جلسة 10 من مارس سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد القاضي، صلاح عصمت وشحاته إبراهيم نواب
رئيس المحكمة وأحمد العزب.
---------------
(62)
الطعن رقم 10370 لسنة 83 القضائية.
(1) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة:
إجراءات نظر الدعوى: ضم الدعاوى".
ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد لا يدمجهما في دعوى واحدة. احتفاظ
كل منهما بذاتيتها. اتحاد الخصوم أو الفصل فيهما بحكم واحد. لا أثر له. مثال.
(2 - 8) تحكيم "ماهية التحكيم"
اتفاق التحكيم: شرط التحكيم "مشارطة التحكيم" حكم التحكيم: بطلان حكم
التحكيم: دعوى بطلان حكم التحكيم". محكمة الموضوع" سلطتها بالنسبة
للتحكيم.
(2) دعوى بطلان حكم التحكيم. عدم اتساعها
لتعييب قضائه في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمه لحقيقة الواقع ورجمه بالخطأ في
تفسير القانون وتطبيقه. علة ذلك.
(3) مراجعة تقدير ملاءمة حكم التحكيم أو
مراقبة حسن تقدير المحكمين. عدم خضوعه لسلطة قاضي البطلان. يستوي في ذلك كونهم قد
أصابوا أو أخطأوا. علة ذلك.
(4) النعي على حكم التحكيم بمخالفته لقواعد
الإثبات لا يعدو أن يكون تعييبا لقضاء حكم التحكيم. لا يتسع له نطاق دعوى البطلان.
قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى البطلان. صحيح.
(5) التحكيم. ماهيته. طريق استثنائي لفض
المنازعات. قوامه. الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات. قصره على
ما تنصرف إرادة المحكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم.
(6) الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم بعد قيام
النزاع. وجوب تحديده للمسائل التي يشملها وإن أقيمت بشأنه دعوى أمام القضاء.
مخالفة ذلك. أثره. بطلان اتفاق التحكيم. م 2/10 ق 27 لسنة 1994. علة ذلك.(7) الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم قبل وقوع
المنازعة. عدم اشتراط المشرع تحديد موضوع النزاع سلفا. وجوب النص عليه في بيان
الدعوى التحكيمية. م 30 ق 27 لسنة 1994. وقوع مخالفة فيه. أثره. إنهاء هيئة
التحكيم لإجراءاته ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك. م 1/34 من ذات القانون.
(8) فهم نصوص شرط التحكيم والتعرف على ما قصد
منه. من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك. شرطه.
(9) حكم "عيوب التدليل: التناقض".
التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده. ماهيته.
(10) تحكيم "اتفاق التحكيم: نطاق
التحكيم".
اتفاق الأطراف على خضوعهم لقواعد التسوية الودية. أثره. اعتبار اتفاق
التحكيم معلق على شرط واقف. خلو الأوراق مما يفيد التوصل لحل ودي للنزاع. مؤداه.
صحة ولوجهم للتحكيم. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.
(11) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب
المجهل".
أسباب الطعن بالنقض. وجوب تعريفها تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها
كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن
إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. م 253 مرافعات. تخلف ذلك. أثره. عدم قبول
الطعن.
(12 ، 13) تحكيم "ماهية التحكيم"
حكم التحكيم: ميعاد إصداره".
(12) التحكيم. ماهيته. طريق استثنائي لفض
المنازعات. قوامه. الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات. قصره على
ما تنصرف إرادة المحكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم.
(13) ترك تحديد ميعاد إصدار حكم التحكيم
لإرادة طرفي التحكيم. م 45 ق 27 لسنة 1994. مفاده. نفي وصف القاعدة الإجرائية
الأمرة عنه.(14) الأوامر على عرائض "ماهيتها".
الأوامر على عرائض. ماهيتها. صدورها بإجراء وقتي أو تحفظي. التظلم
منها، دعوي وقتية. يقتصر الحكم فيها على تأييد الأمر أو إلغائه أو تعديله دون مساس
بأصل الحق.
(15 ، 16) تحكيم "إخضاع التحكيم لقواعد
غرفة التجارة الدولية".
(15) اتفاق الطرفين على إخضاع التحكيم لقواعد
غرفة التجارة الدولية بباريس. أثره. حجب أحكام قانون التحكيم المصري. شرطه. ألا
تتعلق بالنظام العام.
(16) تطبيق الحكم المطعون فيه قواعد غرفة
التجارة الدولية بباريس دون قانون التحكيم المصري استنادا لاختيار طرفي النزاع
إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الإجرائية الخاصة بهذه الغرفة وإهدار الحكم المطعون
فيه للأمر الوقتي استنادا لسلطة هيئة التحكيم في تمديد مدة البت في القضية
التحكيمية. النعي عليه في هذا الشأن لا أساس له. مثال.
(17) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب
المفتقر للدليل".
التزام الخصوم أنفسهم بتقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن
في المواعيد التي حددها القانون. عدم تقديم الطاعنة الدليل على ما تتمسك به من
أوجه النعي. نعي لا دليل عليه. غير مقبول.
(18 - 20) قضاة "عدم الصلاحية لنظر
الدعوى: مناطه ما لا يعد سببا لعدم الصلاحية".
(18) عدم صلاحية القاضي لنظر دعوى سبق له
نظرها. مناطه. قيامه بعمل يجعل له رأيا في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع شروط
خلو ذهنه عن موضوعها. م 146/5، 147/1 مرافعات. علة ذلك.
(19) إبداء القاضي رأيا في القضية المطروحة
عليه. سبب لعدم صلاحيته لنظرها. وجوب تفسير القضية المطروحة بمعناها الواسع. شموله
كل خصومة سبق ترديدها بين الخصوم أنفسهم وأثيرت فيها ذات الحجج والأسانيد. شرطه.
عدم اكتساب هذا الرأي قوة الأمر المقضي.
(20) إحالة الطعن إلى دائرة أخرى لوجود مانع
لدى الهيئة دون بيان هذا المانع لا يدل بذاته على توفر سبب من أسباب عدم الصلاحية.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قرار المحكمة بضم الدعويين
ليصدر فيهما حكم واحد ليس من شأنه أن يدمجهما في دعوى واحدة بحيث تفقد كل منهما
استقلالها ولو اتحد الخصوم أو فصل فيهما بحكم واحد، بل تظل كل منهما محتفظة
بذاتيها. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد قررت ضم الدعاوى الخمسة في النزاع
المطروح بعد حجزها للحكم حال اختلافها سبباً وموضوعاً - وهو من إطلاقاتها - فلا
يترتب على ذلك دمجها في دعوى واحدة فتفقد كل منها استقلالها، وإذ فصل الحكم
المطعون فيه في موضوع كل دعوى على حدة بعد أن أبدت الطاعنة دفاعها فيها، فإن النعي
عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تعييب
قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى
ورجمه بخطئها في تفسير القانون وتطبيقه، لا يتسع له نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر
من أن دعوي بطلان حكم التحكيم ليست طعنا عليه بالاستئناف، فلا تتسع لإعادة النظر
في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه ليس
لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير
المحكمين، يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا، لأن خطأهم لا ينهض
سببا لإبطال حكمهم، لأن دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف.
4 - إذ كان ما تنعاه الطاعنة على حكم التحكيم
من مخالفة قواعد الإثبات لإلزامها بمبالغ لم يثبت تحققها ناقلا عبء الإثبات عليها،
لا يعدو أن يكون تعييبا لقضاء ذلك الحكم بشأن موضوع النزاع، ومن ثم لا يتسع له نطاق
دعوى البطلان، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى بطلان حكم التحكيم يكون قد
التزم صحيح القانون، ويضحى النعي على غير أساس.
5 - إذ كان الأصل في التحكيم - وعلى ما جرى
به قضاء محكمة النقض – أنه طريق استثنائي لفض الخصومات، قوامه الخروج عن طرق
التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تتصرف إرادة
المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
المستفاد من نصوص القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية
والتجارية - المنطبق على واقعة الدعوى - أن المشرع لم يوجب تضمين اتفاق التحكيم
(مشارطة التحكيم) تعيينا لموضوع النزاع إلا في حالة واحدة وردت في الفقرة الثانية
من المادة العاشرة من ذات القانون، وهي عندما يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع
حتى وإن كانت قد أقيمت بشأنه دعوى أمام القضاء، ففي هذه الحالة يجب أن يحدد
الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان باطلا، على أن التحديد
النهائي للمسائل المتنازع فيها يتم لاحقا على ضوء ما يقدمه الخصوم من طلبات - تكون
في حدود ما نص عليه الاتفاق - وذلك بهدف تحديد ولاية المحكمين بهذا الموضوع، ولكي
يتسنى للقضاء رقابة التزامهم بحدودها بما لمحكمة البطلان من سلطة في التفسير الضيق
لاتفاق التحكيم لتحديد نطاقه.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه إذ
كان الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم عند المنازعة قد تم قبل وقوع النزاع أي في
صورة شرط، سواء كان هذا الاتفاق مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين محرر بين طرفيه،
وتم الاتفاق فيه على اللجوء إلى التحكيم بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ
بينهما، فإن المشرع لم يشترط في هذا الحالة أن يكون موضوع النزاع محددة سلفا في
الاتفاق المستقل على التحكيم أو في العقد المحرر بين الطرفين، واستعاض عن تحديده
سلفا في خصوص هذه الحالة بوجوب النص عليه في بيان الدعوى
"statement of cleny "المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 30 من هذا القانون والذي
يتطابق في بياناته مع بيانات صحيفة افتتاح الدعوى من حيث إنه بيان مكتوب يرسله
المدعى خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى
المدعى عليه وإلى كل من المحكمين يشتمل على اسمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه
وشرح لوقائع الدعوى وتحديد للمسائل محل النزاع وطلباته الختامية، وهو ما يحقق هدف
المشرع وتتفي معه شائبة البطلان، وفي حالة وقوع مخالفة في هذا البيان فقد أوجبت
الفقرة الأولى من المادة 34 من ذات القانون على هيئة التحكيم إنهاء إجراءاته - وهو
ما لا يفقد اتفاق التحكيم فاعليته على أن يعرض النزاع على هيئة تحكيم جديدة - وذلك
ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص شرط التحكيم والتعرف على ما قصد منه،
دون التقيد بألفاظه، بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية في ذلك بوقائع
الدعوى، وما أثبت فيها، ولا رقابة عليها في ذلك ما دامت قد بينت الاعتبارات
المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما لديها والعدول عما سواه.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن
التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب، بحيث لا يبقى بعدها ما
يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعا في أسبابه، بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي
أساس قضى الحكم بما قضى به في منطوقه.
10 - إذ كان الواقع الثابت في الدعوى - وبما
لا خلاف عليه بين طرفيها - أن اتفاق التحكيم ورد بالعقد المؤرخ 10 من أغسطس سنة
2001 المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدهما الأولى والثانية في المادة الثالثة عشرة
منه، إذ اتفقوا فيه على أنهم يلتزمون ببذل أقصى جهودهم لضمان إتمام تسوية
المنازعات التي قد تثور فيما بينهم وديا وبطريقة منصفة وعادلة دون اللجوء إلى
التحكيم، وفي حالة وجود أي خلاف أو نزاع ناتج عن هذا الاتفاق يتعذر تسويته من خلال
المفاوضات المباشرة بين الأطراف، فيتم إحالته إلى ممثليهم لحله باتباع الطريقة
التي نصت عليها الفقرة السابعة من المادة السادسة، وفي حالة عدم التوصل لحل يتم
عرض النزاع على التحكيم، وأي نزاع أو خلاف لم تتم تسويته وفقا لما سلف بيانه يخضع
لقواعد التسوية الودية للمنازعات الخاصة بغرفة التجارة الدولية (قواعد بدائل تسوية
المنازعات) إذا اتفق الأطراف على ذلك، وإذا لم يتم هذا الاتفاق يسوي النزاع بصورة
نهائية وفقا لقواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية بواسطة محكم واحد يتم تعيينه وفقا
لقواعد التحكيم المذكورة وبمعرفتها، على أن يقام التحكيم في مصر باللغة الإنجليزية
وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية، فإن هذا البند من العقد يدل على أن ولوج طريق
التحكيم لأي من أطراف العقد معلق على شرط واقف هو عدم توصلهم إلى حل ودي لما يثور
بينهم من نزاع، أو عدم اتفاقهم على سلوك طريق التسوية الودية للمنازعة الخاصة
بغرفة التجارة الدولية، وإلا فإن الدعوى التحكيمية تكون غير مقبولة، وليس في ذلك
ما يخالف النظام العام أو الآداب. لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على
توصل الأطراف إلى حل ودي للنزاع أو الاتفاق على سلوك طريق التسوية الودية على نحو
ما سلف بيانه، فإن طريق اللجوء إلى التحكيم وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية يكون
متاحا لهم وواجب الاتباع لحل المنازعات الناشئة عن العقد المبرم بينهم، وإذ كان
الثابت من حكم التحكيم النهائي المؤرخ 26 من يناير سنة 2011 أنه صدر في القاهرة،
وتضمن ما يفيد استيفاء بيان الدعوى المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 30 من
قانون التحكيم بتحديد أسماء أطرافها وعناوينهم وشرح وقائع الدعوى وتحديد المسائل
محل النزاع والطلبات الختامية فيه، وتم تعيين المحكم من قبل محكمة التحكيم وفقا
لقواعد غرفة التجارة الدولية، وحضرت الطاعنة أمامه وناقشت الخطة الإجرائية لخصومة
التحكيم (وثيقة المهمة) وأبدت ملاحظاتها واعتراضاتها المبينة بأسباب الطعن، ورفضت
التوقيع عليها، وامتنعت عن السير في الدعوى التحكيمية، فإن ما تنعاه الشركة
الطاعنة على حكم التحكيم بما جاء بأسباب النعي (مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
إذ تمسكت ببطلان حكم التحكيم لعدم تقديم المحتكمة بيان الدعوى التحكيمية وفقا
للمادة 30 من قانون التحكيم وتعيين المحكم على وجه مخالف لاتفاق الأطراف بالمخالفة
للمادة 53 من ذات القانون ومخالفة نص المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك لعدم صحة
اتفاق التحكيم وعدم قابليته لإعمال أثره واعتراضها على وثيقة المحكم وفقا لقواعد
غرفة التجارة الدولية ICC ذلك أن
اتفاق التحكيم الوارد بعقد المحاصة تطلب وجوب إجراء التسوية الودية قبل اللجوء إلى
التحكيم وهو ما لم يتم) لا يكون قد استند إلى أساس قانوني صحيح، ومن ثم لا يلحقه
البطلان، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وفسر نصوص عقد الشراكة مستخلصا
منها توفر شرط اللجوء إلى التحكيم بعد تعذر الاتفاق على الحل الودي للنزاع بطرقه
المختلفة، بما لا يكون معه المحكم قد حرف بنود العقد في هذا الخصوص، وكان ذلك
بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق بما يكفي لحمله بلا أي تناقض، ولم تقدم
الطاعنة ما ينهض ما أثبته حكم التحكيم من صدوره في القاهرة، فإن النعي على الحكم
المطعون فيه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
11 - إذ أوجبت المادة 253 من قانون المرافعات
- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان
الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلا إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب
الطعن وتعرفه تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منه كشفا وافيا نافيا عنه الغموض
والجهالة، بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه
منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تبين
مواضع الخطأ ومواطن القصور التي تنسبها إلى الحكم المطعون فيه وموضعها منه وأثره
في قضائه، ولم تبين ماهية طلباتها وأوجه دفاعها ودفوعها والمذكرات والمستندات التي
أغفلها الحكم المطعون فيه ولم يعن يبحثها، فإن نعيها في هذا الخصوص يكون مجهلا،
ومن ثم غير مقبول.
12 - الأصل في التحكيم - وعلى ما جرى به قضاء
محكمة النقض - أنه طريق استثنائي لفض الخصومات، قوامه الخروج عن طرق التقاضي
العادية وما تكفله من ضمانات، ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تنصرف إرادة المحتكمين
إلى عرضه على هيئة التحكيم.
13 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن مؤدى
النص في الفقرة الأولى من المادة 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم
في المواد المدنية والتجارية أن المشرع قد ارتأى أمر تحديد الميعاد اللازم لإصدار
حكم التحكيم المنهي الخصومة كلها لإرادة الأطراف ابتداء وانتهاء، وبذلك يكون قد
نفي عن الميعاد اللازم الإصدار هذا الحكم وصف القاعدة الإجرائية الآمرة.
14 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
الأوامر على العرائض - وعلى ما يبين من نصوص الباب العاشر من الكتاب الأول من
قانون المرافعات - هي الأوامر التي يصدرها قضاة الأمور الوقتية بما لهم من سلطة
ولائية وذلك بناء على الطلبات المقدمة إليهم من ذوي الشأن على عرائض، وتصدر تلك
الأوامر في غيبة الخصوم ودون تسبيب بإجراء وقتي أو تحفظي في الحالات التي تقتضي
بطبيعتها السرعة أو المباغتة دون مساس بأصل الحق المتنازع عليه، ولذا لا تحوز تلك
الأوامر حجية، ولا يستنفد القاضي الآمر سلطته بإصدارها، إذ يجوز له مخالفتها بأمر
جديد مسبب، وأن التظلم من الأمر على عريضة ما هو إلا دعوى وقتية ينتهي أثرها بصدور
الحكم في الدعوى الموضوعية، ولا يقيد الحكم الصادر فيه محكمة الموضوع، إذ يقتصر
الحكم في التظلم على تأييد الأمر أو إلغائه أو تعديله فقط دون المساس بأصل الحق.
15 - مفاد نص المادة 4/13، 5 من عقد اتفاق
التحالف المؤرخ 10 من أغسطس سنة 2001 المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدهما الأولى
والثانية أنه في حالة عدم موافقة الأطراف الثلاثة على تسوية ما ينشأ بينهم من نزاع
وفقا لقواعد التسوية الودية للمنازعات الخاصة بغرفة التجارة الدولية (قواعد بدائل
تسوية المنازعات) أو إذا لم يسو النزاع وفقا للقواعد المذكورة خلال خمسة وأربعين
يوما بعد تقديم طلب التسوية أو بعد انقضاء المدة التي اتفق عليها الأطراف كتابة.
يجب أن يسوى النزاع بصورة نهائية وفقا لقواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية بواسطة
محكم واحد يتم تعيينه بواسطة غرفة التجارة الدولية وفقا لقواعد التحكيم المذكورة
على أن يقام التحكيم في مصر باللغة الإنجليزية، فإن مؤدي ذلك ارتضاء الأطراف إخضاع
التحكيم بينهم للقواعد الإجرائية الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس، وهو ما من
شأنه حجب أحكام قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 إلا ما يتعلق منها بالنظام
العام، فتضحى - تبعا لذلك – المادة 24 من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية هي
الواجبة الإعمال على إجراءات الدعوى التحكيمية رقم ... والتي تمنح هيئة التحكيم
سلطة تمديد مدة البت في القضية بناء على طلب مسبب من محكمة التحكيم أو من تلقاء
نفسها إذا رأت ذلك ضروريا، ومن ثم يكون الأمر الوقتي رقم ... لسنة 125 ق القاهرة
بإنهاء إجراءات التحكيم والمؤيد بالتظلم رقم ... لسنة 125 ق القاهرة قد أهدر إرادة
ما اتفق عليه الأطراف حال كونه دعوى وقتية ينتهى أثرها بصدور الحكم في الدعوى
الموضوعية، ولا يقيد الحكم الصادر فيه محكمة الموضوع.
16 - إذ التفت الحكم المطعون فيه عن الأمر
الوقتي بإنهاء إجراءات التحكيم وطبق قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس بشأن
الميعاد اللازم لإصدار حكم التحكيم المنهي للخصومة دون قانون التحكيم المصري، فإنه
يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا يعيبه - من بعد - ما اشتمل عليه من تقريرات
قانونية خاطئة، إذ لمحكمة النقض أن تصححها دون أن تنقضه، ويضحى النعي عليه على غير
أساس.
17 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم
تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون،
فإذا تخلفوا عن اتخاذ هذا الإجراء كان طعنهم في هذا الخصوص مفتقرا إلى دليله، وإذ
لم تقدم الطاعنة رفق طعنها صورة من الحكمين الصادرين في الدعويين المشار إليهما
بسبب النعي حتى يمكن التحقق من صحة ما تنعاه بشأن سبق اشتراك رئيس الدائرة التي
أصدرت الحكم المطعون فيه في نظرهما وإصدار الحكم فيهما، ولم تبين وجه ارتباطهما
بالدعوى الحالية، فإن نعيها في هذا الخصوص يكون مفتقرة لدليله، ومن ثم غير مقبول.
18 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مناط
منع القاضي من سماع الدعوى وبطلان حكمه متى سبق له نظرها تطبيقا لنص المادتين
5/146، 1/147 من تقنين المرافعات أن يكون قد قام في النزاع بعمل يجعل له رأيا في
الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها حتى
يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزنا مجردا مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عنه عمله
المتقدم، حتى ولو خالف مجرى العدالة وضنا بأحكام القضاء من أن يعلق بها استرابة من
جهة شخص القاضي لدواع يذعن لها عادة أغلب الخلق.
19 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد
ظاهر سياق نص المادة 146 من ذات التقنين (قانون المرافعات) أن إبداء الرأي الذي
يؤدي إلى عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى يلزم أن يكون في ذات القضية المطروحة، إلا
أنه ينبغي أن يفسر ذلك بالمعنى الواسع، فيؤخذ به متى كانت الخصومة الحالية مرددة
بين نفس الخصوم، ويستدعي الفصل فيها الإدلاء بالرأي في نفس الحجج والأسانيد التي
أثيرت في الخصومة الأخرى، بحيث تعتبر الخصومة الحالية استمرارا لها وعودا إليها،
فإذا كان القاضي قد عرض لهذه الحجج لدى فصله في الدعوى السابقة وأدلى برأى فيها،
لم تتوفر له مقومات القضاء الحائز لقوة الأمر المقضي، فإنه يكون غير صالح لنظر
الخصومة التالية وممنوعا من سماعها وإلا كان حكمه باطلا، إذ في هذه الحالة تبدو
خشية تشبثه برأيه الذي أبداه فيشل تقديره ويتأثر به قضاؤه.
20 - إذ كانت الخصومة المرددة بين طرفي
التداعي في الاستئناف رقم ... لسنة 125 ق القاهرة - وفقا لما أوردته الطاعنة بسبب
النعي - متعلقة بمطالبة الطاعنة للمطعون ضدهما الأولى والثانية بنصيبها في
الأرباح، وأن بحث المحكمة فيها اقتصر على التحقق من وجود شرط التحكيم في العقد
المبرم بينهم وسريانه على النزاع المنظور أمامها، ثم خلصت في حكمها إلى عدم قبول
الدعوى لوجود شرط التحكيم، ولا يبين من ذلك أن المحكمة كونت رأيا في موضوع النزاع
أو فصلت في شق منه أو أظهرت ما يشف عن تكوين عقيدتها في الدعوى المنظورة أمامها،
ومن ثم فإن اشتراك السيد القاضي رئيس الدائرة في إصدار ذلك الحكم لا يحول قانونا
بينه وبين إصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم موضوع التداعي، ولا يفقده صلاحية
إصداره، ولا يدل على قيام سبب من أسباب عدم الصلاحية مجرد إحالة الدعويين رقمي ...
، ... لسنة 128 ق القاهرة المتعلقتين ببطلان وتزوير حكم التحكيم إلى دائرة أخرى
لوجود مانع لدى الهيئة التي تنظرهما دون بيان لهذا المانع وما إذا كان يتعلق بأحد
أسباب عدم الصلاحية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صادف
صحيح القانون، ويضحى ما تثيره الطاعنة بأسباب النعي على غير أساس.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت لدى محكمة استئناف القاهرة الدعوى رقم ... لسنة
128 ق على المطعون ضدهم الأولى والثانية والسابع بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف
تنفيذ حكمي التحكيم الصادرين بتاريخي 16 من نوفمبر سنة 2010، 26 من يناير سنة 2011
من محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في التحكيم رقم ... لحين الفصل في
مسألة بطلانهما، وبصفة موضوعية ببطلانهما واعتبارهما كأن لم يكونا، على سند من أن
طلب التحكيم المقدم من الشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية إلى غرفة التجارة
الدولية بباريس جاء مبتسراً ومجهلاً، ولم يقدما بيانا لدعواهما التحكيمية بما ترتب
عليه عدم تحقق مبدأ المواجهة بين الخصوم، فضلا عن عدم نفاذ شرط التحكيم، إذ إن عقد
المحاصة المبرم بين الطرفين تضمن طرقا توفيقية متصاعدة لحل المنازعات بينهما كان
يتعين استنفادها قبل عرض النزاع على هيئة التحكيم، ورغم عدم انتهاء مشروع المحاصة
محل التحكيم وصدور أمر من القضاء المصري بإنهاء إجراءات التحكيم إلا أن المحكم
أستمر في نظر الدعوى التحكيمية وأصدر حكمه فيها منطويا على غش وتزوير، ونقل مكان
التحكيم المتفق عليه وأستبعد تطبيق القانون المصري، بما يبطل حكمه، وأقامت الطاعنة
أمام ذات المحكمة الدعوى رقم ... لسنة 128 ق على المطعون ضدهم عدا الأخير بطلب
الحكم برد وبطلان حكمي التحكيم سالفي البيان وعدم وضع الصيغة التنفيذية عليهما،
وقالت بيانا لذلك إن المطعون ضده الثالث - المحكم - أورد في أسباب حكم التحكيم
استناده للبند 13/2 من عقد المحاصة بيد أنه قام بتحريفه زاعما تضمنه عبارة
"اللجوء للتحكيم" على غير الحقيقة بقصد جلب اختصاصه بنظر النزاع، كما
أثبت صدور حكم التحكيم النهائي في القاهرة رغم أنه صدر في دولة قبرص، وتواطأ معه
المطعون ضده الرابع بصفته المنوط به ضبط أحكام التحكيم ومراجعتها بإثبات تلك
البيانات المخالفة للحقيقة في حكم التحكيم بما يؤدي إلى إهداره، كما أقامت الطاعنة
أمام ذات المحكمة الدعوى رقم ... لسنة 129 ق على المطعون ضدهم الأولى والثانية
والخامس والسادس والسابع بصفاتهم بطلب الحكم بعدم الاعتداد بإيداع حكم التحكيم
موضوع النزاع برقم ... لسنة 129 ق تحكيم القاهرة، وبعدم جواز وضع الصيغة التنفيذية
عليه، على سند من وقوع تزوير في هذا الحكم فيما تضمنه شرط التحكيم الوارد بعقد
المحاصة، ومخالفة الإجراءات التحكيمية لقانون التحكيم المصري، وعدم اعتداد المحكم
بحجية الأمر رقم ... لسنة 125 ق أوامر تحكيم القاهرة الصادر من القضاء المصري
بإنهاء الإجراءات التحكيمية، وهو ما يجعل حكم التحكيم غير حائز لأية حجية، ولا
يعتد به أو بإجراءات إيداعه، وأقامت الطاعنة كذلك الدعوى رقم ... لسنة 129 ق القاهرة
على المطعون ضدهم الأولى والثانية والسابع بصفته بطلب الحكم بإلغاء الأمر رقم ...
لسنة 129 ق القاهرة الصادر في 12 من أبريل سنة 2012 بوضع الصيغة التنفيذية على حكم
التحكيم موضوع النزاع، وإلغاء إجراءات إيداع ذلك الحكم لبطلانها، على سند من عدم
مراعاة أحكام القانون بشأن إيداع وتذييل حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية، وتعارضه
مع حكم بات صادر من القضاء المصري بإنهاء إجراءات التحكيم، ولكونه حكما مزورا،
فضلا عن فقدان السيد القاضي مصدر أمر التنفيذ صلاحيته لإصداره بسبب سبق إصدار
الدائرة التي يترأسها حكما في الاستئناف رقم ... لسنة 125 في القاهرة يتعلق
بالتحكيم موضوع التداعي، كما أقامت الطاعنة لدى ذات المحكمة الدعوى رقم ... لسنة
129 ق بطلب الحكم بانعدام وبطلان الأمر رقم ... لسنة 129 ق القاهرة سالف البيان
لما سبق أن أبدته من أسباب، وبتاريخ 7 من أبريل سنة 2013 قضت المحكمة - بعد ضم
الدعاوى الخمسة - برفضها. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت
النيابة العامة منكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة
- في غرفة المشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة عشر سببا تنعي الطاعنة بالوجه الأول من
السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ ضم الدعاوى الخمسة
موضوع النزاع دون وجود ارتباط بينها ودون تنبيه الخصوم قبل الضم، بما يعيبه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة -
أن قرار المحكمة بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد ليس من شأنه أن يدمجهما في
دعوى واحدة بحيث تفقد كل منهما استقلالها ولو اتحد الخصوم أو فصل فيهما بحكم واحد،
بل تظل كل منهما محتفظة بذاتيها. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد قررت ضم
الدعاوى الخمسة في النزاع المطروح بعد حجزها للحكم حال اختلافها سببا وموضوعا –
وهو من إطلاقاتها - فلا يترتب على ذلك دمجها في دعوى واحدة فتفقد كل منها
استقلالها، وإذ فصل الحكم المطعون فيه في موضوع كل دعوى على حدة بعد أن أبدت
الطاعنة دفاعها فيها، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن حكم التحكيم ابتني على مطالبة بمبالغ لم
يثبت تحققها، بيد أن المحكم خالف قواعد الإثبات بنقل عبئه عليها وألزمها بالمبلغ
المقضي به لعدم إثبات براءة ذمتها من الدين، وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع
فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن
تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في
الدعوى ورجمه بخطئها في تفسير القانون وتطبيقه لا يتسع له نطاق دعوى البطلان لما
هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنا عليه بالاستئناف، فلا تتسع لإعادة
النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه، وأنه ليس لقاضي دعوى البطلان
مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين، يستوي في ذلك أن
يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا، لأن خطأهم لا ينهض سببا لإبطال حكمهم، لأن
دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف. لما كان ذلك، وكان ما تنعاه الطاعنة على
حكم التحكيم من مخالفة قواعد الإثبات لإلزامها بمبالغ لم يثبت تحققها ناقلا عبء
الإثبات عليها، لا يعدو أن يكون تعييبا لقضاء ذلك الحكم بشأن موضوع النزاع، ومن ثم
لا يتسع له نطاق دعوى البطلان، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى بطلان حكم
التحكيم يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالوجه الثالث من السبب الأول والأسباب الرابع
والخامس والسابع والحادي عشر والثاني عشر من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والتناقض والفساد في الاستدلال والقصور في
التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت ببطلان حكم التحكيم لعدم تقديم المحتكمة
بيان الدعوى التحكيمية وفقا للمادة 30 من قانون التحكيم، وتعيين المحكم على وجه
مخالف لاتفاق الأطراف بالمخالفة للمادة 53 من ذات القانون، ومخالفة نص المادة
الخامسة من اتفاقية نيويورك لعدم صحة اتفاق التحكيم وعدم قابليته لإعمال أثره
واعتراضها على وثيقة المحكم وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية ICC، ذلك أن اتفاق التحكيم الوارد بعقد المحاصة
تطلب وجوب إجراء التسوية الودية قبل اللجوء إلى التحكيم وهو ما لم يتم، كما أنها
تمسكت بوقوع تزوير في حكم التحكيم بإثبات صدوره في مصر على غير الحقيقة وتحريفه
البند 13/2 من عقد المحاصة بشان تسوية المنازعات بطريقة ودية وعادلة "دون
اللجوء للتحكيم" إلى عبارة "مع اللجوء للتحكيم"، وإذ رفض الحكم
المطعون فيه هذا الدفاع دون بيان الأسانيد القانونية التي بني عليها قضاءه مكتفيا
بإيراد أسباب مجملة ومبهمة جاءت متناقضة، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه وإن كان الأصل في التحكيم -
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه طريق استثنائي لفض الخصومات، قوامه الخروج
عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تنصرف
إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم، إلا أن المستفاد من نصوص القانون رقم
27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية - المنطبق على واقعة
الدعوى - أن المشرع لم يوجب تضمين اتفاق التحكيم (مشارطة التحكيم) تعيينا لموضوع
النزاع إلا في حالة واحدة وردت في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من ذات القانون،
وهي عندما يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع حتى وإن كانت قد أقيمت بشأنه دعوى
أمام القضاء، ففي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها
التحكيم وإلا كان باطلا، على أن التحديد النهائي للمسائل المتنازع فيها يتم لاحقا
على ضوء ما يقدمه الخصوم من طلبات - تكون في حدود ما نص عليه الاتفاق - وذلك بهدف
تحديد ولاية المحكمين بهذا الموضوع، ولكي يتسنى للقضاء رقابة التزامهم بحدودها بما
لمحكمة البطلان من سلطة في التفسير الضيق لاتفاق التحكيم لتحديد نطاقه، أما في
حالة ما إذا كان الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم عند المنازعة قد تم قبل وقوع
النزاع أي في صورة شرط سواء كان هذا الاتفاق مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين محرر
بين طرفيه وتم الاتفاق فيه على اللجوء إلى التحكيم بشأن كل أو بعض المنازعات التي
قد تنشأ بينهما، فإن المشرع لم يشترط في هذا الحالة أن يكون موضوع النزاع محددا
سلفا في الاتفاق المستقل على التحكيم أو في العقد المحرر بين الطرفين واستعاض عن
تحديده سلفا في خصوص هذه الحالة بوجوب النص عليه في بيان الدعوى "statement of cleny"- المشار
إليه في الفقرة الأولى من المادة 30 من هذا القانون، والذي يتطابق في بياناته مع
بيانات صحيفة افتتاح الدعوى من حيث إنه بيان مكتوب يرسله المدعي خلال الميعاد
المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى المدعى عليه والى كل من
المحكمين يشتمل على اسمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى
وتحديد للمسائل محل النزاع وطلباته الختامية، وهو ما يحقق هدف المشرع وتنتفي معه
شائبة البطلان، وفي حالة وقوع مخالفة في هذا البيان فقد أوجبت الفقرة الأولى من
المادة 34 من ذات القانون على هيئة التحكيم إنهاء إجراءاته - وهو ما لا يفقد اتفاق
التحكيم فاعليته على أن يعرض النزاع على هيئة تحكيم جديدة - وذلك ما لم يتفق
الطرفان على غير ذلك، وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص شرط التحكيم
والتعرف على ما قصد منه، دون التقيد بألفاظه، بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب
الشأن مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى، وما أثبت فيها ولا رقابة عليها في ذلك، ما
دامت قد بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما لديها والعدول عما
سواه، ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو
الذي تتماحى به الأسباب، بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون
واقعا في أسبابه، بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أساس قضى الحكم بما قضى به في
منطوقه. لما كان ذلك، وكان الواقع الثابت في الدعوى - وبما لا خلاف عليه بين
طرفيها - أن اتفاق التحكيم ورد بالعقد المؤرخ 10 من أغسطس سنة 2001 المبرم بين
الطاعنة والمطعون ضدهما الأولى والثانية في المادة الثالثة عشر منه، إذ اتفقوا فيه
على أنهم يلتزمون ببذل أقصى جهودهم لضمان إتمام تسوية المنازعات التي قد تثور فيما
بينهم ودية وبطريقة منصفة وعادلة دون اللجوء إلى التحكيم، وفي حالة وجود أي خلاف
أو نزاع ناتج عن هذا الاتفاق يتعذر تسويته من خلال المفاوضات المباشرة بين الأطراف
فيتم إحالته إلى ممثليهم لحله باتباع الطريقة التي نصت عليها الفقرة السابعة من
المادة السادسة، وفي حالة عدم التوصل لحل يتم عرض النزاع على التحكيم، وأي نزاع أو
خلاف لم تتم تسويته وفقا لما سلف بيانه يخضع لقواعد التسوية الودية للمنازعات الخاصة
بغرفة التجارة الدولية (قواعد بدائل تسوية المنازعات) إذا اتفق الأطراف على ذلك،
وإذا لم يتم هذا الاتفاق يسوى النزاع بصورة نهائية وفقا لقواعد تحكيم غرفة التجارة
الدولية بواسطة محكم واحد يتم تعيينه وفقا القواعد التحكيم المذكورة وبمعرفتها،
على أن يقام التحكيم في مصر باللغة الإنجليزية وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية،
فإن هذا البند من العقد يدل على أن ولوج طريق التحكيم لأي من أطراف العقد معلق على
شرط واقف هو عدم توصلهم إلى حل ودي لما يثور بينهم من نزاع، أو عدم اتفاقهم على
سلوك طريق التسوية الودية للمنازعة الخاصة بغرفة التجارة الدولية وإلا فإن الدعوى
التحكيمية تكون غير مقبولة، وليس في ذلك ما يخالف النظام العام أو الآداب. لما كان
ذلك، وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على توصل الأطراف إلى حل ودي للنزاع أو الاتفاق
على سلوك طريق التسوية الودية على نحو ما سلف بيانه، فإن طريق اللجوء إلى التحكيم
وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية يكون متاحا لهم وواجب الاتباع لحل المنازعات
الناشئة عن العقد المبرم بينهم، وإذ كان الثابت من حكم التحكيم النهائي المؤرخ 26
من يناير سنة 2011 أنه صدر في القاهرة وتضمن ما يفيد استيفاء بيان الدعوى المشار إليه
في الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون التحكيم بتحديد أسماء أطرافها وعناوينهم
وشرح وقائع الدعوى وتحديد المسائل محل النزاع والطلبات الختامية فيه، وتم تعيين
المحكم من قبل محكمة التحكيم وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية وحضرت الطاعنة
أمامه وناقشت الخطة الإجرائية لخصومة التحكيم (وثيقة المهمة) وأبدت ملاحظاتها
واعتراضاتها المبينة بأسباب الطعن ورفضت التوقيع عليها وامتنعت عن السير في الدعوى
التحكيمية، فإن ما تنعاه الشركة الطاعنة على حكم التحكيم بما جاء بأسباب النعي لا
يكون قد استند إلى أساس قانوني صحيح، ومن ثم لا يلحقه البطلان، وإذ التزم الحكم
المطعون فيه هذا النظر، وفسر نصوص عقد الشراكة مستخلصا منها توفر شرط اللجوء إلى
التحكيم بعد تعذر الاتفاق على الحل الودي للنزاع بطرقه المختلفة، بما لا يكون معه
المحكم قد حرف بنود العقد في هذا الخصوص، وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت
في الأوراق بما يكفي لحمله بلا أي تناقض، ولم تقدم الطاعنة ما يناهض ما أثبته حكم
التحكيم من صدوره في القاهرة، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب يكون
على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالوجه الرابع من السبب الأول والوجه الأول
من السبب الثاني والأسباب الثالث والسادس والثامن والثالث عشر والسابع عشر من
أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والبطلان
والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيانه
تقول إن الحكم أفرد بحثا مطولا لإثبات ما لم يعترض عليه الخصوم بشأن القانون
الواجب التطبيق ومكان التحكيم وأورد تقريرات قانونية وواقعية خارجة عن نطاق
الدعوى، كما أخطأ في تطبيق نص المادة 53 من قانون التحكيم، وأخطأ في تكييف وقائع
الدعوى بتقريره امتناعها عن المشاركة في إجراءات التحكيم وفي تكييف اتفاق التحكيم،
وخلا من الإشارة إلى النصوص القانونية التي تحكم موضوع النزاع وجاءت أسبابه غير
واضحة ولم تتضمن الرد على أسباب البطلان، والتفت عن الرد على طلباتها ودفاعها
ودفوعها الجوهرية والإشارة لمذكراتها، ولم يعن ببحث المستندات المقدمة منها، ولم
يبين مصادر الأدلة التي استند إليها لرفض كافة الدعاوى، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المادة 253 من قانون المرافعات
إذا أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن
وإلا كان باطلا، إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن و تعرفه تعريفا واضحا
كاشفا عن المقصود منه کشفا وافيا نافيا عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب
الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه وإلا كان
النعي غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تبين مواضع الخطأ ومواطن القصور
التي تنسبها إلى الحكم المطعون فيه وموضعها منه وأثره في قضائه، ولم تبين ماهية
طلباتها وأوجه دفاعها ودفوعها والمذكرات والمستندات التي أغفلها الحكم المطعون فيه
ولم يعن ببحثها، فإن نعيها في هذا الخصوص يكون مجهلا، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الثاني والسبب التاسع
والوجه الثاني من السبب الخامس عشر من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي
بيان ذلك تقول إنها تمسكت ببطلان حكم التحكيم موضوع التداعي لصدور الأمر القضائي
رقم ... لسنة 125 ق القاهرة بإنهاء إجراءات التحكيم والمؤيد بالتظلم رقم ... لسنة
125 ق القاهرة قبل صدور حكم التحكيم بالمخالفة للمادتين، 2/45، 48 من قانون
التحكيم، وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع مخالفا حجية الأمر القضائي البات
سالف البيان، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن الأصل في التحكيم - وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - أنه طريق استثنائي لفض الخصومات، قوامه الخروج عن طرق
التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تنصرف إرادة
المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم، وإذ كان النص في الفقرة الأولى من المادة 45
من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن
"على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق
عليه الطرفان، فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال اثني عشر شهرا من تاريخ
بدء إجراءات التحكيم، وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على
ألا تزيد المدة على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك". فإن
مؤداه أن المشرع قد ارتأى أمر تحديد الميعاد اللازم لإصدار حكم التحكيم المنهي
للخصومة كلها لإرادة الأطراف ابتداء وانتهاء، وبذلك يكون قد نفي عن الميعاد اللازم
لإصدار هذا الحكم وصف القاعدة الإجرائية الآمرة، وأنه لما كانت الأوامر على
العرائض - وعلى ما يبين من نصوص الباب العاشر من الكتاب الأول من قانون المرافعات
– هي الأوامر التي يصدرها قضاة الأمور الوقتية بما لهم من سلطة ولائية وذلك بناء
على الطلبات المقدمة إليهم من ذوي الشأن على عرائض، وتصدر تلك الأوامر في غيبة
الخصوم ودون تسبيب بإجراء وقتي أو تحفظي في الحالات التي تقتضي بطبيعتها السرعة أو
المباغتة دون مساس بأصل الحق المتنازع عليه، ولذا لا تحوز تلك الأوامر حجية ولا
يستنفد القاضي الآمر سلطته بإصدارها، إذ يجوز له مخالفتها بأمر جديد مسبب، وأن
التظلم من الأمر على عريضة ما هو إلا دعوى وقتية ينتهي أثرها بصدور الحكم في
الدعوى الموضوعية ولا يقيد الحكم الصادر فيه محكمة الموضوع، إذ يقتصر الحكم في
التظلم على تأييد الأمر أو إلغائه أو تعديله فقط دون المساس بأصل الحق. لما كان
ذلك، وكان مفاد نص المادة 4/13، 5 من عقد اتفاق التحالف المؤرخ 10 من أغسطس سنة
2001 المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدهما الأولى والثانية أنه في حالة عدم موافقة
الأطراف الثلاثة على تسوية ما ينشأ بينهم من نزاع وفقا لقواعد التسوية الودية
المنازعات الخاصة بغرفة التجارة الدولية (قواعد بدائل تسوية المنازعات) أو إذا لم
يسو النزاع وفقا للقواعد المذكورة خلال خمسة وأربعين يوما بعد تقديم طلب التسوية أو
بعد انقضاء المدة التي اتفق عليها الأطراف كتابة .. يجب أن يسوي النزاع بصورة
نهائية وفقا لقواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية بواسطة محكم واحد يتم تعيينه
بواسطة غرفة التجارة الدولية وفقا لقواعد التحكيم المذكورة على أن يقام التحكيم في
مصر باللغة الإنجليزية، فإن مؤدى ذلك ارتضاء الأطراف إخضاع التحكيم بينهم للقواعد
الإجرائية الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس، وهو ما من شأنه حجب أحكام قانون
التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 إلا ما يتعلق منها بالنظام العام، فتضحى - تبعا
لذلك – المادة 24 من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية هي الواجبة الإعمال على
إجراءات الدعوى التحكيمية رقم ... والتي تمنح هيئة التحكيم سلطة تمديد مدة البت في
القضية بناء على طلب مسبب من محكمة التحكيم أو من تلقاء نفسها إذا رأت ذلك ضرورية،
ومن ثم يكون الأمر الوقتي رقم ... لسنة 125 ق القاهرة بإنهاء إجراءات التحكيم
والمؤيد بالتظلم رقم ... لسنة 125 ق القاهرة قد أهدر إرادة ما اتفق عليه الأطراف ،
حال كونه دعوى وقتية ينتهى أثرها بصدور الحكم في الدعوى الموضوعية، ولا يقيد الحكم
الصادر فيه محكمة الموضوع، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن الأمر الوقتي بإنهاء
إجراءات التحكيم وطبق قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس بشأن الميعاد اللازم
لإصدار حكم التحكيم المنهي الخصومة دون قانون التحكيم المصري فإنه يكون قد انتهى
إلى نتيجة صحيحة، ولا يعيبه - من بعد - ما اشتمل عليه من تقريرات قانونية خاطئة،
إذ لمحكمة النقض أن تصححها دون أن تنقضه ، ويضحى النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب العاشر من أسباب الطعن على الحكم المطعون
فيه البطلان، وفي بيان ذلك تقول أن السيد القاضي رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم
المطعون فيه سبق له نظر الدعويين رقمي ... لسنة 126 ق القاهرة، ... لسنة 127 ق
القاهرة المرتبطتين بموضوع النزاع الراهن، بما يفقده الصلاحية لنظره طبقا للمادتين
5/146، 1/147 من قانون المرافعات، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط
بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي
حددها القانون، فإذا تخلفوا عن اتخاذ هذا الإجراء كان طعنهم في هذا الخصوص مفتقرا
إلى دليله، وإذ لم تقدم الطاعنة رفق طعنها صورة من الحكمين الصادرين في الدعويين
المشار إليهما بسبب النعي حتى يمكن التحقق من صحة ما تنعاه بشأن سبق اشتراك رئيس
الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه في نظرهما وإصدار الحكم فيهما، ولم تبين وجه
ارتباطهما بالدعوى الحالية، فإن نعيها في هذا الخصوص يكون مفتقرا لدليله، ومن ثم
غير مقبول.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسببين الرابع عشر والسادس عشر والوجه
الأول من السبب الخامس عشر من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والتناقض، وفي بيان ذلك
تقول إنها تمسكت بعدم صلاحية السيد القاضي مصدر الأمر رقم ... لسنة 129 ق القاهرة
بوضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم موضوع التداعي، لسبق إصدار الدائرة التي
يترأسها حكما في الاستئناف رقم ... لسنة 125 ق القاهرة - المتعلق بمطالبة الطاعنة
بنصيبها في الأرباح - قضى بعدم قبوله لوجود شرط التحكيم، ومن ثم تكون الدائرة قد
أدلت برأيها في موضوع التحكيم سيما وأنها أحالت الدعويين رقمي ...، ... لسنة 128 ق
القاهرة محل الطعن المتعلقتين ببطلان وتزوير حكم التحكيم إلى دائرة أخرى لوجود عذر
قانوني، بما يجعل السيد القاضي المذكور غير صالح لإصدار الأمر بالتنفيذ، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلب بطلان الأمر بتنفيذ حكم التحكيم
لانتفاء أسباب عدم صلاحية مصدره فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة
- أن مناط منع القاضي من سماع الدعوى وبطلان حكمه متي سبق له نظرها تطبيقا لنص
المادتين 5/146، 1/147 من تقنين المرافعات أن يكون قد قام في النزاع بعمل يجعل له
رأيا في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها
حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزنا مجردا مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عنه عمله
المتقدم، حتى ولو خالف مجرى العدالة وضنا بأحكام القضاء من أن يعلق بها استرابة من
جهة شخص القاضي لدواع يذعن لها عادة أغلب الخلق، وأنه ولئن كان ظاهر سياق نص
المادة 146 من ذات التقنين يفيد أن إبداء الرأي الذي يؤدي إلى عدم صلاحية القاضي
لنظر الدعوى - يلزم أن يكون في ذات القضية المطروحة - إلا أنه ينبغي أن يفسر ذلك
بالمعنى الواسع، فيؤخذ به متى كانت الخصومة الحالية مرددة بين الخصوم أنفسهم،
ويستدعي الفصل فيها الإدلاء بالرأي في نفس الحجج والأسانيد التي أثيرت في الخصومة
الأخرى، بحيث تعتبر الخصومة الحالية استمرارا لها وعودا إليها، فإذا كان القاضي قد
عرض لهذه الحجج لدى فصله في الدعوى السابقة وأدلي برأي فيها لم تتوفر له مقومات
القضاء الحائز لقوة الأمر المقضي، فإنه يكون غير صالح لنظر الخصومة التالية
وممنوعا من سماعها وإلا كان حكمه باطلا، إذ في هذه الحالة تبدو خشية تشبثه برأيه
الذي أبداه فيشل تقديره ويتأثر به قضاؤه. لما كان ذلك، وكانت الخصومة المرددة بين
طرفي التداعي في الاستئناف رقم ... لسنة 125 ق القاهرة - وفقا لما أوردته الطاعنة
بسبب النعي - متعلقة بمطالبة الطاعنة للمطعون ضدهما الأولى والثانية بنصيبها في
الأرباح، وأن بحث المحكمة فيها اقتصر على التحقق من وجود شرط التحكيم في العقد
المبرم بينهم وسريانه على النزاع المنظور أمامها، ثم خلصت في حكمها إلى عدم قبول
الدعوى لوجود شرط التحكيم، ولا يبين من ذلك أن المحكمة كونت رأيا في موضوع النزاع
أو فصلت في شق منه أو أظهرت ما يشف عن تكوين عقيدتها في الدعوى المنظورة أمامها،
ومن ثم فإن اشتراك السيد القاضي رئيس الدائرة في إصدار ذلك الحكم لا يحول قانونا
بينه وبين إصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم موضوع التداعي ولا يفقده صلاحية إصداره،
ولا يدل على قيام سبب من أسباب عدم الصلاحية مجرد إحالة الدعويين رقمي ...، ...
لسنة 128 ق القاهرة المتعلقتين ببطلان وتزوير حكم التحكيم إلى دائرة أخرى لوجود
مانع لدى الهيئة التي تنظرهما دون بيان لهذا المانع، وما إذا كان يتعلق بأحد أسباب
عدم الصلاحية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح
القانون، ويضحى ما تثيره الطاعنة بأسباب النعي على غير أساس.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق