جلسة 22 فبراير سنة 1966
برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة،
وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم
الصراف، وعثمان زكريا.
---------------
(50)
الطعن 257 لسنة 31 ق
(1) فوائد " الفوائد التعويضية".
سعر الفوائد التعويضية هو السعر الاتفاقي. جواز اعتبار السعر القانوني معبراً عن إرادة الطرفين في ذلك .
(2) عادات تجارية . نقض " مسائل
الواقع". محكمة الموضوع .
العادات التجارية من مسائل الواقع لقاضي الموضوع أمر التثبت منها .
عدم تمسك الطاعن أمام
محكمة الموضوع بقيام عرف تجاري في شأن سعر الفائدة التعويضية إذا لم يحدده الطرفان . عدم جواز إثارة ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة .
--------------
1 - وإن كانت الفوائد التعويضية على ما
يبين من المادة 227 من القانون المدني ليس لها إلا سعر واحد هو السعر الاتفاقي
الذي يحدده الطرفان إلا أن ذلك لا يمنع من اعتبار السعر القانوني معبراً عن إرادتهما إذا لم يفصح الطرفان عن ذلك.
2 - تعتبر العادات التجارية من مسائل الواقع التي
يترك أمر التثبت منها لقاضى الموضوع ، فإذا كانت الطاعنة لم تقدم ما يفيد سبق
تمسكها أمام محكمة الموضوع بما يستدل منه على قيام عرف تجارى باحتساب سعر الفوائد التعويضية بواقع
5ر6% إذا لم يتفق الطرفان على تحديدها فانه لا يجوز إثارة هذه المسألة لأول مرة أمام
محكمة النقض .
----------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 933 لسنة 1959 تجاري كلي
إسكندرية تطلب الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يدفع لها مبلغ 1923ج و596م والفوائد القانونية من تاريخ الإنذار الحاصل في 18/12/1958 حتى السداد.
وقالت بيانا لدعواها إنه بمقتضى عقد مؤرخ 14/11/1957 باعت عن طريق
وكيلها بمصر - إلى المطعون ضده 200 طن فول سوداني بقشره وارد الخرطوم بسعر الطن الواحد 42ج .......... وأن المشتري دفع من الثمن 1000ج وتعهد
بالحصول على إذن استيراد لشحن البضاعة إلى مصر في موعد غايته 31/12/1957 وإلا بيعت
البضاعة لحسابه في الخرطوم مع تحمله ما ينتج عن ذلك من خسارة، وأنه لما لم يتمكن المطعون ضده من الحصول على الإذن في
الموعد المذكور فقد اتفق الطرفان على مد الأجل إلى آخر يناير سنة 1958 على أن
يتحمل المشتري مصاريف التخزين وجعل التأمين وفوائد التأجيل ثم امتد الأجل بعد ذلك
أكثر من مرة إلى أن تم الاتفاق بينهما في 25/3/1958 على بيع البضاعة في الخرطوم في
7/11/1958 لحساب المطعون ضده وتحت مسئوليته وتضيف الطاعنة أنه قد تم البيع فعلا في
التاريخ المذكور وأسفر عن خسارة قدرها 2923ج و596م يلزم بها المطعون ضده وأنه يخصم مقدم الثمن
الذي دفعه ومقداره 1000ج من قيمة تلك الخسارة يكون الباقي 1923ج و596م وهو ما طلبت الطاعنة الحكم به. دفع المطعون ضده باستحالة تنفيذ العقد
لقيام قوة قاهرة منعته من الحصول على إذن الاستيراد من السلطات المختصة بسبب قطع
العلاقات الاقتصادية بين مصر والسودان في ذلك الحين وطلب رفض الدعوى.
كما قدم طلبا عارضا بإلزام الطاعنة بأن ترد له مقدم الثمن المدفوع منه
ومقداره 1000ج وبتاريخ 30 يونيه سنة 1960 حكمت المحكمة الابتدائية بإلزام المطعون
ضده بأن يدفع للطاعنة مبلغ 1923ج و596م والفوائد بواقع 5%
من تاريخ الحكم حتى الوفاء، وبرفض الطلب العارض. استأنف المطعون ضده هذا الحكم
بالاستئناف رقم 306 سنة 16ق إسكندرية، ومحكمة الاستئناف حكمت في 12 أبريل سنة 1961
بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعنة مبلغ 343ج و349م والفوائد بواقع 5% من تاريخ الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في 30/6/1960
حتى السداد، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 13 مايو سنة 1960
وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على
دائرة فحص الطعون - فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 1/2/1966
وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على
خمسة أسباب، مبنى السبب الأول منها بطلان الحكم المطعون فيه فيما قضى به من نفي
حصول إعادة البيع في 7/ 11/ 1958 لإخلاله بدفاع جوهري ولقيامه على استخلاص غير
سائغ ومخالفته الثابت في الأوراق وذلك من الوجوه الثلاثة الآتية: (أولها) أن الطاعنة
تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن البضاعة تم بيعها في 7/ 11/ 1958 واستدلت
على ذلك بالمستندات المقدمة منها وهي كشف مستخرج من واقع دفاترها المنظمة وعلم وزن
تفصيلي في ذات التاريخ بكمية البضاعة وفاتورة صادرة إلى المشتري مع إقرار منه
بحصول البيع إليه في 7/ 11/ 1958 وشهادة صادرة من الغرفة التجارية بالسودان بسعر السوق في هذا التاريخ، كما طلبت في مذكرتها المقدمة بجلسة 22/ 3/ 1963
احتياطياً ندب خبير للانتقال إلى السودان والاطلاع على دفاترها التجارية للتثبت من
صحة البيانات الواردة بها ومطابقتها للمستندات المقدمة في الدعوى، إلا أن الحكم
المطعون فيه أغفل هذا الطلب والتفت عن دفاعها المؤيد بالمستندات وقضى في أسبابه بأن واقعة إعادة البيع على
حساب المطعون ضده في 7/ 11/ 1958 غير صحيحة. وحاصل الوجه الثاني أن الحكم استدل
على عدم حصول بيع البضاعة في 7/ 11/ 1958 بما قرره من أن الفاتورتين الصادرتين من
الطاعنة إلى المطعون ضده في 15/ 1/ 1959، 10/ 8/ 1959 محررتان عن ذات
البضاعة موضوع الدعوى، وإن القول بانصراف هاتين الفاتورتين إلى بضاعة أخرى غير
بضاعة الدعوى لا يستقيم مع قيام النزاع الحالي بين الطرفين،
إلا أن هذا الذي قرره الحكم هو استخلاص غير سائغ لأن قيام النزاع بشأن صفقة معينة لا يمنع من عقد
صفقات أخرى مع المطعون ضده، هذا إلى أن اختلاف الأرقام في الفاتورتين من ناحية
كمية البضاعة والثمن والتاريخ يفيد أنهما عن صفقة أخرى.
وحاصل الوجه الثالث مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت في الأوراق ذلك
أنه ورد في تقريراته "بأنه ليس هناك خلاف بين طرفي الدعوى على أن صور
الفواتير المذكورة هي عن البضاعة موضوع الدعوى" في حين أن الطاعنة ذكرت صراحة في مذكرتيها
المقدمتين أمام محكمة الموضوع أن الفاتورتين سالفتي الذكر عن صفقتين خلاف الصفقة محل النزاع بدليل عدم توافق الكميات والأسعار وهي
عبارات واضحة المعنى على خلاف ما نسبه الحكم إلى الطاعنة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما يأتي:
"وحيث إنه عن واقعة بيع المستأنف عليها (الطاعنة) للبضاعة موضوع الدعوى بتاريخ 7/
11/ 1958 تنفيذاً للتعاقد فإنه من غير المفهوم أن تكون البضاعة قد بيعت في التاريخ
المذكور ثم تصدر المستأنف عليها (الطاعنة) فاتورتين بتاريخي 15/ 1/ 1959، 10/ 8/
1959 لتدعيم عملية الاستيراد، والقول بأن الفاتورتين المذكورتين عن بضاعة
أخرى غير بضاعة الدعوى أمر لا يستقيم مع قيام النزاع بين طرفي الدعوى على الصفقة
موضوعها وادعاء الشركة بيعها البضاعة بخسارة كبيرة وإنكار المستأنف (المطعون ضده)
ذلك عليها كما هو واضح من البرقيات والرسائل المتبادلة بينهما سالفة الذكر والمودعة
بحافظة الطرفين،
وتغيير الأرقام فيها سواء من ناحية كمية البضاعة أو الثمن ليس بقاطع على أنها عن بضاعة
أخرى ذلك لأن الفاتورة الصادرة من المستأنف عليها بتاريخ 4 نوفمبر سنة 1957
والمرفقة بطلب الاستيراد قد تضمنت أن كمية البضاعة المبيعة 250 طناً وثمنها 43 ج
سيف السويس بينما التعاقد قد جرى على بيع 200 طن فقط وتضمنت صورة الفاتورة الصادرة
كذلك من الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) بتاريخ 4 يناير سنة 1958 أن البضاعة
المبيعة 250 طناً وأن الثمن 41 ج و500 م سيف السويس وهي مرفقة بطلب استيراد تاريخه
4 يناير سنة 1958 وتضمنت صورة الفاتورة الصادرة كذلك من الشركة أيضاً بتاريخ 25
يونيه سنة 1958 والمرفقة بطلب الاستيراد المؤرخ أول يوليه سنة 1958 أن البضاعة
المبيعة 250 طناً وأن الثمن 40 ج سيف السويس وليس هناك خلاف بين طرفي الدعوى على
أن صور الفواتير المذكورة هي عن البضاعة موضوع الدعوى ومن ثم إذا كان ما جاء بصورة الفاتورة المؤرخة
10 يناير سنة 1959 أن البضاعة المبيعة 250 طناً وأن الثمن 40 ج سيف أي ميناء مصري
وما جاء بصورة الفاتورة المؤرخة 10 أغسطس سنة 1959 من أن البضاعة المبيعة 250 طناً
وأن الثمن 40 ج سيف أي ميناء مصري فإنه ليس في ذلك ما يفهم منه أنهما عن بضاعة
غير بضاعة الدعوى بل أن ما توحيه كل من الفاتورتين المذكورتين هو أنهما عن البضاعة
موضوع الدعوى وأن المستأنف عليها الطاعنة شاركت المستأنف - المطعون ضده - مسعاه
المجدد لاستيراد البضاعة في تاريخ لاحق الأمر الذي يقطع أن البضاعة لم تكن بيعت في
تاريخ 7/ 11/ 1958 وأما اختلاف الأثمان في الفواتير المذكورة فإنه يصدق معه أن
طرفا الدعوى قد أرادا أن يشعرا السلطة مانحة الإذن أن الطلب الجديد تضمن بضاعة غير
الطلب السابق المرفوض وذلك توهماً منهما أن ذلك قد ييسر عملية الاستيراد، ومن ثم
إذا كانت واقعة البيع لم يصدق حصولها في 7/ 11/ 1958 يكون كل شيء على ذلك من أوراق
تدعم حصول بيع وخسارة في اليوم المذكور لا محل لاعتبارها" ويبين من ذلك أن
الحكم المطعون فيه استدل على عدم حصول بيع البضاعة في 7/ 11/ 1958 بما استخلصه من
القرائن وظروف الحال ومن المستندات التي أشار إليها ومنها الفاتورتين اللاحقتين
على هذا التاريخ الصادرتين من الطاعنة إلى المطعون ضده في 15/ 1/ 1959 و10/ 8/
1959 عن ذات البضاعة موضوع الدعوى. ولما كان هذا الذي استخلصه الحكم هو استخلاص
موضوعي سائغ من شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه، فإنه لا تثريب على المحكمة إذ هي
أطرحت مستندات الطاعنة في هذا الخصوص، ولا عليها أيضاً إذا هي لم ترد على طلب الطاعنة
بندب خبير للاطلاع على دفاترها بالخرطوم ما دام أن الأسباب التي بني عليها الحكم
تفيد أن المحكمة لم تكن بحاجة إلى إجابة هذا الطلب، ومن ثم يكون النعي بالوجهين
الأول والثاني على غير أساس - أما ما تنعاه الطاعنة في الوجه الثالث بمخالفة الحكم
للثابت في الأوراق بما قرره من أنه "ليس هناك خلاف بين طرفي الدعوى على أن
صور الفواتير المذكورة هي عن البضاعة موضوع الدعوى" فمردود بأن تقريرات الحكم واضحة كل الوضوح
بأن المقصود بالفواتير التي لم يقم أي خلاف بين الطرفين على أنها عن البضاعة موضوع الدعوى هي الفواتير المؤرخة 4 نوفمبر سنة 1957 و4 يناير
سنة 1958 و25 يونيه سنة 1958. أما الفاتورتان المؤرختان 15/ 1/ 1959 و10/ 8/ 1959،
فإن الحكم لم يقل إنه لم يحصل أي خلاف بين الطرفين على أن هاتين الفاتورتين هما عن البضاعة موضوع الدعوى ولكنه على ما سلف بيانه - استخلص من الظروف
والملابسات المحيطة بالدعوى أنهما حررتا عن ذات البضاعة موضوع الدعوى. ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه في غير محله
أيضاً.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور
والتناقض، ذلك أنه بعد أن نفى حصول بيع البضاعة في 7/ 11/ 1958 عاد إلى القول بأنه
ثبت لديه أن البضاعة قد صفيت دون أن يبين الأسباب التي بنى عليها حصول التصفية،
ولا ما يقصده منها ولا التاريخ الذي تمت فيه، وقد أدى هذا التناقض إلى الإضرار
بحقوق الطاعنة ذلك أنه إن كانت البضاعة لم تبع حقيقة في 7/ 11/ 1958 كما ذهب الحكم
لكان من حق الطاعنة أن يحكم لها بمصاريف التخزين وجعل التأمين والفوائد مقابل الأجل عن المدة التالية لتاريخ 7/ 11/ 1958 حتى يوم البيع فوق المبالغ التي حكم
لها بها لغاية 7/ 11/ 1958، وإذا كانت المحكمة رأت أن إعادة البيع قد حصلت، فكان
يتعين عليها أن تبين تاريخ البيع على وجه التحديد والسعر الجاري
وقتئذ لبيان قيمة الفرق الذي تستحقه الطاعنة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه
بعد أن عرض إلى الاتفاق المعقود بين الطرفين في 25 مارس سنة 1958 بأن تتولى الطاعنة بيع البضاعة لحساب المطعون ضده
في الخرطوم في 7/ 11/ 1958 استدل على نفي حصول البيع في هذا التاريخ بأسباب سائغة
على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول، وخلص من ذلك إلى أن البضاعة صفيت وأجرى
حساب التصفية على أساس سعر شهر نوفمبر سنة 1958 الثابت في الشهادة الصادرة من بنك مصر القديمة
المقدمة من الطاعن والتي
ثبت فيها أن سعر الطن من الفول السوداني بقشره بضاعة خالية العيوب غرب بور سودان محصول
سنة 57/ 1958 خلال شهر نوفمبر سنة 1958 حوالي 37 ج و500 م. ولما كان مؤدى ما تقدم
أن الحكم بنى ثبوت حصول التصفية تأسيساً على ما استخلصه من عدم بيع البضاعة في
الميعاد المتفق عليه بين الطرفين وهو 7 نوفمبر
سنة 1958، ثم أجرى المحاسبة بينهما على أساس سعر البضاعة في شهر نوفمبر سنة 1958 من واقع الشهادة الصادرة من بنك مصر،
فإنه لا يكون هناك ثمة تعارض بين مقدمات الحكم وما انتهى إليه. لما كان ذلك، وكانت
الأسباب التي أقيم عليها الحكم في هذا الخصوص تكفي لحمله فإن النعي بهذا السبب
يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي ببطلان الحكم لعدم استناده إلى
أساس قانوني فيما يتعلق بتحديد السعر الذي
اتخذه أساساً للتصفية - وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن المستندات المقدمة منها ومن
بينها الشهادة الصادرة من الغرفة التجارية بالسودان بتاريخ 8/ 11/ 1958 تدل على
حصول بيع البضاعة لحساب المطعون ضده في 7/ 11/ 1958 بسعر 260
قرشاً للأردب الواحد، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذه المستندات
واستند في تحديد سعر البضاعة إلى خطاب صادر إلى المطعون ضده من بنك مصر في الخرطوم يفيد أن سعر بيع الطن
من الفول السوداني محصول 57/ 1958 حوالي 37 ج و500 م مع أن شهادة الغرفة التجارية
التي لم يأخذ بها الحكم صادرة من جهة لها خبرة بأسعار المحاصيل السودانية بينما
الشهادة الصادرة من بنك مصر لم يذكر فيها سعر البضاعة على سبيل التحديد. وأضافت الطاعنة أنها حررت إلى بنك مصر
خطابين في 29/ 4/ 1961، 4/ 5/ 1961 تستطلع رأيه في شأن سعر الفول السوداني في 7/ 11/ 1958 فرد عليها بالخطابين المؤرخين 3، 6
مايو سنة 1961 بأنه ليس لديه إحصائيات محفوظة في أسعار المحاصيل السودانية مما يدل
على عدم صلاحية الشهادة الصادرة من البنك التي استند إليها الحكم في تحديد السعر وإجراء المحاسبة بين الطرفين على مقتضاها.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قرر ما يأتي "وثبت من
الشهادة الصادرة من بنك مصر والتي قدمها المستأنف - المطعون ضده - أن سعر بيع الطن
من الفول السوداني بقشره بضاعة خالية العيوب غرب السودان محصول سنة 1957 - 1958
حوالي 37 ج و500 م للطن وذلك رداً على طلب المستأنف - المطعون ضده - ولا شك أن
المحكمة تطمئن لما جاء بورقة بنك مصر الصادرة من الخرطوم في 20/ 2/ 1961 إذ أن
البنك بعيد عن النزاع فضلاً عن أنه محل ثقة واطمئنان". ولما كانت المحكمة بما لها من سلطة
تقديرية في الأخذ بالدليل الذي ترتاح إليه، قد أجرت الحساب على أساس السعر المبين بالشهادة الصادرة من بنك مصر لاطمئنانها إليها، فإنه لا عليها
إذ هي أطرحت مستندات الطاعنة في هذا الخصوص ولا يجدي الطاعنة تمسكها بالخطابات
المتبادلة بينها وبين بنك مصر والمودعة بملف الطعن بالأرقام
21، 22، 23، 24 للاستدلال بها على أن البنك المذكور ليس لديه إحصائيات محفوظة عن أسعار
المحاصيل السودانية إذ لا يجوز لها التحدي بهذه الخطابات أمام محكمة النقض لعدم
سبق عرضها على محكمة الموضوع ومن ثم يكون النعي بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في
الإسناد والقصور في التسبيب ذلك أنه قرر في أسبابه أن الطاعنة قدرت مصاريف تخزين
البضاعة بواقع 9 ج و500 م عن الطن الواحد في مدة 15 يوماً وأنه لا يقرها على هذا التقدير، بأن خفضه
إلى مبلغ جنيه واحد عن كل طن في الفترة ما بين 1/ 1/ 1958 و7/ 11/ 1958 وهذا التقدير الذي
أورده الحكم مخالف للثابت في الأوراق، إذ أن مصاريف التخزين قدرت في الفاتورتين
المقدمتين منها بمبلغ 905 قروش عن كل طن. كما شاب الحكم القصور لتقديره مصاريف التخزين بواقع جنيه واحد عن كل طن،
دون أن يبين الأساس الذي بني عليه هذا التقدير.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود بأنه وإن كان الحكم المطعون فيه
قد أورد خطأ أن الطاعنة قدرت مصاريف التخزين بواقع 9 ج و500 م عن كل طن،
إلا أن هذا الخطأ غير مؤثر في الحكم إذ أنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً تداركته
المحكمة بعد ذلك بأن أوردت جملة المصاريف التي قدرتها الطاعنة في هذا الشأن وهي
تبلغ 399 ج ومردود في شقه الثاني بما قرره الحكم من أنه "فيما يتعلق بأجر
التخزين في المدة من 1/ 8/ 1958 حتى 7/ 11/ 1958 والتي التزم بها المستأنف -
المطعون ضده - في العقد دون تحديد لقيمتها فإن المحكمة ترى أن المبلغ الذي حددته
المستأنف عليها - الطاعنة - للتخزين مبالغ فيه وترى تخفيضه إلى مبلغ 200 ج في هذه
المدة بواقع أجر تخزين الطن الواحد في هذه المدة بمبلغ 1 ج" وهذا الذي قرره
الحكم لا ينطوي على قصور في التسبيب ذلك أنه لما كان الطرفان لم يتفقا على تحديد
أجر التخزين فإن المحكمة بما لها من سلطة التقدير أن تحدد الأجر الذي تراه
مناسباً، وبحسبها أن تذكر أن تقدير الطاعنة مبالغ فيه إذ يكفي ذلك لحمل قضائها في
هذا الخصوص. ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة
القانون في وجهين (أولهما) أن الطاعنة طلبت الحكم بفوائد مقابل امتداد الأجل عن المدة من
1/ 1/ 1958 إلى 7/ 11/ 1958 بواقع 6.5 % سنوياً إلا أن الحكم خفض هذه الفوائد إلى السعر القانوني بواقع 5
% في حين أنها فوائد تعويضية لا يمكن أن تكون إلا بسعر اتفاقي
ولا يطبق في شأنها السعر القانوني فإذا لم يكن الطرفان قد أفصحا عن هذا السعر وجب
البحث عن إرادتهما الضمنية في هذا الخصوص، وإذ أوردت الطاعنة في فاتورة حساب
المطعون ضده بأن هذه الفوائد تحسب بالسعر الذي
يتعامل به البنك وكان العرف قد جرى بين البنوك على تحديد سعر الفائدة التعويضية بواقع 6.5 % فكان يتعين على الحكم أن يلتزم هذا السعر (ثانيهما) أن الطاعنة طلبت في صحيفة دعواها الحكم لها بمبلغ 1922 ج
و596 م ويمثل الفوائد التأخيرية من تاريخ الإنذار الرسمي الحاصل في 18/ 12/ 1958، إلا أن
محكمة الدرجة الأولى لم تقض بهذه الفوائد إلا من تاريخ الحكم، وكذلك قضى الحكم المطعون فيه بالفوائد اعتباراً من تاريخ صدور الحكم الابتدائي في 30/ 6/ 1960 دون أن يشتمل
الحكمان على أي تسبيب لهذا القضاء مما يجعل الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور، هذا
إلى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون بقضائه بالفوائد من تاريخ
الحكم الابتدائي، إذ أن المبلغ المرفوع به الدعوى كان معلوم المقدار وقت الطلب مما
كان يتعين معه عملاً بالمادة 226 مدني أن يقضي لها بالفوائد القانونية
من تاريخ المطالبة القضائية.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود بأنه وإن كانت الفوائد التعويضية على ما يبين من المادة 227 من القانون المدني ليس لها إلا سعر واحد هو السعر الاتفاقي.الذي يحدده
الطرفان إلا أن ذلك لا يمنع من اعتبار السعر القانوني معبراً عن إرادتهما إذا لم يفصح الطرفان عن ذلك، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف
القانون. أما ما أثارته الطاعنة من أن العرف التجاري قد جرى على تحديد سعر الفوائد التعويضية بواقع
6.5 %، وأنه كان يتعين على محكمة الموضوع إنزال حكم هذا العرف على واقعة الدعوى،
فمردود بأنه لما كانت العادات التجارية تعد من مسائل الواقع التي يترك أمر التثبت
منها لقاضي الموضوع، وكانت الطاعنة لم تقدم ما يفيد سبق تمسكها أمام محكمة الموضوع
بالفاتورة المشار إليها بسبب النعي لتستدل بها على قيام عرف تجاري جرى باحتساب سعر الفوائد التعويضية بواقع
6.5 % إذا لم يتفق الطرفان على تحديدها، لما كان ذلك، فإنه لا يجوز إثارة هذه
المسألة لأول مرة أمام محكمة النقض. ومردود في وجهه الثاني بأنه لما كان قوام ما
تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص هو أنه أقر وجهة نظر الحكم الابتدائي فيما قضى به من احتساب الفوائد من تاريخ
الحكم المذكور، وكانت الطاعنة لم تستأنف الحكم الابتدائي فيما قضى به لها من فوائد
تأخيرية من تاريخ صدوره فإن هذا الشق من الحكم يكون انتهائياً بالنسبة لها ومن ثم
فلا يصح الطعن فيه
بطريق النقض ومتى تقرر ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق