأل محرر المحضر في الاعتراضات المبداة منه - فإن ذلك جميعه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
8 - لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده، وكان الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث ولم يعاصر أحدهم تعدي الطاعن على أياً من المجني عليهما وأنه لم يستعمل أية أداة إنما استخدم يديه وأن روايته التي أدلى بها تخالف ما اعتنقته المحكمة فجاءت صورة الواقعة على خلاف ماديات الدعوى وظروفها - لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل أمام محكمة النقض.
9 - إن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان غير مقيده في ذلك بحدود أوجه الطعن أن مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام.
10 - لما كانت المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم، وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف" وإذ كان من المقرر أو ولاية المحكمة الجنائية في الأصل مقصورة على نظر ما يطرح أمامها من الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - إنما هو استثناء من القاعدة فيشترط أن لا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية، ومتى رفعت الدعوى المدنية صحيحة بالتبعية للدعوى الجنائية بطلب التعويض ممن لحقه ضرر من الجريمة، فإنه يتعين الفصل في هذه الدعوى وفى موضوع الدعوى الجنائية معاً بحكم واحد عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة البيان فإن هو أغفل الفصل في إحداها فإنه يكون للمدعى بها أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته، وذلك عملاً بالقاعدة المقررة في المادة 193 من قانون المرافعات وهى قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية باعتبارها من القواعد العامة في قانون المرافعات المدنية ولعدم وجود نص يخالفها في قانون الإجراءات الجنائية
11 - لما كان الطعن بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع فإن الطعن المطروح على هذه المحكمة لا ينال منه عدم صدور حكم منها في خصوص الدعوى المدنية.
12 - لما كانت النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة بما يستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الأربعون يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد المقترن بجنايتي القتل العمد والحريق العمد التي دين بها المحكوم عليه بالإعدام، كما خلا الحكم من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخر قضى ببراءته بأنهما: أولاً: قتل...... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أمسك به وطرحه أرضاً وجثم فوقه وأطبق بكلتا يديه على عنقه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة في تقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: قتلا....... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أمسك المتهم الآخر بساقيها وأطبق هو على عنقها بكلتا يديه قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وقد تقدمت هذه الجناية موضوع التهمة الأولى وتلتها جناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وضعا النار عمداً في الخص المملوك لـ....... وبداخله جثني المجني عليهما سالفي الذكر وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى والد المجني عليهما مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنايات الجيزة قررت وبإجماع الآراء إحالة أوراق المتهم إلى مفتي الجمهورية وحددت جلسة ....... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت وبإجماع الآراء عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً عما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها....... إلخ.

المحكمة
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد المقترن بجنايتي القتل العمد والحريق العمد قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه بتحقيقات النيابة لأنه وليد إكراه إلا أن الحكم أطرح دفعه بما لا يسوغه، كما عول في إدانته على ذلك الاعتراف على حين أنه كان وليد إجراء ضبط باطل إلا أن الحكم اطرح دفعه ببطلان الضبط وأخذ بالاعتراف على أنه دليل مستقل عنه رغم اتصاله به، إلى جانب أن الحكم لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل في حقه وما ساقه في هذا الخصوص مجرد أفعال مادية لا يستقي منها أن الطاعن ابتغى إزهاق روح أياً من المجني عليهما، وأغفلت المحكمة دفعه ببطلان استجوابه إذ استدعاه الضابط وألقى القبض على الطاعن في غير حالات التلبس، وشاب تحقيقات النيابة العامة البطلان لعدم حضور محام مع الطاعن عند سماع أقواله ولم تحقق ما ساقه من أدلة تدين المتهم الآخر وتقاعست عن مواجهة محرر المحضر بما أبداه من اعتراضات على إجراءاته، وأخيراً اقتنعت المحكمة بصورة الواقعة كما رواها الشهود رغم عدم رؤية أحدهم أو معاصرته واقعات الحادث فجاءت على خلاف ماديات الدعوى، هذا جميعه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المتهم - الطاعن - يعمل بمزرعة مملوكة لآخرين ظن أصحابها دخول غرباء إليها يستولون على ثمارها فنبه إلى ذلك، وفى يوم الحادث شاهد المجني عليه الأول فقام بمطاردته منتوياً قتله ظناً منه بأنه يستولى على ثمار البرتقال وما أن تمكن منه حتى لطمه على وجهه بيده وأسقطه أرضاً وجثم فوقه مطبقاً بكلتا يده على رقبته وفمه حتى فاضت روحه ثم حمل جثته إلى (خص) ألقاها داخله وعقب خروجه من (الخص) شاهد المجني عليها فباغتها وانقض عليها وأطبق على رقبتها بيديه حتى فاضت روحها فنقل جثتها إلى ذات الخص وألقى بها بجوار الجثة الأولى وعمد لإخفاء ما ارتكبه فأضرم الحريق بالخص هذا وقد تم ضبطه فاعترف بتحقيقات النيابة بما ارتكبه وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المقدم...... و...... و...... ومن اعتراف الطاعن في التحقيقات ومن تقرير الصفة التشريحية. وبعد أن حصل الحكم مؤدى أقوال الشهود واعتراف الطاعن بالتحقيقات ومضمون تقرير الصفة التشريحية، عرض لما أبداه الطاعن من بطلان اعترافه لأنه وليد إكراه وأطرحه في قوله: "ذلك أن الاعتراف الذي أدلى به المتهم قد أتى مفصلاً في أكثر من موضع من تحقيقات النيابة العامة وظل مصراً عليه مع علمه بعاقبة الأمر فيه وبإرادة حرة دون شائبة من إكراه وقع عليه أو خشية خوف دفعه إليه، ومن ثم فإن المحكمة تطرح الدفع ببطلان اعتراف المتهم بمقولة أنه كان وليد إكراه. حيث جاء قولاً مرسلاً لم يسانده دليل في الأوراق بل جاءت أقوال المتهم متساندة مترابطة متوافقة تماماً مع سائر أدلة الدعوى وكان اعترافه قد صدر عنه بإرادة حرة عن اختيار وإدراك صحيحين وجاء واضحاً صريحاً جازماً بارتكابه الأفعال المسندة إليه سواء فيما أدلى به المقدم........ أو ما قرره لوكيل النيابة المحقق ولم يثبت طوال هذه المراحل أنه كان تحت تأثير أي إكراه مادي أو معنوي أو لوحظ أية آثار تبين وقوع فعل الإكراه عليه، مما تطمئن معه المحكمة كل الاطمئنان إلى أن هذا الاعتراف قد صدر من المتهم بغير إكراه ومن صحة هذا الاعتراف جاء موافقاً لماديات الدعوى ووقائعها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية في العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه، ومتى كانت محكمة الموضوع قد عرضت لما أبداه الطاعن وأفصحت عن اطمئنانها إلى اعترافه بتحقيق النيابة فهذا يكفي ويكون منعاه بهذا المنعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان إجراءات ضبطه وأطرحه في قوله: "فإنه فضلاً عن أن الثابت من الأوراق أن محرر محضر ضبط الواقعة قد أثبت أنه أرسل في استدعاء المتهم الذي مثل أمامه باختياره وعندما سأله عن الحادث اعترف له باختياره دون إكراه بارتكابه له الأمر الذي يكون معه الدفع ببطلان إجراءات الضبط على غير سند من الواقع أو القانون هذا بالإضافة إلى أن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة قد صدر عن المتهم مستقلاً عن الإجراء السابق عليه من مضي زمن يؤدي إلى صدور اعتراف المتهم دون أن يكون للإجراء السابق عليه بفرض حدوثه جدلاً دون ثمة تأثير عليه مما يعدو معه اعتراف المتهم مستقل بذاته عن الإجراء السابق عليه". فإن الحكم يكون على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات الضبط. ولما كان الحكم قد عول ضمن ما عول عليه من أدلة الثبوت على اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة، وكان بطلان الضبط - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها الضبط ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم بما ارتكبه، فإن مصلحة الطاعن فيما يثيره من بطلان الضبط تكون منتفية ويكون منعى الطاعن على الحكم بأخذه بالاعتراف المستقل عن الضبط واللاحق له غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل ودلل على توافرها في حق الطاعن في قوله: "وحيث إنه نية قتل الطفلين المجني عليهما ثابتة في حق المتهم ثبوتاً قاطعاً مما سبق بيانه من ظروف الدعوى ووقائعهما ومما أكده المتهم في اعترافه المفصل وما بان وتحقق إذ باغت الطفلين المجني عليهما وبادر إلى الإطباق على عنق كل منهما بضراوة وعنف وضغط عليهما بقسوة تفوق قوتهما وبما لا تتحمله طاقتهما وواصل هذا الفعل والذي من شأنه موتهما بكتم أنفاسهما ولم يتركهما أو يتخل عنهما إلا جثتين هامدتين موقناً أنهما فارقا الحياة". ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم يكفي في استظهار نية القتل فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان. من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقدموا بأنفسهم أو بواسطة مرءوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت ونفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، كما وأن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان الثابت من المفردات المضمومة - أن مأمور الضبط القضائي أبلغ بالعثور على جثتي المجني عليهما بمزرعة فانتقل إليهما وعاين مكان الحادث وأسفرت تحرياته عن أن الطاعن كان قد سبق له التعدي بالضرب على المجني عليهما في تاريخ سابق على الحادث وعليه استدعاه وناقشه فأنكر بادئ الأمر ثم عاد فاعترف بما ارتكبه، فإن استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن كان بسبب اتهامه بسابقة تعديه على المجني عليهما لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور دون أن يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعي يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يأخذ في أي موضع منه بما جاء بمحضر جمع الاستدلالات فإنه لا جدوى من تعييب الحكم في خصوص عدم الرد على الدفع ببطلان الاستجواب طالما أن الحكم قد أخذ الطاعن باعترافه بتحقيقات النيابة وهو من عناصر الإثبات المستقلة عن الإجراء المدعي ببطلانه. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من عدم تحقيق أوجه الدفاع المبداة منه أمام النيابة العامة بما يدمغ إجراءات التحقيق بالقصور والبطلان إذ لم يحضر معه محام ولم تواجه المتهم الآخر بما ساقه الطاعن من أدلة ولم تسأل محرر المحضر في الاعتراضات المبداة منه - فإن ذلك جميعه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل يعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث ولم يعاصر أحدهم تعدي الطاعن على أياً من المجني عليهما وأنه لم يستعمل أية أداة إنما استخدم يديه وأن روايته التي أدلى بها تخالف ما اعتنقته المحكمة فجاءت صورة الواقعة على خلاف ماديات الدعوى وظروفها - لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. ومن حيث إن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أن مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يقض في الدعوى المدنية التي أقامها والد المجني عليها ضد المحكوم عليه لتعويض الضرر الذي لحقه من جراء ما ارتكبه المتهم. فإنه لما كانت المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم، وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف" وإذ كان من المقرر أن ولاية المحكمة الجنائية في الأصل مقصورة على نظر ما يطرح أمامها من الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - إنما هو استثناء من القاعدة فيشترط أن لا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية، ومتى رفعت الدعوى المدنية صحيحة بالتبعية للدعوى الجنائية بطلب التعويض ممن لحقه ضرر من الجريمة، فإنه يتعين الفصل في هذه الدعوى وفى موضوع الدعوى الجنائية معاً بحكم واحد عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة البيان فإن هو أغفل الفصل في إحداها فإنه يكون للمدعي بها أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته، وذلك عملاً بالقاعدة المقررة في المادة 193 من قانون المرافعات وهى قاعدة واجبة الأعمال أمام المحاكم الجنائية باعتبارها من القواعد العامة في قانون المرافعات المدنية ولعدم وجود نص يخالفها في قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أنه بجلسة 29 من إبريل سنة 1991 حضر محامي المدعي بالحقوق المدنية - وهو والد المجني عليهما وادعى مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، وكان الواضح من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل في الدعوى المدنية، فضلاً عن أن مدوناته لم تتحدث عنها. مما يحق معه القول بأن المحكمة لم تنظر إطلاقاً في هذا الدعوى ولم تفصل فيها فإن الطريق السوي أمام المدعي بالحقوق المدنية هو أن يرجع إلى ذات المحكمة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم وأن يطلب منها الفصل فيما أغفلته، وطالما أنها لم تفصل في هذه الدعوى فإن اختصاصها يكون ما زال باقياً بالنسبة لها. لما كان ذلك، وكان الطعن بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع فإن الطعن المطروح على هذه المحكمة لا ينال منه عدم صدور حكم منها في خصوص الدعوى المدنية.
ومن حيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة بما يستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الأربعون يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد المقترن بجنايتي القتل العمد والحريق العمد التي دين بها المحكوم عليه بالإعدام، كما خلا الحكم من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.