الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 يوليو 2019

الطعن 71 لسنة 51 ق جلسة 24 / 6 / 2006 مكتب فني 51 ج 2 ق 140 ص 986

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - موضوع

بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم السبت الموافق 24/ 6/ 2006.

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة 
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم ود. محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد فرج الأحول - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 71 لسنة 51 القضائية عليا
المقام من
وزير العدل
ضد
1 - ............. 

12 - ...........
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 8279 لسنة 58 ق بجلسة 18/ 9/ 2004



إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 7 من أكتوبر سنة 2004 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن - قيد برقم 71 لسنة 51 قضائية عليا - فى الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضى فى منطوقه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وباختصاصها، وبقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وإلزام جهة الإدارة مصروفات الطلب العاجل... 

وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون، لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض للاختصاص مع إبقاء الفصل فى المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6/ 12/ 2004 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/ 12/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى - موضوع لنظره بجلسة 21/ 1/ 2006.
ونظرت المحكمة الطعن بالجلسة المذكورة ثم بجلسة 25/ 2/ 2006 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 15/ 4/ 2006، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 22/ 4/ 2006 ثم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة.
وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.



المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 11/ 1/ 2004 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 8279 لسنة 58 ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإدارى/ الدائرة الأولى بالقاهرة، بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى لوزير العدل بالامتناع عن تنفيذ الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا بجلستى 9/ 9/ 2000، 14/ 4/ 2002 فى الدعويين رقمى 151 لسنة 21 ق، 1 لسنة 23 ق دستورية، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها العودة بالمدعين إلى الحالة التى كانوا عليها عند طلب السير فى الإجراءات، وذلك بسحب كل القرارات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم من مجلس الصلاحية، مع الحكم لهم بالتعويض عما لحقهم من أضرار، وذلك للأسباب المبينة تفصيلا بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 18/ 9/ 2004 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه، برفض الدفع المبدى بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وباختصاصها، وبقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لرفض الدفع بعدم الاختصاص على أن القرار المطعون فيه، هو قرار إدارى يتعلق بامتناع جهة الإدارة عن تنفيذ الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا، ولا يتعلق بشأن من شئون القضاة التى يختص بنظرها دائرة رجال القضاء بمحكمة النقض، وأنه وفقا لحكم المادة 172 من الدستور فإن مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى هو صاحب الاختصاص الأصيل بنظر المنازعات الإدارية، ومن ثم ينعقد الاختصاص للمحكمة بنظر الدعوى، كما شيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب وقف التنفيذ، على أن البادى من ظاهر الأوراق إنه سبق لوزير العدل أن طلب من رئيس مجلس الصلاحية نظر السير فى إجراءات محاكمة المدعين أمام مجلس الصلاحية، وقررت اللجنة التى أحيل إليها الموضوع السير فى الإجراءات، وتم محاكمة المدعين وصدرت ضدهم قرارات مجلس الصلاحية بجزاءات تراوحت ما بين الإحالة إلى المعاش والإحالة إلى وظيفة غير قضائية، وقد تبين أن بعض المستشارين ممن أبدوا رأيهم بالسير فى إجراءات المحاكمة، قد جلسوا مجلس القضاء بهيئة مجلس الصلاحية واشتركوا فى إصدار القرارات بهذا المجلس، فأقام بعضهم (المدعى الأول) دعوى أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض، ودفع بعدم دستورية المادة 98 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، التى كانت لا تمنع من الجلوس فى هيئة مجلس التأديب من سبق اشتراكه فى طلب إحالة القاضى إلى المعاش أو رفع الدعوى التأديبية ضده، فقررت المحكمة جدية الدفع وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية، فأقيمت الدعوى رقم 151 لسنة 21 ق دستورية.
وأضافت المحكمة إنه بجلسة 9/ 9/ 2000 أصدرت المحكمة الدستورية حكما بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 98 سالفة الذكر، إلا أن محكمة الموضوع (دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض) قضت بعدم قبول طلب المدعى المذكور، على أساس التزامها بحجية الحكم الصادر من مجلس الصلاحية وعدم اختصاصها بالتعرض له, فقام ذلك المدعى برفع الدعوى رقم 1 لسنة 23 قضائية " منازعات تنفيذ " أمام المحكمة الدستورية العليا، طعنا على الحكم الصادر من محكمة النقض لعدم التزامه بمؤدى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية دستورية، وبجلسة 14/ 4/ 2002 قضت المحكمة الدستورية العليا بالمضى فى تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية دستورية المشار إليها.
واستطردت المحكمة إنه لما كان البادى من الأوراق أن جهة الإدارة قد امتنعت عن تنفيذ مؤدى الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا المشار إليها وأعمال مقتضاهما - وهما حكمان واجبا التنفيذ - ومن ثم فإن مسلكها يشكل مخالفة لصحيح حكم القانون الذى يوجب على جهة الإدارة المبادرة إلى تنفيذ الأحكام واجبة النفاذ، احتراما للحجية المقررة لها وكونها ملزمة لجميع سلطات الدولة وإعلاء لمبدأ سيادة القانون، الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه إلى جانب توافر ركن الاستعجال، ومن ثم يتعين القضاء بوقف تنفيذ هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها العودة بالمدعين إلى الحالة السابقة التى كانوا عليها عند السير فى إجراءات دعوى الصلاحية.
إلا أن حكم محكمة القضاء الإدارى سالف الذكر ثم يلق قبولا من الجهة الإدارية المدعى عليها، فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 نص فى المادة 83 منه على اختصاص دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض - دون غيرها - بالفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة، بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم وبالفصل فى طلبات التعويض عن تلك القرارات، ومن ثم ولما كانت طلبات المدعين فى النزاع الماثل تتعلق بشأن من شئون رجال القضاء مما يدخل فى اختصاص دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض، فإنه ينحسر عن ولاية محاكم مجلس الدولة الاختصاص بنظر هذه الطلبات، ومن جهة أخرى وإعمالا للقاعدة العامة بأن قاضى الأصل هو قاضى الفرع، فإن المختص بنظر المنازعة الماثلة تكون هى المحكمة الدستورية العليا باعتبارها منازعة متعلقة بتنفيذ الحكمين الصادرين منها، بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه قد خالف مبدأ الفصل بين السلطات، إذ قضى بعودة المطعون ضدهم إلى الحالة التى كانوا عليها عند طلب السير فى الإجراءات، بينما استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أنه لا يجوز للقضاء الإدارى أن يحل نفسه محل جهة الإدارة، وإنما تقف مهمته عند مراقبة مشروعية القرار الإدارى، كما أن قرارات وزير العدل بإحالة المطعون ضدهم إلى مجلس الصلاحية لا تعدو أن تكون مجرد طلبات رفعت بها دعاوى فقد الصلاحية أمام المجلس المذكور، وهى بهذه المثابة لا تعد من القرارات الإدارية النهائية، وكذلك الأمر بالنسبة للقرارات الوزارية بنقل المطعون ضدهم إلى وظيفة غير قضائية، إذ أن كلا منها مجرد إجراء تنفيذى لحكم مجلس الصلاحية ولا تعد قرارات إدارية.
ومن حيث إنه عن الاختصاص بنظر النزاع الماثل: فإنه باستظهار أحكام القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، يبين أن المشرع قد مايز بين السلطة المختصة بنظر الطعون على القرارات المتعلقة بشئون القضاة والسلطة المختصة بمساءلتهم تأديبيا، إذ أسند الاختصاص بنظر الطعون على القرارات المشار إليها إلى الدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض (دائرة طلبات رجال القضاء والنيابة العامة) وفقا لأحكام المادة 83 من القانون المذكور، بينما أسند الاختصاص بتأديب القضاة إلى مجلس تأديب يشكل طبقا لأحكام المادة 98 من القانون ذاته، وأفرد لتنظيم المسألة الأولى الفصل السابع من الباب الثانى من القانون رقم 46 لسنة 1972 بعنوان " فى التظلمات والطعن فى القرارات الخاصة بشئون القضاة " كما أفرد لتنظيم المسألة الثانية الفصل التاسع من ذات الباب من القانون المذكور بعنوان " مساءلة القضاة تأديبيا " وعلى ذلك فإن النظر فى أية قرارات تتعلق بتأديب القضاة إنما يخرج عن اختصاص دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض، يؤكد ذلك ما قضت به المادة 107 من القانون من أن الحكم الصادر فى الدعوى التأديبية يكون نهائيا ولا يجوز الطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن، ولو أن الحكم الصادر من مجلس التأديب يقبل الطعن عليه أمام دائرة طلبات رجال القضاء شأنه شأن القرارات المتعلقة بشئونهم الخاصة، لكان نص المادة 107 لغوا ولا معنى له، وهو ما ينبغى تنزيه المشرع عنه.
ومن حيث إنه ترتيبا على ذلك، ولما كانت المنازعة الماثلة تتعلق بتأديب القضاة المطعون ضدهم، وأن الطلبات التى أقام بها هؤلاء القضاة دعواهم المطعون على حكمها تنصب - بحسب التكييف القانونى الصحيح لها - على قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن استنهاض ولاية مجلس الصلاحية لإعادة النظر فى مساءلتهم تأديبيا فى ضوء الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا فى الدعويين رقمى 151 لسنة 21 ق، 1 لسنة 23 ق بجلستى 9/ 9/ 2000، 14/ 4/ 2002، وهو بهذه المثابة يدخل فى مفهوم القرارات الإدارية التى ناط الدستور والقانون بمحاكم مجلس الدولة مراقبة مشروعيتها، ومن ثم فإن الدفع المبدى من الجهة الإدارية الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى يكون والحالة هذه غير قائم على أساس صحيح من القانون خليقا بالرفض.
ولا ينال من ذلك ما جاء بصحيفة الطعن من أن قرارات وزير العدل بإحالة المطعون ضدهم إلى مجلس الصلاحية لا تعدو أن تكون مجرد طلبات رفعت بها دعاوى فقد الصلاحية أمام المجلس المذكور، ذلك أن المادة 99 من قانون السلطة القضائية سالف الذكر تشترط لإقامة الدعوى التأديبية من النائب العام ضد أحد القضاة، أن يكون ذلك بناء على طلب وزير العدل، وهذا مفاده تمتع وزير العدل بسلطة تقديرية فى تحريك تلك الدعوى، فله أن يطلب إقامتها وله أن يرفض أو يمتنع عن ذلك، ومعلوم أن السلطة التقديرية هى مناط قيام القرار الإدارى، الأمر الذى يضحى معه هذا الدفاع فى غير محله ولا يلتفت إليه.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن: فإن البادى من الأوراق أن المطعون ضدهم قد حوكموا أمام مجلس الصلاحية الذى قرر مجازاتهم بعقوبات تتراوح بين الإحالة إلى المعاش والإحالة إلى وظيفة غير قضائية، فأقام أحدهم - وهو المطعون ضده الأول/ ...... - طعنا فى قرار مجلس الصلاحية أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض، وإبان نظر الطعن دفع بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 98 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والتى كانت لا تمنع من الجلوس فى هيئة مجلس تأديب القضاة من سبق اشتراكه فى طلب إحالة القاضى إلى المعاش أو رفع الدعوى التأديبية ضده، وصرحت له المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية فأقام الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية دستورية، وبجلسة 9/ 9/ 2000 قضت المحكمة الدستورية فى تلك الدعوى بعدم دستورية الفقرة المشار إليها، ولدى استئناف السير فى الطعن أمام دائرة طلبات رجال القضاء طلب المذكور إلغاء القرار السلبى بامتناع وزير العدل عن تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، فقضى فى طلبه بعدم القبول، ومن ثم عاود الرجوع إلى المحكمة الدستورية العليا بإقامة الدعوى رقم 1 لسنة 23 ق " منازعات تنفيذ " طالبا الاستمرار فى تنفيذ حكمها السابق، وبجلسة 14/ 4/ 2002 قضت المحكمة الدستورية بالمضى فى تنفيذ حكمها الصادر بجلسة 9/ 9/ 2000 فى القضية رقم 151 لسنة 21 قضائية دستورية وما يترتب على ذلك من آثار، استنادا إلى أن ذلك الحكم له حجية عينية يتقيد بها الكافة بما فى ذلك المحاكم بجميع أنواعها ومختلف درجاتها، وأن مقتضاه هو إعادة المدعى إلى الحالة التى كان عليها عند طلب السير فى إجراءات دعوى الصلاحية.
ومن حيث إن مؤدى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 98 من القانون رقم 46 لسنة 1972، هو عدم سلامة الإجراءات التى اتبعت فى مساءلة المطعون ضدهم أمام مجلس التأديب، مما يستلزم تدخل وزير العدل المنوط به تحريك الدعوى التأديبية ليعيد اتصال مجلس الصلاحية بالدعوى مجددًا والحكم فيها على هدى ما قضت به المحكمة الدستورية العليا فى الدعويين سالفتى الذكر، بحسبان أن قضاء المحكمة الدستورية العليا هو قضاء فى مسألة أولية لا يكفى فى حد ذاته لحسم المراكز القانونية لذوى الشأن واستقرارها استقرارا نهائيا، بل يتعين رد الأمر إلى محكمة الموضوع لتحدد الآثار المترتبة على القضاء بعدم الدستورية وهى بصدد الفصل فى أصل النزاع وموضوعه، ولأنه من غير المقبول - نزولا على مبدأ الترضية القضائية - ألا يكون لقضاء المحكمة الدستورية العليا أى أثر أو نتيجة إيجابية على المركز القانونى لرافع الدعوى.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، فإن امتناع وزير العدل عن التدخل لإعادة اتصال مجلس الصلاحية بالدعوى التأديبية السابق إقامتها ضد القضاة المطعون ضدهم، يشكل بحسب الظاهر من الأوراق قرارا سلبيا مخالفا لأحكام القانون، مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه، فضلا عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على استمرار التنفيذ من نتائج يتعذر تداركها.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يغير من هذا النظر، أن تكون محكمة النقض (دائرة طلبات رجال القضاء) قد قضت فى الطعن المقام أمامها على قرارات مجلس الصلاحية بعدم قبوله، استنادا إلى عدم اختصاصها بالتعرض للأحكام الصادرة من مجلس التأديب، ذلك أنها بهذا القضاء لم تعد محكمة الموضوع ولا يحول قضاؤها دون التزام وزير العدل باستنهاض ولاية مجلس الصلاحية على النحو سالف البيان.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة - ولكن استنادا إلى أسباب مغايرة - فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ولا مطعن عليه، مما يضحى معه هذا الطعن غير قائم على أساس من القانون ويتعين القضاء برفضه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

" فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة: - 

بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا على النحو المبين فى الأسباب وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق