جلسة 21 من نوفمبر سنة 1946
برياسة حضرة جندي عبد
الملك بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلى بك
ومصطفى مرعى بك ومحمد صادق فهمى بك المستشارين.
-------------
(112)
الطعن رقم 128 سنة 15
القضائية
شفعة. شرط.
استناد أثر الشرط إلى الماضي.
متى يصح؟ شرط قرره القانون. الحكم المعلق على هذا الشرط. لا يوجد إلا عند تحقق
الشرط. المادة 105 مدنى. لا انطباق لها في غير باب التعهدات والعقود. شرط التسجيل
لنقل الملكية. لا انسحاب لأثره على الماضي. رفض دعوى الشفعة بناءً على أن الشفيع
لم يكن مالكا للعين المشفوع بها إلا من تاريخ تسجيل عقد الشراء. لا مخالفة فيه
للقانون.
----------------
إن استناد أثر الشرط إلى الماضي
على النحو المستفاد من نص المادة 105 من القانون المدني (1)
إنما يصح حيث يكون
التعليق على الشرط ناشئاً عن إرادة المتعاقدين. أما حيث يكون القانون هو الذى قرر
الشرط وعلق عليه حكماً من الأحكام فإن الحكم المشروط لا يوجد ولا يثبت إلا عند
تحقق شرطه أما قبله فلا، لأن الأصل أن الأثر لا يسبق المؤثر.
وعلى هذا لا محل لتطبيق
المادة 105 المذكورة في غير باب التعهدات والعقود. وبصفة خاصة لا محل لتطبيقها على
ما كان من الشروط جعلياً مردوداً إلى إرادة الشارع، كشرط التسجيل لنقل الملكية،
لأن هذا النوع من الشرط باق على أصله فلا انسحاب لأثره على الماضي. وعلى أن القول
بالأثر الرجعى للتسجيل فيه منافاة لمقصود الشارع في وضع قانون التسجيل. فالحكم
الذى يقضى برفض دعوى الشفعة بناءً على أن الشفيع لم يكن مالكاً للعين المشفوع بها
يوم اشتراها بل من تاريخ تسجيل عقد الشراء لا يكون مخالفاً للقانون في نفيه الأثر
الرجعى للتسجيل.
الوقائع
في 20 من مارس سنة 1944
أقام الطاعن على المطعون ضدهم الدعوى رقم 1942 سنة 1944 كلى مصر وقال في صحيفة
افتتاحها إن المطعون ضدهم الأربعة الأخيرين اشتروا في 12 ديسمبر سنة 1943 من باقي
المطعون ضدهم سبعة أفدنة وأربعة أسهم واقعة بزمام جزاية. ولما كان هذا المقدار
شائعاً في أرض اشتراها الطاعن من السيدة جلسن هانم شريف بعقد عرفي تحرر في 6 من
ديسمبر سنة 1943 حكم بصحة توقيع البائعة عليه في 13 من يناير سنة 1944، فقد طلب
الطاعن الحكم بأحقيته في أن يأخذ المقدار المذكور بالشفعة.
وفى 23 من نوفمبر سنة
1944 قضت محكمة مصر برفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصاريف ومايتى قرش مقابل أتعاب
المحاماة بانية قضاءها هذا على أن الطاعن طالب الشفعة لم يصبح مالكاً للعين
المشفوع بها التي اشتراها بعقد عرفي في 6 من ديسمبر سنة 1943 إلا بعد أن سجل الحكم
الصادر بصحة توقيع البائعة في 19 من أغسطس سنة 1944.
استأنف الطاعن هذا الحكم
لدى محكمة استئناف مصر وطلب فيه قبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بطلبه الذى ورد
في صحيفة افتتاح دعواه. وفى 13 من مايو سنة 1945 قضت محكمة استئناف مصر بقبول
الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف
بالمصاريف وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن الطاعن بهذا الحكم
في 17 من يوليه سنة 1945 فطعن فيه بالنقض الخ. الخ.
المحكمة
وحيث إن الطعن مبناه أن
الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعن بالشفعة - بناءً على أنه لم يكن مالكاً
للعين المشفوع بها يوم اشتراها في 6 من ديسمبر سنة 1943 وعلى أنه لم يتملكها إلا
بعد أن سجل سند ملكيته في 19 من أغسطس سنة 1944 - قد أخطأ في تطبيق القانون وفى
تفسيره. ووجه هذا الخطأ أن القانون، وقد علق نقل الملكية على التسجيل، قد جعل
المشترى بعقد غير مسجل مالكاً تحت شرط واقف هو أن يسجل عقده. فإذا تحقق الشرط وجب
اعتباره مالكاً لا من يوم التسجيل فحسب بل من يوم انعقاد العقد الذى سجل. وذلك
عملاً بقاعدة الأثر الرجعى للشرط، تلك القاعدة العامة المقررة في المادة 105 من
القانون المدني والتي لم يرد في قانون التسجيل ما يعطلها أو يحد من تطبيقها.
وحيث إن استناد أثر الشرط
إلى الماضي على النحو المستفاد من نص المادة 105 من القانون المدني، إنما يصح حيث
يكون التعليق على الشرط ناشئاً عن إرادة المتعاقدين. أما حيث يكون القانون هو الذى
قرر الشرط وعلق عليه حكماً من الأحكام فإن الحكم المشروط لا يوجد ولا يثبت إلا عند
تحقق شرطه، أما قبله فلا. ذلك لأن الأصل أن الأثر لا يسبق المؤثر. غير أن الشارع
قد لاحظ أن العاقدين إذ يعلقان اتفاقهما على شرط - أي على أمر مستقبل قد يوجد وقد
لا يوجد - يكونان جاهلين مآل الشرط فلا يعرفان هل يتحقق أو يتخلف، فقدر أنهما لو
كانا على علم بهذا المآل لأقاما عليه اتفاقهما منذ البداية. وعلى هذا التقدير أو
الفرض القانوني قامت نظرية الأثر الرجعى للشرط. ولا مبرر لها في الشرائع التي أخذت
بها إلا أنها تعبر عن إرادة العاقدين، فقصر تطبيقها من أجل ذلك على دائرة الاتفاق.
وقد التزم القانون نفسه هذه الدائرة فأورد نص المادة 105 التي قررت الأثر الرجعى
للشرط في باب التعهدات والعقود.
وعلى ذلك فلا محل لتطبيق
هذا النص في غير هذا الباب. وبصفة خاصة لا محل لتطبيقه على ما كان من الشروط
جعلياً مردوداً إلى إرادة الشارع - كشرط التسجيل لنقل الملكية - لأن هذا النوع من
الشروط باق على الأصل فلا انسحاب لأثره على الماضي.
وحيث إنه فضلاً عما تقدم
فإن القول بالأثر الرجعى للتسجيل فيه منافاة لمقصود الشارع من وضع قانون التسجيل.
ذلك لأن هذا القول يثير من جديد التمييز بين الغير وبين العاقدين، والقضاء على هذا
التمييز بالذات كان بعض ما أريد بوضع هذا القانون. ثم إن هذا القول أيضاً من شأنه
أن يضعف جزاء عدم التسجيل، في حين أن واضع القانون المذكور إنما أراد أن يكون هذا
الجزاء صارماً رادعاً ليحمل المتعاملين على المبادرة إلى التسجيل قصد تمهيد الطريق
لنظام السجلات العقارية المرجو إنشاؤه في المستقبل.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الحكم المطعون فيه إذ نفى الأثر الرجعى للتسجيل قد جاء صحيحاً لا مخالفة فيه
للقانون ومن ثم يكون الطعن متعين الرفض موضوعاً.
(1)تقابلها المادة 270 من القانون الجديد وهى تنص في فقرتها الأولى على
أنه "إذا تحقق الشرط استند أثره إلى الوقت الذى نشأ فيه الالتزام، إلا إذا
تبين من إرادة المتعاقدين ومن طبيعة العقد أن وجود الالتزام أو زواله إنما يكون في
الوقت الذى تحقق فيه الشرط".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق