الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 31 يناير 2015

الطعن 17 لسنة 2 ق (2007) هتك عرض

باسم صاحب السمو الشيخ / صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة وملحقاتها

محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــة

الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة

برئاسة السيد القاضي / يحيـــــى جــــــلال فضـــــل    رئيـــــس المحكمــــة
وعضويـــــة القاضييـن  /
محمـــــد نـــاجــــي دربالـــــة و محمــد عبـد الرحمــن الجـــراح
وحضـــــور السيـــــــــد
  /  أحمـــــــــد محمـــــد صابــر  رئيـــــس النيابـــــة
والسيــــــــــــــــــــــــد
  /  سعـــــد محمـــــــد توكــــل  أميـــــن الســـــــرفــي الجلســة العلنيــة المنعقــدة بمقـر المحكمــة بــدار القضــاء بإمـارة رأس الخيمــة
في يوم الأحد 8 مـن ذو القعدة سنة 1428هـ الموافق 18 من نوفمبر سنة 2007 م
فــي الطعــن المقيـد فــي جــدول المحكمــة بـرقـم 17 لسنـــة 2 ق  (2007 م)  جـزائي
المرفــــوع مـــن

الطاعنة / .............. " مدعية بالحقوق المدنية "حضر عنها المحامي / ................

ضـــــــــــــد

المطعون ضده /  ................

الـــوقـــائــــــــع

اتهمت النيابة العامة  ...........  أنه بتاريخ 18 من إبريل سنة 2006 .
هتك عرض خادمته ......... بالإكراه بأن قام باحتضانها من مؤخرتها وتقبيلها كرهاً عنها .
ـــ وطلبت معاقبته بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية والمادة 356 / 3 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 .
ـــ أمام محكمة جنايات رأس الخيمة ادعت الطاعنة عن نفسها مدنياً طالبة إلزام المتهم بأن يؤدي لها تعويضاً مدنياً مؤقتاً .
ـــ وبجلسة 25 من يونيو سنة 2006 م قضت المحكمة حضورياً بمعاقبة المطعون ضده بالحبس لمدة سنة عما أسند إليه وألزمته بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني التعويض المؤقت وبمصروفات الدعوى المدنية ومائة درهم مقابل أتعاب المحاماة.
ـــ استأنف المحكوم عليه ،  ومحكمة استئناف جنايات رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 28 من نوفمبر سنة 2006 م بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المستأنف من التهمة المسندة إليه .
ـــ طعنت المدعية بالحقوق المدنية بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 2007 .
ـــ بجلسة 1 من إبريل سنة 2007 قضت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة .
ـــ بجلسة 26 من يونيو سنة 2006 قضت محكمة استئناف رأس الخيمة ( محكمة الإعادة ) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ،  وبراءة المستأنف من التهمة المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية .
ـــ فطعنت المدعية بالحقوق المدنية بالنقض للمرة الثانية بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 26 من يوليو سنة 2007 .
المحكــــــــمة

  من حيث إنه لما كان قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 قد ضَمَنَ بَابه الأول نظام المحكمة وتشكيلها ثم قسم بابه الثاني المعنون " الإجراءات أمام محكمة التمييز " إلى أربعة فصول بين في الفصلين الأول والثاني الأحكام العامة وإجراءات الطعن بالنقض ،  بينما انتظمت أحكام الفصل الثالث أحكام وقواعد وإجراءات الطعن بالنقض في المواد المدنية ،  وكذا الحال بالنسبة للفصل الرابع الذي خُصصت مواده لبيان تلك الأحكام والقواعد والإجراءات الخاصة بالطعن بالنقض في المواد الجزائية ،  وكان نص المادة 27 الواردة في الفصل الرابع من الباب الثاني قد جرى على تقرير حق الطعن بالنقض في المواد الجزائية لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها ،  وذلك في الأحكام الصادرة من محكمة آخر درجة في أحوال عَدَدَها ،  وذلك على خلاف ما أورده بنص المادة 13 الواردة في الفصل الثالث من الباب الثاني الذي جرى على تقرير حق الطعن بالنقض في المواد المدنية للخصوم في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف إذا كانت قيمة الدعوى مائة ألف درهم أو أكثر أو كانت غير مقدرة القيمة ،  وكانت المقابلة بين هذين النصين  ـــ وقد ورد كل منهما في فصل قائم بذاته ـــ إنما يفصح عن إرادة المشرع في المغايرة بين أحكامهما في خصوص شرائط الحكم محل أو موضوع الطعن ،  فعلى حين قيد الأحكام الجائز الطعن عليها في المواد المدنية بقيدين أولهما أن تكون صادرة من محكمة الاستئناف ،  وثانيهما أن تكون قيمة الدعوى مائة ألف درهم أو تكون غير مقدرة القيمة فقد أباح الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة آخر درجة دون أن يورد أي قيد يتصل بقيمة الدعوى المدنية ،  بما مفاده أن الطعن بالنقض من قبل المسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها في الدعوى المدنية المتعلقة بالدعوى الجزائية يكون جائزاً بقطع النظر عن قيمة تلك الدعوى متى كانت صادرة من آخر درجة ولا يُقبل تقييد حق المدعي بالحقوق المدنية في الطعن بطريق النقض في تلك الأحكام بأي قيد أو تخصيص عموم النص بغير مخصص ،  لما كان ذلك ،  وكان تعبير آخر درجة في أصله الاصطلاحي القانوني يعبر عن مدلول واحد هو أن يكون الحكم صادراً عن آخر اختصاص أو صلاحية يمكن أن تنظر موضوع الدعوى وأن يصدر الحكم عن اختصاص انتهائي للمحكمة ليس مقرراً فيه طعن أمام درجة أعلى ،  وهو ما تعنيه عبارة"Rendus en Dernier Ressort  " الواردة في نص المادة 567 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسية والتي نقل عنها قانون الإجراءات الجنائية المصري ومن ثم أغلب التشريعات الإجرائية الجزائية العربية ومن بينها قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي لدولة الإمارات وتشريع محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 ،  وكان هذا يتسق وطبيعة الدعوى المدنية المتعلقة بالدعوى الجزائية والتي ينحو رافعيها إلى المطالبة بتعويض مؤقت هو في حقيقته لا يعبر عن قيمة الدعوى الحقيقية إنما يُقصد به ـــ وهو ذاته المقصود أساساً من نظام الادعاء المدني ـــ أن يكتسب صفة قانونية في متابعة الدعوى الجزائية التي لحقه ضرر شخصي مباشر من جرائها أثناء مراحلها المختلفة توصلاً إلى ثبوت حقه في التعويض المطالب به قبل المتهم فيها ،  وتجنباً لإرهاق المحكمة الجنائية في البحث في عناصر التعويض مما قد يُعطل الفصل في الدعوى الجنائية أو يدفع المحكمة إلى إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة مستعملة رخصتها المقررة لها بنص المادة 26 من قانون الإجراءات الجزائية ،  هذا فضلاً عن أن قلة مقدار التعويض لا تعكس بحال عدم أهمية الأساس القانوني الذي يجب أن يُبنى عليه تناول المحكمة لطلب التعويض أو إجراءاته .   وهو ما حدا بمحكمة النقض المصرية إلى إطلاق قبول الطعن في الحكم في الدعوى المدنية الصادر من محكمة الجنايات فيما يرد إليها من جنايات أو جنح وبصرف النظر عن مقدار التعويض المطالب به أمامها .   لما كان  ذلك ،  وكان مقتضى كل ما سلف أن للمدعي بالحقوق المدنية في الدعوى المتعلقة بالدعوى الجزائية والتي يقل مقدار التعويض المطالب به عن النصاب الانتهائي لمحكمة أول درجة أن يطعن بالنقض في الحكم الصادر ضده فيها من محكمة آخر درجة في دعواه المدنية ،  فإن صدر الحكم فيها لمصلحته فله أن يتربص حتى يُفصل في الطعن المقام ممن يجوز لهم الطعن على الحكم بطريق الاستئناف ،  فإن صدر الحكم مسوئاً لمركزه فيُشَرَّعْ له ـــ في هذه الحالة ـــ الحق في الطعن فيه بطريق النقض من تاريخ هذا الحكم إذ لا أثر لتفويت ميعاد الطعن بالنقض في حكم لا يجوز له الطعن فيه لصدوره لمصلحته ،  لما كان ذلك ،  فإن ما يثيره المطعون ضده يكون على غير سند ،  ويكون الطعن المقام من المدعية بالحقوق المدنية مقبولاً .
     لما تقدم وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
    ومن حيث إن ما تنعاه الطاعنة ـــ المدعية بالحقوق المدنية ـــ على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المطعون ضده من تهمة هتك عرضها بالإكراه ورفض دعواها المدنية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأن اطرح أقوال المجني عليها بدعوى أنها مدعية لا يعول على أقوالها في الإثبات ،  كما اطرح شهادة شقيق زوج المتهم بدعوى أنها شهادة منقولة عن شقيقته فلا تُسمع إلا عند غياب من نقل عنها وأعرض عن دلالتهما في ثبوت الاتهام قِبل المتهم مما أفضى به إلى رفض دعواها المدنية ،  هذا إلى أنه استند في قضائه على إنكار المتهم لما أسند إليه وعلى أن زوجه ـــ لا المجني عليها ـــ هي التي بادرت بالإبلاغ رغم أن هذا لا يؤدي بالضرورة إلى القضاء بالبراءة ،  كما قعد عن سماع شهادة موظفي الجوازات ،  وأخيراً فقد رفض الدعوى المدنية رغم توافر شرائطها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
    ومن حيث إنه لما كانت المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية لم تشترط أن يتضمن الحكم بالبراءة أموراً أو بيانات معينة أسوة بالأحكام الصادرة  بالإدانة ،  وأنه يكفي لسلامة الحكم بالبراءة أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم ،  وهي غير ملزمة أن ترد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن في إغفال التحدث عنه ما يفيد حتماً أنها اطرحته ولم تر فيه ما تطمئن معه إلى الحكم بالإدانة ،  ومن ثم فلا يعيب الحكم المطعون فيه وهو يقضي بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية عدم تصديه لما قد يكون المدعي بالحقوق المدنية قد ساقه من قرائن تشير إلى ثبوت الاتهام مادامت المحكمة قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت في ثبوت التهمة على المتهم وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من الأدلة السائغة التي أوردها أنه ـــ على خلاف نهجه باستبعادهما من مقام الاستدلال في قضائه المنقوص وبقطع النظر عن تقريراته الشرعية والقانونية الخاطئة التي لم تمس جوهر قضائه ـــ لم يطمئن لشهادة كل من المجني عليها وشقيق زوج المتهم ،  فاطرح شهادة الأولى لتناقضها وشهادة زوج المتهم ولتناقض ما قررته بمحضر الشرطة مع ما شهدت به بتحقيقات النيابة العامة ،  واطرح شهادة الثاني بأنه قد ثبت لديه قيام عداء بينه والمتهم ورده لشهادة شقيقته ( زوج المتهم ) ،  وكان من المقرر أن تقدير أقوال الشهود متروك لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب كما وأن لهذه المحكمة أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق  ـــ كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة ـــ فإنه لا يقبل من الطاعنة المجادلة في ذلك أمام محكمة التمييز .   لما كان ذلك ،  وكانت الطاعنة والمدافع عنها لم يطلب سماع موظفي الجوازات المشار إليهما بأسباب طعنها فإنه لا يكون لها من بعد أن تنعي على المحكمة قعودها عن الاستجابة إلى طلب  لم يبد أمامها  ولم تر هي حاجة إلى إجرائه .   لما كان ذلك ، وكان شرط الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة إسناده إلى المتهم المقامة عليه الدعوى المذكورة دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة ،  ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم ثبوت ارتكاب المطعون ضده للفعل المُسند إليه ، فإن ذلك يستلزم الحكم ـــ صحيحاً ـــ برفض الدعوى المدنية قبله مما يكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد .   لما كان ذلك ،  فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهــــذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعنة بالرسوم القضائية وأمرت بمصادرة التأمين .


الطعن 16 لسنة 2 ق (2007) تلويث البحر بالزيت

باسم صاحب السمو الشيخ / صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة وملحقاتها

 محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــة
 الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة
 برئاسة السيد القاضي / يحيـــــى جــــــلال فضـــــل   رئيـــــس المحكمــــة
وعضويـــــة القاضييـن  / محمـــــد نـــاجــــي دربالـــــة و محمــد عبـد الرحمــن الجـــراح
وحضـــــور السيـــــــــد
  / عبد الناصر محمـد الشـحـي   رئــيــــس النيابـــــة
والسيــــــــــــــد
  / سعـــــد محمـــــــد توكـــــل    أميـــــن الســــــر
فــي الجلســة العلنيــة المنعقــدة بمقـر المحكمــة بــدار القضــاء بإمـارة رأس الخيمــة
في يوم الأحد9مـن شوال سنة 1428هـ الموافق21من أكتوبر سنة 2007 م
فــي الطعــن المقيـد فــي جــدول المحكمــة بـرقـم 16 لسنـــة 2 ق  (2007 م)  جـزائي
المرفــــوع مـــن
الطاعن /  ......... حضر عنه المحامي /  .........
ضـــــــــــــد
المطعون ضدها /  النيابة العامة
الـــوقـــائــــــــع
   اتهمت النيابة العامة  ........ أنه في يوم 30 من أغسطس سنة 2006.
1ـــ صَرَفَ الزيت في البيئة البحرية بأن سرب من سفينته وقود الديزل مما أدى إلى تلوث البيئة البحرية.
2ـــ وهو ربان سفينة ناقلة للزيت لم يحتفظ فيها بسجل للزيت.
3ـــ وهو ربان سفينة ناقلة للزيت لم يجهزها بمعدات مكافحة التلوث.
4ــ وهو ربان سفينة ناقلة للزيت لم تكن بحوزته شهادة منع التلوث الدولية وبيان آخر تفريغ لمحتوياتها.
ـــ وطلبت معاقبته بمقتضى أحكام المواد 21 , 25 , 26 , 33 , 71 , 72 , 73 , 74 , 75 من القانون الاتحادي رقم 24 لسنة 1999 في شأن حماية البيئة وتنميتها.
ـ بجلسة 13 من ديسمبر سنة 2006 م قضت محكمة الجنايات حضورياً بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة سنة وتغريمه مائة وخمسين ألف درهم عن التهمة الأولى وبحبسه لمدة سنة وتغريمه مائة ألف درهم عن التهمة الثالثة وتغريمه عشرة آلاف درهم عن التهمة الرابعة.
ــ استأنف المحكوم عليه ، ومحكمة استئناف جنايات رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 19 من يونيو سنة 2007 م  بقبول الاستئناف شكلاً وباختصاص محكمة رأس الخيمة بنظر الدعوى وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للتهمة الأولى والغاءه وببراءة المتهم عن باقي التهم.
ـــ طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 17 / 7 / 2007 م .
المحكــــــــمة
   من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
   ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تلويث البيئة البحرية وإلغاء تصريف الزيت فيها شابه الخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد و القصور في التسبيب و الفساد في الإستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه تمسك بعدم اختصاص محاكم دولة الإمارات ـــ ومن بينها محكمة جنايات رأس الخيمة ـــ ولائياً بنظر الدعوى لكون الواقعة قد حصلت بالمياه الدولية وخضوعها بالتالي لأحكام القانون الدولي ودلل على ذلك بأقوال البحارة الذين كانوا على مَتْنِ اللنشات الإيرانية , وما ثبت بمحضر الضبط وبتقارير الخبرة , وبإحداثيات تحديد موقع السفينة أنها ضبطت على بعد  21.8  ميل بحري بما يجاوز حدود البحر الإقليمي لدولة الإمارات المحدد بأثنى عشر ميلاً بحرياً , بيد أن المحكمة لم تتناول الدفع ـــ رغم جوهريته ـــ بما يدفعه مكتفيه في تبرير ذلك بالقول بأنها رجحت ما انتهى إليه تقرير الخبيرين المنتدبين من أن واقعة الضبط حَصلت بالمياه الإقتصادية الخالصة للدولة على ما انتهى إليه تقرير الخبير الاستشاري الذي أكد أن الواقعةَ حَصلت بأعالي البحار ( المياه الدولية ) ودون أن يبين أسباب ذلك الترجيح أو الأسس القانونية التي أقام عليها قضاءه بالاختصاص , وهو ما لا يكفي لاطراح الدفع واقساطه حقه في الرد , كما استند الحكم المطعون فيه إلى أقوال ضابط الواقعة في إثبات حدوث التلوث للبيئة البحرية على الرغم من أنها قامت على محض تخمينه ومجرد تقديره الشخصي ولم تستند إلى ما يستلزمه ذلك من فحص فني كيميائي مختبري للوقوف على حصول التلوث ومدى الأضرار التي سببها , كما قعد عن الرد على دفعه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لعدم صدور إذن من النيابة العامة و إنتفاء حالة التلبس وعلى دفعه ببطلان حجزه , كما عول الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال ضابط الواقعة رغم إنفراده بالشهادة وحجبه أفراد القوة المصاحبة له عن الشهادة , وعلى اعتراف نسبه إلى الطاعن بتحقيقات النيابة رغم خلوها منه , ولم يلتفت إلى دفاعه بأن المتسبب في تسرب المواد البترولية هم بحارة اللنشات الإيرانية بدلالة ما قرره ضابط الواقعة من أنهم من قاموا بسحب الأنابيب ( الخراطيم ) الحاملة لتلك المواد إلى السفينة على نحو مفاجئ بقصد الفرار وقت الضبط مما أدى إلى ذلك التسرب , وأخيراً فقد امتنع الحكم المطعون فيه عن إجابته لطلبه ندب خبير آخر في الدعوى للفصل فيما أختلف فيه الخبيرين المنتدبين من ناحيةِ  و الخبير الاستشاري من ناحية أخرى ودون أن يأبه بالرد على ذلك الطلب كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة تلويث البيئة البحرية وإلغاء تصريف الزيت فيها التي دان الطاعن بها , وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من شهادة ضابط الواقعة ومن الصور الفوتوغرافية والاسطوانة المدمجة التي تحوي بياناً للتلوث الحاصل في جوانب السفينة و من إقرار المتهم بحدوث التلوث ومن ضبطه متلبساً في المياه الاقتصادية الخالصة للدولة.  لما كان ذلك , وكان الأصل العام أن حدود تطبيق النص الجنائي تتفق وحدود الإقليم الخاضع لسيادة الدولة ، فهو يطبق على كل جريمة تُرتكب في هذا الإقليم , ويشمل إقليم الدولة أراضيها وبحرها الإقليمي وفضاءها الجوي بما في ذلك طبقات الأرض وإلى مركز الكرة الأرضية وطبقات الجو و المياه إلى ما لانهاية في الارتفاع , وهذا الأصل هو الذي أخذ به التشريع الجنائي لدولة الإمارات إذ نص في المادة 16/1 الواردة في الفصل الثاني من الباب الثاني من الكتاب الأول من قانون العقوبات على إنه " تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب جريمة في إقليم الدولة ويشمل إقليم الدولة أراضيها وكل مكان يخضع لسيادتها بما في ذلك المياه الإقليمية والفضاء الجوي الذي يعلوها " , كما حرص قانون العقوبات على سريان تلك القاعدة على التشريعات العقابية الأخرى إلا في حالة أن تتضمن نصاً على خلاف ذلك بما أورده في المادة الثالثة منه والتي جرى نصها على إنه  " تسري أحكام الكتاب الأول من هذا القانون على الجرائم المنصوص عليها في القوانين العقابية الأخرى مالم يرد نص فيها على خلاف ذلك "  بما مفاده أنه إذا ورد نص في أي من تلك القوانين يبسط سريانه من حيث المكان أو الأشخاص – أو غير ذلك – على ما يجاوز المكان الذي يخضع لسيادتها أو الأشخاص الذين يسري عليهم فإنه يكون نافذاً , وكذا الحال إذا قلص نص نطاق سريان القانون من حيث المكان أو الأشخاص.  لما كان ذلك , وكانت إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الموقعة في 10/12/1982 في مونتي غوبى في جامايكا قد نصت في مادتيها الثانية و الثالثة على أن سيادة الدولة الساحلية تمتد خارج إقليمها البري ومياهها الداخلية إلى حزام بحري ملاصق يُعرف بالبحر الإقليمي و أوكل لكل دولة تحديد عرض بحرها الإقليمي بمسافة لا تتجاوز  12  ميلاً بحرياً تقاس من خطوط الأساس المقررة وفقاً للاتفاقية ( المادة 3 ) كما رهنت ممارسة الدولة لسيادتها على بحرها الإقليمي بمراعاة أحكام الاتفاقية وقواعد القانون الدولي ( المادة 1/3 ) , وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة ـــ وهي من الدول الموقعة على الاتفاقية وقت إصدارها ـــ قد التزمت بأحكام هذه الاتفاقية وحددت بحرها الإقليمي بأثنى عشر ميلاً بحرياً وفق ما ورد بالمادة الرابعة من القانون الإتحادي رقم 19 لسنة 1993 في شأن تعيين المناطق البحرية للدولة , وكانت اللجنة الرئيسية الثانية المشكلة بالدورة الأولى لمؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار المعقودة في نيويورك في الفترة من 2 حتى 24/12/1973 قد عرضت ـــ بناء على دعوة الدول النامية ـــ إلى فكرة المنطقة الاقتصادية الخالصة , وقد حَظيت تلك الفكرة ـــ رغم حداثتها ـــ بتأييد كبير و تسليم بأحقية الدولة الساحلية في الحصول على منطقة إقتصادية في حدود مائتي ميل بحري تُمارس عليها حقاً منفرداً لغرض استغلال الثروات الحية و غير الحية , وهو ما أفضى إلى أن تتضمن إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 هذا الحكم بما نصت عليه في الجزء الخامس المعنون " المنطقة الاقتصادية الخالصة " والذي انتظمت أحكامه المواد من 55 إلى 75 من الاتفاقية , وقد حددت هذه النصوص المنطقة الاقتصادية الخالصة بما لا يزيد على مائتي ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها البحر الإقليمي ( المادة 57 ) وقررت للدول الساحلية حقوق سيادية في أغراض استكشاف واستغلال وحفظ وإدارة الموارد الطبيعية الحية منها وغير الحية للمياه التي تعلو قاع البحر ولقاع البحر وباطن أرضه وكذلك فيما يتعلق بالأنشطة الأخرى للاستكشاف و الاستغلال الاقتصاديين للمنطقة كأنتاج الطاقة من المياه و التيارات و الرياح ( المادة 56/البند أ ) , كما قررت لها ولاية ـــ حددتها بأنها على الوجه المنصوص عليه في الأحكام ذات الصلة من الاتفاقية ـــ فيما يتعلق بحماية البيئة البحرية ( البند (3) من الفقرة (ب) من المادة 56 ) , كما أولت الاتفاقية حماية البيئة البحرية اهتماماً خاصاً وعناية فائقة فألزمت الدول بحمايتها و الحفاظ عليها ( المادة 192 ) وعددت تدابير منع تلوث البيئة البحرية وخفضه و السيطرة عليه أياً كان مصدره لضمان أن تجري الأنشطة الواقعة تحت ولايتها أو رقابتها بما لا يؤدي إلى إلحاق ضرر عن طريق التلوث بها أو بدول أخرى وبيئتها وأن لا ينتشر التلوث الناشئ وعن ذلك إلى خارج المناطق التي تمارس فيها حقوقاً سيادية وفقاً للاتفاقية ( المادة 194 ) وأوردت فيما عددته جميع مصادر التلوث ومن بينها التلوث الحاصل من السفن بالتصريف المتعمد أو غير المتعمد للمواد المؤدية للتلوث ( البند ( ب ) من الفقرة الثالثة من المادة 194 ) واوكلت إلى الدول الساحلية اعتماد ( إصدار ) قوانين وانظمة لمنع تلوث البيئة البحرية من السفن التي ترفع علمها ( البند ( 2 ) من المادة 211 ) ولمنع التلوث من السفن التي تتواجد في مناطقها الاقتصادية ( البند ( 5 ) من المادة 211) كما خولت للدول الساحلية عندما يتوافر دليل موضوعي واضح على أن سفينة مبحرة في المنطقة الاقتصادية الخالصة قد ارتكبت انتهاكاً للقواعد و المعايير الدولية المنطبقة من أجل منع التلوث من السفن وخفضه و السيطرة عليه أو لقوانين الدولة الساحلية وأنظمتها المتمشية مع تلك القواعد و المعايير و المنفذة لها أن تقيم ـــ متى أقتضت ذلك أدلة القضية ـــ دعوى تشمل احتجاز السفينة ( الفقرتين 3 , 6 من المادة 220 ) وأجازت فرض عقوبات على المتهم بشأن الانتهاكات التي ترتكبها سفينة أجنبية خارج البحر الإقليمي للقوانين و الأنظمة الوطنية أو القواعد الدولية المنطبقة لمنع تلوث البيئة البحرية وذلك بشرط مراعاة الحقوق المعترف بها للمتهم أثناء سير الدعوى المقامة بشأن تلك الانتهاكات ( المادة 230/3) ، وقد أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة القانون الاتحادي رقم 24 لسنة 1999 في شأن حماية البيئة وتنميتها وتضمن تعريف للبيئة البحرية بأنها  " المياه البحرية وما بها من ثروات طبيعية ونباتات وأسماك وكائنات بحرية أخرى وما فوقها من هواء وما هو مقام فيها من منشآت أو مشروعات ثابتة أو متحركة وتبلغ حدودها حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للدولة " ويستخلص من هذا التعريف أن المنطقة الاقتصادية الخالصة تدخل في نطاق البيئة البحرية كما عرفها قانون حماية البيئة وتنميتها وبالتالي تكون تلك المنطقة بما لا يزيد على مائتي ميل بحري تقاس من خطوط القاعدة التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي ، أو بمعنى آخر تكون تلك المنطقة الاقتصادية الخالصة في حدود  188  ميل بحري من نهاية البحر الإقليمي للدولة بحسبان أن هذا الأخير يبلغ  12  ميل وفق نص المادتين 4 ، 12 من القانون الاتحادي رقم 19 لسنة 19993 في شأن تعيين المناطق البحرية لدولة الإمارات العربية المتحدة ، كما نص ذات القانون في المادة 17 منه الواردة في الفصل الأول المعنون " نطاق الحماية البيئية " ضمن الباب الثاني المعنون " حماية البيئة المائية " على أن " تهدف حماية البيئة المائية من التلوث إلى تحقيق الأغراض الآتية : 1-.....، 2- حماية البيئة البحرية ومواردها الطبيعية الحية وغير الحية وذلك بمنع التلوث أياً كان مصدره وخفضه والسيطرة عليه . 3-........" فدل بذلك على أن نطاق تلك الحماية للبيئة المائية ـــ بما تنطوي عليه من تأثيم وعقاب ـــ إنما تمتد لتشمل كامل البيئة البحرية كما عرفها ذات القانون أو بمعنى آخر تمتد حتى نهاية حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في خصوص حماية البيئة البحرية بمنع التلوث وخفضه والسيطرة عليه ، وهو ما يتطابق مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 ، كما أناط القانون سالف الذكر في المادتين 69/2 ، 90 /1 منه بموظفي الهيئة الاتحادية للبيئة والسلطات المختصة الذين تقررت لهم صفة مأموري الضبط القضائي أن يضبطوا أية مخالفة لأحكام هذا القانون وأن يحيلوا المخالف طبقاً للإجراءات المعمول بها في الدولة إلى السلطات القضائية المختصة "  وللمحاكم التي تقع في دائرتها الجرائم المنصوص عليها في قانون حماية البيئة وتنميتها الفصل في تلك الجرائم إذا وقعت داخل البيئة البحرية أياً كانت جنسية أو نوع الوسيلة البحرية التي ارتكبتها وأوجبت على تلك المحاكم أن تفصل في الدعوى على وجه السرعة ".  وتخلص المحكمة من جماع ذلك كله إلى أن الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام قانون حماية البيئة وتنميتها ينعقد الاختصاص بضبطها للسلطات المختصة بدولة الإمارات وينعقد الاختصاص بالتحقيق والفصل فيها للسلطات القضائية لدولة الإمارات، متى وقعت في نطاق البيئة البحرية للدولة بما في ذلك بحرها الإقليمي ومنطقتها المتاخمة ، ومنطقتها الاقتصادية الخالصة ، وهو ما يتسق مع التشريعات التي صدرت من دولة الإمارات العربية المتحدة في حدود هذه الولاية فإذا كان كل ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أن الضابط المختص بحرس السواحل قد تلقى إبلاغاً بأن أربعة لنشات تقوم بتزويد إحدى السفن بالوقود مما تسبب في إحداث تلوث لمياه البحر ، فانتقل على الفور حيث شاهد ثلاث بقع من المياه ملوثة بوقود الديزل يصل طولها إلى ما يزيد على الكيلومتر ، وإحدى هذه البقع تلاحق السفينة " كابتن هود " بالإضافة إلى آثار تلوث الديزل على جسم السفينة ، كما شاهد أربعة لنشات إيرانية تجري عملية تزويد السفينة بالديزل وتخزينه في خزانات فوق سطحها ، وقد حاولت الفرار فور قدوم قوة الضبط مما أدى إلى سحب أنابيب السفينة ( الخراطيم ) المستخدمة في نقل الوقود مما أدى إلى تفاقم التلوث ، فقام بضبط الواقعة متلبساً بها داخل المياه الإقتصادية الخالصة للدولة على مسافة  21.8  ميل بحري من ميناء الجزيرة الحمراء ، وأقام على صحة الواقعة كما اطمأن إليها أدلة سائغة استمدها من شهادة ضابط الواقعة ، ومما أثبتته الصور الفوتوغرافية وما حوته الاسطوانة المدمجة من بيان لمظاهر التلوث على السفينة ومن إقرار الطاعن بمحضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة ـــ على خلاف ما يدعي بأسباب طعنه ـــ من أن تلوثاً قد حدث لمياه البحر ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى ـــ استناداً إلى ما حصله من وقائع وما أورده من تقريرات قانونية ـــ إلى رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها فإنه يكون قد التزام صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص ولا محل له .  لما كان ذلك وكانت المادة الأولى من قانون حماية البيئة وتنميتها قد عَرفت التلوث المائي بأنه " إدخال أية مواد أو طاقة في البيئة المائية بطريقة إرادية أو غير إرادية مباشرة أو غير مباشرة ينتج عنه ضرر بالموارد الحية وغير الحية أو يهدد صحة الإنسان أو يعوق الأنشطة المائية بما في ذلك صيد الأسماك والأنشطة السياحية أو يفسد صلاحيتها للاستعمال أو ينقص من التمتع بها أو يغير من خواصها "  كما عرفت التصريف بأنه " كل تسرب أو انسكاب أو انبعاث أو تفريغ لأي نوع من المواد الملوثة أو التخلص منها في البيئة المائية أو التربة أو الهواء "  كما عرفت الموارد والعوامل الملوثة بأنها "  أية مواد صلبة أو سائلة أو غازية أو أدخنة أو أبخرة أو روائح أو ضوضاء أو إشعاعات أو حرارة أو وهج الإضاءة أو اهتزازات تنتج بشكل طبيعي أو بفعل الإنسان وتؤدي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى تلوث البيئة وتدهورها أو الإضرار بالإنسان أو بالكائنات الحية " كما عرفت الزيت بأنه " جميع أشكال النفط الخام ومنتجاته ويشمل ذلك أي نوع من أنواع الهيدروكربونات السائلة وزيوت التشحيم والوقود والزيوت المكررة وزيت الأفران والقار وغيرها من المواد المستخرجة من النفط أو مشتقاته أو نفاياته " وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها متى وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون حاجة للاستعانة بالخبرة الفنية ما دامت المسألة المطروحة ـــ كما هو الحال في هذه الدعوى ـــ ليست من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها فإذا كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بالإدانة على ما استخلصه من أقوال ضابط الواقعة وما بينته الصور الفوتوغرافية والاسطوانة المدمجة من حصول التلوث بوقود الديزل لمياه البحر وكذا على ما أقر به المتهم بالتحقيقات من حصوله وإن أرجع السبب في ذلك لغيره فإن هذا ينبئ عن أن محكمة الموضوع قد وجدت بالدعوى من الأدلة والشواهد ما يكفي لتكوين عقيدتها التي انتهت إليها وما يتحقق به التلوث المائي بطريق التصريف لوقود الديزل على الوجه الذي يتحقق به التلوث كما تطلبه قانون حماية البيئة وتنميتها دون حاجة إلى المزيد من إجراءات الإثبات بتحقيق تجريه أو خبير تندبه ومن ثم يكون ما خلص إليه الحكم سائغاً ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله .  لما كان ذلك وكانت المحكمة غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبير آخر في الدعوى ما دام أن الواقعة وضحت لديها ولم تر هي من جانبها إتخاذ هذا الإجراء وكان الطاعن قد قصر طلبه لندب خبير ثالث في الدعوى ـــ بعد أن قُدم إليها تَقرير الخبيرين المنتدبين وتقرير الخبير الاستشاري المكلف من قبل الطاعن ـــ على بيان مكان ضبط السفينة وما إذا كانت مخصصة لنقل البضائع أو نقل الزيت ومدى حاجتها للوقود وما إذا كان الديزل من المواد المسببة للتلوث وكانت كل تلك الطلبات قد سبق بيانها في التقريرين السابقين أو لا صلة لها بجوهر واقعة الاتهام ولا تؤثر على وجه الرأي في الدعوى أو مما يتصل بمسائل قانونية تختص المحكمة ـــ دون غيرها ـــ بالفصل فيها ، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد على ذلك الطلب اكتفاء بما يستفاد ضمناً من الأخذ بتقرير الخبيرين المنتدبين والتعويل على ما انتهيا إليه في الإدانة ـــ.  لما كان ذلك وكان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا يمنع من سلامة أقواله كدليل في الدعوى لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعة إلى محكمة الموضوع تُنزلها المنزلة التي تراها وتُقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادته بما مفاده أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها فإن ما يثيره الطاعن وما يسوقه من قرائن لتجريح أقوال الضابط لإنفراده بالشهادة وحجب باقي أفراد القوة المرافقة ، وكذا ما يثيره من أن مرتكب الجريمة شخص آخر هي كلها مما يندرج ضمن أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها .  لما كان ذلك وكان الشارع قد منح ضباط وصف ضباط وأفراد حرس الحدود والسواحل الذين أسبغ عليهم القانون صفة مأموري الضبط القضائي بما نص عليه في المادة 33 من قانون الإجراءات الجزائية ـــ في أثناء تأدية وظائفهم حق تفتيش وضبط الأشخاص في نطاق عملهم إذا قامت لديهم دواعي الشك فيهم أو مظنة التهريب أو الدخول بغير إذن إلى البلاد وهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصده الشارع باعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن منها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن مسبق من سلطة التحقيق فإذا ما أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقباً عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستناد إليه كدليل قبل المتهم باعتباره ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة قانونية ، فإذا كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان ضبط الطاعن وتفتيشه بما يساير هذا الفهم وأقام عليه قضاءه برفضه فإنه يكون قد رد عليه ـــ  في خصوص هذه الدعوى ـــ بما يكفي لدفعه ، هذا إلى أن مايثيره الطاعن ـــ بفرض صحته ـــ من نعي على الحكم المطعون فيه لعدم رده على دفعه ببطلان القبض عليه وتفتيشه وبطلان إجراءات حجزه لتجاوز مدته القانونية قبل العرض على النيابة العامة مردود بأن الحكم قد بني قضاؤه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض أو التفتيش أو الحجز ولم يُشر إليه في مدوناته ومن ثم فإنه ينحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع ، لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهــــذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن بالرسوم القضائية وأمرت بمصادرة التأمين.

الطعن 15 لسنة 2 ق (2007) مرور

باسم صاحب السمو الشيخ / صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة وملحقاتها

محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــة

الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة

برئاسة السيد القاضي / يحيـــــى جــــــلال فضـــــل   رئيـــــس المحكمــــة
وعضويـــــة القاضييـن  /
محمـــــد نـــاجــــي دربالـــــة و محمــد عبـد الرحمــن الجـــراح
وحضـــــور السيـــــــــد
  / عبد الناصر محمد الشحي   رئيـــــس النيابـــــة
والسيــــــــــــــــــــــــــــد
  / سعـــــد محمـــــــد توكـــــل   أميـــــن الســــــر
فــي الجلســة العلنيــة المنعقــدة بمقـر المحكمــة بــدار القضــاء بإمـارة رأس الخيمــة
في يوم الأحد 9 من شوال سنة 1428هـ الموافق 21 من أكتوبر سنة 2007م
فــي الطعــن المقيـد فــي جــدول المحكمــة بـرقـم 15 لسنـــة 2 ق  (2007 م)  جـزائي
المرفــــوع مـــن
الطاعن /  .........
ضـــــــــــــد
المطعون ضدها /  النيابة العامة
الـــوقـــائــــــــع
 اتهمت النيابة العامة ........ لأنه في 3 / 3 / 2007 م بدائرة رأس الخيمة .
ـــ قاد مركبة آلية بسرعة تجاوز السرعة المقررة .
ـــ وبجلسة 25 من إبريل سنة 2007 م قضت المحكمة حضورياً
1 – بتغريم المتهم ثلاثمائة درهم عما أسند إليه .
2 – حفظ الحق المدني لورثة المتوفين / .......... و ....... عن الأضرار التي تعرض لها الورثة نتيجة لفقدهم عائليهم وعن التعويض عن مساهمة المتهم في التسبب بالحادث .
3 – حفظ الحق المدني لمالكي المركبتين في مواجهة المتهم .
4 – حفظ الحق المدني لورثة ..... في مواجهة ورثة ....... .
5 – حفظ الحق المدني للمتهم الماثل عن الإصابة التي تعرض لها وعن أي أضرار أخرى لها صلة بالحادث وعن أضرار المركبة في مواجهة ورثة ..... .
ــ استأنف المحكوم عليه، ومحكمة استئناف جنح رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 11 من يونيو سنة 2007 م بقبول الاستئناف شكلاً في الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به .
ـــ طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 9 / 7 / 2007 م .
المحكــــــــمة
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
  ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة قيادة مركبة آلية بسرعة تجاوز السرعة المقررة شابه التناقض والقصور في التسبيب ذلك بأن المحكمة قعدت عن الاستعلام عن السرعة القصوى المحددة للسير بالطريق الذي وقع فيه الحادث , ولم تجر معاينة له , كما أن الحكم بعد أن أسند الخطأ المتسبب في الحادث إلى المتهم الآخر - الذي اتهمته النيابة العامة بتسببه بخطئه في إصابة الطاعن ووفاة آخر وإتلاف المركبتين وأمرت بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله لوفاته - عاد وضمن حكمه حفظ الحق المدني لورثة المتوفين - قِبل الطاعن بما ينطوي على اسناد جانب من المسئولية عن الحادث له على الرغم من ثبوت انقطاع رابطة السببية بين خطئه والأضرار التي ترتبت على الحادث كما خلا الحكم من بيان الإصابات التي لحقت بالمتوفين في الحادث وأودت بحياتهم , مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
  ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة قيادة مركبة آلية بسرعة تجاوز السرعة المقررة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة أورد مؤدى كل منها على نحو كاف يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من اعتراف الطاعن بقيادته السيارة بسرعة مائة وثلاثين كيلو متر في الساعة ومما قرره ضابط المرور المختص من أن السرعة القصوى المقررة للسيارات المارة بطريق الحادث هي مائة كيلو متر للسيارات الخفيفة – ومنها السيارة التي كان يقودها الطاعن - , فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله لما كان ذلك , وكان من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عنه وتلتفت عن إجابته , وإذ كان طلب الطاعن بشأن إجراء معاينة لمكان الحادث – في خصوص هذه الدعوى – لا يعدو أن يكون دفاعاً لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل قُصد به إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته . لما كان ذلك , وكانت باقي ما يُثيره الطاعن في طعنه ينصرف إلى جريمتي القتل الخطأ والإتلاف بإهمال اللتين لم يُقدم بهما إلى المحاكمة فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل لما كان ما تقدم , فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
  وحيث إنه لما كان ذلك , وكان الحكم الابتدائي إذ ضَمَنَ منطوقه قضاءه بحفظ الحق المدني لورثة المتوفين في الحادث ومالكي المركبتين قِبل المتهم عن مساهمته في التسبب بالحادث وكذا قضاءه بحفظ الحق المدني لورثة المجني عليه .... وللطاعن قِبل ورثة المتهم المتوفى , وكانت أوراق الدعوى قد خلت من أي من الإجراءات القانونية لإقامة دعوى مدنية قِبل المتهم وغيره من المتوفين في الحادث أو ورثتهم , فإن تصديها للقضاء في هذه الدعوى يكون قضاءً في غير خصومة وإيرادها ذلك القضاء بمنطوق حكمها – حتى لو كان مجرد التقرير بحفظ الحقوق المدنية – إنما يُعد اغتصاباً لولاية ليست لها , ومن ثم لا يمكن اعتباره قضاءً صحيحاً صادراً من سلطة تملك إصداره , ويصير بالتالي هو والعدم سواء , ويكون الحكم المطعون فيه وقد ساير الحكم الابتدائي في قضائه – في هذا الخصوص – قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يُؤذن لهذه المحكمة – عملاً بنص المادة 30 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 - أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم فيما قضى به في هذا الشأن وتصحيحه بإلغاء ما تضمنه من قضاء في شأن الحقوق المدنية .
فلهــــذه الأسبـــــاب
 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه فيما يتصل بالحكم الصادر في الدعوى الجنائية وألزمت الطاعن بالرسوم القضائية وأمرت بمصادرة التأمين وبتصحيحه بإلغاء ما تضمنه من قضاءٍ في شأن الحقوق المدنية .

الطعن 14 لسنة 2 ق (2007) زنا

باسم صاحب السمو الشيخ / صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة وملحقاتها

محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــة

الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة

برئاسة السيد القاضي / يحيـــــى جــــــلال فضـــــل      رئيـــــس المحكمــــة
وعضويـــــة القاضييـن  /
محمـــــد نـــاجــــي دربالـــــة و محمــد عبـد الرحمــن الجـــراح
وحضـــــور السيـــــــــد
  /  أحمـــــــــد محمـــــد صابــر     رئيـــــس النيابـــــة
والسيــــــــــــــــــــــــــــد
  /  سعـــــد محمـــــــد توكــــل    أميـــــن الســـــــر
فــي الجلســة العلنيــة المنعقــدة بمقـر المحكمــة بــدار القضــاء بإمـارة رأس الخيمــة
في يوم الأحد 18 مـن رمضان سنة 1428هـ الموافق 30 من سبتمبر سنة 2007 م
فــي الطعــن المقيـد فــي جــدول المحكمــة بـرقـم 14 لسنـــة 2 ق  (2007 م)  جـزائي
المرفــــوع مـــن
الطاعن /  ...................
ضـــــــــــــد
المطعون ضدها /  النيابـــــــــة العامــــــــــة
الـــوقـــائــــــــع
اتهمت النيابة العامة  1- ........... 2- ............. أنهما في يوم 9 من ابريل سنة 2007 .
ـــ حال كونهما مسلمين بالغين عاقلين مختارين غير محصنين ارتكبا فاحشة الزنا دون وجود شبهة أو رابطة شرعية تبيح لهما ذلك .
ـــ وطلبت معاقبتهما بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية .
ـــ وبجلسة 2 من مايو سنة 2007 م قضت محكمة جنايات رأس الخيمة حضورياً بمعاقبة ......... و ....... بجلد كل منهما خمسين جلدة .
ـــ استأنفت النيابة العامة ،  ومحكمة استئناف جنايات رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 5 من يونيو سنة 2007 م بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس كل واحد منهما ثلاثة أشهر تعزيراً .
ـــ طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 2 / 7 / 2007 م .
المحكــــــــمة
     من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
    ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه على حين أن النيابة العامة أحالته للمحاكمة بتهمة ارتكابه والمحكوم عليها الأخرى فاحشة الزنا حال كونهما مسلمين بالغين غير محصنين فإن المحكمة أعرضت عن وصف النيابة العامة للواقعة وعن العقوبة الحدية المقررة شرعاً لتلك الجناية ، وأوقعت عليهما عقوبة الحبس عن جنحة هتك العرض برضا المجني عليها ،  الأمر الذي أَسلم الحكم إلى القضاء في واقعة ليست من اختصاص محاكم الجنايات بل من اختصاص محكمة الجنح ،  كما أسلمه أيضاً للقضاء بما يخالف قضاء محكمة جنايات أول درجة ـــ الصائب ـــ والذي قضى بتوقيع عقوبة الجلد عليهما ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد عول في إدانته على اعتراف المحكوم عليها الأخرى وحده ،  ورغم خلو التحقيقات من بينة قبله وإنكاره الاتهام ،  وأخيراً غَفُلَ الحكم عن إجراء تحليل لعينة من سائله المنوي لإثبات أو نفي أنه من واقع المتهمة الأخرى مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
  ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة زنا غير المحصنين التي دُرئ فيها تطبيق الحد التي دان الطاعن ـــ وأخرى ـــ بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من اعتراف المحكوم عليها الأخرى بمحضر جمع الاستدلالات ،  والتقرير الطبي بنتيجة الكشف عليها ،  وما قرره الطاعن من اصطحابه إياها وخلوته بها .   لما كان ذلك ،  وكان الحد لغة المنع ، وسميت بعض العقوبات حدوداً لأن من شأنها أن تمنع من ارتكاب الجرائم ويعرف الفقهاء الحد بأنه عقوبة مقدرة تجب حقاً لله تعالى ويفضي هذا إلى أن الحدود مقدرة مقدماً من الشارع ومحددة تحديداً ثابتاً ،  وجعلها ذات حد واحد ،  ولم يجعلها ذات حدين ،  لما في الجرائم المقررة فيها الحدود من خطورة بالغة على المجتمع (تبيين الحقائق ، شرح كنز الدقائق للزيلعي ـــ جزء 3 ـــ الطبعة الأولى ـــ المطبعة الأميرية ببولاق بمصر سنة 1313هــ ـــ 1895م)  كما يفضي ذلك إلى أن القاضي متى ثبت لديه ارتكاب جريمة من هذه الجرائم فإن عليه أن يقضي بالعقوبة المنصوص عليها لهذه الجريمة كما هي دون نقص أو زيادة ،  فهو لا يستطيع أن يخفف من هذه العقوبة ،  أو يشدد لأي ظرف من الظروف سواء منها ما تعلق بالجريمة أو ما تعلق بالمجرم ،  ولا يجوز العفو لا عن الجريمة ولا عن العقوبة ،  كما لا يُمكن في الحدود الصلح ولا الإبراء ـــ إلا في القذف ففيه قولان والراجح منهما عدم الصلح ولا الإبراء (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني جزء 7 ـــ ص55 ـــ 56 ـــ الطبعة الأولى مطبعة الجمالية بمصر ـــ 1910م .) ،  وجرائم الحدود هي الزنى والسرقة وقطع الطريق والقذف وشرب الخمر والردة والبغي ـــ على خلاف فيه ـــ ،  ويُعرف أبو حنيفة الزنى الموجب للحد بأنه الوطء المحرم في قبل المرأة الحية ،  وطئاً عارياً عن الملك والنكاح والشبهة ،  وهو بالنسبة للمرأة أن تُمكن الرجل من مثل هذا الفعل (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني ـــ جزء 7 ـــ ص 23 ، 34 ـــ فتح القدير في شرح الهداية للمرغيناني ـــ جزء 5 ـــ ص 30 ، 31ـــ طبعة بولاق بمصرسنة 1316 م :  1318 هـ ـــ 889 م ـــ 1900 م ـــ الفتاوى الهندية ( الفتاوى العالمكيرية ) جمع جماعة من علماء الهند برئاسة الشيخ نظام عام 1070 هـ ـــ طبعة بولاق 1310 هـ ـــ 1892م ـــ جزء 2 ـــ ص 143) كما يعرفه المالكية بأنه كل وطء وقع على غير نكاح صحيح ولا شبهة نكاح ولا ملك يمين (بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد ـــ جزء 2 ـــ ص 362 ـــ المطبعة الجمالية بمصر 1329 هـ ـــ 1911 م .) ، ويعرفه فريق آخر من الفقهاء بما يقرب من ذلك غير أنهم يجعلون منه الإتيان في الدبر ومن هؤلاء الشافعية والحنابلة (الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى الحنبلي ـــ مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر ـــ 1357 هـ ـــ الأحكام السلطانية للماوردي ـــ ص 212ـــ مطبعة الوطن بمصر ـــ 1298هـ) والزنى في حكمه يختلف تبعاً لما إذا كان الجاني محصناً أو غير محصن ،  أما غير المحصن وهو الذي لم يطأ زوجته بنكاح صحيح ،  فقد حصل الاتفاق على أنه يُجلد للزنا مائة جلدة لقوله تعالى " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " ( سورة النور ـــ الآية الثانية )  (المبسوط لشمس الأئمة أبي بكر محمد السرخسي جزء 9 ـــ ص 36 ـــ مطبعة السعادة بمصر 1324 هـ ـــ 1906 م) ، أما  المحصن وهو الذي أصاب زوجته بعقد نكاح صحيح ،  فهي عند الجمهور الإعدام رمياً بالحجارة أو ما يقوم مقامها ،  وإن كانت الشريعة الإسلامية وقد وضعت لهذه الجرائم الحدية عقوبات مغلظة فقد قابلتها بشروط تهدف إلى تضييق نطاقها ،  كما أنها تجعل كل شبهة لمصلحة المتهم في نطاق الحدود والقصاص قائمة مقام الحقيقة بما يُسلم إلى درء العقوبة المقدرة على المتهم بالشبهة استناداً إلى حديث " ادرؤوا الحدود بالشبهات ،  فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة " الذي أخذ به جمهور العلماء في إثبات الشبهة ،  وفضلاً عن ذلك تشددت الشريعة الإسلامية في إثبات الجرائم الحدية فحصرته في وسائل معينة،  ومن ذلك اشتراطها شهادة الأربعة في جريمة الزنا ،  إذا كان الإثبات بالبينة ،  أما إذا كان بالإقرار ( الاعتراف ) فإنه يتعين أن يبقى المقر مصمماً عليه ،  ماضياً فيه إلى تمام الحد وذلك ما ذهب إليه مالك والثوري والشافعي وإسحق وأبو حنيفة وأحمد (المغني جزء 8 ـــ ص 197 ـــ الأحكام السلطانية ص 225 ـــ تحفة الفقهاء للسمرقندي جزء 3 ـــ ص 219) ويُسن التعريض للمقر بالرجوع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لماعز حينما أقر بالزنا " لعلك قبلت أو غمزت " وفي رواية " هل ضاجعتها ؟ " قال : نعم قال : حتى غاب ذلك منك في ذلك  منها ؟  قال : نعم   وعن علي رضي الله عنه في قصة شراحة : استُكرِهتِ ؟ قالت : لا .  قال : فلعل رجلاً أتاك في نومك .   وما ورد في حديث نعيم بن هذال : قال : فلما أصابه حر الحجارة قال : ردوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قومي غروني ،  فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هل تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ،  وعن بريدة قال : كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما وإنما رجمهما عند الرابعة " فإن تراجع المقر عن إقراره وعدل عنه بعد أن اعترف فإن العقوبة الحدية المقررة لا تطبق عليه للشبهة في الإثبات ولكن يجوز تعزيره بعقوبة أو عقوبات أخرى مناسبة ،  لأن الشبهة وإن كانت في مجال الحدود والقصاص تأخذ حكم الحقيقة وتمنع من إقامة العقوبة المقدرة على المتهم إلا أنها لا تؤدي إلى منع العقوبات الأخرى إذ لم تمح وصف الجريمة عن الفعل المرتكب ويظل له وصف الجريمة باعتبار أنه من وصف ما شرع في جنسه الحد ،  أو من قبيل الجرائم التي شرع فيها الحد ، و كان إثبات الحدود والقصاص عند الجمهور لا يثبت إلا بالبينة أو الاعتراف بشروط خاصة فلا يؤخذ فيه بأقوال المجني عليه كشاهد ،  ولا بالشهادة السماعية وإن كان الإمام مالك يجيز في إثبات الحدود أن يكون الشهود سماعيين ينقلون عمن شهدوا الحادث ولا يجيز هذا باقي الأئمة (المدونة جزء 16 ـــ ص 45 ـــ بدائع الصنائع ــــ الجزء 7 ــــ ص 49 ــــ نهاية المحتاج الجزء 8 ـــ ص 307 ـــ الإقناع الجزء 4 ـــ ص 407) ولا باليمين ، ولا بشهادة النساء بخلاف التعزير فيثبت بذلك وغيره (الفتاوى الهندية ـــ الجزء 2 ـــ ص 167 ـــ الموسوعة الفقهية الجزء 12 تشبه ـــ تعليل ـــ ص 255 ـــ طبعة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت ـــ الطبعة الثانية 1408 هـ ـــ 1988 م) بل تثبت جرائم التعازير بشهادة شاهد واحد (التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي ـــ عبد القادر عودة ـــ الجزء الأول ـــ القسم العام ص 83 ، ص 86 ـــ طبعة نادي القضاة بمصر 1984م) وقد اتفق الفقهاء على أن الإقرار والشهادة واليمين والنكول والقسامة ـــ على تفصيل في الكيفية أو الأثر ـــ حجج شرعية يعتمد عليها القاضي في قضائه ويعول عليها في حكمه (بداية المجتهد جزء 2 ـــ ص 501 ـــ حاشية بن عابدين جزء 4 ـــ ص 462 ، ص 653 ـــ نهاية المحتاج جزء 8 ـــ ص 314 ـــ الروض الندي 521 طبعة المكتبة السلفية ـــ الموسوعة الفقهية الصادرة عن وزارة الأوقاف و الشئون الإسلامية بدولة الكويت ـــ الجزء الأول ـــ ص 233 ـــ 234 الطبعة الرابعة 1414 هـ ـــ 1993 م) ومن الفقهاء من لم يحصر الطرق في أنواع معينة بل قال إن كل ما يبين الحق ويظهره يكون دليلاً يقضي به القاضي ويبني عليه حكمه وهذا ما قاله ابن القيم وتبعه في ذلك بعض الفقهاء كإبن فرحون من المالكية وقالوا في تفسير ذلك أن المقصود أن البينة في الشرع اسم لما يبين الحق ويظهره وهي تارة تكون أربعة شهود ،  وتارة ثلاثة بالنص في بينة المفلس ،  وتارة شاهدين ،  وشاهداً واحداً وامرأة واحدة ،  ونكولاً ،  ويميناً ،  أو خمسين يميناً ، أو أربعة أيمان ،  وتكون شاهد الحال في صور كثيرة فقوله صلى الله عليه وسلم " البينة على المدعي أي عليه أن يبين صحة دعواه فإذا ظهر صدقه بأي طريق .. طرق الحكم ومنها القرينة حُكم له (الطرق الحكمية ص 24 ـــ طبعة الآداب والمؤيد ـــ تبصرة الحكام ـــ الجزء 2 ـــ ص 111 بها من فتح العلي المالك ـــ طبعة الحلبي) ومن ذلك أيضاً القضاء بالقرينة القاطعة فلا خلاف بين فقهاء المذاهب في بناء الحكم على القرينة القاطعة واستدلوا على ذلك من الكتاب في قوله تعالى " وجاءوا على قميصه بدم كذب " ( الآية 18 ـــ سورة يوسف ) فقد روى أن إخوة يوسف لما أتو بقميصه إلى أبيهم تأمله فلم ير خرقاً ولا أثر ناب فاستدل به على كذبهم كما استدلوا على ذلك بالسنة وعمل الصحابة فأما السنة فبما وقع في غزوة بدر لإبني عفراء لما تداعيا قتل أبي جهل واستدلال الرسول على قاتله منهما بوجود أثر دمه على سيف أحدهما ،  أما عمل الصحابــــة فمنه حــكم عمر على السـكران إذا قاء الخمـر (البحر الرائق جزء 7 ـــ ص 224 طبعة المطبعة العلمية ـــ تبصرة الحكام جزء 1 ـــ ص 202 ـــ الموسوعة الفقهية ـــ الجزء الأول ـــ ص 244 ـــ 245) وبحجية الخط والختم و القيافة ،  وبقول أهل المعرفة والخبرة فيما يختصون بمعرفته إذا كانوا حذاقاً مهرة فيرجع لأهل الطب ، والمعرفة بالجراح وإلى أهل المعرفة من النساء فيما لا يطلعُ عليه غيرهن كالبكارة. (تبصرة الحكام جزء 2 ـــ ص 74 ـــ طبعة الحلبي ـــ معين الحكام ص 162 ـــ المطبعة الميمنية بمصر ـــ طرق الإثبات الشرعية أحمد بك إبراهيم ـــ طبعة نادي القضاة 2003 ـــ ص  449ـــ الموسوعة الفقهية ـــ الجزء الأول ـــ ص 248) كما إن الإقرار مع العدول يبقى دليلاً ـــ حتى إن كان صادراً في غير مجلس القضاء ويصلحُ لإقامة العقوبة على المتهم ،  ويكون للقاضي أن يعاقبه تأسيساً على هذا الاعتراف بعقوبة تعزيرية إذا اقتنع أن هذا الاعتراف صحيح صادر منه ،  وإن لم يقتنع بذلك أو ثبت لديه أن الإقرار الذي بذله المتهم وعدل عنه كان قد أُنتزع منه عن إكراه فإنه يكون لا أثر له فلا تقام عليه بسببه أية عقوبة ،  وكذلك الحال بالنسبة لأدلة الإثبات الأخرى فإن لم تتوافر الأدلة اللازمة لإثبات الجريمة وإقامة الحد على المتهم ، أو وُجدت ولكنها لم تستجمع الشرائط الواجب توافرها لتكون منتجة في إثبات الجرائم ذات العقوبات المقدرة ،  ووجد القاضي مع ذلك في القضية المعروضة عليه من الأدلة ما يقتنع به ،  ويُكون عقيدته بإدانة المتهم كما لو اطمأن إلى أقوال المجني عليه وحده مثلاً . فإنه يحكم بناءً على هذه الأدلة التي امتنع بها القضاء  بالعقوبة التعزيرية المناسبة (التشريع الجنائي الإسلامي عبد القادر عودة ـــ الجزء الأول ـــ ص 215 ـــ 216) فيوقع ما يسمى بالعقوبات البدلية وهي العقوبات التي تحل محل عقوبة أصلية إذا امتنع تطبيق العقوبة الأصلية لسبب شرعي ومثالها الدية إذا دُرء القصاص والتعزير إذا درء الحد أو القصاص لسبب شرعي (التشريع الجنائي الإسلامي عبد القادر عودة ـــ الجزء الأول ـــ ص 632) .  لما كان ذلك وكان التعزير في اللغة مصدر عزّر من العزْر وهو الرد والمنع ويقال عزّر أخاه بمعنى نصره لأنه منع عدوه من أن يؤذيه ،  ومن ذلك قوله تعالى " وتُعزروه وتُوقروه " ويقال عزرته بمعنى التوقير وأيضاً أدبته ، وقد سُميت العقوبة تعزيراً لأن من شأنها أن تدفع الجاني وترده عن ارتكاب الجرائم أو العودة إلى اقترافها ، ويعرفه الفقهاء بأنه عقوبة غير مقدرة تجب حقاً لله أو لآدمي في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة ، وهو كالحدود في أنه تأديب استصلاح وزجر. (السرخسي جزء 9 ـــ ص 36 ـــ فتح القدير جزء 7 ـــ ص 119 ـــ الأحكام السلطانية للماوردي ـــ ص 224 ـــ الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 263 ـــ نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي المصري المعروف بالشافعي الصغير ـــ طبعة بولاق بمصر سنة 292 هـ) ، والتعزير عند المالكية والشافعية والحنابلة وعند الحنفية ـــ على الأرجح  لديهم ـــ مفوض إلى رأي الحاكم أو ولي الأمر واجتهاده من حيث الجنس والقدر يفرض منه في كل حالة ما يراه كافياً لتحقيق الزجر والتأديب المقصود من التعزير. (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج جزء 7 ـــ ص 174 : 175 ـــ الأحكام السلطانية للماوردي ص 224 ـــ 225 ـــ السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية لابن تيمية الحراني الحنبلي ـــ مطبعة الأخبار بمصر سنة 1306 هـ ص 53 ـــ تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لابن فرحون اليعمري ـــ المطبعة الشرقية بمصر س 1301 هـ ـــ جزء 2 ـــ ص 366 ـــ 367 ـــ حاشية بن عابدين ـــ جزء 3 ـــ ص 183 .) ، ولولي الأمر ـــ ويتسع مفهوم ولي الأمر في النظم الحديثة ليشمل كافة المؤسسات القائمة على سن التشريعات وتقنين الأحكام وإصدارها لتسري مسرى النفاذ ـــ تعيين العقوبة أو العقوبات التعزيرية ـــ عند درء الحد لشبهة ـــ في كل جريمة مقدماً وجعل تطبيقها أو الاختيار فيما بينها وجوبياً على القضاة أو جوازياً لهم على أن يراعي في ذلك توسيع سلطتهم حتى يعطوا لكل حالة تعذيرها المناسب لتحقيق الزجر والردع الواجب،  ومن ثم تكون نصوص قانون العقوبات في هذا الشأن ليست سوى تعازير مقررة ممن يملك حق تقريرها فيكون قانون العقوبات هو الواجب التطبيق في هذه الحالات (التشريع الجنائي الإسلامي ـــ الجزء الأول القسم العام ـــ ص 243) . لما كان ذلك ،  وكان الحبس محدد المدة هو من العقوبات التي يُعزر بها لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سجن بالمدينة أناساً في تهمة دم وأنه حبس رجلاً في تهمة ساعة من نهار ثم أخلى سبيله ،  وأنه ثبت أن عمر بن الخطاب كان له سجن ،  وأنه سجن الحطيئة على هجوه وكذا فعل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ، وقد انعقد الإجماع على أن الحبس يَصلَحُ عقوبة في التعزير ووضعه الفقهاء بين العقوبات التي يقضى فيها بالتعزير ، ومدة الحبس وتقديرها في التعزير راجع إلى ولي الأمر(شرح العناية على الهداية للبابرتي ـــ مطبوعة على هامش شرح فتح القدير ـــ جزء 5  ص 201ـــ الفتاوى الهندية ـــ جزء 2 ـــ ص 188 ـــ تبصرة الحكام لابن فرحون على هامش فتح العلي للمسالك ـــ جزء 2 ـــ ص 373 ـــ الأحكام السلطانية للماوردي ـــ ص 224 ـــ تبيين الحقائق للزيلعي شرح على كنز الدقائق للنسفي ـــ مطبعة بولاق بمصر سنة 1313 ـــ 1315 هـ ـــ جزء 2 ـــ ص 207 ـــ درر الحكام في شرح غَررْ الأحكام للملاخسرو ـــ المطبعة الوهبية بمصر سنة 1294 هـ ـــ جزء 2 ـــ ص 74 ـــ كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي الحنبلي شرح على الإقناع لطالب الانتفاع لأبي النجا الحجاوي ـــ المطبعة الشرقية سنة 1319 ـــ 1320 هـ جزء 4 ــــ ص 74 ــــ المغني لابن قدامة الحنبلي " موفق الدين " ــــ مطبعة المنار بمصر سنة 1348 هـ ــــ جزء 10 ــــ ص 348 ــــ الشرح الكبير لابن قدامة الحنبلي " شمس الدين " ـــ مطبعة المنار سنة 1348 هـ ـــ جزء 10 ـــ    ص 361 ـــ السياسة الشرعية لابن تيمية الحراني الحنبلي ـــ مطبعة الأخبار بالقاهرة سنة 1306 هـ ـــ ص 54). لما كان كل ذلك ،  وكان القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 بإصدار قانون العقوبات ،  والقانون الاتحادي رقم 25 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية قد نصا على التوالي في المادة الأولى من كل منهما على أنه " تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية وتُحدد الجرائم والعقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى " وعلى أنه " تطبق أحكام هذا القانون في شأن الإجراءات المتعلقة بالجرائم التعزيرية ،  كما تطبق في شأن الإجراءات المتعلقة بجرائم الحدود والقصاص والدية فيما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية " كما عقد الاختصاص بنظر جرائم الحدود ـــ فيما خلا حدي الشرب والقذف ـــ لمحاكم الجنايات وفق ما أوجبته المادتين 28 من قانون العقوبات و 192 من قانون الإجراءات الجزائية إذ نصت أولاهما على أن " الجناية هي الجريمة المعاقب عليها بإحدى العقوبات الآتية 1- أية عقوبة من عقوبات الحدود أو القصاص فيما عدا 1- حدي الشرب والقذف 2- الإعدام 3- السجن المؤبد 4- السجن المؤقت " وما نصت عليه الأخرى من أنه " تشكل بكل محكمة ابتدائية دائرة أو أكثر للجنايات تؤلف من ثلاثة من قضاتها " ،  وكان نص المادة 27 من قانون العقوبات قد جرى على أنه " لا يتغير نوع الجريمة إذا استبدلت المحكمة بالعقوبة المقررة لها عقوبة من نوع أخف سواء أكان ذلك لأعذار قانونية أم لظروف تقديرية مخففة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك " فإن ذلك ينبئ بأن محكمة الجنايات متى اختصت بنظر جناية من جنايات الحدود الشرعية فإن اختصاصها هذا يظل سارياً حتى لو انتهت إلى توقيع عقوبة ليست من عقوبات الجنايات المنصوص عليها بالمادة 28 من قانون العقوبات لدرء الحد بشبهة.  لما كان ذلك ، وكانت المادة 66 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون الاتحادي رقم 52 لسنة 2006 قد نصت على أن " العقوبات الأصلية هي : ( أ ) عقوبات الحدود والقصاص والدية  ( ب ) عقوبات تعزيرية وهي  1- الإعدام  2- السجن المؤبد 3- السجن المؤقت  4- الحبس  5- الحجز   6- الغرامة .   ويجب على المحكمة أن تقضي بالعقوبات التعزيرية المنصوص عليها في هذا القانون إذا لم تتوافر الشروط الشرعية للحكم بعقوبات الحدود والقصاص والدية " فقد دل ذلك على أن المشرع قد أورد العقوبات التعزيرية بالمادة 66 من قانون العقوبات على سبيل الحصر كما أوجب تطبيق إحداها ـــ دون غيرها ـــ كلما دُرئ الحد في جرائم الحدود لعدم توافر الشروط الشرعية للحكم بعقوبته ـــ أي الحد ـــ بما مقتضاه عدم جواز توقيع عقوبة تعزيرية أخرى ـــ كالجلد أو التغريب ( النفي ) مثلاً ـــ وآية ذلك صريح ما أورده المشرع بالفقرة الثانية من المادة 66 من قانون العقوبات بعد تعديلها ، وما أدخله المشرع عليها من تعديل في فقرتها الأولى بحذف عقوبة الجلد التي كانت ضمن العقوبات التي عددتها قبل تعديلها .   لما كان كل ما تقدم ،  وكان الثابت من مطالعة الأوراق أن النيابة العامة وقد توافر لواقعة الدعوى شرائط قيام حد الزنى ، بإقرار المتهمة بارتكاب فاحشة الزنى مع الطاعن ،  فأحالتهما إلى محكمة الجنايات بهذا الوصف طالبة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء عليهما ،  وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلص ـــ صائباً ـــ إلى ثبوت تهمة الزنا في حقهما ـــ استناداً إلى أدلة عدة ـــ على خلاف ما يدعي الطاعن ـــ إذ عول في ذلك على اعتراف المتهمة بالزنا بالإضافة إلى إقرار المتهم الثاني ـــ الطاعن ـــ باصطحابه لها في ذات ليلة الواقعة 9/4/2007م إلى غرفة بشاليه النخيل واختلائه بها فيها وتبادله القبلات معها ،  وأيضاً ما أثبته التقرير الطبي الموقع على المتهمة من أنها تعرضت لممارسة جنسية حديثة خلال 24 ساعة ـــ بما يتوافق مع تاريخ الواقعة ـــ ،  بيد أنها انتهت إلى درء تطبيق حد الزنا عليهما لإنكارهما وتحقق الشبهة في الإثبات قبلهما ،  وقضت بتعزيرهما بجلد كل منهما خمسين جلدة ،  وكانت النيابة العامة قد استأنفت هذا القضاء ،  فقضت محكمة استئناف الجنايات ـــ صائبة ـــ بإلغاء الحكم المستأنف وبتعزير المتهمين بحبس كل منهما ثلاثة أشهر عن تهمة الزنا ـ على خلاف ما يدعي الطاعن من أن إدانتهما كانت عن تهمة هتك العرض برضا المجني عليها ــــ التي سقطت فيها العقوبة الحدية لإنكارهما ، وذلك استناداً إلى خلو العقوبات التعزيرية المنصوص عليها في التشريعات العقابية الصادرة من ولي الأمر من عقوبة الجلد ، فإن ما أورده الطاعن بأسباب طعنه في خصوص تعديل المحكمة لوصف التهمة أو مواد قيدها ،  أو اختصاصها بنظر الواقعة ، يكون على غير أساس ويكون منعاه في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ،  وكان الطاعن لم يطلب من المحكمة تحليل عينة من سائله المنوي ،  ولم تر هي لزوماً لإجرائه فيكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير  محله . لما كان ذلك ،  وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بإنكار الاتهام مردوداً بأن نفي التهمة هو من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً صريحاً طالما كان الرد عليها مستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن القضاء بالإدانة .   ولما كان كل ذلك ،  فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهــــذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن الرسوم القضائية .


الطعن 13 لسنة 2 ق (2007) بيع مكالمات هاتفية

باسم صاحب السمو الشيخ / صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة وملحقاتها

محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــة

الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة

برئاسة السيد القاضي / يحيـــــى جــــــلال فضـــــل    رئيـــــس المحكمــــة
وعضويـــــة القاضييـن  /
محمـــــد نـــاجــــي دربالـــــة و محمــد عبـد الرحمــن الجـــراح
وحضـــــور السيـــــــــد
  /  أحمـــــــــد صـــــالـــــــــح   رئيـــــس النيابـــــة
والسيــــــــــــــــــــــــــــد
  /  سعـــــد محمـــــــد توكــــل   أميـــــن الســـــــر
فــي الجلســة العلنيــة المنعقــدة بمقـر المحكمــة بــدار القضــاء بإمـارة رأس الخيمــة
في يوم الأحد 4 مـن رمضان سنة 1428هـ الموافق 16 من سبتمبر سنة 2007 م
فــي الطعــن المقيـد فــي جــدول المحكمــة بـرقـم 13 لسنـــة 2 ق  (2007 م)  جـزائي
المرفــــوع مـــن
الطاعن /  .........................
ضـــــــــــــد
المطعون ضدها /  النيابـــــــــة العامــــــــــة
الـــوقـــائــــــــع
  اتهمت النيابة العامة  ..........
أنه في فترة سابقة على شهر مارس  سنة    2007 بدائرة رأس الخيمة
ــــ باشر نشاطاً من الأنشطة المنظمة بقانون الاتصالات وهي بيع المكالمات الهاتفية دون أن يكون مرخصاً له بذلك .
ـــ وطلبت معاقبته بمقتضى أحكام المادة  71 / 1  من القانون الصادر بالمرسوم الاتحادي رقم  3  لسنة  2003  في شأن تنظيم قطاع الاتصالات .
ـــ وبجلسة 2 من ابريل سنة 2007 م قضت المحكمة حضورياً بإدانة المتهم بالتهمة المسندة إليه ،  وبتغريمه خمسين ألف درهم ،  والمصادرة .
ــ استأنف المحكوم عليه ، ومحكمة استئناف جنح رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 14 من مايو سنة 2007 م  بقبول الاستئناف شكلاً ،  وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
ـــ طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 12 / 6 / 2007 م .
المحكــــــــمة
     من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
     ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقديم خدمات اتصالات لعملاء بغير ترخيص أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه على الرغم من أن واقعة الدعوى على حقيقتها تشكل جريمة اختلاس واستغلال الخدمة الهاتفية الحكومية بغير وجه حق والمؤثمة بالمادة  391  من قانون العقوبات فإن المحكمة قعدت عن تكييف الواقعة التكييف القانوني الصحيح وركنت في إدانة الطاعن إلى الوصف الخاطئ الذي أسبغته النيابة العامة بأمر الإحالة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
  ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه بناء على إبلاغ مؤسسة الإمارات للاتصالات بمباشرة حانوت " ......... " تقديم خدمات الاتصالات الهاتفية الدولية للعملاء بغير ترخيص تم ضبط الطاعن وخَلُصَ إلى إدانته استناداً إلى اعترافه بالواقعة بمحضر الضبط وأمام محكمة أول درجة وأعمل في حقه نص المادة  71  من المرسوم الاتحادي بالقانون رقم  3  لسنة  2003 بشأن تنظيم قطاع الاتصالات الواردة بأمر الإحالة .   لما كان ذلك ،  وكان من حق محكمة الموضوع ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تُسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى ،  إلا أن ذلك الحق يبقى رهن أن ترى محكمة الموضوع ـــ تحت رقابة محكمة التمييز ـــ استعماله ،  فإن انتهت من جانبها إلى صحة الوصف القانوني الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة وعدم الحاجة إلى تعديله ،  فحسبها كيما يصح حكمها أن تمحص الدعوى وتقضي فيها ملتزمة في قضائها الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والعقوبة المقررة لذلك الوصف في نصوص القانون المنطبق .   لما كان ذلك ،  وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى ـــ وبحق ـــ إلى صحة الوصف القانوني للاتهام المسند للطاعن وثبوت ارتكابه الواقعة المؤثمة بمباشرته تقديم خدمات الاتصالات للعملاء بغير ترخيص من الجهة المختصة ودون أن يكون معفياً من الحصول عليه ،  وأوقع عليه العقوبة المقررة لتلك الجريمة وفق أحكام المادتين  71 ، 76  من المرسوم بقانون رقم  3  لسنة  2003  في شأن تنظيم قطاع الاتصالات ،  فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس ،  ومن ثم يتعين القضاء برفض الطعن موضوعاً .
فلهــــذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن بالرسوم القضائية وأمرت بمصادرة التأمين.