القضية رقم 215 لسنة 30 ق " دستورية ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من يناير سنة 2018م،
الموافق السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق
رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبدالمنعـم حشيش وسعيد مرعى عمـرو
وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق
عبد الجواد شبل نواب رئيس
المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 215 لسنة 30 قضائية " دستورية
".
المقامة من
خالد محمد عبد الله
ضـــــد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًا)
4- النائب العام
الإجراءات
بتاريخ
الثالث عشر من أغسطس سنة 2008، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية نصوص المواد (323 ، 325 مكررًا فقرة
ثانية، 398) من قانون الإجراءات الجنائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين،
طلبت فيهما الحكم أصليًّا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا برفضها.
وبعد تحضير
الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر
الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع
على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين
من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– فى أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى فى
القضية رقم 1802 لسنة 2008 جنح قسم قليوب بأنه فى تاريخ 6/2/2008 قام بتعيين ستة
عمال دون الحصول على شهادة فنية من مكتب العمل، ولم يسلم كل عامل عقد عمله، وامتنع
عن تقديم سجل الأجور للاطلاع عليه، ودليل حصول كل عامل على إجازته السنوية، وحصوله
على خمسة عشر يومًا إجازة، وما يدل على إنشاء ملفات خدمة للعمال، ولم يعلق جدول
مواعيد العمل الأسبوعية في مكان ظاهر. وبتاريخ 24/3/2008، قام وكيل النيابة العامة
بقيد الواقعة جنحة ومخالفة بالمواد أرقام (1، 13/2، 15/201، 32، 45، 48/3، 77/1،
83، 86، 95، 38، 239، 246، 247، 249) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة
2003، ضد المدعى، وأصدر أمرًا جنائيًّا بتغريمه مائة جنيه عن كل اتهام لكل عامل
لديه. وإذ لم يلق ذلك الأمر قبولًا لدى المدعى، اعترض عليه، وحُددت جلسة 11/6/2008
لنظر الاعتراض أمام محكمة قليوب الجزئية. وبتلك الجلسة مثل المدعى بوكيل عنه، ودفع
بعدم دستورية نص المادة (323)، والفقرة الثانية من المادة (325 مكررًا)، والمادة
(398) من قانون الإجراءات الجنائية. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت
للمدعى برفع الدعوى الدستورية، أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن المادة (323) من قانون
الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 المستبدلة بالقانون رقم 74
لسنة 2007 تنص على أن "للنيابة العامة فى مواد الجنح التى لا يوجب القانون
الحكم فيها بعقوبة الحبس، إذا رأت أن الجريمة بحسب ظروفها تكفى فيها عقوبة الغرامة
فضلًا عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف، أن تطلب من قاضى
المحكمة الجزئية التى من اختصاصها نظر الدعوى توقيع العقوبة على المتهم بأمر يصدره
بناء على محضر جمع الاستدلالات أو أدلة الإثبات الأخرى بغير إجراء تحقيق أو سماع
مرافعة".
وتنص المادة
(325 مكررًا) من القانون ذاته المستبدلة فقرتاها الأولى والثانية بالقانون رقم 74
لسنة 2007 على أن " لكل عضو نيابة، من درجة وكيل نيابة على الأقل، بالمحكمة التي
من اختصاصها نظر الدعوى أن يصدر الأمر الجنائي فى الجنح التي لا يوجب القانون
الحكم فيها بالحبس أو الغرامة التي يزيد حدها الأدنى على ألف جنيه فضلًا عن
العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف.
ولا يجوز أن يؤمر بغير الغرامة التي لا يزيد حدها الأقصى على ألف جنيه
والعقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف، ويكون إصدار الأمر الجنائي
وجوبيًّا فى المخالفات وفى الجنح المعاقب عليها بالغرامة وحدها التي لا يزيد حدها
الأقصى على خمسمائة جنيه، والتي لا يرى حفظها".
وتنص المادة
( 398) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه المستبدلة فقرتها الأولى بالقانون
رقم 74 لسنة 2007 على أن " تُقبل المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة فى
الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، وذلك من المتهم أو المسئول عن الحقوق
المدنية فى خلال الأيام العشرة التالية لإعلانه بالحكم الغيابي خلاف ميعاد المسافة
القانونية، ويجوز أن يكون هذا الإعلان بملخص على نموذج يصدر به قرار من وزير
العدل، وفى جميع الأحوال لا يعتد بالإعلان لجهة الإدارة ".
وحيث إن قضاء
هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة المعتبرة شرطًا لقبول الدعوى
الدستورية، لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة النص التشريعي المطعون
عليه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد
الحقوق الدستورية على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية
المباشرة فى الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية، وليس
بهذه المسألة ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ولا يجوز بالتالي الطعن على النص التشريعي
إلا بعد توافر شرطين، أولهما: أن يقيم المدعى – وفى حدود الصفة التي اختصم بها
النص التشريعي المطعون فيه – الدليل على أن ضررًا واقعيًّا اقتصاديًّا أو غيره قد
لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستقلاًّ بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته
بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًا أو مجهلًا أو منتحلًا، بما مؤداه
أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها
وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة
برافعها، وثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه،
بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، وتحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئًا من هذا
النص مترتبًا عليه، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون عليه قد طُبق على المدعى
أصلًا، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان
الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون
منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة
عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان
عليه عند رفعها.
وحيث إن الدعوى الموضوعية التي أثير فيها الدفع بعدم دستورية نص
المادة (323) من قانون الإجراءات الجنائية السالف بيانه، لم تطلب النيابة العامة
من القاضي الجزئي إصدار أمر جنائي فيها، وإنما أصدرت هي فيها – ابتداءً- أمرًا
جنائيًّا بتغريم المدعى، ولم يعرض الأمر على القاضي الجزئي إلا بمناسبة اعتراض
المدعى على الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة، ومن ثم فإن المدعى لا يكون من
بين المخاطبين بأحكام هذه المادة، وتبعًا لذلك فإن الفصل في دستوريتها لن يكون له
من أثر على الدعوى الموضوعية، بما مؤداه انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى
فى الطعن على ذلك النص التشريعي، الأمر الذى يضحى معه عدم قبول الدعوى فى هذا الشق
متعينًا.
وحيث إن المدعى يهدف من الطعن بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من
المادة (325 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه إسقاط الأمر الجنائي
الصادر من النيابة العامة بمعاقبته بالغرامة، وأن تتم محاكمته أمام القاضي المختص
بالإجراءات المقررة التي تمكنه من إبداء دفاعه، ودحض أدلة الاتهام القائم قبله.
وحيث إن
المادة (327) من قانون الإجراءات الجنائية أجازت لمن صدر ضده أمر جنائي من النيابة
العامة أن يعلن عدم قبوله الأمر بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح خلال عشرة أيام من
تاريخ إعلانه بالأمر، ورتبت على ذلك التقرير سقوط الأمر، واعتباره كأن لم يكن.
ونصت الفقرة الأولى من المادة (328) من ذلك القانون، فى فقرتها الأولى، على إنه
"إذا حضر الخصم الذى لم يقبل الأمر الجنائي في الجلسة المحددة تنظر الدعوى فى
مواجهته وفقًا للإجراءات العادية".
وحيث إن المقرر قانونًا أن اعتراض الصادر ضده الأمر الجنائي من
النيابة العامة لا يُعد طعنًا بالمعارضة فيه، وإنما إعلان بعدم قبول المدعى إنهاء
الدعوى بغير صدور حكم نهائي فيها، وأنه يترتب على التقرير بعدم قبول الأمر الجنائي
الصادر من النيابة العامة، وحضور المعترض أمام القاضي المختص فى الجلسة المحددة،
سقوط الأمر الجنائي بقوة القانون واعتباره كأن لم يكن، ونظر الدعوى فى مواجهته
وفقًا للإجراءات العادية، وذلك وفق نص المادتين (327/2، 328/1) من قانون الإجراءات
الجنائية.
وحيث كان ذلك، وإذ كان المدعى قد اعترض على الأمر الجنائي الصادر ضده
من النيابة العامة، رغم عدم إعلانه به، وحضر وكيل عنه بالجلسة المحددة لنظر
الاعتراض، أمام محكمة جنح ومخالفات قسم قليوب الجزئية، فإن مؤدى ذلك؛ سقوط الأمر الجنائي
الصادر من وكيل النيابة العامة، ضد المدعى بقوة القانون واعتباره كأن لم يكن، ومضى
محكمة الجنح والمخالفات الجزئية في نظر الدعوى الجنائية الناشئة عن الجرائم
المنسوبة للمدعى، وفق الإجراءات العادية، متضمنة مباشرتها إجراءات التحقيق النهائي
فيها، وسماع المرافعة الشفوية، وإصدار الحكم في موضوع تلك الدعوى، بما يحقق للمدعى
الترضية القضائية التي عينها بصحيفة الدعوى المعروضة، ومن ثم فإن إبطال النص التشريعي
المطعون عليه – بفرض صحة المطاعن الموجهة إليه – لن يحقق للمدعى أي فائدة عملية
يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه
قبلها، الأمر الذى تنتفى معه مصلحة المدعى الشخصية المباشرة في الطعن على نص
الفقرة الثانية من المادة (325 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية، وتضحى من ثم
الدعوى في هذا الشق غير مقبولة.
وحيث إن المشرع قد أجاز بمقتضى أحكام نص المادة (398) من قانون
الإجراءات الجنائية السالف بيانه للمتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية المعارضة فى
الحكم الغيابي الصادر في الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، فقد سبق أن
تولت المحكمة الدستورية العليا الرقابة على دستورية ذلك النص، وقضت بحكمها الصادر
بجلسة 5/3/2016، في القضية رقم 56 لسنة 32 قضائية "دستورية"، بعدم
دستورية هذا النص فيما تضمنه من قصر قبول المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في
الجنح على تلك المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، دون المعاقب عليها بعقوبة
الغرامة. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 10 (مكرر) بتاريخ
14/3/2016. متى كان ذلك، وكان مجال إعمال أحكام هذا النص مقصورًا على المعارضة في
الأحكام الغيابية التي تصدر في الجنح، ولا شأن له بواقع الحال فى الدعوى الموضوعية
بشأن اعتراض المدعى على الأمر الجنائي الصادر ضده من النيابة العامة طبقًا لنص
المادة (327) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه، الأمر الذى تنتفى معه
مصلحته الشخصية المباشرة في الطعن على نص المادة (398) من قانون الإجراءات
الجنائية سالف الذكر، بحسبان أن القضاء في دستوريته لن يكون ذا أثر أو انعكاس على
النزاع الموضوعي، والطلبات المطروحة به، وقضاء محكمة الموضوع فيها، مما يتعين معه
- كذلك - القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه
مقابل أتعاب المحاماة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق