الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 يوليو 2019

الطعن 224 لسنة 29 ق جلسة 30 / 3 / 1959 مكتب فني 10 ج 1 ق 85 ص 377

جلسة 30 من مارس سنة 1959
برياسة السيد مصطفى فاضل رئيس المحكمة, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعباس حلمي سلطان, وعادل يونس المستشارين.
-------------
(85)
الطعن رقم 224 لسنة 29 القضائية 1)(
(أ, ب) قانون. تنفيذه. لوائح. حق السلطة التنفيذية في إصدار اللوائح العادية. سناد هذا الحق وقيوده وماهيته. المادة 37 من دستور 1923 الملغي.
نقد. القرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948. شرعيته.
(ج, د, هـ) نقد. 
القرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948. ماهية أحكامه. عملية التعامل في النقد الأجنبي. شرط صحتها والجزاء المترتب على تخلف هذا الشرط. وجوب تطبيق المادة 9 من ق 80/ 1947 المادة الأولى من ق 80 لسنة 1947. مجال تطبيقها. وجوب سريانها أيضا على الإجراءات التالية لتحويل النقد. تنظيمها جميع عمليات التعامل في النقد الأجنبي - ما تم منها تحت إشراف الجهات المختصة وتلك التي تتم في الخفاء -. علة ذلك.
(و) استئناف. أثره. 
حالات التصدي. المادة 419/ 1 أ. جعند إلغاء الحكم الصادر من محكمة أول درجة بسقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة.
--------------
1 - من المقرر أن للسلطة التنفيذية أن تتولى أعمالا تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها, وهذه السلطة مستمدة من المبادئ الدستورية المتواضع عليها, وقد عني دستور سنة 1923 الملغي - الذي صدر القرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948 في ظله - بتقنين هذا المبدأ في المادة 37 منه فيكون ذلك القرار مستندا في الأصل إلى الإذن العام الذي تضمنه الدستور, ولا يعدو الإذن الوارد بالقانون رقم 80 لسنة 1947 أن يكون ترديدا للإذن العام المستمد من النص الدستوري سالف الذكر.
2 - ليس معنى الاذن العام المستمد من نص المادة 37 دستور سنة 1923 الملغي تزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين إلى السلطة التنفيذية بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئا جديدا أو أن تعدل فيها أو أن تعطل تنفيذها أو أن تعفي من هذا التنفيذ, وهو حق تملكه السلطة التنفيذية بحكم المبادئ الدستورية.
3 - ما تضمنه القرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948 من شروط خاصة بإلزام المستوردين تقديم شهادة الجمرك القيمية الدالة على ورود البضائع التي استوردوها إلى مصر بالعملة الأجنبية التي أفرج عنها من أجل استيرادها وذلك في خلال الأجل المحدد, يعد متمما لحكم المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 - التي حظرت تحويل النقد من مصر أو إليها إلا بالشروط والأوضاع التي تحدد بقرار من وزير المالية وعن طريق المصارف المرخص لها منه بذلك - ومفصلا للأوضاع التي يجب أن تتم عليها عملية التعامل في النقد الأجنبي والتي يشترط لصحتها تحقق الشرط الموقف الذي رتبه القانون, وهو تنفيذ الشروط والأوضاع التي ناط بها وزير المالية - وهى التي تضمنها القرار الوزاري سالف البيان - بحيث إذا تخلف تحقق هذا الشرط فقد التعامل سنده القانوني واستوجب العقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1948.
4 - القول بأن المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 لا تسري إلا على الإجراءات السابقة أو المعاصرة لتحويل النقد دون ما يلي ذلك من إجراءات, يتنافر والغاية التي تغياها الشارع من الحفاظ على ما لدى البلاد من عملة صعبة وإحكام الرقابة على النقد الأجنبي - على ما يبين من المذكرة التفسيرية المرافقة للقانون المذكور - إذ أن كف هذه الرقابة بمجرد الافراج عن العملة الأجنبية المخصصة للاستيراد قبل التحقق من استعمالها في الغرض الذي أفرج عنها من أجله, فيه تفويت لمراد الشارع وإهدار للقيود الموضوعية لمحاربة تهريب النقد.
5 - القول بقصر العقاب على العمليات التي تتم في الخفاء لا سند له من القانون رقم 80 لسنة 1947 إزاء عموم نصه.
6 - الحكم بسقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة هو في الواقع وحقيقة الأمر حكم صادر في موضوع الدعوى, إذ أن معناه براءة المتهم لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عليه, ولا يجوز بحال للمحكمة الاستئنافية أن تتخلى عن نظر الموضوع وترد القضية إلى محكمة الدرجة الأولى بعد أن استنفذت هذه كل ما لها من سلطة فيها.

الوقائع
اتهمت النيابة المطعون ضده بأنه: لم يقدم إلى المصرف الذي يتعامل معه (البنك العثماني) بالقاهرة ما يثبت استخراج شهادات جمركية قيمية مبينا فيها أن البضائع التي أفرج من أجل استيرادها عن عملة أجنبية قد وردت إلى مصر وذلك في ميعاد لا يتجاوز ستة شهور من تاريخ استعمال الاعتماد المفتوح. وطلبت عقابه بالمادتين 1و9 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1950 والقانون رقم 111 لسنة 1953 والقرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948. ومحكمة جنح امبابه قضت حضوريا باعتبار الواقعة مخالفة وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وببراءة المتهم. استأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ تطبيق القانون وتأويله حين اعتبر الواقعة المسندة إلى المطعون ضده مخالفة تأسيسا على أن قرار وزير المالية رقم 75 لسنة 1948 هو الذي حتم - دون القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد - تقديم شهادة الجمرك القيمية على الواردات التي أفرج عن مقابلها من عملة أجنبية من أجل استيرادها وذلك في ميعاد الستة أشهر التالية لتاريخ استعمال الاعتمادات المفتوحة لتغطية قيمتها أو من تاريخ دفع قيمتها, واستند الحكم في ذلك إلى أن المراد من حظر تحويل النقد من مصر وإليها طبقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 لا يعدو الإجراءات السابقة أو المعاصرة للتحويل, وأن مجال إعمال هذه المادة ينحصر في عمليات التعامل في النقد الأجنبي في الخفاء فيخرج عن نطاقها مخالفة الشروط والأوضاع التي توضع لتنظيم التعامل في ذلك النقد والتي يحكمها القرار الوزاري سالف الذكر, الذي لا ينص على جزاء الإخلال بمضمونه مما يتعين معه تطبيق عقوبة المخالفة بما لا يجاوز خمسة وعشرين قرشا طبقا لنص المادة 395 من قانون العقوبات. وهذا الذي ذهب إليه الحكم يجافي التأويل الصحيح للقانون, ذلك أنه يبين من نص المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 أن الشارع خوّل وزير المالية إصدار القرارات المحددة للشروط والأوضاع التي يتعين اتباعها في عمليات النقد, ومراد الشارع من ذلك هو إتاحة الفرصة لتعديلها عند الاقتضاء تلافيا للعيوب التي قد يكشفها العمل. وهى في هذا المقام تعد متممة لنص المادة الأولى سالفة الذكر, وقد صدرت في حدود التفويض الصادر لوزير المالية بمقتضى المادة المذكورة والمادة 16 من القانون ذاته التي ناطت وزير المالية بإعداد القرارات اللازمة لتنفيذه, وبذلك يسري على من يخالف أحكامها نص المادة التاسعة من القانون المذكور, وليس بسائغ ما ذكره الحكم من قصر تطبيق المادة الأولى من القانون على الإجراءات السابقة أو المعاصرة للتحويل دون ما يلي ذلك من إجراءات, ذلك أن الشارع منزه عن العبث, ولا يعقل أن تكف الرقابة على عملية النقد المفرج عنها لاستيراد بضاعة أجنبية بمجرد التحويل بمصر, لأن القول بذلك فيه معنى تشجيع التهريب وإفلات زمام الرقابة على عمليات النقد, كما أن القول بقصر العقاب على العمليات التي تتم في الخفاء هو تخصيص بلا مخصص ولا يتفق وعموم النص.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن المطعون ضده وهو مستورد قد خالف أحكام المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1950 والقرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948 بعدم تقديمه المستندات اللازمة في خلال المدة المقررة, ثم عرض إلى قرار وزير المالية الخاص بوجوب تقديم شهادة الجمرك القيمية عن الواردات التي أفرج عن عملة أجنبية من أجل استيرادها في خلال الأجل الذي حدده لذلك وانتهى إلى أنه لما كانت عملية فتح الاعتماد بنقد أجنبي بقيمة استيراد بضائع من الخارج قد تمت تحت إشراف الجهات ذات الاختصاص في شئون النقد, فلا تحكمها المادة الأولى من القانون سالف الذكر التي لا تطبق إلا إذا توافرت عناصر جريمة التهريب ومنها إتمام التعامل خفية عن الجهات القائمة على رقابة النقد وتداوله, ومن وراء ظهر هذه السلطات, واتجه الحكم إلى خضوع الواقعة لقرار وزير المالية رقم 75 لسنة 1948 على اعتبار أنه ينظم الإجراءات اللاحقة للتعامل الذي ينتهى بفتح الاعتماد بالعملة الأجنبية - والتي لا تشملها أحكام المادة الأولى سالفة البيان - وهو بهذه المثابة يعد لائحة تنفيذية لقانون الرقابة على أعمال النقد ولا يجوز أن يخلع وصف الجنحة على ما يتضمنه من أحكام آمرة أو ناهية, بل تحكمه المادة 395 من قانون العقوبات لخلوه من ترتيب جزاء على مخالفة أحكامه, ومقتضى هذا اعتبار الواقعة مخالفة مستوجبة عقوبة الغرامة التي لا تجاوز خمسة وعشرين قرشا. وخلص الحكم من ذلك إلى انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وتبرئة المطعون ضده. وقد تبنى الحكم الاستئنافي المطعون فيه هذه الأسباب وانتهى إلى أن القرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948 قد خرج عن التفويض التشريعي المقرر بالمادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدلة بالقانون رقم 157 لسنة 1950 وأوضح أن نطاق تطبيق المادة الأخيرة هو حظر التعامل في أوراق النقد أو تحويل النقد في مصر أو إليها في حين أن القرار الوزاري يستهدف إقناع رقابة النقد بأن العملة قد استعملت في استيراد البضائع التي تم الإفراج عن العملة الأجنبية المقابلة لها, فأحكامه إجرائية ولا تعد جزءا لا يتجزأ من القانون ولا يترتب على مخالفتها سوى تطبيق عقوبة المخالفة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1950 والمرسوم بقانون رقم 331 لسنة 1952 والقانون رقم 111 لسنة 1953 وعلى المذكرة التفسيرية المرافقة له أن الشارع "رأي الإفادة من نص اتفاقية (بريتون وودز) الذي يبيح استمرار القيود في فترة الانتقال, ونظرا لأن مصر بعد انتهاء العمل باتفاقية العملة الصعبة في 15 يوليو سنة 1947 واضطرارها إلى الاعتماد على نفسها في الحصول على ما يلزمها من عملات أجنبية, لذلك وجب أن تكون الرقابة على النقد الأجنبي أوفي شمولا وأدق إحكاما مما ينص عليه التشريع القائم قبل إصدار القانون المذكور... كما رؤي النص على تخويل وزير المالية سلطة اتخاذ التدابير والقواعد التي تلزم من آن لآخر لإحكام الرقابة سدا للنقص القائم إذ ذاك وقد جعل القانون سلطة الوزير في هذا الشأن واسعة إلى حد كبير ليتسنى مواجهة الظروف التي تتغير من وقت لآخر باتخاذ تدابير تلائمها وأوضاع تتمشي مع كل تغيير يطرأ على الحالة الاقتصادية والمالية وجعل القانون هذه السلطة من اختصاص وزير المالية دون مجلس الوزراء اقتصادا للوقت وتسهيلا للإجراءات". وتمشيا مع هذا النظر جاء نص المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 بعد تعديله بالقانون رقم 157 لسنة 1950 مخطرا التعامل في أوراق النقد الأجنبي أو تحويل النقد من مصر أو إليها... إلا بالشروط والأوضاع الخاصة التي تحدد بقرار من وزير المالية وعن طريق المصارف المرخص لها منه في ذلك, وأصدر وزير المالية القرار رقم 75 لسنة 1948 بتاريخ 5 نوفمبر سنة 1948 استنادا إلى القانون رقم 80 لسنة 1947 وإلى القرار الوزاري رقم 51 لسنة 1947 بالشروط والأوضاع الخاصة بتنفيذ القانون المذكور المعدل بالقرار رقم 73 لسنة 1947 أوجب في مادته الأولى "على المستوردين أن يقدموا إلى المصارف التي يتعاملون معها شهادة الجمرك القيمية عن الواردات مبينا فيها أن البضائع التي أفرج عن عملة أجنبية من أجل استيرادها قد وردت إلى مصر بالتطبيق للقواعد التي أقرتها اللجنة العليا لمراقبة عمليات النقد الأجنبي - المنشأة بالقرار الوزاري رقم 49 لسنة 1947 تنفيذا للمادة الثامنة من القانون رقم 80 لسنة 1947 - ويجب أن تقدم تلك الشهادة إلى المصارف المشار إليها في ميعاد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ استعمال الإعتمادات المفتوحة لتغطية قيمة الواردات إلى مصر أو من تاريخ دفع قيمتها, ويجب أن يقدم طلب الحصول على شهادة الجمرك القيمية إلى مصلحة الجمارك قبل انقضاء الميعاد المتقدم بشهر على الأقل". لما كان ذلك, وكان من المقرر أن للسلطة التنفيذية أن تتولى أعمالا تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها, وهذه السلطة مستمدة من المبادئ الدستورية المتواضع عليها وقد عني دستور سنة 1923 الملغي - الذي صدر القرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948 في ظله - بتقنين هذا المبدأ في المادة 37 منه, فيكون ذلك القرار مستندا في الأصل إلى الإذن العام الذي تضمنه الدستور ولا يعدو الإذن الوارد بالقانون رقم 80 لسنة 1947 أن يكون ترديدا للاذن العام المستمد من النص الدستوري سالف الذكر, وليس معنى هذا الإذن نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين إلى السلطة التنفيذية, بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئا جديدا أو أن تعدل فيها أو تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ, وهو حق تملكه السلطة التنفيذية بحكم المبادئ الدستورية, ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 قد حظرت تحويل النقد من مصر أو إليها إلا بالشروط والأوضاع التي تحدد بقرار من وزير المالية وعن طريق المصارف المرخص لها منه بذلك, وكان ما تضمنه القرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948 من شروط خاصة بإلزام المستوردين تقديم شهادة الجمرك القيمية الدالة على ورود البضائع التي استوردوها إلى مصر بالعملة الأجنبية التي أفرج عنها من أجل استيرادها وذلك في خلال الأجل المحدد يعد متمما لحكم المادة الأولى من القانون سالف البيان ومفصلا للأوضاع التي يجب أن تتم عليها عملية التعامل في النقد الأجنبي والتي يشترط لصحتها تحقق الشرط الموقف الذي رتبه القانون وهو تنفيذ الشروط والأوضاع التي ناط بها وزير المالية وهى التي تضمنها القرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948 بحيث إذا تخلف تحقق هذه الشروط فقد التعامل سنده القانوني واستوجب العقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947, أما ما ذهب إليه الحكم من أن المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 لا تسري إلا على الإجراءات السابقة أو المعاصرة للتحويل دون ما يلي ذلك من إجراءات فمردود بأن هذا القول يتنافر والغاية التي تغياها الشارع من الحفاظ على ما لدى البلاد من عملة صعبة وإحكام الرقابة على النقد الأجنبي إذ أن كف هذه الرقابة بمجرد الافراج عن العملة الأجنبية المخصصة للاستيراد قبل التحقق من استعمالها في الغرض الذي أفرج من أجله فيه تفويت لمراد الشارع وإهدار للقيود الموضوعية لمحاربة تهريب النقد, كما أن القول بقصر العقاب على العمليات التي تتم في الخفاء لا سند له من القانون إزاء عموم نصه, لما كان ما تقدم كله, فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة باعتبار الواقعة مخالفة وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وتبرئة المطعون ضده يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه واعبتار الواقعة جنحة معاقبا عليها بالمادتين 1, 9 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1950 والمرسوم بقانون 331 لسنة 1952 والقانون رقم 111 لسنة 1953 والقرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948.
وحيث إن هذا الخطأ القانوني قد حجب محكمة الموضوع عن نظر موضوع الدعوى فإنه يتعين مع النقض الإحالة إلى المحكمة الاستئنافية لتنظر الدعوى وتفصل في موضوعها, ذلك أن الحكم بسقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة هو في الواقع وحقيقة الأمر حكم صادر في موضوع الدعوى إذ أن معناه براءة المتهم لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عليه, ولا يجوز بحال للمحكمة الاستئنافية أن تتخلى عن نظر الموضوع وترد القضية إلى محكمة الدرجة الأولى بعد أن استنفذت هذه كل ما لها من سلطة فيها.

 (1)قررت محكمة النقض المبدأ ذاته في الطعون 220, 221, 223 لسنة 29 ق (جلسة 30/ 3/ 1959), 464 لسنة 29 (جلسة 13/ 4/ 1959), 495, 496, 497 لسنة 29 ق (جلسة 20/ 4/ 1959).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق