باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة العمالية
برئاسة السيد القاضي/ إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حسام قرني ، سمير عبد المنعم والدسوقي الخولي ومحمد الإتربي نواب رئيس المحكمة
ورئيس النيابة السيد/ كريم عاطف.
وأمين السر السيد/ محمد إسماعيل.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة
القاهرة.
في يوم الأربعاء 24 من صفر سنة 1441 هـ الموافق 23 من أكتوبر سنة 2019
م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 12687 لسنة 88 القضائية.
------------
1 - إذ كانت الإجازات السنوية للعامل قد
فرضها الشارع لاعتبارات من النظام العام لأن الحق فيها يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس
بالضرورة على كيان الجماعة، ويمس مصالحها العليا صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية وبالتالي
يكون الاتفاق على مخالفة القانون الذى أوجبها غير جائز ولا ينتج أثراً، وهى في نطاق
قانون العمل السابق الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أو في نطاق قانون العمل الحالي
الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أيام معدودات في كل سنة لا يجوز في غير الأحوال
المقررة في القانون الحرمان منها وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق
الغرض منها وفى ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام على النحو سالف البيان.
2 - إذ كانت لائحة نظام العاملين لدى الشركة
الطاعنة وبفرض صحتها قد تضمنت النص في المادة رقم (100) منها على حرمان من تنتهى
خدمته بالفصل عن المقابل النقدي عن إجازاته الاعتيادية غير المستنفدة، فإن هذا
النص يكون متعارضاً مع اعتبارات النظام العام، ويضحى لذلك باطلاً بطلاناً مطلقاً
لا ينتج أثراً ولا يعتد به بما يتعين معه الرجوع إلى أحكام قانون العمل الخاص في هذا
الشأن.
3 - إذ كان الثابت مما سجله الحكم المطعون
فيه بمدوناته أن الثابت من كتاب الشئون الإدارية لدى الشركة الطاعنة أن للمطعون
ضده رصيد إجازات غير مستنفد من سنة 2014 مقداره (12,5 يوماً) وكانت الطاعنة لا
تبرأ ذمتها من المقابل المستحق عن هذا الرصيد إلا إذا قدمت دليل كتابي يُثبت رفض
المطعون ضده القيام بهذه الإجازات إعمالاً للمادة 48 من قانون العمل الصادر
بالقانون رقم 12 لسنة 2003، ولما كانت الطاعنة لم تقدم هذا الدليل فإن الحكم
المطعون فيه إذ قضى بإلزامها أن تؤدى إليه مبلغ 2287 جنيه المقابل النقدي المستحق
عن هذا الرصيد من الإجازات، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويضحى هذا النعي على غير
أساس.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى
نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات أن الحكم
الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية
كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين
الجنائية والمدنية والوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، ومتى فصلت
المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يُمتنع على المحاكم المدنية أن تُعيد بحثها،
ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون
حكمها مخالفاً للحكم الجنائي، وأنه إذا قضى الحكم الجنائي ببراءة المتهم وكان سبب
البراءة هو عدم وقوع خطأ في جانبه فإن هذا الحكم يمنع القاضي المدني من أن يستمع
إلى الادعاء بوقوع الخطأ الذى قُضى بانتفائه.
5 - إذ كان الثابت مما سجله الحكم المطعون
فيه بمدوناته - وبما لا تمارى فيه الطاعنة – أن محكمة غرب الإسكندرية للجنح المستأنفة
قضت في الاستئناف رقم ... لسنة 2015 جنح مستأنف غرب الإسكندرية بتاريخ 28/4/2015
ببراءة المطعون ضده من تهمة الاشتراك في التجمهر واستعراض القوة والعنف والترويع
والاشتراك في التظاهر والإخلال بالأمن والنظام العام على أساس انتفاء الدليل على
ارتكابه هذه الجرائم، وإذ لم تقدم الطاعنة دليلاً على انتماء المطعون ضده لجماعة
إرهابية أو أن الحكم الجنائي لم يضحى باتاً بعد، ومن ثم تعين الالتزام بحجيته في انتفاء
الدليل على اقتراف المطعون ضده للجرائم السالفة والتي استدلت بها الطاعنة على
إخلاله بواجب المحافظة على كرامة الوظيفة وحسن السلوك والسمعة، وإذ استندت الطاعنة
في قرارها بفصل المطعون ضده من العمل لديها إلى هذا السبب رغم انتفاء الدليل عليه
بموجب حكم جنائي فإن هذا القرار يكون تعسفياً يستحق عنه المطعون ضده تعويضاً لا
يقل عن التعويض المشار إليه بالمادة 122 من قانون العمل المشار إليه، وإذ التزم
الحكم المطعون بهذا النظر وقضى للمطعون ضده بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي
لحقت به من جراء هذا الفصل، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويضحى هذا النعي على غير
أساس.
6 - إذ كان الدفاع المشار إليه بوجه النعي
متعلقاً بالنظام العام إلا أنه دفاع يخالطه واقع يقتضى تحقق المحكمة من تاريخ نشوب
النزاع بين الطاعنة والمطعون ضده متمثلاً في مطالبتها بالتعويض عن الفصل والمقابل النقدي
عن إجازاته السنوية وأجره أثناء مدة الوقف وهل سبق للمطعون ضده مطالبتها بهذه
المستحقات قبل رفع الدعوى أم لا، وإذ خلت الأوراق مما يثبت أن الطاعنة سبق لها
التمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يُقبل منها التمسك بهذا الدفاع
لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون هذا النعي غير مقبول.
7 - إذ كانت الطاعنة لم تقدم لائحة نظام
العاملين لديها رفق صحيفة الطعن للتحقق من صحة ما تنعاه في هذا الخصوص، إلا أنه لما
كان مفاد الفقرة الثانية من المادة 41 من قانون العمل الصادر بالقانون 12 لسنة
2003 أنه إذا كان عدم أداء العامل لعمله مرده أسباب قهرية خارجة عن إرادة صاحب
العمل استحق نصف أجره.
8 - إذ كانت الأجور المتغيرة لا تُستحق إلا
إذا باشر العامل العمل المقررة له هذه الأجور ، وأن الحوافز والأرباح والبدلات من
الأجور المتغيرة لا تُستحق إلا بتحقق سببها وهو مباشرة العمل.
9 - إذ كان عدم أداء المطعون ضده لعمله أثناء
مدة وقفه عن العمل مرده أسباب قهرية خارجة عن إرادة الشركة الطاعنة هي حبسه على
ذمة الجنحة رقم ... لسنة 2014 الدخيلة واستئنافها رقم ... لسنة 2015 مستأنف غرب
الإسكندرية فإنه لا يستحق إلا نصف أجره الأساسي عن تلك الفترة دون الأجور المتغيرة
من حوافز وبدلات وأرباح، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده
بكامل الأجر شاملاً الأجور المتغيرة سالفة البيان، فإنه يكون قد خالف القانون
وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 88 لسنة 2015 عمال غرب الإسكندرية
الابتدائية على الطاعنة - شركة ......... - انتهى فيها إلى طلب الحكم أولا: وبصفة
مستعجلة بإلزام الطاعنة أن تؤدي إليه تعويضا مؤقتا لحين الفصل في الدعوى بالقدر
المنصوص عليه بالمادة 71 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، ثانيا: وفي الموضوع
الحكم بإلغاء القرار الصادر من الطاعنة بفصله من العمل وإعادته للعمل وإلزامها بأن
تؤدي إليه التعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء
الفصل من العمل وتعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار والمقابل النقدي عن أجازاته
السنوية غير المستنفدة وما يستحقه من أجر وحوافز وبدلات وأرباح عن الفترة من تاريخ
وقفه عن العمل وما يستجد، وقال بيانا لها إنه كان من العاملين لدى الشركة الطاعنة
التي أصدرت قرارها رقم 1241 لسنة 2014 بوقفه عن العمل اعتبارا من 29/ 11/ 2014
بسبب التحقيق معه في قضية الجنحة رقم 41409 لسنة 2014 الدخيلة بتهمة التظاهر ثم
أصدرت قرارها رقم 1097 لسنة 2015 بفصله من العمل اعتبارا من 13/ 5/ 2015 بدون مبرر
ورغم القضاء ببراءته من الاتهام سالف الذكر بالحكم الصادر من محكمة الجنح
المستأنفة بتاريخ 28/ 4/ 2015 في الاستئناف 6772 لسنة 2015 (س غرب) وهو ما أصابه
بأضرار مادية وأدبية فضلا عن امتناع الطاعنة عن الوفاء له بما يستحقه من أجر
وحوافز وأرباح عن مدة وقفه عن العمل والمقابل النقدي عن أجازاته السنوية غير
المستنفدة، ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 30/ 5/ 2016
حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ (95 ألف جنيه) تعويضا ماديا
وأدبيا عن الفصل من العمل ومبلغ (ستة آلاف جنيه) تعويضا عن عدم مراعاة مهلة
الإخطار، وأن تؤدي إليه أجره الشامل ورد ما تم خصمه من الأجر والحوافز والبدلات
والأرباح عن مدة وقفه عن العمل الفترة من 29/ 11/ 2004 حتى تاريخ انتهاء خدمته في
13/ 5/ 2015، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف
رقم 1279 لسنة 72 ق الإسكندرية، كما استأنفه المطعون ضده أمام ذات المحكمة
بالاستئناف رقم 1350 لسنة 72 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 24/
4/ 2018 بتعديل الحكم المستأنف بجعل مبلغ التعويض عن الفصل مائة وخمسين ألف جنيه،
والتعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار مبلغ خمسة عشر ألف جنيه، وإلزام الطاعنة أن
تؤدي للمطعون ضده مبلغ 2287 جنيه المقابل النقدي عن أجازاته الاعتيادية وتأييد
الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا في خصوص ما قضى به من
أجر شامل وحوافز وبدلات وأرباح والمقابل النقدي عن الأجازات الاعتيادية، عرض الطعن
على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
في يوم 19/ 6/ 2018 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية
الصادر بتاريخ 24/ 4/ 2018 في الاستئنافين رقمي 1279، 1350 لسنة 72 ق وذلك بصحيفة
طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم نفسه أودعت الطاعنة مذكرة شارحة وحافظة بالمستندات.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع
بنقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 10/ 7/ 2019 عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير
بالنظر. فحددت لنظره جلسة 23/ 10/ 2019 للمرافعة وبها سمعت الدعوى أمام هذه
الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة – حيث صمم كل من محامي الطاعنة والنيابة على
ما جاء بمذكرتيهما – والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر/ إسماعيل عبد السميع محمد "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة وبعد
المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أُقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالوجه الثاني من
السببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في
تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضده بالمقابل النقدي
عن أجازاته السنوية إعمالا لأحكام قانون العمل الخاص رغم عدم استحقاق المطعون ضده
لهذا المقابل إعمالا للمادة (100) من لائحة نظام العاملين لديها الصادرة نفاذاً للقانون
20 لسنة 1976 بشأن الهيئة المصرية العامة للبترول - المنطبقة على واقعة النزاع -
والتي نصت على حرمان من تنتهي خدمته بالفصل من المقابل النقدي عن أجازاته
الاعتيادية، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الأجازات السنوية للعامل
قد فرضها الشارع لاعتبارات من النظام العام لأن الحق فيها يتصل بقيمة العمل وجدواه
وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة، ويمس مصالحها العليا صونا لقوتها الإنتاجية
البشرية وبالتالي يكون الاتفاق على مخالفة القانون الذي أوجبها غير جائز ولا ينتج
أثرا، وهي في نطاق قانون العمل السابق الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أو في
نطاق قانون العمل الحالي الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أيام معدودات في كل سنة
لا يجوز في غير الأحوال المقررة في القانون الحرمان منها وإلا فقدت اعتبارها
وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها وفى ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام على
النحو سالف البيان. لما كان ذلك، فإنه وبفرض صحة أن لائحة نظام العاملين لدى
الشركة الطاعنة قد تضمنت النص في المادة رقم (100) منها على حرمان من تنتهي خدمته
بالفصل عن المقابل النقدي عن أجازاته الاعتيادية غير المستنفدة، فإن هذا النص يكون
متعارضا مع اعتبارات النظام العام، ويضحى لذلك باطلا بطلانا مطلقا لا ينتج أثرا
ولا يعتد به بما يتعين معه الرجوع إلى أحكام قانون العمل الخاص في هذا الشأن، ولما
كان الثابت مما سجله الحكم المطعون فيه بمدوناته أن الثابت من كتاب الشئون الإدارية
لدى الشركة الطاعنة أن للمطعون ضده رصيد أجازات غير مستنفد من سنة 2014 مقداره
(12.5 يوما) وكانت الطاعنة لا تبرأ ذمتها من المقابل المستحق عن هذا الرصيد إلا
إذا قدمت دليل كتابي يثبت رفض المطعون ضده القيام بهذه الأجازات إعمالا للمادة 48
من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، ولما كانت الطاعنة لم تقدم هذا
الدليل فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامها أن تؤدي إليه مبلغ 2287 جنيه
المقابل النقدي المستحق عن هذا الرصيد من الأجازات، فإنه لا يكون قد خالف القانون
ويضحى هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسببين الثاني والثالث والوجه الأول من السبب
الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في
التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها أصدرت قرارها رقم 1097 لسنة 2015 بفصل المطعون
ضده من العمل لديها لإخلاله بواجب المحافظة على كرامة الوظيفة وعدم الالتزام بحسن
السمعة متمثلا في اشتراكه في التظاهر والتجمهر وحبسه على ذمة هذه الجريمة في قضية
الجنحة رقم 4140 لسنة 2014 فضلا عن انتمائه لجماعة إرهابية وهو ما ينفي عنها الخطأ
ويضحى قرارها سالف الذكر بفصله مبررا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر
واعتبر قرارها بفصله تعسفيا ورتب على ذلك قضائه له بالتعويض عن هذا الفصل فإنه
يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء محكمة النقض -
أن مؤدى نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية 102 من قانون الإثبات أن الحكم
الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية
كلما كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين
الجنائية والمدنية والوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، ومتى فصلت
المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها،
ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون
حكمها مخالفا للحكم الجنائي، وأنه إذا قضى الحكم الجنائي ببراءة المتهم وكان سبب
البراءة هو عدم وقوع خطأ في جانبه فإن هذا الحكم يمنع القاضي المدني من أن يستمع
إلى الادعاء بوقوع الخطأ الذي قضى بانتفائه. لما كان ذلك، وكان الثابت مما سجله
الحكم المطعون فيه بمدوناته - وبما لا تماري فيه الطاعنة - أن محكمة غرب
الإسكندرية للجنح المستأنفة قضت في الاستئناف رقم 6772 لسنة 2015 جنح مستأنف غرب الإسكندرية
بتاريخ 28/ 4/ 2015 ببراءة المطعون ضده من تهمة الاشتراك في التجمهر واستعراض
القوة والعنف والترويع والاشتراك في التظاهر والإخلال بالأمن والنظام العام على
أساس انتفاء الدليل على ارتكابه هذه الجرائم، وإذ لم تقدم الطاعنة دليلا على
انتماء المطعون ضده لجماعة إرهابية أو أن الحكم الجنائي لم يضحى باتا بعد، ومن ثم
تعين الالتزام بحجيته في انتفاء الدليل على اقتراف المطعون ضده للجرائم السالفة
والتي استدلت بها الطاعنة على إخلاله بواجب المحافظة على كرامة الوظيفة وحسن
السلوك والسمعة، وإذ استندت الطاعنة في قرارها بفصل المطعون ضده من العمل لديها
إلى هذا السبب رغم انتفاء الدليل عليه بموجب حكم جنائي فإن هذا القرار يكون تعسفيا
يستحق عنه المطعون ضده تعويضا لا يقل عن التعويض المشار إليه بالمادة 122 من قانون
العمل المشار إليه، وإذ التزم الحكم المطعون بهذا النظر وقضى للمطعون ضده بالتعويض
عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء هذا الفصل، فإنه لا يكون قد
خالف القانون ويضحى هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثالث من السبب الرابع على الحكم
المطعون فيه التناقض، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر بمدوناته
أن قانون العمل الخاص هو الواجب التطبيق على واقعة النزاع إلا أنه ورغم أن الدعوى
رفعت بعد مضي أكثر من 71 يوما على بدء النزاع فلم يقض بسقوط حق المطعون ضده في
اللجوء إلى القضاء إعمالا للمادة 71 من قانون العمل باعتبار حكمها من النظام العام
وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه ولئن كان الدفاع المشار إليه
بوجه النعي متعلقا بالنظام العام إلا أنه دفاع يخالطه واقع يقتضي تحقق المحكمة من
تاريخ نشوب النزاع بين الطاعنة والمطعون ضده متمثلا في مطالبتها بالتعويض عن الفصل
والمقابل النقدي عن أجازاته السنوية وأجره أثناء مدة الوقف وهل سبق للمطعون ضده
مطالبتها بهذه المستحقات قبل رفع الدعوى أم لا، وإذ خلت الأوراق مما يثبت أن
الطاعنة سبق لها التمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يقبل منها
التمسك بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون هذا النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب
الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى للمطعون ضده بكامل الأجر عن مدة
وقفه عن العمل شاملا الحوافز والبدلات والأرباح رغم أنه لا يستحق إلا نصف الأجر
الأساسي دون الأجور المتغيرة إعمالا للمادتين 74، 110 من لائحة نظام العاملين
لديها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه ولئن كانت الطاعنة لم تقدم لائحة
نظام العاملين لديها رفق صحيفة الطعن للتحقق من صحة ما تنعاه في هذا الخصوص، إلا
أنه لما كان مفاد الفقرة الثانية من المادة 41 من قانون العمل الصادر بالقانون 12
لسنة 2003 أنه إذا كان عدم أداء العامل لعمله مرده أسباب قهرية خارجة عن إرادة
صاحب العمل استحق نصف أجره. هذا، ولما كانت الأجور المتغيرة لا تستحق إلا إذا باشر
العامل العمل المقررة له هذه الأجور، وأن الحوافز والأرباح والبدلات من الأجور
المتغيرة لا تستحق إلا بتحقق سببها وهو مباشرة العمل. لما كان ذلك، وكان عدم أداء
المطعون ضده لعمله أثناء مدة وقفه عن العمل مرده أسباب قهرية خارجة عن إرادة
الشركة الطاعنة هي حبسه على ذمة الجنحة رقم 41409 لسنة 2014 الدخيلة واستئنافها
رقم 6772 لسنة 2015 مستأنف غرب الإسكندرية فإنه لا يستحق إلا نصف أجره الأساسي عن
تلك الفترة دون الأجور المتغيرة من حوافز وبدلات وأرباح، وإذ خالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده بكامل الأجر شاملا الأجور المتغيرة سالفة البيان،
فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع فيما نُقض من الحكم صالحا للفصل فيه، ولما تقدم تعين
القضاء في الاستئناف رقم 1279 لسنة 72 ق الإسكندرية بتعديل الحكم المستأنف في خصوص
ما قضى به للمطعون ضده بكامل الأجر والحوافز والبدلات والأرباح عن مدة وقفه عن
العمل الفترة من 29/ 11/ 2014 حتى انتهاء خدمته في 13/ 5/ 2015 إلى القضاء بإلزام
الطاعنة أن تؤدي إليه نصف أجره الأساسي عن تلك الفترة وتأييد الحكم المطعون فيه
فيما قضى به من تعويض عن الفصل وعدم مراعاة مهلة الإخطار والمقابل النقدي عن
الأجازات الاعتيادية.
فلهذه الأسباب
نقضت المحكمة – الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا في خصوص ما قضى به
للمطعون ضده بكامل الأجر والحوافز والبدلات والأرباح عن مدة وقفه عن العمل، وحكمت
في الاستئناف 1279 لسنة 72 ق الإسكندرية بتعديل الحكم المستأنف في خصوص ما قضى من
كامل الأجر والحوافز والبدلات والأرباح إلى القضاء بإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون
ضده نصف أجره الأساسي عن مدة وقفه عن العمل الفترة من 29/ 11/ 2014 حتى انتهاء
خدمته في 13/ 5/ 2015 وتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به للمطعون ضده من تعويض
عن الفصل وعدم مراعاة مهلة الإخطار والمقابل النقدي عن الأجازات السنوية، وألزمت
المطعون ضده بالمناسب من مصروفات الطعن ودرجتي التقاضي، ومبلغ مائتي جنيه مقابل
أتعاب المحاماة، وأعفته من الرسوم القضائية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق