الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 يونيو 2015

الطعن 19031 لسنة 65 ق جلسة 4 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 150 ص 1009

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى ونير عثمان ورجب فراج نواب رئيس المحكمة.

----------------

(150)
الطعن رقم 19031 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة" تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة وجوب بيانه نص القانون الذي حكم بمقتضاه. المادة 310 إجراءات عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم إيراد الحكم مادة القانون التي أخذ المتهم بها كفايته بياناً لنص القانون الذي حكم بمقتضاه.
مثال.
(2) سرقة "سرقة بالإكراه". إكراه". ارتباط. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الإكراه في السرقة. متى يتحقق؟
تحقق الإكراه في السرقة ولو وقع فعل الإكراه بعد حصولها. متى كان القصد منه الفرار بالمسروقات. إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل"
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام محكمة الموضوع بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم. عدم إيراد الحكم لهذا الدفاع. مفاده؟
(6) ضرر. سرقة "سرقة بالإكراه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استلام المجني عليه للمبلغ المسروق. لا ينفي وقوع الضرر في جريمة السرقة. المنازعة في ذلك. غير مقبولة.

----------------
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه، إلا أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن، حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت ثم أشار إلى النص الذي أخذه به بقوله - "الأمر المعاقب عليه بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات ومن ثم يتعين إدانته عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. "فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون.
2 - إن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة ولا يشترط لتحقق الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 314 من قانون العقوبات أن يكون الاعتداء سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس بل يتحقق ولو كان قد تلاه مباشرة متى كان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس وإثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه.
3 - إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. فإن ما يثيره الطاعن شأن القوة التدليلية لأقوال الشاهدين.... و.... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - إن الأصل أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وإذ كان الحكم لم يعول في إدانة الطاعن على رفع البصمات من مكان السرقة فإنه - وعلى فرض أن الحكم قد أورد أن البصمات لم ترفع من مكان الحادث على خلاف الثابت بالأوراق فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
5 - لما كان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة. ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إعراضه عن إيراد دفاع الطاعن القائم على أن البلاغ الأول وأقوال ابن المجني عليه لم يتضمنا اتهاماً له، وكذا ما أثاره من أن معاينة الشرطة أثبتت أن جميع محتويات الغرفة محل السرقة كانت مبعثرة في حين قرار ابن المجني عليه أن السرقة انصبت على الصوان فقط، مما يكون معه هذا الوجه من النعي غير سديد.
6 - لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية أسس دعواه المدنية على المطالبة بتعويض الضرر الفعل الناتج عن خطأ الطاعن الناشئ عن الجريمة التي دين بها فإن منازعة الطاعن في شأن انتفاء الضرر الذي قضى به الحكم المطعون فيه استناداً إلى أن المجني عليه قد تسلم النقود التي ضبطت مع الطاعن لا يكون لها محل طالما أن هذه المنازعة لا تدل بذاتها على انتفاء الضرر المترتب على جريمة السرقة بالإكراه ويكون بذلك قد توافرت للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق المبلغ النقدي المبين القدر بالتحقيقات المملوك لـ.... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على..... بأن اقتحم عليه مسكنه وكمم فاه وهدده بالقتل فشل بذلك مقاومته وتمكن بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على النقود الموجودة بالمسكن وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً..... عملاً بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وإلزامه أن يؤدي إلى المدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعنت.... المحامية نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بإكراه قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد، ذلك بأنه لم يورد النص العقابي الذي أدان الطاعن بمقتضاه، وأغفل بيان الارتباط بين الاعتداء وفعل السرقة، وعول في الإدانة على أقوال.... و.... رغم أن أقوالهما لا تثبت ارتكاب الطاعن للجريمة، كما أورد أن المدافع عن الطاعن ذكر أنه لم ترفع بصمات من مكان الحادث على خلاف دفاعه بأنه تم رفع البصمات، ولم يعن بالرد على دفاع الطاعن بأن معاينة الشرطة أثبتت أن جميع محتويات الغرفة محل السرقة مبعثرة في حين قرر ابن المجني عليه أن السرقة انصبت على الصوان فقط وأن البلاغ الأول وأقوال المذكور لم يتضمنا اتهاماً للطاعن، فضلاً عن أن الحكم ألزم الطاعن بالتعويض رغم أن المجني عليه تسلم النقود التي ضبطت، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما جاء بمعاينة الشرطة وهي أدلة سائغة لها موردها من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه، إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن، حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت ثم أشار إلى النص الذي أخذه به بقوله - "الأمر المعاقب عليه بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات ومن ثم يتعين إدانته عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة وكان لا يشترط لتحقق الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 314 من قانون العقوبات أن يكون الاعتداء سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس بل يتحقق ولو كان قد تلاه مباشرة متى كان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس وإذ كان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به كافة أركان جناية السرقة بالإكراه كما هي معرفة به في القانون وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه - كما هو الشأن في الطعن الماثل - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها فإن ما يثيره الطاعن شأن القوة التدليلية لأقوال الشاهدين.... و.... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وإذ كان الحكم لم يعول في إدانة الطاعن على رفع البصمات من مكان السرقة فإنه - وعلى فرض أن الحكم قد أورد أن البصمات لم ترفع من مكان الحادث على خلاف الثابت بالأوراق - يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة. ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إعراضه عن إيراد دفاع الطاعن القائم على أن البلاغ الأول وأقوال ابن المجني عليه لم يتضمنا اتهاماً له، وكذا ما أثاره من أن معاينة الشرطة أثبتت أن جميع محتويات الغرفة محل السرقة كانت مبعثرة في حين قرار ابن المجني عليه أن السرقة انصبت على الصوان فقط، مما يكون معه هذا الوجه من النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية أسس دعواه المدنية على المطالبة بتعويض الضرر الفعلي الناتج عن خطأ الطاعن الناشئ عن الجريمة التي دين بها. فإن منازعة الطاعن في شأن انتفاء الضرر الذي قضى به الحكم المطعون فيه استناداً إلى أن المجني عليه قد تسلم النقود التي ضبطت مع الطاعن لا يكون لها محل طالما أن هذه المنازعة لا تدل بذاتها على انتفاء الضرر المترتب على جريمة السرقة بالإكراه ويكون بذلك قد توافرت للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13560 لسنة 65 ق جلسة 5 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 151 ص 1016

جلسة 5 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة وممدوح يوسف.

----------------

(151)
الطعن رقم 13560 لسنة 65 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب" "ميعاد".
مصادفة اليوم الأخير من ميعاد الطعن بالنقض عطلة رسمية. أثره: امتداده إلى التالي لنهاية العطلة.
(2) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
إيداع الأسباب دون التقرير بالطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً أساس ذلك؟
(3) ارتباط. عقوبة "عقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
إعمال المادة 32 عقوبات ومعاقبة الطاعن بالعقوبة الأشد. أثره: عدم جدوى نعي الطاعن قصور الحكم في التدليل على الجريمة الأخف وعدم ذكر النص المعاقب عليها.
(4) عزل. عقوبة "تطبيقها".
العزل عقوبة تبعية وجوبية لعقوبة الجناية. المادة 25 عقوبات.
(5) تزوير. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
نعي الطاعن عدم اطلاعه على الأوراق المزورة. لا يقبل. ما دام لم يدع أنها كانت بحرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى. علة ذلك؟

---------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1994، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 9 من ديسمبر سنة 1994 بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 10 من ديسمبر سنة 1994، وإذ أودعت مذكرة أسباب الطعن.... في ذلك اليوم فإنها تكون قد أودعت في الميعاد المقرر قانوناً.
2 - لما كان المحكوم عليهم من الثانية إلى السابع وإن قدموا أسباباً في الميعاد إلا أنهم لم يقرروا بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً للمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ولما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر. ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن المقدم من هؤلاء الطاعنين شكلاً.
3 - إن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم من إغفاله التحدث عن جريمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها وقصوره في التدليل عليها وعدم ذكره النص القانوني الذي يعاقب عليها لا يجديه نفعاً ما دامت المحكمة قد طبقت حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة التزوير التي أثبتها الحكم في حقه.
4 - لا صحة لما يقول به الطاعن إن عقوبة العزل التي أوقعها الحكم هي أثر لإدانته بجريمة التسبب خطأ في الإضرار بأموال جهة عمله لأن عقوبة العزل في خصوص هذه الدعوى هي عقوبة تبعية وجوبية للحكم عليه بعقوبة جناية التزوير في محرر رسمي طبقاً للمادة 25 من قانون العقوبات.
5 - لما كان الطاعن لا يدعي أن الأوراق المزورة كانت في حرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة فلا يقبل منه الادعاء بعدم اطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين: أولاً: - المتهم الأول: - ( أ ) بصفته موظفاً عمومياً أمين سر جلسة الجنح والمخالفات بنيابة..... ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في القضايا....، .....، .....، ..... لسنة 1989، ..... لسنة 1992 بأن اصطنع على غير الحقيقة أحكاماً تمهيدية نسب صدورها إلى القاضي تفيد إحالة تلك القضايا إلى مكتب الخبراء بوزارة العدل رغم صدور أحكاماً فيها بإدانة المتهمين وبأن أثبت على خلاف الحقيقة أيضاً في جدول قيد قضايا الجنح ويومية الجلسة حكمين في الجنحتين رقمي....، .....، جنح..... ببراءة المتهمين رغم عدم الفصل فيهما مع علمه بذلك. (ب) بصفته سالفة البيان تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بمصالح الجهة التي يعمل بها، وكان ذلك ناشئاً عن إهماله في أداء وظيفته بأن تسبب في فقدان أوراق القضايا أرقام.... لسنة 1986، ....، ..... لسنة 1987، ..... لسنة 1990 .....، ..... لسنة 1991، ..... لسنة 1992 وذلك على نحو المبين بالتحقيقات: ثانياً: - المتهمون من الثاني إلى السابع: اشتركوا بطريق الاتفاق والتحريض مع المتهم الأول في تزوير الأحكام موضوع التهمة الأولى بأن قاموا بتحريضه والاتفاق معه على ارتكابها ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض. وأحالتهم إلى محكمة جنايات بني سويف لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 1 - 2، 41/ 1، 212، 213 عقوبات مع تطبيق المادتين 17، 32 عقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته. ثانياً: بمعاقبة باقي المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذها. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1994، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 9 من ديسمبر سنة 1994 بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 10 من ديسمبر سنة 1994، وإذ أودعت مذكرة أسباب الطعن الماثل في ذلك اليوم فإنها تكون قد أودعت في الميعاد المقرر قانوناً.
وحيث إن المحكوم عليهم من الثانية إلى السابع وإن قدموا أسباباً في الميعاد إلا أنهم لم يقرروا بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً للمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالفة الذكر، ولما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن المقدم من هؤلاء الطاعنين شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التزوير في محرر رسمي والتسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها قد شابه القصور في التسبيب والبطلان والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم في بيانه لواقعة الدعوى لم يذكر شيئاً عن الجريمة الثانية ولم يورد الأدلة على ثبوتها في حقه والنص القانوني الذي يعاقب عليها خاصة وإن الحكم قد أنزل به عقوبة العزل كأثر مترتب على ثبوت هذه الجريمة فضلاً عن أن المحكمة لم تطلع على الأوراق المزورة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير في محرر رسمي التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يمارى الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً في الأوراق، وكان ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم من إغفاله التحدث عن جريمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها وقصوره في التدليل عليها وعدم ذكره النص القانوني الذي يعاقب عليها لا يجديه نفعاً ما دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة التزوير التي أثبتها الحكم في حقه. ولا صحة لما يقول به الطاعن أن عقوبة العزل التي أوقعها الحكم هي أثر لإدانته بجريمة التسبب خطأ في الإضرار بأموال جهة عمله لأن عقوبة العزل في خصوص هذه الدعوى هي عقوبة تبعية وجوبية للحكم عليه بعقوبة جناية طبقاً للمادة 25 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يدعي أن الأوراق المزورة كانت في حرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة. فلا يقبل منه الادعاء بعدم اطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13610 لسنة 65 ق جلسة 5 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 152 ص 1022

جلسة 5 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(152)
الطعن رقم 13610 لسنة 65 القضائية

(1) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
وجوب تحقيق المحكمة الدليل الذي رأت لزومه للفصل في الدعوى. أو تضمين حكمها أسباب عدولها عن هذا التحقيق. قعودها عن تحقيق دفاع قدرت جديته ثم سكتت عنه إيراداً ورداً. يعيب حكمها.
مثال: لتسبيب معيب لحكم لم يشر كلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى مما ينبئ عن عدم مواجهة المحكمة لعناصر الدعوى.
(2) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها".
مناط العقاب. بمقتضى المادة 112 من قانون العقوبات؟
(3) اختلاس أموال أميرية. إثبات "بوجه عام" جريمة. حكم "تسبيبه: تسبيب معيب".
مجرد وجود عجز في حساب الموظف العام. عدم اعتباره بذاته دليلاً على حصول الاختلاس. علة ذلك؟
الأحكام الجنائية. وجوب أن تبنى على الجزم واليقين.
(4) اختلاس أموال أميرية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
دفاع الطاعن بأن العجز في حسابه يرجع إلى عدم انتظام العمل وقيام آخرين بالتحصيل معه وعدم خصم المبالغ المنصرفة على صيانة الأجهزة. جوهري. وجوب أن يمحصه الحكم ويقسطه حقه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(5) اختلاس أموال أميرية.
تحدث الحكم عن نية الاختلاس استقلالاً. غير لازم. شرطه؟

----------------
1 - لما كان البين من الاطلاع على الأوراق أن محكمة الموضوع - تحقيقاً لدفاع الطاعن - واستجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على أوراقها ومستنداتها لبيان المبلغ موضوع العجز والمسئول عنه وسبب هذا العجز وتاريخه، وقبل أن يقدم مكتب الخبراء تقريره - على ما يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة - عادت المحكمة وفصلت في موضوع الدعوى دون أن تشير إلى تقرير الخبير الذي أودع ملف الدعوى - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - فلم يورد فحواه ولم يعرض لما انتهى إليه من نتائج، فإن ذلك مما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنها فطنت ووازنت بينها. ولا يحمل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي أقام عليها قضاءه، ذلك بأنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق، أما وهي لم تفعل ولم تعن بتحقيق دفاع الطاعن - بعد أن قدرت جديته - ولم تقسطه حقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، وهو دفاع يعد في خصوص هذه الدعوى جوهرياً ومؤثراً في مصيرها ولم تكشف عنه إيراداً له ورداً عليه فإن ذلك يعيب حكمها ويوجب نقضه.
2 - إن القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته - باعتباره حائز له - إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له، هو معنى مركب من فعل مادي - هو التصرف في المال - ومن عامل معنوي هو نية إضاعة المال على ربه.
3 - إن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، وأن الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس لمجرد ثبوت عجز في حسابه دون أن يستظهر أن نيته انصرفت إلى إضافة المال المختلس إلى ذمته مع أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن العجز في حسابه إنما يرجع إلى عدم انتظام العمل وقيام آخرين بالتحصيل معه وعدم خصم المبالغ المنصرفة على صيانة الأجهزة وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع - في خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بأحد أركان الجريمة التي دين الطاعن بها - مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه - فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
5 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن نية الاختلاس إلا أن شرط ذلك أن تكون الواقعة الجنائية التي أثبتها الحكم تفيد بذاتها أن المتهم قصد بفعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه بصفته موظفاً عاماً مندوب تحصيل بوحدة الأشعة المقطعية بمستشفيات جامعة..... اختلس المبالغ النقدية البالغ قدرها 140618.010 فقط مائة وأربعون ألف وستمائة عشر جنيهاً وعشرة مليمات والمملوكة للجهة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من مندوبي التحصيل وسلمت إليه بهذه الصفة وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2/ أ، 118، 118 مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 140618.010 وإلزامه برد المبلغ المختلس وقدره 140618.010 وبعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة في سبيل تحقيق دفاع الطاعن - كانت قد ندبت مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بأسباب حكمها إلا أن المحكمة فصلت في الدعوى قبل أن يقدم الخبير تقريره ودون أن تشير إلى التقرير الذي أودع ملف الدعوى هذا فضلاً عن أنه تمسك في مرافعته بأن العجز في عهدته مرجعه إلى عدم انتظام العمل واشتراك آخرين معه في التحصيل ورغم جوهرية هذا الدفاع الذي ساقه، فإن المحكمة لم تعن بإيراده أو الرد عليه مكتفية في إدانته بمجرد ثبوت العجز في حسابه دون أن تستظهر انصراف نيته إلى إضافة المال المختلس إلى ذمته مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن محكمة الموضوع - تحقيقاً لدفاع الطاعن - واستجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على أوراقها ومستنداتها لبيان المبلغ موضوع العجز والمسئول عنه وسبب هذا العجز وتاريخه، وقبل أن يقدم مكتب الخبراء تقريره - على ما يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة - عادت المحكمة وفصلت في موضوع الدعوى دون أن تشير إلى تقرير الخبير الذي أودع ملف الدعوى - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - فلم يورد فحواه ولم يعرض لما انتهى إليه من نتائج فإن ذلك مما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنها فطنت لها ووازنت بينها. ولا يحمل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي أقام عليها قضاءه، ذلك بأنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق، أما وهي لم تفعل ولم تعن بتحقيق دفاع الطاعن - بعد أن قدرت جديته - ولم تقسطه حقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، وهو دفاع يعد في خصوص هذه الدعوى جوهرياً ومؤثراً في مصيرها ولم تكشف عنه إيراداً له ورداً عليه فإن ذلك يعيب حكمها ويوجب نقضه، هذا فضلاً عن أنه لما كان القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته - باعتباره حائزاً له - إلى التصرف فيه على اعتباره أنه مملوك له، وهو معنى مركب من فعل مادي - هو التصرف في المال - ومن عامل معنوي هو نية إضاعة المال على ربه، وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس لمجرد ثبوت عجز في حسابه دون أن يستظهر أن نيته انصرفت إلى إضافة المال المختلس إلى ذمته مع أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن العجز في حسابه إنما يرجع إلى عدم انتظام العمل وقيام آخرين بالتحصيل معه وعدم خصم المبالغ المنصرفة على صيانة الأجهزة وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع - خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بأحد أركان الجريمة التي دين الطاعن بها - مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه - فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ولا ينال من ذلك، ما هو مقرر من أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن نية الاختلاس لأن شرط ذلك أن تكون الواقعة الجنائية التي أثبتها الحكم تفيد بذاتها أن المتهم قصد بفعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه الأمر الذي خلت منه مدونات الحكم - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 16414 لسنة 65 ق جلسة 5 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 153 ص 1028

جلسة 5 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الاكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عشيش وأحمد جمال الدين وبدر الدين السيد وحسن أبو المعالي نواب رئيس المحكمة.

--------------

(153)
الطعن رقم 16414 لسنة 65 القضائية

(1) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق المحكمة في الإعراض عن سماع ما يبديه المتهم من دفاع إذا كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى بشرط بيان العلة.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقدير ظروف الإدلاء بها. موضوعي. خصومة شهود الإثبات للمتهم لا تمنع من الأخذ بأقوالهم. متى اقتنعت المحكمة بصدقها.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(4) اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
صفة مأمور التحصيل في جناية الاختلاس. مناط تحققها؟
منازعة الطاعن في صفته كمندوب تحصيل. غير مجد. ما دام قد أثبت الحكم صدور قرار من الجهة الإدارية بإسناد عملية التحصيل إليه.
(5) اختلاس أموال أميرية. إثبات "خبرة". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي ببطلان تقرير لجنة الجرد. غير مجد. ما دام أن الحكم لم يتساند إليه في الإدانة.
(6) إجراءات المحاكمة. تحقيق. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. استجواب.
وجوب دعوة محام مع المتهم بجناية لحضور الاستجواب أو المواجهة. مادة 124 إجراءات. النعي ببطلان تحقيقات النيابة لعدم حضور محام مع المتهم. غير مقبول. ما دام أن الحكم قد أثبت حضوره التحقيق ثم مغادرته إياه ولم ينازع الطاعن أنه أعلن اسمه بالطريق الذي رسمه القانون.
(7) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجوب أن يكون وجه الطعن واضحاً ومحدداً.

----------------
1 - من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقها إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة.
2 - لما كان ما يثيره الطاعن بوجه النعي من أن النيابة العامة قد قعدت عن ضم الدفتر "6 مياه" مردوداً بأن الطاعن وإن أثار هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع إلا أنه لم يطلب منها تدارك هذا النقص، ومن ثم فلا يحل له أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
3 - إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، كما أن خصومة شهود الإثبات للمتهم - بفرض ثبوتها - لا تمنع من الأخذ بشهادتهم متى اقتنعت المحكمة بصدقها، فإن ما يثيره الطاعن من وجود خصومة سابقة مع شهود الواقعة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة النقض ولا تجوز مجادلتها فيه.
4 - إن صفة مأمور التحصيل إنما تتحقق متى كان تسليم المال للموظف بمقتضى الوظيفة لتوريده لحساب الحكومة سواء كان تكليفه بهذا التحصيل بمقتضى قانون أو قرار أو لائحة أو مرسوم أو تعيين أو تكليف كتابي أو شفوي، بل يكفي عند توزيع الأعمال في المصلحة الحكومية أن يقوم الموظف بعملية التحصيل وفي قيامه بذلك وتسلمه دفاتر التحصيل ما يكسبه هذه الصفة ما دام أنه لم يدع بأنه أقحم نفسه على العمل وأنه قام به متطفلاً أو متفضلاً أو فضولياً سواء بتعاون من رؤسائه أو زملائه أو بإعفاء منهم - ولما كان تسليم المبالغ المختلسة على الصورة التي أوردها الحكم واستظهرها من أدلة الدعوى - وبما لا ينازع الطاعن في صحة ما نقله الحكم عن هذه الأدلة وهو ما يتلازم معه أن يكون الطاعن أميناً عليها ما دام أنه قد اؤتمن بسبب وظيفته على حفظها فإذا اختلسها عد مختلساً لأموال عامة، ومن ثم فإن منازعة الطاعن حول حقيقة صفته كمندوب تحصيل في الجهة التي جرت فيها واقعة الاختلاس لا يجديه ما دام الحكم قد أثبت في حقه - أخذاً بأدلة الثبوت التي أوردها وعول عليها في قضائه - أنه بإسناد عملية تحصيل قيمة استهلاك المياه من المشتركين بالمجلس إليه خلال الفترة من 1/ 3/ 1989 إلى 19/ 3/ 1992 وبما لا يمارى الطاعن في صحة ما نقله الحكم - مما يوفر في حقه صفته كمندوب تحصيل، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى تقرير لجنة الجرد وإنما عول على أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من تقريري مكتب خبراء وزارة العدل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن ببطلان تحقيق النيابة العامة في قوله "وفيما يتعلق ببطلان تحقيق النيابة العامة فمردود بأن البين منها تواجد محامي المتهم معه عند بدء التحقيق وأنه هو الذي طلب من النيابة العامة الإذن له بمغادرة الغرفة لأمر هام فأذنت له "لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مفاد نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع استن ضمانة لكل متهم بجناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة - وكان الطاعن لا يمارى في أن ما أورده الحكم من أن محاميه حضر معه بداية التحقيق واستأذن النيابة العامة في مغادرة غرفة التحقيق له أصله الثابت بالأوراق، وفضلاً عن ذلك فإن الطاعن لا يزعم أن اسم محاميه قد أعلن بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالف الذكر - سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن - وهو مناط الاستفادة من حكمها - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
7 - من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع التي أوردها بمذكرته والتي استبعدتها المحكمة ولم تحصل دفاعه فيها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً "مندوب تحصيل .... بمجلس مدينة... اختلس مبلغ خمسة عشر ألفاً وثمانمائة وثلاثة وسبعين جنيهاً والمملوك للجهة سالفة الذكر والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من مندوبي التحصيل وسلم إليه المال بهذه الصفة وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتين أخرتين هما أنه في الزمان والمكان سالفي البيان. أولاً: - بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي قسائم توريد المبالغ المحصلة من مستهلكي المياه بـ.... بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأنه أثبت بها مبالغ تقل عن تلك التي حصلها. ثانياً: - استعمل تلك المحررات بأن قدمها إلى قسم الحسابات بمجلس مدينة.... مع علمه بتزويرها. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالعريش لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2/ أ - ب، 118، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ، 211، 214 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبعزله من الوظيفة وبتغريمه مبلغ خمسة عشر ألف وثمانمائة وثلاثة وسبعين جنيهاً وبإلزامه برد مثل هذا المبلغ.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في.... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اختلاس أموال أميرية والتي ارتبطت بجريمتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن دفاعه قام فيما قام عليه على قعود النيابة العامة عن ضم دفتر "6 مياه" لإثبات عدم تحريره بياناته إلا أن النيابة العامة قدمت الدعوى إلى المحاكمة دون ضم ذلك الدفتر، كما أن المحكمة لم تجبه إلى ذلك الطلب رغم جوهريته كما أن المدافع عنه دفع بتلفيق الاتهام وعدم تحريره الإيصال رقم 15 بخط يده وكذا الإيصال رقم 6 لغيابه عن العمل في يوم تحريره بسبب أدائه امتحان ليسانس الحقوق في ذلك اليوم، وأنه توجد خصومة بينه وبين شهود الواقعة، ودلل على ذلك بتقديم مستندات تؤيد دفاعه، وبالرغم من ذلك عول الحكم على أقوالهم، كما دفع بانتفاء صفة مندوب تحصيل عنه إلا أن الحكم أثبت وجود تلك الصفة، وأطرح الحكم الدفع ببطلان تشكيل اللجنة التي أمرت المحكمة بتشكيلها لمخالفة ذلك لتعليمات النيابة العامة بما لا يسوغ اطراحه، وعول على أقوال تلك اللجنة رغم بطلان عملها، هذا إلى أنه دفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم مراعاة ما أوجبه القانون من دعوة محامي الطاعن عند التحقيق معه وعند استدعائه لاستجوابه، وأخيراً فإن المحكمة التفتت عن أوجه دفاع الطاعن المقدمة بمذكرته ولم تعرض لدفاعه فيها. كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وأورد مؤدى كل منها في بيان واف يكشف عن إلمامه بتلك الأدلة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن الدفتر 6 وأطرحه في قوله "وبالنسبة للتشكيك في بيانات الدفتر 6 مياه فمردود بأنه غير منتج لأن العبث كما تم بين بيانات أصل قسيمة السداد وصورتها الزرقاء بدفتر 433 - ح المسلم عهدة شخصياً للمتهم والذي لا يمارى في أنه مدون بياناتهما فإن العبث والتغيير كان أساساً بين تلك القسيمة الأصل والصورة الزرقاء وبين صورتها الحمراء المسلمة للمشترك والتي لم ينفي المتهم قيامه بتحرير بياناتها.." لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقها إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة، وكان ما يثيره الطاعن بوجه النعي من أن النيابة العامة قد قعدت عن ضم الدفتر سالف الذكر مردوداً بأن الطاعن وإن أثار هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع إلا أنه لم يطلب منها تدارك هذا النقص، ومن ثم فلا يحل له أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، كما أن خصومة شهود الإثبات للمتهم - بفرض ثبوتها - لا تمنع من الأخذ بشهادتهم متى اقتنعت المحكمة بصدقها، فإن ما يثيره الطاعن من وجود خصومة سابقة مع شهود الواقعة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة النقض ولا تجوز مجادلتها فيه... لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بتوافر صفة مندوب التحصيل في تحصيل إيرادات المياه بمجلس مدينة... ودل على توافرها في قوله "وحيث إنه عن إسناد أعمال مندوب تحصيل إيرادات المياه بمجلس مدينة.... إلى المتهم فثابت من إقراره بتحقيقات النيابة العامة وما جاء بأقوال شهود الإثبات الثلاثة الأوائل وما انتهى إليه تقريرا مكتب خبراء وزارة العدل، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه تتحقق صفة مأمور التحصيل متى كان تسليم المال للموظف بمقتضى الوظيفة لتوريده لحساب الحكومة سواء كان تكليفه بهذا التحصيل بمقتضى قانون أو قرار أو لائحة أو مرسوم أو تعيين أو تكليف كتابي أو شفوي، بل يكفي عند توزيع الأعمال في المصلحة الحكومية يقوم الموظف بعملية التحصيل وفي قيامه بذلك وتسلمه دفاتر التحصيل ما يكسبه هذه الصفة ما دام أنه لم يدع بأنه أقحم نفسه على العمل وأنه قام به متطفلاً أو متفضلاً أو فضولياً سواء بتعاون من رؤسائه أو زملائه أو بإعفاء منهم - ولما كان تسليم المبالغ المختلسة على الصورة التي أوردها الحكم واستظهرها من أدلة الدعوى - وبما لا ينازع الطاعن في صحة ما نقله الحكم عن هذه الأدلة وهو ما يتلازم معه أن يكون الطاعن أميناً عليها ما دام أنه قد أؤتمن بسبب وظيفته على حفظها فإذا اختلسها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - عد مختلساً لأموال عامة، ومن ثم فإن منازعة الطاعن حول حقيقة صفته كمندوب تحصيل في الجهة التي جرت فيها واقعة الاختلاس لا يجديه ما دام الحكم قد أثبت في حقه - أخذاً بأدلة الثبوت التي أوردها وعول عليها في قضائه - أنه حصل المبالغ المختلسة إثر صدور قرار من مدير الشئون المالية بمجلس بمدينة.... بإسناد عملية تحصيل قيمة استهلاك المياه من المشتركين بالمجلس إليه خلال الفترة من 1/ 3/ 1989 إلى 19/ 3/ 1992 - وبما لا يمارى الطاعن في صحة ما نقله الحكم - مما يوفر في حقه صفته كمندوب تحصيل، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى تقرير لجنة الجرد وإنما عول على أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من تقريري مكتب خبراء وزارة العدل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن ببطلان تحقيق النيابة العامة في قوله "...... وفيما يتعلق ببطلان تحقيق النيابة العامة فمردود بأن البين منها تواجد محامي المتهم معه عند بدء التحقيق وأنه هو الذي طب من النيابة العامة الإذن له بمغادرة الغرفة لأمر هام فأذنت له" - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مفاد نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع استن ضمانة لكل متهم بجناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة - وكان الطاعن لا يمارى في أن ما أورده الحكم من أن محاميه حضر معه بداية التحقيق واستأذن النيابة العامة في مغادرة غرفة التحقيق له أصله الثابت بالأوراق، وفضلاً عن ذلك فإن الطاعن لا يزعم أن اسم محاميه قد أعلن بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالفة الذكر - سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن - وهو مناط الاستفادة من حكمها - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع التي أوردها بمذكرته والتي استبعدتها المحكمة ولم تحصل دفاعه فيها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5098 لسنة 65 ق جلسة 7 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 154 ص 1037

جلسة 7 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة وفؤاد نبوي.

----------------

(154)
الطعن رقم 5098 لسنة 65 القضائية

(1) محكمة النقض "سلطتها في الرجوع عن أحكامها". محاماة.
تقرير محكمة النقض بعدم قبول الطعن استناداً إلى توقيع أسبابه من محام غير مقبول أمامها. ثبوت أنه من المحامين المقبولين في تاريخ إيداع الأسباب. أثره. وجوب الرجوع في القرار السابق.
(2) شيك دون رصيد. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
قرار المحكمة تأجيل الدعوى لتقديم أصل الشيك في جريمة شيك دون رصيد. مفاده: "أهمية ذلك لتحقيق عناصرها. عدولها عنه دون بيان العلة. قصور وإخلال بحق الدفاع.

----------------
1 - لما كانت المحكمة سبق أن قررت بتاريخ 28/ 11/ 1995 عدم قبول الطعن استناداً إلى أن الأستاذ/.... المحامي الموقع على مذكرة أسبابه من المقبولين أمام محكمة النقض، ثم ثبت - فيما بعد من كتاب نقابة المحامين المؤرخ 23/ 3/ 1996 أن المحامي المذكور من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض في تاريخ سابق على إيداع أسباب الطعن فإنه يتعين الرجوع عن القرار السابق إصداره والنظر في الطعن من جديد.
2 - لما كان مفاد تأجيل المحكمة للدعوى أثناء نظرها لتقديم أصل الشيك، أنها قدرت أهمية هذا الإجراء في تحقيق عناصر الدعوى قبل الفصل فيها، بيد أنها عادت وأصدرت حكمها في الدعوى دون تحقيق هذا الإجراء ودون أن تورد في حكمها ما يبرر عدولها عنه، وإذ كان من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما أغفله الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون - فوق إخلاله بحق الدفاع - مشوباً بالقصور المبطل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه أعطى بسوء نية للمجني عليه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلبت عقابه بالمادتين 337.336 من قانون العقوبات ومحكمة جنح.... قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعنت الأستاذة/.... عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض حيث نظرت المحكمة الطعن "منعقدة في هيئة غرفة مشورة" ثم أجلته لجلسة 28 من نوفمبر سنة 1995 وفيها قررت المحكمة عدم قبول الطعن فتقدم المحكوم عليه بطلب للرجوع عن القرار الصادر بتلك الجلسة الأخيرة وتأشر عليه من السيد المستشار رئيس الدائرة بتحديد جلسة اليوم لنظر الطعن وفيها قررت الغرفة أولاً: الرجوع عن القرار الصادر بجلسة 28/ 11/ 1995 والنظر في الطعن من جديد بجلسة اليوم. ثانياً: إحالة الطعن لنظره بجلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن المحكمة سبق أن قررت بتاريخ 28/ 11/ 1995 عدم قبول الطعن استناداً إلى أن الأستاذ/..... المحامي الموقع على مذكرة أسبابه ليس من المقبولين أمام محكمة النقض - ثم ثبت فيما بعد من كتاب نقابة المحامين المؤرخ 23/ 3/ 1996 أن المحامي المذكور من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض في تاريخ سابق على إيداع أسباب الطعن فإنه يتعين الرجوع عن القرار السابق إصداره والنظر في الطعن من جديد.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وقصور في البيان - ذلك بأن المحكمة الاستئنافية بعد أن قررت تأجيل نظر الدعوى لتقديم أصل الشيك إجابة لطلب الطاعن الذي أنكر توقيعه عليه عادت وعدلت عن هذا القرار بغير مبرر وفصلت في الدعوى دون تحقيق هذا الدفاع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة نظر المعارضة الاستئنافية بتاريخ 9/ 10/ 1998 أن الطاعن جحد الصورة الضوئية للشيك موضوع الدعوى وطلب إلزام المجني عليه بتقديم أصل ذلك الشيك، وقد استجابت المحكمة لهذا المطلب وأجلت الدعوى لجلسة 1/ 1/ 1989 وبهذه الجلسة الأخيرة قضت بإدانة الطاعن. لما كان ذلك، وكان مفاد تأجيل المحكمة للدعوى أثناء نظرها لتقديم أصل الشيك - أنها قدرت أهمية هذا الإجراء في تحقيق عناصر الدعوى قبل الفصل فيها، بيد أنها عادت وأصدرت حكمها في الدعوى دون تحقيق هذا الإجراء ودون أن تورد في حكمها ما يبرر عدولها عنه، وإذ كان من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما أغفله الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون - فوق إخلاله بحق الدفاع - مشوباً بالقصور المبطل مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

السبت، 30 مايو 2015

الطعن 984 لسنــة 67 ق جلسة 7 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 155 ص 1041

جلسة 7 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(155)
الطعن رقم 984 لسنة 67 القضائية

(1) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". "دفاع الإخلال بحق الدفاع". ما يوفره".
تمييز الشاهد. مناط الأخذ بشهادته. ولو كانت على سبيل الاستدلال.
الطعن على شهادة الشاهد بأنه غير مميز لمرضه النفسي والعقلي. يوجب على المحكمة التحقق من قدرته على التمييز للاستيثاق من تحمله الشهادة. قعودها عن ذلك وأخذها بشهادته. إخلال بحق الدفاع.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟

----------------
1 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه الأول.... وخلت الأوراق من دليل على تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان يجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن هذه المحكمة تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها، دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها، ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً.
2 - لما كانت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر مما مفاده أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد أن يكون مميزاً فإن كان غير مميز فلا تقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال إذ لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة. وإذ كان الطاعنون قد طعنوا على شهادة المجني عليها لكونها غير مميزة لمرضها النفسي والعقلي بيد أن المحكمة قعدت عن تحقيق قدرتها على التمييز أو بحث إدراكها العام استيثاقاً من قدرتها على تحمل الشهادة وقت أدائها لها وعولت على شهادتها في قضائها بالإدانة فإن حكمها يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال معيباً بالإخلال بحق الدفاع ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الاتهام.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم 1 - خطفوا بالتحيل.... وواقعوها بغير رضاها بأن تمكنوا من اصطحابها لمحل عمل أحدهم مستغلين مرضها النفسي الذي يصيبها بالانفصام الوجداني وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر قام كل منهم بمواقعتها بغير رضاها بأن أولج قضيبه بفرجها وأمنى بها على النحو المبين بالتحقيقات 2 - دخلوا مكان معد للسكن والخاص بـ..... ليلاً بقصد ارتكاب جريمة حال كون بعضهم حاملاً سلاحاً أبيض "مطواة" وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي فيها بالنسبة للمتهم الأول وحددت جلسة 14 من نوفمبر سنة 1966 للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 267/ 2، 390، 369 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقاً عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والرابع والخامس بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه ثالثاً: بمعاقبة المتهم الثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً باعتبار أن ما نسب إليه هو مواقعة المجني عليها بغير رضاها فقط. رابعاً بإلزام المتهمين جميعاً بأن يؤدوا للمدعية بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والرابع والخامس والأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثالث في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها بطلب إقرار الحكم بالإعدام.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه الأول..... وخلت الأوراق من دليل على تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن هذه المحكمة تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها، ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً.
وحيث إن مما ينعاه المحكوم عليهم على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم خطف أنثى ومواقعتها بغير رضاها ودخول مكان معد لسكن آخر بقصد ارتكاب جريمة فيه وحمل بعضهم سلاحاً أبيض قد شابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه عول في الإدانة فيما عول عليه على الدليل المستمد من أقوال المجني عليها بالرغم مما أثاره الدفاع من بطلان هذا الدليل لكون المجني عليها وقت أدائها لشهادتها غير أهل لأدائها وأن حالتها العقلية تحول دون الاعتداد بأقوالها مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعنين أثار دفاعاً مؤداه عدم الاعتداد بأقوال المجني عليها استناداً إلى ما جاء بالتقرير الطبي الشرعي الموقع عليها من أنها تعاني من مرض نفسي عقلي يؤثر على أهليتها للشهادة لما كان ذلك. وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي الخاص بالمجني عليها أنه استناداً إلى تقرير دكتور استشاري النفسية والعصبية أن المجني عليها كانت تعاني من مرض نفسي عقلي "فصام وجداني" ومن المعروف علمياً أن مثل هذه الأمراض النفسية والعقلية تنتاب المريض في فترات معينة وتظهر أعراضها عليه وتؤثر على إرادته وأفعاله وتفكيره وتختفي في أوقات أخرى ويكون المريض بحالة شبه عادية ولا تظهر عليه أعراضها أو مظاهرها وكان يبين من مطالعة أقوال المجني عليها بمحضر جلسة المحاكمة أنها كانت تعالج لدى الدكتور.... وقت وقوع الحادث وأنها في حالة مرضها تشعر بأنها تعرف بعض الناس الذين تراهم وكان الحكم المطعون فيه - المعروض - قد عول في قضائه بالإدانة من بين ما عول عليه على أقوال المجني عليها وكانت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حداثة أو لأي سبب آخر مما مفاده أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد أن يكون مميزاً فإن كان غير مميز فلا تقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال إذ لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة وإذ كان الطاعنون قد طعنوا على شهادة المجني عليها لكونها غير مميزة لمرضها النفسي والعقلي بيد أن المحكمة قعدت عن تحقيق قدرتها على التمييز أو بحث إدراكها العام استيثاقاً من قدرتها على تحمل الشهادة وقت أدائها لها وعولت على شهادتها في قضائها بالإدانة فإن حكمها يكون أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الاتهام ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 9378 لسنة 60 ق جلسة 8 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 156 ص 1046

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ ناجي أسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي وعبد الرؤوف عبد الظاهر نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(156)
الطعن رقم 9378 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وتقديم الأسباب. ميعاده".
امتداد ميعاد الطعن بالنقض إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة.
(2) حكم "إصداره" محكمة استئنافية "نظرها الدعوى والحكم فيها".
إيجاب إجماع قضاة محكمة ثاني درجة عند تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة. قصره على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والأدلة والعقوبة ولا ينصرف إلى حالة الخطأ في القانون. علة ذلك.
(3) محكمة استئنافية "نظرها الدعوى والحكم فيها" استئناف "نظره والحكم فيه". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها".
عدم تقيد المحكمة الاستئنافية عند نظرها الاستئناف المقام من المدعي بالحقوق المدنية بالحكم الصادر في الشق الجنائي ولو كان حائزاً لقوة الأمر المقضي. علة ذلك.
(4) قذف وسب. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب اشتمال حكم الإدانة في جريمتي القذف أو السب على الألفاظ التي اعتبرت كذلك. علة ذلك. خلو الحكم المطعون فيه من بيان ألفاظ القذف أو السب. يعيبه بالقصور. لا يغني عن ذلك الإحالة إلى ما جاء بالمقال المنشور.
(5) استئناف "نظره والحكم فيه". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
الحكم الابتدائي بعدم قبول الدعوى المدنية. يوجب على المحكمة الاستئنافية عند القضاء بإلغائه إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. أساس ذلك.
(6) نقض "أثر الطعن"
من لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية. لا يمتد إليه أثر نقض الحكم. ولو اتصل به وجه الطعن.

------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 18 من فبراير سنة 1990 وقرر الطاعن بالطعن بطريق النقض بتاريخ 31 من مارس سنة 1990 وقدم مذكرة أسباب الطعن في التاريخ ذاته، ولما كانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قبل تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 والتي رفع الطعن في ظل العمل بها تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف أربعين يوماً من تاريخ الحكم، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 30 من مارس سنة 1990 بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم الجمعة وهو عطلة رسمية، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونا قد تما في الميعاد، ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
2 - إن مراد المشرع من النص في المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب إجماع قضاة المحكمة الاستئنافية عند تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقرير الوقائع والأدلة وأن تكون هذه الوقائع والأدلة كافية في تقرير مسئولية المتهم واستحقاقه للعقوبة أو إقامة التناسب بين هذه المسئولية ومقدار العقوبة وكل ذلك في حدود القانون إيثاراً من المشرع لمصلحة المتهم، أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف، والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع بل لا يتصور أن يكون الإجماع ذريعة إلى تجاوز حدود القانون أو إغفال حكم من أحكام، وإذ كان حكم محكمة أول درجة قد أخطأ في تطبيق القانون في حساب الميعاد المقرر لتقديم الشكوى اللازمة لتحريك الدعوى المنصوص عليه في المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، إذ قضى بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن الحديث نشر في 19/ 4/ 1987 وأن الطاعن لم يعلن إلا في 27/ 9/ 1987 فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الدعوى تأسيساً على أن المدعي بالحقوق المدنية قدم شكواه في 16/ 7/ 1987 قبل مرور ثلاثة أشهر المنصوص عليها في القانون يكون قد اقتصر على تطبيق القانون على وجهه الصحيح ولا يشترط لذلك إجماع قضاة المحكمة، ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن لم ينص على صدوره بالإجماع.
3 - من المقرر أن للمحكمة الاستئنافية وهي تفصل في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية فيما يتعلق بحقوقه المدنية أن تتعرض لواقعة الدعوى وأن تناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة، وما دام المدعي بالحقوق المدنية قد استمر في السير في دعواه المدنية المؤسسة على الواقعة ذاتها ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه إذ يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها، ذلك أن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الآخر، مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي.
4 - إن الحكم الصادر بالعقوبة أو بتعويض عن جريمة القذف أو السب يجب أن يشتمل بذاته على بيان ألفاظ القذف أو السب حتى يتسنى لمحكمة النقض أن تراقبه فيما رتبه من النتائج القانونية ببحث الواقعة محل القذف والألفاظ محل السب لتتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان ألفاظ القذف والسب وكان لا يغني عن هذا البيان الإحالة في شأنه إلى ما جاء بالمقال الذي نشر بالجريدة، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى، فقد كان يتعين عليه إعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها حتى لا تفوت إحدى درجتي التقاضي على المتهم، وذلك طبقاً لنص المادة 419/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوع الدعوى "المدنية" مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.
6 - لما كان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الثاني إلا أنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح بولاق ضد الطاعن وآخر بوصف أنهما الأول (الطاعن) أدلى لجريدة تخصه ضد حزب.... بأمور لو صحت لأوجبت عقاب واحتقار أعضاء هذا الحزب من أهل وطنهم. الثاني: قام هذا الحديث بمجلة.... بالعدد رقم.... بتاريخ..... بالصفحة..... وطلب عقابهما بالمواد 176، 195، 302/ 1، 303/ 1، 307 من قانون العقوبات وبإلزامهما متضامنين بأن يؤديا له بصفته مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعدم قبول الدعوى الجنائية والمدنية للمتهم الأول وبراءة المتهم الثاني ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بإجماع الآراء بقبول استئناف المدعي بالحقوق المدنية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. عارض المحكوم عليه الأول (الطاعن) وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 18 من فبراير سنة 1990 وقرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 13 من مارس سنة 1990 وقدم مذكرة أسباب طعنه في التاريخ ذاته، ولما كانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قبل تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 والتي رفع الطعن في ظل العمل بها تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف أربعين يوماً من تاريخ الحكم، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه 30 من مارس سنة 1990 بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكون قد تما في الميعاد، ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلزامه بالتعويض عن جريمتي السب والقذف قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن لم يشتمل على الأسباب التي تقيم قضاءه وخلا من بيان عبارات السب والقذف، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية أقام دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن وآخر بوصف أنها في يوم.....، الأول (الطاعن) أدلى بجريدة تخصه ضد حزب بأمور لو صحت لأوجبت عقاب واحتقار أعضاء هذا الحزب عند أهل وطنهم. والثاني (المتهم الآخر) قام بنشر الحديث بمجلة.... بتاريخ 19/ 4/ 1987، وطلب معاقبتهما بالمواد 176، 195، 302/ 1، 303/ 1، 307 من قانون العقوبات وإلزامهما بأن يؤديا له بصفته متضامنين مبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت، ومحكمة جنح بولاق الجزئية قضت في.... حضورياً بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية بالنسبة للمتهم الأول (الطاعن) وبراءة المتهم الثاني. ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها المصاريف، المدعي بالحقوق المدنية، وقضت المحكمة الاستئنافية بإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المتهمين بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، فعارض الطاعن وقضى بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مراد المشرع من النص في المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب إجماع قضاة المحكمة الاستئنافية عند تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والأدلة وأن تكون هذه الوقائع والأدلة في تقرير مسئولية المتهم واستحقاقه للعقوبة أو إقامة التناسب بين هذه المسئولية ومقدار العقوبة وكل ذلك في حدود القانون إيثاراً من المشرع لمصلحة المتهم، أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف، والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع بل لا يتصور أن يكون الإجماع ذريعة إلى تجاوز حدود القانون أو إغفال حكم من أحكامه، وإذ كان حكم محكمة أول درجة قد أخطأ في تطبيق القانون في حساب الميعاد المقرر لتقديم الشكوى اللازمة لتحريك الدعوى المنصوص عليه في المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات، إذ قضى بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن الحديث نشر في 19/ 4/ 1987 وأن الطاعن لم يعلن بالدعوى إلا في 27/ 9/ 1987، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الدعوى تأسيساً على أن المدعي بالحقوق المدنية قدم شكواه في 16/ 7/ 1987 قبل مرور الثلاثة الأشهر المنصوص عليها في القانون يكون قد اقتصر على تطبيق القانون على وجهه الصحيح ولا يشترط لذلك إجماع قضاة المحكمة، ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن لم ينص على صدوره بالإجماع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة الاستئنافية وهي تفصل في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية فيما يتعلق بحقوقه المدنية أن تتعرض لواقعة الدعوى وأن تناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة، وما دام المدعي بالحقوق المدنية قد استمر في السير في دعواه المدنية المؤسسة على الواقعة ذاتها ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه إذ لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها، ذلك أن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى، مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم الغيابي الاستئنافي المؤيد لأسباب الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بإلزام الطاعن بالتعويض على قوله "وكان ما نشر بجريدة.... العدد.... بتاريخ.... على لسان المتهم الأول من حزب.... تقوم فلسفته على أساس إنكار الله.... إلخ ما جاء بهذا المقال يعد جريمة قذف وسب بكل أركانها القانونية"، وكان من المقرر أن الحكم الصادر بعقوبة أو بالتعويض عن جريمة القذف أو السب يجب أن يشتمل بذاته على بيان ألفاظ القذف أو السب حتى يتسنى لمحكمة النقض أن تراقبه فيما رتبه من النتائج القانونية ببحث الواقعة محل القذف والألفاظ محل السب لتتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان ألفاظ القذف والسب وكان لا يغني عن هذا البيان الإحالة في شأنه إلى ما جاء بالمقال الذي نشر بالجريدة، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور، هذا إلى أنه لما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى، فقد كان يتعين عليه إعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها حتى لا تفوت إحدى درجتي التقاضي على المتهم، وذلك طبقاً لنص المادة 419/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك. فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوع الدعوى "المدنية" مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية دون حاجة لبحث أوجه الطعن. لما كان ما تقدم، وكان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الثاني إلا أنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه.

الطعن 13855 لسنة 65 ق جلسة 8 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 157 ص 1054

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب نواب رئيس المحكمة وإبراهيم العربي عبد المنعم.

------------------

(157)
الطعن رقم 13855 لسنة 65 القضائية

(1) جريمة "الجريمة المستحيلة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
متى تعد الجريمة مستحيلة؟
التفات الحكم عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
مثال:
(2) تزوير. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التزوير المعاقب عليه. لا يلزم أن يكون متقناً. وضوحه أو إتقانه يستويان. حد ذلك.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حسب الحكم إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على مقارفة المتهم للجريمة. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم.
(4) إثبات "خبرة. محكمة الموضوع" "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء. ما دامت أخذت بها. علة ذلك.
(5) إثبات "بوجه عام" "خبرة. محكمة الموضوع" "سلطتها في تقدير الدليل". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم ترتب البطلان على مخالفة النصوص المنظمة للمضاهاة. منازعة الطاعن فيما انتهى إليه تقرير المعمل الجنائي الذي اطمأنت إليه المحكمة جدل موضوعي. عدم التزامها بالرد عليه.
(6) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب. نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
كفاية إيراد الحكم مضمون تقرير الخبير الذي عول عليه. إيراد نص التقرير. غير لازم.
(7) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(8) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها مفرزة لما ساقته من أدلة. الخطأ في بيان مهنة المتهم. غير قاطع بذاته في عدم جدية التحري.
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة لكل متهم من اختصاص محكمة الموضوع. لها الاطمئنان إليها بالنسبة لمتهم دون آخر.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(10) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
مثال.

------------------
1 - من المقرر أن الجريمة لا تعد مستحيلة إلا إذا لم يكن في الإمكان تحقيقها مطلقاً، كأن تكون الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة البتة للغرض الذي يقصده الفاعل، أما إذا كانت الوسيلة صالحة بطبيعتها ولكن الجريمة لم تتحقق بسبب ظروف خارجة عن إرادة الجاني فإنه لا يصح القول بالاستحالة، ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن - بما لا يمارى في أن له أصله في الأوراق - أنه كلف المتهم الذي قضى ببراءته بدفع الأرضية وسداد حافظة بالخزينة بمبلغ جنيه واحد ومائتي مليم، وطلب منه إحضار تأشيرة صرف ثم سلمه إذن الإفراج وفاتورة الأرضية وإذن التسليم، وإذ توجه المتهم المذكور إلى باب المصرف بمجمع البضائع للإفراج عن مشمول الرسالة الجمركية، اكتشف مأمور الجمرك المختص تزوير التوقيعات على إذن الإفراج وقسيمة سداد الضرائب الجمركية، فعاد إلى الطاعن وأبلغه بما حدث، فإن الوسيلة تكون صالحة بطبيعتها لتحقق الغرض الذي قصده الطاعن، الأمر الذي يغدو معه دفاعه باستحالة الجريمة دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليه.
2 - من المقرر أنه لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس.
3 - حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
4 - الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء فيها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه.
5 - من المقرر أن المضاهاة لم تنظم في قانون الإجراءات الجنائية أو في قانون المرافعات المدنية بنصوص آمره يترتب البطلان على مخالفتها إذ العبرة في المسائل الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساساً لكشف الحقيقة، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما انتهى إليه تقرير شعبة فحص التزوير والتزييف بالمعمل الجنائي من أن الطاعن حرر بخط يده بيانات إذن الإفراج المضبوط والتوقيع المنسوب للشاهدة الثالثة عليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير لا تلتزم المحكمة بمتابعة فيه والرد عليه.
6 - إذ كان البين من الحكم أنه أورد مضمون تقرير الخبير الذي عول عليه، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى.
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، وكان مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
9 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى الأدلة ذاتها بالنسبة لمتهم آخر، وكانت المحكمة قد خلصت في حدود سلطتها إلى تبرئة المتهم الثاني لانتفاء الدليل الذي يقيم اقتناعها لإدانته، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من خطأ الحكم فيما نقله عن الشاهد الأول في مقام تبريره لقضائه ببراءة المتهم الثاني لأنه - بفرض صحته - لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها في إدانة الطاعن، كما أن ما أورده الحكم في مدوناته من أن الطاعن سبق الحكم عليه، إنما ورد في صدد بيانه الاتهام المنسوب إلى المتهم الثاني الذي قضى ببراءته وبعد أن خلص إلى إدانة الطاعن، ومن ثم يكون منعاه بخطأ الحكم في هذا الخصوص في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة بدائرة..... محافظة..... الطاعن الأول والثاني، أولاً: بصفتهم موظفين عموميين" الأول مأمور جمرك بـ..... والثاني مراجع بالجهة ذاتها شرعا في تسهيل استيلاء الثالث بغير حق على مشمول الرسالة الجمركية المبينة وصفاً باستمارات الجرد أرقام... و..... و..... المملوكة لـ..... وذلك بأن قدم الثاني إلى المختص بجمرك القطاع الخاص إذن إفراج وقسيمة سداد رسوم جمركية مزورين عن مشمول الرسالة سالفة الذكر سلمهما الأول وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتيهما فيه هو اكتشاف تزوير مستندي الإفراج عن الرسالة وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير في محررين رسميين واستعمالهما مع العلم بتزويرهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة هما أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفتهما آنفتي البيان ارتكبا تزويراً في محررين رسميين هما إذن الإفراج الجمركي وقسيمة سداد الرسوم الجمركية سالفتي البيان بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وتقليد التوقيعات وتغيير البيانات بأن حرر الأول بيانات إذن الإفراج الجمركي عن مشمول تلك الرسالة ومهره بتوقيعات نسبها زوراً للمختصين بالتوقيع عليه وعدل الثاني بالزيادة في بيانات قسيمة سداد الرسوم الجمركية لتصبح 103.500 جنيه بدلاً من 1.200 جنيه واستعمل هذين المحررين المزورين بأن قدمهما للمختصين بجمرك القطاع الخاص للإفراج عن مشمول الرسالة مع علمه بتزويرهما. ثانياً: بصفتهما سالفة الذكر شرعا في الإضرار عمداً بأموال جهة عملهما وذلك بأن زورا المحررين سالفي الذكر واستعملا هما مع العلم بتزويرهما قاصدين من ذلك إضاعة قيمة الرسوم الجمركية المستحقة على الرسالة آنفة البيان ومقدارها تسعة آلاف وثلاثمائة وعشرين جنيهاً وستمائة وخمسون مليماً وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتيهما فيه هو اكتشاف تزوير مستندي الإفراج عن الرسالة. وإحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث في 20 من نوفمبر سنة 1994 عملاً بالمواد 45، 46، 113/ 2، 4، 116 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات مع أعمال المادة 32/ 2 من القانون ذاته بمعاقبة كل من الأول والثالث بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وعزل الأول من وظيفته وببراءة الثاني مما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الشروع في تسهيل الاستيلاء على مال خاص تحت يد جهة عمله المرتبطة بتزوير محررين رسميين واستعمالهما مع علمه بتزويرهما والشروع في الإضرار عمداً بأموال تلك الجهة، قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد، ذلك بأن لم يعرض لدفاعه باستحالة وقوع الجريمة وبأن التزوير مفضوح، وببطلان محضر الضبط الجمركي، وإجراءات المضاهاة وأوجه اعتراضه على تقرير الخبير الذي عول عليه دون أن يورد الأسانيد التي أقيم عليها، كما لم يمحص واقعة الدعوى ويورد الأدلة الكافية على ثبوتها في حق الطاعن، واستند إلى أقوال شهود الإثبات التي خلت مما يفيد أنه الذي ارتكب الواقعة، وإلى تحريات الشرطة التي أخطأت في تحديد عمله، دون أن يفطن إلى ما تضمنته من اشتراك المتهم الثاني في الواقعة، وقضى ببراءته تأسيساً على طلب الشاهد الأول منه الرجوع إلى الطاعن لشكه في تزوير الأوراق وهو ما لم يقل به الشاهد المذكور، وأثبت على خلاف الواقع سبق الحكم على الطاعن، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير شعبة فحص التزييف والتزوير وتحريات الشرطة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الجريمة لا تعد مستحيلة إلا إذا لم يكن في الإمكان تحققها مطلقاً، كأن تكون الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة البتة للغرض الذي يقصده الفاعل، أما إذا كانت الوسيلة صالحة بطبيعتها ولكن الجريمة لم تتحقق بسبب ظروف خارجة عن إرادة الجاني، فإنه لا يصح القول بالاستحالة، ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن بما لا يماري في أن له أصله في الأوراق - أنه كلف المتهم الذي قضى ببراءته بدفع الأرضية وسداد حافظة بالخزينة بمبلغ جنيه واحد ومائتي مليم. وطلب منه إحضار تأشيرة صرف ثم سلمه إذن الإفراج وفاتورة الأرضية وإذن التسليم، وإذ توجه المتهم المذكور إلى باب المصرف بمجمع البضائع للإفراج عن مشمول الرسالة الجمركية اكتشف مأمور الجمرك المختص تزوير التوقيعات على إذن الإفراج وقسيمة سداد الضرائب الجمركية. فعاد إلى الطاعن أبلغه بما حدث، فإن الوسيلة تكون صالحة بطبيعتها لتحقق الغرض الذي قصده الطاعن، الأمر الذي يغدو معه دفاعه باستحالة الجريمة دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليه. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس. وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعن بأن التزوير مفضوح للأسباب السائغة التي أوردها. فلا محل للنعي عليه في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، فإن منعى الطاعن على الحكم بدعوى التفاته عما أثاره من بطلان محضر الضبط الجمركي لا يكون سديداً لما كان ذلك وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء فيها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، كما أن المضاهاة لم تنظم في قانون الإجراءات الجنائية أو في قانون المرافعات المدنية بنصوص آمره يترتب البطلان على مخالفتها إذ العبرة في المسائل الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساساً لكشف الحقيقة، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما انتهى إليه تقرير شعبة فحص التزوير والتزييف بالمعمل الجنائي من أن الطاعن حرر بخط يده بيانات إذن الإفراج المضبوط والتوقيع المنسوب للشاهدة الثالثة عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير لا تلتزم المحكمة بمتابعته فيه والرد عليه. لما كان ذلك وكان البين من الحكم أنه أورد مضمون تقرير الخبير الذي عول عليه، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك وكانت مدونات الحكم تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وجاء استعراضها لأدلتها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يدل على أنها قامت بما ينبغي عليه من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون ولا محل له. لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، وكان مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى الأدلة ذاتها بالنسبة لمتهم آخر، وكانت المحكمة قد خلصت في حدود سلطتها إلى تبرئة المتهم الثاني لانتفاء الدليل الذي يقيم اقتناعها لإدانته، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من خطأ الحكم فيما نقله عن الشاهد الأول في مقام تبريره لقضائه ببراءة المتهم الثاني لأنه - بفرض صحته - لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها في إدانة الطاعن، كما أن ما أورده الحكم في مدوناته من أن الطاعن سبق الحكم عليه، إنما ورد في صدد بيانه الاتهام المنسوب إلى المتهم الثاني الذي قضى ببراءته وبعد أن خلص إلى إدانة الطاعن، ومن ثم يكون منعاه بخطأ الحكم في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 9863 لسنة 60 ق جلسة 9 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 158 ص 1066

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع وأحمد عبد القوي نواب رئيس المحكمة، وأبو بكر البسيوني.

---------------

(158)
الطعن رقم 9863 لسنة 60 القضائية

حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟
جريمة الإضرار بالحيوان المنصوص عليها بالمادة 355/ 1 عقوبات. تتوافر عناصرها إذا نتج عن الفعل ضرر كبير بالحيوان.
قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى ما جاء بمحضر الضبط دون إيراد مضمونه ودون أن يعنى في مدوناته ببيان الضرر الذي لحق بالدابة من جراء إصابتها. يعيبه.

---------------
من المقرر أن الحكم الصادر بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به كافة عناصر الجريمة التي دانه بها وأن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي استند إليها وأن يذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به، وكانت جريمة الإضرار بالحيوان المنصوص عليها في المادة 355 أولاً من قانون العقوبات لا تتوافر عناصرها إلا إذا نتج عن الفعل ضرر كبير بالحيوان وإذا استند الحكم في قضائه بالإدانة إلى ما جاء بمحضر الضبط دون أن يورد مضمونه ودون أن يعنى في مدوناته ببيان مدى الضرر الذي لحق بالدابة من جراء إصابتها مما لا يتيسر معه لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه تعدى على الحيوان - الدابة - المملوكة لـ... وأحدث به ضرراً كبيراً وطلبت عقابه بالمادة 355/ أولاً من قانون العقوبات.
ومحكمة جنح.... قضت حضورياً بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً. استأنف، ومحكمة.... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإضرار بحيوان قد شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لم يورد الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة كما لم يبين في مدوناته مدى الضرر الذي لحق بالدابة من جراء إصابتها. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن يشتمل الحكم الغيابي المعارض فيه. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعن طالبة معاقبته بالمادة 355 أولاً من قانون العقوبات وذلك بوصف أنه تعدى على الحيوان - الدابة - المملوكة للمجني عليه وأضر بها ضرراً كبيراً على النحو المبين بالأوراق. والحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اقتصر في بيانه على أن أحال على وصف النيابة وأعقبها بقوله "وحيث إنه ما تقدم يكون الاتهام المسند إلى المتهم ثابتاً قبله ثبوتاً كافياً لإدانته أخذاً بما جاء بمحضر الضبط كما أنه لم يدفع الاتهام عن نفسه بدفاع مقبول الأمر الذي يتعين معه عقابه بمواد الاتهام". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحكم الصادر بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به كافة عناصر الجريمة التي دانه بها وأن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي استند إليها وأن يذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به، وكانت جريمة الإضرار بالحيوان المنصوص عليها في المادة 355 أولاً من قانون العقوبات لا تتوافر عناصرها إلا إذا نتج عن الفعل ضرر كبير بالحيوان وإذ استند الحكم في قضائه بالإدانة إلى ما جاء بمحضر الضبط دون أن يورد مضمونه ودون أن يعنى في مدوناته ببيان مدى الضرر الذي لحق بالدابة من جراء إصابتها مما لا يتيسر معه لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 3186 لسنة 61 ق جلسة 9 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 159 ص 1069

جلسة 7 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة وفؤاد نبوي.

---------------

(154)
الطعن رقم 5098 لسنة 65 القضائية

(1) محكمة النقض "سلطتها في الرجوع عن أحكامها". محاماة.
تقرير محكمة النقض بعدم قبول الطعن استناداً إلى توقيع أسبابه من محام غير مقبول أمامها. ثبوت أنه من المحامين المقبولين في تاريخ إيداع الأسباب. أثره. وجوب الرجوع في القرار السابق.
(2) شيك دون رصيد. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
قرار المحكمة تأجيل الدعوى لتقديم أصل الشيك في جريمة شيك دون رصيد. مفاده: "أهمية ذلك لتحقيق عناصرها. عدولها عنه دون بيان العلة. قصور وإخلال بحق الدفاع.

----------------
1 - لما كانت المحكمة سبق أن قررت بتاريخ 28/ 11/ 1995 عدم قبول الطعن استناداً إلى أن الأستاذ/.... المحامي الموقع على مذكرة أسبابه من المقبولين أمام محكمة النقض، ثم ثبت - فيما بعد من كتاب نقابة المحامين المؤرخ 23/ 3/ 1996 أن المحامي المذكور من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض في تاريخ سابق على إيداع أسباب الطعن فإنه يتعين الرجوع عن القرار السابق إصداره والنظر في الطعن من جديد.
2 - لما كان مفاد تأجيل المحكمة للدعوى أثناء نظرها لتقديم أصل الشيك، أنها قدرت أهمية هذا الإجراء في تحقيق عناصر الدعوى قبل الفصل فيها، بيد أنها عادت وأصدرت حكمها في الدعوى دون تحقيق هذا الإجراء ودون أن تورد في حكمها ما يبرر عدولها عنه، وإذ كان من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما أغفله الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون - فوق إخلاله بحق الدفاع - مشوباً بالقصور المبطل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه أعطى بسوء نية للمجني عليه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلبت عقابه بالمادتين 337.336 من قانون العقوبات ومحكمة جنح.... قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعنت الأستاذة/.... عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض حيث نظرت المحكمة الطعن "منعقدة في هيئة غرفة مشورة" ثم أجلته لجلسة 28 من نوفمبر سنة 1995 وفيها قررت المحكمة عدم قبول الطعن فتقدم المحكوم عليه بطلب للرجوع عن القرار الصادر بتلك الجلسة الأخيرة وتأشر عليه من السيد المستشار رئيس الدائرة بتحديد جلسة اليوم لنظر الطعن وفيها قررت الغرفة أولاً: الرجوع عن القرار الصادر بجلسة 28/ 11/ 1995 والنظر في الطعن من جديد بجلسة اليوم. ثانياً: إحالة الطعن لنظره بجلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن المحكمة سبق أن قررت بتاريخ 28/ 11/ 1995 عدم قبول الطعن استناداً إلى أن الأستاذ/..... المحامي الموقع على مذكرة أسبابه ليس من المقبولين أمام محكمة النقض - ثم ثبت فيما بعد من كتاب نقابة المحامين المؤرخ 23/ 3/ 1996 أن المحامي المذكور من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض في تاريخ سابق على إيداع أسباب الطعن فإنه يتعين الرجوع عن القرار السابق إصداره والنظر في الطعن من جديد.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وقصور في البيان - ذلك بأن المحكمة الاستئنافية بعد أن قررت تأجيل نظر الدعوى لتقديم أصل الشيك إجابة لطلب الطاعن الذي أنكر توقيعه عليه عادت وعدلت عن هذا القرار بغير مبرر وفصلت في الدعوى دون تحقيق هذا الدفاع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة نظر المعارضة الاستئنافية بتاريخ 9/ 10/ 1998 أن الطاعن جحد الصورة الضوئية للشيك موضوع الدعوى وطلب إلزام المجني عليه بتقديم أصل ذلك الشيك، وقد استجابت المحكمة لهذا المطلب وأجلت الدعوى لجلسة 1/ 1/ 1989 وبهذه الجلسة الأخيرة قضت بإدانة الطاعن. لما كان ذلك، وكان مفاد تأجيل المحكمة للدعوى أثناء نظرها لتقديم أصل الشيك - أنها قدرت أهمية هذا الإجراء في تحقيق عناصر الدعوى قبل الفصل فيها، بيد أنها عادت وأصدرت حكمها في الدعوى دون تحقيق هذا الإجراء ودون أن تورد في حكمها ما يبرر عدولها عنه، وإذ كان من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما أغفله الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون - فوق إخلاله بحق الدفاع - مشوباً بالقصور المبطل مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 795 لسنة 63 ق جلسة 9 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 160 ص 1074

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي ووفيق الدهشان نواب رئيس المحكمة ومحمود مسعود شرف.

--------------

(160)
الطعن رقم 795 لسنة 63 القضائية

(1) نيابة عامة. نقض "الصفة في الطعن والمصلحة فيه".
للنيابة العامة الطعن في الحكم ولو كانت المصلحة للمحكوم عليه. علة ذلك؟
(2) أحداث. محكمة الأحداث "اختصاصها". استئناف.
محكمة الأحداث. اختصاصها؟
استئناف أحكامها. حالاته؟
الطعن بالمعارضة في الأحكام الغيابية الاستئنافية الصادرة في شأن الأحداث. جائز.
(3) نقض "حالات الطعن - الخطأ في تطبيق القانون". نيابة عامة.
حجب الخطأ المحكمة. نظر موضوع الدعوى. أثره؟

---------------
1 - من المقرر أن النيابة العامة - وهي تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى العمومية - هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص يجيز لها أن تطعن في الحكم، وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن، بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، ولما كانت مصلحة المجتمع تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، فإن مصلحة النيابة العامة في هذا الطعن تكون قائمة.
2 - لما كان مؤدى نص المادة 29 من القانون 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث أنها قصرت على محكمة الأحداث دون غيرها الاختصاص بالنظر في أمر الحدث عند اتهامه في أية جريمة من الجرائم أياً كانت تلك الجريمة، كما أجازت المادة 40 من نفس القانون استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث، عدا الأحكام التي تصدر بالتوبيخ وبتسليم الحدث لوالديه أو لمن له الولاية عليه فلا يجوز استئنافها إلا لخطأ في تطبيق القانون أو بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر فيه، وجاء القانون المشار إليه خالياً من النعي على عدم جواز المعارضة في الأحكام الغيابية الاستئنافية الصادرة من محاكم الأحداث للجنح المستأنفة مما مفاده إباحة الطعن بطريق المعارضة في تلك الأحكام ما دام القانون لم ينص صراحة على عدم جوازها، كما أن الأصل المقرر في المادة 398 من قانون الإجراءات الجنائية هو جواز المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والمخالفات من المتهم، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز معارضة المحكوم عليه الاستئنافية يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 - لما كان الخطأ القانوني قد حجب المحكمة عن تناول ما قضى به الحكم الاستئنافي الغيابي المعارض فيه، كما أنه يعجز هذه المحكمة - محكمة النقض - عن إعلان كلمتها فيما يثيره المحكوم عليه بأسباب طعنه، فإنه يتعين - تبعاً لذلك - أن يكون مع النقض الإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة. وطلبت محاكمته بالمواد 21/ 1، 25/ 1 مكرراً ثانياً، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون والمادتين 1، 15/ 3 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث.
ومحكمة جنح أحداث الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وتغريمه خمسين جنيهاً والمصادرة. استأنف. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد عارض وقضى في معارضته بعدم جواز المعارضة فطعنت النيابة العامة كما طعن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم جواز معارضة المحكوم عليه الاستئنافية قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن القانون رقم 31 لسنة 1974 في شأن الأحداث - المنطبق على المحكوم عليه - لا يحظر المعارضة في الحكم الصادر ضده من محكمة الأحداث - وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أن النيابة العامة - وهي تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى العمومية - هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص يجيز لها أن تطعن في الحكم، وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن، بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، ولما كانت مصلحة المجتمع تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، فإن مصلحة النيابة العامة في هذا الطعن تكون قائمة. لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على المحكوم عليه بوصف أنه أحرز سلاحاً أبيض - مطواة قرن غزال - بغير ترخيص وطلبت عقابه طبقاً لأحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 في شأن الأسلحة والذخائر والقانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث باعتبار المتهم لم يتجاوز سنه ثماني عشر سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الواقعة. فقضت محكمة جنح الأحداث بالإسكندرية حضورياً بحبسه شهراً وبتغريمه خمسين جنيهاً والمصادرة. فاستأنف ومحكمة ثاني درجة قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد، فلما عارض قضت المحكمة بحكمها المطعون فيه بعدم جواز المعارضة باعتبار أن الجريمة محل الدعوى تختص بنظرها محكمة أمن الدولة طوارئ التي لا يجوز الطعن في أحكامها بأي وجه من الوجوه وإن محكمة الأحداث أصدرت حكمها في الدعوى بحسبانها محكمة أمن دولة طوارئ لما كان ذلك، وكان مؤدى نص المادة 29 من القانون 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث أنها قصرت على محكمة الأحداث دون غيرها الاختصاص بالنظر في أمر الحدث عند اتهامه في أية جريمة من الجرائم أياً كانت تلك الجريمة، كما أجازت المادة 40 من نفس القانون استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث، عدا الأحكام التي تصدر بالتوبيخ وبتسليم الحدث لوالديه أو لمن له الولاية عليه فلا يجوز استئنافها إلا لخطأ في تطبيق القانون أو بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر فيه، وجاء القانون المشار إليه خالياً من النعي على عدم جواز المعارضة في الأحكام الغيابية الاستئنافية الصادرة من محاكم الأحداث للجنح المستأنفة مما مفاده إباحة الطعن بطريق المعارضة في تلك الأحكام ما دام القانون لم ينص صراحة على عدم جوازها، كما أن الأصل المقرر في المادة 398 من قانون الإجراءات الجنائية هو جواز المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والمخالفات من المتهم، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز معارضة المحكوم عليه الاستئنافية يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه ويوجب نقضه، ولما كان هذا الخطأ القانوني قد حجب المحكمة عن تناول ما قضى به الحكم الاستئنافي الغيابي المعارض فيه، كما أنه يعجز هذه المحكمة - محكمة النقض - عن إعلان كلمتها فيما يثيره المحكوم عليه بأسباب طعنه، فإنه يتعين - تبعاً لذلك - أن يكون مع النقض الإعادة دون بحث لأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه...