جلسة 21 من ديسمبر سنة 1977
برئاسة السيد المستشار : محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، وصلاح نصار ومحمود رمضان وإبراهيم فراج.
-----------------
(318)
الطعن رقم 893 لسنة 43 القضائية
(1) نقض "الخصوم في الطعن".
اختصام من لم يكن خصماً حقيقياً أمام محكمة الاستئناف في الطعن بالنقض. غير مقبول.
(2) إثبات "الإحالة للتحقيق". استئناف.
طلب المستأنف عليها أمام محكمة الدرجة الأولى إحالة الدعوى إلى التحقيق. استجابة المحكمة الاستئنافية لهذا الطلب رغم أنه لم يبد أمامها. النعي عليها في هذا الخصوص. غير مقبول. علة ذلك.
(3) إيجار "إيجار الأماكن" إرث.
تعهد وزارة الأوقاف بتأجير مسكن له بعقار تزمع إقامته بدلاً من مسكنه المهدوم. حق شخصي له. لا ينتقل إلى ورثته. م 145 مدني.
(4) حكم " الطعن في الحكم".
الطعن في الحكم. حق لكل من كان طرفاً في الخصومة ما لم يقبل الحكم أو يصدر بإجابته إلى كل طلباته.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 4181 لسنة 1969 مدنى أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بإلزام الأولين في مواجهة الأخيرين بتمكينها من الشقة رقم ..... وأمرهم بعدم التعرض لها في ذلك، وقالت شرحاً لها أن - والدتها المرحومة ...... كانت تمتلك منزلاً مقاماً على أرض الحكر التابعة لوقف ..... حراسة وزارة الأوقاف التي يمثلها المطعون عليه الثالث، ورأت الوزارة إنشاء عمارات سكنية على الأرض المحكرة، وقامت بإخلاء المساكن المقامة عليها ومنها منزل والدتها بعد أن تعهدت بأعداد مساكن جديدة، ثم أرسلت محافظة القاهرة التي يمثلها المطعون عليه الرابع كتاباً باسم والدتها بتخصيص الشقة موضوع النزاع لها، وإذ لم يصل الخطاب لوالدتها بسبب وفاتها. وأفلحت المطعون عليها الثانية في اصطناع ختم باسم المرسل إليها استملت بموجبه الشقة ثم حولت عقد الإيجار إلى زوجها المطعون عليه الأول احتيالاً دون حق، فقد أقامت دعواها بالطلبات سالفة البيان وبتاريخ 29/ 12/ 1970 حكمت المحكمة في مواجهة المطعون عليهما الثالث والرابع بإلزام المطعون عليهما الأول والثانية بتمكين الطاعنة من الشقة المبينة بصحيفة الدعوى. استأنف المطعون عليهما الأولان هذا الحكم بالاستئناف رقم 547 لسنة 87 ق القاهرة طالبين إلغائه، وبتاريخ 25/ 4/ 1971 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وبوقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم المستأنف، ثم عادت وحكمت بتاريخ 23/ 12/ 1972 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة إقامتها مع والدتها في العقار الذى هدمته وزارة الأوقاف حتى تركها له، وبعد سماعها شهود الطرفين حكمت بتاريخ 24/ 6/ 1973 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم والحكمين الصادرين في 25/ 4/ 1971 و 23/ 12/ 1971 بطريق النقض، دفع المطعون عليهما الثالث والرابع بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهما، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الدفع في الموضوع برفض الطعن، وبعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المطعون عليهما الأخيرين يبنيان دفعهما بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهما على أن النزاع ينحصر بين الطاعنة والمطعون عليهما الأولين، وأنهما لم توجه إليهما أية طلبات طوال مراحل التقاضي ولم يحكم لصالحهما بشيء ضدها فلا يقبل اختصامهما في الطعن.
وحيث إن الدفع في محله، ذلك أنه لما كانت الخصومة في الطعن لا تقوم إلا بين من كانوا خصوماً حقيقين في النزاع الذى فصل فيه، الحكم المطعون فيه وكان لا يكفى لقبول الطعن - أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الطاعنة اختصمت المطعون عليهما الثالث والرابع أمام محكمة الموضوع ليصدر الحكم في مواجهتها، وأنهما لم ينازعا في طلباتها ولم توجه هي إليهما طلبات ما، فإنه لا تكون لها مصلحة في اختصامهما أمام محكمة النقض، مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهما.
وحيث إن الطعن بالنسبة إلى المطعون عليهما الأولين قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك تقول أن المحكمة الاستئنافية قضت بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت سبق إقامتها مع والدتها في العقار المهدوم، حالة أن وزارة الأوقاف رأتها صاحبة الحق فى شقة النزاع ميراثاً عن والدتها تعويضاً لها عن منزلهما المهدوم كما لم يدع أحد ممن ورد ذكرهم في المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - مساكنته والدتها دونها. هذا إلى أن المطعون عليهما الأول والثانية لا يمتان بأي صلة لوالدتها ولم يساكناها فى المنزل المهدوم ولم يصدر لهما عقد الإيجار عن شقة النزاع فلا صفة لهما في طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما تدعيه هي من مساكنة وإذ قضى الحكم رغم ذلك بإحالة الدعوى إلى التحقيق دون بيان أوجه توافر هذه الصفة فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب ويكون الحكم المطعون فيه الذى أخذ بنتيجة هذا التحقيق معيباً هو الآخر.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أن النص في المادة 211 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه ولا يجوز ممن قبل الحكم أو ممن قضى له بكل طلباته ما لم ينص القانون على غير ذلك." صريح في أنه متى قبل الخصم الحكم الصادر في الدعوى قبولا صريحا أو ضمنيا يفيد تنازله عن حق الطعن فلا يقبل منه بعد ذلك، ويشترط في القبول المانع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتركه الحق في الطعن فيه، ولئن كان الأصل في القبول المانع من الطعن أن يتم بعد صدور الحكم لأن حق الخصم في الطعن فيه ينشأ بصدوره فيتصور منه التنازل عندئذ بقبوله له بعد ثبوت حقه في الطعن إلا أن قبول الحكم قد يكون سابقا على صدوره كما لو صدر الحكم موافقا لطلبات الخصم فيمنعه ذلك من الطعن فيه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة كانت قد أبدت طلباً احتياطياً في الدعوى بإحالتها إلى التحقيق لتثبت إقامتها مع والدتها بالمسكن الذى هدم فإنه لا يجوز لها وقد أصدرت المحكمة حكماً موافقاً لهذا الطلب أن تطعن فيه، ولا ينال من ذلك صدوره من محكمة الدرجة الثانية بعد أن قضى لصالحها من محكمة أول درجة التي لم تر حاجة لاتخاذ مثل هذا الإجراء طالما أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه من دفوع أو دفاع أمام محكمة أول درجة وأنه لم يثبت تنازلها عن هذا الطلب، ومن ثم فإن النعي عليه يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن محكمة الاستئناف بعد أن حكمت بوقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم الابتدائي قضت برفض الدعوى، مع أن عقد إيجار شقة النزاع إنما صدر لصالح والدتها التي كان قد توفيت من قبل، كما أيدتها الوزارة المؤجرة في دعواها بطلب تمكينها من شقة النزاع، في ذات الوقت الذى لا سند للمطعون عليهما احتيالاً بانتحال ثانيتهما شخصية من صدر لها عقد الإيجار وادعاء الأول صفة الزوج، وقضاء الحكم ينطوي على حماية لوضع يد الغاصب ومنع صاحب الحق من حقه، قولاً بأن الغصب أصبح أمراً واقعاً وأن الضرر الذى يلحق المطعون عليهما بإزالته أفدح من حرمان صاحب الحق من الوصول إلى حقه مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان البين من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بأحقيتها لاستئجار شقة النزاع تأسيساً على أن وزارة الأوقاف التي يمثلها المطعون عليه الثالث أعدتها لوالدتها بدلاً من منزلها المهدوم، وأن والدتها إذ توفيت فيقوم حقها في استئجارها باعتبارها وارثتها والمقيمة معها عند هدم المنزل، وأن المطعون عليهما الأولين تمكنا من وضع يديهما على شقة النزاع بطريق الاحتيال، وكان مؤدى هذا أنها تؤسس حقها في شغل هذه الشقة إما بصفتها وارثة لوالدتها باعتبارها صاحبة الحق الأصلي في الاستئجار أو باعتبار أن إقامتها معها بالمنزل المهدوم يعطيها هذا الحق، لما كان ذلك وكان الثابت أو والدة الطاعنة توفيت دون التعاقد على استئجار شقة النزاع، وكان مبنى تعهد وزارة الأوقاف بتمكينها من استئجار إحدى الشقق التي كانت تزمع إقامتها هو إعداد مكان لإقامتها بدلاً من مسكنها المهدوم بذلك يكون حقها الناشئ عن هذا التعهد حقاً متعلقاً بشخصها فلا ينتقل من بعدها إلى ورثتها طبقاً لنص المادة 145 من القانون المدني، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص - فيما لم يكن فيه موضع نعى من الطاعنة - إلى عدم ثبوت إقامة الطاعنة مع والدتها وقت إزالة منزلها بما ينفى حقها في الاستئجار الذى تدعيه، بغض النظر عما إذا كان عقد الإيجار الصادر للمطعون عليه الأول صحيحاً أو باطلاً فإن النعي على الحكم الصادر في الموضوع يكون ولا محل له، لما كان ما تقدم وكان الطعن في الحكم الموضوعي على غير أساس فإن النعي على الحكم الذى قضى بوقف التنفيذ مؤقتاً يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إن المطعون عليهما لم يدعيا صدور عقد إيجار شقة النزاع إليهما بل أنهما يسلمان بصدوره إلى والدتها ومع ذلك قضى الحكم بقبول الاستئناف المرفوع منهما دون أن يبين صفتهما في رفعه وسندهما القانوني في البقاء بشقة النزاع، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن المقرر وفقاً لنص المادة 211 من قانون المرافعات أن لكل من كان طرفاً في خصومة أن يطعن في الحكم الصادر فيها ضده ما لم يقبله صراحة أو ضمنا بما يفيد تنازله عن حق الطعن فيه أو كان قد قضى له بكل طلباته، وإذ كان البين أن الطاعنة اختصمت المطعون عليهما في الدعوى ليقضى ضدهما بتمكينها من شقة النزاع باعتبارهما غاصبين لها وقد صدر الحكم الابتدائي لصالحها فإنه تكون لها صفة في الطعن على هذا الحكم بالاستئناف أياً كن سندها القانوني في المنازعة، ويكون الحكم الاستئنافي إذ قضى بقبول الاستئناف قد صادف صحيح القانون. لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تثر أمام محكمة الاستئناف أى نزاع حول مدى توافر الصفة في المطعون عليهما للطعن على الحكم فإن نعيها على الحكم المذكور في هذا الخصوص يكون غير وارد.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق