الدعوى رقم 28 لسنة 40 ق "تنازع" جلسة 1 / 6 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من يونيه سنة 2019م،
الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمـد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر
شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق
عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 28 لسنة 40
قضائية "تنازع".
المقامة من
عادل قطب محمـد دياب
ضــــــد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- النائب العـام
4- رئيس نيابة بندر دمنهور
الإجراءات
بتاريخ التاسع والعشرين من يوليو سنة 2018، أودع المدعى صحيفة هذه
الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولاً: بوقف تنفيذ
الحكم الصادر بإدانته في القضية رقم 12275 لسنة 2012 جنح بندر دمنهور، المؤيد
بالحكم الصادر في القضية رقم 20831 لسنة 2016 جنح مستأنف دمنهور، والحكم الصادر في
الطعن بالنقض رقم 12509 لسنة 8 قضائية "جنح". ثانيًّا: بعدم الاعتداد بالحكم
المشار إليه، والاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالبحيرة في الدعويين
رقمي 8989 لسنة 12 قضائية و2196 لسنة 13 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل– على ما
يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة كانت قد أسندت للمدعى
في الجنحة رقم 12275 لسنة 2012 جنح بندر دمنهور، أنه في يوم 4/6/2012، بدائرة بندر
دمنهور، قام باستئناف أعمال بناء سبق صدور قرار بإيقافها، بصب أعمدة وسقف الدور
السادس العلوى بالعقار ملكه الكائن بتقسيم أرض الميرى، 15 شارع رضا الجويلى،
وقدمته للمحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح بندر دمنهور، بطلب عقابه بالمواد (15،
22/2، 22 مكرر/1، 23/1، 24، 29) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم
أعمال البناء. وبجلسة 25/10/2016، قضت المحكمة حضوريًّا اعتباريًّا، بمعاقبة
المدعى بالحبس ستة أشهر مع الشغل، وتغريمه مثلى قيمة الأعمال المخالفة على النحو
الوارد بتقرير الخبير، وإلزامه (1%) من قيمة هذه الأعمال عن كل يوم يمتنع فيه عن
تنفيذ قرار الإزالة لأسبابه، وكفالة قدرها خمسون جنيهًا لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس
مؤقتًا. لم يصادف هذا القضاء قبول المدعى، فطعن عليه بالاستئناف رقم 20831 لسنة
2016 جنح مستأنف دمنهور، وبجلسة 31/1/2017، قضت تلك المحكمة ببطلان الحكم
المستأنف، والقضاء مجددًا بمعاقبة المتهم - المدعى - بالحبس ستة أشهر مع الشغل،
وتغريمه مثلى قيمة الأعمال المخالفة بواقع مبلغ 57600 جنيه، وأمرت بوقف تنفيذ
عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم. وأسست المحكمة قضاءها على
ارتكاب المتهم الجريمة المؤثمة بالمواد (38، 59/1، 98، 103/1، 3) من قانون البناء
الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، وذلك على سند من أن "المتهم وإن كان قد
تقدم للجهة الإدارية بطلب للحصول على ترخيص بالتعلية، إلا أنه لم يحصل عليه، كما
أن إقامته دعوى أمام محكمة القضاء الإداري - التي لم يُحكم فيها بعد - بطلب إلغاء
القرار الإداري السلبى بعدم منحه ترخيص التعلية، لا يمنحه الحق في إقامة دور في عقاره
دون ترخيص". ولم يلق هذا الحكم قبول المدعى، فطعن عليه بطريق النقض، المقيد
برقم 12509 لسنة 8 قضائية "جنح"، وقضت فيه محكمة استئناف القاهرة - في غرفة
مشورة - بجلسة 11/11/2017، بعدم قبول الطعن موضوعيًّا، ومن جانب آخر، كان المدعى
قد أقام دعويين أمام محكمة القضاء الإداري بالبحيرة، أولاهما برقم 8989 لسنة 12
قضائية، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليمه
ترخيص التعلية رقم 130/1 لسنة 2011/2012، بتعلية دور سادس علوى بالعقار ملكه سالف
البيان، وما يترتب على ذلك من آثار. وثانيتهما برقم 2196 لسنة 13 قضائية، بطلب
الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الإزالة رقم 245 لسنة 2013، الصادر بإزالة أعمدة
الدور السادس علوى بالعقار ملكه، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعوى الثانية للدعوى
الأولى، قضت بجلسة 25/12/2017، بقبول الدعويين شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرارين
المطعون فيهما، وما يترتب عليهما من آثار. وأسست المحكمة قضائهـا على أســباب
حاصلها أنه إعمالاً لنصى المادتين (41، 42) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم
119 لسنة 2008، فإن انقضاء المدة المحددة لإصدار ترخيص البناء دون بت جهة الإدارة
فيه، يُعد بمثابة موافقة عليه. وبناءً على ذلك قضت المحكمة بإلغاء القرارات التي
تتعارض مع اعتبار وجود ترخيص التعلية قد صدر فعلاً بقوة القانون، وإذ ارتأى المدعى
أن ثمة تناقضًا بين حكمي القضاء العادي والقضاء الإداري المشار إليهما، فقد أقام
دعواه المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى المُبدى من هيئة قضايا الدولة،
لانتفاء التناقض بين حكمي جهة القضاء العادي والإداري، لاختلاف موضوعهما، فإن من
المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن مناط قبول الفصل في النزاع الذى يقوم
بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، والذى تنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه
طبقًا للبند ثالثًا من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛
هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي،
والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد، وحسما النزاع في موضوعه،
وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، على نحو يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا
للفصل في هذا التناقض بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي، لتحدد على
ضوئها أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل في النزاع، وأحقهما - تبعًا لذلك -
بالتنفيـذ، فإذا كانا غيــر متحديـن محلاً، أو مختلفين نطاقًا، فلا تناقض، وكذلك
كلما كان التعارض بينهما ظاهريًّا لا يتعمق الحقائق القانونية، أو كان مما تزول
الشبهة فيه من خلال التوفيق بينهما، ذلك أن الأصل في النزاع حول التناقض بين
الحكمين النهائيين، الذى يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، أن يكون هذا التناقض
واقعًا في مجال تنفيذهما، وهو ما يقتضى أن يكون تنفيذهما معًا متصادمًا ويتعذر
التوفيق بينهما.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن التناقض بين حكمين
نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين - في تطبيق أحكام قانون المحكمة
الدستورية العليا المشار إليه - يفترض وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق
التى فصلا فيها. بيد أن وحدة الموضوع لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه،
كما أن تناقضهما - إذا قام الدليل عليه - لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا،
بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض المدعى
به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة
موضوعهما، ثم من تناقض قضائيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك
النزاع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها - عندئذ - أن تفصل
فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا من عدمه.
وحيث إن المسألة التي تمثل جوهر النزاع المطروح على جهتي القضاء العادي
والإداري، إنما تتحدد فيما إذا كانت أعمال البناء محل الاتهام الجنائي المردد أمام
القضاء الجنائي التابع لجهة القضاء العادي، الصادر في شأنها القرارين الإداريين
المطعون عليهما أمام جهة القضاء الإداري، قد ارتكنت إلى ترخيص من الجهة الإدارية
المختصة من عدمه، وكان المدعى قد دفع أمام محكمة جنح مستأنف دمنهور، بإقامته
الدعوى رقم 8989 لسنة 12 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالبحيرة، طعنًا على
قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص البناء رقم 130/1 لسنة
2011/2012، بتعلية الدور السادس العلوى بالعقار ملكه، رغم انقضاء ثلاثين يومًا من
تاريخ تقديم طلب الترخيص بها في 27/12/2011، مستوفيًّا، بما يُعد معه عدم البت في ذلك
الطلب بمثابة موافقة على الترخيص بهذه الأعمال، وفقًا لنص المادة (42) من قانون
البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، ومع ذلك انتهى الحكم الجنائي إلى إدانة
المدعى، ومعاقبته جنائيًّا، على سند من قيامه باستئناف أعمال بناء سبق صدور القرار
رقم 1021 لسنة 2012 بتاريخ 10/5/2012، بإيقافها، للقيام بها بدون ترخيص، حال كون
حكم محكمة القضاء الإداري بالبحيرة، في الدعويين رقمي 8989 لسنة 12 قضائية، و2196
لسنة 13 قضائية، قد انتهى إلى إلغاء قرار جهة الإدارة بالامتناع عن تسليم المدعى
رخصة بناء بتعلية دور سادس علوى بالعقار ملكه، وإلغاء قرار إزالة أعمال البناء التي
تمت بذلك الدور، على سند من أن تلك الأعمال قد تمت بموجب ترخيص، إعمالاً لنص المادة
(42) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، لعدم بت جهة الإدارة في الطلب
المقدم من المدعى خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم الطلب، والمقدم لها بتاريخ
27/12/2011، مستوفيًّا المستندات المطلوبة، بما مؤداه اتحاد المسألة جوهر النزاع
المردد أمام كل من جهتي القضاء العادي والإداري، وتناقض ما انتهى إليه الحكمان في شأن
هذه المسألة، بما يتعذر معه تنفيذهما معًا، الأمر الذى تتوافر معه شروط طلب فض
التناقض في تنفيذ هذين الحكمين المعقود لهذه المحكمة بموجب البند (ثالثًا) من
المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ومن ثم يضحى الدفع بعدم
قبول الدعوى المُبدى من هيئة قضايا الدولة في غير محله، ومفتقدًا لسنده القانوني
السليم، حقيقًا بالرفض.
وحيث إن الفصل في مشروعية قرار جهة الإدارة في شأن الترخيص بأعمال
البناء المشار إليها، والذى يمثل أساس المسئولية الجنائية عن الأفعال المقدم
المدعى للمحاكمة الجنائية استنادًا لها، وجوهر النزاع المعروض على جهة القضاء الإداري،
ينعقد الاختصاص به لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها، إعمالاً لنص المادة (114) من
قانون البناء المشار إليه، فيما نصت عليه من أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون
غيرها بالفصل في الطعون على جميع القرارات الصادرة من الجهة الإدارية تطبيقًا
لأحكام هذا القانون"، بما مؤداه أنه كان يتعين على محكمة الجنح المستأنفة
تربص حكم محكمة القضاء الإداري في تلك المسألة الأولية، خاصة أن المادة (221) من
قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "تختص المحكمة الجنائية بالفصل في جميع
المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها، ما لم ينص
القانون على خلاف ذلك"، وهو ما يجزم باختصاص جهة القضاء الإداري بالفصل في تلك
المسألة الأولية، مما لزامه عدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف
دمنهور، والحكم الصادر بجلسة 11/11/2017، في الطعن بالنقض رقم 12509 لسنة 8 قضائية
"طعون نقض جنح"، والاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري
بالبحيرة السالف الذكر.
وحيث إنه عن طلب وقف التنفيذ، فمن المقرر في قضاء هـــذه المحكمة أن
طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين - أو كليهما - فرع من أصـل النـزاع حول فض
التناقض بينهما، وإذ تهيـــأ ذلك النزاع للفصـل في موضوعـه - على ما تقدم - فإن
قيام رئيس المحكمة الدستورية العليا بمباشرة اختصاصه المقرر بنص المادة (32) من
قانون هذه المحكمة يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بالاعتداد بتنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري
بالبحيرة بجلسة 25/12/2017، في الدعويين رقمي 8989 لسنة 12 قضائية، و2196 لسنة 13
قضائية، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف دمنهور بجلسة 31/1/2017،
في الدعوى رقم 20831 لسنة 2016، والحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة، في غرفة
مشورة، بجلسة 11/11/2017، في الطعن بالنقض رقم 12509 لسنة 8 قضائية "نقض
جنح".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق