جلسة 8 نوفمبر سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، إبراهيم فراج، صبحي رزق ومحمد أحمد حمدي.
----------------
(326)
الطعن رقم 1020 لسنة 46 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن".
إخلاء المستأجر من العين المؤجرة لتغييره وجه الاستعمال بما ينافى شروط العقد. م 23 ق 52 لسنة 1969 شرطه أن يلحق بالمؤجر ضرر. إزالة المستأجر ما أجراه من تغيير. لا يمنع من إخلائه من العين المؤجرة.
(2) حكم "تسبيب الحكم" استئناف.
إفصاح الحكم الاستئنافي عن الأساس السليم لقضائه. لا يعيبه عدم تخطئته الحكم الابتدائي الذي أيده أو عدم فهمه لمرماه طالما لم يكن لذلك تأثير على جوهر قضائه.
(3، 4) إثبات "الكتابة. القرائن".
(3) الصورة الرسمية لمحاضر جمع الاستدلالات. جواز استناد الحكم إلى ما ورد فيها كقرينة قضائية. القضاء بأن المعاينة الواردة بالمحضر لها حجيتها ولا يجوز الطعن عليها إلا بالتزوير. خطأ.
(4) تضمين محضر الشرطة أن معاينة مسكن المستأجر قد تمت بموافقة. للمحكمة المدنية الاعتداد بما ورد بهذه المعاينة كقرينة طالما أن المحكمة الجنائية لم تقض ببطلان هذا الإجراء.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 256 لسنة 1975 مدنى أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بإخلائه من العين الموضحة بالصحيفة وتسليمها له. وقال شرحا لها أنه بعقد مؤرخ 1/ 4/ 1963 استأجر منه الطاعن المنزل رقم....... بالعمرانية بالجيزة لاستعماله سكناً خاصاً له ولكنه غير من الغرض الذى تم التعاقد عليه، واستخدم المنزل والحديقة المحيطة به مصنعا لصناعة المشايات والدواسات ووضع بها أنوالاً كبيرة لتصنيعها، واستعمل العين المؤجرة بطريقة تتجافى مع شروط الإيجار المعقولة، بأن قطع أشجار الحديقة ولوث الجدران بألوان الصباغة بما يبيح إخلاءها منه فقد أقام دعواه وبتاريخ 8/ 6/ 1975 حكمت المحكمة بندب أحد الخبراء لمعاينة العين المؤجرة لبيان ما إذا كان قد تغير وجه استعمالها عما هو ثابت بالعقد ومدى هذا التغير ووجه الضرر العائد منه وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وحكمت بتاريخ 5/ 1/ 1976، بإخلاء المكان المؤجر وتسليمه إلى المطعون عليه بالحالة التي كانت عليه وقت التعاقد. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 698 لسنة 93 ق القاهرة بطلب إلغائه ورفض الدعوى، وبتاريخ 25/ 11/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والخطأ في الإسناد، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم تبنى أسباب الحكم الابتدائي الذي قضى بالإخلاء على سند من أن مجرد التغيير في وجه الاستعمال المنصوص عليه في عقد الإيجار يرتب للمؤجر حقاً في الإخلاء طبقاً للمادة 23 (جـ) من القانون رقم 52 لسنة 1969 دون حاجة لتوفر الضرر ما دام المنع مشروطا في العقد، فى حين أن توافر الضرر عند تغيير وجه الاستعمال مشروطاً للإخلاء ولو تضمن العقد الحظر من التغيير. هذا إلى أن محكمة الاستئناف نسبت إلى حكم محكمة أول درجة أنه استجاب لطلبات المطعون عليه استناداً إلى ما ثبت له من مخالفات الطاعن لشروط عقد الإيجار محل الدعوى بشكل أضر به، بينما الواقع أن الحكم الابتدائي لم يتحدث عن الضرر ورفض مناقشته واعتبره مفترضاً بمجرد وقوع المخالفة، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادة 23 (جـ) من القانون رقم 52 لسنة 1969 أنه لا يجوز للمستأجر أن يحدث تغييراً في العين المؤجرة، بدون إذن المؤجر إلا إذا كان هذا التغيير لا ينشأ عنه ضرر للمؤجر، فإذا امتنع الضرر ارتفع الحظر، لا يغير من ذلك أن يتضمن العقد منعاً صريحاً من إجراء أي تغيير في العين المؤجرة، وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه بالإخلاء على تغيير وجه الاستعمال للعين المؤجرة وأن هذا التغيير رتب ضرراً للمطعون عليه، استخلاصاً من تحقيقات الشرطة، وما جاء بتقرير الخبير من وجود أكوام من الدواسات بالحديقة على شكل أكوام كثيرة وبكميات وفيرة، ووجود نولين مركبين لصناعة الدواسات، ومن قطع فروع أشجار وإلقائها بالحديقة وامتلاء إحدى حجرات السكن بالأدوات اللازمة للصناعة التي يمارسها الطاعن ومن تلوث الحائط بالأصباغ ومحاولة طمسها بالحريق، فإن ما خلص إليه الحكم على هذا النحو كاف لتوافر الضرر فى جانب المطعون عليه من جراء تغيير وجه استعمال العين المؤجرة، خلافاً لمذهب الحكم الابتدائى الذى افترض وجود الضرر بمجرد وقوع المخالفة، وقرر أن تحققها يسلب القاضى سلطته التقديرية فى الفسخ. ولما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه إفصاحه عن تخطئة حكم محكمة أول درجة فى هذا الشأن، طالما قد أوضح فى حيثياته الأساس السليم الذى استند إليه فى قضائه، ولا عليه إن هو أخطأ فى فهم ما رمى إليه حكم محكمة أول درجة ما دام لم يكن له تأثير على جوهر قضائه، ويكون النعي بالخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم اعتمد في قضائه بالإخلاء على محضر المعاينة المؤرخ 30/ 1/ 1975 الذي تم في المحضر رقم 53 لسنة 1975 جنح بولاق الدكرور، والذى أثبت فيه أمين الشرطة حدوث بعض التلفيات بالمنزل محل النزاع، وذهب إلى أن له حجية مطلقة باعتباره محضراً رسمياً لا يجوز الطعن عليه بغير الادعاء بتزويره، وأن الطاعن لم يستطع النيل منه، وأطرح في ذات الوقت محضر إعادة المعاينة الذى أجراه أحد الضباط في 8/ 3/ 1975، في حين أن محضر أمين الشرطة ليس إلا محضر جمع استدلالات وليس له حجية ويجوز دحض ما حواه، وغير مفهوم إطراح محضر إعادة المعاينة رغم أنه هو الآخر بحسب منطق الحكم تكون له ذات الحجية. هذا إلى أن أمين الشرطة أجرى المعاينة في المسكن دون أن يكون مأذوناً له من النيابة العامة بدخوله فتكون المعاينة باطلة عملا بالمادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية لما فيه من افتئات على حرية المواطنين واعتداء على حرمة المسكن، فلا يجوز التعويل عليه في الإثبات. بالإضافة إلى أن إعادة المعاينة التي تمت بناء على شكوى من الطاعن، والتي حجبت المحكمة نفسها عن مناقشة الدليل المستمد منها، قاطعة بعدم صحة المعاينة الأولى، ودليل على أنه لم يحدث تغيير في استعمال العين المؤجرة أصلاً. علاوة على أن الحكم استند إلى ما ورد بالمعاينة الأولى من قطع الأشجار دون بيان ما إذا كانت هذه الأشجار من مكونات الحديقة عند بداية الانتفاع، وذهب إلى أن الفترة بين المعاينتين كافية لاستزراع بعض الأشجار بدل التي اقتلعت رغم عدم إمكان ذلك فنياً، وإذ لم يرد الحكم على ما ساقه الطاعن من دفاع في هذا الصدد فإنه فضلاً عن مخالفة القانون والفساد في الاستدلال يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت محاضر جمع الاستدلالات التي تقدم صورها الرسمية في الدعاوى المدنية لا تعدو أن تكون مستنداً من مستندات الدعوى، من حق المحكمة أن تستخلص مما تضمنته من استجوابات ومعاينات مجرد قرينة تستهدى بها للتوصل إلى وجه الحق في الدعوى المعروضة عليها، فلها أن تأخذ بها ولها أن تهدرها ولها أن تنتقى جزءاً منها وتطرح سائره، دون أن يكون لها تأثير عليها في قضائه، ولئن كان ما قرره الحكم المطعون فيه من أن المعاينة الأولى التي أجريت في محضر جمع الاستدلالات المشار إليه بسبب النعي لها حجية ولا يجوز الطعن عليها إلا بالتزوير، يعد بهذه المثابة خطأ في تطبيق القانون، إلا أنه لما كان الواضح من الحكم أنه في واقع الأمر قد وازن بين المعاينتين واعتد بأولاهما في نطاق السلطة المخولة لقاضى الموضوع وإهدار الدلالة المستمدة من الثانية على سند من أن الفترة الفاصلة بينهما تكفى تماما لإزالة أسباب المخالفة التي وقعت من قبل وأن حق المؤجر في طلب الإخلاء يثبت بمجرد وقوع المخالفة ولو أزيلت بعد ذلك، ولما كان ما أنهى إليه الحكم في هذا الخصوص صحيحاً فى القانون، وكان هذا الاستخلاص سائغا وله سنده من الأوراق، فإن ما ساقه الحكم المطعون فيه من قول لا يعدو أن يكون فضلة زائداً القول فيها ويكون النعي في شأنها غير منتج. لما كان ذلك وكان الثابت من محضر الجنحة المشار إليه بسبب النعي أن محرر محضر جميع الاستدلالات قد أثبت أن الطاعن قد سمح له بدخول المسكن والحديقة وأنه تمكن بذلك من إجراء المعاينة، وكانت الأوراق خلواً بما يفيد أن الطاعن دفع أمام المحكمة الجنائية ببطلان التفتيش وأن حكماً صدر بذلك، حتى يمكن القول بارتباط القاضي المدني بالحكم الجنائي في معنى المادة 406 من القانون المدني. فإن من حق المحكمة المدنية أن تتخذ مما ورد في المعاينة قرينة تعتمد عليها في قضائها، وتكون دعوى مخالفة القانون غير وارده. لما كان ما تقدم وكانت القرائن والأدلة التي ساقها الحكم تدعيماً لرأيه طبقاً لما جاء بالرد على السبب الأول سائغة وتكفى لحمل قضائه، فلا عليه أن هو كف عن تتبع الطاعن في جميع مناحي دفاعه، ولم يرد على كل منها استقلالاً لما في ذلك من رد ضمني سقط بها، ويكون النعي بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق