جلسة 2 من نوفمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميره ومحمد زايد نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغريانى وأحمد عبد الرحمن.
--------------
(141)
الطعن رقم 2814 لسنة 59 القضائية
(1) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة. لا يلزم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة. يكفي أن يكون ثبوتها مستخلصاً بالاستنتاج من الظروف والقرائن.
(3) إثبات "بوجه عام". استدلالات.
تحريات الشرطة. قرينة تعزز الأدلة الأخرى.
(4) إثبات "بوجه عام". استدلالات.
الاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات. لا محل له.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود مرجعه إلى محكمة الموضوع. أخذها بأقوال شاهد مفاده: إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(6) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إقناعية الأدلة في المواد الجنائية. للمحكمة. الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. حد ذلك؟
(7) قطاع عام. موظفون عموميون. قانون "تطبيقه". عقوبة "تطبيقها". نقض "الحكم في الطعن" "حالات الطعن. الخطأ في القانون". عزل.
العاملون في شركات القطاع العام. اعتبارهم في حكم الموظفين العموميين بالنسبة لجرائم الرشوة والاختلاس وتلك الواردة في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.
نطاق تطبيق المادتين 26، 27 عقوبات. مقصور على الموظفين العموميين دون غيرهم. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى توقيع عقوبة العزل على الطاعن رغم أنه ليس موظفاً عاماً. خطأ في القانون. يوجب التصحيح.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: اشتركا وآخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر التصديق على عقد بيع السيارة رقم (.......) لسنة 1987 المنسوب صدوره لمكتب توثيق الإسكندرية وذلك بطريق الاصطناع بأن اتفقا معه على ذلك وساعداه بأن أمداه بالبيانات اللازمة فقام المجهول بإثباتها في المحرر سالف الذكر ووقع عليه بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين بتحريرها وبصمه ببصمة خاتم مقلد لهذه الجهة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: قلدا بواسطة غيرهما خاتماً لإحدى المصالح الحكومية هو خاتم شعار الجهورية الخاص بمكتب توثيق الإسكندرية واستعملاه بأن وضعا بصمته على محضر التصديق موضوع التهمة الأولى. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتها طبقاًً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 27، 40/ 2، 3، 41، 206، 211، 212 من قانون العقوبات مع إعمال المواد 32/ 2، 17، 55/ 1، 56/ 1 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما هو منسوب إليهما وبعزل المحكوم عليه الأول من وظيفته لمدة سنتين وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجريمتي الاشتراك مع آخر في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وتقليد خاتم لإحدى المصالح الحكومية قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن كل دليل من الأدلة التي عول عليها الحكم بالنسبة للطاعن الأول لا تؤدي إلى ثبوت الاتهام في حقه واستند الحكم في إدانته للطاعن الثاني إلى عبارات غامضة، والتفت عما أثاره الطاعن الأول بالجلسة من انتفاء علمه بالتزوير، وقضى بعزله من الوظيفة العامة لمدة سنتين مع أنه يعمل بشركة....... إحدى شركات القطاع العام ولا يعد موظفاً عاماً، وعول الحكم في إدانة الطاعن الثاني على أقوال الضابط وتحرياته دون أن يعرض للدفع المبدى منه بجلسة المحاكمة من عدم جدية تحريات هذا الضابط كما لم يعرض للمستندات المقدمة منه والتي تثبت أنه وقت الحادث لم يكن بمكتب الإسكندرية وتؤيد دفاعه من أن الواقعة غير صحيحة وأن الطاعن الأول لفق له الاتهام، وذلك كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها "تتحصل في أنه بتاريخ...... اشترك المتهمان...... و....... ومجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر التصديق على عقد بيع السيارة رقم...... لسنة 1987 والمنسوب صدوره من مكتب توثيق الإسكندرية وذلك بطريق الاصطناع بأن اتفقا معه على ذلك وساعداه بأن أمداه بالبيانات اللازمة فقام المجهول بإثباتها في المحرر سالف الذكر ووقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين بتحريرها كما بصم ببصمة خاتم هذه الجهة فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة كما قلد المتهمان بواسطة غيرهما خاتماً لإحدى المصالح الحكومية هو خاتم شعار الجمهورية الخاص بمكتب توثيق الإسكندرية واستعملاه بأن بصما به على محضر التصديق المزور موضوع التهمة الأولى، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال النقيب...... الضابط بقسم مكافحة جرائم الأموال العامة و...... و....... و....... و....... وما جاء بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي - لما كان ذلك وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها يقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتبت عليه ويصح استدلال الحكم به على ثبوت وقائع الاشتراك في تزوير المحرر الرسمي وتقليد بصمة خاتم لإحدى المصالح الحكومية واستعمالها في حق الطاعنين. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت علم الطاعن الأول بالتزوير بقوله "إن..... بأقواله أن المتهم الأول عرض عليه أن يقوم بإنهاء التصديق على العقد باعتبار.... كبائعة له مباشرة بدلاً من..... بما مفاده أن المتهم الأول كان يعلم بالشكل الذي يتم به العقد المضبوط من قبل أن يسوق الدفاع الخاص بصديقه المتوفى..... وقد أنكر المتهم الثاني معرفة......" وهو قول سائغ وكاف للرد على دفاع الطاعن الأول من انتفاء علمه بالتزوير، فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية كما أنه لا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات. وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى - وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة يسوغ ما رتب عليه ويصح به استدلال الحكم. فإن ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض - وإذ كان البين من - المفردات المضمومة أن الطاعن الأول من العاملين بشركة...... وهي إحدى شركات القطاع العام، وكان العاملون في شركات القطاع العام وإن اعتبروا في حكم الموظفين العموميين في جرائم الرشوة واختلاس المال العام وغيرها من الجرائم الواردة في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات إلا أنهم لا يدخلون في نطاق المادتين 26 و27 من قانون العقوبات اللتين يقتصر تطبيقهما وفق صريح نصهما على الموظفين العموميين دون من في حكمهم. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن الأول عقوبة العزل لمدة سنتين يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة العزل المقضى بها على الطاعن الأول..... ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق